الخميس، 30 أبريل 2020

30 - شرح تجلي الهمم المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

30 - شرح تجلي الهمم المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

30 - شرح تجلي الهمم المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
30 - متن نص تجلي الهمم :
جمع الهمم على الهم الواحد حتى يفنى في الواحد بالواحد ، فيبقى الواحد يشهد الواحد ذلك من أحوال الرجال عبيداً لاختصاص فيشرح لهم الصدور عما أخفي لهم فيها من قرة أعين .
ويسبحون في أفلاك الأقدار شموساً إن كانوا بالحق ، وبدوراً إن كانوا بالعين ، ونجوماً إن كانوا بالعلم فيعرفون ما يجري به الليل والنهار إلى يوم الشق والإنفطار .
فيكون من كان شمساً ويخسف من كان بدراً أو ينطمس من كان نجماً فلا يبقى إلا نور الأنوار الحق وهو نور الوحدانية الذي لا يبقى لتجليه نور فيفيض على ذاته من ذاته نورٌ في نور .

30 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل:
«قال الشيخ : تقييد هذا التجلي بالهمم أي على قدر طلبه وتوجهه . وهاهنا يدخل المكر الإلهي .
ولهذا جعل المحققون الهمم كلها همة واحدة ، فلم ينكروا تجلي الحق في كل همة فيكونوا إذن مع الحق لا مع مظاهر الحق.
فإن وجد من صاحب هذا المقام إنكار فإنه يسمى إنكار الشرع ، فهو ينكر في موضع أمر فيه بالإنكار ويسلم في موضع أمر فيه بالتسليم .
ثم قال الشيخ: حتى يفنى الواحد بالواحد فبقي الواحد يشهد الواحد.
فذهب بعضهم إلى أن تجلي الأحدية لا يصح، لكون الأحدية لا يقبل الثاني .
ولهم فيه منزع معلوم صحيح.
وهو قولهم : إن العبد يفنى ولا يتجلى الحق إلا لنفسه بنفسه . وقد صح أن الأحدية لا يتجلى فيها لغيره .
ونحن ذهبنا إلى أن القابل إنما هو نور الحق ،  فقبلنا تجلي الحق بالحق .
فهكذا هو قبول الأحدية ،قبل الواحد تجلي الواحد. فما للعبد هاهنا أثر ليقوم الشريك.
وقول القائل إن تجلي الأحدية لا يصح فيه التجلي يشهد أن للأحدية تجليا ، لأن تجليها أعطى أن يحكم لها بهذا الحكم.
وقول الشيخ : ويسبحون في أفلاك الأقدار شموسا إن كانوا بالحق، وبدورا إن كانوا بالعين ، و نجوما إن كانوا بالعلم. إلى قوله : فيتكور من کان شمسا.
قال : ثم قوم لهم العلم وهو علم الدليل ، وهم النجوم .
وثم قوم لهم مشاهدة ما علموا فلهم العين ، فهم الأقمار .
وثم قوم لهم الحق ، متحققون به فهم الشمس التي هي أعلى المظاهر وهي تمد البدر والنجوم.
فيوم الانفطار، تكور الشمس التي قبلت به لزوال الأعيان .
وينخسف القمر والنجوم ، فلا يبقى إلا نور الحق وهو النور الواحد.

30 - شرح تجلي الهمم
239 -  أضيف التجلي إلى الهمم، فإنه إنما يكون بحسب توجهها وطلبها . ولذلك تختلف التجليات حسب اختلاف الهمم.
فيدخل فيها الإنكار عاجلا وآجلا حتى ينتهي الأمر إلى أن ينقال : "حاشا ربنا" إذ تجلى في غير صورة المعتقد لهم.
فالمحقق (جمع الهمم) المختلفة المتباينة (على الهم الواحد) جمع النفوس المبثوثة رجالا ونساء، في نفس هي الأصل الشامل على الجميع؛ وجمع الوجودات المختلفة التعينات على عين هي محتد وجود كل شيء ، اعتناء في رفع الاختلاف والتباین عنها .
فزال عنه الإنكار مطلقا، حيث عرف شهودا أن الحق حق في كل همة .
فهو في شهود الهمم، مع الحق لا مع مظاهره .
فهو إذن لا ينكر شيئا؛ وإن أنكر فيسمى ذلك إنكار الشرع.  فإنه حينئذ ينكر ما أمر فيه بالإنكار.
ولما كان شأن المحقق أن يفنی بسر حاله ومقامه وشهوده المطلق الوحداني، جميع الاختلافات التعيينية في تعين واحد، هو الأصل الشامل والقابلية المحيطة .
قال قدس سره : (حتى تفني) أي الهمم (في) الهم (الواحد بالواحد) الذي هو حق في كل همة ، (فيبقى الواحد) الذي هو الحق في سائر الهمم، (يشهد الواحد) أي نفسه بنفسه في نفسه ، وليس للعبد في هذا الشهود عين ؛ فإن قبلة هذا الشهود التجلي الأحدي ، ولا يصح التجلي في هذه الحضرة للغير، إذ لا غير معها، فإنها حضرة لا تقبل الثاني.
(ذلك) أي الجمع والإفناء ، على الوجه المذكور ( من أحوال الرجال ) المتمكنين في شهود واحد العين ، في ملابس التلوين ، من غير مزاحمة (عبيد الاختصاص ) حيث لا قبلة لهم إلا الحق الجامع ، بوحدة عينه التي هي باطن الكثرة ، شملها . وهم المقصودون بذواتهم.

240 - (فيشرح) على بناء المفعول (هم الصدور عما أخفي لهم فيها) أي في الصدور (من قرة أعين) فإن الصدور إذا انشرحت بورود التجليات الذاتية الأحدية عليها اتصلت أنوارها بسائر المشاعر ونفدت فيها .
فعمل كل مشعر منها بواحد العين عمل المجموع من أخواته فالأبصار التي هي محل الرؤية والمشاهدة ، ترى بواحد العين كل عين ، فيه كل شيء.
وربما أن يكون ما أخفي لهم فيها ، مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
فإذا ظهر شيء مما خفي في هذه الصدور، كان قرة العيون المتعلقة به .
(و) هم عند تحققهم بهذا المقام المطلق الوحداني (يسبحون في أفلاك الأقدار) حسب اختصاصهم بهذا التجلي ، (شموسا إن كانوا بالحق) أي في مرتبة حق اليقين ، القاضي بشهود واحد العين مع الأسرار والأحكام اللازمة له في كل عين ، كما هي.
(و بدورا) کوامل (إن كانوا بالعين) أي في مرتبة عين اليقين القاضي بمعاينته، من حيثية تلبسه بصور المظاهر الروحانية والمثالية والحسية ؛ (و نجوما إن كانوا بالعلم) أي في مرتبة علم اليقين القاضي بظهورهم بعلم الدلائل .

241 - (فيعرفون) من هذه الحيثيات الثلاث (ما يجري به الليل والنهار إلى يوم الشق والانفطار) حيث عرفوا حقيقة الإنسان ، وأسرارها اللازمة لها ، باطنا وظاهرا ، في كل مرتبة وموضع ، ومع كل لطيفة وكثيفة ، ومعني وصورة .
فإن حقيقة الإنسان ، قسطاس التحرير، ولسان ميزان التقدير والتدبير، فحيث مال وكيف مال يمينا ويسارا،علوا وسفلا ، ينتج من میله التدبير على الوزن والتحرير إما بالأمر أو بالخاصية.
فهذا الإنسان إذا استوى واعتدل وقام على النقطة السوائية ونظر إلى مركز الكون أفاد من حيث إنه روح شبحه وحياة صورته ، روحا انبعثت به صور الأفلاك للحركة على نقطة المركز.
فبه دارت أفلاك الكون، وبه جرت المقادير في الليل والنهار.
ومن هنا قال قدس سره : «الحمد لله الذي جعل الإنسان الكامل معلم الملك؛ وأدار سبحانه وتعالى تشريفا وتنويها بأنفاسه الفلك».
ولذلك إذا مال الإنسان جمعا، بانتقاله إلى النشأة الآجلة ، ارتفع نظام العاجل ، فانشقت السماء وانفطرت؛ وكورت الشمس ؛ وطمست النجوم ؛ وتبدل الأرض غير الأرض . وكانت الحياة والظهور والأشهاد والنور العالم مال إليه.

242 -  فإذا طلع فجر انقلاب الظاهر باطنا، وانطواء الباطن في الحق المطلق طوى بساط الأعيان والصور (فيتكور من كان شمسا، ويخسف من كان بدرا، وينطمس من كان نجما) في نور يضرب إلى السواد في شدة ظهوره.
(فلا يبقى نور إلا نور الحق، وهو نور الوحدانية الذي لا يبقى لتجليه نور) فإن النور إذا انتهى ظهوره إلى غاية حد الاشتداد انقلب باطنا، يضرب إلى السواد ، كالليل البهيم. فهو إذ ذاك الغيب الأحمر والسواد الأعظم.
(فيفيض على ذاته من ذاته نوره في نوره) إذ لا ينسب هذا النور، من هذه الحيثية إلى مظهر أصلا. فافهم.
فإن هذا المدرك في سابغ ثوب الكمال كالطراز المعلم.

التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: