الاثنين، 10 أغسطس 2020

01 - مقدمة المترجم المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

01 - مقدمة المترجم المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

01 - مقدمة المترجم المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي (604 - 672 هـ)

 
الكتاب الأول
[ مقدمات التحقيق ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 
تصدير [ عن المترجم ]
أقدم للقارئ العربي ولعشاق الأدب العرفاني الرفيع نصاً من أروع نصوص العرفان إن لم يكن أروعها جميعاً ، النسخة الكاملة ( ستة مجلدات ) لمثنوى جلال الدين الرومي . وكنت قد أصدرت الكتاب الثالث من المثنوى ( الزهراء 1992 ) ثم الكتاب الرابع ( على نفقتي الخاصة سنة 1993 ) وقمت بإعداد الكتابين الخامس والسادس للنشر حين إقترح على عشاق العرفان الإسلامي أن أعيد تقديم الكتابين الأول والثاني لتخرج الترجمة المشروحة بأجاً واحداً ، والواقع أنني ترددت كثيراً في قبول هذا الاقتراح وبخاصة أن مترجم الكتابين الأول والثاني هو أستاذي المرحوم الدكتور / محمد عبد السلام كفافى ، وفي عنقي له كثير من الديون مما يضيق المجال عن ذكره ، وخشيت في البداية أن تفهم إعادتى للترجمة من منطلق أنها اعتراض على عمل الأستاذ ، أو تقليل من شأنه ، وهذا ما لم يدر لي في خلد ، ذلك أنني بعد أن اقتنعت بضرورة أن يقدم المثنوى كاملًا ، كان حافزى على هذا الاقتناع عدة أمور منها :
1 - أنه قد مر على تقديم أستاذي للكتاب الثاني من المثنوى ما يزيد عن الربع قرن . . .
وفي خلال هذه الفترة تعرض النص الذي كان معتمدا للمثنوى وهو نص نيكلسون لكثير من التعديل والمراجعة بعد اكتشاف نسخة قونية التي كتبت بعد وفاة مولانا جلال الدين بخمس سنوات فحسب ، كما ظهرت عدة طبعات من المثنوى يزيد بعضها ( مثل طبعة محمد تقي جعفري ) عن نص المثنوى بما يزيد عن الف بيت موزعة
 
« 6 »
 
على كتب المثنوى الستة ، مما يكشف عن كثير من مواضع الغموض في المثنوى ، ومما استفدت منه في نصى المترجم وفي كثير من هوامش النص .
2 - أن هناك كثيراً من الشروح على المثنوى سواء باللغة الفارسية أو باللغة التركية قد ظهرت خلال هذه الفترة منها شرح جولبنارلى التركي ( والذي ترجم أخيراً إلى الفارسية ) وشرح فروزانفر الذي أتم الكتاب الأول منه سيد جعفر شهيدى ، وهو مشغول الآن - أمد اللَّه في عمره - في إتمام الأجزاء الستة ، وشرح محمد استعلامى ، فضلا عن ظهور العديد من الدراسات عن المثنوى من أهمها دراسات " انا ماريا شميل طارئ " و " عبد الحسين زرين كوب " .
3 - أن نص المثنوى ، وهذا ما ألمحت إليه في مقدمة الكتاب الثالث ، نص ذو مستويات عديدة وأعماق متعددة ، وأن قارىء النص قد يفهمه بشكل يختلف عما فهمه من ترجموا النص من قبله ، فضلًا عن أن ترجمة أستاذي الدكتور كفافى للكتابين الأول والثاني لم تكن الترجمة العربية الأولى ، فقد سبقه يوسف بن أحمد المولوي وعبد العزيز صاحب الجواهر ، وهناك أكثر من ترجمة إلى اللغة الإنجليزية . ومن هنا لم أشر في هوامش ترجمتى على الكتابين الأول والثاني إلى الخلافات بين هذه الترجمة وترجمة أستاذي ، فليس الأمر هنا أمر صواب أو خطأ ، بل قدم كل منا فهمه للنص ، وما جاد اللَّه عليه به من شروح .
4 - أنني قد توخيت في شروح هذه الطبعة الكاملة من المثنوى أن أنظر إلى النص ككل متكامل ، ذلك أن هناك بعض النقاط يشير إليها مولانا إشارة مختصرة في موضع ، ثم يعود ويفصلها في موضع آخر ، ومن ثم تكثر في شروح كل جزء الإحالة إلى بقية الأجزاء .
 
« 7 »
 
هذا ولا زلت أكرر أنني هنا لم أقدم الترجمة الفاصلة القاطعة لمثنوى جلال الدين الرومي ، ولا الشروح التي تقطع قول كل خطيب ، وقد أعود إليه أنا نفسي ، وقد يعود إليه غيرى . . . فكلها عطيات ، والعطيات بقدر القابليات .
هذا وإنني أرجو أن يكون جهدي في تقديم المثنوى كاملًا ومشروحاً وبمجلد خاص كفهارس وكشافات قريناً بتوفيق اللَّه عز وجل ، مقبولًا لدى القارئ المتذوق ، والمتخصص المدقق . . . ومنى الجهد ومنه سبحانه وتعالى التوفيق ، ، ، أ . د . إبراهيم الدسوقي شتا أستاذ ورئيس قسم اللغات الشرقية كلية الآداب - جامعة القاهرة العمرانية في 15 رمضان 1416 فبراير 1996
 
« 8 »
 
مقدمة مولانا جلال الدين الرومي سيرة حياة
1 - ولد محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين ( بهاء ولد ) في السادس من ربيع الأول سنة 604 هـ / 30 ديسمبر 1207 م وإن كان يشير في كتابه " فيه ما فيه " إلى أنه قد شهد بنفسه حصار خوارزمشاه لسمرقند وفتحه إياها ( 604 ه ) . لقب والده بسلطان العلماء ، وهناك رواية أن الرسول صلى اللَّه عليه وسلم هو الذي لقبه هذا اللقب بنفسه في منام رآه كل علماء بلخ في ليلة واحدة ، وكان بهاء ولد من المدرسة الكبروية ( نسبة إلى الشيخ نجم الدين كبرى المشهور بولي تراش أي صانع الأولياء ، وذلك لكثرة من نبغوا من مريديه ، وأصبحوا مشايخ كبار ) وهناك تشابه كبير بين كتاب بهاء ولد المعارف وبين كتب نجم الدين كبرى ، مما يقطع بأنه كان من كبار مريديه ، وهناك أيضاً نسبة لجلال الدين الرومي إلى أبى بكر الصديق رضى اللّه عنه وقد جاهد فروزانفر كثيراً في رد هذه النسبة واعتبارها نسبة مصطنعة ( وكان الشرف لأبى بكر رضى اللّه عنه وليس لجلال الدين ) « 1 » بينما توقفت انا ماريا شميل ولم تقطع فيها برأي ، إلا أنها قالت أنه ليس بين أيدينا سند صحيح لها « 2 » ، كما قيل أيضاً أن أمه كانت من الأسرة الخوارزمشاهية وهو ما قطعت به أن ماريا بأنه ليس صحيحا ، وإن كان تزويج السلاطين ورجال الحكم بناتهم من
.....................................................................
( 1 ) بديع الزمان فروزانفر : زندگانى مولانا جلال الدين محمد ، ط 3 ، تهران 1354 ه . ش ، ص 5 ، 6 .
( 2 ) أنا ماريا شميل طارئ : شكوه شمس ، الترجمة الفارسية لحسن لاهوتى ، ط 2 ، 1370 ه . ش ، 29 .
 
« 9 »
 
كبار المشايخ أمرا نمطيا ( في المثنوى نفسه أكثر من حكاية زواج على هذا النمط وبخاصة القصة الموجودة في بداية المجلد الرابع والقصة الموجودة في آخره ) ، ومن الواضح أن بيئة مولانا جلال الدين قد شهدت أحداثاً دموية إبان التنازع عليها بين الخوارزمشاهين والغوريين والتي حسمت بسقوطها في أيدي الخوارزمشاهيين ، وفي تلك الفترة كانت بلخ مركزاً مهماً من مراكز التصوف الإسلامي مثلما ساهمت من قبل مساهمة فعالة في ظهور التصوف الإسلامي وبلورته ، وكما كانت مركزاً طوال عصورها لعدد كبير من العلماء والمشايخ ، كانت أيضاً في تلك السنوات الأولى من القرن السابع لا تزال متمتعة بهذا المركز العلمي ، كما تمتعت بجو روحاني خاص على أساس أنها كانت واسطة انتقال التعاليم البوذية إلى العالم الإسلامي . وتدل كتابات بهاء ولد وأعمال مولانا جلال الدين على أن الصوفية كانوا في ذلك الوقت يتعرضون لبعض المتاعب من قبل خوارزمشاه بتحريض من العالم الشهير فخر الدين الرازي الذي وردت عنه عدة إشارات في معارف بهاء ولد « 1 » ومقالات شمس « 2 » ومثنوى مولانا جلال الدين ( 1 / 4144 ) ، على أساس أنه يمثل علماء الظاهر والفلسفة في مقابل رجال الباطن والعرفان ، وثمة روايات أن فخر الدين الرازي كان السبب المباشر وراء غضبة خوارزمشاه على الصوفية وإغراق مجد الدين البغدادي في نهر سيحون ( 616 ه ) ومهاجرة بهاء ولد بأسرته من بلخ ، لكنا إذا وضعنا في الحسبان أن فخر الدين الرازي قد توفى سنة 606 وأن الهجرة لم تتم إلا في سنة 616 ، وجحافل المغول على أبواب العالم الإسلامي ، استبعدنا هذه الرواية . وكانت
( 1 ) محمد بن حسين خطيبى بلخى ( بهاء ولد ) : معارف ط 2 تهران 1352 هش ، ص 245
( 2 ) شمس الدين تبريزى : مقالات بتحقيق محمد على موحد ، ط 1 ، 1369 ه . ش ، ص 128 ، 249 .
 
« 10 »
 
على مناطق حكم خوارزمشاه أن تتلقى الضربة الأولى الباطشة ، وكان بين مهاجرة بهاء الدين بأسرته ومريديه وبين سقطوها ودمارها الشامل على أيدي المغول عام واحد أو بعض العام ( سقطت بلخ 617 ) وهناك إشارة في شعر مولانا يقول فيها :
ما دمت في بلخ فامض نحو بغداد أيها الأب *
حتى تصبح في كل لحظة أكثر بعداً عن مرو وعن هراة « 1 »
وبالرغم من أن هجرة مولانا عن موطنه وعن بلاد ما وراء النهر قد تمت في سن مبكرة إلا أن الوجد كان يبرح به حتى أخريات حياته عندما كان يذكر هذه البلاد ، فسمرقند هي موطن السكر ( قند ، أي السكر ) وبخارى هي مجمع العلماء والحياة في هذه البلاد تصور على أساس أنها مليئة بالأبهة والفخامة والعلم وأسباب الدين والدنيا معاً « 2 »
 
 2 - الخلاصة أن بهاء الدين هاجر مع أسرته ومريديه ( يقول سبهسالار أول كاتب لسيرة مولانا جلال الدين أن تعدادهم كان ثلاثمائة شخص ) « 3 » ، واتجهت أسرة بهاء الدين إلى نيسابور ، وهنا التقى الصبى جلال الدين الرومي مع أسرته بالصوفي والشاعر الكبير فريد الدين العطار ، الذي أهدى الصبى نسخة من منظومة " اسرار نامه " . ولا أرى مسوغاً لاعتبار هذه القصة من الأساطير التي وضعها الرواة للربط بين الصوفيين العظيمين ، فمن الطبيعي أن يزور صوفي كبير صوفية المدينة التي ينزل فيها ، ومن الطبيعي أيضاً أن يضيفوه ، وأن
...............................................................
( 1 ) كليات ديوان شمس ، 27844 / ص 1033 .
( 2 ) أنظر وصفه لبخارى في افتتاح قصة العاشق البخاري في الكتاب الثالث ، وتعبيره عن شوق هذا العاشق من بعد نفى طويل ! !
( 3 ) عن انا ماريا ، ص 31 .
 
« 11 »
 
يقوموا بإهدائه ، ومن خلال أعمال جلال الدين نلمح كثيراً من تأثيرات فريد الدين العطار ذكرت في مواضعها من الشروح على النصوص ، واتجهت الأسرة المهاجرة إلى مكة ، حيث ألقت رحلها فترة في سورية ، وكانت مركزاً مهماً من مراكز الحضارة الإسلامية ، وكان الصبى جلال الدين يتزود من كل مدينة تنزل بها أسرته من العلم والحضور على المشايخ والمشاهدات التي مثلت زاداً ظهر في أعماله ، وثمة إشارة إلى أنه حضر على المؤرخ المشهور كمال الدين ابن العديم مؤرخ حلب ، كما أشار في واحدة من قصص المثنوى على احتفالات الشيعة في عاشوراء على بوابة أنطاكية بحلب « 1 » ،
ودمشق والربوة والغوطة والحدائق والبساتين حضور كبير في شعره ( خاصة وقد أحيت وجدانه بعد غيبة شمس الدين الصغرى وهجرته من قونية إلى دمشق ) .
وبعد سنة 617 ( أواسط عشرينيات القرن الثالث عشر الميلادي )
انتقل بهاء الدين ولد مع أسرته إلى الأناضول ( أرض الروم ومن هنا جاء لقب الرومي ) وتوقفوا فترة في لارنده ( قره مان الحالية ) حيث توفيت والدة جلال الدين ، ولا يزال المسجد الذي أقيم لتدفن فيه موضعاً لزيارة القوم . وتزوج جلال الدين بفتاة سمرقندية تسمى جوهر خاتون ، ومنها ولد ابنه سلطان ولد سنة 623 في لارنده ،
 ومن قائل أنه رزق بولده علاء الدين في البداية . إلا أن سلطان ولد كان أثيراً إليه ،
وهو كاتب سيرته في منظومة تركية تسمى ولد نامه ، وفي أخريات عمره صار الخليفة الثاني لوالده على الطريقة المولوية ، ويعتبر مؤسسها وواضع نظمها وتقاليدها وشعائرها . وكانت قره مان عاصمة سلاجقة الروم ، وكان حاكمها علاء الدين كيقباد مغرماً بجمع العلماء العارفين حوله ، وكانت
...............................................................
( 1 ) الكتاب السادس ، الأبيات 782 - 810 .
 
« 12 »
 
حتى ذلك الوقت في أمان من المغول ، إلا أن بهاء الدين لم يلبث أن انتقل مع أسرته إلى قونيه ( حوالي سنة 627 1228 م )
وبدأ في ممارسة نشاطه كواعظ وعارف وعالم وأستاذ يقوم بالتدريس ( وكان من الشائع أنه كان مجرد فقيه إلا أن كتابه المعارف وهو كل ما تبقى عنه يدل على تناسق رائع بين الشريعة والطريقة والحقيقة ويقدم بعض المعارف الصوفية بلغة حافلة بالوجد ومعان وعبارات نقل جلال الدين الرومي بعضها مباشرة ، ومن ثم يعتبر الأستاذ الأول لولده ، لا في مجال العلوم النقلية كما يقول أغلب الباحثين بل في مجال الطريقة نفسه ) وبعد عامين توفى بهاء الدين ( 18 ربيع الآخر سنة 628 / 12 يونيو 1231 م )
موصيا بولده جلال الدين ليحل محله كعالم وواعظ ومدرس ، وأغلب الظن أن مولانا جلال الدين كان يحس آنذاك أنه لم يصل بعد لمرتبة المشيخة العرفانية . وكان يحس أنه حصل من العلم الظاهري كل ما يمكن تحصيله وكان مغرما بالشعر العربي وبالمتنبى خاصة ( هناك أبيات عديدة وردت في المثنوى تكاد تكون ترجمة لبعض أشعار المتنبي ذكرت في مواضعها من الشرح كما كان مفتوناً باللغة العربية « 1 » ) وكان على جلال الدين أن يقوم بمجهود خارق لكي يستكمل بناءه العرفاني .
 
3 - وبعد وفاة بهاء الدين بقليل جاء إلى قونيه أحد مريديه السابقين : برهان الدين محقق الترمذي الذي هاجر في البداية من بلخ إلى موطنه ترمذ ثم هرب إلى أبعد نقاط العالم الإسلامي غرباً ، وسرعان ما انشغل الشيخ برد جميل شيخه في ولده ، فبدأ في تعميق معارفه العرفانية وسرعان ما اكتشف اهتمامه بعمل
...............................................................
( 1 ) يقول في بيت بعد أن ذكر عدة أبيات عربية : هيا فلنتحدث بالفارسية وإن كانت العربية أحلى . كتاب 3 / بيت 2839 .
 
« 13 »
 
والده " المعارف " فأوصاه بعدة دورات من الأربعينية أي الخلوة التي تستمر أربعين يوماً في التأمل والعبادة والتفكير ، وروى أيضاً أنه بإشارة منه أمضى مولانا فترة طويلة في سورية حيث التقى بمحيى الدين بن العربى وسعد الدين الحموي وأوحد الدين الكرماني وكثيرين من صوفية جماعة ابن العربى .
ومن المحتمل أن يكون قد لقى في ذلك الوقت شمس الدين التبريزي دون أن يلتفت كلاهما إلى الأخر ، وهناك عبارة في مقالات شمس تدل على هذا اللقاء الأول « 1 » الذي التقى فيه مولانا مع شمس الدين بينما كان الأخير في حالة استغراق .
على كل حال من الممكن أن يكون مولانا قد از داد اهتماماً بسنائى وبأعماله عن طريق برهان الدين محقق وعلى كل حال فلسنائى حضور كبير أيضاً في معارف بهاء ولد وفي مقالات شمس الدين التبريزي على السواء .
وتقول الروايات أن برهان الدين محقق « 2 » غادر قونية سنة 638 لأن " أسدا هصوراً سوف يصل إلى قونية لم يكن ليستطيع التوافق معه « 3 »
وفي قيصرية طلب من الله سبحانه وتعالى أن يقبض الروح التي أودعها أمانة لديه ( أفلاكى / 68 ) وسرعان ما استجاب الله لدعائه ( حوالي سنة 639 ه )
وسافر مولانا إلى قيصرية وعاد بكتب أستاذه وشيخه ولم ينسه طوال حياته ، فأشار إليه في غزلية من غزليات ديوان شمس ( غ 1912 ، ص 722 ) وفي المثنوى « 4 » وفي " فيه ما فيه « 5 »
...............................................................
( 1 ) جو لبنارلى : مولانا جلال الدين ، الترجمة الفارسية لتوفيق سبحانى ، ص 121
( 2 ) جلال الدين الرومي : فيه ما فيه ، ص 307
( 3 ) أنا ماريا عن سبهسالار ص 33 وانظر لتفصيلات جولبنارلى ص 92
( 4 ) . ( 1 ) ( 2 / 1319 - 1320 )
( 5 ) . ( 111 و 211 - 220 و 307 ) .

« 14 »
 
خلال هذه السنوات التسع - على وجه التقريب - التي قضاها جلال الدين في معية سيد برهان الدين محقق كانت الأناضول تتعرض لهزات داخلية متتالية ، سببها بقايا الخوارزمشاهية الهاربون إلى الأناضول تعضدهم بعض جماعات الصوفية من جهة ، ومن جهة أخرى جماعات الحيدرية والأبدال الروم ذوو الميول الشيعية القوية ، وفتنة بابا اسحق الذي وجد من القوة ما مكنه من الاستيلاء على توقات حتى شنق ( 638 ه ) .
وهذه الجماعات اتحدت كلها في إضعاف الحكام السلجوقيين أمام القوات المغولية الزاحفة فخربت أر ضروم ، وسلمت سيواس على يد قاضيها ، ومن جحافل الهاربين حدثت هزة اجتماعية ، وفي قيصرية قتل كل السكان الذكور ،
ولم يجد حكام قونية بدا من دفع جزية ثقيلة للمغول ، وعندما توفى غياث الدين كيخسرو سنة 643 / 1245 ترك ثلاثة من الأبناء لم يلبث أن قتل أحدهم وحكم الأثنان معاً بعد نزاع طويل وبمباركة من مانجوخان الغازي المغولي ،
ولم يلبث ان قتل الابن الثاني ، ثم أصبح الابن الثالث وهو أصغرهم ركن الدين ألعوبة في يد وزيره معين الدين بروانه ، وتماماً مع هذه الهزات الساسية والاجتماعية المتتالية التي نجد بعض صداها في المثنوى ، كان الإشراق الروحي يزداد عند مولانا « 1 »
وتزداد شخصيته توغلا في داخلها ورؤيته الكونية إتساعاً ، وفي مثل هذه الهزات تروح الشخصيات الإستشرافية المفكرة في تفكير عميق ،
لقد كان المغول يطردون أمامهم أناساً من أقصى المشرق الإسلامي ، إلى أقصى المغرب الإسلامي . وكان من هؤلاء مفكرون وصوفية وفقهاء شهدوا القيامة تقوم أمام أعينهم وفي النشأة الأولى ، ويظل كل مفكر منشغلا بهم واحد ،
وهو كيف يحفظ فكره للأجيال التالية ( قال الشيخ رضي الله عنه
...............................................................
( 1 ) أنظر غزل 2187 ، ص 821 من ديوان شمس ، وانظر شكوه شمس ، 34 - 36 .

« 15 »
 
مولانا بالحرف الواحد أنه : يكتب من أجل القرون التالية ) وتكثر الموسوعات في كافة الميادين ، وينتج هذا النوع من الغوص داخل الذات أعمالا فنية وعلمية عظيمة ، ولعل بذرة المثنوى جامع العرفان الإسلامي قد وضعت في تلك الأونة .
 
4 - كانت نفسية مولانا وحالته الروحية مستعدين تماماً للحدث الجلل في حياته ، اللقاء مع شمسه الخالدة « 1 » شمس الدين محمد بن علي بن ملكداد التبريزي ( 580 - 645 ) بتعبير سبهسالار " قطب المعشوقين " « 2 »
وبتفسير أنا ماريا أنه عبر مرحلتي العشق الأوليين العاشق والمعشوق « 3 » .
وقد حكيت حول شمس الدين الأساطير ، وقال عنه براون : درويش متلفع بالسواد أمي على وجه التقريب يظهر في مكان ثم يختفى " « 4 » إلى أخره وهو وصف لا يقدم شيئاً في الحقيقة بل يزيد الصورة غموضاً ، كما نقل الباحثون أيضاً أسطورة أنه ابن لجلال الدين حسن شيخ إسماعيلية الموت ( أخلاف الحسن الصباح ) وهي رواية لا أساس لها إذ لم يكن لجلال الدين أولاد سوى علاء الدين .
ويمكن معرفة بعض جزئيات حياته من خلال العمل الوحيد الذي تبقى عنه وهو " المقالات " وفي خلال بعض ما رواه الأفلاكى عنه في مناقب العارفين وسبهسالار في رسالته المشهورة عن حياة مولانا جلال الدين وكل هذا صب في التحليل الرائع لشخصية شمس الدين التبريزي الذي كتبه عبد العزيز صاحب الزماني في كتابه القيم " خط سوم دربارهء شخصيت سخنان وانديشهء شمس تبريزى ( تهران
...............................................................
( 1 ) بتعبير أنا ماريا ، ص 36 .
( 2 ) ولبنارلى ، 96 .
( 3 ) ص 38 .
( 4 ) ادوارد جرانفيل براون : تاريخ الأدب في إيران من الفردوسي إلى السعدي ، ترجمة إبراهيم أمين الشواربى ، ص 615 ، القاهرة 1954 .
 
« 16 »
 
1351 ه . ش ) ذلك الخطاط كان يكتب ثلاثة أنواع من الخطوط أولها كان هو يقرؤه دون سواه وثانيها كان يقرؤه هو وسواه وثالثها لا كان هو يقرؤه ولا سواه " « 1 » في عبارات مستزيدة الإيحاء والقصر ، حادة ، مندفعة كطلقات الرصاص كان شمس الدين التبريزي يعبر عن أفكار قد تعتبر للوهلة الأولى - لخروجها عن المألوف - مناقضة لكل ما يؤمن به الصوفية ، وإذا فرغ ما ذكره الأفلاكى من خوارقه ، تبقى المحصلة النهائية ،
أن شمس الدين كان عارفا فريدا في بابه ، ثائراً متمردا رافضاً لكل ما يؤمن به القوم ، رافضاً تاماً لأن يعرف ، وحيداً منفردا متميزاً في تصرفاته وأفكاره وأقواله وتعبيراته ،
ساخرا من كل ما هو مألوف ومعترف به ومتعارف عليه ، وكان يحس دائماً ان فيه شيئا ما ، شيئا لم يدركه شيوخه الذين حضر عليهم في سياحاته ( وحياته كلها مرت في سياحات )
ولم يكن ينزل في الزوايا والتكايا بل في الخانات ولم يكن يلبس لباساً يدل على أنه من أهل العرفان ومن هنا قيل قلندر أي درويش متجول وقيل ملامتى ، هذه العظمة المتجسدة التي كانت نافرة من كل شيخ لا تستقر على حال معه ، هذا الفرد المتفرد بذاته كان يقلقه شئ واحد هو البحث عن من يتحمل صحبته ، عمن يفهمه ، ويأخذ عنه ، كان يحس أن الإناء يطف بما فيه وأنه يحتاج إلى شارب كان يناجى الله : لا يوجد مخلوق قط من خواصك يتحمل صحبتي ، وفي الحال وصله هاتف من المغيب إذا كنت تريد من هو جدير بصحبتك ، فارحل إلى أرض الروم " « 2 »
ويقول شمس الدين " كان لي شيخ في تبريز يسمى أبو بكر ،
...............................................................
( 1 ) خط سوم : ص 5 .
( 2 ) سبهسالار : ص 126 نقلا عن كل الباحثين في حياة مولانا .
 
« 17 »
 
لقد وجدت منه كل الولايات ، لكن كان في داخلي شئ لم يكن شيخى يراه ولم يكن أحد قط قد رآه ، ولقد رأى مولانا ذلك الشئ في الحال " « 1 » ما هو الشئ ؟ ! ! القوة الروحانية الهائلة ؟ ! ! التمرد ؟ ! !
التعبيرات العميقة التي قد تجرح أحياناً ؟ ! ! الشطحيات التي لو أخذت على ظاهرها لما فسرت بغير معنى الكفر ؟ ! ! التفرد الشخصي الذي لا يقبل التعلق ب " مراد " أيا كان ذلك المراد والانتساب إليه وفي نفس الوقت يبحث عن " مريد " عظيم ومتعطش ومستعد يكاد يبلغ مستوى الأستاذ نفسه ؟ ! !
قد تكون كل هذه الأمور مجتمعة تلك التي جعلت جلال الدين يترك كل مشايخ الأناضول والشام العظام ويلزم ذلك الدرويش القلندرى الذي لا يلبس ملابس الدراويش ولا يحب أن يعرف بأنه درويش ويفر من الشهرة فراره من الوباء ! ! !
ومما لا شك فيه أن جلال الدين في ذلك الوقت كان قد حصل على أقصى ما يستطيع من العلم المتاح ، وطوى ما استطاع أن يطوى من مراحل الطريق ، ولم يكن كما قال معظم الباحثين واقفاً عند حدود علوم الظاهر مشغولًا بالوعظ ، وإلا لما استطاع أن ينجذب إلى مثل شمس الدين ، وأن ينجذب إليه مثل شمس الدين ! !
هناك روايتان عن اللقاء الأول والذي كان عند نزول شمس الدين قونيه صباح يوم السبت السادس والعشرين من جمادى الآخرة سنة 642 ه ، الرواية الأولى « 3 » أن مولانا جلال الدين كان خارجاً من مدرسته بنبه فروشان ( باعة القطن )
وكان يمر من أمام خان " شكر ريزان : صابو السكر " وكان شمس الدين
...............................................................
( 1 ) صاحب الزماني : 31 .
( 3 ) الأفلاكى : 2 / 618 .
( 2 ) الأفلاكى : 2 / 618 .
 
« 18 »
 
نازلا فيه ، ويبدو أنه كان واقفاً آنذاك على بابه ، فتقدم من الموكب وأمسك بعنان مطية جلال الدين وقال : يا إمام المسلمين ، هل أبو اليزيد ( البسطامي ) أعظم أو محمد ؟ ! ! ومن هيبة هذا السؤال خيل لمولانا أن السماوات السبع قد تفطرن وسقطن فوق الأرض ، واندلعت نار عظيمة في الرأس ومنها خرج دخان وصل إلى قاعدة العرش ، فأجاب : أي موضع لأبى اليزيد إلى جواز أعظم العالمين ؟ ! !
فقال شمس الدين : إذن فلماذا قال مع كل عظمته : " ما عرفناك حق معرفتك " بينما قال أبو اليزيد : سبحانى ما أعظم شانى " ؟ ! ! قال : ( ليس من المعلوم من القائل هل هو مولانا جلال الدين أو مولانا شمس الدين فالرواية فيما نقلها جولبنارلى ( ص 123 - 124 )
متصلة وفيما نقلها فروزانفر أن القول تعليق من عبد الرحمن الجامي « 1 » أن الجواب لمولانا « 2 » " : إن إبا اليزيد سكر من جرعة واحدة وتحدت حديث شبع ، وامتلأ وعاء إدراكه بهذا القدر ، وكان ذلك النور قدر كوة داره ، لكن حضرة المصطفى صلى اللَّه عليه وسلّم كان لديه استسقاء عظيم وظمأ شديد ، وكان صدره المبارك قد صار " أرض اللّه الواسعة " مصداقاً ل «أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ» فلا جرم أن تحدث عن الظمأ وكان كل يوم يستدعى قربة أكثر ، ودعوى المصطفى عليه السلام ( المفروض : أبو اليزيد ) عظيمة ، ذلك أنه عندما وصل إلى الحق وجد نفسه ممتلئاً ولم ينظر إلى ما هو أبعد ، لكن المصطفى صلى اللَّه عليه وسلّم كان يرى كل يوم أكثر ويمضى قدما في الطريق ، وكان يرى عظمة الحق وقدرته وحكمته بعد يوم وساعة بعد ساعة أكثر ، ومن هنا قال : ما عرفناك حق
...............................................................
( 1 ) عبد الرحمن الجامي : نفحات الأنس بتحقيق مهدى توحيد بور ، تهران 1336 ه . ش ، ص 465 ، 466 .
( 2 ) زندگانى مولانا ص 56 وفي النص الأصلي للأفلاكى ( 2 / 619 ) .
 
« 19 »
 
معرفتك . وصرخ مولانا شمس الدين في التو صرخة عظيمة وسقط مغشيا عليه ، فنزل مولانا من فوق مطيته وأمر تلاميذه بحمله إلى مدرسته ، ويروى أنه وضع رأسه على ركبته ليفيق من غشيته ثم أخذ بيده وسارا معاً ، ومكثا في خلوة مستمرة ذات صوم متصل تبلغ تسعين يوما لم يخرجا منها ، ولم يجرؤ أحد على الدخول عليهما « 1 » .
ما ذا دار في هذه الخلوة المتصلة ؟ ! !
يقول الأفلاكى : عشرات الآلاف من الأسئلة والأجوبة والاختبارات العجيبة كان يطرحها مولانا شمس الدين ، ولم يكن مولانا قد سمع مثلا من أي شيخ أو خطيب قط " ما هي طبيعة هذه الأسئلة وهذه المناقشات والمكابدات التي دارت بينهما ؟ ! !
لا يدرى أحد ! !
يشبه سلطان ولد هذا اللقاء بلقاء موسى والخضر عليهما السلام ، ولا يزيد ، المهم أن هذا التعلق الزائد قد ألقى بأحجار عديدة في بركة قونية الهادئة وكان ثمة سيل من الأسئلة وعلامات التعجب والدهشة تزداد بين المشايخ والتلاميذ والمريدين على السواء . " وظلوا يتحدثون بأنواع من الترهات وبما لا ينبغي قوله " « 2 » لقد كان شمس الدين التبريزي مجهولا لديهم تماما لا يعرفون أي شخص هو ومن أين جاء ؟ ! !
وبالتأكيد أن الأمر لم يتطرق إلى الظن في الشذوذ الجنسي الذي طرحه بعض الباحثين الأوربيين ( ! ! )
فأي شذوذ جنسي هذا الذي يقوم بين قطبين من أقطاب الفكر في خلوة صوم متصلة ؟ ! !
علم هذا عند الذين يتخرصون بأمثال هذه الأحاديث الساقطة التي تناسب مستوى أفكارهم ، فان خلق عارف عظيم وتحويل عالم وفقيه وقارئ للمتنبى وكتب أهل الظاهر إلى عاشق ذواقة ممتلئ وجداً
...............................................................
( 1 ) افلاكى ، 2 / 621 .
( 2 ) افلاكى 2 / 620 .
 
« 20 »
 
مغرماً بالسماع والرقص الصوفي أمر جلل يحتاج بالتأكيد إلى ما هو أكثر من تلك الدورة المكثفة ، لكن : هل كان من الطبيعي أن يثور تلاميذ مدرسة مولانا كل هذه الثورة لمجرد أن " أستاذهم " قد انصرف عنهم لفترة من الزمان طالت أو قصرت ؟ ! !
أم أنها كانت غيرة على ذلك الأستاذ الذي غير اتجاهه وتحول من أستاذ إلى مريد ؟ ! !
أم أن الأمر لم يعدم بعض الدسائس من بعض المشايخ الأخرين الذين كانوا ينفسون على جلال الدين مكانته العلمية في قونية ويضيقون ذرعاً به ويتوجسون خيفة مما يمكن أن يكون ذلك الشيخ المجهول الذي تحيط به الريب يمليه عليه ؟ ! !
وهكذا بدأ المريدون والتلاميذ - ولا شك أن بعض السوقة إندس بينهم - يتحرشون بالشيخ العجيب الغريب ، وفي يوم الخميس 21 شوال سنة 643 اختفى شمس الدين ، من قونيه تماما .
لكن مولانا جلال الدين لم يعد مولانا جلال الدين ، فها هو يبحث ويتفحص حتى يعلم أنه في دمشق وتتوالى الرسائل ، أربع غزليات نظمها مولانا وأرسلها الواحدة تلو الأخرى :
الأولى مطلعها : أيها النور في الفؤاد تعال * غاية الوجد والمراد تعال
والثانية : يا ظريف الدنيا سلام عليك * إن دائى وصحتى بيديك
والثالثة : لتدم الحياة بالصدر العالي * وليكن الله كالئا له حارسا
والرابعة : بحق الله الذي هو من الأزل * حي وعالم وقادر وقيوم « 1 »
 لم لم يسكت مولانا جلال الدين على غيبة شمس الدين ؟ ! !
ولماذا عز عليه هذا الفراق إلى هذه الدرجة ؟ ! !
لا شك أنه أدرك أنه لم يأخذ بغيته بعد من هذا البحر العباب ولما كان مولانا قد هجر مدرسته وتلاميذه ، بدأ التلاميذ يحسون بالندم ويدركون أن ما فعلوه لم يرد أستاذهم إليهم ، بل زاده عنهم ابتعاداً وبأستاذه كلفا ،
...............................................................
( 1 ) نص الغزليات الأربعة زندگانى مولانا لفروزانفر ، ص ص 68 - 70 .
 
« 21 »
 
وفي النهاية أرسل جلال الدين ولده سلطان ولد إلى دمشق ، ( في المقالات حديث أنه كان قد انتقل من دمشق إلى حلب وانه عاد من حلب بعد أن استمع خبر وصول سلطان ولد إلى دمشق ) معتذراً عن المريدين لشمس الدين ، وعاد شمس الدين بعد أن أسبغ على سلطان ولد عطاياه الروحانية ، وكان لقاء في المحرم 645 ،
السابع من مايو « 1 » 1247 لكن إقامة مولانا شمس الدين لم تطل هذه المرة ، وكان وراء الفتن التي استعرت وانتهت بمقتله علاء الدين بن جلال الدين ، ترى هل كان علاء الدين يضمر لشمس الدين حقداً لتقريبه لسلطان ولد وهو أمر له معناه في الطريقة ؟ ! !
أم انه كان يخشى قوة سيطرة شمس الدين على والده وآمن مع العامة بأنه مجرد ساحر ؟ ! !
واختفى شمس الدين هذه المرة تماماً ذهب ، ذهب والقلوب في أثره " لكن الأفلاكى روى رواية مختلفة ظلت مجال شك الباحثين فترة طويلة من الزمان إلى أن أدت جهود محمد أندر مدير متحف مولانا في قونية إلى إثبات بعض صحتها باكتشافه للبئر الذي ألقى فيه جسد شمس الدين بعد اغتياله « 2 » ، وقد حدثت هذه الحادثة في ليلة الخمس من شعبان 645 / الخامس من ديسمبر 1247 م ،
كان مولانا وشمس يتحدثان إلى وقت متأخر من الليل في الحجرة التي خصصها له في مدرسته وزوجه فيها بعد
...............................................................
( 1 ) جولبنارلى ، 140 .
( 2 ) موجود في قونيه الآن وعليه مسجد صغير وقد قمت بزيارته في أغسطس عام 1992 ، وفي رفقتى الصديقان الدكتور شوقى حسن مدرس اللغة التركية بكلية آداب القاهرة والدكتور عبد الله عطية الذي كان يدرس العمارة الإسلامية في تركيا وحدثني عن الخصائص السلجوقية للمدفن .
 
« 22 »
 
عودته من دمشق ، ( وكانت زوجته قد توفيت في أواخر شتاء سنة 645 ) ،
ودق الباب ، وخرج شمس الدين لبعض شأنه ، فتناوبته خناجر سبعة من الغوغاء ، وحملت جثته فألقيت في بئر إلى جوار المنزل ، وعلم سلطان ولد بالجريمة ، فأخرج الجسد من البئر ، ونقله إلى مقبرة قريبة ودفنه على عجل ، ودهنها بالجص ثم غطاها بالتراب ، وفيما بعد قام مدفن شمس ذلك المكان ، وأثبتت حفريات محمد اندر عند تجديد الضريح وجود قبر مدهون بالجص واسع إلى حد ما يرجع إلى الفترة السلجوقية مما أثبت رواية الأفلاكى « 1 » .
متى ؟ علم مولانا جلال الدين بما حدث ؟ ! !
من الواضح أنه علم بعد فترة ما وبخاصة أنه أرسل الرسل إلى دمشق ، ورفع الأمر إلى سلطان قونيه ، إلا أن شيئاً ما شعوراً ما في داخله كان يوحى له بأنه لن يرى حبيبه في هذه الدنيا ، ويقول في غزلية من غزليات الديوان الكبير :
ليست ترابا هذه الأرض * إنها طست من الدم من دماء العاشقين * وجراح موت العظام « 2 » وقيل إن مولانا سافر إلى سوريا وعاد خائبا ، لكنه يئس ، " وأحس بشمس الدين داخله ساطعاً كالقمر " « 3 » ولأنه سكن داخله ، بقي معه إلى الأبد ، في كل غزلية ، وفي كل بيت من أبيات المثنوى ، عند طلوع الشمس وعند غروبها ، عند ذكر شمس الحقيقة الأزلية ، عند ذكره الفراق والشوق والطلب ، عند أمل الوصال ، في تغريد الطيور وهديل القطا :
...............................................................
( 1 ) انا ماريا 41 ، الأفلاكى 2 / 700 .
( 2 ) غزل 336 .
( 3 ) أنا ماريا ، عن ولد نامه ص 42 .
 
« 23 »
 
لست أنا وحدى الذي أنشد شمس الدين شمس الدين بل يغنيه العندليب من الرياض والقطا من الجبال فالنهار المضئ هو شمس الدين . . والفلك الدوار شمس الدين وشمس الدين هو كأس جم ، وشمس الدين هو البحر الأعظم وشمس الدين عيسوى الفن ، وشمس الدين في جمال يوسف « 1 » تبدل جلال الدين إلى وجود فنى مطلق ، شعر وموسيقى ، بل موسيقى يعبر عنها في قالب الشعر ،
ان شمس الدين لم يمت بل هو خالد الحياة :
من الذي قال " مات ذلك الخالد أبدا ؟ ! من الذي قال : ماتت شمس الأمل إنه عدو للشمس صعد إلى السطح وأغمض عينيه وقال : ماتت الشمس « 2 »
وتشير انا ماريا إلى أن مولانا شك في دور علاء الدين بما حاق بشمس الدين ولم يفاتحه ، لكنه لم يغفرها له ، وتروى كثير من القصص كما تدل كثير من كتابات جلال الدين أنه لم يلتفت إلى ولده من بعدها قط حتى عندما توفى علاء الدين ( 658 هـ / 1260 م ) لم يشترك مولانا في جنازته أو في دفنه « 3 » .
 
ويضيق المجال هنا عن ذكر بعض ما كتبه جلال الدين عن شمس الدين ، يكفى أنه سمى ديوانه الأكبر بديوان شمس الدين التبريزي ، ولم يقعد عن ذكره طوال حياته وفي كل كتاباته ، لقد كان مرشده إلى الحقيقة ، وكل ما كانت تجود عليه
...............................................................
( 1 ) غزل 1081 .
( 2 ) غزل 533 .
( 3 ) انا ماريا / 24 .



« 24 »
 
به تلك الحقيقة ، كان يدرك أنه من عطايا شمس الدين وكثيرا ما استفاد بأفكاره وحكاياته بل وبعض تعبيراته مما ذكر في موضعه من الشروح .
 
5 - وانتهى " المراد " واختفى بجسده ، لكي يصبح مولانا جلال الدين هو المراد الذي يستقى وحيه الشعرى من المريدين المقربين إلى قلبه ، وكان أولهم صلاح الدين فريدون بن ماغنيان المعروف بزركوب القونوى . يصفه مولانا في إحدى غزليات ديوان شمس « 1 » بأنه " نفس ذلك الحبيب وإن تبدل الثوب ، ونفس تلك الخمر وإن تبدلت الزجاجة فأية سعادة حلت بالخمار ! ! " 
والواقع أن صلاح الدين زركوب كان رفيقا لجلال الدين منذ زمن بعيد في محضر برهان الدين محقق ، وبالرغم من أنه كان أميا إلا أن برهان الدين كان قد اختاره لخلافته ، ثم عاد صلاح الدين إلى قريته وتزوج ، ثم عاد إلى قونيه ولزم جلال الدين أيام كان شمس الدين موجودا معه ، 
وكان مولانا بعد شمس يحتاج إلى " مرآة " وكان يجدها في هذا الرجل العاشق فحسب والذي كان العشق " جبلة " و " طبيعة " فيه بعيدا عن تقعرات الكتب وحجب العبارات ، ومن البديهي أن رفقة جلال الدين مع صلاح الدين زركوب لم تكن تثير في أهل قونيه الإحن بقدر ما كانت تثير الدهشة ، فماذا وجد في ذلك الرجل الذي كان لا يستطيع أن يقرأ فاتحة الكتاب من ذاكرته دون خطأ ؟ ! ! 
وكان دائما يمدحه بأشعار فياضة بالعشق واللطف ، وفي خطاب لابن جاووش وجهه إلى مولانا " الناس يتركون بلادهم ووالديهم وأهل بيتهم وأقاربهم وعشيرتهم ويسافرون حتى الهند والسند ، ويهلكون الأحذية الحديدية ربما يلتقون برجل عنده رائحة من العالم الآخر ، لكنك قابلت مثل هذا
...............................................................
( 1 ) غزل 650 .
 
« 25 »
 
الرجل في بيتك وركنت عليه ظهرك وهذا العمل بلاء عظيم وغفلة " « 1 » لكن مولانا لم يلق إلى كل هذا بالا ، فمتى كان العلم يهمه ، والعلم في حد ذاته قد يكون حجابا ؟ ! ! بالعكس وثق صلة أكثر بصلاح الدين ، فزوج ابنته لولده سلطان ولد ، وكانت عيون النور تتفتح في صدر صلاح الدين ، 
يقول مولانا جلال الدين : " كانت في باطني عين نور مخفية ولم يكن عندي خبر عنها ولقد فتحت أنت عيني بحيث صارت كل تلك الأنوار جياشة أمامها وكأنها البحر " « 2 » وكان حتى صوت مطرقة هذا الصائغ على ذهبه تصيب مولانا بالوجد وتجعله يدور ( الرقص المولوي ) وحل به الوجد من صوت المطرقة ذات يوم وهو يمر بالسوق ، فظل يدور ، ولم يتوقف صلاح الدين عن الطرق غير آبه بفساد ما يقوم به ، وظل مولانا في وجده حتى المساء ثم نهض ونظم غزلية مطعلها :
ظهر كنزٌ في دكان ذلك الصائغ فما أجملها من صورة وما أجمله من معنى ويا له من حسن يا له من حسن « 3 » 
وفي تلك السنوات التي كان فيها مولانا رفيقا لصلاح الدين ، كانت أحداث أخرى تجرى على الساحة السياسية في الأناضول والعالم الإسلامي ، وفي سنة 654 هـ - اقترب المغول بقيادة بايجو مرة أخرى من قونيه ، لكنهم لم يدخلوا المدينة احتراما لمحضر مولانا فيما تقوله أحدى الأساطير وفي تلك الفترة كانت تحت حكم قليج أرسلان الرابع وكان مجرد ورقة في يد وزيره معين الدين بروانه ، وقبيل سقوط بغداد سقوط صلاح الدين مريضا وبعد مرض طويل ودع الدنيا إلى
...............................................................
( 1 ) عن انا ماريا ، ص 47 .
( 2 ) الأفلاكى 2 / 711 .
( 3 ) أفلاكى 2 / 709 - 710 .

 
« 26 »
 
وادى الأروح ، ( الأحد أول محرم سنة 657 / 1258 ) ، 
وعلى قدر صلاح الدين أقام مولانا عرساً صوفياً وسماعاً عظيماً ، ورثاه بغزلية في ديوان شمس مطلعها :
يا من بكت السماء والأرض على فراقك * وغرق القلب في الدم ، 
وبكى العقل والروح « 1 » وربما كانت مراسم السماع على القبر مما يثير غضب رجال الشريعة ، 
ومع ذلك كان نفوذ مولانا يزداد في قونية ، وكان يصدر حتى فتاويه أثناء الرقص الصوفي ، لكنه كان يعيش حياة في غاية الزهد ، 
وفي صلاة وصيام دائمين ، كان تمسكه بالشريعة وجاذبيته الشخصية تشُد إليه كثيرا من الناس ، وكان من بينهم معين الدين بروانه الوزير الذي كان يتردد على مجلسه وينتظر طويلا ليؤذن له ، 
وفي تلك السنوات أيضاً تعرف مولانا جلال الدين على صدر الدين القونوى تلميذ محيي الدين بن العربى الأثير إليه ، ولم يكن صدر الدين يرضى كل الرضا عن أسلوب جلال الدين وشعائر سماعه ووجده ، 
كما أن مولانا لم ليكن يفكر كثيرا في ابن العربى ، غير أنه استطاع أن يأتلف مع القونوى على ما بينهما من تفاوت . وذكر عبد الرحمن الجامي في النفحات « 2 » أنه كانت ثمة ألفة ومحبة بين الشيخين ، 
 
وفيما يبدو أن مولانا في أخريات حياته أبدى اهتماماً أكثر بالأفكار النظرية ، وعندما طلب من صدر الدين أن يصلى على مولانا صلاة الجنازة
...............................................................
( 1 ) غزل 2364 .
( 2 ) ص 557 .

 
« 27 »
 
" شهق وغاب عن الوعي " « 1 » ، وهناك عارف آخر جاء إلى قونيه في عهد مولانا ، هو نجم الدين الرازي المعروف بابن الداية 
( تلميذ نجم الدين كبرى البارز وصاحب المؤلف المشهور " مرصاد العباد " أفضل تعبير عن المدرسة الكبروية في التصوف الإسلامي ) . 
ويروى أنه أمّ مولانا جلال الدين وصدر الدين القونوى ذات مرة في صلاة العشاء فقرأ في الركعتين قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ فقال مولانا للصدر ممازحاً : قرأها مرة من أجلى ومرة من أجلك « 2 » ، 
على كل حال لم يكن مولانا على صلة وثيقة بالطبقات العليا من المجتمع ، لكن " حيثما كان هناك خياط أو بقال أو بزاز كان يقبله مريدا له " « 3 » ، 
كان صفوه مع الطبقات الفقيرة والمطحونة وكان عدد كبير من الفقراء يجعلون من عتبة مولانا ملاذا لهم ، ويبدو من مكتوباته أنه كان يذلل لهم العقبات ويطلب لهم العون وسداد الدين أو العمل « 4 » لكنه كان يضيق ذرعا بالسوقة والجهال والقرويين السذج ، 
وبرغم عدم ميله الواضح للطغاة والسلاطين والحكام والعسكر والشرطة والعسس ، إلا أنه لم يستغل قط قوته الروحية ونفوذه على الناس في الإخلال بالنظم التي كان يراها لازمة للدنيا وإن كانت مكروهة « 5 » .
...............................................................
( 1 ) أفلاكى ، 1 / ، عن انا ماريا / 51 .
( 2 ) أفلاكى ، 1 / 353 ، عن انا ماريا / 51 .
( 3 ) أفلاكى 1 / 151 . 353 .
( 4 ) أنا ماريا / 53 .
( 5 ) انا ماريا / 54 .

 
« 28 »
 
6 - وتتكرر مرحلة الإلهام في حياة مولانا ، فبعد تجربته المحرقة الملتهبة بعشق شمس الدين ، تجىء مرحلة الاطمئنان الروحي مع صلاح الدين ، ثم تأتى مرحلة حسن حسام الدين مرحلة قمة النضج الفكري والإنتاج الشعرى . « 1 » 
أو مرحلة المثنوى ، هو حسن حسام الدين بن حسن أخي ترك ، أول خليفة للمولوية بعد مولانا ، وآخر ملهم له . أرموى الأصل هاجرت أسرته إلى قونيه وفيها ولد سنة 622 هـ .
 لقب أيضا ب " جلبي " أي السيد . وأخي ترك لقب آخر لانتساب أبيه إلى طبقة الأخية الفتيان . 
لم يدخل حسن حسام الدين حياة مولانا بشكل فجائى ، لكنه عاش معه سنوات ، يصفه سبهسالار مؤرخ حياة مولانا بلطف المزاج وأنه كان يحس في جسده بألم الرفاق ، وكان نموذجاً للحنان والشفقة ، وفي غاية الاحترام لشيخه ، وإن احتاج إلى تجديد الوضوء عاد في ليالي الشتاء الباردة إلى منزله ويجدد وضوءه « 2 » ، 
تنتشر أوصافه المادحة على لسان مولانا جلال الدين على طول المثنوى وعرضه " فهو مفتاح خزائن العرش وأمير كنوز الفرش وبا يزيد الوقت وجنيد الزمان " « 3 » 
وهو يقول أي مولانا " هو لي الابن والأب وهو لي النور والبصر " « 4 » ، 
وهو أيضا صاحب الاقتراح بكتابة المثنوى بدلا من أن يقرأ المريدون حديقة سنائى أو مصيبت نامه للعطار ، وهو كاتب الوحي المولوي فلم يكتب مولانا بخطه سوى الثمانية عشرة بيت الأولى من الكتاب الأول ، وتأخر الجزء الثاني من المثنوى لمرضه ثم وفاة زوجته « 5 » ، 
وهو كاتب أشعار مولانا وغزلياته التي كانت تأتيه عفو الخاطر في الأسواق والشوارع والحمامات وحيثما
...............................................................
( 1 ) انا ماريا / 56 .
( 2 ) سبهسالار / 145 عن انا ماريا / 56 .
( 3 ) مقدمة مولانا على الكتاب الأول من المثنوى .
( 4 ) مكتوبات مولانا جلال الدين الرومي : عن انا ماريا / 57 .
( 5 ) عن المثنوى وتأليفه تكون مقدمة الجزء الثاني من الكتاب إن شاء الله .

 
« 29 »
 
هبط الوحي على مولانا ، وفي سنة 661 نصبه مولانا رسميا خليفة له . كما كان المتصرف في كل شؤون الزاوية المالية والتنظيمية أثناء حياة مولانا ، ويظل حسن حسام الدين إلى جوار مولانا في إملاء آخر بيت من أبيات المثنوى .
7 - وبانتهاء الجزء السادس من مثنوى مولانا ، وفي الأيام الأولى من جمادى الآخرة سنة 672 ه . ق / النصف الثاني من ديسمبر سنة 1273 م 
كانت حياة مولانا آخذة في الأفول ، وكان الخوف قد استولى على أهل قونيه فقد زلزلت الأرض زلزالها عدة مرات ، وكان مولانا يعاني شدة المرض وأفاق قليلا ، فقال :
" الأرض جائعة وعما قليل سوف تظفر بلقمة دسمة وبعدها تسكن " واشتد به المرض ، وكان مريدون المتحلقون حوله يعزونه بأشعاره :
العشاق الذين يموتون على وعى يموتون أمام المعشوق وكأنهم السكر « 1 » وقليلا قليلا يذوبون في رحمة الحق الأبدية :
أيتها الطيور ، وأنتم الآن منفصلون عن أقفاصكم أظهروا وجوهكم وقولوا : أين نبتم ويا من ولدتم عندما وصلتم إلى الموت هذا هو الميلاد الثاني ، ألا فلتولدوا فلتولدوا « 2 » وعجز طبيبه " أكمل الدين " عن تشخيص الداء ، وكانت الزلازل مستمرة ، ومع ذلك توافد الناس على قونيه لإلقاء النظرة الأخيرة على شيخهم المحتضر . 
وفي النهاية حان الأجل غروب يوم الخامس من جمادى الآخرة سنة 672 للهجرة /
...............................................................
( 1 ) غزل / 972 .
( 2 ) غزل / 606 .

 
« 30 »
 
السابع عشر من ديسمبر سنة 1273 ، وفي تلك الليلة قام الرفاق بآخر خدمة ، وفي صباح اليوم التالي حمل جثمانه الطاهر ملفوفا في فرجية . وكان زحام اضطر معه العسس إلى استخدام السيوف والهراوات ، كان القوم من كل صنف ومن كل جنس ومن كل ملة ومن كل دين ، كان الحاخامات يقرأون التوراة والمسيحيون يقرأون الإنجيل ، وعزفت المزامير والنايات وآلات الرباب ، ودقت المزاهر والنقارات ، ووصلت الجثة التي خرجت من الفجر إلى الجبانة قرب الغروب ، ووضعت على حجر ، واستدعى صدر الدين القونوى لصلاة الجنازة ، فغاب عن الوعي برهة ثم أفاق وأدى واجبه ، وعندما وورى الجثمان التراب كانت الشمس تغرب والأفق مخضبا بالدم ، وانتهت حياة مولانا جلال الدين ، محمد بن محمد بهاء الدين الخطيبي البكري ، حياة عشق وفن وموسيقى ورأفة بالخلق ، وتمجيد للإنسان ، ومحاولة للنهوض به من سجن الطين والشهوات للتحليق في مقامات لا يسمو إليها إدراك الملائكة ، ومن بعده مات قطه الأليف حزنا عليه بعد أن أمتنع عن الطعام والشراب أسبوعا بعد وفاته فكفنته ملكة خاتون ابنة مولانا ودفنته إلى جوار قبر والدها « 1 » . 
وبعد وفاته بفترة بنى علم الدين قيصر مسجده المسمى بالقبة الخضرا 
( بالعربية حتى عند الفرس والأتراك ) وعلى مزاره نقش غزل له بالكامل عن الموت :
في يوم وفاتي عندما يسيرون بنعشى * لا تظن أنى متألم لفراق هذا العالم 
فلا تبك من أجلى ولا تقل وأسفاه وأسفاه * فوقوعك في مخيض الشيطان مدعاة للأسف 
وعندما ترى نعشى لا تصرخ : الفراق * فوصالى هو في هذا الزمان ولقائي 
وحين أودع القبر لا تقل الوداع الوداع * فالقبر هو حجاب على مجمع الجنان « 2 »
...............................................................
( 1 ) الوصف مع بعض التصرف : كولبنارلى 218 - 220 والذي اختصره عن الأفلاكى وسبهسالار .
( 2 ) غزل / 209

* * *
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: