الأربعاء، 5 أغسطس 2020

23 - شُروح وَدرَاسَات الأبيات من 3512 - 3677 .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. محمد الكفافي

23 - شُروح وَدرَاسَات الأبيات من 3512 - 3677 .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. محمد الكفافي

23 - شُروح وَدرَاسَات الأبيات من 3512 - 3677 .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. محمد الكفافي

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي (604 - 672 هـ)

شُروح وَ درَاسَات الأبيات من 3512 - 3677 .الجزء الثاني د. محمد عبد السلام الكفافي    




شرح كيف ذم الصوفية امام الشيخ ذلك الرفيق الذي كان يكثر من الكلام
( 3512 - 3513 ) الأخلاط في جسد الانسان أربعة ، هي المرة السوداء ، وهي مسكن اليبوسة ، والمرة الصفراء وفيها الحرارة ، والدم وفيه الرطوبة ، والبلغم وفيه البرودة . “ فأيما جسد اعتدالت فيه هذه الأربعة الأخلاط . . . 
وكانت كل واحدة منهن ربعا لا تزيد ولا تنقص ، كملت صحته واعتدلت بنيته . 
وان زادت واحدة منهن على أخواتها وقهرتهن ومالت بهن ، دخل السقم على الجسد من ناحيتها ، بقدر ما زادت .
وإذا كانت ناقصة ضعفت طاقتها عن مقاومتهن فغلبنها ، ودخل السقم على

 
“ 590 “
 
الجسد من نواحيهن بقدر قلتها عنهن ، وضعف طاقتها عن مقاومتهن “ .
( رسائل اخوان الصفا ، 1 : 300 ) .
وكان يعتقد أن هذه الأخلاط ذات تأثير على أخلاق الانسان ، “ فان مالت به اليبوسة وأفرطت ، كانت عزمته قساوة وفظاظة ، وان مالت به الرطوبة ، كان لينه توانيا ومهانة ، وان مالت به الحرارة ، كانت حدته طيشا وسفاهة ، وان مالت به البرودة ، كانت أناته ريثا وبلادة ، وان اعتدلت وكن سواء ، اعتدلت أخلاقه واستقام أمره ، وكان عازما في يغلبه خلق من أخلاقه ، ولا تميل به طبيعة من أخلاطه عن المقدار المعتدل “ . ( المصدر السابق ، 1 : 301 ) .
 
( 3515 - 3516 ) في البيتين إشارة إلى قصة موسى والعبد الصالح الذي ذكر المفسرون أنه الخضر . وقد وردت هذه القصة في القرآن الكريم ( 18 : 65 - 82 ) . وكان افراط موسى في سؤال الخضر سببا في أن الخضر تخلى عن صحبة موسى . انظر أيضا : المثنوى ، ج 1 ، 2969 ، 2971 وشرحهما ) .
 
( 3517 - 3518 ) “ موسى “ هنا رمز للمريد . والمرشد يدعوه إلى الصمت ، حتى لا يضطر إلى الابتعاد عنه ، كما اضطر الخضر إلى مفارقة موسى .
 
( 3522 ) أهل الغفلة يكونون بحاجة إلى من يحميهم . ويكون حاميهم أحد الذين تحققت لهم يقظة روحية . أما الصوفية العارفون فهؤلاء قد تحقق لهم الأمان ، بعد وصولهم إلى عالمهم الروحي ، ولم تعد بهم حاجة إلى حارس .
 
( 3523 ) “ ان الذين يتطلعون إلى حياة الحس هم بحاجة إلى من يصونهم عن الضلال . فالجسد كالثوب ، يكون بحاجة إلى من ينظفه .
أما الروح الذي تحرر من سلطان الجسد ، فيكون ذا رونق حين يتعرى



“ 591 “

من رداء البدن .
( 3524 ) من أراد صحبة العارفين فليكن مثلهم متحررا من رداء البدن . ومعنى “ التحرر من رداء البدن “ أن يكون الروح هو المسيطر على الانسان ، المتحكم في أفعاله .
 
( 3525 ) “ ان لم تستطع أن تسيطر على البدن سيطرة كاملة فعليك أن تبذل جهدك حتى لا يطغى على روحك ، وليكن لك موقف وسط بين الروح والبدن “ .
 
( 3527 - 3528 ) انظر : سورة الكهف ، 18 : 65 - 82 .
 
( 3530 ) كان هذا الدرويش من أهل الكمال ، وهؤلاء - في رأى الصوفية - يظهرون في كل زمان . والقائلون بوحدة الوجود يرون أن أهل الكمال مرتبطون بالحقيقة المحمدية . ( انظر : الجيلى : الانسان الكامل ، ج 2 ، 50 ) .
 
( 3545 ) في البيت إشارة إلى قوله تعالى “ ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم “ . ( 31 : 27 ) .
 
( 3547 ) يرد الدرويش هنا على ما اتهمه به أصحابه من شدة استغراقه في النوم . ( البيت 3510 ) .
 
( 3550 ) بدأ الدرويش - في هذا البيت - يسفه رأى من اتهمه بطول استغراقه في النوم . ويوالى الدرويش الدفاع عن نفسه في الأبيات التالية .
 
( 3551 ) “ حس القلب “ هو الحس الكوني الذي يشهد به العارف ما لا تشهده الحواس .
 
( 3552 ) “ لقد خدعك ظاهري فلم تفطن إلى حقيقة حالي . لقد نظرت إلى من خلال ضعفك ، فظننتنى على شاكلتك ، في حين أن ما يخفى عليك من الأمور ، يبدو أمامى واضحا كالضحى “ .
 
“ 592 “
 
( 3554 ) “ انك مقيد بقيود الحس وأغلاله ، وأما أنا فقد أصبح الحس عندي مُشرقا بنور الروح . وأنت من حياتك المادية في هم مقيم ، على حين أنني في فرحة وهناء “ .
 
( 3555 ) ان العارف يقيم مع أهل الغفلة في مكان واحد ، لكنه كثيرا ما تنطلق روحه من اسار الحس فتبلغ السماء السابعة .
 
( 3556 ) مهما تجاوز العارف والغافل فان تجاور هما لا يعنى أنهما في منزلة واحدة . فالعارف يجاور الغافل بجسده على حين أن روحه تحلق في سمائها التي لا يرقى إليها فكر الغافل .
 
( 3558 ) الأفكار تكون رهن إرادة العارف يتحكم فيها كما يتحكم الباني في النباء . أما الغافل فالأفكار تسيطر عليه وتحكمه .
 
( 3562 ) ربما ينزل الرجل العارف إلى مستوى ضعاف الناس ، ذوى الطاقة الروحية الواهية ، وذلك ليمكنهم من أن يأخذوا عنه الهداية ، ويقتبسوا منه العرفان .
 
( 3563 ) في البيت إشارة إلى قوله تعالى : “ أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن الا الرحمن انه بكل شئ بصير “ .
( 67 : 19 ) .
فالعارف يذكر هنا مقدرته على الانطلاق إلى الآفاق العالية .
 
( 3564 ) “ ان قدرتى على الانطلاق نابعة من الذات التي صفت ، والروح الملهم ، وليس أساسها علما زائفا ولا وهما باطلا “ .
 
( 3565 ) يطلق لقب جعفر الطيار على جعفر بن أبي طالب ، وهو ابن عم الرسول الذي استشهد في غزوة مؤتة ، وقد قام بها المسلمون عام 8 ه 629 م . وكانت موجهة إلى الروم . قال ابن هشام : “ وحدثني من أثق به من أهل العلم : أن جعفر بن أبي طالب أخذ اللواء بيمينه فقطعت ، فأخذه بشماله فقطعت ، فاحضتنه بعضديه حتى قتل رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستين سنة ، فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير



“ 593 “
 
بهما حيث شاء “ . ( سيرة ابن هشام ، ج 4 ، 20 ) أما جعفر العيار فهو من يتسمى بجعفر ، برغم أنه يكون نقيض جعفر بن أبي طالب في ايمانه وصدقه .
 
( 3566 ) من لم يجرب ذوق الروح يجد أن هذا الكلام مجرد دعوى أما من ذاق لذة الشهود فهو وحده يدرك معناه .
 
( 3567 ) يُعرف الغراب عند العرب بأنه من أخس الطيور . قال الجاحظ : “ قال صاحب منطق الطير : الغراب من لئام الطير وليس من كرامها ولا من أحرارها ، ومن شأنه أكل الجيف والمقامات “ . ( الدميري :
حياة الحيوان ، ج 2 ، 173 ) .
وقد اتخذ الشاعر الغراب رمزا للجاهل الخبيث النفس ، المتعلق بالحس .
أما الذباب فهو رمز لقصير النظر الذي يعجز عن ادراك معنى الابصار الروحي ، كما تعجز الذبابة عن ادراك حقيقة المرئيات . ( انظر : المثنوى ، 1 ، 1082 - 1090 ) .
 
( 3568 ) إذا كان الغذاء الحسىّ يزيد من قوتك وطاقتك الروحية فلا ضير منه . فالعارف الحق يأكل ليعيش ويحيى حياة روحية ، متحررة من سلطان الحس . والأكل في هذه الحال لا يُطلب لذاته ، وانما لأثره في تقوية الانسان . يقول الغزالي : “ اعلم أن طيب المطعم له خاصية عظيمة في تصفية القلب وتنويره ، وتأكيد استعداده لقبول أنوار المعرفة “ .
( الأربعون ، في أصول الدين ، 63 ) .
 
( 3569 - 3570 ) يروى الشاعر هنا معجزة لأحد الصوفية ، هي أنه تقيأ جوهر أمام بعض من أساؤوا به الظن ، فكانت هذه كرامة ، إذ تحول الجوهر المعقول ، وهو جوهر العرفان ، إلى جوهر محسوس أمام هؤلاء المنكرين . واعتقاد الصوفية بوقوع الكرامات يسمع بأمثال هذه القصة .
 
( 3588 ) قول الشاعر : “ أصغ اليه ، واجعله قرطا في أذنك “ ، يعنى : “ أصغ اليه ، وأحسن الاصغاء حتى يستقر الكلام في أذنك ، كأنه
 
“ 594 “
 
قرط معلق بها “ .
 
( 3589 ) قول الشاعر : “ يكون هذا الكلام - بالنسبة إليك - معجزة جديدة ، وذهبا قديما “ ، يعنى أن هذا الكلام الذي سبق لك أن سمعته في نومك تسمعه في يقظتك ، فيبدو لك معجزة جديدة ، وذهبا قديما ، لا يذهب القدم بقيمته بل يبقى كما هو معدنا نفيسا . فما تلقيته في منامك من حديث روحي لا يذهب بقيمته التكرار ، كما هو شأن الحديث المعاد .
 
[ شرح من بيت 3600 إلى بيت 3810 ]


( 3601 ) الروح الغريبة في عالم الحس تسمع صوت النبي الذي يكون في هذا العالم مغتربا عن عالمه الروحي ، فيكون ما تسمعه الروح من النبي مقربا لها من خالقها . وفي البيت إشارة إلى قوله تعالى : “ وإذا سألك عبادي عنى فانى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان “ . ( 2 : 186 )


( 3602 - 3606 ) يروى الشاعر هنا حكاية لها أصولها العربية عن يحيى والمسيح . وقد أورد الثعلبي هذه الحكاية على الوجه التالي .
“ يحيى أول من آمن بعيسى وصدقه ، وذلك أن أمه كانت حاملة به ، فاستقبلتها مريم وقد حملت بعيسى ، فقالت لها أم يحيى : يا مريم ! أحامل أنت ؟ فقالت : لماذا تقوليت هذا ؟ قالت : انى أرى مافيبطنى يسجد لما في بطنك ، فذلك تصديقه له ، وايمانه به “ . ( قصص الأنبياء ، 423 ) .
انظر أيضا : ( فروزانفر ، مآخذ قصص ، 82 ) ، ( تعليقات نيكولسون ) .
 
( 3617 ) يبدأ الشاعر هنا إشارات إلى بعض قصص كليلة ودمنة .
ويشير الشاعر في هذا البيت والأبيات الثلاثة التي تليه إلى قصة “ الأسد والثور “ .


( 3620 ) قول الشاعر : “ وكيف صار الفيل وجلا من خيال القمر “ بشير إلى قصة “ الأرنب وملك الفيلة “ . ( كليلة ودمنة ، الباب الثامن ، ص 272 . طبعة دار الحياة ، بيروت ) .
 
( 3624 ) شعراء الغزل من الفرس كثيرا ما يتغنون بحب البلبل



“ 595 “
 
للوردة ، ويديرون بينهما الحوار في غزلياتهم . ومن أشهر من فعل ذلك حافظ الشيرازي .
 
( 3671 ) جوهر المعرفة الروحية واحد مهما اختلفت تجلياته وآثاره .
 
( 3677 ) الأسماء المتعدة تشتت الفكر وتصرفه عن ادراك جوهر الصفات .
 
.
 

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: