الأربعاء، 5 أغسطس 2020

19 - شُروح وَدرَاسَات الأبيات من 1719 - 2140 .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. محمد الكفافي

19 - شُروح وَدرَاسَات الأبيات من 1719 - 2140 .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. محمد الكفافي

19 - شُروح وَدرَاسَات الأبيات من 1719 - 2140 .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. محمد الكفافي 

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي (604 - 672 هـ)

 شرح كيف أنكر موسى عليه السلام مناجاة الراعي

( 1719 ) لو كان تنزيه الخالق يستند إلى وصفه بأنه ليس بحائك أو ماشابه ذلك من الصفات الجسدية ، فليس هذا بتنزيه . ولا يصدر مثل هذا القول الا عن جاهل .
 
( 1720 - 1760 ) يروى الشاعر في هذه الأبيات قصة عن موسى - عليه السلام - وأحد الرعاة ، توضح التباين في تصور الله بين الراعي ، وبين ذلك النبي المرسل . ثم يتحدث الشاعر بعد ذلك عن مدى مسؤولية الجاهل عن هذا التصور الخاطىء .
وقد وردت في العقد الفريد صورة بسيطة لهذه القصة ، لم يذكر فيها موسى ، ولكن جوهرها مشابه لجوهر قصة موسى والراعي ، كما رواها الشاعر . وفيما يلي نص قصة العقد الفريد .
“ قال الأصمعي : كان الشعبي يحدث أنه كان في بني إسرائيل عابد جاهل قد ترهب في صومعته ، وله حمار يرعى حول الصومعة ، فاطلع عليه من الصومعة فرآه يرعى ، فرفع يديه إلى السماء ، فقال : لو كان لك حمار كنت أرعيه مع حماري ، وما كان يشق علىّ . فهم به نبىّ كان فيهم في ذلك الزمان ، فأوحى الله اليه . دعه ، فإنما أثيب كل انسان على
 
“ 509 “
 
قدر عقله “ . ( العقد الفريد ، 6 ، 164 ) .
وذكر فروزانفر صورا متعددة لهذه القصة من مصادر مختلفة .
( مآخذ قصص وتمثيلات ، 59 - 61 ) .
وقد تناول جلال الدين هذه القصة بأسلوبه الفنى ، فصاغ لها حوارا رائعا ، وأغناها بكثير من الصور .
 
( 1737 - 1739 ) يصف الشاعر في هذه الأبيات الانسان الكامل .
ويقول على لسان موسى : ان مثل هذه الأوصاف الجسدية التي تحدَّث بها الراعي عن الخالق لا تجوز في حق الانسان الكامل ، فهي - من باب أولى - غير جائزة في حق الله ، جل وعلا .
 
( 1737 ) “ العبد الذي قال عنه الحق : انه ذاتي وأنا ذاته “ هو العبد الذي أفنى ذاته في ذات الحق ، فصدق عليه قوله تعالى : “ وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى “ . ( 8 : 17 ) .
 
( 1738 ) يتضمن هذا البيت إشارة إلى حديث رواه أبو هريرة عن الرسول . 
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ ان الله عز وجل يقول يوم القيامة ، يا ابن آدم ، مرضت فلم تعدنى ! 
قال : يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ 
قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده . أما علمت أنك لو عدته لو جدتنى عنده ؟
 يا ابن آدم ، استطعمتك فلم تطعمنى ! قال : يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟
قال : أما علمت أنه استطمعك عبدي فلان فلم تطعمه ؟ أما علمت أنك لو أطعمته لو جدت ذلك عندي ؟ 
يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني ! قال :يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ 
قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه . أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي ؟ “ . رواه مسلم .
( النوري : رياض الصالحين ، 369 - 370 ) .
 
( 1739 ) “ بعد ان غدوت له سمعا وبصرا “ : هذه العبارة تتضمن إشارة إلى الحديث القدسي الذي رواه الرسول بقوله : “ يقول الله
 
“ 510 “
 
تعالى : ما زال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت عينه التي يبصر بها ، وسمعه الذي يسمع به ، ويده التي يبطش بها “ .
( السراج : اللمع ، 463 ) .
 
( 1746 ) “ هذا الجانب من النهر “ ، كناية عن عالم الدنيا .
 
( 1752 ) في البيت اقتباس من حديث يَروى عن الرسول قوله :
“ ما خلق الله مباحا أحب اليه من العتاق ، وما خلق الله مباحا أبغض اليه من الطلاق “ . ( المنهج القوى ، 2 : 396 ) .
 
( 1753 - 1754 ) كل مؤمن يعبد ربه ، ولكن درجة الادراك لمعنى العبادة ، وأسلوب التعبير عنها ، يختلف من شخص إلى آخر . فتعبد الرجل الساذج لا يمكن أن يكون شبيها بتعبد النبىّ أو العارف .
 
( 1755 - 1756 ) ذات الخالق منزهة عن كل طهر وتلوث ، فمقاييس الانسان في هذين الأمرين لا تصدق عليها ، كما أن الخالق غنى عن العالمين ، لا حاجة به إلى عبادة الناس . وقد فرض عليهم التكاليف لا لربح ينشده منها ، وانما لتكون سبيل الناس للسمو بأنفسهم ، والوصول إلى درجة الكمال الروحي ، وهذان هما السبيل إلى رضى الله ، وتحقيق السعادة الأبدية .
 
( 1760 ) في هذا البيت يبدو أنت الشاعر يدافع عن أهل الشطح من الصوفية ، الذين
قد ترد على ألسنتهم عبارات منافية لمألوف القول ومعقولة ، ومع ذلك لا يعوز قلوبهم الاخلاص والايمان والخشوع .
 
( 1765 ) يدافع الشاعر هنا عن أهل الشطح من الصوفية . فعنده أن هؤلاء من العشاق الذين تحترق قلوبهم في كل لحظة . 
فليس يفترض فيهم ما يفترض في أهل الصحو من مراعاة للآداب ، فالعاشق صار - من جراء احتراقه - مثل القرية الخربة ، وهذه لا يفرض عليها خراج ولا عشور .
 
( 1768 ) الصلاة في كل اتجاه جائزة في الكعبة . والتوجه إلى الله ممكن

 
“ 511 “
 
في كل أنجاه ، لأن الله منزه عن المكانية . وكما لا يكون الغواص ، بحاجة إلى ارتداء ما يقيه من الغوص ، فكذلك طالب الوصال لا يتوسل إلى ذلك بما هو من معوّقات الوصال .
 
( 1769 ) سكارى المحبة لا يكون سلوكهم من ذلك اللون التقليدى المعروف ، فهؤلاء لا تلتمس عندهم الهداية التي ينشدها العوام . ومن يَفترض فهيم الاقلاع عن سلوكهم فهو شبيه بمن يطلب إلى من تهلهلت ثيابه أن يقوم برفوها .
 
( 1771 ) افتقار العارف المحب إلى الصور الظاهرية لا ينتقص منه ، كما لا ينتقص من الياقوتة أن تكون مجردة من نقش الخاتم . وإذا كان العاشق غريق بحار الأسى ، فلا ضير عليه من آلام العشق .
 
( 1788 ) “ سدرة المنتهى “ هي نهاية المكانة التي يبلغها الانسان ، في سيره إلى الله تعالى . ( انظر : مثنوى ، 1 ، شرح 1066 ) .
 
( 1790 ) يعتبر الحلاج من أقدم من تحدث عن الناسوت واللاهوت في الاسلام . 
قال :سبحان من أظهر ناسوتُه * سرّ سنا لا هوته الثاقب
وقال : “ اللهم انك المتجلى من كل جهة ، المتخلي عن كل جهة ، بحق قيامك بحقي ، وبحق قيامي بحقك ، وقيامي بحقك يخالف قيامك بحقي ، فان قيامي بحقك ناسوتية ، وقيامك بحقي لا هوتية ، وكما أن ناسوتيتى مستهلكة في لا هو تيتك ، فلا هو ، تيتك مسؤولة عن ناسوتيتى، غير مماسة لها“.
وقول جلال الدين - على لسان الراعي - لا يتعدى دعاء الله أن يجعل كيانه الانساني جديرا بأن يكون نجى سرّ الخالق .
 
( 1792 - 1795 ) انتهى حديث الراعي إلى موسى في البيت 1791 .
وعاد الشاعر من جديد إلى سرد آرائه . وقد وقعت شبهات حول تفسير البيتين
 
( 1792 - 1793 ) إذ اعتبرهما بعض الشراح من كلام

“ 512 “
 
الراعي لموسى . والواقع أنهما حديث مباشر من الشاعر ، وهما مرتبطان بالبيتين التاليين لهما . فالشاعر يحذر المتعبدين من الاغترار بما يوجهونه إلى الخالق من مدح وثناء ظانين أنهم بذلك قوة وفوه حقه . فالثناء مهما علا لن يتجاوز ما يفهمه قائله من معنى الكمال . 
ولهذا فان الانسان يستمد تصورة المثالي من صورة نفسه ، ظانا أن هذا التصوره شئ خارج عن ذاته ، وليس الأمر كذلك . 
فهو كمن نظر إلى المرآة فرأى صورته ، فحسبها شيئا مختلفا عن ذاته ، أو كمن نفخ في النار ، وحسب الأنغام أمرا منفصلا عن أنفاسه .
 
( 1797 ) المستحاضة ، هي الحائض التي لا ينقطع عنها الدم بعد انقضاء فترة الحيض .
( 1799 - 1800 ) من اليسير التطهر من النجس الذي يصيب ظاهر الانسان ، أما النجس الذي يصيب باطنه فيصعب التطهر منه .
 
[ شرح من بيت 1801 إلى بيت 1950 ]
 
( 1808 ) عبر الشاعر عن اغترار الكافر بحياته الدنيوية ، وحرصه عليها ، بأنه اختار الخروج عن ترابيته ، ثم يقول : انه لو بقي ترابا ، لاستطاع أن يكون كالتراب ، يتلقى الحبة وينمينها . فالخروج عن الترابية يرمز إلى غرور الكافر - في تناسيه أصله - وكذلك يرمز إلى عقمه ، وعجزه عن الأثمار .
 
( 1809 ) ان رحلة الكافر في الحياة الدنيا لم تكن رحلة مثمرة ، ولهذا فقد عاد منها بدون أن يحصل شيئا .
 
( 1811 ) الاعراض عن طريق اليقظة الروحية مبعثه الحرص والطمع ، وأما الانطلاق في هذا السبيل فدافعه الصدق والاخلاص .
 
( 1817 ) “ اعتراض الملائكة “ ، هو القول الذي روى القرآن الكريم أنهم خاطبوا به ربهم حين أخبرهم بخلق آدم . قال تعالى : “ قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء . . “ . ( 2 : 30 ) .
 
( 1821 ) يريد موسى أن يطمئن بالشهود والعيان ، كما فعل إبراهيم .
قال تعالى : “ وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيى الموتى ، قال
 
“ 513 “
 
أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي “ . ( 2 : 260 ) .
 
( 1823 ) “ لقد كشفت للملائكة سر خلق آدم ، وأظهرت لهم أن مثل هذا المخلوق كان جديرا بأن يُخلق برغم أنه كان عرضة لا رتكاب المعاصي ، فهو قد تحقق بصفات كمالية تفوق ما كان يتوقع أن يقترف من مخالفات “ . وقد رمز الشاعر للروح الآدمي بالشهد ، وأما الجسد فقد رمز له بالابر .
 
( 1824 ) حين عرض الخالق نور آدم على الملائكة تبين لهم ما لم يكونوا يعلمون ، وأدركوا حكمة الله في خلق الانسان .
 
( 1825 ) كل ما بدا للادراك الآدمي سرا غامضا ، يكشفه الله في نهاية الأمر . فهو الذي كشف للملائكة سر خلق آدم . وهو الذي يكشف بالحشر سر الموت ، كما يكشف الثمار عن سر الأوراق .
 
( 1826 ) الموجودات تبدأ بداية متواضعة ، ثم تتجلى بعد ذلك امكاناتها . فالدم والنطفة هما بداية الوجود الانساني . ومن هذه البداية يتشكل الجمال الانساني بصورته ، ثم بمعناه .
 
( 1827 - 1828 ) العلم هو أحد الأمور التي تكون ذات بداية متواضعة . فالعالم يكون - في أول أمره - طفلا يغسل اللوح ليكتب فوقه . وكذلك القلب الانساني ، هو - في بداية أمره - دم ودموع ( أي مجرد حياة حسية عاطفية ) ، ثم ينتهى به الأمر إلى أن يكون موضعا لتجلى الأسرار الإلهية .
 
( 1829 ) لكي يحقق كل عمل امكاناته الكاملة يجب أن يتضح هدفه منذ البداية . فالطفل الذي يغسل اللوح يجب أن يعلم أن ذلك للتعلم ، وليس للعب .
 
( 1830 ) من الواجب أن يبدأ العمل على أساس سليم . فعند الشروع في بناء منزل ، يجب أن يزال من موقعه الأساس القديم ، قبل وضع الأساس الجديد .


 
“ 514 “
 
( 1831 ) للوصول إلى النتيجة المثمرة لا بد من التعب والعناء . لا بد من الحفر ، ورع الطين ، من أجل الوصول إلى الماء .
 
( 1832 - 1833 ) عناء الكد والسعي يكون بغيضا إلى الجهلاء ، الذين لا يدركون عاقبة الأمور . أما العارفون المدركون لتلك العاقبة فالعناء محبب إلى نفوسهم . ان الجلاء شبيهون بالأطفال الذين لا يدركون من إبرة الحجام سوى وخزها . أما العارفون فهم شبيهون بالرجال المدركين لجدوى إبرة الحجام ، ولهذا فإنهم يقبلون عليها راغبين ، ويبذلون في سبيلها المال .
 
( 1834 - 1835 ) كل من أدرك نتيجة الجهد سارع إلى بذله . فهو كالحمال الذي يسابق الآخرين إلى حمل الأثقال ، لأنه يعلم ما يعود عليه من ربح لقاء ذلك . وهكذا البصير بالعواقب . يبذل جهده في هذه الحياة ، لأنه يعلم نتيجة ذلك .
 
( 1842 - 1844 ) من صفت نفسه ، وأصبح ذا بصيرة روحية فهو قادر على ادراك الحقائق من غير حاجة إلى أسباب ومبررات . أما من يعتمد في معارفه على الحواص فهو أسير الأسباب والعلل . وليست تتحقق منزلة الكشف الا لمن تحررت روحه من سلطان المادة . فمثل هذا يكون قادرا على ادراك معجزات الأنبياء ، على أساس حقيقتها الروحية المستمدة من عالم الغيب ، ولا يقف ازاءها موقف أسير الحس ، الذي ينظر إليها نظرة سطحية ، لا تخرج عن نطاق العالم المادي .
 
( 1845 ) “ الأسباب “ قادرة على أن تبين أمورا حسية محدودة ، كما يكون من شفاء المريض بمعالجة الطبيب ، أو إضاءة السراج باشعال الفتيل .
 
( 1846 ) “ ابذل جهدك لتصحيح هذه الأسباب التي تستند إليها في تحصيل المعارف . وكن على يقين أن هناك عرفانا أسمى من كل ذلك ، يشبه نور الشمس ، على حين أن معارف الحس شبيهة بنور السراج “ .

 
“ 515 “
 
( 1847 ) الطين الذي يتكون منه سقف الدار رمز للأسباب التي تُستمد منها معارف الحس . أما سقف السماء فهو رمز لعرفان الروح .
وهذا العرفان منزه عن الأسباب .
 
( 1848 ) “ لقد انقضت خلوة التجلي بما شاع فيها من أنس ، وبزغ صبح الوعي الحسىّ “ .
 
( 1849 ) لا بد للقلب أن يلقى العناء حتى يتحقق له مثل هذا التجلي .
فالبدر لا يتجلى الا في الظلام .
 
( 1850 ) “ نبي الله عيسى وقد امتطى الحمار “ رمز للروح وهي مرتبطة بالجسد . فمن عُنى بجسده وغفل عن روحه شبيه بمن يرعى الحمار ويعرض عن عيسى . فلا جرم أن من يفعل هذا يكون خارج نطاق العرفان .
 
( 1852 ) “ أنين الحمار “ رمز لنداء البدن وهو يلتمس الشهوات .
فمن استجاب لهذا النداء شبيه بمن وقع تحت سيطرة حمار ، لأن البدن في حسيته وتعلقه باللذات شبيه بالحمار .
 
( 1853 ) “ كن رحيما بالروح ، ولا تكن رحيما بالجسد . ولا تتح لغرائزك سبيل التحكم في عقلك “ .
( 1856 ) في البيت إشارة إلى حديث يَروى عن الرسول قوله :
“ أخروهن من حيث أخرهن الله “ . ويقال إن المقصود من هذه الحديث تأخير النساء عن الرجال في صلاة الجماعة ، أي جعلهن في الصفوف الخلفية . وقد فسر الشاعر هذا الحديث تفسيرا رمزيا ، فاعتبر المرأة رمزيا ، للنفس الأمارة بالسوء ، وهذه يجب أن تتنحى جانبا لكي يتقدم عليها العقل .
 
( 1857 ) العقل الوضيع ينحط في تفكيره ، ولا يبقى له نشاط خارج نطاق الحس . وإذ ذاك يصبح شريكا للجسد ، لا هم له الا تحصيل اللذات .
 
( 1858 - 1859 ) لقد تغلبت روح عيسى على جسده وأخضعته ،



“ 516 “
 
فالروح القوية يتضاءل أمامها الجسد .
( 1860 ) الجسد الضعيف يقوى ويتسلط ، حينما يقترن بعقل ضعيف .
 
( 1861 ) “ فلو أن المرشد الروحي قسا عليك وآلمك ، فلا تعرض عنه ، فان هذا الألم هو السبيل الذي تكسب منه روحك قوة ومناعة “ .
 
( 1862 ) ان المرشد العارف يلقى جحودا وحسدا من الناس ، برغم أنه كنز روحي أتيح لهم . فهذه الآلام التي يعانيها العارف شبيهة بالثعبان الذي يحرس الكنز . فهناك خرافة شعبية تؤمن بأن كل كنز لا بد له من ثعبان يحرسه . فكأنما يريد الشاعر أن يقول إن كل مرشد عارف لا بد له أن يقابل بحسد الحاسدين وكيدهم .
 
( 1863 ) المرشد العارف يلقى من الحاقدين والحاسدين ما لقيه عيسى من اليهود ، وما لقيه يوسف من اخوته الحاسدين .
 
( 1865 ) لا فضل عند الحاقدين ذوى الوجوه الصفراء . انهم شبيهون بمرض الصفراء ، لا فضل له سوى ما يحدثه من صداع . وفي الشطر الثاني من البيت تأكيد للدم بما يشبه المدح .
 
( 1866 ) ورد الشطر الثاني من البيت : “ ما نفاق . . . “ بدلا من “ بانفاق . . . “ ، في بعض الروايات . فيكون معنى البيت :
“ فلتفعل أنت ( أيها المرشد ) ما تفعله شمس المشرق . وأما نحن ( أهل الدنيا ) ففعلُنا نفاق واحتيال وسرقة وخداع “ .
 
( 1867 ) “ أنت - أيها المرشد - في تساميك ، واستقامتك في الدين والدنيا ، شبيه بالعسل ، ونحن في سوء أخلاقنا شبيهون بالخلّ .
ولا علاج لعلتنا باقتباسنا من أخلاقك “ .
 
( 1868 ) “ لتزدد - أيها المرشد - فضلا كلما ازددنا نحن سوء خلق ! ذلك لأن سوء خلقنا ناشىء من اعتلالنا ، فنحن في حاجة إلى مزيد من عنايتك وكرمك “ .
 
“ 517 “
 
( 1869 ) “ لئن ساءت أفعالنا فهذا مدى قدرتنا . فالنفس السيئة لا يصدر عنها سوى السوء . وكل ما يصدر عنها من سوء يزيدها خبثا ، كالرمل في العين يزيدها عمى “ .
 
( 1870 ) أفعال المرشد الخيرة جديرة بنفسه الخيرة . انه كالكحل ينير لضعاف النظر أبصارهم . وهو لا يبخل بعونه على أحد ، مهما بلغ هو ان أمره .
 
( 1871 ) الانسان الكامل يكتوى بنار الظالمين ، ومع ذلك لا يحقد عليهم ، بل إنه لا يضن عليهم بالحب والحنان . وهذا ما أثر عن الرسول عندما أصيب في غزوة أحد ، فدعا ربه قائلا : “ اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون “ .
 
( 1872 - 1875 ) في هذه الأبيات يصف الشاعر الانسان الكامل .
 
( 1872 ) “ منجم العود “ : العود بطبيعة الحال نبات . فكلمة “ منجم “ هنا استعملت استعمالا مجازيا . وقد ترجمنا بها كلمة “ كان “ الفارسية . ويقصد بمنجم العود منبته أو مصدره .
 
( 1877 ) لم يقف الشاعر عند مفهوم هذا الحديث ، وهو أن عداوة العاقل خير من صداقة الجاهل ، بل تعدى ذلك إلى بيان النفع الذي يتحقق من عداوة العاقل ، والضرر الذي يحدث من صداقة الجاهل ، فساق قصتين لبيان ذلك : أو لا هما قصة “ الأمير والرجل الذي دخلت في بطنه حية “ . ( الأبيات 1878 - 1930 ) ، والثانية قصة “ الرجل الذي صاحب الدب “ ( البيت 1932 وما يليه ) .
 
( 1878 ) الفارس العاقل في هذه القصة رمز للمرشد الروحي ، أما الرجل النائم فهو رمز للجاهل الغافل .
 
( 1911 - 1913 ) لعل الحديث المشار اليه بهذه الأبيات هو ذلك الذي ذكره صاحب المنهج القوى ( مرويا عن أبي الدرداء ، باخراج الطبراني
 
“ 518 “
 
والحاكم ) ، ونصفه : “ لو تعلمون ما أعلم ، لبكيتم كثيرا ، ولضحكتم قليلا ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى ، لا تدرون تنجون أو لا تنجون “ . ( المنهج القوى ، 2 ، 426 ) .
وعن أنس بن مالك أن الرسول عليه السلام خطب فقال : “ لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا “ . ( النووي : رياض الصالحين ، ص 209 ) .
 
( 1914 - 1920 ) مضى الشاعر في شرح الحديث ، وتصوير معناه .
وقد أجرى هذا الشرح على لسان الرسول ، لتقريب المعنى إلى أفهام سامعيه .
 
( 1916 ) مما يكثر ذكره في كتب الصوفية أن الرسول عرف الأولياء الذين جاءوا بعده ، وأنه كان يظهر لهم ويخاطبهم . وهم كثيرا ما ينسبون إلى الرسول أقوالا ، يذكرون أنه حدث بها هؤلاء الأولياء . ولهذا لا يستغرب أن ينسب اليه معرفة أبى بكر الربابى ، وما اشتهر به من طول الصمت .
أما قوله : “ وهأنذا أضرب الحديد بيدي مثل داوود “ ، فمعناه :
“ وهأنذا ألين تلك القلوب القاسية ، وأسعى إلى تغييرها ، كما كان داوود يصنع بالحديد “ .
 
( 1920 ) معجزة شق القمر أظهرت - فوق السماء - ما كان ليد الرسول من المقدرة .
 
( 1921 ) قول الشاعر : “ وهذه الصفة أيضا هي من جراء ضعف العقول “ ، يمكن أن يفهم على وجهين ، حسب تفسيرنا لما أراده الشاعر بكلمة “ الصفة “ . فربما كان المقصود بهذه الصفة لزوم الصمت حتى لا يخطئ ضعاف العقول فهم المعاني . وربما كان المقصود بها الحديث عن قدرة الله بأسلوب تمثيلى ، ينسب إلى الله اليد ، وغيرها من الأعضاء .
 
“ 519 “
 
( 1926 ) انظر التعليق على البيت 1871 .
 
( 1932 ) يبدأ الشاعر هنا حكاية معروفة هي حكاية الدب الذي قتل صاحبه . ( انظر : تعليقات نيكولسون ، وانظر أيضا : فروزانفر :
مآخذ قصص ، 62 ) .
 
( 1938 ) الرجل الشجاع لا يهدف إلى نفع من وراء أعماله الخيرة ، وليس له من دافع ولا هدف سوى المحبة . انه كالدوا ، لا غاية له سوى إزالة المرض .
 
( 1943 ) “ هتاف الأفلاك “ : كان المعتقد في زمن الشاعر أن للأفلاك أنغاما وألحانا . والنص التالي - وهو من رسائل اخوان الصفاء - يوضح لنا هذا المفهوم :
“ ولما كانت الأفلاك دائرات ، والكواكب والنجوم متحركات ، وجب أن يكون لها أصوات ونغمات . ولما كانت مستوية في نظامها ، محفوظة عليها صورة تمامها وكمالها ، وجب أن تكون حركاتها منفصلة ، وأصواتها متصلة ، وأقسامها معتدلة ، ونغماتها لذيذة ، وألحانها بديعة ، ومقالتها تسبيحا وتقديسا وتكبيرا ، وتهليلا تفرح له نفوس المستعمين لها ، والحافين بها من الملائكة والنفوس التي تقدم عليها ، وتصعد إليها . وتلك الحركات والأصوات هي مكيال الدهور والأزمان التي بها يحكم على عالمها بالبقاء من حيث هي . . . وقد استمعتها النفوس وهي في عالم الكون والفساد ، فتذكرت بها عالم الأفلاك ولذات النفوس التي هناك ، من فسحة الجنان ، وروضة الريحان ، وعلمت أنها في أحسن الأحوال ، وأطيب اللذات ، وأتم الأشكال وأدوم السرور . . “ . ( رسائل اخوان الصفاء : 3 ، 90 - 91 ) .
 
( 1944 ) “ نزه بصرك وبصيرتك عن الحسية ، والتعلق بالمادة ، وإذ ذاك تستطيع شهود حديقة الغيب “ .
 
( 1946 ) “ خلِّص كيانك من علل الحس وأمراضه ، لأن هذه الأمراض تعوقك عن تذوق حلاوة العرفان الروحي “ .


 
“ 520 “
 
( 1947 ) “ الرجولة “ هنا رمز لقوة الروح وانطلاقها ، و “ العنة “ رمز لضعفها وتراخيها . والشاعر يدعو إلى تقوية الروح حتى تصبح بقوتها وتحررها مجلى للشهود ، وما يكشفه من ألوان الحسن والجمال .
 
( 1949 ) “ الفلك العتيق “ ، هو عالم الحس الذي يؤول إلى بلى وفناء .
 
[ شرح من بيت 1950 إلى بيت 2100 ]
 
( 1951 ) قول الشاعر : “ فالنواح والبكاء ذخيرة عظيمة “ ، يعنى أن دموع الندم والخوف هما من أسباب رحمة الله وغفرانه .
 
( 1956 ) “ ان لكم في السماء أرزاقا روحية عظيمة ، فلماذا تشبثتم بعالم الحس الوضيع ؟ “ .
 
( 1957 ) “ صوت الغول “ رمز للضلال . فالخوف واليأس يبعدان المرء عن سلوك سبيل اليقظة الروحية ، ويقودانه إلى الهلاك ، كما تفعل الغول بالمسافرين في البيداء .
 
( 1959 ) “ صوت الذئب “ هو نداء الحرص والشهوات الحسية .
 
( 1980 - 1982 ) السامري : ( انظر : مثنوى ، ج 1 ، البيت 2258 ، وشرحه ) .
 
( 1987 ) قول الشاعر : “ انه أنت فابحث عن ذاتك فيه “ ، يعنى :
أن المرشد بمثاليته وتساميه يمثل حقيقة جوهرك ، فاطلب عنده تلك الحقيقة .
 
( 1988 ) “ فان أعرضت عن المرشدين العارفين ، فأنت أسير الحرص والطمع ، ومآلك إلى هلاك محقق ، كما كان مآل ذلك الدب بين فكى التنين “ .
 
( 1993 ) بدأ الشاعر في هذه البيت قصة قصيرة ، هي حكاية السائل الأعمى . وقد وردت هذه القصة في محاضرات الراغب الأصفهاني على الوجه التالي :
“ كان أعمى يقول : ارحموا ذا الزمانتين ، فقيل : ما هما ؟

 
“ 521 “
 
قال العمى ، وقبح الصوت . أما سمعتم :فبى عيبان ان عدا * فخير منهما الموت
فقير ما له قدر * وأعمى ما له صوتكما وردت بصورة مشابهة لهذه في شرح نهج البلاغة ، نقلا عن الجاحظ . ( انظر : فروزانفر : مآخذ قصص وتمثيلات ، 65 ) .
 
( 2006 ) “ قبيح الصوت الذي يكون ثملا بدم الخلق “ هو من يجيز لنفسه قذف الأعراض ، ويتناول بالسوء سيرة الخلق .
 
( 2009 ) الجرح القديم لا سبيل إلى مداواته الا بالكى . والنفس الموغلة في الآثام والخطايا هي في أمس الحاجة إلى مثل هذا العلاج القاسى .
 
( 2010 ) في الأبيات التالية يصور الشاعر ذلك الرجل الذي أنقذ الدب وكأنه شخص عنيد أبله . ولا تناقض بين هذه الصورة ، وبين ما سبق وصفه به من الشجاعة والنجدة . فهذا الرجل الشجاع ، كانت تنقصه اليقظة الروحية ، وسلامة الادراك ، ولهذا فان شجاعته لم تنقذه من المصير الذي ينتظر أمثاله .
 
( 2023 ) قول الشاعر : “ انني مؤمن وقد أصبحت ناظرا بنور الله “ ، يتضمن اقتباسا من حديث يروى عن الرسول قوله : “ اتقوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله “ . ( انظر : المثنوى ، 1 ، البيت 1331 وشرحه ) . أما قوله : “ اهرب من بيت النار هذا “ ، فمعناه : “ دع عنك محبة الدب - ( وهي هنا رمز لصداقة الأبله ) - لأنها شبيهة بعبادة النار “ .
 
( 2040 ) في البيت إشارة إلى قوله تعالى : “ وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون “ . ( 2 : 50 ) .
 
( 2041 ) في البيت إشارة لبعض معجزات موسى التي ورد ذكرها في القرآن الكريم . قال تعالى : “ وأنزلنا عليكم المن والسلوى “ .
( 2 : 57 ) . وقال : “ وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك
 
“ 522 “
 
الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم “ .
( 2 : 60 ) .
 
( 2044 ) في هذا البيت يعاتب موسى عابد العجل ذلك الذي شك فيما أظهره موسى من معجزات عظيمة ، على حين أنه خر ساجدا عندما سمع صوت العجل . فكأن صوت العجل طوفان جرف إلى نفسه الأوهام ، وكل ما ثار عنده من شكوك حول الدين والايمان ، وكأنما عقل هذا الكافر المخالف قد غلبه نوم الغفلة ، فلم تبق له أية مقدرة على التفكير .
( 2047 ) السامرىّ : ( انظر : المثنوى ، 1 ، البيت 2258 وشرحه ) .
 
( 2068 - 2075 ) في هذه الأبيات تعبير عن قصة معروفة ، رويت على أنها سبب لنزول سورة “ عبس “ ، وأوردها صاحب الكشاف على الوجه التالي :
“ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم ( الأعمى ) . .
وكان عنده صناديد قريش : عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبو جهل بن هشام ، والعباس بن عبد المطلب ، وأمية بن خلف ، والوليد بن المغيرة ، يدعوهم إلى الاسلام ، رجاء أن يسلم باسلامهم غيرهم . فقال :
يا رسول الله ، اقرئنى وعلمني مما علمك الله ، وكرر ذلك ، وهو لا يعلم تشاغله بالقوم ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعه لكلامه ، وعبس وأعرض عنه ، فنزلت “ عبس وتولى “ . فكان رسول الله يكرمه ويقول إذا رآه : مرحبا بمن عاتبني فيه ربى . ويقول : هل لك من حاجة “ .
( الزمخشري : تفسير الكشاف : 4 ، 700 - 701 ) .
 
( 2071 ) الحبش : من الواضح أن المقصود بهذه الكلمة تلك الجماعة التي كانت تعرف “ بأحابيش قريش “ . وهناك خلاف حول تفسير كلمة أحابيش ، فقد فهمها البعض على أنها تعنى عبيدا من الحبشة ، ولكن نصوصا تاريخية متعددة بينت أنهم كانوا جماعات تنتمى إلى بعض
 
“ 523 “
 
القبائل العربية ، وكانت قريش تستخدم هذه الجماعات في حراسة قوافلها التجارية ، فكأنهم كانوا لها بمثابة الحلفاء . ( انظر : عبد الحميد العبادي : أحابيش قريش ، هل كانوا عربا أو حبشا ؟ بحث في مجلة كلية الآداب - جامعة القاهرة ، مايو 1932 ) .
 
( 2072 ) “ بصره “ تمثل في هذا البيت مشكلة تاريخية . فإن كان المقصود بها مدينة البصرة العراقية ، فإنها لم تنشأ الا بعد وفاة الرسول ببضع سنوات . واجتماع الرسول بصناديد قريش كان قبل الهجرة ، فمعنى ذلك أن هذه المدينة قد ذكرت في قصة جرت وقائعها قبل بناء هذه المدينة بنحو خمسة عشر عاما . فهل هذا خطأ تاريخي وقع فيه الشاعر ؟ أم أن المقصود مدينة بُصرى ، “ من أعمال دمشق ، وهي قصبة حوران “ “ 1 “ والتي يصفها ياقوت بأنها “ مشهورة عند العرب قديما وحديثا “ ، وقد فتحها العرب عام 13 ه . ومما يساعد على مثل هذا التفسير أنها اقترنت في ذكرها هنا بتبوك “ وهي أيضا من أرض الشام “ توجه إليها النبي عليه السلام في عام تسمع للهجرة - وهي آخر غزواته - ولما وصلها وجد أن من تجمع فيها من الروم وبعض القبائل العربية قد تفرقوا “ 2 “ .
وربما كان ذكر الشاعر للبصرة هنا مبنيا على استبعاد عنصر الزمن في مثل هذا المقام . فالأبيات تعبر عن تفسير عتاب الخالق لرسوله ، كما ورد في سورة “ عبس “ . ويكون المراد بذكر البصرة هنا الموقع الذي قامت عليه هذه المدينة . . بعد فتح العراق .
ومما روى عن علي بن أبي طالب أن الرسول ذكر البصرة ، وتنبأ بحدوث موقعة الجمل . قال : “ سمعت رسول الله يقول : تفتح أرض
.................................................................
( 1 ) ياقوت : معجم البلدان ، مادة بصرى .
( 2 ) المصدر السابق : مادة تبوك .
 
“ 524 “
 
يقال لها البصرة “ 1 “ . . الخ “ . وهذا الخبر - برغم ما يمكن أن يوجه اليه من النقد - يشيع أن الرسول ذكر البصرة ، وتنبأ بما يحدث فيها .
ومما له مغزاه أن هذا الخبر مذكور في معجم البلدان لياقوت . وهذا المؤلف - مثل جلال الدين - من رجال القرآن السابع ، كما أنه جمع الكثير من معلوماته في ذات المنطقة التي عاش بها جلال الدين .
 
( 2077 ) روى أبو هريرة عن الرسول أنه قال : “ الناس معادن كمعادن الذهب والقضة “ . ( المنهج القوى : 2 ، 452 ) .
 
( 2086 ) “ الجعل “ حشرة صغيرة تقبل على الروائح الكريهة ، وتنفر من الروائح الطيبة .
 
( 2090 ) “ انني أمير بين أهل الصورة وبين أهل المعنى “ .
 
( 2095 - 2102 ) رويت هذه القصة في مصادر أخرى بشئ من الاختلاف عن رواية جلال الدين . فقد ذكرها ابن حزم في طوق الحمامة ، وهي في روايته تدور حول أبقراط . وذكرها صاحب قابوس نامه ، وروايته أشبه برواية جلال الدين ، الا أن بطلها هو محمد بن زكريا الرازي ، وليس جالينوس . ( انظر : تعليقات نيكولسون ، وانظر أيضا :
فروزانفر : مآخذ قصص ، 66 ) .
 
[ شرح من بيت 2100 إلى بيت 2250 ]
 
( 2103 - 2105 ) تناول الغزالي المعنى الذي عبرت عنه هذه الأبيات على الوجه التالي : “ وكان مالك بن دينار يقول : لا يتفق اثنان في عشرة الا في أحدهما وصف من الآخر ، وأن أجناس الناس كأجناس الطير ، ولا يتفق نوعان من الطير في الطيران الا وبينهما مناسبة . قال :
فرأى يوما غرابا مع حمامة ، فعجب من ذلك فقال : اتفقا وليسا من شكل واحد ، ثم طارا ، فإذا هما أعرجان “ . ( انظر : فروزانفر ، مآخذ قصص ، 66 ) .\
.................................................................
( 1 ) المصدر السابق : 1 ، 436 .

“ 525 “
 
( 2107 ) سجِّين : هذه الكملة تعنى هنا الجحيم . ( انظر :
المثنوى : 1 ، 640 ) .
 
( 2118 ) “ الورد “ في الأبيات السابقة رمز لأهل الكمال .
والشاعر - في هذا البيت - يقول : “ لقد خلصت من الحسية خلاصا كاملا ، وكانت بي آثار منها . فالله - الذي طهرني منها - لن يرجعها الىّ “ .
 
( 2135 - 2136 ) عبر الشاعر عن مثاليته الخلقية بقوله : ان من لا يتقيد بعهده ، فإنه لا يتقيد بقسمه . ويمضى في تحليل هذه الفكرة على أساس نفسي فيقول : ان القسم يكون بمثابة قيد فرض عليه ، وهذا القيد يجعل نفسه الحسية أكثر ميلا إلى الثورة على العهد ، والتخلي عنه .
 
( 2137 - 2138 ) “ الأسير “ في هذين البيتين رمز للعقل ، و “ الحاكم “ رمز للنفس الحسية . فالانسان المتعلق بشهوات الحس ولذاته تحكمة نفسه الحسية . فإذا حاول عقله أن يقيد هذه النفس بقسم أو عهد كان بمثابة أسير وضع قيدا على حاكمه . والحاكم لا يبقى في القيد بل ينطلق منه ، ثم يحطم عبده الذي قيده . وهكذا النفس الطاغية ، ما لم تهذب فان العقل لا يستطيع السيطرة عليها بأية صورة ، ولئن حاول أن يحد من طغيانها عن طريق الزامها بالعهود ، كان ذلك مدعاة لازدياد ثورتها واندفاعها .
 
( 2140 ) قول الشاعر : “ يجعل من جسده خيطا ، ويلتف حول صاحب عهده “ ، يعنى أنه يرهق جسده في الوفاء بالعهد لمن عاهده ، ولا يحيد قط عن دائرة الوفاء له .
.
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: