الأربعاء، 12 أغسطس 2020

01 - مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

01 - مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

01 - مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي (604 - 672 هـ)


الكتاب الثاني
مقدمة [ المترجم ]
المثنوى المعنوي هدية القرون
1 - لعله من قبيل الإلهام من مولانا أنه لم يختر اسما معينا لعمله هذا ، واختار اسم الشكل الشعرى الذي وضعه فيه ، والذي يتكرر فيه حرف الروى في كل شطرة ويتغير من بيت إلى بيت ، بشكل يتناسب مع طول الكتاب المفرط ، ومن ثم فأغلب المنظومات الطويلة في الأدب الفارسي ( مثل الشاهنامة للفردوسى وحديقة الحقيقة لسنائى ومنظومات العطار ) وضعت فيه ، وأغلب هذه المنظومات في بحر الرمل المسدس ( فاعلاتن فاعلاتن فاعلن ) ، وهو بحر سهل في موسيقاه ، قابل للغناء ، مقبول للحافظة يصلح كثيرا للشعر التعليمي ، وفي ذات الوقت يتناسب تمام التناسب مع الهياج العاطفى والوجد والحال . 
وعلى طول المثنوى يذكره مولانا بهذا الاسم ويضيف أحيانا لقب ( المعنوي ) عليه ،
فكأنه كان يريد من البداية أن ينبه القارئ أن يبحث فيه عن المعنى ، وكثيرا ما ذكر في ثنايا المثنوى أن المعنى هو البر أو القمح ، وأن الحكايات مجرد قش يحتوى على هذا القمح ، والعالم وكل ما في العالم عند مولانا صورة ومعنى ، والمعنى هو الذي يجب أن يكون مطلوبا ، وإن لم تكن هناك مندوحة عن التعمق في الصورة من أجل الوصول إلى المعنى .

« 4 »
 
2 - ومن العسير كما تقول أنا ماريا « 1 » أن نحدد متى بدأ مولانا في نظم المثنوى ، والمظنون أن حسن حسام الدين صار ملهما ورفيقا لمولانا جلال الدين بعد وفاة صلاح الدين زركوب مباشرة « 2 » ، لكن التاريخ الذي يقدمه عبد الباقي كولبنارلى يبدو أقرب إلى الصحة « 3 » . 
ويرى أن المثنوى كما تدل إحدى حكايات الكتاب الأول ( البيت رقم 2658 بالذات ) كتب بينما كانت الخلافة العباسية لا تزال موجودة على سدة الحكم ، وتقبل أنا ماريا كما يقبل كولبنارلى أن الكتاب الأول من المثنوى تم نظمه ما بين عامي 654 / 1265 و 656 / 1258 ، وهناك إشارة أيضا في ديوان شمس إلى هجوم المغول على أنحاء قونية تؤيد هذا الرأي « 4 » . 
وتحمل الغزلية اسم حسن حسام الدين ، ومن ثم يمكن القول أن حسن حسام الدين كان قد التقى بمولانا قبل وفاة صلاح الدين زرين كوب بفترة طويلة .
وتجمع المصادر القديمة على أن المريدين كانوا يقرأون قبل إملاء المثنوى " حديقة الحقيقة " لسنائى الغزنوي و " منطق الطير " و " مصيبت نامه " للعطار ، وللكتاب الأول بالذات تأثير لا ينكر في المثنوى « 5 » .
وذات ليلة طلب حسن حسام الدين من مولانا كتابا على نسق الحديقة وعلى وزن منطق الطير " لكي يصبح مؤنسا لأرواح العاشقين والمتألمين ، ولكي لا يشغل الرفاق بالغير " وفي الحال أخرج مولانا طومارا من عمامته وسلمه لحسام الدين ، وكان يحتوى على الأبيات الثمان عشرة الأولى من المثنوى . وقال : يا حسام
...............................................................
( 1 ) شكوه شمس ، ص 57 - 58 .
( 2 ) ( أنظر مقدمة الكتاب الأول )
( 3 ) مولانا جلال الدين ، ترجمة توفيق سبحانى ، ص 205 وما بعدها .
( 4 ) غزل رقم 1839 ، ص 693 - 694 من ديوان شمس .
( 5 ) أنظر مقدمة ترجمة حديقة الحقيقة لكاتب هذه السطور
 

« 5 »
 
الدين من بعدها أنا أنظم وأنت تكتب « 1 » . على كل حال فعلينا ألا نقبل رواية بداية نظم المثنوى سنة 654 هـ / 1256 على عواهنها ، فبغداد والخلافة ظلتا فترة طويلة موضع احترام بعد سقوطهما ، ونميل أكثر إلى قبول ما قاله عبد الحسين زرين كوب من أن بداية نظم المثنوى كانت سنة 658 عندما أصبح حسن حسام الدين أكثر التصاقا به وبعد وفاة صلاح الدين زركوب « 2 » وليس أدل على ارتباط نظم المثنوى بحسن حسم الدين مما ورد في افتتاحية الكتاب الثاني من المثنوى ، 
إذ يشكو مولانا من تأخر بداية الكتاب الثاني لأسباب منها وفاة صلاح الدين زركوب ووفاة زوجة حسن حسام الدين « 3 » وينص مولانا على أنه بدأ الكتاب الثاني سنة 662 هـ ، وكان حسن حسام الدين قد نصب رسميا خليفة لمولانا جلال الدين سنة 661 هـ .
وفيما عدا بداية تاريخ نظم المثنوى وبداية تاريخ نظم الكتاب الثاني ، فإن الأجزاء الأربعة الأخيرة بإجماع الباحثين قد تم إملاؤها دون توقف وحتى نهاية الجزء السادس الذي تم في فترة مرض مولانا جلال الدين « 4 » .
وقد ناقش فروزانفر قضية الكتاب السابع على المثنوى وأنكره تماما ، على أنه ملىء بالأخطاء اللغوية ولا يوافق لغة مولانا وأسلوب بيانه ومستواه الفكري ولا يصل إلى مستوى أي جزء من أجزاء المثنوى الستة ، فضلا عن تناقض كثير مما ورد فيه مع ما ورد في الأجزاء الستة ، ويحتوى على ألفاظ لم ترد في الستة ، وفضلا عن كل ذلك فإن أحدا من المتقدمين والمتأخرين
...............................................................
( 1 ) مناقب العارفين ، ص 740
( 2 ) عبد الحسين زرين كوب : سرني ج 1 ج 3 ، 1368 ، ص 22 .
( 3 ) الأبيات 1 - 7 من الكتاب الثاني
( 4 ) أنا ماريا : 58 ، فروزانفر : 157 . كولبنارلى : 257 ، زرين كوب : 22 .

 
« 6 »
 
لم يقل بجزء سابع للمثنوى ، اللهم إلا الشيخ إسماعيل الأنقروى أحد شراح المثنوى الكبار ، الذي رأى أبياتا زائدة في نسخة مكتوبة سنة 814 هـ وحدس أنها الجزء السابع من المثنوى « 1 » .
وبالنسبة لعدد أبيات المثنوى فقد ظلت النسخة التي نشرها نيكلسون نسخة معتمدة لكل الباحثين فترة طويلة من الزمن ، ولا تزال هكذا عند أغلبهم ، لكني هنا في ترجمتى هذه اعتمدت على نسخة محمد استعلامى ، وعدت أيضا إلى النسخة المصورة عن مخطوطة قونية ( التي نسخت سنة 678 أي بعد وفاة مولانا بست سنوات فحسب ) وتحتوى نسخة نيكلسون على 25632 الف بيت ، بينما النسخة المترجمة هنا تحتوى على 25684 الف بيت فضلا عن بضع مئات من الأبيات زيدت من نسخة محمد تقي جعفري ، ولأنها توضح غوامض النص في بعض أجزائه أثبت ترجمتها في ترجمة هوامش النص ، ومن ثم لا تقل النسخة التي بين أيدينا عن ثمانية وعشرين ألف بيت .
 
3 - ومن الواضح أن نظم المثنوى كان يتم عفو الخاطر ، فلم تكن هناك خطة معينة يسير مولانا على نهجها ، ومن العسير أن نشير إلى موضوع تحدث عنه مولانا حديثا واحدا حتى أتمه ، ثم انتقل إلى موضوع آخر ، فهو يجمع شتات أفكار معينة ، يصبها صبا معتمدا على توارد الخواطر ، ولا شك أن الجلسة التي كان يملى فيها المثنوى - وبعضها كان من الواضح أن كثيرين يحضرونها غير حسام الدين - كانت تسيطر بعض السيطرة على تدفق الأفكار وسيرها ، وكانت أحوال مولانا جلال الدين
...............................................................
( 1 ) فروزانفر : زندگانى ، ص 159 – 161
 
« 7 »
 
النفسية والجسمانية ذات تأثير « 1 » ، لكن الذي يثير الدهشة أن هذا الكتاب الذي ظل لفترة طويلة يعتبره كثير من الباحثين كتابا تعليميا يتميز بكل هذا التدفق والوجد ، ولا يقل في بعض أجزائه عن أكثر غزليات ديوان شمس هيجانا ووجدا ، فضلا عن تلك الروح الجماعية المسيطرة عليه ، وهذا التفاهم الذي يصل إلى درجة الهيام بين الشاعر والمتلقى ، وهذا الحضور الدائم للمتلقى بحيث يلقى مولانا على نفسه الأسئلة التي قد تعن للمستمع أو الحاضر ثم يجيب عليها « 2 » ، هذا الإحساس الدائم بالمستمع كان يكبح جماح الاسترسال في غوامض العالم العرفاني ، وينقل مولانا من أكثر أفكاره سحوا وعمقا إلى التعبير الهازل الذي يتوسل بالقصص الجنسية في بعض الأحيان ، والذي يحذر مولانا من اعتبارها هزلا فهي الجد كل الجد ، كان مولانا يعلم أن من بين مريديه الأمى والجاهل والعامل والراعي والفلاح ، وكان يريد أن يوصل أفكاره مهما تدنى في ضرب الأمثلة ومستويات التعبير « 3 » ويعتبر السامع شريكا ، فإن الله يلقى الحكمة على ألسنة الواعظين بقدر همم المستمعين ، وحماس المعلم من جد الصبى المتكلم « 4 » هذه الحركة المستمرة بين الشاعر والمستمع ، وهذا الحضور المستمر لا يوحى أبدا بأن المثنوى منظوم من أجل حسن حسام الدين فحسب ، أو قبول رواية الأفلاكى « 5 » بأن حسن حسام الدين كان يلازمه في حله وترحاله ، في
...............................................................
( 1 ) في نهاية الجزء الأول يتحدث عن لقمة سدت طريق الفكر بحيث أصبح مشربا بالتراب والكدر
( 2 ) على سبيل المثال لا الحصر الأبيات 3622 وما بعدها من الكتاب الثاني .
( 3 ) يصور في الكتاب الثاني أن المريد طفل والشيخ آب والأب عند مخاطبته لطفه ينزل إلى مستواه حتى ون كان ذلك الأب عالم الكون ، الأبيات 3326 - 3330 .
( 4 ) الكتاب السادس الأبيات 1663 - 1667 .
( 5 ) . 2 / 742 .
 
« 8 »
 
البيت وفي الزاوية وفي السوق ، وفي الحمام مستعدا لكتابة ما يعن لخاطر الشيخ ، فمهما قال مولانا عن حسن حسام الدين أنه أنه الجاذب للمثنوى ، وأنه ببركته . . . إلى آخره ، 
فليس من المعقول أن يكتب هذا السفر من أجل مريد أيا كان هذا المريد ، ولا حتى من أجل مريديه ومن أجل أهل زمانه ، فقد كان مولانا يحس أنه يكتب من أجل القرون - أو بتعبيره يقدم هدية للقرون - ومثل هذه الشخصيات الفذة تظهر في مرحلة من مراحل تاريخ أممها ، فتحس أن ثمة مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقها هي حفظ تراث ما للأجيال القادمة ، نفس الإحساس الذي كان عند الفردوسي الطوسي عند نظمه للشاهنامه ، وعند الغزالي عند كتابته لإحياء علوم الدين ، وعند سنائى عند نظمه لحديقة الحقيقة ، وكان مولانا يحس بوطأة الهجوم المغولي وما يسببه من دمار لركائز الثقافة الإسلامية الحقيقية ، والرواية التي تروى عن بداية نظم المثنوى - حتى وإن كانت رواية - ذات دلالة حقا ، فمجرد أن سأله حسن حسام الدين كتابة منظومة للطريقة ، أخرج بدايتها من عمامته ، أي كان قد بدأ فيها قبل أن يسأله حسام الدين ، وثمة نقطة أخرى ينبغي ذكرها هنا ، وهي ذات دلالة ، أن أجزاء المثنوى تتدرج تتدرجا صعوديا من ناحية السهولة والسلاسة ، فبينما يتسم الكتابان الأول والثاني بقدر كبير من الصعوبة وغموض المعاني في بعض أقسامهما ، تبدأ السهولة والسلاسة الحقيقة من الكتاب الثالث ، ترى ما هي دلالة هذه الملحوظة التي لم يلحظها أحد من الباحثين من قبل ؟ ! 
إن مولانا كان يحس أن الأجيال الآتية قد تكون غريبة عن أسس هذا العمل ، ومن ثم كانت السهولة والوضوح هدف قريبا له ، فضلا عن خضوع البيان الشعرى له بتقدمه في المثنوى وهو ما سنناقشه فيما بعد .
4 - هل من المعقول أن يكون المثنوى كتابا تلقائيا ينظم في جلسات المريدين وهو
 
« 9 »
 
يعتمد كل الاعتماد على تراث العرفان من قبله ؟ ! !
ألم يكن ثم استعداد بالقراءة ، حتى في تلك اللحظات التي يفرغ منها من الزاوية ومن الحياة اليومية ؟ ! !
أم علينا أن نتفق مع الباحثين بأنه أتم فترة استعداد من القراءة والتثقيف والدرس قبل أن يبدأ في نظم المثنوى بحيث تجلت قراءاته وثقافته كلها في المثنوى ؟ !
وعندما نطالع التراث الثقافي المنصب في المثنوى لا يمكن أن نصدق أن هذا التأثر قد تم عفو الخاطر ودون خطة مسبقة ، وبخاصة إذا وضعنا في الحسبان الحجم المهول لهذه الثقافة ومدى تجليها في المثنوى .
وأول ما نلاحظه من مؤثرات في المثنوى تلك الأعمال التي ألفت في محيط أسرته ، " المعارف " لوالده بهاء ولد والمقالات لشمس الدين التبريزي ، فكثير من تعبيرات المعارف ذات المنحى الصوفي وكثير أيضا من تعبيرات شمس الدين وحكاياته في مقالاته ، نظمت في المثنوى كما هي ، أو بقليل من التفصيل الذي يوافق التدفق المولوي . وهناك شاعران آخر ان يطرحان نفسيهما في المثنوى ويمثلان حضورا شديد الوضوح : سنائى وفريد الدين العطار .
والشاعر الأول بالذات يمثل رافدا من الروافد الرئيسية للمثنوى ، يأخذ منه مولانا ويذكره حينا ، ولا يذكره أحيانا ، بحيث شككت في فترة من الفترات بأن المثنوى ما هو إلا تفسير لحديقة الحقيقة « 1 » ولمولانا بيت شهير يعترف فيه بأسبقية سنائى ( كان العطار روحا وكان سنائى عينيه ، ونحن جئنا في أثر العطار وسنائى ) ويقارن بين نفسه وبين العطار وسنائى :
...............................................................
( 1 ) انظر الترجمة العربية لحديقة الحقيقة لكاتب هذه السطور - التصدير والمقدمة والشروح ، حيث فسرت كثيرا من أفكار سنائى ناقلا تفسير جلال الدين لها


« 10 »
 
إذا كان العطار عاشقا ، فقد كان سنائى ملكا وفائقا ولست أنا بهذا ولا بذاك ، فلقد فقدت رأسي وقدمي « 1 » ! !
كما أن له مرثية شهيرة في سنائى « 2 » ، وربما كان تأثير سنائى في جلال الدين قد تم عبر واحد من شيوخ جلال الدين هو برهان الدين محقق الترمذي « 3 » ، 
الذي كان يستشهد بشعر سنائى كثيرا ، ويطول بنا المقام هنا إذا ذكرنا أمثلة عن تأثر جلال الدين بسنائى ، وهي مثبوتة على طول شروح المثنوى وشروح الحديقة على كل حال ، ينطلق جلال الدين أحيانا من بيت واحد أو بيتين لسنائى فيتحفنا بتدفق يستمر على مدى أكثر من ثلاثين بيتا ، ويشير إليه بأنه الحكيم الغزنوي ، حتى الناى الذي نسب إلى مولانا جلال الدين مأخوذ من سنائى ، وعشرت من التعبيرات الخاصة بسنائى ، وكثير جدا من حكايات الحديقة أعيدت صياغتها في المثنوى ببيان مولوى شديد العاطفية ، حتى حكايات مولانا الهازلة تذكر ببعض ما أورده سنائى في منظومته الهازلة " كارنامهء بلخ : كتاب أعمال بلخ " ، حتى روح سنائى وبيانه الفخم الجزل ينعكس كثيرا في مثنوى مولانا جلال الدين مما بين في مواضعه من الشروح .
ووزن المثنوى هو نفس وزن منظومة فريد الدين العطار الشهيرة " منطق الطير " ، وإلى جوار منطق الطير ، كان مولانا مغرما بمصيبت نامه والهى نامه
...............................................................
( 1 ) تعليقات مترجم شكوه شمس ، ص 705 .
( 2 ) ديوان شمس ، غزل 1007 .
( 3 ) شكوه شمس : 63 .
 
« 11 »
 
وأسرار نامه من بين منظومات فريد الدين العطار العديدة ، وكثير من حكايات المثنوى ذات منطلق من حكايات العطار ، ويعتمد كثير " مما ورد عن مشايخ الصوفية السابقين على كتاب " تذكرة الأولياء " للعطار ، كما أن كثيرا من تعبيرات جلال الدين الشهيرة هي في الأصل للعطار من قبيل " الدعاء منك والإجابة منك " ومن قبيل ذلك التعبير العظيم الموجود في بداية المثنوى " كل من ليست لديه هذه النار ليكن هباء " « 1 » مأخوذ من منطق الطير « 2 » .
وإن ذكرنا تأثر مولانا بالشاعرين العظيمين على أساس أنهما كانا المنطلق الحقيقي والنموذج الذي احتذاه مولانا ، وانطلق منه ، وإلا فإنه من العسير في هذه العجالة أن نذكر كل روافد المثنوى ، فقد كان مولانا متبحرا في الأدبين العربي والفارسي كليهما ، وكثير من قصص المثنوى مأخوذ من كتاب كليلة ودمنة ، ومن المؤكد أيضا انه كان على دراية تامة بالشاهنامه ، وقصص العشق الفارسية من قبله :
وامق وعذار ، ويس ورامن ، كما استشهد بأشعار لنظامى الكنجوى أكبر ناظم للقصص في الأدب الفارسي ، وعنده أيضا تأثيرات لخاقانى ولفخر الدين العراقي ، ومن التراث العربي هناك تأثيرات من كتاب الأغانى للأصفهاني وأشعار أبى العلاء المعرى ، وكان مغرما بالمتنبى وهناك أبيات كاملة من المتنبي ترجمت في المثنوى ، وذكرت في مواضعها من الهوامش ، كما يذكر مقامات الحريري وبعض الأشعار العربية لشعراء الجاهلية والعصور التالية وبخاصة أبى نواس من العصر العباسي .
وبالطبع يعتبر المثنوى مصبا للتراث الصوفي العربي السابق عليه ابتداء من التعرف
...............................................................
( 1 ) البيت 9 من الكتاب الأول .
( 2 ) ص 242 من طبعة محمد جواد مشكور .
 
« 12 »
 
للكلاباذى ( وخصوصا الشرح الفارسي الضخم الذي كتبه عليه إبراهيم بن المستملى البخاري في أوائل القرن الخامس الهجري ) وقوت القلوب للمكى والرسالة القشيرية وحتى إحياء علوم الدين للغزالي ومنارات السائرين لابن الداية الذي كان شبه معاصر له ، وقبل ذلك كله هناك العلوم الإسلامية : القرآن والحديث والفقه والكلام ، والتفاسير المختلفة ، بل وأقوال الصحابة والأئمة ، كلها صبت في هذا العمل الموسوعى الضخم مما يجده القارئ مثبوتا بالتفصيل في شروح الكتاب .
 
5 - كل هذه المعلومات والمعارف كان من الممكن أن تكون مجرد إعادة لما سبق معرفته وما سبقت كتابته لولا بيان جلال الدين الذي جعل منها كلا متماسكا ذا طابع خاص هو الطابع المولوي ، بحيث أن القارئ المتذوق يستطيع أن يميز أبياته التي تذكر كشواهد في كتب عديدة دون أن تذكر أنه قائلها - هذا الهياج الروحي والعاطفة المتدفقة التي تجعله يرى أحيانا أن مجرد القالب الشعرى يمثل عبئا ثقيلا عليه " وإلا فأين أنا من الشعر ؟
والله إنني لضائق بالشعر ، ولست أعتبر شيئا أسوأ منه ، كان إنسان وضع يده في جوف ذبيحة يغلسها لأن ضيفه يشتهى أكلها « 1 » ، ويقول " هكذا أراد الله ، أن من جمع كل هذه العلوم ، ولقى كل هذا العنت ، أشغل بهذا الأمر ، ماذا أقدر على فعله ، فلا يوجد عار بين قومي أكثر من ممارسة الشعر .
ولو كنت قد بقيت في تلك الولاية لعشت بما يوافق طبعهم ، ولمارست ما يريدون كالدرس وتصنيف الكتب والوعظ والزهد وممارسة أعمال الظاهر " « 2 » ، لكن سببا عظيما
...............................................................
( 1 ) فيه ما فيه / 74 .
( 2 ) فيه ما فيه ، 74 .
 
« 13 »
 
دفعه إلى ممارسة ما يكره ، لقاؤه بشمس الدين « 1 » ، نعم قد يكون هذا هو السبب الظاهري ، لكن ثمة سبب آخر هو أن الشعر أطول عمرا وأبقى زمنا ، وإن تعلل بشمس الدين وعشقه لشمس الدين :
كل شعرة منى ، صار من عشقك بيتا وغزلا * وكل عضو من اللذة التي نقلها إلى صار دنا من عسل « 2 » 
لكن مع ذلك : فالشاعر العرفاني بين أمرين كلاهما صعب : إما أن يعبر نثرا ويفقد ذلك الجانب الموسيقى العاطفى الذي ييسره الشعر ، وإما أن يعاني نظم الشعر ، وقد اختار مولانا الأمر الثاني ، ومن ثم لا يزال يشكو من أن الشعر يفرضه عليه قيودا ويحده من الانطلاق :
إنني أفكر في القافية ويقول في حبيبي لا تفكر إلا في لقائي « 3 » أو يقول : مفتعلن مفتعلن قتلتني « 4 » أو يقع في حبائل تلك الجدلية التي لاحظتها انا ماريا والتي عاناها كل العارفين من مسلمين وغير مسلمين ، وعبروا عنها كثيرا ، إن الصمت هو الطريق الوحيد للحديث مع الله ، وهم هم أنفسهم الذين قدموا الموسوعات الشعرية والنثرية ، يتحدثون وفجأة يأمرون أنفسهم بالصمت :
الصمت بحر والقول كالجدول * والبحر يبحث عنك ، فلا تبحث أنت عن الجدول « 5 »
...............................................................
( 1 ) أنا ماريا : 70 .
( 2 ) ديوان شمس ، غزل 2329
( 3 ) مثنوى 1 / 1727
( 4 ) مثنوى 2 / 895 . شكوه / 74 .
( 5 ) مثنوى : 4 - 67
 
« 14 »
 
ومن ثم فغير الصمت ، وإن لزم الحديث ، فمن الأفضل أن يقال سر الحبيب بشكل مختف في الحديث عن الأخرين « 1 » ، فليس لأحد القدرة على النظر إلى هذه الشمس ، شمس الحقيقة دون حجاب ، فكل ما قدم في المثنوى من حكايات وأمثلة مجرد حجاب على تلك الشمس التي تضئ العالم ، البشر العاديون ، وهم المقصودون في الحقيقة من المثنوى ، لا يقوون على الحقائق مواجهة ، فلتقدم لهم حتى في إطار الحكايات الشعبية الهازلة ، ولنواجه في المثنوى هذا التفاوت الملفت للنظر في أدوات التعبير ، الذي يصل إلى عدم المنطقية في بعض الأحيان .
كان مجرد صب هذا الخليط المهول من المعارف والأحاسيس في ألفاظ ، وفي قالب شعري ، مشكلة تؤرق مولانا جلال الدين كثيرا ، خاصة وهو يمد بصره إلى مشكلة أخرى : كيف يفهمونه ( مت حسرة على الفهم الصحيح ) « 2 » ، فالمعنى كالأسد واللفظ كالأجمة ، والشاعر مهما تحدث ، يرى نفسه يتحدث عن القشور ، أما المعاني فإنها تكون مفهومة عند من يدركونها « 3 » واللفظ كالجدائل التي تخص الحسان « 4 » ولا شك أن هناك ارتباطا بين المشاهدة والبيان ، فالحال مثل اليد والعبارة آلة تكمل بها اليد « 5 » ، وهذه الصور كلها بمثابة انعكاس الجمال الحقيقي والظلال التي يظنها الإنسان حقيقة ، والعبارة هي دليل الطريق لا يحتاج إليها الإنسان إلا إذا وضع
...............................................................
( 1 ) مثنوى : 1 - 135 .
( 2 ) الكتاب الثالث البيت 1200
( 3 ) الكتاب الرابع ، البيت 319
( 4 ) ديوان : غزل 921 .
( 5 ) مثنوى : 2 / 302 .
 
« 15 »
 
قدمه على الساحل « 1 » ، وهي رائحة مزرعة تفاح الجنة « 2 » أو نجوم لا تحدث تأثيرا بدون أمر الله « 3 » ويسعى مولانا غالبا لحل هذه المشكلة
- اى العلاقة بين الألفاظ والمعنى والعلاقة بين البيان والمشاهدة ، لكنه يعود فيقول أن اللفظ ليس إلا غبارا فوق مرآة المشاهدة « 4 » وهذا الغبار يرين عليها من حركة مكنسة اللسان « 5 » ويمكن فحسب ادراك المعاني الحقيقية ولب الحكاية عندما يكون الإنسان مستغرقا في حضور العشق « 6 » ومن هنا فلا أهمية للغة سواء كانت عربية أو فارسية أو تركية أو يونانية ، وينظم مولانا بالعربية ( لأنه يراها أحلى ، وإن كان للعشق مائة لغة أخرى ) « 7 » في العشق فقط تحل كل المشكلات ، ويتم لهذا العالم المتناقض التناسق والتألف ، وتحدث فيه المصالحة بين الأضداد « 8 » « 9 » .


ومع حضور هذه المشكلة ، فإن بيان جلال الدين يتميز بهذا الوعي اللغوي الحاضر إذا جاز لنا التعبير ، فأخطاء القوافي تكاد تكون نادرة عنده ، واستحدث عددا من التعبيرات المولوية أتاحت وضع معجم خاص بها في سبعة مجلدات « 10 » وتكتسب
...............................................................
( 1 ) مثنوى 2 / 312 .
( 2 ) مثنوى : 6 / 84 .
( 3 ) مثنوى 6 / 84 .
( 4 ) ديوان غزل 1751 ومثنوى 6 / 4890 - وهذا الغبار يرى عليها من حركة مكنسة اللسان ( مثنوى 2 / 29 )
( 5 ) مثنوى 2 / 29 .
( 6 ) ديوان غزل 250 .
( 7 ) مثنوى 3 / 3842 .
( 8 ) أنظر مقدمة الترجمة العربية للكتاب الثالث
( 9 ) مناقشة القضية كلها من انا ماريا 77 - 78 .
( 10 ) وضعه سيد صادق كوهرين في سبع مجلدات من منشورات جامعة طهران 1353 ه - ش .
 
« 16 »
 
حتى التعبيرات التي استخدمها من قبله سنائى والعطار مذاقا آخر ، ولا يستنكف عن استخدام النطق العامي لبعض الألفاظ في مواضع من شعره ، والمزاوجة بين اللغة وبين الشخصية التي تنطق بها يدل على مهارة شديدة ، ويحتوى المثنوى على كم هائل من مصطلحات الفقهاء والمناطقة والمتكلمين والفلاسفة وعلماء الحديث والتفسير ، كما يحتوى أيضا على مصطلحات أرباب المهن المختلفة والسوقة والرعاع ، والكسبة والتجار مما يدل على أن استخدام اللغة في حد ذاته أمر لم يكن صعبا عليه وإن كانت تدق على التعبير فحسب عن التجربة العرفانية الباطنية ، وهذا التنوع الشديد في شخصيات حكاياته ملأ المثنوى بالحياة وبالحركة ، وأنقذه من ذلك الجفاف الذي تعانيه النصوص الصوفية الأخرى حتى نصوص سنائى والعطار .


6 - ومع ذلك فمن الصعب اعتبار المثنوى نصا صوفيا ، فهو يغطى مساحة أوسع من الفكر الإسلامي والتراث الثقافي الإسلامي ، ومن العسير بل ومن المستحيل أن نحدد الموضوعات التي خضعت للبحث في المثنوى ، فليس المثنوى كتابا صوفيا ، وليس نظرة صوفية إلى التراث الإسلامي ( مثل حديقة الحقيقة ) ، وليس نظمأ للثقافة الإسلامية ، وليس تفسيرا لبعض آيات القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف ، وليس معالجة لقصص الأنبياء والأولياء ، معالجة إنسانية إلى أبعد الحدود ، وليس أيضا بعض القصص المأخوذة من التراث أو التراث الشعبي أو الواقع المعاش وكلها عولجت بشكل فنى جديد ، بل قد يكون المثنوى هو كل هذه العناصر مجتمعة ، لكن تظل بضع نقاط في حاجة إلى إضافة :
أ ) تلك الروح الطيبة الإنسانية التي تهيم عشقا في الإنسان وتتبعه في ضعفه وسقوطه وتساميه وعلوه بحماس لا يفتر وبأبوية لا حدود لها ورحمة وحنان لا ينفدان ،
 
« 17 »
 
وبعد نظر وتعمق في أمراض النفس ، وطرق علاجها بما يتقدم على علم النفس المعاصر بعدة قرون من الزمان .
 
ب ) ذلك التعاطف البين بين الشاعر وبين أبطاله وبين موضوعاته ، بحيث يحس بحنينه إليه إن ترك الحكاية التي يقصها عليهم إلى حكايات وموضوعات أخرى ، ويحس أنهم ينادونه كي يكمل حكاياته عنهم ، ويحسون بالشوق إليه كما يحس بالشوق إليهم . 
إلى جوار تلك الروح الفكهة حينا ، وذلك الشجن الجميل العظيم الذي يحس به عند وصفه لسقوط الإنسان بعد صراع مستمر مع مغريات الدنيا وشهواتها ، أو وهو يحمل حاجة لمن لا يقضيها له ، أو وهو يحلم بما لا يتوافق ما ما درجت عليه الدنيا ومقتضياتها ، والمجتمع وتقاليده وعاداته ، وسنة الحياة وما تحتمه وتستوجبه ، أو وهو يحس بأنه أمام طريق مسدود ، يريد أن يطير بلا جناحين ، أو ينزل إلى محيط المعرفة دون قدرة على السباحة ، يأتي مولانا ، ويقدم الحل ، يقدمه مدعما إياه بالروايات والمنطق والبيان الشعرى الرائع ، والتدفق الذي لا يتوقف ، فكأننا بالفعل في بحر عباب تحملنا أمواجه موجة بعد موجة ، فلا تكاد تنزلنا موجة حتى تسلمنا إلى موجة أخرى ، قد تكون أشد ، وقد تكون أكثر هدوءا ! !
لكنه مع ذلك فنحن لم نحدد ما هي موضوعات المثنوى ؟ ! 
لا شك أن هناك تيارين رئيسيين في المثنوى :
الأول : التيار العرفاني : أي الصوفي الممتزج بأفكار كلامية وفلسفية ، ومن خلاله يبسط مولانا أهم ما أثير من قضايا في التراث الإسلامي : الفيض وترتيب الموجودات والعقول والأنفس والعناصر والجهات والأفلاك والعلاقات بين الأكوان ومركز الإنسان في هذا الكون ، ومصيره من الأزل إلى الأبد ، ورحيله إلى
 
« 18 »
 
موطنه الأصلي وما يعن له من عقبات في طريق هذا الرحيل ، وحيرته بين الجبر والاختيار والتشبيه والتنزيه .
الثاني : التيار الأخلاقي من خلال التصفية والتنقية ، وانصهار النفس الانسانية في أتون كدحها وكفاحها ومعاناتها لأمراض الحسد والحرص والشهوة والكبر ، وتعرضها على وجه الأرض لطغيان الطغاة وجبروت الجبارين ، وشقائها من أجل قوتها اليومى ، وذلها ، ثم ثورتها وتساميها ولا شك أنه من النادر أن تجد موضوعا خاض فيه صوفي أو عارف قبل جلال الدين أو بعده لم يدل فيه جلال الدين بدلوه بأسلوبه الخاص به الذي يفيض حبا وحنانا للبشرية ، وينهمر مع ذلك بذلك العمق الشديد « 1 » ، 
وهناك من الباحثين الأوربيين جوستاف ريختر ونيكلسون قالا بأن كل جزء من أجزاء المثنوى يمثل وحدة فنية متكاملة ، وأن ما يبدو فيه من انطلاقه على غير نظام موضوعي محدد ليس الواقع ، بل هناك ارتباط فنى دقيق في التنقل من موضوع إلى آخر « 2 »
7 - ومنذ أن تم تأليف المثنوى اعتبر كتاب القوم ، وقد بدأت الشروح على المثنوى في عهد مبكر نسبيا .
وأول من كتب عن المثنوى أحمد الرومي المعاصر لسطان ولد ابن مولانا في كتاب باسم دقائق الحقائق ، ويفسر آراء مولانا ، وكتب حسين الخوارزمي المقتول سنة 839 هـ شرحا منظوما تحت عنوان كنوز الحقايق في رموز الدقايق ، كما كتب شرحا آخر تحت عنوان " جواهر الأسرار وزواهر
...............................................................
( 1 ) ومع حيرتنا هذه في تحديد موضوعات المثنوى حدد باحث هندى يدعى تلميذ حسين موضوعات المثنوى ب 1281 موضوعا ، عن محمد كفافى ، مثنوى جلال الدين ، الكتاب الأول ص 13
( 2 ) مقدمة الجزء الأول من المثنوى لكفافى ، ص 14 .

« 19 »
 
الأنوار " وممن شرحوا كتاب الناى ( أي مقدمة الجزء الأول من المثنوى ) الشيخ يعقوب سر رزى الجرخى المتوفى سنة 851 هـ وشرح عبد الرحمن الجامي على نفس الأبيات ، والذي استفدت منه في شروح الكتاب الأول ، وشرح مقتطفات لإبراهيم ابن صالح المغلوى المعروف بشاهدى دده ( ت 570 ) وشرح مصطفى بن شعبان المعروف بسرورى ( ت 969 ) وشرح مقتطفات تحت عنوان " كاشف الأسرار " لظريفى حسن جلبي ( ت 942 ) 
وشرح مقتطفات لعبد الوهاب بن جلال الدين الصابوني ( ت 948 ) كما شرحه القاضي نور الله الشوشتري ( ت 1019 ) وعبد الله خويشكى القصورى ( ت 1106 ) تحت عنوان " أسرار مثنوى وأنوار معنوي " ، وشرح خواجة أيوب ( القرن الثاني عشر ) وهو جامع الشروح من قبله . 
 
وهناك شروح فارسية أحدث منها شرح ملا محمد هادي السبزواري وعبد العلى محمد بحر العلوم ، ومحمد فضل الله آبادي وعبد الله الملتانى وسيد مراد على البخاري ، وعبد الغنى النابلسي ، وملا هادي نوري « 1 » ، 
ومن الشروح الأحدث على المثنوى شرح بديع الزمان فروزانفر على ثلثي الكتاب الأول وهو الشرح الذي أتمه سيد جعفر شهيدى ، ويواصل الآن - أعانه الله - شرح بقية أجزاء المثنوى ، وشرح محمد استعلامى المختصر الشديد الوضوح واضح الجهد ، 
وشرح محمد تقي جعفري ( في خمسة عشر مجلد ) وهناك شروح تركية أهما شرح إسماعيل الأنقروى ، ( الذي تمت ترجمته أخيرا إلى الفارسية ) وشرح عبد الباقي كولبنارلى ( الذي تمت أيضا ترجمته أخيرا إلى الفارسية ) .
...............................................................
( 1 ) مقال مايل هروى في آخر شكوه شمس ، صص 553 - 556 .
 
« 20 »
 
وكان للغة العربية أيضا نصيبها من ترجمات المثنوى وشروحه ، واقدم متن معروف مترجم ومشروح بالعربية ليوسف بن أحمد المولوي ( تمت سنة 1817 ) تحت اسم المنهج القوى لطلاب المثنوى ( طبع في مصر سنة 1872 ) 
وكان من المظنون أنه ترجمة لشرح إسماعيل الأنقروى إلا أنني بحثت هذا الأمر ووضح خطؤه « 1 » وهناك أيضا ترجمة عبد العزيز صاحب الجواهر المسماة " جواهر الآثار في ترجمة مثنوى مولانا خداوندكار " وقد نشرتها جامعة طهران في ستة مجلدات ، والترجمة شعرية متكلفة كثيرة الأخطاء في اللغة العربية ، وتصد عن قراءة المثنوى « 2 » 
ومن بعد عبد العزيز صاحب الجواهر قدم أستاذنا عبد الوهاب عزام مختارات مختصرة في المثنوى في كتابه صغير الحجم كبير القدر " فصول من المثنوى " ( القاهرة 1946 ) وكانت ترجمة أستاذنا عزم شعرا في بعضها ، نثرا في بعضها الآخر . ولعل ترجمة أستاذنا الدكتور محمد كفافى لو اكتملت لكانت أهم ترجمة عربية ، فقد قدم استاذنا الفقيد المجلد الأول والثاني « 3 » وترجمته مشرقة
...............................................................
( 1 ) لي بحث بالفارسية تحت عنوان " ملاحظاتى دربارهء ترجمه‌هاى عربى مثنوى " القيته في ندوة جلال الدين الرومي في جامعة ميونيخ في يونيه 1995 وهو تحت النشر الآن بمجلة الدراسات الشرقية
( 2 ) في تعليق للأستاذ عبد الحسين زرين كوب على بحثي في المؤتمر قال : إن كتاب عبد العزيز صاحب الجواهر نشر في مطبعة جامعة طهران في ظروف غير معلومة وأن الأستاذ الراحل مجبتى مينوى حدثه أنه كان ضد نشر مثل هذا الكتاب
( 3 ) على طول ما سمعت ونشر في بعض الصحف أن هناك بعض أجزاء المثنوى من عمل الأستاذ لم تنشر ، إلا أن شيئا منها لم يظهر بعد ، وليتها تظهر
 
« 21 »
 
بعد استاذنا كفافى قدمت الزميلة الدكتورة إسعاد قنديل ترجمة لقصة أكلى ولد الفيل من الكتاب الثالث للمثنوى ، وقدم الزميل الدكتور رجاء جبر ترجمة لقصة " خداع ريفى لحضرى " من الكتاب الثالث للمثنوى ضمن كتابه في الأدب المقارن دراسة في المصادر والتأثيرات ( القاهرة 1986 ) .
8 - ويطول المقام بنا هنا إذا أحصينا الترجمات والدراسات التي قامت باللغات الأوربية على المثنوى أو على منتخبات منه - ولعل أهمها الترجمة الإنجليزية الكاملة التي قام بها رينولد الن نيكلسون مع نشرة محققة للنص الفارسي في ثمانية مجلدات ( لندن 1925 - 1950 ) ومختارته من قصص المثنوى تحت عنوانTales of Mystic Meaning( لندن 1961 ) وقدم يوحنا آرثر آربري تحت عنوانTales from the Mathnawi , London 1961وكتابMore Tales from the Mathnawi , London 1961ولم تكن ترجمات نيكلسون وأربرى هي الأولى فقد سبقتها ترجمات إنجليزية أخرى ، ترجمة بالمر لأغنية الناى تحت عنوان .The song of the read , London 1877وترجمة رد هاوس للجزء الأول من المثنوى التي تمت 1881 ، وترجمة ويلسون للكتاب الأول والثاني الصادرة سنة 1910 في آيند برج ، وترجمة هو ينفلد لمقتطفات من المثنوى الصادرة 1887 في لندن . وهناك أيضا ترجمات ريهاستيك عن مقتطفات من المثنوى في سبعينات القرن التاسع عشر ، وآخر الدراسات الإنجليزية عن المثنوى دراسات أنا ماريا شميل طارئ وبخاصة كتابها :The Triumphal Sun , a Study of the works of Jalaladdin Rumiوالذي ترجمه إلى الفارسية حسن لاهوتى تحت عنوان :

 .
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: