الاثنين، 27 أبريل 2020

03 - شرح تجلي نعوت تنزل الغيوب على الموقنين للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

03 - شرح تجلي نعوت تنزل الغيوب على الموقنين للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

03 - شرح تجلي نعوت تنزل الغيوب على الموقنين للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين
كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
03 - متن تجلي نعوت تنزل الغيوب على الموقنين
وبعد هذا التجلي المتقدم يحصل لك هذا التجلي الآخر تستشرف منه على مآخذ كل ولي خاص مقرب وغيره ومآخذ الشرائع الحكمية والحكمية وسريان الحق فيها وارتفاع الكذب منها، ثم يلقى إليك ما يختص باستعدادك من ما لا تشارك فيه فتمرض في هذا التجلي وتموت وتحشر وتنشر وتسأل ويضرب لك صراطك على متن جهنم طبيعتك ويوضع لك ميزانك في قبة عدلك ، وتحضر لك أعمالك صورأ أمواتأ أحياء على قدر ما كان حضورك مع ربك فيها ولست بنافخ فيما مات منها روحأ في ذلك التجلي ، فإنها مثال الدار الآخرة.
وتعطى كتابك بما كان من يديك مطلقأ وترى فيه ما قدمت فيرتفع الشك والالتباس، ويأتي اليقين كما قال تعالى: " و أعبد ربك حتي يأتيك اليقين " 99 الحجر.
بمعاينة هذه الأشياء وهذه هي القيامة الصغرى ضربها لك الحق مثلأ في هذا التجلي ، سعاده لك وعناية لك أو شقاوة  أن ضللت بعدها فتكون من أضله على علم وهو قوله تعالى:" و ما كان الله تعالي ليضل قوما بعد إذ هداهم حتي يبين لهم ما يتقون" 5 التوبة .
فأعرف ما تشهد ولا تحجب بما أسدل لك من لطائف الغيوب والأسرار وتنزل هذه الأنوار عن التحقيق بالمعاملات  عند الرجوع من هذا التجلي إلى عالم الحس وموطن التكليف، فإن الحق ضربه لك مثالأ حتى تصل إليه بعد الموت عيانأ ففد أمهلك ومن عليك إذ ردك إلى موطن الترقي وقبول الأعمال لتنفخ روحا في تلك الصورة الميتة فيكسوها حلة الحياة فتأخذ غدأ بيدك إلى مستقر السعادة فإنه خبر مستقرأ واحسن مقيلأ.

03 – شرح تجلي نعوت تنزل الغيوب على الموقنين
140 -  يريد تنزيل ما في الغيوب امتناناً، أو حسب اقتضاء الأوقات المعمورة بالمجاهدات النفسية والأحوال القاضية بالتقلبات القلبية، بيد يدي التجلي الإلهية، الحاملة مواهب الغيوب، والمقامات الموفية مراسم حقوقها جملة وتفصيلاً، على الموقنين ممن جاسوا خلال ديار الكشف والعيان، فصارت المغيبات المخبر عنها بألسنة الرسل في حقهم شهادة لا تحتمل الشبهة من بعد قطعاً وذلك من معدن: لو کشف الغطاء ما ازددت یقیناً.

141 -  (وبعد هذا التجلي المتقدم) يشير إلى تجلي نعوت التنزه في قرة العين (يحصل لك) أيها الطالب المستبصر في كشف الحقائق ، (هذا التجلي الأخر) على الترتيب الإلهي المشار إليه من قبل؛ ثم (تستشرف منه) عند استقراء آثاره في القلب، وانبساط أضوائه على الظاهر والباطن، (على مآخذ كل ولي خاص مقرب وغيره) ممن دونهم مكانة وأخذاً.
والولي من قرأ كتاب الوجود من وجهي الغيب والشهادة، والحق والخلق كما قال تعالى :" كتاب مرقوم . يشهده المقربون" 20-21 المطففين.
وهو في كل شيء مع كل شيء أعطي عموم التصرف فتصرف عن ذلك وترك فی تصرف «نعم الوکیل».
فجوزي بأن لا يتصرف فیه من تولى التدبیر الأعم : کالغوث و من معه من الأئمة والأوتاد والأبدال وغيرهم من المعدودين، جزاء وفاقاً فانفرد في الكون بوصف السراح والإطلاق، حيث لا يقيده حكم وحال ومقام فتصرفه في العموم ، بالخاصية لا بالأمر .
فهو المبرز في صدر تشريف المقامات المحمدية المقول عليها: "يا أهل يثرب لا مقام لكم" 13 الأحزاب.
و تستشرف ایضاً (على مآخذ الشرائع الحکمیة) بضم الحاء وسکون الکاف، وهي الأحكام المنزلة على الأنبياء والرسل، (والحكمية) وهي رهبانية ابتدعوها، مستنبطة من الشرائع المنزلة.
فإنه في سراحه وإطلاقه، مطلع على ينبوع النبوة المطلقة ؛ فلذلك يعلم فيها مآخذ الحُكم والحِكم .
ولولا مخافة التطويل، لبينت لك معنى النبوة المطلقة وأحكامها التفصيلية، ومن هو القائم بأمرها تحققاً.
وعلى مآخذ (سريان الحق فيها) أي في الشرائع الحُكمية والحِكمية.
والحق هنا ضد الباطل ؛ ولذلك قال قدس سره بعد ذكره : (وارتفاع الكذب منها) أي من الشرائع.
فإنك حينئذ مطلع على وجوه التنزلات الغيبية سواء كانت معتلة أو صحيحة، أو مستمرة الحكم والأثر أو منقرضة بانقراض مدته.
(ثم يلقى إليك) بعد تحققك بهذا التجلي (ما يختص بأمر استعدادك مما لا تشارك فيه) وذلك بشهودك من حيثية الوجه الخاص بك.
ولا ريب أن استعدادك من حيثية هذا الوجه، متصل بجهة إطلاق الحق من غير واسطة.
فإذا أثر فيك حكم الإطلاق الذاتي المصادم لتفيدك بالوجه الخاص تزلزلت بنية تقيدك.

142 -  (فتمرض) أولاً بسراية لفحات فنائك المنتظر (في هذا التجلي) ثم ينمحق رسومك بغشيان الفناء عليك.
(وتموت) موتة شبيهة بالموت الطبيعي فتعقبها أحوال ما بعد الموت.
(وتحشر وتنشر وتسأل ويضرب لك صراطك على من جهنم طبيعتك) فتترائى دونك أمثال ما أخبرته النبوة؛ هكذا يشهده السائر في مناهج التقديس .
(ويوضع لك ميزانك على قبة عدلك) وهي صورة اعتدال الذي في ضوئه تتبين كل شيء وصورة سوائيته لتعلم بذلك أحوال قلبك في أصل فطرته وزناً وتحريراً، ميلاً واستواء.
فإن الميل الفطري إنما يكون بحكم الغلبة، إما إلى جهة كفة الإلهام ، وإما إلى جهة كفة الفجور ؛ والاستواء بحكم عدمه.
فحالة الإستواء تعطي تمانع الميلين في حق قلبك ؟
وذلك هو حالة عدله وإطلاقه.
(وتحضر لك أعمالك) يظهر لك بعضها في البرزخ المثالي (صوراً أمواتاً) وهي الأعمال السيئة أو الأعمال الحسنة ظاهراً، الخاوية عن النيات الخالصة لله.
فإن النية روح العمل، وبها يظهر العمل، في الدار الحيوان والبرزخ صوراً أحياء إن كانت خالصة لله، الذي هو مصدر وجود كل شيء وحياته .
ولذلك قال : (وأحياء على قدر ما كان حضورك مع ربك فيها) أي في الأعمال، لا سيما عند شروعك فيها بالنية والقصد.
(ولست) أنت (بنافخ فيما مات منها) أي من الأعمال (روح) من النية الخالصة لله، (في ذلك التجلي) القاضي بالموت والفناء ؛ (فإنها) أي صور الأعمال الظاهرة عليك أمواتاً بالموجبات المذكورة، (مثال الدار الآخرة) ولا تبدل السيئات حسنات بنفخ الروح فيها، في تجلي غير هذا التجلي، إلا في العاجل.
إذ النفخ عبارة عن تخليص النية في العمل لله ؛ ومحل هذا التخليص العاجل لا الآجل، ولا فيما هو في حكم الآجل.
(وتعطى كتابك) المختص (بما كان من يديك مطلقا ) سواء كان خيرا أو شرا (وترى فيه ما قدمت) من الحسنات (فيرتفع الشك والالتباس) في كل ما يتعلق بحالك في مالك (ويأتي اليقين) الذي لا يشوبه نقيضه .
كما قال تعالى: (وأعبدّ ربك حين يأتيك اليقين)99 الحجر.
( بمعاينة هذه الأشياء) المذكورة آنفا .
فحينئذ يحق لك أن تقول : لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً.
فإنك إذ ذاك في أمر الآجل وما فيه من الأحوال العجيبة والأهوال الرهيبة، على جلية .

143 -  (وهذه) أي الموتة التي هي الفناء في التجلي (هي القيامة الصغرى) وهي أنموذج القيامة الكبرى المقول عليها : من مات فقد قامت قيامته.
والقيامة العظمى التي هي قيامة عموم الخلائق.
(ضربها الحق لك مثالا في هذا التجلي) وقد أشهدك فيه إياه (سعادة لك وعناية بك أو شقاوة) إن قمت لإيفاء حق نفسه في نشأة تجد فيها محل التدارك ؛ (وإن ضللت بعدها) أي بعد القيامة المذكورة (فتكون ممن أضله الله على علم) شهودي لا يحتمل النقيض قطعاً،وهو قوله تعالى: "وما كان اللّه ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون" 115 التوبة .


144 -  (فاعرف ما تشهد) من الأمور اللازمة لموتك في هذا التجلي، فإن عرفانك إياه قد ينتهي إلى درك ما فاتك من الكمالات النفسية.
(ولا تحجب) أي لا تمنع ولا تستر (بما أسدل لك من لطائف الغيوب والأسرار) عن المستوجبين، بإعراضك وتغافلك عن تلقيها ثم عن إلقائها إليهم، (وتنزل هذه الأنوار) يريد لطائف الغيوب والأسرار (عن التحقق) أي عن تحققك الموجب لاستمرار شهودك إياها (بالمعاملات) القاضية بإعطاء مالك لأخذ ما للحق (عند رجوعك من هذا التجلي) بوارد الصحو المفيق (إلى عالم الحس و موطن التكليف) رجوعاً يقتضي شهود الكثرة في الوحدة والوحدة في الكثرة من غير مزاحمة.
(فان الحق ضربه لك مثالاً) أي ضرب ما في هذا التجلي لك مآلاً في عالم شهودك عاجلاً (حتى تصل إليه بعد الموت) الطبيعي (عياناً) وتكون أنت في وصولك إليه على بصيرة من ربك ، فيخرجك بذلك عن زمرة : " ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " 72 الإسراء .

145 -  (فقد أمهلك) الحق تعالى (ومن عليك إذ ردك) بالصحو المفيق (إلى موطن الترقي) فتأخذ في اكتساب الكمالات النفسية في كل نفس وآن، حسبما تقتضيه سعة استعدادك حينئذ؛ (و) إلى موطن (قبول الأعمال لتنفخ روحاً) باقتضاء تجليات آخر فتبدل سيئاتها الظاهرة (في تلك الصور الميتة) حسنات (فتكسوها حلة الحياة) نيتك الخالصة لله في كل ما تأتي به بعد رجوعك من العمل، فإن غلبة حكم التقديس تسري في النفس وذخائرها من الأخلاق والأعمال ، فإن كانت مرضية زادت تقديساً ونوراً، وإن كانت غير مرضية تنورت وزالت عنها الكدورة.
وهذه السراية إنما هي من معدن :" يبدّل الله سيئاتهم حسنات "70 الفرقان.
ألا ترى أن الأجساد المعدنية إنما تزول أمراضها، المانعة عن وصولها إلى كمالها، بالعلاج والتدبير؛ فيعود ذهباً فالأعمال التي منبعها الوجود الظاهر في المظاهر، إذا اكتسبت سوءاً من سنخ الإمكانية وظهر عليها حكم الطهارة والتقديس الوجودي زال عنها السوء وانقلبت كاملة انقلاب الجسد المنحرف المعدني بالإكسير ذهباً خالصاً.
فالسيئات منها، إذا بدلت حسنات، تظهر لك في النشأة العاجلة بصور الملائكة، وهم الذين يسمون بالملائكة المتولدة من الأعمال .
(فتأخذ بيدك غداً إلى مقر السعادة) القاضي باستمرار من دخل فيه إلى الأبد ؛ (فإنه خير مستقرا وأحسن مقيلا).
 .
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: