السبت، 29 أغسطس 2020

12 - الهوامش والشروح 01 - 36 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

12 - الهوامش والشروح 01 - 36 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

الهوامش والشروح 01 - 36 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي (604 - 672 هـ)

شرح ديباجة مولانا الدفتر الرابع المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي

[ شرح الأبيات ] 
1 - 10 : الخطاب لحسن حسام الدين ( انظر مقدمة الكتاب الأول ) يشير مولانا إلى حديث « إن لله عبادا قلوبهم أنور من الشمس » وقد وصف حسن حسام الدين في مقدمة الكتاب الأول بقوله « ألقت الشمس عليه رداءها وأرخت النجوم لديه أضواءها » 
وقال أبو الحسن الشاذلي « لو كشف من نور المؤمن الناقص لطبق ما بين السماوات والأرض فما ظنك بنور المؤمن الكامل ولقد سمعت شيخنا أبا العباس قال : لو كشف من نور الولي لعبد لهلك لأن أوصافه من أوصاف الله ولقوته من لقوته » ( انقروى 4 / 11 ) 
والمقصود بالبيت رقم 6 أن إرادة العبد المؤمن إن صحت نيته وقوى عزمه تكون من إرادة الله سبحانه وتعالى فالإرداة الإلهية يلزمها عمل من العبد ، ويفسرها بالبيت التالي مصداقا لحديث نبوي شريف « من كان لله كان الله له ( مولوى 4 / 9 والأنقروى 4 / 13 ) 
وفي قول لشوبنهور أن الإرادة هي أساس الوجود الإنسانى فهي التي تغير الإنسان ، وتغير الوجود وأحيانا يعرفها بالهمة ( همم الرجال تزيل الجبال ) وانظر الأبيات
 
« 375 »
 
2074 - 2077 من هذا الكتاب . ومن ثم فالمثنوى نفسه شاكر لحسن حسام الدين ، وما الغرابة في أن يشكر المثنوى ويهلل والجمادات كلها مسبحة بحمد الله تعالى وإن من شئ إلا يسبح بحمده ( سورة الإسراء - آية 44 ) وقد مر الحديث عن تسبيح الجماد في الكتاب الثالث ( حكاية صياد الحيات ) 
وفي الكتاب الأول ( حكاية قبول الخليفة لهدية الإعرابى ) ( انظر الكتاب الأول أول شرح الأبيات 2235 وما بعده ) كما ورد عند محى الدين بن عربى في الفتوحات المكية أن بعض الحروف في مرتبة النبوة وبعضها الآخر في مرتبة الرسالة ( انقروى 4 / 13 ) .
 
( 10 - 15 ) الشكر يستوجب الزيادة ، قال الله تعالى «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ» ( سورة إبراهيم آية 7 ) فسجود الشكر هو القرب و « أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد » «كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ» 


وانظر إلى هذه الصورة الكرم والشمس ، الكرم يجذب الشمس فتسطع الشمس تسطح عليه بجذبه إياها ، والكرم هو المثنوى والشمس هو حسن حسام الدين ، ظل يجذبه ، ويظل المثنوى متدفقا ما دام حسن حسام الدين يجذبه ، كما يجذب أمير الحج القافلة نحو بيت الله ، المراد بالحج في الشطرة الأولى من البيت 15 حج البيت ، أما المراد في الشطرة الثانية حج رب البيت وبينهما مراتب « انظر في أقوال الصوفية : حججت مرة فلم أر رب البيت . . إلى آخره باب الحج في شرح التعرف » .
أي إحرام نقوم به يا حافظ ما دامت تلك القبلة ليست هنا وأي جهد لنا في السعي ما دام الصفاء قد ذهب عن الكعبة ديوان حافظ ص 96
 
« 376 »
 
( 16 - 20 ) : الضياء للشمس والنور للقمر ومنزل الشمس أعلى من منزل القمر ، ومن ثم سميتك يا حسام الدين ضياء ولم أسمك نورا ، والحسام هو السيف وسيف الشمس من الضياء ، واقرأ هذا من القرآن الكريم «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ» ( سورة يونس آية 5 ) .
وفي تفسير نجم الدين كبرى « جعل شمس الروح ضياء ليستنير به عمى القلب » ( مولوى 4 / 10 ) ، وربما يفسر هذا البيت التالي فلا طريق في ضوء القمر ، بل لا بد من الشمس والدليل على أن مولانا جلال الدين يقصد بالشمس المرشد الكامل هو هذا البيت ، وكثيرا ما دق مولانا جلال الدين على هذا المعنى عن حديثه عن مرشده شمس الدين التبريزي ، والشمس هي التي تظهر حقيقة الأشياء ، أصالتها وزيفها كما يبدو من الأبيات التي تلت ذلك والتي يقدم فيها مولانا جلال الدين صورا من الواقع المعاش .
 
( 25 - 29 ) : مما يدل على أن مولانا جلال الدين كان يتحدث عن شمس غير الشمس ، وقمر غير القمر ، وأن المقصود هو شمس الطريقة أو الدرويش الكامل ما جمعه في البيت رقم 25 ، فالصوفى الذي يروج الزيف إنما هو عدو لروحه ، والزيف هنا هو زيف المادة وزيف الفكرة فإنما أول ما يضل إنما يضل نفسه ، وفي الشطرة الثانية يدخل عالمه الصوفي ، فمن يكون عدوا للدرويش الجوال إلا الكلاب التي تنبحه حيثما حل ، والكلاب هنا هي كلاب الصورة وكلاب السيرة ، ويشير الأنقروى أن المعنى مأخوذ من حكاية وردت عن أبي يزيد البسطامي عندما نبحه كلب فخلص نفسه منه بمشقة وعندما سأله أحدهم عن سر ذلك أجابه بقوله « يا أخي نحن مرآة مجلوة قد يرى كل أحد فينا صورته »
 
« 377 »
 
( القروي 4 / 17 ) ( وعن فكرة المرآة انظر الكتاب الأول / البيت 2365 وما بعده ) وهكذا أيضا الأنبياء فبينما يتحرش بهم كلاب الدنيا وطلاب جيفتها لأنهم المرايا التي ينظر فيها كل إنسان إلى صورته ، فبينما يدعو الملائكة بأن يحفظ الله هذا المصباح المضئ من الرياح العاتية : ويا رب سلم هو دعاء المؤمنين على الصراط ( استعلامى 4 / 192 - تهران 1369 هـ . ش ) 
فإنما يخشى النور من كان لصا محتالا ، وإنما يعادى الأنبياء من لا يسير على منهاجهم . . وماذا نقول ؟ ! 
إنما يعادى الشريعة من يرى أن أول ما يطيح سيفها البتار إنما يطيح برأسه الفاجرة ؟ ! 
حقائق لا يمكن أن يخفيها الجدل فهي من المسلمات التي يحدثنا بها مولانا جلال الدين في كل زمان ومكان .
 
( 30 - 39 ) : يخاطب حسن حسام الدين في عملية جذب مستمرة وهو من قبيل تواضع المرشد أمام المريد المستحق ، يطلب منه أن يصب النور على المثنوى أي أن يبدأ في الكتابة ، فكأن النور هنا من المريد وهو أصلا من الشيخ ، وكما أن الشمس تسطع من الفلك الرابع ، 


وها هو المجلد الرابع من المثنوى يسطع بنوره على البلاد والعباد ، فهو هدى لمن اهتدى ، أما الذين لم يعترفوا به فهو عليهم عمى ( انظر 3 شروح 1150 وما بعدها ) وهو مجرد حكايات لمن يقرأه كحكايات لكنه رجولة لمن يراه نقدا له وعطية إلهية ، تماما كما كان نيل مصر شرابا للصابرين وحسرة على آل فرعون الكافرين ، كما ذكر في مقدمة هذا الجزء ( وانظر أيضاً الأبيات 3431 وما بعدها من هذا الكتاب ) ويسوق الأنقروى والمولوي حكاية على تفسير البيت التالي ( 34 ) إذ روى أن حسام الدين قال : إني رأيت في هذا الوقت عند قراءة الأحباب المثنوى استغرق الناس بنوره ورأيت جماعات الغيب بيدهم سيوف يضربون بها كل من لم
 
« 378 »


يستمعه وينصت إليه فيعلقون عضد إيمانه واعتقاده ويرمون به منكوسا في سقر ( مولوى 4 / 13 وانقروى 4 / 19 ) . كما وردت الرواية في مناقب العارفين للأفلاكى ( 2 / 745 ) ، وهكذا يرى مولانا أن حسام الدين قد رأى أحوال متلقى المثنوى تماما ، فإنما يكون جزاؤه من جنس عمله ، ومصيره من جنس تلقيه ، وبصيرتك يا حسام الدين الناظرة إلى عالم الغيب أستاذة في هذه الأمور ، وهنا إشارة للأفلاكى ( نقلها من جامى في نفحات الأنس ) أن المريدين عندما كانوا يقرأون المثنوى كان الملائكة يراقبونهم وإن لم يسمعوا جيدا كان إيمانهم يسلب .



وبصيرة غيب حسام الدين هي على علم بهذا المصير ( استعلامى 4 / 193 ) ، فلا أنقص الله هذه البصيرة ولا غيبها عن الدنيا ، وهيا دعك يا حسام الدين من أولئك الذين ليسوا بأهل لهذا الكلام ، وليكن همك وهمتك حكرا على من هم أهل له وعد بنا إلى تلك الحكاية التي تركناها دون إنهائها في الكتاب الثالث .
.
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: