الأربعاء، 2 سبتمبر 2020

22 - الهوامش والشروح 2383 - 3022 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

22 - الهوامش والشروح 2383 - 3022 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

الهوامش والشروح 2383 - 3022 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي (604 - 672 هـ)

شرح قصة المسافرين الثلاثة المسلم والمسيحي واليهودي
يدرك مولانا أن الحديث سوف يتجه منه إلى وجهة أخرى ، وها هو الحبيب يجرى من آذاني ، ينبهنى ، يأمرني بأن اكشف عن الأسرار ، فلن تكشف ،
وربما حاق بك الأذى ، مثلما حاق بآخرين كالحلاج مثلا الذي ابتلاه الله بالشنق لأنه وضع الأسرار أمام من لا يستحقونها ( استعلامى 6 / 334 ) ،
لكني أنا الذي أقول وأنا الذي اسمع ، فمن يقول أنني أبوح أمام أحد بالأسرار ؟ ، 
لكن هيا تحدث عن مشقة الطلب ، وعن قسوة الطريق وآلامه ، وعن صاحب الكنز ، فإن همم من يجلسون إليك ، لا تصل إلى ما هو أكثر من هذا ، فهم يتجرعون من سم الدنيا القاتل كأساً بعد كأس ، وحرمت عليهم الراحة ، وهم يزيدون في آلام أنفسهم ، وكل ما يقومون به من عمل إنما يقومون به من أجل ابتعاد أكثر وأكثر عن عين الراحة ، عين الفيض الإلهى والمعاني السامية ، وكل هذه السدود واهية لا تدوم ، فهل تستطيع قبضة من التراب أن تطمس البحر الإلهى ؟! 
إن هذه العين الفياضة بالمعاني لا تزال تقول : أنا معكم ، متصلة بكم ، ومتصلة به في ذات الوقت ، ومائي لا نفاد له ، فماذا حدث لكم ؟ ! أيأكل المرء التراب ويترك الماء ؟ !
 
( 2285 - 2294 ) : فافتح عينيك إذن ، ما دمت قد عرفت أن أمراض العين تكون من قهر الله ، وأن غشاوة الختم من غضبه تعالى عليك ، وانظر أي شئ اتخذته بدلا ، بئس ما اخترت ، لكن إياك أن تيأس ، فإذا تاب العبد أنسى الله الحفظة ذنوبه وأنسى ذلك جوارحه ومعامله من الأرض حتى يلقى الله وليس عليه شاهد بذنب ( جامع 1 / 22 ) ، ( التفصيلات انظر الترجمة العربية للكتاب الخامس 1835 - 1858 وشروحها ) .
 
ولا يزال الناس شرهم إليه طالع وعطاؤه إليهم نازل ، يجازى البعاد بالوداد ، ولا يزال يدعو مسئ النهار ليتوب بالليل ومسئ الليل ليتوب بالنهار ، فتتفجر الأشواك بالبراعم والورود ، ويكون قرن الحية تميمة للمحبة ( في معتقد القدماء ) ( استعلامى 6 / 335 ) ويجعل الرمل طحيناً للخليل ( انظر الكتاب الثاني - البيت 382 والبيت 220 ) ويؤوب الجبل مع داود ( انظر الكتاب الثالث الترجمة العربية 1471 - 1474 وشروحها ) إن الله سبحانه وتعالى يعطى أولياءه العوض من لدنه عن أذى الخلق ونفورهم .
 
( 2295 - 2306 ) : ها هو الفقير يجأر إلى الله تعالى بالشكوى وولى الاظهار أي
 
« 540 »
 
مبدي الأسرار ، إن ما حدث قد حدث من شيطان العجلة ، لأن " التأنى من الرحمن والعجلة من الشيطان " ( انظر البيت 2399 من الترجمة العربية للكتاب الثالث ) ، وإحراق الفم للتعجل في أكل أقدر مثل فارسي سائر ، إن حكاية الكنز كلها من إلهام الله ، ولا يستطيع أن يحل هذه العقدة سوى من عقدها أي الله تعالى ، إنه كلام سهل ، لكن معانيه بعيدة الغور ،
فمتى تكون المعاني الإلهية سهلة ، إن حقيقة كلام الحق يمكن إدراكها بإلهام الوحي لا بالتفسيرات الصورية ، ويبدي الفقير يأسه : تراه لم يكن مجيدا في الدعاء ومخلصا فيه ليس أمامى إلا أن ائتلف مع حياة الفقر ، إن أي ثبات على الدعاء وعلى العبادة إنما يكون منك أنت ، هو انعكاس لمشيئتك
 
( عن الانعكاس انظر البيت 3252 - 3256 وشروحها من الترجمة العربية للكتاب الثالث ) ونفس هذه المشيئة هي التي تسيرنا في النوم ، وحفظ الله يحفظنا ونحن بلا حول ولا قوة ، ونحن نيام وعهدنا مع الله وعهد الله معنا باق ، فلا نحن نرد " ببلى " حين يقال أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ ( انظر سورة الأعراف / 172 ) ومع ذلك فهو بربوبيته يحفظ علينا عبوديتنا .
 
( 2307 - 2319 ) : يستمر كلام الفقير بحسب السياق ، لكن المخاطب في الحقيقة هو مولانا جلال الدين ، والليل ليل الاستتار والنهار نهار التجلي ، والليل كأنه ظلمة باطن الحوت ، تستكين فيه الأجساد والنفوس ، وتهاجر الأرواح وتحلم كما يحلم الفيل بالهند ، ( الموطن الأصلي ) ، لكن الله سبحانه وتعالى يرد الأرواح إلى الأجساد بمشرق الشمس ،
 
( انظر الترجمة العربية للكتاب الخامس ، الأبيات 1722 - 1740 ) ، ويفنى في ضوء النهار كل ما صنعته تدابيرنا ( إذا طلع الصباح بطل المصباح )
ونعود إلى حياتنا المادية ، وننطلق في التسبيح مثلما انطلق يونس عليه السّلام في التسبيح عندما خرج من بطن الحوت ( الأنبياء 87 / 88 ) بل كان يونس يسبح وهو في بطن الحوت ( انظر الترجمة العربية للكتاب الثالث ، الأبيات 4515 - 4519 وشروحها ) وتدرك مع ذلك أن الليل
 
« 541 »
 
كان رحمة بك ، فأنت في كنفه سبحانه وتعالى دون حول منا أو قوة ، وكنا نظن أنفسنا في ضلال ، مثلما كان موسى عليه السّلام يظن نار الطور نارا وهي نور ، ونحن يا إلهي نعانى من البحر الذي يحط عليه الغثاء أي البصيرة التي تحط عليها المادة ( انظر 809 و 810 من الكتاب الذي بين أيدينا ) بيد أن سحرة فرعون بمجرد إيمانهم أدركوا الحقيقة ، ففرحوا عندما قطعت أيديهم وأرجلهم ( لتفصيل الفكرة أنظر الترجمة العربية للكتاب الثالث ، من 1723 إلى 1735 وشروحها والترجمة العربية للكتاب الخامس من 1311 - 1314 وشروحها ) .
 
( 2320 - 2330 ) : ( عن ترك المسبب والتعلق بالسبب أي التشبث بالأسباب الظاهرية للأشياء انظر الترجمة العربية للكتاب الثالث ، الأبيات 3152 - 3160 وشروحها ) ،
لكن هذه القاعدة قاعدة المسبب والأسباب لا تنطبق على أولياء الله أو من يعبر عنهم مولانا باسم الأصحاب ، لأن الله سبحانه وتعالى يسبغ عليهم لطفه فيكونون في صدر الخليقة دون هذه الأسباب التي يظن الخلق إنها أسباب الرفعة ، ولماذا أولياء الله فحسب ؟ ! إنما يصل عطاءه إلى المستحق وغير المستحق ، إنهم يهبهم حريتهم ( الحرية الحقيقية في العبودية لله وحده ) ،
 
ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي في أعناقهم ، وإلا فإن خلعة الروح موهوبة منه لكل حي ، ومتى كان مستحقا لها في العدم ،
 
( دون أن تصدر منه طاعة أو يزاول عبادة ) ثم يوجه مولانا الدعاء لله تعالى : إنك أنت يا إلهي الذي حولت الأعداء إلى أصدقاء ، وأسبغت على الشوك أكمام الورود ، فاجعل يا إلهي من هذا التراب خصبا ذا ثمار من الفكر والعمل ، واجعل مرة ثانية شيئا ممن لم يك شيئا وخلقته ، إن الدعاء منك أيضاً يا لله فأنت القائل :ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
( انظر أيضاً البيت 2217 من الترجمة العربية للكتاب الثالث ) وفي ليل الدنيا ، نحن سفن كسيرة ، تسيرها في بحار رحمتك فتملأها بعطاياك، ( ومن هذا الدخل يكون الإنفاق بالنهار).
 
« 542 »
 
( 2331 - 2342 ) : لا ينبغي أن تفهم من الأبيات أن مولانا من المؤمنين بالجبر ( عن القضية بالتفصيل انظر مقدمة الترجمة العربية للكتاب الخامس ) ، إن قدرة الحق مسلطة على الكون كله ، وهذا ليس جبرا بل معنى الجبروت " ( البيت 621 من الكتاب الأول ) والكلام هنا أيضاً عن الجبروت ، ففي غفلة الخلق ، لا غنى عن رحمة الحق ، ولا قيمة هناك لرأى أو لفن ، ولا نجاة إلا بالدعاء ، إنني مجرد كالألف ، وباطني كحلقة الميم ضيقة من الفراق والشوق ، وإذا كنت ضعيف الروح ، فأية استقامة تأتيتى من الوعي بالبدن ، إنها النفس تطل بمطالبها ، والغفلة وانعدام الوعي اشتغال النفس بهذه الدنيا ، أما العقل واليقظة فإشارة إلى اشتغال الروح بعالم المعنى ، والسالك بينهما في تأرجح والتواء ، ويوجب البعد من حيث ظن السالك انه قرب ، فادع وأنت تحس بالإملاق ، وليس معنى الإملاق هنا هو الإملاق المادي بل الإملاق والفقر بكل صروفه وألوانه .
 
( 2343 - 2353 ) : العريان هنا هو من لا يمتلك شيئا ، ولكي تكتمل أيضاً صورة الغرق في الدمع ، ولا عين لي : أي أحس بالحياء أمامك ، إنه يطلب الدعاء الباكي ، فإذا كان الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم قال [ اللهم ارزقني عينين هطالتين تشفيان القلب بذروف الدمع من خشيتك قبل أن تكون الدموع دما والأضراس جمراً ] ( مولوى 6 / 334 ) ،
 
إذا كان الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم ما ماله من سبق قد قال هذا ، فما بالك بي - الحقيقة ما بالك بنا - نحن الغارقون في غفلة الدنيا حتى رؤوسنا ؟
 
إن هذا التمني من الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم من الممكن أن يكون شفاعة لكل أمة وقطرة واحدة من هذا الدمع كافية لنجاة الإنس والجن ، إذا كان الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم وهو روضة من رياض الجنة قد طلب الدمع مع عدم حاجته إليه ، فما بالك بك وأنت الأرض البور التي تحتاج بالفعل إلى هذا الدمع ؟
 
إن حرصك على نعم الدنيا هو الذي يجعلك بعيدا عن هذا المعنى ، فأنفض يديك منه ، وداوم على الدعاء فما علاقتك بقبول الحق أورده ، ألم تسمع قوله تعالى في الحديث القدسي : [ عبدي أطعني على ما
 
« 543 »
 
أمرتك ولا تعلمني ما يصلحك ] ( مولوى 6 / 335 ) ، فكر في نعم الآخرة التي لا ينضجها إلا دمع العين .
 
( 2360 - 2382 ) : يعلق مولانا على ما حدث للفقير الذي أخذ يشد القوس عند إطلاق السهم بكل قوته مع أن الأمر كان ضع سهما في القوس ثم اتركه يسقط ، ولم ترد كلمة الشد ، هكذا كل من يطلبون الله ( الكنز الحقيقي ) بطرق ملتوية وبعيدة ، إنه أقرب إليك من حبل الوريد ، وكلما أطلقته بعيداً طاش سهمك وابتعدت عن الحقيقة ( انظر تعليقات البيت 1842 من الكتاب الذي بين أيدينا ) ويذكر الأنقروى رباعية :الحبيب أقرب إلى منى * والأعجب أنى بعيد عنه
/ ماذا أفعل ومع من أستطيع أن أتحدث * فهو إلى جواري وأنا مهجور عنه( 6 - 2 / 56 - 57 ) ويستشهد جعفري ( 14 / 129 )
 
 بهذه الأبيات لحافظ الشيرازي :
لسنوات والقلب لا يفتأ يطلب منا كأس جمشيد * إنه يطلب من الغريب ما هو في حوزته .
والجوهرة الخارجة عن صدف الكون والمكان * تطلب من التائهين على ساحل البحر .
ومسلوب القلب الذي يكون معه الله في كل حال * لم يكن يراه وينادى من على البعد يا الله .
ومن هنا فأن من يطلب الحقيقة عن طريق الفلسفة يكون ظهره دائما إلى الكنز كلما جد في الطلب كلما زاد ابتعاده ، والله تعالى يقول : وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا( العنكبوت / 69 )
 
ولم يقل " جاهدوا عنا " وما أشبههم جميعا بكنعان بن نوح ، كانت السفينة في متناول يده ، وكان أبوه يدعوه ، وكان هو يسعى نحو الجبل ليكون فيه
 
« 544 »
 
هلاكه ، فهل تتعظ جبال " الفكر " و " قمم " الفلسفة ؟ إنه يهلك نفسه ، ويعمل فكره ، ويقضى عمره ولا يصل إلى شئ ، فالتعب رخيص على روح الجاهل ، فالجاهل هو الذي يشعر بالعار من التعلم ومن سؤال المرشد ويستقل بصنعة قبل أن يتعلم دقائق الصنعة ( انظر الترجمة العربية للكتاب الخامس ، الأبيات 1421 - 1429 وشروحها )
 
هذا التذاكى حجاب في الطريق ، فدعك من التذاكى وقدم الانكسار ، فالله تعالى قال في الحديث القدسي : [ أنا عند المنكسرة قلوبهم ] ، وكل علماء المدرسة هؤلاء غيلان في طريق الحق ، ( الغول في المأثور الفارسي مخلوق أسطورى يضلل السائرون في الصحراء ويجعلهم يحيدون عن الطريق ) ومن هنا قال صلى اللَّه عليه وسلّم [ أكثر أهل الجنة البله ] ،
 
أي أولئك الذين يتركون التذاكى ، ولا يرون لأنفسهم فضلا ولا جهدا ( لتفسير معنى البله عند مولانا انظر الترجمة العربية للكتاب الرابع ، الأبيات 1418 - 1424 وشروحها ) إن كل التذاكى يكون من أجل المنافع الدنيوية ، أما التسليم والتواضع وإنكار فضل النفس إنما يكون من البله الذين يعتبرون أنفسهم أطفالا رضع أمام الأم ( انظر الأبيات 699 - 703 و 3112 من الترجمة العربية للكتاب الخامس ) .
 
ومن دعاء نقله الانقروى :
[ اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك ] والحديث النبوي : [ من انقطع إلى الله كفاه الله سائر مؤنته ورزق من حيث لا يحتسب ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها ] ( 6 - 2 / 13 ) .
 
( 2383 ) : الحكاية التي تبدأ بهذا البيت وردت قبل مولانا في مقالات شمس ( مآخذ / 210 ومقالات شمس نسخة موحد 2 / ص 54 ) .
 
والحكاية مليئة بالإيحاءات ، فاليهودي والمسيحي والمسلم الذين ترافقوا في سفر جياع ، وعندما يرزقون رزقا ، فإن أول ما يفكر فيه اليهودي والمسيحي هو أن يتكاتفا معا من أجل أن يحرم المسلم ويظل جائعا ولا ينجو المسلم إلا بالمبادرة ، وإلا بأن يفوت الفرصة على اليهودي والمسيحي ويحرمهما معاً ، وهكذا الدنيا مليئة بغير المتجانسين الذين ينبغي عليهم التعايش معا ، مثلما يتعايش العقل مع النفس


« 545 »
 
والشيطان في الإنسان الواحد وينتصر عليهما ، انتصر المسلم على المسيحي واليهودي ، أو هكذا يجب .
 
( 2391 - 2401 ) : بالموت يتفرق الجميع ، وتطير الطيور المحبوسة في سجن الدنيا ، كل يطير مع من هم من جنسه ( مثل فارسي ) يحركه جناحان : شوقه إلى منبته وأصله أي الجنة ، وذكرى إقامته فيها قبل أن يهبط إلى سجن الدنيا ، وكل يعود إلى حيث كان يشتاق ، " الناس كما يعيشون يموتون وكما يموتون يبعثون " وكل عنصر من عناصر البدن يعود إلى أصله ، ما هو من التراب إلى التراب ، وما هو من رب الأرباب إلى رب الأرباب ( انظر لتفصيل الفكرة الترجمة العربية للكتاب الثالث ، الأبيات 4424 - 4439 وشروحها ) .
 
 وما مكوثنا في الدنيا إلا لتجمدنا من علائقها ونعيمها ، ثم تفتت تلك الأجزاء ، وتذوب الثلوج بسطوع شمس الحقيقة ، وتتحرك الجمادات ويمضى كل إلى أصله ( 2403 ) : في المتن من مطبخ " إني قريب " إشارة إلى الآية 186 من سورة البقرةفَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِوالمراد أن المهدى سبب والرزق كله من الله سبحانه وتعالى ، والأبيات العربية إشارة إلى حديث نبوي [ الضيافة على أهل الوبر وليست على أهل المدر ] ( أحاديث مثنوى / 206 ) .
 
( 2417 - 2420 ) : يحتج اليهودي والمسيحي على المسلم الذي يقترح القسمة بقول مأثور قال بعض المفسرين انه حديث نبوي ( ! ! ) وهكذا يحتجان بقول مسلم من أجل خداع المسلم ، ويجيب المسلم بأن المقصود بالقسام الذي يقسم نفسه بين هوى الدنيا والآخرة ( فالدنيا حرام على أهل الآخرة والآخرة حرام على أهل الدنيا )
 
وهذا أي قسمة العبد نفسه بين دينه وهواه إشراك ، كان منطق المسلم مستقيماً ، فليأخذ كل نصيبه يأكله أو يدخره للغد فهذا شأنه ، لكن النوبة كانت نوبتهما إن كانت القوة والغلبة لهما بحكم انهما اثنان لا بد أن ينزل على رأيهما .
 
« 546 »
 
( 2426 ) : ( لتسبيح الجماد وعبادته ، انظر الترجمة العربية للكتاب الثالث ، الأبيات :
1008 - 1027 والكتاب الأول الأبيات 515 - 520 و 842 - 2120 وشروحها ) .
 
( 2438 ) : النور الأخر هو تجلى ذات الحق التي انحمى فيها الطور وموسى عليه السّلام وذلك اليهودي ( استعلامى 6 / 362 ) الحالم .
 
( 2452 ) : إشارة إلى الآية الكريمةقالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ، قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي( الأعراف / 143 ) .
 
( 2457 - 2459 ) : اليهودي المقيم على دينه الذي يحلم بموسى عليه السّلام يهودي محمود العاقبة ، أي قد يدرك إن فهم الديانة الموسوية على حقيقتها حقيقة خاتم الأنبياء ويتبعه ، ومن هنا فمن الواجب ألا تحتقر كافرا ، فمن يدريك بعاقبته ، وإلام سينتهى ؟ ! [ إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم عمله بعلم أهل النار وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعلم أهل النار ثم يختم عمله بعمل أهل الجنة ] ( جامع 1 / 79 ) .
 
( 2460 - 2463 ) : يزايد المسيحي على اليهودي ، فينقل رؤياه على الأفلاك حيث الفلك الرابع مثوى عيسى عليه السّلام في المأثور الإسلامي ( انظر الترجمة العربية لحديقة الحقيقة ، الأبيات 5755 - 5767 وشروحها ) والمقصود بفنون الفلك قدرته .
 
( 2466 ) : توحى حكاية اليهودي والمسيحي والمسلم والتسابق في أهمية الرؤيا لمولانا بحكاية أخرى وردت شبيهتها في سندباد نامه ، كما ورد في نثر الدر للآبى " قالوا وجد بعير وأرنب وثعلب جبنة فاصطلحوا على أن تكون لأكبرهم سنا ، فقال الأرنب : إني ولدت قبل أن خلق الله السماوات والأرض ، فقال الثعلب صدق وإني شهدت ولادته ، فأخذ البعير الجبنة ، وقال : من رآني يعلم أنى لم أولد البارحة ، ( عن مآخذ فروزانفر ، ص 210 ) .
 
( 2467 ) : إشارة إلى الحديث المنسوب إلى الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم " كبروا الكبر " ( انظر البيت 2050 من الترجمة العربية ، للكتاب الرابع ، ولمولانا موقف آخر في تعريف
 
« 547 »
 
الشيخ انظر الترجمة العربية للكتاب الرابع الأبيات 2160 - 2168 وشروحها ) ، وهناك حديث نبوي آخر [ ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا ] .
 
( 2472 ) : لم يهتم أحدٌ من مفسري المثنوى بالبحث عن أصل الحكاية الواردة تحت عنوان " مثل " .
( 2489 ) : هذه قمة في فكر مولانا جلال الدين الواقعي الذي يهديه إلى كل المتشدقين بالتاريخ الذهبي والأمجاد الماضية ، إن الذي يفوز في النهاية هو الأقوى ، فما حاجة الجمل إلى التاريخ أمام البقرة وأمام الكبش ، إنما يحتاج الضعيف إلى التاريخ ليثبت لنفسه حقوقا لا يستطيع أن ينالها .
 
( 2505 - 2506 ) : لقد نفج اليهودي والمسيحي في الفضل ، وتذاكيا على المسلم ، لكن المسلم كان قد بادر وأكل الحلوى فما حاجته إلى الصعود إلى السماء ، أو رؤيا الجبال التي تذوب وتنشق ؟ إنه كن في حاجة إلى الحلوى ، أكلها والسلام ، هذا الدرس العميق يقدمه جلال الدين الذي قدمه الغرب لنا كصوفى غارق في رؤى السماوات ، وكأنه كان يوجهه إلى مسلمى اليوم الغارقين في أحلام الماضي ورؤى المجد الذي ضاع ، واليهودي والمسيحي يغيران على أملاكهم وأموالهم وأرضهم وإنتاجهم وهم لا يقفون ولا يبادرون ، وها هو اليهودي والمسيحي يعترفان بأن هذه هي الرؤيا الصادقة حقيقة ، إن حلمه حقيقة وواقع ملموس .
 
( 2507 - 2516 ) : يعود مولانا جلال الدين إلى الدروس وكأنه يفر من الموضوع إلى ما فجر القصة في الأصل ؛ عيب التذاكى والتظاهر بالمهارة وعرض الفضل ، إنك لست مخلوقا لهذا ، إنك مخلوق للعبادة ولمعرفة اللهوَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ( الذاريات / 65 ) ، وإن هذه المهارة وهذا التذاكى لا يعنيان شيئاً في طريق الحق ( انظر 1403 من الكتاب الرابع ) وانظر إلى الأذكياء من قبلك : السامري الذي صنع العجل
 
« 548 »
 
الذهبي وأغرى بني إسرائيل بعبادته ، وقارون الذي أتقن صنعة تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة ، وأبى جهل الذي وقف أمام دعوة الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم ، وانظر إلى نهاياتهم ، لقد رأى موسى عليه السّلام بفضله النار عيانا لم يعرفها عن طريق الاستدلال ، أليس الطبيب يستدل على المرض من البول والبراز فياله من دليل نتن ، إن مجرد استنادك على الدليل يجعلك على عماك مثلما تدل العصا وهي موجودة في يد الأعمى ، وإن صاحب الضجة والجلبة والفتق والرتق وذلك الجاه الدنيوي عندما يصل إلى الحقيقة ،
 
 يقول لك :
اعذرنى فأنا لا أرى ، أتراك تستطيع أن تراها وأنت منغمس في هذا الصخب ؟ ! ( 2517 ) : سيد ملك ترمذ فيما يبدو حاكم مدينة ترمذ في عصر محمد خوارزمشاه ، وما يروى عن سيد ملك ترمز والمهرج " دلقك " ( دلقك بالفارسية تعنى مهرج واعتبرها بعضهم اسما ) ربما من بقايا ذكريات مولانا جلال الدين منذ عهد طفولته ( وقد مرت حكايات عنه في الكتاب الثاني من البيت 2341 والكتاب الخامس من البيت 3509 )
إن لب الحكاية هنا عن موضوع التذاكى والتظاهر بالمهارة مما يوقع المدعى في مشاكل لا حصر لها ، فعندما يطلب سيد ملك ترمذ رسولًا مسرعاً يأتي المهرج على وجه السرعة ليقول إنه لا يستطيع القيام بالمهمة التي يريدها الملك ، غافلا عن الضجة التي أحدثها ، والبلبلة التي حدثت من رؤية المهرج يجد كل هذا الجد ، ثم الشك في أن للأمر ما وراءه من مخاطر محدقة بالمملكة ، والصورة التي يقدمها مولانا في هذا الصدد شديدة الحيوية
 
 كما يشير مولانا ( في البيت 2544 ) إلى سوء سياسة محمد خوارزمشاه مع ولاته ، وعداوته لهم ، وتجريده الحملات التأديبية عليهم مما كان له أثره فيما بعد في انهيار المملكة بسهولة شديدة على يد الغز والمغولي .
 
( 2555 - 2565 ) : إن هذه الضجة التي أحدثها المهرج تذكر مولانا بشئ آخر : أولئك الصوفية الذين لا يعرفون من السلوك أو من التصوف شيئا إلا المظهر والاعلام
 
« 549 »
 
والبيارق والمواكب والولائم ، ومع ذلك فهم يتشدقون بأنهم ذوو فنون في الطريق ، ويتنفجون بالمشيخة ، وكان الواحد منهم أبو يزيد البسطامي في زمانه ، ولا أحد منهم لديه أدنى دليل على أنه مقبول في عالم المعنى ( انظر الترجمة العربية للكتاب الرابع ، الأبيات 1740 وما يليها الترجمة العربية للكتاب الخامس من 2436 إلى 2441 )
 
أولئك الصوفية الذين لم يدركوا أمارة واحدة من أمارات الطريق ، ولم يتلقوا إشارة واحدة من الجانب الآخر بأن عباداتهم مقبولة ، ولم ينفتح أمامهم طريق من القلب إلى القلب ، وله أماراته ، تريد أن أحدثك عن هذه الامارات ؟ !
 
 لا . . . لا تكشف لهم الستار عن هذا الباب ، وإلا وصلت دعاويهم إلى ادعاء معرفة .
 
( 2566 - 2574 ) : ها هو الوزير يتدخل لكي يبين أنه أكثر حرصاً على الأمير من حرص الأمير على نفسه ، وليوقع المهرج المسكين في شر أعماله ( وكم من المهرجين ضيعتهم فكاهة في مجلس أو حديث عابر لا يقصد منه شئ ) ، في الانقروى : ويلٌ لمن يحدث فيكذب ليضحك به القلب ، ويل له ويل له ، إن العبد ليقول الكلمة لا يقولها إلا ليضحك بها الناس يهوى لها العبد كما بين السماء والأرض وإنه ليزل عن لسانه أشد مما يزل عن قدمه .
 
 ( 6 - 2 / 96 ) . إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث . إن هذا المهرج الداهية لا بد أنه يخفى شيئا وأراد أن يبوح به لكنه غير رأيه ، إن وجهه ينبئ عن مصائب جسام ، وهذا مصداقا الآية الكريمةسِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ( الفتح / 29 ) ، إن الأمر واضح للعيان ، لكن الخبر يكذبه وهذا أدعى إلى الشك والحذر من الشر الكامن في هذا الإنسان .
 
( 2577 ) :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ(الحجرات / 12) .
 
( 2582 - 2584 ) : الطبل هنا رمز على الوجود الملىء بالمتناقضات ، لكن ( الصوت ) هو
 
« 550 »
 
الذي ينبئ عن الطبل ، فارغا كان أو ممتلئا ، مشدودا أو رخوا ، ( انظر البيت 733 من الكتاب الرابع ) وقد يكون الضرب هنا بمثابة الألم الذي يصاب به الإنسان فيجعله يبوح عن مكنون الضمير ، وذلك حتى يطهر المرء ، " فالصدق طمأنينة والكذب ربية ، دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " ، ( مولوى 6 / 361 ) .
 
( 2591 ) : يشير مولانا على لسان المهرج ، إلى قاعدة في تنفيذ الحدود وهي عدم التعجيل في إنزال الحد ، ويفرق بين الغضب على حدود الله ، والغضب من أجل الهوى ، ففي الأول ينبغي أن يتريث السلطان ، وفي الثاني من المفهوم أنه لا يتريث حتى لا يسترضيه أحد .
 
( 2596 - 2600 ) : هب أن البلاء سوف يأتي من ناحيتي ، وهب أنك بالقضاء على سوف تأمن هذا البلاء ، لكن حذار فالقضاء يدخر كثيرا من البلايا المؤكدة غير هذا البلاء المحتمل الذي سوف يأتي من ناحيتي أنا ، فادفع البلاء عنك بالتصدق على روحي ، ألم تسمع قول المصطفى صلى اللَّه عليه وسلّم [ الصدقة ترد البلاء وتزيد العمر ] ، وقوله صلى اللَّه عليه وسلّم : [ داو مرضاكم بالصدقة ] ( أحاديث مثنوى / 208 ) .
 
وليس من قبيل الصدفة أن تعطل عين الحلم ، فالحلم على من تظنه مذنبا وعدم تعجيل العقوبة له من قبيل الصدفة أيضاً . وعن أبي جعفر رضي الله عنه قال : " البر وصدقة السر ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان عن سبعين ميتة سوء " . ( جعفري 14 / 174 ) .
 
( 2602 - 2604 ) : الحديث بمصطلحات الشطرنج .
 
( 2605 ) :رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ( آل عمران / 191 ) . ولابن الفارض :فلا عبث والخلق لم يخلقوا سدى * وإن لم تكن أفعالهم بالسديدة( عن الانقروى 2 - 6 / 104 )
 
( 2608 - 2614 ) : إن العقاب الذي تنزله بالفقير والمسكين عندما يكون في موضعه


« 551 »
 
إنما ينجيه من بلايا كثيرة ، فقد يرده عن فعل ما يستوجب عقابا أشد وأنكى ، والبيت رقم 1661 تكرار المعاني وردت في الأبيات 4014 - 4020 فارجع إلى الأبيات وشروحها في الترجمة العربية ، وأساسها أن العقاب لا يقع على ذات الشخص بل يقع على الصفة السيئة فيه ، وفكرة شق الجرح لتطهيره من الصديد وردت فيما سبق ضمن أفكار عديدة تعبر عن معنى واحد هو أن من الخراب ما قد يكون عمارة ( انظر الترجمة العربية للكتاب الرابع ، الأبيات 2341 - 2353 وشروحها ) .
 
( 2617 - 2629 ) : إشارة إلى الآية الكريمة أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ( الملك / 22 ) ، وفي البيتين التاليين يطالب المهرج الملك بان يستشير في أمره ، فمن الشورى يقل الضلال ، والأمر بالشورى تنزل على الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم فقال له وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر ِومدح المؤمنين بأن أمرهم شورى بينهم ( انظر البيت 1596 من الكتاب الذي بين أيدينا ) ،
 
 واستعانة العقول ببعضها للوصول إلى الحق فكرة تتكرر كثيرا عند مولانا جلال الدين ، وغيرة الحق هي تجلى الحق بالكبرياء والقهر عندما يحول أحد المريدين نظره إلى ما سوى الله والغيرة هنا بمعنى امتزاج التجليات الصورية والمعنوية بحيث تختفى الحقيقة عمن ليسوا بأهل لها ، " وسيروا " إشارة إلى قوله تعالى قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ( العنكبوت / 20 ) .
 
 إلا أن الأمر هنا بالسير للبحث عن رجل الحق حيث يوجد الإقبال والرزق ، وعقل الرسول المقصود به العقل الكامل ، والمقصودون ورثة هذا العقل وهم الأولياء الكاملون ، ولا تخلو الأرض منهم ، فكن بين الناس ودعك من الترهب ، وفكرة أن هناك من بين كل فئة من هو على رأسها فكرة دق عليها ناصر خسرو كثيرا من أجل إثبات الإمامة ( فالإمام هو رأس الصالحين والمجتبى على كل الخلق ) ( ديوان ناصر خسرو ص 173 ) . لكن مولانا يقصد هنا الولاية ( الولاية هي التي حلت محل الإمامة
 
« 552 »
 
عند الصوفية ) ويشتم من هذه الأبيات فكرة عن الإمام الغائب ، وأنه غائب عن الأنظار لكنه موجود بين الخلائق وهو من تأثير الفكر الشيعي الإثنى عشرى ويفصح مولانا أن الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم قد نهى عن الرهبانية ( انظر أيضاً البيت 483 من الكتاب الذي بين أيدينا ) وذلك على أساس أن البحث والطلب يكونان بين الناس ، ودائما اعتبر مولانا الاعتزال نوعا من التنطع الذي لا ينفق مع روح الإسلام ، فاللقاء مع الأولياء هو إكسير البقاء ، ( انظر الترجمة العربية للكتاب الرابع الأبيات ، 592 - 594 وشروحها والبيت 1069 من الكتاب الذي بين أيدينا ) .
 
( 2630 - 2639 ) : يدق مولانا على فكرة الاجتباء والانتقاء : فالصالحون كثيرون لكن من بينهم من هو أصلح ( طبق ناصر خسرو الفكرة على كل ما في الكون ، انظر الديوان ص 173 ) ،
وهؤلاء الصلح معترف بهم من سلطان البشر ، ومن ثم فالتمس منهم الدعاء لأن دعاءهم مقرون بالاستجابة ،
وهم قبلة البشر ، والتحري عن القبلة مكروه في حالة إعلانها ، ومن ثم فحجة من يجادل الأولياء داحضة ، ومن يولى وجهه عن القبلة المعلومة لا شك أنه يتبع قبلة باطلة ، فلماذا تشيح بوجهك عمن يمنحك التميز وتجلب نفوره منكوَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ. . .حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ( الشورى / 16 ) ،
 
وإنك تجد دائما ما تصبو إليه إذا كنت بين عشاق الحق أولئك الذين يشاركونك الألم ، وإذا اخترت أحدا عنهم كان لك بئس القرين ( الزخرف / 38 ) ،
 
وعند مولانا فريد الدين العطار :
لحظة واحدة من صحبة رجال الله * أفضل من مائة سنة من التقى وفي خطاب الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم :
[ يا علي إذا تقرب الناس إلى خالقهم بأنواع البر فتقرب إلى الله بأنواع العقل تسبقهم درجة وزلفى عن الله ] ( انقروى 6 - 2 / 109 ) .
 
« 553 »
 
( 2640 ) : يضرب مولانا مثلا عن صداقة عدم المتجانسين وعما تفضى إليه من بلايا بحكاية صداقة الفأر والضفدعة ( انظر عن التجانس وعدمه الترجمة العربية للكتاب الرابع ، الأبيات 2655 - 2680 وشروحها والبيت 2909 من الكتاب الذي بين أيدينا ) والقصة مأخوذة عن خرافات ايسوب ( فرزوانفر مآخذ نقلا عن نيكلسون ، ص 211 ) وفي البيت 2644 يشير إلى الحديث " الجماعة رحمة والفرقة عذاب " ( جامع 1 / 145 ) ويترك مولانا القصة فلا يعود إليها في البيت 2637 .
 
( 2646 - 2655 ) : جيشان النطق يعنى انطلاق الكلام ، وفقدان النطق أو انقطاعه يعنى السكون والسكوت ، وحبل الحديث دائما ما يكون متصلا بين الأحبة ، والصمت هو البذي يسود عندما يتجالس الأعداء وهكذا ينشرح القلب عندما يرى الجيب ، ويغرد البلبل عندما يرى الورد ، وهكذا أيضاً عندما التقى موسى بالخضر ، جاشت المعاني وطلب منه موسى أن يبلغا مجمع البحرين ( الكهف / 61 )
أو بتعبير الصوفية نقطة التقاء وجود هذه الدنيا بوجود الحياة الآخرة حيث يكون سر الخلود ، وتعود السمكة المشوية إلى الحياة وتتخذ سبيلها في البحر سربا ( انظر البيت 1970 من الكتاب الثالث ) ،
وبتأثير الولي تكون حياة الخلود للمريد ، واللوح هو باطن رجل الحق تدرج فيه أسرار الوجود ، والمريد يقرأ أسرار الكون في جبهة الشيخ ، والحبيب ( الولي ) هو هادي الطريق ، ومن هنا قال المصطفى صلى اللَّه عليه وسلم : [ أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ] لكن لا تجادل ، سلم نفسك له واستسلم ، فالجدل بمثابة الغبار وانظر ، ولا تتحدث فالبصر أولى ، وتوق عثرات اللسان بالصمت ، واستمع إلى أحاديث عالم الغيب .
 
( 2656 - 2672 ) : يواصل مولانا جلال الدين الحديث عن إرشاد رجال الحق بأمثلة من سير الأنبياء صلوات الله عليهم ، بداية من آدم عليه السّلام الذي كان مظهرا للوحي والدليل انه عُلم الأسماء على حقيقتها ، لا بعد أن تلاعب بها البشر ، وأهانوها ، بحيث أصبحوا يطلقون


« 554 »
 
على المخنث اسم أسد ( قد تكون تورية على أساس أن اسم أرسلان وهو أسد بالتركية كان يطلق على العديد من الأمراء في زمانه ) ، ومن بعد آدم كان نوح عليه السّلام مظهرا لهذا الوحي ، ومكث فيهم ألفا إلا خمسين ، قلبه مظهر للوحي ، وهذا دون أن يتعلم فلا هو قرأ الرسالة ( القشيرية ) ولا قرأ قوت القلوب ( لأبى طالب المكي ) فكل ما تعلمه نوح تعلمه عن طريق القلب لا عن طريق الشروح ولا عن طريق التفاسير ، كان الفيض الإلهى هو معلمه ، ذلك الفيض الذي يجعل حتى الأخرس ينطق ، ومنه أيضاً ينطق الطفل ، ولم لا ؟ !
 
ألم يؤت عيسى عليه السّلام هذا العطاء الذي جعله ينطق ، وهو في المهد ؟ !
 
ولم البشر فحسب ، الجبل أيضاً حينما ذاق حلاوة هذا الشراب ، أوب مع داود عليه السّلام ورجع منه الغناء والغزل ( انظر البيتين 2501 و 2834 من الترجمة العربية للكتاب الثالث ، وانظر سورة الأنبياء الآية 79 ) ، وأي عجب أن يؤوب معه الوحش والطير وقد ألنا له الحديد ؟ !
 
ناهيك بمعجزات سليمان عليه السّلام ، فتلك الرياح التي كانت رجوما على قوم عاد كانت حمالة له ، ناقلة له الأخبار والأنباء .
 
( 2673 - 2676 ) : لقد كررنا هذا الكلام كثيرا وهو كلام بلا نهاية ، فلنعد إلى حكاية الفأر والضفدع ومصباح الوعي أو العقل هنا أي يا مسبباً لنور الروح ( للوعى بمعنى الروح انظر البيت 1455 من الكتاب الرابع والبيت 734 من الكتاب الذي بين أيدينا ) ، وتتمدد الصلة بين الفأر والضفدع بأنها علاقة عشق ، وحديث العشاق بأنه أنين .
 
( 2677 - 2693 ) : إن الصلاة مفروضة على عامة المؤمنين لخمسة أوقات ، هي لقاء بين العاشق والمعشوق ، ومن هنا فالعشاق في صلاتهم دائمونالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ( المعارج / 23 ) قال الشيخ الأكبر " وإن كان بين الصلاتين أمور " ( مولوى 6 / 373 ) ، فإن خمار السكر بالخمر الإلهية الذي في رؤوسهم لا يهن أو لا يستقر لا بخمس صلوات ولا بخمسمائة الف صلاة ، والعاشق لا يقنع بالحديث الذي قاله الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم
 
« 555 »
 
لأبى هريرة : [ زر غبا تزدد حبا ] ( جامع 2 / 27 ) ، إنهم أسماك بحر الحياة ، لا صبر لهم عن الماء لحظة واحدة ، فهل يشبع المصاب بالاستسقاء من الماء ؟ ! ( انظر الكتاب الثالث ، البيت 3190 - 3911 )
 
أنظر : إن حركة العالم كلها قائمة على العشق ، العشق هو الذي يجذب تماسك أجزاء العالم ، وأجزاء البدن ، والأضداد ، العشق هو الذي يحفظ الحياة
( انظر لتفصيلات الفكرة الترجمة العربية للكتاب الثالث ، الأبيات 4400 - 4423 وشروحها ) . إن العاشق منصرف بكليته إلى المعشوق انصراف وامق إلى عذرا ،
( وامق وعذرا عاشقان أسطوريان في التراث الفارسي القديم وانتقل إلى التراث الإسلامي ونظمها شعرا الشاعر العنصري والشاعر فخر الدين أسعد الجرجاني ) ، فهل يمكن أن يزور المرء نفسه غباً ؟ !
 
العاشق والمعشوق نفس واحدة ، فهل يحب إنسان نفسه على نوبات ؟ ! إن هذا الأمر لا يمكن إدراكه بالعقل ، بل بالموت والفناء حيث يبقى العاشق ببقاء المعشوق ( للبقاء في الفناء انظر مقدمة الترجمة العربية للكتاب الثالث ) وهل من العقل أن تفنى النفس ؟ !
وكيف يطلب منك قتل هذه النفس وهو الرحيم الودود أن لم يكن في قتلها حياة لك ؟ !
 
( 2694 - 2711 ) : يعود مولانا إلى ضراعة الفار للضفدع ، أي فأر وأي ضفدع ، إن الفار هنا رمز للسالك ، والضفدع رمز للمرشد الهادي المقيم في بحر الوجود ، والسالك يعبر عن شوقه ، ذلك الشوق ، الذي يشبه الاستسقاء ، فالمستسقى لا يشبع من الماء ، هو جائع إلى محبوبه ذلك الجوع الذي لا يعرف الشبع ، فجد أيها الغنى بزكاة الجاه ففي الحديث " زكاة الجاه إغاثة اللهفان " ( استعلامى 6 / 352 ) .
 
وذلك لأن " الموت كفارة لكل مسلم " ( انقروى 2 - 6 / 126 ) . فهبني أيها الغنى لست مجدا في الطلب ولا مستقيما في السلوك ، فأين لطفك وشمس رحمتك الساطعة على المستحق وغير المستحق ، إن الشمس تشرق على القمامة ، ولا يصيب نورها ضرر من هذه القمامة ، بل إنها بلطفها تحول هذه
 
« 556 »
 
القمامة إلى وقود يسطع بالنور في الحمامات ، تحولها من نجس إلى زينة ، تجعل من القمامة سماداً ينبت الورود والرياحين والثمار ، هل فهمت إذن معنى تبديل الله السيئات إلى حسنات ؟ ! ( الفرقان / 70 ) ، وإذا كان هذا فعل رحمته ولطفه بالخبيثين فماذا يفعل بالطيبين وعباداتهم ؟ ! إنه يعطيهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ( انظر البيت 3408 من الكتاب الثالث ) . 
.
* * * 
* * *

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: