الخميس، 30 أبريل 2020

33 - شرح تجلي المزج المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

33 - شرح تجلي المزج المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

33 - شرح تجلي المزج المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين 

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
33 - متن نص تجلي المزج :
دار المزاج يشبه نطفة الأمشاج ، فما اردأ ما يكون بينهما النتاج ، لكن الحق جعل للشقي دلالة وللسعيد دلالة .
وجعل للوصول إليهما عيناً مخصوصا  في أشخاص مخصوصين ونوراً مخصوصاً من حضرة مخصوصة إلهية .
فإذا كشف غطاء الأوهام عن هذه عين وطرد ذلك النور المخصوص ظلام الأجسام عن هذا الكون أدركت الأبصار بتلك الأنوار علامات الأشقياء والأبرار ، واستعجلت قيامتهم لما تخلصوا وأخلصوا .

33 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل :
«قال سیدنا في أول التجلي : «دار المزج يشبه نطفة الأمشاج ونورا مخصوصا من حضرة مخصوصة"
فقال ما هذا معناه : إن تجلي المزج هو أن يتجلى الحق في صورة الخلق ، والمطلق في صورة المقيد.
فيعلم أن عزته سبحانه لا تقتضي له ذلك . و«دار المزج تشبه نطفة الأمشاج».
فكانت الدنيا للعبد بمنزلة الرحم. فقام التجلي لك في هذا الدار بحكم الموطن ، فأعطاك المزج .
فحكم المشبه على الحق بحقيقة الصورة التي اقتضاها الموطن ولم يقتضها الحق لنفسه من حيث هو.
وقوله : «فـ للشقي علامة و للسعيد علامة، قال : وللسعادة مراتب ، فثم سعيد مطلق ، وهو الذي لا ينكر الحق في كل تجل يكون منه مع بقائه مع :" ليس كمثله شيء". والسعيد الذي هو دون هذا في المرتبة الثانية ، هو المنزه الذي إذا رأى صورة المزاج قال : أعوذ بالله ، كما جاء في الحديث .
وأما المشبه فلا يخلو من أحد أمرين :
إن كان مؤمنا ووقف مع الخبر والإيمان فهو سعيد .
وإن وقف مع التشبيه بعقله وتأويله فهو شقي .
فهذه ثلاث مراتب السعداء . فتحقق ترشد».

33 - شرح تجلي المزج
249 -  وهو تجل يقتضي ظهور الحق في الخلق ، والمطلق في المقيد؛ مع أن مقتضى ذاته في توحيده الأنزه الذاتي : " ليس كمثله ، شيء" [الشورى:11] .
فحكم المتقابلات کالهداية والضلالة ،والتشبيه والتنزيه في المقيد الذي ظهر به المطلق ، والخلق الذي ظهر به الحق في العاجل ، المزج والاختلاط . فلا يظهر تخصصه بأحد المتقابلين إلا بعلامة ودليل .
ولذلك قال قدس سره : (دار المزج يشبه نطفة الأمشاج) إذ حكم المقيد في دار المزج كحكم النطفة في الرحم.
فكونها «النطفة سعيدة أو شقية ، منزهة أو مشبهة ، مشتبه ممتزج ، وأحد الحكمين غير ممتاز فيها عن الآخر.
فكما حكم التجلي بمزج الدار، حكم الموطن القاضي بتحقق الصور الخلقية ، على المشبه أن يحكم على الحق بحقيقة الصور التي اقتضاها موطنه الحسي .
وإن لم يقتض الحق ذلك لنفسه، من حيث تجرده وتوحيده الأنزه .
فـ للسعيد إذا تخلص من سواد المزج وظهر بحكم السعادة ، ثلاث مراتب :
سعید مطلق ، وهو الذي لا ينكر الحق في أي تجل ظهر به سواء أثمر التنزيه أو التشبيه ، غير أنه يعلم بقاؤه تعالى في موطن التشبيه مع ليس كمثله شيء .
وسعيد مقيد بالتنزيه ، وهو الذي إذا رأى الحق في صورة المزج.
قال : أعوذ بالله منك ، كما ورد في الخبر الصحيح .
وسعيد مقید بالتشبيه ، من حيث كونه واقفا مع الخبر الصدق والإيمان به ، من غير أن ينظر في التكييف أو يرده إلى التنزيه ، بضرب من التأويل .
فمن وقف مع التشبيه بعقله وتأويله ، فهو شقي .
ولما كان حکم المزج مبهما يختلف إثماره وإنتاجه بحسب المواطن ،
قال : (فما أردأ ما يكون بينهما) أي بين دار المزج و نطفة الأمشاج ،(النتاج) إذ الشيء لا يثمر ما يضاده ، والنتيجة على شاكلة ما نتج منه.

250 - (لكن الحق جعل للشقي دلالة) أي علامة ، يعني لما كان المزج يعطي في موطن ما حكم السعادة ، وفي الآخر حكم الشقاوة ، جعل الحق تعالی للشقي في موطنه القاضي بشقاوته ، علامة يعرف بها.
(و للسعيد) في موطنه (دلالة) يعرف بها ؛ (وجعل للوصول إليها) أي إلى الدلالة الفارقة بين السعداء والأشقياء ، (عينة مخصوصة) ناقدة لن تجدها إلا (في أشخاص مخصوصين) من أهل العناية من الأولياء فإن هذا التمييز موقوف على الظفر بانتهاء الكشف إلى استجلاء ماهيات الأشياء وحقائقها ، من حيث ثبوتها في عرصة العلم الإلهي ، على وجه استجلاها العلم الإلهي في الأزل؛ بحيث لو قوبل علمه تعالى مع علم الكاشف ، لطابق علمه علم الحق من جميع الوجوه في هذا الكشف. وليس للإنسان في كشفه وراء هذه الغاية منال .
ولذلك قال : وجعل للعين المخصوصة (ونورا مخصوصا من حضرة مخصوصة إلهية). ولعل هذه الحضرة؛ والله أعلم؛ هي الحضرة العلمية الإلهية ، إذ ليس وراءها إلا الحضرة الذاتية الكنهية التي يعود الكشف فيها عمى ، والعلم جهالة.
والعلم الكاشف هنا عن الحقيقة الذاتية الكنهية ، لا ينسب إلى الغير؛ وإلا يقال في محل : «ما عرفناك حق معرفتك» عرفناك حق معرفتك . فافهم المقصود.

251 - ( فإذا كشف غطاء الأوهام عن هذه العين ) بصيرورتها مطرح أنوار التجلي الأعظم القاضي بکشف أسرار الساعة وأحكامها المصونة ؛ (وطرد ذلك النور المخصوص ظلام الأجسام عن هذا الكون) الإنساني (أدركت الأبصار بتلك الأنوار علامات الأشقياء والأبرار؛ فاستعجلت قيامتهم) حيث أعطوا العلم المختص بالمواطن الآجلة التي هي موقع التمييز مطلقا .
فإن الرحمة المشوبة بالغضب في العاجل ، خالصة في الجنة ، والغضب المشوب بالرحمة فيه، خالص في النار.
ولذلك صح أن يقال في الآجل : "في الجنة وفريق في السعير" [الشورى :7] و«هؤلاء في الجنة ولا أبالي ، وهؤلاء في النار ولا أبالي».
و المعني بأمر الأمر في العاجل القاضي بالمزج ، امتياز المهتدين عن الضالين مطلقا .
ولكن العارفين (لما تخلصوا) من القيود والرسوم العاجلة ، بالفناء المطلق ، (وخلصوا) كل واحد من الفريقين من أعماق المزج متميزة عن الآخر، بالعلائم المصحوبة لهم من الحضارات الثبوتية العلمية.

.
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: