الخميس، 30 أبريل 2020

26 - شرح تجلي القسمة المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

26 - شرح تجلي القسمة المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

26 - شرح تجلي القسمة المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
26 - متن تجلي القسمة :
ما من خلق إلا وله حالٌ مع الله فمنهم من يعرفه ومنهم من لا يعرفه ، وأما علماء الرسوم فلا يعرفونه أبداً فإن الحروف التي أخذوا عنها علمهم هي التي تحجبهم .
وهي حضرتهم وهم الذين هم على حرف ليس لهم رائحة من نفحات الجود .
فإن مآخذهم من كون الحروف ومعلومهم  كون فهم من الكون إلى الكون مترددون بدايةً ونهاية فكيف لهم بالوصول .
وإن كان لهم أجر الإجتهاد والدرس بالأجر كون أيضاً فما زال من رق الكون ووثاق الحرف .
وأما من كان على بينة من الله تعالى فإنه يكشف له عما أراده فيطمئن ويسكن تحت جري المقادير .
فطاعته له مشهودة ومعاصيه له مشهودة فيعرف متى عصي وكيف عصي ولمن عصي واين عصي وكيف يتوب ويجتبى .
فيبادر لكل ما كشفت مستريحاً بؤية عاقبته متميزاً عن الخلق بهذا الحق .

26 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل
«قال الشيخ في أثناء شرحه وفوائده : الرياضة عند المحققين إنما هي لتحسين الأخلاق .
وهي عند الحكماء لصفاء المحل.
وعلى كلا الأمرين فليس هما بفتح ولا ينتجان فتحة أصلا.
والفتح يأتي من عند الله تعالى من عين الحق ومنته .
فلو كان له سبب ينتجه لكان الفتح مكتسبا . وإنما جعل الذكر في التهيؤ عبادة لئلا يروح وقت التهيؤ بغیر عبادة شرعية .
ويتعين على الذاكر حينئذ أن لا يقصد بذكره حضرة مخصوصة أصلا ، بل يترك الحق يختار له من خزائن غیبه ما يقتضيه وجوده وإحسانه ، تعالی .
وأما المتوسمون من العلماء فإنهم يأخذون من الحروف فهم مع المواد الفكرية .
وهذه المقدمة كونية ، فلا تنتج لهم إلا آثارة كونية ، من شأن الفكر أن يقتضيها . واعلم أن جميع ما يتكلم به العارفون إنما هو تشويق يسوقون به همم المريدين إلى نيل أمر ما لا يقبل العبارة عنه.
فـ لسلامة محل المريد يأخذ ذلك بقبول ويتوجه توجها صحيحة ويفتقر إلى الله تعالی بخروجه عن كل سبب سواه .
فتدرکه النفحات ، إذ لا منع في الجناب الإلهي أصلا، فكلام العارفين ليس هو عين فتحهم، لأن فتحهم أذواق ومعان مجردة لا تقبل العبارة .
وإنما هم يقربونها بالوصف وضرب الأمثلة .
فمن قنع بذلك الوصف فقد خسر الوصل الذي هو الموصوف.

26 - شرح تجلي القسمة

227 - يريد القسمة الأقدسية الأزلية القاضية بتفاوت الاستعدادات وتفاوت مآخذها من الحظوظ الوجودية وأحوالها التفصيلية .
قال قدس سره : (ما من مخلوق إلا وله حال) حسب اختصاص سره الوجودي بمحتده الأصلي ؛ (مع الله) الذي إليه المرجع والمآب فإذا استشرف ذلك المخلوق بشعوره عليه ، ووفق للاستقامة على طريقة الأمم وتحري غايته في الحق ، عظم له المنال في طلق الجمع والوجود، واستوفی حقوق استعداده من الكمال الموهوب (فمنهم من يعرفه) بالاستشراف النفسي أو المنبهات الخارجية ، أو بوجه من وجوه سبق العناية .
(ومنهم من لا يعرفه) بما في استعداده من الخمدة ، وبما في وجهته التي هو موليها من الخفاء والضيق، وبما في معدات كماله من الوهن، وبما تقطع عنه رابطة سبق العناية فنعوذ بالله من سوء الحال.

228 -  (فأما علماء الرسوم ) المبتهجون بنتائج أفكارهم، المقتنصون زواهر العلم زعما بشرك عناكب تصوراتهم (فلا يعرفونه أبدا فإن الحروف التي عنها أخذوا علومهم هي التي تحجبهم) عن مشاهدة الأنوار القدسية ومطالعة الأسرار الأقدسية ، النابية عن حملها آفاق الحروف ومصادر النطق ؛ (وهي حضرتهم) التي لا محيد لهم عنها ولا مخلص لهم من شركها ما داموا على غرة من طريق الكشف والأخذ من الله بغير واسطة .
وهو المقول عليه :" وعلمناه من لدنا علما" [الكهف/60] .  و«ما اتخذ الله وليا جاهلا ولو اتخذه لعلمه».
(وهم الذين) في مخايل إدراكاتهم الزائغة عن نهج الإصابة ، (على حرف) مقيد وجانب حاصر يثيرهم على التمسك بأنظار عقولهم القاصرة عن درك المطالب العلية ، المصونة عن أعين الثروة .
ويقيمهم على الإضراب عن فحاوی أنباء الرسل ، بتحريف كلمهم عن مواضعها ؛ وباستئثار وجوه ترتضيها قلوبهم الغلف وتطمئن عليها .
(ليس لهم رائحة من نفحات الجود) التي هي حظ مشام المتبتلين إلى مورد الامتنان وليس لخياشيمهم أهلية استنشاقها ولا قوة إيصالها إلى فضاء قلوبهم ومشاعرهم ليتمتعوا بها، فيستشعروا بانحصارهم في ظلمات الأكوان ومضايق الأوهام.
ولذلك لا تسلم نتائج أفكارهم من الدلائل المخترعة لتضييق مقاصدهم عن الشبه المضلة ، بل نقد محصلهم منها، في الحقيقة، کسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا (فإن مآخذهم من كون الحروف ومعلومهم كون) زائل ، مکتسب من تصوراتهم الكونية.
(فهم) في مدارج التحقيق (من الكون إلى الكون مترددون بداية ونهاية) معتقدون بأن لا غاية وراء مداركهم ، (فكيف لهم بالوصول) إلى غاية هي المنتهى .
وهذه الغاية لا تحصل لهم ولا لغيرهم إلا بالحق لا بهم، وبشرط تجردهم عن الرسوم الوهمية والخيالية التي هم أهلها، لا بها، فلا سبيل لهم إليها إلا بنتائج الأحوال ، لا بدلالة ما انتقد لهم من كثرة القيل والقال .
(وإن كان لهم أجر الاجتهاد والدرس) في طرق الاستدلال والاستنباط ، (فالأجر كون أيضا ؛ فما زال) المجتهد (من رق الكون ووثاق الحرف) أبدا.
وقد جعل قدس سره مواقع إشاراته من لم يخلص من وثاق البحث والنظر إلى مسرح الكشف والشهود ، من أساطين أهل النظر، وهم الذين فازوا بقصب السبق في حلبة رهانهم؛ لا شرذمة قنعوا من طريقهم بأقل القليل ، فاستسمنوا ذا ورم ، ونفخوا في غير ضرم.
فنفوا ما جهلوا وألقوا سمعهم إلى شياطين الإنس ، حيث أوحوا إليهم الأباطيل. فبارزوا بوسوستهم لمحاربة الحق في معاداة أوليائه .
فما بال قوم عميت قلوبهم فركبوا مطية الهوى في قدحهم ضلالا؛ والتحقوا في فرط طيشهم بالأخسرين أعمالا.

229 -  (وأما من كان على بينة من الله تعالی) فلا يعرف شيئا ولا يظهر بحال ولا يتعلق بحكم ، إلا باقتضاء واردات قدسية متجددة له مع تقلبات قلبه بالأنفاس : (فإنه يكشف له عما أراده) تعالی (به) من المقدرات علیه ، خيرا كان أو شرا.
فهو إذ ذاك ممن أطلعه الله على سر القدر،
(فيطمئن ويسكن) على بصيرة من ربه (تحت جري المقادير) التي علم يقينا أن لا محيد له عنها ولا يغيرها شيء إلا بقدر.
(فطاعاته) قبل إتيانه بها (له) في الغيب (مشهودة، ومعاصيه له مشهودة. فيعرف بشهود ماثبت له في لوح القدر (متى يعصي وكيف يعصي ولمن يعصي وأين يعصي. وكيف يتوب ويجتي) من الاجتباء ، وهو الاصطفاء .
(فيبادر لكل ما كشفت مستريحا برؤية عاقبته) عند الله الذي إليه مآبه . (متميزة عن الخلق بهذا الحق) الذي ليس وراءه مرمی لرام .
والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقیم.
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: