الاثنين، 27 أبريل 2020

06 - شرح تجلي أخذ المدركات من مدركاتها الكونية للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

06 - شرح تجلي أخذ المدركات من مدركاتها الكونية للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

06 - شرح تجلي أخذ المدركات من مدركاتها الكونية للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين
كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
06 – متن تجلي أخذ المدركات من مدركاتها الكونية
وهذا التجلي أيضاً تحضر فيه الحقيقة المحمدية .
وهو التجلي من اسمه الحميد .
فعند النواظر عن التصرف الذي ينبغي لها وجميع المدركات .
وفي هذا المقام يُشاهد الاسم الذي بيده الختم الإلهي .
وكيفية فعله به في الوجود :
* فيه تختم النبوة والرسالة والولاية .
* وبه يُختم على القلوب المعتنى بها .
ولا يدخل فيها كون بعد شهود الحق بحكم التحكم والملك .ولكن يدخل بحكم الخدمة والأمر .
ثم يخرج وما وقع بعد هذا المقام من تعلق الخواطر بحب جارية أو غير ذلك .
فذلك بحكم الطبع لا من جهة السر الرباني المختوم عليه .
الذي هو بيت الحق ومقعد الصدق .
ومن هنا كان حب الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ .ومن هنا أصل الحب في الكون مطلقاً.
غير أن أسرار العامة وإن لم يختم عليها بخاتم العناية لكن ختم عليها بغير ذلك .
فأسرارهم في ظلمة وعمى من حيث صرف وجهها للطبع الذي هو الظلمة العُظمى .
والحب في الخلق على أصله في العالي والدون .
وليس حب الله من هذا القبيل وهو من هذا القبيل . غير أن أكثر الناس لا يفرقون بين ذلك .
فحبنا لله أيضاً من حيث الإحسان فهو من حيث الطبع .
وحبنا المقدس عن ظلمة الطبع يُنسب إلينا على حد ما ينسب إلى الحق .
فكما لا يكون حبه مثلاً .. كذلك لا يُمال إليه .
وهذا التجلي يعرفك حقيقة هذين الحكمين في المحبة .

06 – إملاء ابن سودكين في هذا الفصل:
" قال الشيخ رضي الله عنه في شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه : أنه أخذ الدرکات على نوعين:
أحدهما، القبول عنها ما آدته.
 والثانی : آخذ الدرکات عن القبول .
فتشغل بوارد إلهي يصرف نظرها عن الأمر العادي.
والمدركات من حقيقتها الجولان والإطلاق فيما تتوجه عليه من مدركاتها. والمدركات كلها نسبتها إلى الاسم الجليل نسبة واحدة.
فمتى تقيد المدرك بأحد مدركاته دون غيره فقد تقيد بأمر عرضي صرفه عن حقيقته التي هي الإطلاق وعدم التقييد.
واعلم أن الإنسان في أصل وضعه مفطور على عدم التقييد لکمال تهيئة و قبوله . فمتى تقید بوجهة ما دون وجهة، أو دين دون دين فقد خرج عن حقيقته وتقيد وفاته الكمال.
وإنما الكمال في أن يكون بباطنه مع الإطلاق المطلق والسعة المحضة، و بظاهره مع الكون الضيق.
فيكون وقوفه مع الظاهر والحد إنما هو بالنظر إلى عالمه المقيد.
ومن أنكر ما أنكر من الأمور، فإنما أنكرها بالنسبة إلى قول آخر أو مذهب آخر، لا بالنظر إلى الإطلاق الكلي والقبول الإلهي.
وفي هذا المشهد تعاين الختم الإلهي كيف يختم به على القلوب وذلك أن أسرار العباد كلها مختوم عليها فلا يصل إليها شيء من أمر الكون.
وإنما يقع الافتراق بأمر واحد.
وهو أن العارفين والأولياء والسعداء ختم الله على سرهم واطلعوا على الختم والحماية.
وجالوا بأسرارهم في العوالم  ، فتصرفوا بها في الأشياء ولم يدخل الأشياء فيها "في أسرارهم" بحكم الملك، وإنما تدخل إليهم الأشياء بحکم الخدمة :
وهو أن، حقائق الکون تتقرب إلى وجودهم لتکمل حقائقها في وجودهم فهي تخدمهم بظهورها في عوالمهم ، وهم يحكمونها لكونها واردة من الحق إليهم .
فيوفون الجناب الإلهي ما يستحقه من الأدب بقبول آیادیه و نعمه و من قبيل الطبع کان حب الموجودات بعضها لبعض، لأن الحق سبحانه من حيث ذاته لا يصح أن يميل ولا أن يمال إليه لعدم المناسبة.
اللهم إلا الحب المتولد عن اختيار الله تعالى، فإنه حب يتولد عن الطبع .
وأما حب الله تعالى لعباده وحبهم الأصلي له فليس من قبيل الطبع بل من حقيقة أخرى يعرفها العارفون بالله تعالى وفي هذا التجلي تحضر الحقيقة المحمدية التي هي صاحبة الإطلاق وعمد التقييد .
وانظر إلى الأمة المحمدية كيف عم إيمانها جميع المؤمنات دون غيرها من الأمم. فالحقيقة المحمدية في عالمنا هي مقام الإطلاق. وأما ما ختم به على قلوب العامة لكونهم لم تدركهم العناية فإن ذلك عبارة عن تصرفهم بسرهم في لموجودات، إنما تصرفوا بطبعهم، وهذا المقام أعز المقامات وأقواها وهو مختص بأكابر الرجال والأفراد. والله يقول الحق".
06 - شرح تجلي أخذ المدركات من مدركاتها الكونية

163 - والأخذ إنما یکون بطلوع شمس اجمال الطلق علی المدرکات -اسم فاعل- بغتة .
إذ الإدراك في شدة ظهور النور بغتة مخطوف .
ولما كان الجمال في الحقيقة، معنى يرجع منه إلينا، قابلته أولا، في تجليه الأشمل الكلي، قابلية كلية تفرعت منها القابليات الجمة.
ولكليتها في كل فرع نسخة جامعة تعطي فيه حكم الأصل.
فإذا انكشف حجاب الكون عن ذلك الفرع ظهر فيه الجمال والنسخة الجامعة معا. ولذلك قال قدس سره : (وهذا التجلي تحضر فيه الحقيقة المحمدية) فإنها هي النسخة الجامعة في قابلية المتجلي له.
 (وهو التجلي) أي تجلي أخذ المدركات (من اسمه الحميد) كما أومى إليه آنفا.
(فقيد النواظر عن التصرف الذي ينبغي لها و) كذلك (جميع المدركات) فهي كالأبصار المصروفة عن إدراك المبصرات زمانا، إذا اتصلت بعين الشمس، التي هي ينبوع نورها.

164 - (وفي هذا المقام) القاضي بظهور هذا التجلي، (تشاهد الاسم الذي بيده الختم الإلهي و کیفیة فعله به فی الوجود) و هو کل اسم یصح بتجليه وصول کل شيء، قی تنزله و ترقيه، إلى غاية تقتضي اختتام أمره فيها، بعد تجرده عن لبس السوى أو تلبسه ؛ ولن يكون في حقه فوقها أو دونها، غاية أخرى يصح انتقاله إليها، كالأسم الجامع، المتوجه إلى الحقيقة المحمدية مثلاً.
فإنها به انتهت إلى غاية تنزل الوجود وتلبسه بصورة المنتهية إلى الكمال؛ حتى تم ، بتنزلها إلى تلك الغاية، كمال النبوة؛ وبلغت في سير الوجود تنزلاً إلى غاية اختتمت فيها، وتم بكمالها واختتامها كمال الصورة المقصودة للوجود في تنزله، وظهر في وسع هذه الغاية سر: (اليوم اًكملك لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى)  [ المائدة : 3]  و"بعثت لأتمم مکارم الأخلاق" ؛ فلا مزيد على هذا الكمال قطعاً.

فبأحدية هذا الاسم، انتهت النبوة في الحقيقة السيادية، واختتمت بها عليها. فافهم.
وبهذا الاسم أيضاً، يتم عود الوجود وتجرده عن ملابس صوره وأشكاله الكثيفة العاجلة، و ترقيه إلى غايته العليا التي ليس وراءها مرمى لرام؛ ويتم بعودة وتجرده و ترقية کمال الولایة ؛ ويختم ويتم بکمال الولایة و اختتامها انکشاف المعنى عن صورة کل شيء.
ولذلك قال قدس سره : (فبه تختم النبوة والرسالة والولاية) في خاتم النبوة وخاتم الولاية، (وبه يختم على القلوب المعتنى بها) إذ لكل قلب اسم إلهي، هو بحيطته الجامعة مبدأ أمره جمعاً ومنتهى غايته تفصيلاً.

وهذا الاسم بنسبته إلى الاسم الجامع الأشمل، كالفرد تحت النوع أو كالنوع تحت الجنس .
وهو إن كان بمنزلة فرد، فلا بد له من جامعية بالإضافة إلى مربوبه ؛ وذلك لاشتمال مربوبه على الأحكام والأجزاء والقوى الباطنة والظاهرة ؛ أو لاشتمال مسمى الاسم على الأسماء الجمة، من حيثية اتحادها به ؛ والمسمى جزء مدلول الاسم ، فإن الاسم اعتبار المسمى مع وصف خاص.
(فلا يدخل فيها كون) فإن أحدية جمع الاسم الحاكم عليه بتعليتها واستيلائها، تمنع الغير وذلك (بعد شهود الحق) وزوال الكون عن القلب بالكلية ؛ فإن دخل فيها فلا يدخل (بحكم التحكم والملك، لكن يدخل يحكم الخدمة والأمر، ثم يخرج) والدخول بحكم الخدمة والأمر لا ينافي، كونها مختوماً عليها بالاسم والقلوب المتبحرة بالشهود مختارة في منعها وقبولها، لا مجبورة

165 - (وما وقع بعد هذا المقام من تعلق الخاطر بحب جارية أو غير ذلك ، فذلك يحكم الطبع) وزيغه إلى اللذات الحسية والوهمية، (لا من جهة السر الرباني، المختوم عليه، الذي هو بيت الحق ومقعد الصدق. ومن هنا) أي من جهة السر الرباني،(كان حب الأنبياء صلوات الله عليهم، ومن هنا) أيضا (أصل الحب في الكون مطلقا) وإن ظهر في صورة النزعات الطبيعية، فإن السر الرباني قد يختم عليه، بأن يكون على الميل الطبيعي، ولذلك قال قدس سره : (غير أن أسرار العامة وإن لم يختم عليها بخاتم العناية، لكن ختم عليها بغير ذلك) بأن يظهر فيها حكم الطبيعة المرسلة في اللذات. ولا يظهر فيها حكم الاسم من حيثية تقدسه وتنزهه (فأسرارهم في ظلمة وعمى ، من حيث صرف وجهها للطبع الذي هو الظلمة العظمى) ومثار المنقصة والآفات القادحة فيها.

166 - (و الحب فى الخلق على أصله) المستفاد من جهة السر الرباني الختوم علیه (فی العالي والدون) ومن جهة الطبع أيضا، وهذا الحب من الخلق للخلق ؛ (وليس حب الله من هذا القبيل) أي ليس من جهة الطبع، أعني حبنا الله، والمعني بهذا الحب هو الحب الذاتي، الذي ليس له سبب سوى ذات المحبوب.
وهو حب الهوى الذي لا يتعلق إلا بالذات.
ومن يهوى بهذا الحب لا يعرف شيئا سواها "الذات" معها، يتعلق به ويهواه، وقد أشارت إلى هذا الحب وغيره العارفة بالله رابعة، حيث قالت :
أحبك حبين حب الهوى ….   وحب لأنك أهل لذاكا
(وهو) أي حبنا لله أيضا، (من هذا القبيل) أي من جهة الطبع؛ وهذا الحب من أفراد قولها "رابعة" : "لأنك أهل لذاكا" ؛ فإنه أهل أن يتعلق الطبع به كما تعلق السر به. (غير أن أكثر الناس لا يفرقون بين ذلك. فحبنا لله أيضا، من حيث الإحسان: فهو من حيث الطبع) فإن الإحسان مطبوع، يميل إليه طبع النفس ذلة وخضوعا، مع شموخها بطبعها: ميل القوة الذائقة إلى أحلى المشهيات و المذوقات (وحبنا المقدس عن ظلمة الطبع ينسب إلينا، على حد ما ينسب إلى الحق تعالى) يعني نسبة الحب من الله إليه وإلينا، أو منا إليه، لا ميل فيه.
بل الحب نسبة، والنسبة عدمية.
فليس في الذات، من هذا الوجه، أمر زائد علیها یقوم به الیل . ولذلك قال قدس سره : (فکما لا يكون حبه) تعالى (میلا، كذلك لا يمال إليه) فإن الحب المنسوب إلى السر الرباني ، في الحقيقة، حب الحق نفسه في كذا فافهم.
 (وهذا التجلي يعرفك حقيقة هذين الحكمين في المحبة) كما أشرنا إليه إفهاما للمستبصر النبيه.
  .
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: