الاثنين، 27 أبريل 2020

05 - شرح تجلي الآنية من حيث الحجاب والستر للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

05 - شرح تجلي الآنية من حيث الحجاب والستر للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

05 - شرح تجلي الآنية من حيث الحجاب والستر للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين
كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
05 – متن تجلي الآنية من حيث الحجاب والستر
وهذا التجلي أيضاً يحضر فيه معك حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم .
وما من تجلي لولي يحضر معهُ فيه ولي أكبر كالنبي وغيره .
إلا وكلمة الحضرة مصروفة للأكبر وهذا الآخر سامع .
وهي عناية إلهية بهذا العبد فليسمع من تلك المحادثة الأسرار المكتمة .
والغيوب التي لا تتجلى أعلامها لمن لم يقم في هذا التجلي .
ومن هذه الحضرة تعرف أن لله عباداً أُمناء .
لو قطعهم إرباً إرباً .أن يخرجوا له بما أعطاهم في أسراهم من اللطائف بحكم الأمانة المخصوصة بهم .
وهم المبعوثون بها إليهم ما خرجوا إليه بشيءٍ منها .
لتحققهم بالكتمان .
ومعرفتهم بأن ذلك البلاء ابتلاء لاستخراج ما عندهم :
" أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ " [الأعراف : 99] .
فكيف إن يخرجوا إلى غيرهم فهم يودونها إلى وجودهم كما أُمروا .
فيجلي أعلامها دار العقبى .ويتميزون بها بين الخلائق .
فيعرفون في تلك الدار بالأخفياء الأبرياء والأمناء .طال ما كانوا في الدنيا مجهولين .وهم الملامتية من أهل طريقنا .
أغناهم العيان عن الإيمان بالغيب .
وانحجبوا عن الأكوان بالأكوان .
قد استوت أقدامهم في كل مسلك على سوق تحقيقه .
فهم الغُوّث باطناً .
وهم المُغاثون ظاهراً .
فإن شهدتهم في هذا التجلي فأنت منهم .
وإن لم تشهدهم فتحفظ عند الرجوع إليك .
فإنك ستجول في ميدان الدعاوي وإن كنت على حقٍ فيها .
وقائماً على قدم صدق .
فإن لطف بك حجبت عنك أسرار الكتم فلم تعرفها فعشت سعيداً بما عرفت ومت على ذلك .
وإن خذلت أعطيت اسرار الكتم ولم تعط مقامهُ فبحت فحرمت ثناء الأمانة وخلعت عليك خلع الخيانة .
فيقال ما أكفره ، وما أجهله .
وحقاً ما قيل ... ويقيناً ما نسب .
أتيت بالعيان في موطن الإيمان فكفروك .
فجهلك عين إيمانك .. فنطقوا بالحق وهم مأثومون .

05 – لم يذكر بن سودكين في املائة عن شيخه في هذا الفصل سوى هذه الجملة:
"و خصيصة هذا التجلي وحقيقته التحقق بمقام الأمانة وكتم الأسرار التي من شأنها الكتم في موطنه لمن تحقق مقامه فيها".

05 - شرح تجلي الآنية من حيث الحجاب والستر

156 -  المعتلي بتجلي الجمع والوجود إلى المجد الأسمى ، من حيث اختصاصه بالحقيقة السیادیة التي هي الأصل الشامل، علی کلی شیء؛ حیث کان کل شيء، فیه کل شيء؛ مطلق الحال، مطلق المقام، مطلق الوجود، مطلق الشهود.
فإذا عاد إلى التحقق بوجوده الخاص في مرتبته الذاتية بصورة الحجابية الإنسانية حضرت الحقيقة السيادية فيه حضور الأصل مع فرعه.
وهذا التحقق بالوجود الخاص في مرتبته الذاتية هو الآنية وهي لا تزاحم المعتلي في جمعه ووجوده . فإنها بعد صحو المعلوم.
والآنية التي تزاحم هي قبل صحوه، وهي ما أومأ إليه الحلاج حيث قال :
بيني وبينك أني يزاحمني  …..   فارفع بفضلك أني من البين
ولما كان للأصل الشامل على كل شيء، حضور مع فرعه الظاهر بحكمه المتحقق بالأنية بعد عوده، قال قدس سره:

157 - (وهذا التجلي أيضاً تحضر فيه معك حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم، وما من تجلي لولي) أي من التجليات القاضية بالتخاطب الفهواني (يحضر معه فيه ولي أكبر كالنبي وغيره ، إلا وكلمة الحضرة مصروفة للأكبر ، وهذا الأخر سامع) بتبعيته، ومع هذا هو سامع بلا واسطة ؛ (وهي) أي حضرة هذه الحقيقة، في كونها مصرف الكلمة ومحل إلقائها، (عناية إلهية هذا العبد) المتحقق بالأنية، حيث يجنح لسلم الاختصاص المحمدي .
(فتسمع في تلك المحادثة) إن هيأت محلك بتطهيره عن فضول الخواطر.
فإنك إذا شغلته بمعتقد وهمي ، لم ينتج لك الكشف ، في هذا التجلي ، إلا بقدر معتقدك؛ (الأسرار المكتمة و الغيوب التي لا تتجلى أعلامها) التي هي أشاير جوامعها العالية، (لمن لم يقم) على ساق الكشف الأنفذ ، (في هذا التجلي) ونتائجه الغائية.

158 -  (ومن هذه الحضرة) المتبحرة بالأسرار المضنون بها، (يعرف أن لله عباداً إمناء) على ودائع هذا الغيب الأقدس، (لو قطعهم) من فتح لهم باب العطية، (إرباً إرباً أن يخرجوا له بما أعطاهم) أي بما أودع في (أسرارهم من اللطائف) الكنهية، (بحكم الأمانة المخصوصة بهم) إذ لو كانت الأمانة المودعة لديهم، مخصوصة بالغير لوجب إظهارها لمن هي له ؛ (وما خرجوا إليه بشيء منها لتحققهم بالكتمان ومعرفتهم بأن ذلك البلاء ابتلاء) وامتحان (لاستخراج ما عندهم، فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، فكيف إن يخرجوا بها إلى غيرهم، فهم يؤدونها إلى وجودهم كما أمروا) أي إلى وجودهم الذي منه وإليه وجود كل شيء ومصيره ؛ أو إلى الحق عند وجدانهم إياه في الكشف الأعظم القاضي باستهلاك الصور في حقيقتها الباطنة فيها، عند انقلاب الباطن ظاهراً والظاهر باطناً، ومبدؤه من طلوع فجر الساعة.
ولذلك قال قُدّس سره :

159 - (فتنجلي أعلامها) آي أعلام اللطائف المكتمة في أسرارهم (في دار العقبى) التي هي محل كشف الأسرار، (ويتميزون بها بين الخلائق فيعرفون في تلك الدار الأخفياء الأبرياء الأمناء) يزيدون حينئذ على سائر الطبقات.
وهم من حيث إنهم أخفياء، لا يعرف بعضهم، في العاجل، بعضاً بما عنده.
حتى إن كل واحد يتخيل في صاحبه أنه من عامة المؤمنين.
وهذا ليس إلا لهذه الطائفة خاصة. (طالما كانوا في الدنيا مجهولين. وهم الملامتية من أهل طريقتنا) ولسانهم، من حيث إنهم أمناء، هذا إن نطقوا :
ومستخبر عن سر ليلی رددته   ……   بعمیاء من لیلى بغیر یقین
يقولون خبرنا فأنت أمينها   …..    وما أنا إن خبرتهم بأمين
(أغناهم العيان عن الإيمان بالغيب) إذ لا غيب إلا وقد صار لهم شهادة محضة.
فإن شهود الحق ، من حيث استهلاکهم فیه، عین شهودهم.
ولا غیب مع شهوده تعالى اصلاً (و انحجبوا عن الأكوان) ملكاً وجناً وإنساً، (بالأكوان ) أي بالصفات الكونية المردودة إليهم، بعد انمحاقها عنهم، فلا يعرفهم غیره تعالى.
وایضاً آن الحق النازل على قلوبهم نزولا منزهاً عن الکیف، أخذهم إليه؛ فعرج بهم عروجاً منزهاً، لا تعرف ذلك الأرواح الملكية ولا الإنسانية ولا الجنية.
فهم حينئذ سالكون مع الحق بالحق ، على طريق مجهول لا يعرفه إلا من سلك فيه، وذلك طريق يعطى السالك فيه العلم بكل المسالك وخصائصها ذوقاً
ولذلك قال قدس سره :
169 -  (قد استوت أقدامهم في كل مسلك على سوق تحقيقه) فإنهم ما عرجوا إلا بالحق النازل عليهم بأقدس التجليات، فيه أدركوا غاية كل شيء في مبادئ عروجهم. (فهم الغوث باطناً) الغوث اسم المستغاث إليه ؛ وقد اختص في عرف القوم بالقطب.
وإنما قال : فهم الغوث باطناً، فإن المعنى الذي به استحق القطب المنصب، حاصل لهم ؛ والقطب، قبل توليته، كان واحداً منهم ؛ وربما أن يكون فيهم من يكون أفضل من القطب ؛ غير أنه تولى القطبية بحكم سبق العلم، لا بحكم الأفضلية.
ثم قال : (وهم المغاثون ظاهراً) فإن الملهوف إذا قال : يا أولياء الله، لم يرد بذلك إلا أفضل الوسائل وأقربها إلى اللّه وهم أهل المجلس الإلهي ، يسمعون ويأخذون منه بلا واسطة.

161 -  (فإن شهدتهم في هذا التجلي فأنت منهم) إذ جمعك المجلس الإلهي معهم. فكان حكمك في السماع والأخذ كحكمهم (وإن لم تشهدهم) في ذلك المجلس، مع كونك في الكشف والشهود، على حال يأخذك عنك مرة، ويردك إليك أخرى ؛ ( فتحفظ عند الرجوع إليك ) مما يخالط حالك من العوارض الوهمية والنفثات الشيطانية.
 (فانك ستجول) على مطية طيش الأهواء، (في ميدان الدعاوى) فتخرق حجاب العصمة والحفظ، فتشطح بما يزيغك عن سواء السبيل .

 (وإن كنت) في الحقيقة (على حق فيها و قائم على قدم صدق) ولكن أين من استقام على الطريق فسقي من عيون القراح ماء غدقاً، ممن حاد عنه وشرب من غير قراح منه.
162 - (فإن لطف بك) الآخذ بناصيتك في مناهج ارتقائك، (حجبت عنك أسرار الكتم فلم تعرفها) أصلاً، (فعشت سعيدا بما عرفت) من الأسرار الكشفية الإلهية غير الأسرار المكتمة، المنتهية بمفشيها إلى موقع الخذلان ؛ (ومات كذلك) سعيداً؛ (وإن خذلت أعطيت أسرار الكتم ولم تعط مقامه) القاضي بحفظها وكتمها عن الأغيار.
(فبحت بها فحرمت ثناء الأمانة) عند الله وعند أهله، (وخلعت عليك خلع الخيانة فيقال) في حقك حيث هتكت الأسرار و أفشيت الأسرار
(ما أكفره! وما أجهلها وحقا ما قيل) فيك، (ويقينا ما نسب) إليك.
فإن إفشاء سر الربوبية كفر.

ولم يقع فيه إلا من يكون جاهلا بقدرها وحكمها وحالها وأسرارها.
فإذا أظهرت الأسرار المكتمة قولا وفعلا، يقال لك إذن : (أتيت بالعيان في موطن الإيمان) يعني في موطن يقتضي الإيمان بالغيب، لا بما أظهرته عيانا.
فإذا أظهرته، أبى الموطن أن يقبله (فكفروك) أي أهل الموطن الإيمانى.
 (فجهلك عين إتيانك) بما لا يقبله الموطن.
(فنطقوا) أي أهل الموطن الإيماني ، (بالحق) حيث أنكروا عليك فيما أظهرته، وكفروك على إفشائه ؛ (وهم مأثومون) حيث أنكروا ما هو في نفس الأمر حق وحقيقة.
 .
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: