الثلاثاء، 11 أغسطس 2020

26 - الهوامش والشروح الأبيات من 2115 - 2254 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

26 - الهوامش والشروح الأبيات من 2115 - 2254 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

26 - الهوامش والشروح الأبيات من 2115 - 2254 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي (604 - 672 هـ)

شرح أنين الجذع الحنان عندما صنعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم منبرا 



( 2117 - 2118 ) : الصوت والكلام من آثار الوجود وكل ما يتصف بالوجود وجد وجوده من الله تعالى أصل الوجود ، ووجود الآخرين مستمد منه ، فالنداء الإلهى إذن هو أصل كل الأصوات وأصوات كل الموجودات انعكاس لصوته . والعالم السفلى في رأى الحكماء قابل للأمر من العالم العلوي والعالم البشرى في كل الأحوال ظل للعالم الإلهى ( نقلا عن الإمتاع والمؤانسة للتوحيدى عن فروزانفر ص 857 ) والله تعالى يسمع خلقه صوته بلا واسطة وهو في رأى الصوفية اتصال مباشر خلافا لرأى الحكماء ، وكذلك فإن لكل موجود بحسب إمكانه وافتقاره إتصالًا بالله تعالى " اتصال بلا تكيف ولا قياس " والله تعالى يبث أسراره لعبده حينا بالصوت ، وحينا بالإلقاء في القلب ، وهذا أمر ليس مخصوصا بالبشر لكنه أيضا عطاء يحدث أحيانا للجماد .
( عن فروزانفر 858 ) .
 
( 2121 - 2123 ) : "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ، شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ" ( الأعراف / 172 ) إشارة إلى يوم العهد ويوم الميثاق ويوم عقد ميثاق العبودية للبشر أجمعين مع الله سبحانه وتعالى وللصوفية معاني عديدة يستنبطونها من هذه الآية الكريمة ، ويقول مولانا هنا إن هذا النداء مستمر ومتصل ، ولا يرسل موجود من عالم العدم إلى الوجود إلا بعد أخذ الميثاق عليه ، ومجرد مجيئنا إلى عالم الوجود إقرار منا بهذه العبودية " الخلق هو الشاهد " .

 
« 498 »
 
( 2124 - 2130 ) : ليست هذه العطية خاصة بالبشر ولكن للجماد نصيب منها . . . ويسوق مولانا دليلا : " كان رسول الله صلى اللّه عليه وسلّم يصغى إلى جذع وكان عريشا فكان يخطب إلى ذلك الجذع ، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله نجعل لك شيئا تقوم عليه يوم الجمعة حتى يراك الناس ويسمع الناس ، قال نعم ، فصنع له ثلاث درجات فصعد النبي فقام عليه كما كان يقوم فأصغى إليه الجذع فقال له رسول الله : أسكن فقال النبي لأصحابه هذا الجذع حن إلى فقال النبي : أسكن إن تشأ أغرسك في الجنة فيأكل منك الصالحون وإن تشأ أغرسك رطبا كما كنت ، فاختار الآخرة على الدنيا ( مآخذ / 24 ) . وبناء على نفس هذه الروايات أنهم دفنوا الجذع في الأرض أو وضعوه في سقف المسجد ، ويروى البعض ان أبي بن كعب نقل الجذع إلى بيته بعد وفاة الرسول . صلى اللّه عليه وسلّم 
 
( 2132 - 2139 ) : إن الله سبحانه وتعالى يجتبى من خلقه من يراه أهلا لهذه العطية ، ومن كان جل شغله هو الله تعالى ، ومن ثم . . . فلا تتوقع من أحد لم يوهب عطية الأسرار أن يصدق أنين الجذع . . . وحتى إن صدق بلسانه فإنما يقوم بذلك خوفا من أن يُتهم ، وهناك من أهل التقليد والدليل من الفلاسفة والمعتزلة لينكرون هذا الأمر إنكارا تاما . . . ويرون أن الحياة شرط للإدراك ( انظر لتفصيلات أكثر في هذا الموضوع 1009 - 1029 وشروحها ) وكان حكماء الإسلام يعتبرون أقوال أرسطو وأفلاطون من قبيل الأصول الثابتة العلمية ( وهذا هو ما لا يصل إلى مرتبة الوهم بل هو في رأى مولانا نصف وهم . . . 
ومن قبيل الظن الذي لا يغنى عن العلم شيئا ) وقد أثار ابن سينا جدلا شديداً في أوساط الصوفية ( الغزالي ) والمفسرين على السواء ( فخر الدين الرازي ومدرسته ) فالفلسفة في رأى مولانا ذات جانب تقليدى ، والظن من صفات النفس ومن إدراك السالك الذي لا يزال في مقام النفس ( انظر لتفصيلات شرح فروزانفر 867 - 870 ) ومن ثم يصف مولانا بأن أدلتهم من قبيل الأقدام الخشبية . . . واهية . . . تنكسر عند أول حجر عثرة في الطريق .

 
« 499 »
 
( 2140 - 2153 ) : إن رجلا واحدا هو القطب " وهو شخص فريد محل نظر الله من كل الدنيا وهو موجود في كل عصر وعلى قلب إسرافيل " . . . والقطب - في رأى ابن العربى - هو مدار أمر الجماعة من البدلاء والأوتاد ، والأقطاب المحمديون إثنا عشر شخصا كل منهم تابع لواحد من الأنبياء ، والرأي السائد أن القطب واحد ويمسى أيضا بالغوث والغوث الأعظم 
( انظر عن القطب الكتاب الخامس ، الأبيات 2341 - 2354 وشروحها ) 
والقطب هو البصير ، ومن سواه عميان يتوكأون على العصى الخشبية ، فالعصى هي في الحقيقة أقدامهم ، وأهل القلوب هم الآخذون بأيدي عمى الأبصار ، ومن رحمة الله أن تستمر هذه الأقدام الخشبية 
( فلو لم تكن موجودة متى كان أصحاب البصائر يعرفون ؟ ! ! ) 
لكن أتراه يمنحك هذه العصا من أجل أن تهاجمه بها ؟ لما ذا لا تجعل منها عصا كعصا موسى تلقف ما يأفكون ؟ ! 
لما ذا لا تكون عصاك كالجذع الحنان تحن إلى الأنبياء والأولياء وتميل إليهم وتشتاق إليهم ، ألست ترى التشابه بين العصا و " عصى " ؟ ! ! وألم تقرأ " فعصى آدم ربه فغوى " وألا تعلم أن عصا موسى وتحولها إلى أفعى وأنين الجذع الحنان إمارة السلطة المطلقة الدائمة إلى يوم القيامة ( وهي النوبات الخمس ) .
 
( 2154 - 2164 ) : لو لم تكن لذة الدين من قبل اللذائذ التي لا تدرك بالعقل . . . لما كان الأمر في حاجة إلى بيان معجزات ، ومن ثم فإنك منكر لهذا الطريق لأنه بالنسبة لك طريق بكر وغير مطروق . . . وأنت تهرب منه بإنكاره ولا تقوى على مناقشته ، مثلما هربت الوحوش والجن من بني آدم لأنها لا قبل لها به وبصراعه ولا أمل لها في التغلب عليه ، وليت هؤلاء يهربون فحسب ، بل تراهم ينافقون ، ويتحدثون بألفاظ الشرع والتوحيد ، ويدسون فيها الشريف ، مثلما يدس حب الزوان ( حب الصرع ) في الخبز فيمرره ( أو مثلما يدس الثوم في حلوى اللوز ) . وأليس هذا المتفلسف يرى يده ورجله طوع أمره ؟ . . . فكيف إذن لم يفهم قوله تعالى "وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ

 
« 500 »
 
أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ" ( يس / 65 ) ويرى فروزانفر ( شرح / 882 ) . أن المقصود جماعة ممن كانوا يحاولون التلفيق بين الشريعة والفلسفة مثل أبى زيد البلخي ( متوفى 32 ) وأبى تمام النيشابوري وأبى الحسن محمد بن يوسف العامري وإخوان الصفا ، وليت مولانا قد عاش إلى زمن رأينا فيه الذين ينقضون الأحكام الشرعية وينكرون الحديث ويرون القرآن نصا إنسانيا ابن زمانه ويهاجمون الحدود ، يسمون بالمفكرين الإسلاميين ! ! ! ناهيك عن أولئك الذي يلفقون بين الماركسية والإسلام ! ! 
 
( 2165 ) : عن أبي ذر رضي الله عنه قال : كنا جلوسا مع النبي صلى اللّه عليه وسلّم فأخذ حصيات في كفه فسبحن ، ثم وضعهن في الأرض فسكتن ثم أخذهن فسبحن " ( شرح فروزانفر ص 882 عن دلائل النبوة للبيهقي ، ط مصر ) .
 
( 2189 ) : يطلق لقب المحتسب على عمر رضي الله عنه لشدته في أمور الحسبة .
 
( 2202 - 2205 ) : يتحدث عازف الصنج بمصطلحات الموسيقى ويجرى مولانا على ألسنة شخصياته دائما ما يتناسب مع صنعتهم والأدوار إثنى عشر هي نوى وأبو سليك وراست وعراق وأصفهان وزير افكند وبزرك وزنجوله وراهوى وحسينى وحجازي والزير على قسمين : صغير وكبير أحدهما في خفيض هذا المقام والثاني في جهيره ، والزير افكند تأثيره في ترطيب الطبائع والشعب أربعة وعشرون لأن لكل مقام شعبتين ( لتفصيلات شرح فروزانفر 888 - 890 ) .
 
( 2206 - 2209 ) : يا ربي ، أشكو إليك نفسي ، يا من أنت أقرب إلى منى "وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ" ( ق / 16 ) لكن أمنيتى كانت حجابا ، وها هو الحجاب يرتفع ، فليكن بصرك مثبتا عليه مثلما ثبت بصرك على من يهبك الذهب ويعده لك بحيث تذهل عن نفسك .
 
( 2210 - 2218 ) : يقول سيدنا عمر رضي الله عنه ( المرشد ) للشيخ عازف الصنج إن بكاءه
 
 
« 501 »
 
دليل على الصحو والحضور والانتباه ، وإثبات الوجود الجزئي أمام الوجود الكلى من قبل الذنب . . . فكأن مولانا يفضل السكر عن الصحو . . . فرؤية النفس ذنب عظيم ومن هنا قيل :
وإن قلت ما أذنبت قالت مجيبة * وجودك ذنب لا يقاس به ذنبأ
و ما يقول الحلاج :
بيني وبينك انى ينازعني * فارفع بلطفك إنيى من البين
وكل هذه بمثابة العقد في القصبة ، والقصبة إذا كانت مليئة بالعقد لا تصلح لأن تكون نايا ليبث الأسرار ، فأنت مع ذاتك سواء كنت في طواف خارج هذه الذات ، أو عدت من طوافك إلى دارك ، فأنت أيضاً مع ذاتك ، وهكذا فإنك لكي تتوب تضحى باستغراقك في الله ومن ثم فتوبتك أقبح من ذنبك ، إذ تنشغل في تذكر ماضيك ، " التوبة أن تنسى ذنبك " وقال جعفر الصادق رضي الله عنه :
التوبة غفلة عن الذنب ، وقال ذو النون : توبة العوام من الذنوب وتوبة الخواص من الغفلة ، وقال الجنيد : دخلت على السرى فرأيته متغيرا فقلت له : مالك ؟ قال : دخل على شاب فسألني عن التوبة فقلت له : أن لا تنسى ذنبك ، فعارضني وقال : التوبة أن تنسى ذنبك ، فقلت : الأمر عندي ما قاله الشاب فقال : لم ؟ فقلت : إني إذا كنت في حال الجفاء فنقلنى إلى حال الوفاء فذكر الجفاء في حال الصفاء جفاء ( مولوى 1 / 402 ) . 
وهكذا أنت : عندما تريد أن تخبر عنى المخبر فإن كل أخبارك تدل على جهلك ، . . . إنك تخبر عن نفسك وبمعيارك وميزانك في حين " ان ما توهمتم من شئ فتوهموا الله غيره " ، ( أحاديث مثنوى / 142 ) فأنت في أوان ذنبك عاكفٌ على موسيقاك ، وفي أوان توبتك تبكى وتنوح ، في حين أن " من عرف الله كل لسانه " فدعك من وجودك والاهتمام بوجودك حتى تصل إلى الله .
 
( 2219 - 2228 ) : وهكذا يكون تأثير المرشد في المريد : لقد حلت في الشيخ روح أخرى ، لقد

 
« 502 »
 
فرغ من الضحك والبكاء ومن السرور ومن الحزن ، وماتت روحه الحيوانية وحلت فيه روح قدسية ، فوراء كل هذه الأحوال حال الاستغراق في جمال ذي الجلال ، ولا يسفر هذا الحال إلا عن الحيرة ، والحيرة هي الصمت ، ومن هنا فالحديث لا يجوز هنا ، فالعقل الجزئي لا يستطيع الحديث عن الكلى ، اللهم إلا إذا واصل مرحلة الطلب ولم يقعد عنه ، فإن فعل ، يصل موج هذا البحر الكلى إلى العقل الجزئي ، وعندما وصل الشيخ عازف الصنج إلى هذا الحال ، كف تماما عن الكلام ، ومن هنا نترك هذه الحكاية ولم نقل إلا نصفها ! ! 
 
( 2229 - 2232 ) : يبدو ان حالا من البسط والسرور قد أصاب روح الشيخ عازف الصنج ، نتيجة لمعرفته بالله التي تتأتى من التضحية بمئات الأرواح ، فعد إلى صيد المعاني من أجمة الروح ، وانشر النور مثل شمس الدنيا . . . ولتجدد الحياة في هذا العالم القديم ، فإن المدد لا يزال يصل إلى نفسك وروحك من الغيب .
 
( 2234 ) : بعد المدد الروحي في قصة الشيخ عازف الصنج ، يقدم مولانا مددا أخلاقيا ( عن الإنفاق والإمساك ) ويمهد به للحكاية التالية من حكايات المثنوى ، والعنوان مقتبس من الحديث الشريف " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا ) ( أحاديث مثنوى / 24 ) .
 
( 2240 - 2242 ) : "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ" ( الأنفال / 36 ) والإشارة إلى كبار المشركين في موقعة بدر الكبرى وكانوا اثنى عشر شخصا ينحرون في كل يوم عشرة من الإبل لإطعام الكفار ومن ثم سموا بالمطعمين ، وقيل نزلت الآية في أبي سفيان الذي أنفق على المشركين في أحد أربعين أوقية من الذهب ، ليس كل إنفاق إذن محمود . . . أنظر فيم تنفق . . . وفي سبيل ما ذا تنفق .

 
« 503 »
 
( 2245 ) : الدعاء في الصلاة "اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ" أي اجعل أعمالنا كلها صحيحة النية وفي موضعها .
 
( 2246 - 2252 ) : " وما أنفقتم من شئ فإن الله يخلفه " والبيت الثاني ناظر إلى قول عيسى عليه السلام " ان استطعت ان تجعل كنزك حيث لا يأكله السوس ولا تدركه اللصوص فافعل " ( شرح فروزانفر ص 912 ) .
 

.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: