الخميس، 30 أبريل 2020

24 - شرح تجلي معرفة المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

24 - شرح تجلي معرفة المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

24 - شرح تجلي معرفة المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
24 متن نص تجلي معرفة المراتب
مشاهدة القلوب اتصالها بالمحبوب اتصال تنزيه لا اتصال تشبيه فكان بلا كون لأنك كنته.
ومشاهدة العيان النظر من غير تقيد بجارحة ولا بنية فالبصر والرؤية صفة اشتراك وإن كان ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
والقلب صفة خاصة لك فتشهده بالبصر من حيث يشهدك فيكون بصره لا بصرك وتشهده بالقلب من حيث لا يشهدك .
فمشهد القلب يبقيك ومشهد البصر يحرقك ويفنيك .

24 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل:
قوله في الأصل : «مشاهدة القلوب اتصالها بالمحبوب، اتصال تنزيه لا اتصال تشبیه» أي لا كاتصال الأجسام بالمجاورة ولا كاتصال الأعراض بالجواهر.
فاتصال الحق اتصال تنزيه ، لا يسأل عن ذلك الاتصال بكيف كما لا يسأل عنه سبحانه بكيف.
فاتصاله تبارك وتعالى هو نسبة خاصة، وإذا اتصل به فلا يخلو إما أن يكون العبد هو الموصوف بالاتصال بالحق أو الحق المتصل.
فإن كان الحق متصفا بذلك فقد وصف نفسه بالأينية ، وإن كان العبد، كان وصف العبد التنزه عن الأينية .
فاتصال الحق تعالى بالعبد اتصال بظاهره وأبنيته ، واتصال العبد بالحق سبحانه اتصال تنزيه بلطیفته التي لا يجوز عليها الانتقال لكونها لا أينية لها .
ولما قال تعالى : "هو معكم أينما كنتم" [الحديد : 4 ] وقال :
ينزل إلى سماء الدنيا»، فعلمنا أن بهذه الحقيقة التي ينزل بها، یكون معنا سبحانه . فالعارف هو حيث كانت مرتبته ، فهو يعلم تفصيل المراتب ومن هو المتصل فإن كان الحق المتصل نسب إليه الاتصال ابتداء .
وإن كان العبد المتصل ينسب إليه ذلك ابتداء فاتصال الحق بالعبد هو من نسبة الأبنية ونزوله إلى العالم. واتصال العبد هو من حيث التنزيه وعدم الأبنية ويشهد لاتصالك به أدلتك العقلية الشاهدة بالتنزيه. ويشهد لاتصاله سبحانه بك ما شهد به لنفسه من الأدلة السمعية .
ولا يجوز للعبد أن يتأول ما جاء من أخبار السمع لكونها لا تطابق دليله العقلي كأخبار النزول وغيره ، لأنه لو خرج الخطاب عما وضع له لما كان بالخطاب فايدة . وقد علمنا أنه أرسل ليبين للناس ما نزل إليهم، ثم رأينا النبي عليه الصلاة والسلام مع فصاحته وسعة علمه وكشفه ، لم يقل لنا أنه ينزل برحمته .
ومن قال : ينزل برحمته ، فقد حمل الخطاب على الأدلة العقلية ، لأن العرب ما تفهم من النزول إلا النزول الذاتي .
فإن قال قائل : إنه يخلي مكان إذا نزل إلى مكان ، قيل : إنما يلزم هذا الدخل فيمن كانت ذاته جسما ، فحينئذ يحكم عليه بأوصاف الأجسام.
ثم قال الشيخ ما معناه : لما انتقل جبريل عليه السلام من مرتبته وأفقه إلى صورة دحية الكلبي في مرتبة عالم الخيال ، حكم عليه حاكم الصورة بالانتقال
وقال : وجدت جبريل في الخيال ، والحس صادق فيما شهد به من حيث هو.
أما الدليل العقلي المنصف فإن له مدركا آخر وراء مدرك الحس ، فهو يسلم إلى الحس مرتبته ويصدقه في شهادته ويدرك مدارك أخرى هي من لوازمه العقلية المعنوية من حيث هو. فتفطن ههنا .
ثم إن العرب أطلقت الانتقال على الأجسام وعلى غير الأجسام.
فالانتقال والنزول وجميع الأحكام عند العرب معلوم، تلحق بالذوات على حسب ما هي عليه الذوات .
فإذا اتصل العبد بالحق كان كما قال القائل : "فكان بلا کون لأنك كنته".
فاتصال الحق بالعبد ابتداء من غير قصد من العبد ولا توجه هو نزول الحق إلى أينية العبد.
واتصال العبد بالحق هو أن يهب الحق للعبد طلبه ابتداء فيعطيه نسبة الطلب والنسبة إنما تدركها اللطيفة من كونها عاقلة مميزة .
فإذا قامت به نسبة الطلب للحق توجه إليه تعالی توجها مخصوصا عقلية لا حسية. والتوجهات العقلية منزهة عن الأينية فتميزت مراتب الاتصال . والحمد لله رب العالمين .
مزید فائدة في تجلي معرفة المراتب .
قوله : "مشاهدة الأعيان بالنظر من غير تقييد بجارحة ولا بنية ، فالبصر والرؤية صفة اشتراك".
قال الشيخ ما هذا معناه : إن الحق سبحانه لا يتصف برؤية البصر، الكون رؤية القلب إنما تكون عن فكر وروية ، وهو منزه عن ذلك .
فأما نسبة البصر فقد اتصف بها سبحانه ولهذا الأصل علمنا أن للبصر طور وراء طور العقل ، لكون الحق اتصف به ولم يتصف بنسبة العقل .
وكان البصر والرؤية صفة اشتراك لأنه تعالى وصف نفسه بهما.
غير أنه يقال : لم ورد بهما نسبتان محققتان؟
فلهذا جواب ، فمتى شهدته بالبصر من حيث يشهدك فهو يرى نفسه بك ، لا أنت ، وتتصف أنت عند ذلك بالعلم ، فهو بالنسبة التي يرى نفسه بنفسه ، كذلك يرى نفسه بفعله .
وإذا شهدته بقلبك من حيث لا يشهدك ، فهو في هذه الحضرة يتجلى لك من حيث لا يشهدك .
والتجلي الأول شهدته فيه من حيث يشهدك .
فمشهد القلب يبقيك ومشهد البصر يحرقك ويفنيك .
وكذا جاء في «سبحات الوجه» أنه سبحانه لو كشفها لأحرقت ما أدرکه بصره".

24 - شرح تجلي معرفة المراتب
220 -  لكل شيء نسبة ، صحت معقولية جامعيتها بينه وبين وجوده المظهر له ، والحقایق التابعة له .
فمعقولية هذه النسبة بهذا الوصف تسمى مرتبة .
وهذا التجلي من شأنه أن ينكشف فيه وجه إضافة هذه النسبة المرتبية إلى الحق تعالی بحسبه ، وإلى الخلق بحسبه.
ولذلك قال ، قدس سره :
أما من كانت ذاته کجهولة فلا يصح الحكم عليها بوصف مقيد معين . والعرب تفهم نسبة النزول مطلقا، فلا تقيده بحكم دون حکم خصوصي ، فقد تقرر عندها أنه سبحانه ليس كمثله شيء.
فيحصل لها المعنى مطلقا منزها فتحقق زيادة بسط فيه التفاوت الأفهام وتقريب المعاني .

221 - (مشاهدة القلوب اتصالها بالمحبوب، اتصال تنزيه لا اتصال تشبيه) الاتصال، نسبة لا تعمل إلا بين الشيئين .
واتصال التشبيه کاتصال الجسم بالجسم، أو العرض بالجوهر.
فمقتضی مرتبة الحق ، التنزه عن الأين ، فلا يسأل عن اتصاله ب «کیف» ؛ ومقتضى مرتبة العبد، عدم تنزهه عن ذلك .
فإن اتصل الحق بالعبد ابتداء ، عن رحمة و تعطف ، فاتصاله تعالی به إنما يكون إذن بنسبة الأبنية .
إذ من شأن الحق، بما أفاد لنا الخبر الصدق ، أن يتصف عند تحقق المنازلة بصفات الكون.
ومن هذا المهيع :"وهو معكم أينما كنتم" [الحديد : 4]، و"ينزل ربنا إلى السماء"، و "والله  يستهزئ بهم ويمدهم " [البقرة:15] .
و «آخر وطأة : وطأة الله بوج» ونحوها ولكن هذا إذا كان اتصاله تعالی بظاهر العبد في جهة أينيته .
وأما إذا اتصل تعالى بلطيفته التي لا تقبل الانتقال والأين، فاتصاله تعالی بنسبة تنزيهه لا غير.
وإن اتصل العبد بالحق ابتداء ، فاتصاله به بنسبة التنزيه ، فإنه لا يتصل به تعالى إلا بعد تجرده عن المواد الأينية .
وقد أوما إلى هذا الاتصال، قدس سره ، بإيماء لطيف حيث قال :
(فكان بلا کون لأنك كنته) مع أن معنى هذا الإيماء أرفع من معنى الاتصال . فإن العبد على مقتضى هذا الإيماء ، إنما تجرد عن كونه مطلقا. وشرط معنى الاتصال تجرده عن المواد فقط . إلى هنا ما ذكره قدس سره من أحكام مشاهدة القلوب ببصائرها المجلوة.

222 -  (و) أما (مشاهدة العيان) فهي (النظر) بالبصر (من غير تقيد بجارحة) حسية (ولا بنية) مادية إنسانية ، فإن النفس من شأنها إدراك الشيء بالبصر بمجرد ثبوت عينه في غيب العلم، بخرق العادة في طور وراء طور العقل ، كما ذكرنا نزرا من ذلك من قبل .
( فالبصر والرؤية ) به (صفة اشتراك) بين الحق والإنسان ، ولكن إبصاره تعالى على وجه يغاير إبصار الإنسان.
ولذلك قال : (وإن كان ليس كمثله شيء فهو السميع البصير)، ولذلك حصر بعد تنزيهه بـ « لیس كمثله شيء»، صفة السمع والبصر الذي هو محل توهم الاشتراك بتقديم ضمير الفصل على نفسه تعالی قطعا لتوهم الاشتراك.

223 - (و) أما (القلب) في مشاهدته بالبصيرة ، فهو (صفة خاصة لك) فإن رؤيته بالبصيرة، إنما تكون بمخالطة الفكر والروية ؛ وهو تعالی منزه عن ذلك.
فمهما تظفر بمشهد العيان (فتشهده بالبصر) فإنما تشهده ببصرك (من حيث يشهدك ، فيكون بصره لا بصرك ، وتشهده بالقلب من حيث لا يشهدك) ببصره ، فإن مقابلة العينين توجب فنائك وذهابك .
ولذلك قال قدس سره :
(فمشهد القلب يبقيك ومشهد البصر يحرقك ويفنيك) قال صلى الله عليه في سبحات الوجه : «لو كشفها لأحرقت ما أدرکه بصره».
فافهم ولا تكن كمن لا يمس ولا يفهم.
.
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: