الاثنين، 31 أغسطس 2020

14 - الهوامش والشروح 31 - 535 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الخامس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

14 - الهوامش والشروح 31 - 535 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الخامس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

الهوامش والشروح 31 - 535 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الخامس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي (604 - 672 هـ)

شرح الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معي واحد

( 35 ) : مال الشارحون إلى اعتبار البيت موجها إلى حسن حسام الدين ، لكن البيت موجه إلى الإنسان عموما ، فهو الشكل ، وهو العالم الكبير ، وكل هذه أجزاء منه عليه أن يتخلص منها .
( 60 - 63 ) :الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ( البقرة / 268 ) .
( 63 ) : الحديث النبوي الشريف : [ المؤمن يشرب في معي واحد والكافر يشرب في سبعة أمعاء ] ، وورد في الجامع الصغير ( 2 / 184 ) أحاديث مثنوى ، ص 145 ( 64 ) : أصل هذه الحكاية الرواية التالية :
 
“ 435 “ 
 
بلغني عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة ، أنه قال : خرجت خيلٌ لرسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فأخذت رجلا من بنى حنيفة لا يشعرون من هو حتى آتوا به رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : أتدرون من أخذتم ؟ !
هذا ثمامة بن أثال الحنفي ، أحسنوا أساره ورجع رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم إلى أهله فقال : أجمعوا ما كان عندكم من طعام فابعثوا به إليه وأمر بلفحته أن يغدى إليه بها ويراه فجفل لا يقع من ثمامة موقفا ويأتيه رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فيقول : أسلم يا ثمامة فيقول : إيهاً يا محمد ، إن تقتل تقتل ذام دم ، وإن ترد الفداء فسل ما شئت ، فمكث ما شاء الله أن يمكث ثم قال نبي الله يوما : أطلقوا ثمامة ، فلما أطلقوه خرج حتى أتى البقيع فتطهر فأحسن الطهور ،
 
ثم أقبل فبايع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم على الإسلام ، فلما أمسى جاءوه بما كانوا يأتوه به من طعام فلم يأكل إلا قليلا ، وباللفحة فلم يصب من حلابها إلا يسيرا ، فعجب المسلمون من ذلك ،
فقال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم حين بلغه ذلك : مم تعجبون ، أمن رجل أكل أول النهار في معاء كافر وأكل آخر النهار في معاء مسلم ، الكافر يأكل في سبعة أمعاء وإن المسلم يأكل في معي واحد ، ( ابن هشام 4 / 315 - 316 ) .
وجاء في نوادر الأصول : " عن أبي صالح السمان قال قدم ثلاثون راكبا على رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم من غفار منهم رجل يقال له أبو بصيرة مثل البعير ، فقال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم بددوا القوم وجعل الرجل يقيم الرجل والرجل يقيم الرجلين على قدر ما عنده من الطعام حتى تفرق القوم غير أبى بصيرة ،
فقال : وكل القوم يرى أن ليس عنده ما يشبعه ، فلما رأى رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم ذاك قام واستتبعه فتبعه فلما دخل دعا له بطعام فوضعه بين يديه فكأنما لحسهن ثم دعا بقدح فجعل فيه مشربه حتى حلب له في سبعة أقداح فشربها ، فبات عند رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم يعرض عليه الإسلام فتكلم منه بشيء فلما خرج رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم إلى صلاة الغداة واستتبعه فتبعه فصلى معه الغداة ، فلما سلم رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم أقبل على القوم بوجهه فقال : علموا أخاكم وبشروه ،
فأقبل القوم بنصح يعلمونه وألقى عليه رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم ثوبا حين أسلم ثم قال ، فاستتبعته فتبعه ، فلما دخل دعا له بطعام فوضعه بين يديه ، فلم يأكل إلا يسيراً ، حتى قال : شبعت ، ثم دعا له بقدح فحلب فيه ، فلم
 
“ 436 “ 
 
يشرب إلا يسيرا حتى قال رويت ، فضرب رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم على منكبه ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنى رسول الله ، إنك كنت أمس كافراً وإنك اليوم مؤمن وإن الكافر يأكل في سبعة أمعاء ، وأن المؤمن يأكل في معي واحد . كما وردت رواية مشابهة في موطأ مالك ، ومسند ابن حنبل ، ( عن مآخذ / 160 - 161 ) .
 
( 73 ) : الناس على دين ملوكهم ، حسوب إلى الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم . وفي شعر الشاعر ( المتنبي ) :وإنما الناس بالملوك وما * تفلح عرب ملوكها عجم( 78 ) : أبو قحط عوج بن غز : بالطبع أبو قحط كنية ساخرة وعوج بن غز تحريف عن عوج بن عنق ، والغز هم الترك ويضرب بهم المثل في الإغارة وعوج بن عنق كما ورد في قصص الأنبياء للثعلبي ، " كان طول عوج ثلاثون وعشرين ألف ذراع وثلاثمائة وثلاثين ذراعا بالذراع الأول ،
وكان عوج يحتجز السحاب ويشرب منه الماء ويتناول الحوت من قرار البحر فيشويه بعين الشمس يرفعه إليها ويأكله ، ويروى أنه أتى نوحا أيام الطوفان فقال له : احملنى معك في سفينتك ،
فقال : اذهب يا عدو الله فإني لم أومر بك ، فطبق الماء الأرض من سهل ومن جبل وما جاوز ركبتيه وعاش ثلاثة آلاف سنة حتى أهلكه الله على يد موسى ، وكان لموسى عسكر فرسخ في فرسخ فجاء عوج ونظر إليهم ثم جاء إلى الجبل وقد منه صخرة على قدر العسكر ثم حملها ليطبقها عليهم ، فبعث الله عليه الهدهد ومعه الطيور فجعلت تنقر بمناقيرها حتى تورت الصخرة ، وانتقبت فوقعت في عنق عوج بن عنق فطوقة فصرعته ، فأقبل موسى وطوله عشرة أذرع وطول عصاه عشرة أذرع وقفز إلى فوق عشرة أذرع فما أصاب منه الا كعبه وهو مصروع في الأرض ، فقتله ، قالوا فأقبل جماعة كثيرة ومعهم الخناجر فجهدوا حتى حزوا رأسه ، فلما قتل ، وقع على نيل مصر فحسره سنة " . وعنق هي أمة بنت آدم عليه السلام
( عن هوامش الكتاب الثاني من المثنوى ، كفافى ، ص 517 - 518 ) .
 
( 88 - 89 ) : فكرة أن الذي يمتلئ فكره بشئ ما في اليقظة يحلم به أثناء النوم ، وردت في كتاب ابن سيرين ، كما أثبتها علم النفس الحديث .
 
“ 437 “
  
( 93 ) :لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً( الفرقان / 14 ) ( 101 ) عن صبغة الله انظر الكتاب الأول البيتين : 769 - 770 .
وصبغة الله هي صنع الله في خلقه البعيد عن الروائح والألوان وعما درج عليه الناس من ربط الأشياء بالأسباب أو ما فسره نجم الدين كبرى في تفسير الآية الكريمة صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ( البقرة / 138 ) .
 
كما أن للكف صبغة فللدين صبغة ، فليس العبرة فيما يتكلفه الخلق وإنما العبرة فيما يتصرفه الحق فتصيب الأشباح من صبغة الله توفيق القيام بالأحكام وحظ القلوب منها تصديق المعارف بالعوارف وكفل الأرواح منها شهود الأنوار وكشف الأسرار والمراد أيضاً بصبغة الله دينه الذي فطر الناس عليه ( مولوى 5 / 20 ) .
 
( 106 ) : بالنسبة للهدم الذي هو تعمير ، انظر تفصيلات في الكتاب الرابع ، الأبيات 2341 - 2350 وشروحها .
 
( 112 ) : من أنواع التكريم الذي خص به الله سبحانه وتعالى نبيه محمداً صلّى اللّه عليه وسلّم أنه أقسم به وبحياته ، فقال عز من قائل :لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ( الحجر / 72 ) . والبيت 111 يشير إلى إيمان مولانا بأن جسم رجل الحق لا يعرفه جسد مادي آخر ، انظر بيت 30 من الكتاب الثالث ( استعلامى 5 / 214 ) .
 
( 122 ) :إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ ، يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ( الفتح / 10 ) .
( 123 - 131 ) : عندما رأى الكافر أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم هو الذي يغسل ملابسه بنفسه ، تجلى له كفره على أسوأ صورة ، فأصابته حالة من الوجد بحيث حذر الناس من الاقتراب منه ، لقد تجلت له حقارته التي لا نهاية لها إلى جوار العظمة التي لا نهاية لها المتمثلة في تواضع الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ، ومولانا جلال الدين يرى أن حالات السكر والوجد قد تطرأ على الكافر ، ربما كان مثالها الواضح في المثنوى ما ورد في قصة ذلك الشيخ من قوم فرعون الذي طلب من
 
“ 438 “
  
زاهد من قوم موسى أن يملأ له ماء النيل ليشرب دون أن يتحول إلى دم ( الأبيات 3495 وما بعدها وشروحها من الكتاب الرابع ) .
 
( 134 - 143 ) : يدق مولانا جلال الدين على فكرة أن الله سبحانه وتعالى عندما يرضى على عبده يهبه البكاء والضراعة . ومن البكاء والضراعة تجيش الرحمة الإلهية ، مثلما يفور ثدي الأم باللبن لبكاء رضيعها .
فكان بكاء الرضيع هو الذي جلب اللبن ، مثلما يجلب بكاء التائب الرحمة ، ومن هنا فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ( التوبة / 82 ) .
ليس هذا فحسب بل إن عماد الدنيا كلها البكاء والحرقة ، ومع السحاب وحرقة الشمس ، فكأن العالم بأكمله وحدة واحدة ، تتجلى في مظاهر الطبيعة مثلما تتجلى في نفس العبد ، وفي علاقته مع ربه ، وفي علاقته بالبشر ، والبكاء هو آية إظهار الخضوع . والفكرة هنا تكرار لما ورد في الكتاب الثاني ( الأبيات 1659 - 1669 )
وفسر شيخنا كفافى الحرارة بأنها حرارة القلب ، والماء بأنه دموع الخوف والرجاء والبستان بأنه عالم الروح ( ثان 489 ) .
وسيأتي تفسير آخر للبكاء والدمع في نفس هذا الكتاب في الأبيات 1271 وما بعدها فلتطلب في موضعها من النص والشرح .
 
( 146 ) : إشارة إلى الآية الكريمةوَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً( المزمل / 20 ) .
( 147 ) : إشارة إلى الحديث القدسي : ( أعددت لعبادي الصالحين المتطهرين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) " .
( 149 ) : إشارة إلى الآية الكريمةإِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً( الأحزاب / 33 ) . ومن تعليق ليوسف بن أحمد : فإن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم طهر ثوب الضيف بيده وأشار بهذا الصنيع إن الذي لا يتجنب كثرة الأكل والشرب لا ينجو من النجاسة ولا يتخلق بأخلاق أهل البيت ( مولوى 5 / 26 ) .
 
“ 439 “ 
 
( 153 ) : إشارة إلى حديثين نبويين : [ نفسك مطيتك فارفق بها ] و [ أعط كل بدن ما تعوده ] .
( 161 ) : عن الحزم وعدم التردد ، انظر الكتاب الثالث ، الأبيات 2884 - 2849 وشروحها .
( 164 ) : [ حفت الجنة بالمكاره والنار بالشهوات ] حديث نبوي ، ( جامع 1 / 148 ) .
( 167 ) : إشارة إلى الآية الكريمةوَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ( الشورى / 38 ) .
وعن رفقة العقل لعقل صديق ، انظر الكتاب الرابع ، الأبيات 1970 وما بعده وشروحها .
 
( 174 - 182 ) : الدهليز في رأى للسبزواري هو عالم الطبيعة شبه بالدهليز لضيقه ( شرح مثنوى 333 ) و " ألست " و " بلى " إشارة إلى العهد والميثاق الوارد في الآية الكريمةوَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ( الأعراف / 172 ) أي قلنا في عالم الأرواح بلى فأرسلنا إلى محكمة الدنيا لنشهد ، وحملنا هذه الأمانة ، فعلينا أن نؤديها قبل أن تغرب شمس الروح ، هذا العهد وهذه الأمانة هي الالتزام الإنسانى الأول ، وهذا العهد هو جذور الإنسان كما
 
ورد في الأبيات ( 1166 - 1170 )
من الكتاب الذي بين أيدينا وسوف يرجع إليها في موضعها .
( 183 - 195 ) : مثلما يكون الإنسان شاهدا على وجود الإله وشهادته هذه هي العهد الموجود بينه وبين الله تعالى منذ يوم الميثاق فإن أعمال الإنسان نفسها شهود عليه . إنها كلها تدل على باطنه وعلى ما في هذا الباطن من جواهر أصيلة تترجم إلى أعمال وعلى إجابته بالإيجاب في يوم العهد ، وهذه الشهادة إن أديت رياء وسمعة فهي تخرج من محكمة عدل الإله ، فضلا عن أنها تطعن في صوم الصائمين وزكاة المزكين بإخلاص ، لكن بالرغم من هذا تظل رحمة الله سابقة غضبه ، وتمنح هذا الاعوجاج نورا إليها فينقلب إلى استقامة ،
 
“ 440 “
  
ويعتبر العمل الذي أدى رياء وسمعة عملا من البر والإخلاص ، وأعمال الإنسان تصديق على إيمانه والإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل .
 
( 200 - 215 ) : الأعمال تغسل الذنوب ، ثم يغسلها الله سبحانه وتعالى تماما كالماء ينزل طهوراً من السماء ، فيتكدر ، فيرفعه الله سبحانه وتعالى ، ليعود طاهراً مطهرا ينادى أولئك الذين دنستهم الأفعال الشيطانية والتسويلات النفسانية . هذا الماء الطهور هو الفيض الإلهى هو الرحمة الإلهية ( وهو فيض الله الذي لا ينقطع ونور الله الذي لا يأفل ) . ( سبزوارى 343 - وانظر 3 / 1275 ) وكما أن الماء لا يلزم إن لم يوجد الدنس . فالرحمة لا توجد إن لم توجد المعصية ، هذه هي سعة روح مولانا جلال الدين وسعة أفقه ، فلا يلزم أن يكون الإنسان ملاكا ، لكي تدركه رحمة الله ، بل هي أولى بالعصاة ( انظر الكتاب الرابع ، شرح الأبيات 81 - 94 ) .
 
( 221 - 223 ) : يفسر مولانا جلال الدين ما هو المقصود بهذا الماء ، إنه أرواح الأولياء ، ( انظر الكتاب الرابع 4 / 3358 وما بعدها ) هي التي تغسل ما لحق بالنفوس الإنسانية من كدر ، ثم تعود إلى مولاها فيطهرها ، وهذا العود عروج معنوي لا مكاني وعن زيد بن علي ابن الحسن رضي الله عنهم أجمعين ، قال : قلت يا أبت أليس الله جل ذكره لا يوصف بمكان ، فقال : بلى : تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا ، فقلت : فما معنى قول موسى عليه السّلام لرسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم ( في المعراج ) : ارجع إلى ربك ؟ فقال رضي الله عنه : معناه قول إبراهيم عليه السّلام [ إني ذاهب إلى ربى سيهدين ]
ومعنى قول موسى عليه السّلام [ وعجلت إليك رب لترضى ] ومعنى قوله عز وجل : [ ففروا إلى الله ] يعنى فحجوا إلى بيت الله ، يا بنى إن الكعبة بيت الله فمن حج البيت فقد قصد إلى الله والمساجد بيوت الله فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه ، والمصلى ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي الله عز وجل ( جعفري 11 / 157 - 158 ) .
  
“ 441 “
  
( 224 - 226 ) : معراج العودة إلى الله إذن هو الصلاة ، ومن ثم كان صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أهمه أمر قال :
أرحنا بها يا بلال ، فهي معراج المؤمن ، ومن هنا فعند الخروج منها يسلم المؤمن دليلا على عودته من معراجه .
 
( 227 - 234 ) : وهذه كلها مجرد وسائط وإلا فإن لطف الله سبحانه وتعالى ينصب على عباده دون واسطة ، ودون مساعدة من أحد ، المريد فحسب هو الذي يحتاج إلى المرشد يأخذ بيده ، لكن المرشد نفسه في غنى عن الواسطة ، والعوام هم الذين يتعلقون بالوسائط والأسباب ( عن الأسباب ، انظر الكتاب الثالث البيت 3155 وما بعده ) ، البيت 2516 وما بعده ، والسمندل في المثال المذكور كناية عن أهل الله ، الخليل هو الذي يدخل النار فتكون عليه برداً وسلاماً ، وأهل الله هم الذين يشبعون دون خبز ، واللطف من الحق وإن كان الناس يلتمسونه في الرياض والبساتين . ( انظر حكاية الصوفي المراقب في الرياض في الكتاب الرابع ، الأبيات 1358 وما بعدها ) . لكن أهل الله والأنبياء يجدون هنا الأمور مباشرة ودون واسطة أو علة أو كسب .
 
( 235 - 240 ) : وردت الأفكار الواردة هنا في الكتاب الثالث ، انظر الأبيات 2702 وما بعدها وشروحها ، وفي الكتاب الرابع ، انظر الأبيات 1794 وما بعدها وشروحها .
( 248 - 250 ) : إن ما يصاحب العبادات من حركات وتصرفات هي بمثابة العرض ، والعرض ما هو إلا مظهر لجوهر ما ، وقد تناول مولانا جلال الدين هذه الفكرة في الكتاب الثاني
 
( الأبيات 948 - 970 وانظر أيضاً 4 / 809 ) . ولقد سكت مولانا هنا عن قول الغلام أي بحشر الأعراض ، لكنه في الأبيات التي بين أيدينا يوحى بقوله بعدم حشر الأعراض ، بل إن حصادها من بقاء جوهر الروح الذي هو الدليل يوم الحساب على أن هذه الأعراض قد تم القيام بها .
 
( 255 - 260 ) : يشير مولانا جلال الدين إلى هذا المرض المستشرى ، التناقض الشديد بين القول والفعل، يعشق الإنسان العدالة ومع ذلك يمارس الظلم ، يتحدث عن الأمانة ويخون،
 
“ 442 “
 
يعشق العلم ويستخدمه كأداة للوصول إلى المال والجاه والمنصب ، ينطلق في الحديث عن التصوف وأعلامه دون أن يحاسب نفسه أدنى حساب . هذا التناقض بين الأقوال والأفعال هو الذي تعبر عنه الآية الكريمةإِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى( الليل / 4 ) .
أي متعدد الطرق والمسالك متناقض الأهداف ، أفعالك وأقوالك غير مقبولة ، حياتك لا تدور حول محور واحد لا يبالي بك الله في أي واد هلكت ، ولا يأبه بك أصحاب القلوب ولا بأقوالك أو أفعالك ، بل هم ما دمت في عنادك وفي جدلك هذا ، يعاندونك ، وما دمت في مكرك يمكرون بك ( جعفري 11 / 167 - 168 ) . وفي البيت الأخير إشارة إلى الآية الكريمةفَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ( السجدة / 30 ) .
 
( 267 - 272 ) : إشارة إلى الآيتين الكريمتين :قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً ، وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً( الإسراء / 63 - 64 ) .
 
( 273 ) : إشارة إلى حديث نبوي ، قاله الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم لسيدنا على رضي اللّه عنه ما معناه : إذا لامست أهلك فقل اللهم جنبنى الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني ، فإن رزقت بولد لم يصبه ضرر . ( عن انقروى 5 / 78 ، وجلبنارلى 5 / 55 ) .
 
( 275 - 276 ) : إشارة إلى أن عازر الذي أحياه سيدنا عيسى عليه السّلام بأمر الله وفي الأناجيل أنه كان امرأة ( عن جلبنارلى 5 / 56 ) وتقول الروايات إن عازر أو اليعازر مات لتوه مرة أخرى بعد أن أحياه سيدنا عيسى عليه السّلام .
 
( 289 - 290 ) : ينقل جعفري هنا حديثا ليس موضعه هو : ما بعث الله رسولا إلا وفي وقته شيطانان يؤذيانه ويفتنانه ويضلان الناس بعده ( 11 / 174 ) لكن الحديث هنا " لكل امرئ شيطان ، لكن شيطانى أسلم " .
 
“ 443 “
 
( 291 - 292 ) : أي إيمان وأية عقيدة لا يمكن أن يقضى عليها إلا إيمان آخر وعقيدة أخرى ، والعشق الإلهى هو قمة الإيمان وفوق أية عقيدة ، بل إن ظاهرة الإيمان نفسها هي من قبيل العشق ، والشيطان نفسه لو أنه ذاق قطرة من منزل سر اليقين ، لتغير حاله وتبدل .
 
( 300 - 304 ) : من مناجاة سيدنا على رضي اللّه عنه الواردة في نهج البلاغة " سبحانك خالقا ومعبوداً بحسن بلائك عن خلقك ، خلقت دارا وجعلت فيها مأدبة ، مشربا ومطعما ، أقبلوا على جيفة افتضحوا بأكلها واصطلحوا على حبها ، من عشق شيئا أعشى بصره وأمرض قلبه " ( عن جعفري 11 / 179 ) .
 
( 305 ) : قال نجم الدين في تفسيرلَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنابالطلب والصدق والشوق والمحبة والوصلوَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَفي الإقبال على استيفاء الحظوظ الحيوانية والإعراض عن الحقوق الربانية .
 
( 307 ) : عن الرائحة والجرعة التي أنزلها الله تعالى من لطفه كنموذج لهذه اللطف في الدنيا حتى يطلب الناس أصلها ومنشأها ( انظر الكتاب الذي بين أيدينا ، الأبيات 375 وما بعدها ) .
 
( 309 ) : عن الدعاء الذي يستجاب دون أن يقال ، انظر الكتاب الثالث : في بيان أن عين دعائك هو قول الحق لبيك ، الأبيات 189 وما بعده .
 
( 310 - 315 ) : لقد صور الله سبحانه وتعالى صورا جميلة من العدم ، لكنه جعلها كالحروف ، وعن طريق قراءة هذه الحروف يمكن للمرء أن يقرأ كتاب الجمال الكلى ، وإلى مثل هذا ذهب الشيخ الشبسترى :
كل ما هو موجود عيانا في الكون * كانعكاس شمس ذلك العالم والدنيا كالجديلة والخط والخال والحاجب * كل شئ فيها حلو في مكانه ( عن استعلامى 5 / 225 )
 
“ 444 “
 
ومن هنا فخليق بالأفكار والعقول أن تتجه إلى العدم ، فمن العدم يتأتى الوجود ، فكأن العدم هو أساس الوجود وهو مصنعه ، ووردت الفكرة في 3 / 377 ولتفصيل هذه الفكرة ، انظر الكتاب الرابع ، الأبيات 2441 - 2468 وشروحها .
 
( 317 - 327 ) : لا يزال يفصل فكرة أن منشأ الموجودات كلها من العدم ، فالعقول النورانية تقرأ كل يوم من اللوح المحفوظ حظها ، أي تكون كل اهتماماتها من لدن الحكيم الخبير ، فعقل المعاد هو الذي يخط حروفا على صفحات القلوب بلا بنان ، لكن أرباب الشهوات في حيرة من هذه الخطوط ، لأن كلا منهم مرتبط بخيال ما قد عكف عليه ، وكل إنسان تتفرق به السبل ، ما دام قد انصرف عن البحث عن قبلة الروح ، هذا الخيال من بحث عن الذهب أو الدر أو الزهد والتزهد أو قطع الطريق ، أو الطبابة ، كل إنسان وما ينبعث من باطنه ، ذلك أنه إذا اختفت قبله الروح أو الهدف الأسمى فإنما يبحث كل إنسان عن شفاء لعليل نفسه في ناحية ما .
 
( 335 ) : الساهرة المراد بها يوم الحشر إشارة إلى الآيات الكريماتيَقُولُونَ أَ إِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ ، أَ إِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً ، قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ ، فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ ، فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ( النازعات 10 - 14 ) .
 
( 336 ) : الشموع الموجودة في الدنيا كناية عن الخيالات والاهتمامات الموجودة في الأبيات من 317 - 327 .
 
( 338 - 339 ) : النار الموسوية الإقبال : هي تلك النار الإلهية التي شاهدها موسى عليه السّلام على الجبل ، والتي نودي عندها ، وهي رمز للشهود الإلهى والدخول إلى الحقيقة .
( 341 ) : شمع الظفر كناية عن معرفة الله سبحانه وتعالى بنور الله ، وكلما أفنى المرء نفسه فيه تحقق وجوده تحققا أكثر ، وظفر بالوجود الخالد .


“ 445 “
 
( 342 ) : شمع السوء كل ما شغل عن الحق من اهتمامات وخيالات مذكورة آنفا ، وكل ما شغلك عن الحق هو طاغوتك .
( 344 - 345 ) : احتراق الشموع غير الحقيقية كناية عن فناء كل ما يشغل الإنسان عن الهدف الأسمى .
 
( 350 ) : الأعزاء هم الصوفية ، واللاصوب أو اللا مكان هو ما لا تحده جهات الدنيا .
 
( 353 ) : ديدن الصوفية هو على غير ما تعارف عليه أهل الدنيا ، والصوفي لا يمزق القباء إلا وجداً ، والوجد هو قمة الشعور والإحساس الصوفي ، فكأنه يبلغ بالتمزيق ما لا يبلغه غيره بالرتق .
 
( 354 - 355 ) : الحكاية المذكورة هنا واردة في مقالات شمس الدين التبريزي : مزق جبته ، وقال : وافرجاه فسميت الجبة الممزقة فرجية ( مقالات شمس ، ص 295 من طبعة محمد على موحد طهران 1369 ه - ش ، مآخذ / 161 ) وربما يمزق الصوفي قباءه وجدا ، ومن ثم شاع لبس الجبة الواسعة ذات الأكمام الواسعة والتي لا ياقة لها والرسم السائد عند المولوية أن يلبس الشيخ خرقة ذات أكمام ، أما المريد فجبة بلا أكمام ، ثم سميت فيما بعد الخرقة ( جلبنارلى 5 / 73 - 72 ) .
 
( 356 ) : ثم يعود مولانا ويقول إنه لا حاجة للصوفية بالألفاظ والألقاب والرسوم ، فكلها كدر ، والصوفي لا يهمه إلا الصفاء .
( 362 ) : الجبة هنا هي الوجود ، وهي الجسد ، وهي النفس فبدون تمزيقها لا يتأتى الصفاء الحقيقي .
 
( 363 - 370 ) : إياك أن تظن أن التصوف هو الخرقة وما إليها ، إنك إن ارتديت الخرقة هادفا ذلك الصفاء الذي ينبغي أن يتميز به الصوفي . يجمل بك ذلك ، لكن إذا انتقلت سريعا من الخيال والوهم ، إلى الحقيقة لم تعكف على الانتقال من خيال إلى خيال ومن وهم إلى وهم
 
“ 446 “
 
وكل وهم يسد الطريق أمامك ويقول لك : قف هنا ، إنك وصلت ، فتظن أنك وصلت من حيث فصلت . والملك الحقيقي هو الذي لا تسيطر عليه هذه الخيالات والأوهام ، إنه يبدي هيبة الملك وينطلق في طريقه وهو يعرف هدفه تماما .
 
( 372 - 389 ) : ترى ما هو سر الجمال وسر العظمة الموجودة في هذا العالم ، الذي نسميه عالم الوجود ، ما الذي فيه ويجذبنا إليه كل هذا الانجذاب ؟ ! يجيب مولانا جلال الدين على هذا السؤال إجابات مختلفة ، ففي الكتاب الثالث ، يرى أن كل سعادة نابعة من القلب ، لطف اللبن والعسل ، إنما ينبع من القلب ، ومن ثم ، فالقلب هو الجوهر ، والعالم كله عرض بالنسبة له ، هو الحقيقة وكل ما سواه ضلال ( انظر جعفري 7 في شرح الكتاب الثالث الأبيات 2246 وما بعدها ) .
الإجابة الثانية هي ما يوجد بالأبيات التي بين أيدينا ، إنها جرعة من كأس الجمال الإلهى صبت على هذا التراب القبيح كما يصب الكرام جرعة على الأرض :شربنا وأهرقنا على الأرض جرعة * وللأرض من كأس الكرام نصيبومن هذه الجرعة التي تبلغ عشر معشار الجمال الحقيقي يوجد كل ما في عالم الكون من جمال ، مجرد صدى من الجمال الحقيقي انعكاس نور الشمس على الجدران الصماء ، كما ورد في الكتاب الثالث ، وعند سعدى الشيرازي يظل معدن الجمال هو الإله نفسه ، وهو معنى تكرر عند مولانا جلال الدين أيضاً يقول سعدى :
إنني سعيد من الدنيا لأنها تنضرت من هو * وأنا عاشق لكل العالم لأن كل العالم منه ( عن جعفري 11 / 196 - 197 ) ( 390 - 392 ) : جرعة الجمال التي صبت على الحمأ المسنون هي كما هو واضح الروح ، والجرعة الأخرى هي التوفيق الإلهى للخلاص من تبعات الحمأ المسنون .
 
( 395 ) : الطاووس ذو اللونين هو رجل الجاه والمال والدنيا يتجلى بمظهره فيخلب اللب وينظر إلى باطنه فإذا هو كساق الطاووس .
 
“ 447 “
 
( 400 - 410 ) : وهناك من البشر من هم على مثال الطاووس ، إنهم يهتمون بظواهرهم ، فظاهرهم خلاب ، كلامهم سلس ولين ، ودودون ، إن كل هذه شباك يصيدون بها الخلق ويمضى عمرهم ، ويقترب من نهايته ، وهم مغترون بأن " معارفهم كثر " ، وأصدقاءهم ( في كل مكان ) ، فما فائدة صيد الخلق ، إنك إنما ألقيت بنفسك في شباكهم ، ولم تصد في النهاية شيئا ينفع ، إنه أشبه بصيد الخنازير ، لقد ربيت في نفسك الكبرياء ، الناس مخدوعون بك ، وأنت مخدوع بنفسك .
 
( 411 - 417 ) : لقد صرفك غرامك بصيد الخلق عن الاهتمام بصيد العشق ، لكن العشق لا يصاد ، بل يصيد ، فدع كونك صيادا إذن وانقلب إلى صيد ، والملوكية الحقيقة في العبودية لله والملوك الحقيقيون هم أولئك الذين ملكوا أنفسهم وسيطروا على شهواتهم فوجدوا الملك الإلهى أما ملوك الدنيا فما أشبههم بقبور الكفار ، ظاهرها جميل ، لكن في باطنها غضب الله عز وجل ، نفس الأبيات التي ذكرها محمد إقبال وهو يصور الحضارة الغربية ، ( كبرياء وعنجهية وتسلط وظاهر خلاب ثم قهر الله عز وجل ) .
 
( 422 - 423 ) : النار هنا هي نار الطاعات والمجاهدات وترك الأهواء على فحوى حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات ، ونهر الكوثر هنا ، رمز للشهوات تطير في عيون أهل الدنيا كأنها مياه الكوثر فيعرضون عن الطاعات وهي في الحقيقة الكوثر ويرغبون في الشهوات التي هي في الحقيقة نار ، وهذا هو اللعب المعكوس ( مولوى 5 / 68 ) وهذا أشبه بقول ابن الفارض :فإحياء أهل الحب موت نفوسهم * وموت قلوب العاشقين مصارعوربما استند هنا مولانا على قول منسوب للإمام على رضي اللّه عنه : " سبحان من اتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته واشتدت لأعدائه نقمته في سعة رحمته " ( انقروى 5 / 119 ) وقوله تعالىالَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا( الملك / 2 ) .
 
“ 448 “
 
( 451 ) : إشارة إلى الآية الكريمة وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ( إبراهيم / 46 ) .
 
( 454 ) : في النص " خوش جواز " وقد ترجمتها " أحل الطيبات " ، أي أجازها . وروى استعلامى حديثا هو : قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم : كان من خلقي الجواز " ( 5 / 234 ) أما عن العقل :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم : بم يتفاضل الناس في الدنيا ؟ قال صلّى اللّه عليه وسلّم :
بالعقل ، قلت : وفي الآخرة ؟ قال : بالعقل ، قلت : أليس ما يجزون بأعمالهم ؟ قال : يا عائشة وهل عملوا إلا بقدر ما أعطاهم الله من العقل ، وبقدر ما أعطوا من العقل كانت أعمالهم وبقدر ما عملوا يجزون ، وقال صلّى اللّه عليه وسلّم : إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ولا يتم لرجل حسن خلقه حتى يتم عقله فعند ذلك تم إيمانه وأطاع ربه ، وعن أبي سعيد الخدري ، قال صلّى اللّه عليه وسلّم : [ لكل شئ دعامة ودعامة المؤمن عقله بقدر عقله تكون عبادته ] ( انقروى 5 / 126 ) .
 
( 459 ) : بشأن مناقشة قضية تفاوت العقول من الفطرة انظر الكتاب الثالث الأبيات من 1540 وما بعدها وشروحها .
 
( 467 - 475 ) : ليس المقصود بالأمر أمر إقبال وحظ وأن الأمور تجرى بالمصادفة بل الأمر كله من عطاء الله ومن توفيقه ، فليس عليك أن تعتمد على عظمة عقلك الجزئي ، فهذه العقول الجزئية لا قيمة لها إلى جوار العقل الكلى ، والحل هنا هو التواضع والتسليم ومعرفة أن قدرة الخلق مهما عظمت إلى حدود ، وأن مكر الإنسان لا يساوى شيئاً إلى جوار مكر الله ، وإن الأمر منوط بالدعاء والضراعة والدموع ، فقلل اعتبار القوة هنا ذات فعل أو أثر .
 
( 469 ) : المقصود بأن تجد النبوة في الأمة ، أن تجد المشيخة ورتبة الإرشاد ، فالشيخ في قومه كالنبي في أمته .
 
( 477 ) : الحكاية التي تبدأ بالبيت من الحكايات المشهورة في التراث العربي ، ولم يلتفت إليها فروزانفر في " مآخذ قصص وتمثيلات مثنوى " ونظمها شاعر مصرى معاصر . والبيت المذكور لأبى المهوش الأسدي ورد في الميداني ( 3 / 216 ) من تحقيق أبى الفضل إبراهيم ،
 
“ 449 “
 
دار الجبل . والشاعر المعاصر المصري الذي نظمها هو حافظ إبراهيم وأشار إلى أنها مثل ، ولم أجد هذا المثل على طول ما بحثت عنه ، 
يقول حافظ في قصيدته في الدعوة إلى الجامعة المصرية :
ودونكم مثلا أوشكت أضربه * فيكم وفي مصر إن صدقا وإن كذبا
سمعت أن امرءًا قد كان يألفه * كلب فعاشا على الإخلاص واصطحبا
فمر يوما به والجوع ينهشه * نهشا فلم يبق إلا الجلد والعصبا
فظل يبكى عليه حين أبصره * يزول ضعفا ويقضى نحبه سغبا
يبكى عليه وفي يمناه أرغفة * لو شامها جائع من فرسخ وثبا
فقال قوم وقد رقوا لذي ألم * يبكى ، وذو ألم يستقبل العطبا
ما خطب ذا الكلب ؟ !
قال الجوع يخطفه * منى ، وينشب فيه النار مغتصبا
قالوا وقد أبصروا الرغفان زاهية * هذا الدواء فهل عالجته فأبى
أجابهم ودواعي الشح قد ضربت * بين الصديقين من فرط القلى حجبا
لذلك الحد لم تبلغ مودتنا * أما كفى أن يراني اليوم منتحبا
هذى دموعي على الخدين جارية * حزنا وهذا فؤادي يرتعى لهبا
( ديوان حافظ إبراهيم ، ص 161 - 162 ، ج 3 ، المطبعة الأميرية ، مصر 1948 ، تحقيق أحمد أمين ، أحمد الزيني ، إبراهيم الأبياري ) .
 
كما علق عليها شاعر قديم ببيت شعر جرى مجرى الأمثال :
لا ألفينك بعد الموت تندبني * وفي حياتي ما زودتنى زادي
والحكاية تبين نوعا من البشر يوجد في كل زمان ومكان ، ذلك الذي لا يتجاوز تعاطفه الكلمات الرنانة وذرف الدموع وإعطاء الكلام حقه والتفجع ما ينبغي له ، لكنه لا يتجاوز هذا الأمر نحو أي نوع من الفعل ولو كان قادرا عليه ، فرسان الكلام وأبطال المقال هؤلاء كانوا
 
“ 450 “

يثيرون مولانا جلال الدين ويشحذون مقدرته على السخرية ، وهؤلاء لا يكذبون على البشر فحسب بل يكذبون على أنفسهم قبل أن يكذبوا على الخلق .
 
( 486 - 491 ) : هذا الصنف من الناس مستعد لكل ما ليس من شأنه أن يجعله ينفق شيئاً أو يبذل جهداً ، إنه يظن من خسته أن الدمع أرخص من لقمة الخبز ، مع أن الدمع هذا دم تحول إلى ماء ، إن الدمع الحقيقي والبكاء الحقيقي يجعل السماء نفسها تبكى معه ، تتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يقبل ضراعته ويقبل بكاءه مصداقا للحديث النبوي : [ بكت السماوات السبع ومن فيهن ومن عليهن والأرضين السبع ومن فيهن ومن عليهن لعزيز ذل ، وغنى افتقر ] ، لكن الذي لا يبذل وجوده في سبيل الله هو من قال الله في شأنه :فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ.
 
( 492 - 495 ) : النحاس العابد للهمة هو الإنسان عندما يدرك جوانب نقصه ويحس بالانكسار ويعرض نفسه على كيمياء التبديل فيتضرع تاركا جوانب المكر والاحتيال ، والحول والطول مسلماً نفسه لكل ما تأمر به الإرادة الإلهية .
 
( 499 - 500 ) : جناح طاووسك هو عجبك وكبرياؤك وحولك وقوتك وما يبدو أنه وسائل في يدك وهو ما تراه جميلا في وجودك جديراً بأن ينظر إليه الناس ، بل انظر إلى القدم من هذا الطاووس إلى ألوان قبحك وضعفك واحتياجك وانكسارك ولتخش على الأقل وأنت تعرض جوانب القوة فيك من نظرات الحاسدين ، واقرأ الآية الكريمةوَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ، وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ( القلم ( 51 / 52 ) . قال البيضاوي : والمعنى أنهم لشدة عداوتهم ينظرون إليك شذرا بحيث يكون يزلقون قدمك ويرمونك من قولهم نظر إلى نظرا يكاد يصرعنى ، أو انهم يكادون يصيبونك بالعين ، إذ روى أنه كان في بنى أسد حاسدون فأراد بعضهم أن يعين رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم أي يصيبه بالعين ، فنزل ، وفي الحديث : إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر .
“ 451 “
 
( 512 - 514 ) : والأمور كلها موكولة إلى القضاء لكن الأمر يكون في حاجة إلى سبب ، فالعين حسودة تصيب مثلما تكون الساقية ، ظاهرة في دوران الماء لكن الماء هو الذي يديرها . ومن الممكن أن تقف عين المرشد الطيبة أمام العين الحسودة ، فالعين الطيبة من الرحمة ، والعين الحسودة من النقمة .
 
( 517 - 524 ) : عودة إلى قصة سيدنا إبراهيم عليه السّلام فحرص البط حرص إلى الطعام ، وحرص الطاووس حرص إلى الزينة والشهرة والكبرياء ، والعجب والتفاخر ، وهذا المقصود ، بإضعاف الحرص إلى الطعام ، وإذا كنت تريد مثالا لزلة البطن والباه فانظر إلى آدم ، إن زلته تنزل وليست كبرياء إنها مرض لكنها ليست كزلة إبليس ، كبرياء وعجب وحرص على الرئاسة ، وفي الحرص على الرئاسة أنواع من الأمراض النفسية تزيد على هذا الأمر زيادة كبيرة ، إنه يصل إلى مرحلة الشيطنة نفسها ، بل قد يزيد ويصبح طامعا في مقام الألوهية ، فالمال حية والجاه أضر منها .
 
( 526 - 530 ) : إن عشق الجاه والسلطة ليس مجرد شهوة بسيطة إلى الطعام أو إلى النساء ، لا تلبث أن تطفأ ، لكنها شهوة لا تشبع ، إذ لا نهاية لها ، إن كل متجبر جبار ، يكون كالنار تأكل كل شئ ، والطاغية يكون دائما في حاجة إلى وقود لناره هذه ، ومن هنا فهو يفتك بكل من يتصور أن ينازعه حتى لو كان ابنه ، ومن هنا قيل : " الملك عقيم " ، ويمضى مولانا مع سيكولوجية الطغيان إلى نهايتها ، فالطاغية كالنار والنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله .
 
( 531 - 534 ) : إن من العصمة ألا تجد " في طلب البسطة لا تجتهد " هكذا قال مولى المتقين علي كرم الله وجهه ، فما دمت لا تملك شيئاً ، ولا تتصدر وتبدى رأسك فلن تصير هدفا للسهام ، إن جبارى الأرض لا ينتبهون إلا إلى أولئك الذين ينتظرون منهم الخطر ، وما دمت متواضعا فلن تثير خوفا من طاغية ، ( انظر أيضاً شروح الأبيات 778 - 789 من الكتاب الثالث ) .
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: