الخميس، 30 أبريل 2020

38 - شرح تجلي ما تعطيه الشرائع المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

38 - شرح تجلي ما تعطيه الشرائع المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

38 - شرح تجلي ما تعطيه الشرائع المراتب للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
38 - متن نص تجلي ما تعطيه الشرائع :
تنزلت الشرائع على قدر أسرار الخليقة إلا أن الشريعة تنزلت عيوناً تقوم كل عينٍ بكثير من أسرار الخليقة .
فإذا كان عين الوحدة منها أو الاثنين أدرك أسرار الخليقة في النوم وإذا انضافات العيون بعضها إلى بعض أدركها في اليقظة وهذا الإدراك أحد الأركان الثلاثة التي يجتمع فيها الرسول والولي .
والإدراك لها على الحقيقة للرسول من كونه ولياً لا من كونه رسولاً ولهذا وقعت المشاركة من عمل بما علم ورثة الله ما لم يعلم واتقوا الله ويعلمكم الله .

38 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل :
« ومن شرح تجلي ما تعطيه الشرائع، ولنذكر نص التجلي أولا . قال : «تنزلت الشريعة" ...  " واتقوا الله ويعلمكم الله" .
قال جامعه : سمعت الشيخ يقول ما هذا معناه : إن للأنبياء عليهم السلام خصایص لا يعلمها إلا الأولياء .
وتنسب العوام إلى الأولياء أمورا كثيرة تخصصهم بها . وليس الأمر كذلك .
واعلم أن الشرائع تنزل على قدر المصالح وما تعطيه مصلحة الوقت بإرادة الله تعالى . وتنزل الشرائع عيونا ، أي مختلفة قال تعالى : "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً " [المائدة/48]
فيجيء الشارع يحرم عين ما حلل الآخر، وذلك بالنسبة إلى الزمان والأشخاص.
فالشريعة أحكام كثيرة نزلت بحسب ما تطلب الشريعة ، من حيث لا تشعر الأمة ، وذلك كاختلال مزاج المريض الذي يجهل حاله ويعلمه الطبيب دونه ، فصارت العلامة تطلب من الطبيب ما فيه مصلحة ذلك الشخص، وهذه السنة الذوات الحقيقية ، يخاطب النفوس بها بأربابها ، وإن لم يدرك الحس ذلك. وهذا هو كلام النفس الذاتي، وهو اللسان الذي لا يكذب ولا يغلط ، بخلاف لسان الظاهر.
ولهذا نهى عليه الصلاة والسلام عن كثرة السؤال الظاهر، إذ يتصور الغلط والفضول في لسان الحس .
واعلم أن الإدراك منه ما يكون حسا، ومنه ما یکون خيالا ، كإدراك النائم والمكاشف بالمثل.
إذا اجتمعت العينان أدرك صاحبها الأسرار نوما. وإذا كثرت العيون له أدرك الأسرار نوما ويقظة .

38 - شرح تجلي ما تعطيه الشرائع

262 -  (تنزلت الشريعة على قدر أسرار الخليقة) أي على قدر ما تعطيه مصلحة أوقاتهم ويقتضيه تعديل أحوالهم .
ولذلك تختلف الشرائع بحسب اختلاف الأزمنة والأحوال والأخلاق فالشريعة تحلل في زمان عين ما حرم في زمان آخر، وتأتي بما يقوم به سلطان حملتها، على أهل زمانهم، فيما غلب عليهم من التصرفات الخارقة ، كالسحر في زمان موسی، المقابل منه بأية العصا ؛ والطب في زمان عیسی ، المقابل منه بإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ؛ والبلاغة الخارقة في زمان سيدنا محمد صلى الله عليه ، المقابل منه بالقرآن المنزل عليه في حد الإعجاز المقول عليه : "فأتوا بسورة من مثله " [البقرة:۲۳] .
(إلا أن الشريعة تتزلت عيونا ، يقوم كل عين بكثير من أسرار الخليقة) أي تنزلت الشريعة عيونة متنوعة الآثار، تجري على النفوس الممتثلة لها كماء الحياة المطهر إياها من الأدناس الطبيعية ، الرافع عنها حدث الإمكانية ، المنشئ في ذواتها قوة الإشراف والاطلاع الكشفي.

263 - (فإذا كان عين الواحدة منها أو الاثنين أدرك) النفوس بها (أسرار الخليقة في النوم) إذ كل ما أخذت النفوس من أسرارها في النوم، فإنما مأخذها إما عالم الشهادة ، الذي هو أحد طرفي الخيال النومي؛ فلها في هذا المأخذ من الشريعة عين ؛ وإما مأخذها عالم الغيب الذي هو الطرف الآخر له، فلها أيضا من هذا المأخذ منها عين أخرى . ولذلك خصص النوم من عيون الشريعة بالعينين.

264 - (وإذا انضافت العيون بعضها إلى بعض، أدركها) أي أدركت النفوس المطهرة بها أسرار الخليقة في الخيال المطلق (في اليقظة).
ولذلك قال : ( وهذا الإدراك ) النفسي للخيال المطلق في اليقظة (أحد الأركان الثلاثة التي يجتمع فيها الرسول والولي)، وهي العلم اللدني ، ورؤية الخيال المطلق في اليقظة .
والفعل بالهمة فهما يجتمعان في هذه الثلاث ، وينفصلان بكون الرسول متبوعة وكون المولى تابعة فشأن النفوس المطهرة في انضياف العيون لها ، إدراك الخيال المطلق في اليقظة ، كما كان إدراكه بالعينين في النوم.
وربما أن يكون المراد بالعيون التي نزلت به الشريعة ، عيون البصائر والأبصار، فإن منتهى أمر المذعن لها الممتثل أمرها ونهيها الملتزم حكم العبودية على مقتضاها، غاية التقدس القاضية بفتح عيون البصائر ونفوذ عيون الباصرة حتى يرى بها المذعن ويشاهد ما لا يعهد برؤيته وشهوده في عالم الخليقة، كرؤية الخيال المطلق في اليقظة . وهو ظرف لتروحن كل صورة ، وتجد كل معنى .
ويرى الشيء في سعته ونوریته ولطافته ، من البعد الأبعد قريبا.
ومن هنا قال حارثة : «رأيت عرش ربي بارزا». وقد زوي له صلى الله عليه في سعته الأرض ، حتى رأى مشارقها ومغربها.

265 -  (والإدراك لها) أي لتلك الأركان الثلاثة المشتركة ، (على الحقيقة للرسول من کونه وليا لا من كونه رسولا، فهو) أي هذا الإدراك (الولاية) خاصة ، (ولهذا وقعت المشاركة) بين الرسول والولي فيها .
(من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم) سواء كان العامل رسولا أو وليا ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) [البقرة: 282].

.
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: