الأربعاء، 5 أغسطس 2020

20 - شُروح وَدرَاسَات الأبيات من 2141 - 2596 .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. محمد الكفافي

20 - شُروح وَدرَاسَات الأبيات من 2141 - 2596 .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. محمد الكفافي

20 - شُروح وَدرَاسَات الأبيات من 2141 - 2596 .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. محمد الكفافي 

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي (604 - 672 هـ)

شرح كيف ذهب المصطفى عليه السلام لعيادة صحابي مريض
( 2141 ) بدأ الشاعر في هذا البيت رواية قصة وردت في أحد الأحاديث النبوية . 
وقد أطال الشاعر الوقوف عند مختلف دقائق هذه القصة ، واستطرد استطرادات كثيرة . 
والحديث المشار اليه روى على الوجه التالي :

“ 526 “
 
“ عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد خفّ فصار مثل الفرخ . فقال له رسول الله : هل كنت تدعو بشئ أو تسأله إياه . قال : نعم . كنت أقول : اللهم ما كنت معاقبى به في الآخرة فعجله في الدنيا . فقال رسول الله : سبجان الله . لا تطيقه ( أو لا تستطيعه ) ، أفلا قلت : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . قال : فدعا الله له فشفاه “ .
وقد ورد هذا الحديث في صحيح مسلم ، وغيره من المصادر ( انظر : تعليقات نيكولسون . وانظر أيضا : فروزانفر : مآخذ قصص ، 66 ) .
 
( 2143 ) تروى أحاديث متعددة في الحث على عيادة المريض ، وبيان ثوابها . ( انظر : النووي : رياض الصالحين ، 368 - 373 ) .
 
( 2150 ) قول الشاعر “ وكصانع الأصنام ، انحت لك من الحجر صديقا “ ، تعبير رائع عن الدعوة إلى اكتساب الأصدقاء . فالحجر الصلد أبعد الأشياء عن الاستجابة ، وهو هنا رمز للانسان العنيد ، الذي يغلق قلبه دون الناس . ومثل هذا - في رأى الشاعر - يجب ألا يستعصى على المرء اكتساب وده . وكأنما المرء في اكتساب هذا النوع من الأصدقاء صانع أصنام ، ينحت من الحجر تماثيل يتعلق بها قلبه .
 
( 2154 ) “ ما دمت - أيها المريد - عاجزا عن معرفه الأولياء الصادقين ، فاقصد كل درويش ، والتمس حقيقة حاله ، فلعلك بيحثك تهتدى إلى العارف الكامل ، وشأنك في ذلك شأن الباحث عن الكنز ، ينقب عنه في كل خربة حتى يهتدى اليه “ .
 
( 2156 - 2161 ) في هذه الأبيات إشارة إلى حديث سبقت الإشارة اليه . ( انظر البيت 1738 وشرحه ) . ولم يتضمن هذا الحديث ذكر موسى .
 
( 2156 ) قول الشاعر : “ يا من شهدت طلوع البدر من جيبك “ يشير إلى معجزة موسى إذ أدخل يده في جيبه ، فخرجت بيضاء من غير

 
“ 527 “

 
سوء . انظر الآيات الكريمة : ( 7 : 108 ) ، ( 26 : 33 ) ، ( 27 : 12 ) .
( 2167 ) يبدأ الشاعر في هذا البيت رواية قصة وردت في كتاب “ جوامع الحكايات “ لمحمد عوفي . والقصة - كما رواها عوفي - تذكر أن البستاني وجد في بستانه أربعة أشخاص ، أحدهما فقيه والثاني شريف والثالث جندي والرابع بائع “ جوّال “ . والقصة في رواية عوفي تخلو من كثير من التفصيلات التي جاءت في رواية المثنوى . لقد أضاف إليها جلال الدين من التفصيلات ما جعلها تبدو أكثر واقعية ، كما صورها بأسلوب ساخر يختلف كثيرا عن أسلوب عوفي . وقد رأيت أن أورد هنا ترجمة عربية للقصة ، كما وردت في كتاب عوفي .
قال : “ حكى أن أربعة أشخاص من أصناف البشر دخلوا بستانا ، وشغلوا بأكل الفاكهة . وكان واحد من هؤلاء فقيها وثانيهم علويا ، وثالثهم جنديا ورابعهم سوقيا . ودخل صاحب البستان فرآهم وقد أتلفوا كثيرا من الفاكهة .
وكان رجلا ذكيا فتفكر قائلا : انهم أربعة أشخاص ، ولن أقدر على الأربعة مجتمعين .
فتوجَّه إليهم ثم قال للعالم ( الفقيه ) : انك رجل عالم ، وأنت لنا قدوة ومرشد .
وقد ارتبطت مصالح دينانا وأخرانا بيركة أقدام العلماء وحركة أقلامهم . وأما ثانيكم فهو سيد كبير من أسرة النبي ، ونحن جميعا موالى أسرته ، ذلك لأن محبتها واجب أمرنا به الله حين قال : “ قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربى “ .
وأما ثالثكم فجندى من أرباب السيف ، وان عمران ديارنا وأرواحنا منوط بسيف هؤلاء . فلو أنكم دخلتم بستاني ، وأكلتم كل فاكهتى بدون حق ما ضننت بها عليكم ، ولكن من ذا يكون هذا الرجل السوقي ؟ وبأية وسيلة دخل في بستاني ؟
وما فضيلته التي تتيح له أكل فاكهتى ؟ ثم مد يده وأمسك بجيب السوقي ، وحمل عليه حملة قوية حتى طرحه أرضا ، ووضع القيد في يديه ورجليه . ثم توجه إلى الجندي وقال : انني عبد للعلماء ولأنباء النبي . وأما أنت ، أفلم تعلم



“ 528 “
 
أنني دفعت للسلطان خراج هذا المال ، وأنه لم يبق له قبلي شئ أكثر مما دفعت ؟ فلو أن الأئمة والأشراف تقاضونى روحي ( لبذلتها ) وعددت نفسي مقصرا ! أما أنت فلم تقل لي من أنت ، ولا بأي حق عدوت على مالي ! وأمسكه هو أيضا ، وأدبه تأديبا كاملا ، وأحكم قيد يديه ورجليه . وبعد ذلك توجه إلى العالم وقال : ان الناس جميعا عبيد لآل بيت الرسول ، وحرمة نسبت هؤلاء ظاهرة للجميع . أما أنت ، يا من تدعى العلم ، أما حصلت من العلم ذلك القدر الذي تعرف به أنه لا يجوز دخول بستان سواك بغير اذن ؟ فأي قدر من العلم بقي لك ؟ انى ومالي وروحي فداء لآل الرسول . أما كل جاهل يدعى العلم ، ويستحل أموال المسلمين ، فإنه يكون جديرا بالتأديب ، مستحقا للتعذيب . ولقد أدبه أيضا ، أدبا بالغا ثم قيده ، وإذ ذاك ، بقي العلوي وحيدا ، فتوجه اليه وقال : أيها المدعى الخسيس ، يا صاحب الشعر الكثيف والجهل الوافر ! انك لم تقل لي بأي سبب أجزت التطاول عى بستاني ، وأضعت على مالي ؟ وهل قال الرسول عليه السلام أن مالي حلال للعلويين ؟ ثم إنه قيد ذلك الرجل أيضا ، وبهذه الطريقة استطاع أن يقيد الرجال الأربعة ، ثم استوفى منهم ثمن كرومه “ . وقد نقل فروزانفر النص الفارسي لهذه القصة ( مآخذ ، 67 - 69 ) ، أما نيكولسون فترجمها إلى الا نجليزية في تعليقاته .
 
( 2183 ) الجنيد البغدادي ، وأبو يزيد البسطامي امامان من أكبر أئمة الصوفية . توفى أبو يزيد عام 260 ه ، وتوفى الجنيد عام 297 ه .
 
( 2196 - 2197 ) يدافع الشاعر في هذه الأبيات عن الأشراف المنتمين إلى بيت الرسول ، إزاء ما اتهمهم به البستاني من الزيف والانتساب الكاذب . وخلاصة دفاعه أن المرء إذا ساءت أحواله وأفعاله ساءت ظنونه بسواه . فما قاله البستاني عن الأشراف ، لم يكن الا صدى لخبث نفسه ، وسوء ظنه . وهذا شبيه بقول الشاعر العربي :
 
“ 529 “
 
إذ ساء فعل المرء ساءت ظنونه * وصدق ما يعتاده من توهم( 2204 ) شمر ، هو شمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين يوم كربلاء ، في العاشر من محرم عام 61 ه . وكان قتله للحسين مثالا للخسة والجبن ، لأنه لم ينازله منازلة الرجال ، بل تحين الفرصة حين تكاثر الرجال على الحسين ، فركب صدره واحتز رأسه . أما يزيد فهو يزيد بن معاوية ثاني الخلفاء الأمويين ، وهو الذي حدثت في عهده مأساة الحسين .
 
( 2218 ) يبدأ الشاعر بهذا البيت رواية قصة تحكى عن أبي يزيد البسطامي . ( انظر أصول هذه القصة في “ مآخذ قصص “ لفروزانفر وكذلك في تعليقات نيكولسون “ .
 
( 2221 ) أورد الشراح تفسيرات متعددة لهذا البيت ، وهي جميعا تدخل في باب التأويل البعيد . ( انظر - على سبيل المثال - شرح صاحب المنهج القوى . ج 2 ، ص 473 ) . ولقد نشأت هذه الصعوبة من تفسير كلمة “ حق “ في البيت على أنها تعنى الله . فالقرآن الكريم لا توجد به آية تعبر عن المعنى الذي أشار اليه البيت . وكل ما ذكره الشراح من الآيات لا تعبر عن هذا المعنى الا بكثير من التأويل .
ولعل خير وسيلة لفهم هذا البيت هي أن تفسر كلمة “ حق “ هنا بمعناها الحرفي . فتكون ترجمة البيت : “ ان القول الحق في السفر هو أنك حيثما توجهت يجب عليك أن تلتمس رجلا “ . وبذلك يكون معنى البيت مطابقا للقول العربي : “ خذ الرفيق قبل الطريق “ .
 
( 2222 - 2224 ) “ عليك أن تطلب الجوهر الحقيقي قبل كل شئ ، وإذا ما تحقق لك الجوهر ، تحققت لك معه أعراض كثيرة ، تابعة له . أما من ركز همه في الأعراض فلن يتحقق له الجوهر قط . ومثال ذلك من يزرع القمح ، فهو بالضرورة يحصل على التبن ، إلى جانب

 
“ 530 “
 
القمح ، أما من يزرع التبن ، فلن يحصل قط على القمح . ومن طلب الله بالخلاص قلبي ، وصل إلى الله ، وتحقق له بهذا الوصول كل ما تصبو اليه النفوس من آمال .
 
( 2225 ) من قصد الكعبة للحج ، فسوف يرى مكة - إلى جانب قيامه بالحج . فالحج إلى الكعبة هو القصد الجوهري ، ورؤية مكة عرض جانبي تحقق بدون قصد خاص .
( 2231 ) “ خضر زمانه “ . ( انظر : المثنوى ، ج 1 ، الأبيات 224 ، 2969 ، 2971 وشروحها ) .
 
( 2233 ) “ الفيل الذي يرى في منامه بلاد الهند “ ، رمز للصوفى العارف الذي يشهد في تأمله عالم الروح ، وطنه الحبيب الذي يحلم به ، فكأنما هو فيل مغترب رأى في منامه بلاد الهند .
 
( 2234 - 2235 ) النوم يمثل انطلاق الروح من عقال الجسد .
( انظر : المثنوى ، 1 ، 387 - 389 ) . ولهذا فان الانسان يرى في النوم ما لا يراه في اليقظة .
 
( 2236 ) العارف - وهو من استطاع تخليص روحه من سلطان الجسد - يتحقق له في يقظته شهود روحي .
 
( 2244 ) يتفق معنى هذا البيت مع ما يقوله الصوفية عن “ الانسان الكامل “ ، وهو أنه أفضل مخلوقات الله .
 
( 2245 ) في هذا البيت تعبير عن معنى حديث قدسي ، نصه :
ما وسعني أرضى ولا سمائي ، ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن التقى النقى الورع .
 
( 2247 - 2249 ) في هذين البيتين تعبير عن الفناء في الله والاتحاد به ، وهما من النظريات المشهورة عند الصوفية ، والقول بهما مبنى على التجربة الروحية ، التي يتحدث بها العارفون من أهل التصوف .
 
[ شرح من بيت 2250 إلى بيت 2400 ]
( 2252 ) يعود الشاعر هنا إلى رواية “ قصة الصحابي المريض “
 
“ 531 “
 
انتى بدأها في البيت 2141 ، ثم استطرد منها إلى سواها من الموضوعات .
 
( 2257 - 2265 ) في هذه الأبيات يعبر الصحابي عن الألم ، وأثره في تنبيه الروح ، وايقاظ القلب والضمير . وقد سبق له أن عبر عن مثل هذا المعنى في حديثه عن الخزن . ( انظر المثنوى ، ج 1 ، الأبيات 817 - 822 وشرحها ) .
 
( 2270 - 2271 ) “ لو أن المستشار كان امرأة أو طفلا ( وكلاهما مجرد من الحكمة ) ، فان مشاورتهما تجوز ، شريطة أن يعمل المرء بخلاف ما أشارا به “ . وفي هذا البيت تعبير عن معنى الحديث الذي يروى عن الرسول قوله : “ شاوروهن وخالفوهن “ .
 
( 2278 ) “ النفس قادرة على الخداع ، تقدم الوعود البراقة ، وتخلفها ، ومع لا تفقد مقدرتها على الخداع “ .
 
( 2281 ) يذكر هذا البيت خرافة عن أثر السحر على رجولة الرجال ، وهي من الخرافات التي لا تزال شائعة بين السذج والجلاء . وقد اتخذ الشاعر من حالة العجز - التي يقال إنها تصيب الرجل من جراء “ الربط “ - رمزا إلى حالة العجز الروحي الذي يقعد الرجل عن التحرر من سلطان المادة . والنفس هي مسببة هذا العجز الروحي ، بما تزينه للمرء من لذات الحس وشهواته .
 
( 2282 ) حسام الدين مثال للعارف الكامل . ولا سبيل إلى خلاص أسارى الحس من غفلتهم الا بمعونة العارفين أصحاب الكمال .
 
( 2283 ) لقد ألقى الله حجابا على قلوب الخلق من جراء ما ارتكبوه من مظالم . وهذا القضاء ينزل بالناس لو توجه بالضراعة إلى الله قلب جريح .
 
( 2285 ) النفس الحسية تكون في بداية أمرها صغيرة كالدودة ثم تكبر فتصبح كالثعبان ، ثم يتعاظم أمرها فتصبح تنينا .
 
( 2286 - 2287 ) هذه النفس الثائرة العصية تغدو طيعة بفضل
 
“ 532 “
 
تعليم العارف وارشاده ، وقوته الروحية ، فكأنما هي الحية ، وقد أصبحت عصا طيعة في كف موسى . قال تعالى : “ فألقاها فإذا هي حية تسعى ، قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى “ . ( 20 : 20 - 21 ) .
 
( 2288 ) لا يزال الشاعر يشبه حسام الدين بموسى . ويشير إلى معجزة أخرى من معجزات موسى ، ذكرت في قوله تعالى : “ واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى “ . فهو يطلب من حسام الدين ( مثال الرجل الكامل ) يدا بيضاء ( أي مكرمة جديدة ) ، وهي أن يكشف بعرفانه دياجير الظلمة التي غمرت الناس .
 
( 2290 ) للنفس مكر يخدع الناس ، فهي تظهر لهم في صورة تبديها أهون من حقيقتها ، فيستهينون بأمرها ، على حين أنها تقودهم إلى الهلاك وهم لا يشعرون .
 
( 2291 ) ظهور النفس قليلة الخطر أمام العارف ، لا يخدعه من حقيقتها ، كما هو الحال بالنسبة لعامة الناس ، بل يقويه ، ويزيد من قدرته على مقاومتها . وهذا شبيه بما حدث للرسول في وقعة بدر ، حينما ظهرت جيوش المشركين قليلة في عينيه ، فزاده ذلك استهانة بأمرها ، واقداما على القتال . ( انظر : سورة الأنفال ، 8 : 43 - 44 ) .
 
( 2292 - 2297 ) هذه الأبيات تتحدث عن غزوة بدر ، وما حققه الرسول من نصر فيها ، بعون الله وتأييده . وقد وصف القرآن الكريم هذه الغزوة في سورة الأنفال . وأبيات الشاعر هنا تعبر عن معنى الآيات الكريمة ، التي سبقت الإشارة إليها في التعليق على البيت 2291 .
 
( 2296 ) التأييد الإلهي للرسول أظهر الكفار قلة في عينيه ، فيسَّر له ذلك ما كان ميسورا ، وجعله يقبل على الأمر العسير ، بدون خشية ولا وجل . قال تعالى : “ إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر “ . الآية . ( 8 : 43 ) .

 
“ 533 “
 
 
( 2298 ) من لم يظفر بمثل هذا التأييد الإلهي الذي ظفر به الرسول ، يكون من خذلان الله له أن يظهر لعينيه الأمر العسير يسيرا ، فهذا المخذول شبيه بمن أبصر الأسد هرة ، أو رأى المائة مقاتل شخصا واحدا ، فدفعه الغرور وسوء التقدير إلى القتال .
 
( 2300 - 2301 ) من خذلان الكافرين أن سيف الرسول ظهر لهم وكأنه حربة واهية ، وأن هذا الرسول القوى المؤيد بالله بدا لهم ضعيفا ، فتجاسروا على قتاله ، فحاقت بهم الهزيمة .
 
( 2302 ) ظهور الرسول ضعيفا للكفار كان استدراجا إليها ، أدى إلى هزيمتهم ، وقادهم إلى جزائهم في النار .
 
( 2303 - 2304 ) النبي يظهر لخصومه ضعيفا ، فهو في بداية أمره يكون قليل الأنصار ، فيظنون أنهم قادرون على القضاء عليه بأقل جهد .
وهم لا يدركون أن وراء هذا المظهر قوة لا قبل لهم بها ، هي قوة الله .
فظاهر النبي أنه - بالقياس إلى خصومه - ضعيف كالقشة ، وحقيقته أنه أكثر ثباتا من الجبال ، يزول معاندوه ، ويحيق بهم قهر الله ، وتبقى دعوة النبي بين الناس ، ضاحكة من خصومها .
 
( 2305 ) عوج بن عنق : من الشخصيات الأسطورية التي عرفها المسلمون عن أساطير بني إسرائيل شخصية عوج بن عنق . وعنق اسم أمه التي قيل إنها احدى بنات آدم من صلبه . وقد جاء وصف عوج بن عنق في قصص الأنبياء على الوجه التالي :
“ قال ابن عمر : كان طول عوج ثلاثة وعشرين ألف ذراع وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين ذراعا بالذراع الأول . وكان عوج يحتجز السحاب ويشرب منه الماء ، ويتناول الحوت من قرار البحر فيشويه بعين الشمس ، يرفعه إليها ، ويأكله .
ويروى أنه أنى نوحا أيام الطوفان فقال له : احملنى معك في سفينتك ، فقال له : اذهب يا عدو الله ، فانى لم أومر بك . فطبق الماء



“ 534 “
 
الأرض من سهل ومن جبل ، وما جاوز ركبتيه . وعاش ثلاثة آلاف سنة حتى أهلكه الله على يد موسى . وكان لموسى عسكر فرسخ في فرسخ ، فجاء عوج ونظر إليهم ثم جاء إلى الجبل وقدّ منه صخرة على قدر العسكر ، ثم حملها ليطبقها عليهم ، فبعث الله عليه الهدهد ومعه الطيور ، فجعلت تنقر بمناقيرها حتى قورت الصخرة ، وانثقبت فوقعت في عنق عوج بن عنق ، فطوقته وصرعته ، فأقبل موسى وطوله عشرة أذرع ، وطول عصاه عشرة أذرع وققز إلى فوق عشرة أذرع فما أصاب منه الا كعبه وهو مصروع في الأرض ، فقتله . قالوا فأقبل جماعة كثيرة ومعهم الخناجر فجهدوا حتى حزوا رأسه ، فلما قتل ، وقع على نيل مصر ، فحسره سنة “ . ( الثعلبي : قصص الأنبياء ، ص 265 ) .
وقد استخدم الشاعر شخصية عوج في تصوير استدراج الله للكفار ، إذ يظهر لهم الماء ضحلا لا يتجاوز عمقه كعب الرجل ، في حين أن الماء يكون عميقا بحيث يغرق مائة من أمثال عوج بن عنق . وفي البيت إشارة إلى أن قوة الحس ، مهما عظمت ، فهي ضعيفة أمام قوة الروح .
 
( 2307 - 2308 ) في البيتين إشارة إلى قصة هلاك فرعون . ( انظر :
سورة البقرة ، 2 : 50 ) .
 
( 2318 ) الدهري هو المادي الذي يؤمن بقدم العالم وأزليته .
وكان في بلاد العرب قبل الاسلام جماعة آمنوا بذلك . وقد أشار إليهم القرآن الكريم بقوله تعالى : “ وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر “ . ( 45 : 24 ) .
 
( 2319 ) “ لولا الأنبياء ما استطاع الناس ادراك أسرار الفلك وأنه مثلهم مخلوق محدث “ .
 
( 2320 ) “ النبي المطلع على أسرار خلق السماوات والأرض هو الذي يخبر عن حدوث الأفلاك . ولا سبيل للانسان إلى ادراك ذلك بتجربته الذاتية ، لقصر عمره . فالانسان بالقياس إلى الأفلاك ،
 
“ 535 “
 
كالعنكبوت بالقياس إلى الدار . فبينما صاحب الدار يدرك سر بنائها ، فان العنكبوت ينسج خيوطه في جوانبها ، من غير أن يدرك من سرها شيئا .
 
( 2321 - 2322 ) في البيتين صورتان بيانيتان ، تعبران عن المعنى الذي ورد في البيت السابق ، وهو أن الكائنات الحسية لا تستطيع أن تتجاوز الحس ، إلى مدركات سبقت وجودها الحسى . وحياة الحس أيضا قصيرة المدى ، وهذا مما يزيدها عجزا فوق عجزها . فالبعوضة لا تستطيع أن تعرف أصل البستان . ودودة الخشب لا علم لها بأصل الخشب .
 
( 2323 - 2325 ) الادراك الحق يكون للعقل وحده . وليس المقصود بالعقل هنا ذلك العقل الجزئي الذي يعتد بقدرته الانسان .
فهذا - في نظر جلال الدين وغيره من الصوفية - محدود المعرفة .
فالعقل المقصود هنا هو العقل الكلى الذي يظهر ذاته في كثير من الصور ، فكأنما هو جنى يتجلى في مختلف الصور ، بل اين منه الجنى ، وهو أسمى من الملك . ولولا عجز المستمع عن ادراك عيمق المعاني ، لما جاز تشبيه العقل الكلى بالجن في قدرته على الظهور بمختلف الصور .
 
( 2328 ) “ الجنون “ هنا معناه الخروج على ما تعارفت عليه عقول أهل التقليد . فالعقل المقلد والعلم التقليدى يتنافيان مع العرفان الصوفي .
 
( 2333 - 2337 ) في هذه الأبيات حكاية قصيرة ساقها الشاعر لا يضاح معنى البيت 2332 ، وفيه يسخر الشاعر من العقل ( المقلِّد ) ، ويفضل عليه عرفان الروح ( وهو ما قد يصفه بعض المقلدين بأنه جنون ) . فهذه الحكاية ترمز إلى أن عشقا روحيا ظاهره الجنون وباطنه العقل خير من عقل مقلد ، ظاهره العلم ، وهو في حقيقة أمره أسير الجهل .
 
( 2338 ) بدأ الشاعر هنا قصة رجل عاقل كان يتظاهر بالحمق ،

 
“ 536 “
 
فيركب قصبة كالأطفال ، ويمضى بها في الطريق . والظاهر أن هذه القصة - كما يقول نيكولسون - كانت شائعة قبل زمن الشاعر . وقد ذكر نيكولسون صورا متعددة لهذه القصة نقلها عن بستان العارفين ، لأبى اليث السمرقندي ، وكذلك عن جوامع الحكايات لمحمد عوفي .
( انظر تعليقات نيكولسون ) . كما أورد فروزانفر صورا أخرى لهذه القصة عن العقد الفريد لا بن عبد ربه ، وربيع الأبرار للزمخشري ، واسكندرنامه ( المنثور ) . ( مآخذ قصص ، 70 - 72 ) .


ويعزى تظاهر الرجل بالجنون في هذه القصص ، إلى أسباب مختلفة . فمنها ما ينسب اليه أنه أراد بذلك الفرار من منصب حكومي كان يراد اسناده اليه . ومنها ما ذكر أنه انما فعل ذلك ليستطيع الأمر بالمعروف والنهى على المنكر من غير أن يقع تحت طائلة العقاب . وقد وجدتُ في العقد الفريد صورة أخرى لهذه القصة ، مرويَّة عن العتبىّ ، وهي كما يلي :
“ سمعت أبا عبد الرحمن بشرا يقول : كان في زمن المهدىّ صوفي ، وكان عاقلا عالما ورعا ، فتحمق ليجد السبيل إلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وكان يركب قصبة في كل جمعة يومين : الاثنين والخميس ، فإذا ركب في هذين اليومين فليس لمعلم على صبيانه حكم ولا طاعة .
 فيخرج ، ويخرج معه الرجال والنساء والصبيان ، فيصعد تلا وينادى بأعلى صوته : ما فعل النبيون والمرسلون ؟ أليسوا في أعلى عليين ؟
فيقولون نعم : فيقول : هاتوا أبا بكر الصديق . فأخذ غلام فأجلس بين يديه ، فيقول : جزاك الله خيرا أبا بكر عن الرعية . فقد عدلت ، وقمت بالقسط ، وخلقت محمدا عليه الصلاة والسلام فأحسنت الخلافة . . . “ .
وهكذا يذكر الخلفاء الواحد بعد الآخر ويبين ما لهم وما عليهم ، حتى بلغ دولة بنى العباس ، فسكت . فقيل له : “ هذا أبو العباس أمير المؤمنين . قال : بلغ أمرنا إلى بني هاشم . ارفعوا حساب

“ 537 “
 
هؤلاء جملة واقذفوا بهم في النار جميعا “ . ( العقد الفريد ، 6 ، 152 - 154 ) .
 
( 2343 ) السامرىّ . ( انظر : المثنوى ، 1 ، البيت 2258 وشرحه ) .
والشاعر هنا يحذر من اعتبار الجنون علامة من علامات الولاية . وهذه الخرافة كانت منتشرة بين السذج حتى وقت قريب ، فكثيرا ما ظنوا البله أولياء .
 
( 2347 ) “ لو أبصرت بعين اليقين لرأيت تحت كل مظهر متواضع جنديا من جنود الله ، كما قد يجد المرء كنزا كان مختفيا تحت قطعة من الحجر .
 
( 2348 ) العين القادرة على ابصار اليقين لا يحجبها عن ادراك جوهر العارف بساطة مظهره . انها ترى - في رادء كل صوفي - رجلا يناجى ربه ويسمع منه ، شبيها بموسى الكليم .
 
( 2351 - 2353 ) “ العَمى “ في هذه الأبيات مستخدم بطريقة رمزية . وهو يعنى هنا العجز عن معرفة الأولياء والمرشدين . فمن سلبت المادية والحسية بصيرته ، وصرفته عن جوهر الروح ، لا يستطيع أن يكتشف هذه العلة في نفسه ، لأنه ذو بصيرة مظلمة ، فهو كالأعمى الذي لا يعرف سارقه ، حتى ولو الصطدم به ذلك السارق ، على الطريق .
 
( 2354 ) يبدأ الشاعر هنا حكاية تمثيلية صغيرة عن الأعمى الحكيم ، والكلب العقور . وقد استخدم “ العمَى “ هنا في معناه الحسى . فالعمى الحسىّ لا يقف حائلا دون الحكمة ، ولا يعوق صاحبه عن تحصيل العرفان . وليس افتقاد البصر مؤديا - بالضرورة - إلى الجهل ، لأن بصيرة الروح أقوى وأعمق من ابصار العينين . والكلب العقورفي هذه الحكاية رمز للطاغية الظالم الذي يؤذى الدراويش الصالحين . “ والعمى الحسىّ “ هنا يشير إلى انصراف العارفين عما حولهم من المظاهر التي تأسر الحس ، من غير أن يكون لذلك أثر على حكمتهم وعرفانهم ، بدليل


“ 538 “
 
أن الدرويش الأعمى ، قد استطاع أن يخلص نفسه من الكلب الضاري .
 
( 2362 - 2363 ) “ الكلب العالم “ رمز للمتعلق بالحس الذي حصَّل شيئا من العلم . فمثل هذا يميز بين الكسب الحلال ، والكسب الحرام .
 
( 2364 ) قول الشاعر : “ والكلب حين صار عالما أصبح سريع الوثبات “ ، يعنى أن المتعلق بالحس ، حينما حصَّل العلم ، تحقق له بعض التحرر من سلطان الحس . وهو حين صار عارفا غدا من أصحاب الكهف . والإشارة هنا إلى كلب أصحاب الكهف الذي يشار اليه كثيرا على أنه قد تحققت له مرتبة البشرية المكرمة ، وذلك بملازمة لأصحاب الكهف . قال سعدى :
“ ان ابن نوح عاشر الأشرار ، فضاع بذلك بيت نبوته . وكلب أصحاب الكهف اقتفى أثر الصالحين بضعة أيام ، فصار كالبشر “ .
( الكلستان ، الحكاية الرابعة ) .
وانظر أيضا : المثنوى ، 1 ، 1022 وشرحه .
 
( 2365 ) “ لقد غدا كلب ( أصحاب الكهف ) عارفا بخالقه ، فيا الهى ، ما أعجب نور العرفان ، وما أقواه على كشف الحقائق ! “ ( 2366 ) بيِّن الشاعر هنا أن افتقاد بصر العينين لا يعنى فقدان البصيرة .
 
( 2368 ) قارون : ( انظر : المثنوى ، 1 ، 864 وشرحه ) .
 
( 2369 ) قول الشاعر : “ ولقد رجفت لاهلاك كل دعىّ “ يشير إلى قوله تعالى في قصة صالح : “ فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين “ . ( 7 : 78 ) . انظر : المثنوى ، 1 : 2509 - 2569 ، وشرح هذه الأبيات .
أما قول الشاعر : “ وفهمت من الحق قوله : يا أرض ابلعي ماءك “ ، فيشير إلى قصة نوح والطوفان ، وكيف أطاعت الأرض أمر

“ 539 “
 
ربها بعد الطوفان حين أمرها أن تبلع ماءها .
 
( 2370 - 2371 ) قد يعرف بعض الجماد عن الله أكثر مما يعرف بعض عقلاء البشر . يستشهد الشاعر على ذلك بطاعة السماوات والأرض لأمر الله . ( انظر أيضا : المثنوى ، 1 ، 512 - 513 ) .
 
( 2372 ) هذا البيت يشير إلى قوله تعالى : “ انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلموما جهولا “ . ( 33 : 72 ) . انظر : المثنوى ، 1 ، 1958 وشرحه .
 
( 2373 ) يفسر الشاعر اعراض السماوات والأرض والجبال عن حمل الأمانة بأنه نفور من تلك الحياة التي يصبح فيها المخلوق شديد السعي إلى الخلق والبعد عن الحق .
 
( 2374 ) ان الانقطاع عن الخلق يجعل المرء يتيما منفردا . لكن مجرد الانقطاع عن الخلق لا يعنى الأنس بالله ، بل لا بد لذلك من قلب سليم . والقلب السليم قد ذكر في القرآن الكريم مرتبطا بإبراهيم الخليل . انظر الآيات : ( 26 : 89 ) ، ( 37 : 84 ) .
 
( 2375 - 2378 ) “ اللص “ هنا رمز للشيطان ، أو للنفس الحسية وشهواتها . والأعمى هو الانسان الذي لم يرزق الكشف الروحي .
ومعنى “ الامساك باللص “ مراقبة الشيطان ، أو النفس ، حتى يستطيع المرء أن يتخلص من سلطان الشر .
 
( 2379 ) “ الجهاد الأكبر “ هو جهاد النفس الأمارة بالسوء . فعلى المرء أن يقوى في مراقبتها ومحاسبتها حتى يتخلص من آثارها السيئة .
 
( 2380 ) النفس الحسية تغشى بصيرة الروح . وأولى مراحل الابصار الروحي تكون بعد اخضاع تلك النفس .


( 2381 ) “ أصحاب القلوب “ هم المرشدون العارفون .
 
( 2383 ) “ الجهاد “ هنا رمز لمن تجرد من الحياة الروحية . وهو
 
“ 540 “
 
المقابل المضاد لأصحاب القلوب .
 
( 2384 ) عاد الشاعر هنا إلى قصة “ الحكيم الذي كان يتظاهر بالحق “ . وهي التي بدأها بالبيت 2338 .
( 2385 ) قوله : “ تخل عن حلقة الباب “ يعنى لا تطرق الباب .
وهذا القول - على لسان الحكيم - يعنى أنه ليس على استعداد للتباحث مع المستفسر ، فالباب لن يفتح ، لأن ذلك اليوم لم يكن يوم الأسرار . وهذا المعنى يتضح في البيت التالي . فالعارف لا يقبل على التعليم من أجل الكسب والزهو ، كما يفعل العلماء المقلِّدون ، فقد يمر بحالات تجعله راغبا في العزلة والتأمل .
 
( 2386 ) “ لو كانت من علماء الحس المقلدين ، لكان سبيلي أن أجلس فوق دكان وأمارس التلعيم “ .
 
( 2387 ) “ المحتسب “ هو الموظف الادارى الذي كان يناط به الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، ومراقبة الأسواق والآداب العامة .
وقد خصص فصل لبيان واجبات المحتسب في كتاب الأحكام السلطانية ، للماوردي ، وكذلك وصلت الينا بعض كتب الحسبة ، ومن أهم مؤلفيها الشيزرى صاحب “ نهاية الرتبة في طلب الحسبة “ ، ومحمد القرشي صاحب “ معالم القربة في أحكام الحسبة “ . وتضم الموسوعات العربية القديمة فصولا عن الحسبة ، ومن أهمها ما ورد في “ نهاية الأرب “ للنويرى .
 
( 2392 ) طلب المحتسبُ إلى السكران أن يقول ( آه ) ، حتى يشم أنفاسه ، لكن السكران لم يستجب له ، وأخذ يهتف “ هو ، هو “ ، وهو هتاف الصوفية عندما تنتابهم سكرة الوجد .
 
[ شرح من بيت 2400 إلى بيت 2550 ]
 
( 2400 ) عاد الشاعر إلى قصة الحكيم الذي كان يتلكف الحمق .
 
( 2412 ) جاء في نص عربى لهذه القصة رواه صاحب العقد الفريد : “ البكر لك ، والثيِّب عليك ، وذات الولد لا تقربها “ .



“ 541 “
 
( 2425 ) يقول الحكيم ان هذا الجنون الذي تظاهر به ، برغم اكتمال عقله ، يشبه أرضا خرابا تخفى في باطنها كنزا . فظاهرها يدعو إلى الزهد فيها ، لكن باطنها عامر بالكنز النفيس .
 
( 2426 ) “ العسس “ رمز للحكام الدنيويين الظالمين ، الذين يهرب منهم الصوفية ، ذلك لأن الصوفية لا يقبلون التورط فيما يرتكبه مثل هؤلاء الحكام من المظالم .
 
( 2427 ) يقول هذا الحكيم انه لا يبيع علمه من أجل أغراض دينوية عارضة ، فعلمه جوهر خالد ، وليس عرضا فانيا .
 
( 2428 ) يعبر الحكيم في هذا البيت عن تساميه على الأغراض المادية . فقلبه الصافي يتلقى العرفان من الخالق ، وهو سعيد بهذا العرفان الذي يتكشف له .
 
( 2436 ) “ علم الكلام يتوقف ازدهاره على مقدار ما يلاقيه من اقبال المستمعين . فهو علم يستمد وجوده من غرور أصحابه ، وحبهم للظهور ، : وليست له حياة ذاتية “ .
 
( 2439 ) انظر : المثنوى ، 1 ، 1750 وشرحه .
 
( 2440 ) أي عطاء يقدر عليه أهل الدنيا ؟ وماذا يكون عطاؤهم إذا قيس بعطاء الخالق الوهاب ؟
 
( 2441 ) “ أكل الطين “ رمز للاسراف في التعلق بالمادية . ومن أصيب بمثل هذا الاسراف اعتل كيانه .
 
( 2442 ) “ غذاء الروح “ هو الذي يجعل الانسان دائم الشباب .
والروح ذاتها لا تشيخ ، أما الجسد فيشيخ ويفنى . وقول الشاعر :
“ اغتذ بقلبك “ يعنى : اجعل غذاء الروح قوام وجودك .
( 2448 ) في البيت إشارة إلى قوله تعالى : “ ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب اليه من حبل الوريد “ .
( 50 : 16 ) .

 
“ 542 “
 
( 2449 ) الدعاء والصلوات - التي يرفعها البشر إلى خالقهم - مستمدة من الخالق‌ذاته ، فهو الذي علمهم إياها ، فتساموا بها ، والا فان الوجود الانساني الذي غلب عليه الحس لا تنبثق منه هذه الصلوات . ان هذه الأفعال الروحية الصادرة عن البشر ، شبيهة بورود نبتت في رماد الموقد .
 
( 2450 ) كرم الله أيضا هو الذي بث الفهم والادارك في اللحم والدم ، وجعل المعاني الفكرية المجردة متعلقة بكيان حسىّ .
 
( 2451 ) الابصار - كما يقول الشاعر - نور يفيض من العينين فتلاطم أمواجه السماء . وفي هذا تعبير عن اتساع البصر لكل هذه المشاهد المتجلية في السماوات والأرض .
 
( 2455 ) جنة الروح هي أصل السعادة ونبعها ومجلاها .
 
( 2456 ) يعود الشاعر هنا إلى قصة الرسول والصحابي المريض ، وهي القصة التي بدأت في البيت 2141 .
 
( 2457 - 2458 ) انظر شرح البيت 2141 .
ويشير هذان البيتان إلى نوع من صحابة الرسول تلقوا تعاليمه بتزمت . وهؤلاء هم الأصل في ظهور فرقة الخوارج التي بنيت تعاليمها على هذا التزمت في التفسير .
وقد أشار الشاعر إلى هؤلاء من قبل . ( انظر : المثنوى ، 1 ، 366 - 370 ) .
 
( 2468 - 2470 ) انظر قصة هاروت وماروت . ( المثنوى ، 1 ، شرح الأبيات 3321 - 3354 ) .
وفي هذه الأبيات تفسير جديد للقصة ، هو أن هاروت وماروت آثرا أن يلقيا - في الدنيا - نصيبهما من العذاب ، لقاء ما اقترفا من الاثم والخطيئة ، بدلا من معاناة ذلك في الآخرة .
 
( 2471 ) “ ألم الدخان “ رمز لعذاب الدنيا ، فهو بالقياس إلى
 
“ 543 “
 
عذاب الآخرة شبيه بالدخان ، إذا قيس بالنار .
( 2481 ) انظر حديث الرسول في شرح البيت 2141 .
 
( 2484 ) كان موسى يريد أن يسير ببنى إسرائيل إلى الأرض المقدسة ، بعد أن خرجوا من مصر ولكنهم خافوا دخولها على من كان بها من الحكام والأقوام ، وجبنوا عن القتال . قال تعالى : “ قالوا يا موسى انا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون “ ( 5 : 24 ) . فحزن موسى لذلك وشكاهم إلى الله ، فكان عقابهم أن الله أوقعهم في التيه ، وحرم علهيم دخول الأرض المقدسة أربعين سنة .
قال تعالى : “ قال رب انى لا أملك الا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين . قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين “ . ( 5 : 25 - 26 ) .


يقول الزمخشري عن التيه : “ التيه المفازة التي يتاه فيها . روى أنهم لبثوا أربعين سنة في ستة فراسخ ، يسيرون كل يوم جادين ، حتى إذا سئموا وأمسوا إذا هم بحيث ارتحلوا عنه . . . . . . فان قلت : هل كان معهم في التيه موسى وهارون عليهما السلام ؟ قلت : اختلف في ذلك ، فقيل لم يكونا معهم ، لأن كان عقابا . وقد طلب موسى إلى ربه أن يفرق بينهما وبينهم . وقيل : كانا معهم الا أنه كان ذلك روحا لهما وسلامة ، لا عقوبة ، كالنار لإبراهيم “ . ( تفسير الكشاف ، 1 ، 622 - 623 ) .


ويمكن أن يفسر البيت تفسيرا رمزيا على أساس أن التيه رمز للعالم المادي الذي تاهت الأرواح فيه عن أصلها . وأن الرسول يرشد الأرواح في هذا التيه . وأن الاثم ( وهو التعلق بلذات الدنيا ومتاعها ) هو الذي يبقى الأرواح في التيه رهن البلاء .
 
( 2485 ) مضمون هذا البيت شبيه بما أصاب قوم موسى حين

“ 544 “
 
وقعوا في التيه ، فقد لبثوا أربعين سنة في ستة فراسخ ( انظر شرح البيت السابق ) .
 
( 2486 ) استخدم موسى في هذا البيت رمزا لمحمد صلى الله عليه وسلم . وفي البيتين 2493 - 2494 تعليل لهذا الرمز .


( 2487 ) “ الموائد “ التي كانت تنزل على بنى اسرئيل هي المن والسلوى . قال تعالى : “ وظلمنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى “. ( 2 : 57 ).
 
( 2488 ) في البيت إشارة إلى معجزة لموسى ذكرت في القرآن الكريم . قال تعالى : “ وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا “ . ( 2 : 60 ) .
( 2489 ) إذا غضب الرسول على قومه أصابهم العذاب . ولا يقتصر هذا على ما يصيبهم في الآخرة ، بل إن بعضه قد يصيبهم في الدنيا .
 
( 2490 ) “ القلبان “ هما الرضى والسخط . والرسول يرضى عن قومه إذا أحسنوا ، ويغضب عليهم ان أساؤوا . وكل انسان عرضة لحالى الرضى والسخط ، على مقتضى أفعاله .
 
( 2493 - 2494 ) في هذين البيتين يعتذر الصحابي عن اتخاذ موسى رمزا للرسول في أعماله - وهو خاتم النبيين وسيد المرسلين - فيقول انه فعل ذلك لأن مدح الحاضر مدعاة للحرج . فهذا الصحابي كان يدلى بهذه الأقوال في حضرة الرسول ، فلجأ إلى الرمز ، والا فان موسى ذاته ما كان ليجيز أن يُذكر اسمه على أنه مثال للتعبير عن كمال محمد .
 
( 2496 ) انتهى الكلام الموجهُ إلى الرسول في هذا البيت .
 
( 2497 ) بدأ الشاعر هنا مجموعة من الأبيات ، في مناجاة الله .
فالصفات التي تضمنتها هذه الأبيات لا تصدق الا على الخالق . وليس من المستطاع أن نعرف ما إذا كان الشاعر يتحدث بهذه المناجاة حديثا



“ 545 “
 
مباشرا ، أم أنه يجريها على لسان الصحابي الذي كان يكلم الرسول .
وهذا الأمر - على أية حال - لا يخلق صعوبة في فهم الأبيات .
( 2507 ) إشارة إلى قوله تعالى : “ فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم “ . ( 2 : 37 ) .
 
( 2508 ) يصور جلال الدين الشيطان ملاعبا لآدم على رقعة الشطرنج . وقد سبق له التعبير عن هذا المعنى بصورة لطيفة . ( انظر الأبيات 129 - 131 ) .
 
( 2514 ) انظر الآيات الكريمة : ( 35 : 43 ) ، ( 4 : 79 ) ، ( 41 : 46 ) .
 
( 2516 - 2517 ) أول العلاج معرفة الداء . والشيطان وأمثاله قد أعماهم الغرور ، فأصبحوا غافلين عن حقيقة أنفسهم . ولو أنهم فطنوا لقبحها ، لكان ذلك بداية لسعيهم إلى الصلاحها .
 
( 2518 - 2520 ) حين يتألم المرء لسوء حاله يكون ذلك بشيرا بمولد روحي جديد . فالأم تشعر بالألم قبل ولادة طفلها . والمريد يشعر بالألم لما فرط منه قبل انبثاق وعيه الروحي . لكنه بحاجة إلى المرشد ، ليعاونه على استنباط ذلك الوعي الروحي ، كما تحتاج الأم إلى القابلة في ولادة طفلها . وكل انسان قد انطوى قلبه على “ الأمانة “ ، وهي القدرة على الايمان والعلم والمحبة . لكن النفس الحسية - بامعانها في الشهوات واللذات - تحجب عن الانسان الوعي بهذه الأمانة . فالألم من سوء حال النفس هو البداية لذلك الوعي . ونصائح المرشد ضرورية لمعاونة المريد .
 
( 2521 ) من لم يحس بالألم كان طاغيا وتأله ، كما فعل فرعون وأمثاله من الطغاة . وهو أيضا قاطع طريق لأنه يؤذى الأنبياء ، ويقطع على الناس سبيل الاهتداء بهديهم .
 
( 2524 ) إذا كان الاعتماد في معرفة المواقيت على أصوات الطير ،
 
“ 546 “
 
فوجب قطع رأس الطائر الذي يصيح قبل وقته ، حتى يكون هناك تحقق من صدق الاعلام . والطائر الذي يصيح قبل وقته رمز للنفس الحسية التي تدفع صاحبها إلى الغرور والاعتداد بذاته ، فيؤكد لها وجودا منفصلا عن خالقه .
 
( 2526 - 2527 ) قتل النفس الحسية في الانسان شبيه باقتلاع الإبرة من العقرب ، أو الأنياب من الحية . فقتل النفس الأمارة بالسوء يهيىء للمرء النجاة بروحه . واقتلاع الإبرة أو الأنياب يبعد خطر الموت عن العقرب والحية ، وبذلك تتحقق لهما النجاة من القتل .
 
( 2530 ) كل ما يتجلى في الروح فهو من الهام الخالق .
 
( 2534 ) سبق للشاعر أن قدم تأويلا صوفيا لبعض آيات هذه السورة ( انظر الأبيات 295 - 301 ) .
ويفهم من هذا البيت - على ضوء الأبيات السابقة عليه - أن الله لا يتخلى عن عبده المؤمن النقى القلب ، مهما طال بالعبد انتظارُ الهام الخالق .
 
( 2535 - 2543 ) يقدم الشاعر تفسيرا لخلق الشر في هذه الأبيات فهو يقول إن خلق الله للشر دليل على كمال قدرته . فكأنه بذلك يقول إن الله هو الفنان الأعظم ، الذي يخلق الجميل ، ولا يعجز عن خلق القبيح .
 
( 2537 - 2541 ) أراد جلال الدين أن يقرب إلى الأذهان معنى تجلى القدرة الكاملة في خلق الخير والشر ، فمثل لذلك بالفنان الذي يصور الجمال والقبح على السواء . ويكون تصويره لهذا وذاك دليلا على كمال فنه . فكأن جلال الدين بذلك قد ذهب إلى أن الفن ليس مقصورا على صنع الجمال ، بل هو أيضا في القدرة على تصوير القبح .
فالفن اذن هو الخلق ، وليس مقصورا على صنع الجمال . وشاعرنا - بهذا الرأي - قد سبق شاعر الألمان جوته بمئات السنين . . فهذا
 
“ 547 “
 
الأخير قد قال : الفن قوة مشكلِّة قبل أن يكون جميلا . . . وحين يكون كذلك ، يكون فنا صحيحا عظيما ، أصح وأعظم من الفن الجميل .
نفسه “ . ( انظر : كاسيرر : مدخل إلى فلسفه الحضارة الانسانية .
الترجمة العربية لاحسان عباس ، ومحمد يوسف نجم ، ص 246 ) .
 
( 2543 ) انظر : المثنوى ، 1 ، 2446 ) .
 
( 2544 - 2545 ) كل من المؤمن والكافر يكون خاضعا لله ، لكن المؤمن يخضع عن طواعية ورضى ، وأما الكافر فيخضع مكرها . قال تعالى : “ ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها “ .
( 13 : 15 ) .
 
( 2546 ) الكافر قد يعمر الأرض ، ويبذل في ذلك جهده ، ولكن عمله هذا لا يكون في سبيل الله ، بل من أجل نفسه ، وغروره الذاتي .
فهو يدعى الامارة على ما هو ملك الخالق .
( 2547 ) يظن الكافر الباغي أنه قد تملك الأرض بطغيانه . ولكن كل شئ يؤول إلى الخالق ، في نهاية الأمر . قال تعالى : “ انا نحن نرث الأرض ومن عليها والينا يرجعون “ . ( 19 : 40 ) .
 
( 2549 ) الكافر القبيح الأفعال يتخذ من الجبر حجة يبرر بها سوء عمله . فهو يعزو ذلك إلى إرادة الله ، الذي لو شاء لخلقه من الأخيار الصالحين .
 
[ شرح من بيت 2550 إلى بيت 2700 ]
( 2550 ) الصالح الخير ينسب حسن فعله إلى الله ، ويشكره على ما وهبه من هداية لتجنب الأخطاء .
 
( 2551 ) استأنف الشاعر من جديد قصة الرسول والصحابي المريض .
 
( 2552 ) يتضمن هذا البيت نظما لآية كريمة . كان الرسول قد علم صاحبه المريض أن يدعو بها ربه ، هي قوله تعالى : “ ربنا آتنا في الدنيا

 
“ 548 “
 
حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار “ . ( 2 : 201 ) .
انظر نص الحديث في شرحنا للبيت 2141 .
 
( 2553 ) “ ما دمت أنت مقصدنا - أيها الخالق الكريم - فهون علينا أهوال الطريق ، واجعل طريقنا إليك لطيفا كالبستان “ .
 
( 2554 - 2555 ) قول الشاعر : “ ألم تكن النار طريقا مشتركا “ .
يشير إلى قوله تعالى : “ وان منكم الا واردها كان على ربك حتما مقضيا “ . ( 19 : 71 ) .
 
( 2569 ) في البيت اقتباس من قوله تعالى : “ هل جزاء الاحسان الا الاحسان “ . ( 55 : 60 ) .
 
( 2574 - 2575 ) ان المحبين يحترقون بنار المحبة ، يجذبهم إليها نور وجه الحبيب ، فيندفعون نحوها كما يندفع الفراش نحو الشموع .


( 2576 ) بدأ الشاعر هنا يوجه الخطاب إلى المريد ، ويبين فضل المرشد على المريد . فالمرشد نور يغمر المريد ، وهو مجن يقيه محنة العالم الحسى وبلاءه .
 
( 2578 ) شبِّه الشاعرُ المرشد بالأفق السماوي ، والمريد بالكوكب الذي يتعلق بهذا الأفق .


( 2579 ) عطارد كاتب الفلك ، فهو الذي يفتح دفتر الفلك ويسجل به الأحداث ، والمرشدون يفتحون لك دفتر القلب ليكشفوا لك خفى الأسرار .
 
( 2580 ) دعك من الحيرة ، والتحق بذوي قرباك من أهل القلوب .وان كنت قطعة من النور ، فالتحق بالكل الذي أنت منه .
 
( 2581 ) “ لماذا يكون اجتنابك للمرشدين العارفين ؟ وما هذا التخلي عنهم والا متزاج بالمخالفين ؟ “


( 2582 ) يعبر هذا البيت عن نظرية الفيض المستمدة من الأ فلا طونية المحدثة . يقول اخوان الصفاء : “ ان الأشياء كلها بأجمعها صور وأعيان


 
“ 549 “
 
غيريات أفاضها الباري تعالى على العقل الفعال . . . ومن العقل على النفس الكلية الفلكية التي هي نفس العالم بأسره . . . . ومن النفس الكلية .
فاضت على الهيولى الأولى . . . . ومن الهيولى على النفس الجزئية .
البشرية . . . . فمن أراد أن يعرف صور الأشياء في النفس الكلية قبل فيضها على الهيولى ، فليعتبر صور مصنوعات البشر ، كيف تكونها في نفوسهم قبل اظهارهم لها في الهيولات الموضوعة لهم في صناعتهم . . . .


ومن أراد أيضا أن يعرف كيف كانت صور الأشياء في العقل الفعال قبل فيضه على النفس الكلية ، وكيف كان قبولها تلك الرسوم والصور ، فليعتبر حال رسوم المعلومات التي في أنفس العلماء . . . . ومن أراد أيضا أن يعرف حال المعلومات في علم الباري عز وجل ، قبل فيضه على العقل ، فليعتبر حال العدد كيف كان في الواحد الذي قبل الاثنين “ . ( رسائل اخوان الصفاء ، 1 ، 398 - 399 ) .


لقد انتقد الشاعر - في البيت السابق - اجتناب الجزء لكله ، واندفاعه إلى ما يصرفه عن هذا الكل . ثم بين في هذا البيت الصلة بين الواحد وبين الكثرة ، وكيف يتوالى الفيض حتى تتحول الأجناس إلى أنواع ، وتصير المغيبات الروحية أعيانا حسية ملموسة .
( 2583 ) من خدعه ظاهر الحس ومغرياته عن حقيقة جوهره ، كان كالنساء يخدعهن معسول القول ، وكاذب الثناء .
 
( 2584 ) هذا المغتر بالكذب والخداع ، يحرص عليهما حرصه على الذهب .
 
( 2585 ) ان ما قد يلقاه المريد من تعنيف المرشد وقسوته خير له من كذب المدح وزائف الثناء .
 
( 2596 ) في البيت إشارة إلى قوله تعالى : “ وما هذه الحياة الدنيا الا لهو ولعب وان الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون “ .
( 29 : 64 ) .
.
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: