الخميس، 30 أبريل 2020

18 - شرح تجلي السماع والنداء على القلوب الوجودي للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

18 - شرح تجلي السماع والنداء على القلوب الوجودي للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

18 - شرح تجلي السماع والنداء على القلوب الوجودي للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
18 - متن تجلي السماع والنداء
فتق الأسماع نداء الأمر فأدركت بالعرض نغمات الحبيب ، فسمعت فطابت فتحركت عن وجدٍ صادقٍ فوجدت فحمدت فحصلت لطائف الأسرار وعوارف المعارف ولذات المشاهد والمواقف فرجت إلى وجودها فتصرفت على قدر شهودها .


18  - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل:

«قال إمامنا قدس الله سره في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه :

 إنما قلنا في هذا التجلي «فتق الأسماع نداء الأمر» و قیدناه بالأمر، لكون الإنسان في بعد العدم والنداء إشارة على رأس البعد.
وإذا حصل التجلي في مرتبة ما وحصل الخطاب فيها ، فهل ذلك نداء أمر أم كلام ؟ فيقال إن خطاب تلك النسبة الخاصة التي أعطت التجلي ، إنما يكون كلاما لا نداء فإن حصل لها نداء في هذه الحضرة فإنما هو عن نسبة أخرى لم يظهر لها مرتبتها.

قال الشيخ : وهاهنا سؤال ، وهو أنه إذا كانت في مرتبة تجل ما، ثم نوديت في تلك المرتبة بنداء منبعث من نسبة أخرى ، فهل تشتغل بذلك عما هي فيه من مشاهدة التجلي الذي لها فيه الكلام والشهود؟ 

فيقال : لما كان الحق تعالى لا يشغله شأن عن شأن وفطر هذه اللطيفة على صورته ، كان لها مضاهاة في هذا الوصف وكان عندها قبول لذلك النداء بحيث لا تشتغل بشأن النداء عن الكلام أو بشأن الشهود عن شأن آخر. 

إذ حقيقتها قابلة لجميع الأشياء بذاتها ، فلها نسب إلى جميع الأشياء . والله أعلم .

ثم قال الشيخ في أصله المشروح : «فأدركت بالعرض نغمات الألحان والأصوات الحسان فحنت حنين الكئيب إلى حضرة الحبيب ، فسمعت فطابت فتحركت عن وجد صادق فوجدت فخمدت ، وحصلت لطایف الأسرار وعوارض المعارف ولذات المشاهد والمواقف، فرجعت إلى وجودها فتصرفت على قدر شهودها». 

قال إمامنا في شرحه : فلما فتق سمعها انبسط بالقوة على كل مسموع، على اختلاف ضروب المسموعات فلو كان السمع يدرك بذاته لكان يدرك أولا وأبدا . 

فلما رأيناه لم يسمع إلا بعد التوجه الخاص إليه علمنا أن هذا الوصف ، وكل وصف ، استفاده من غيره وهو الحق سبحانه ومن هذا تظهر لك لطيفة «كنت سمعه وبصره" . 
ثم السماع على درجات : فالمتحقق بسماع نداء الحق هو الذي ينبسط على كل مسموع ولا يحجب عنه فهم شيء منها .
فهذا قد خرق حجاب الطبيعة وصار سمعه مطلقة . ومن لم يكن كذلك ، وكان مقيدة بعالم الطبيعة، فمرتبته التقييد في هذه الصفة . "والله يقول الحق".


18 - شرح تجلي السماع والنداء
200 -  النداء إنما يقع عن رأس البعد الإشارة . ولما كانت الأعيان الإنسانية في أدنى أغوار بعد العدم، لم يفتق أسماعها، التي قبلت الوجود أولا، إلا نداء الأمر بكلمة الحضرة. 

ولذلك قال قدس سره : (فتق الأسماع نداء الأمر) أولا، بإفاضة الوجود عليها، ثم فتقها بنداء سبق العناية ، عند عودتها إلى محتدها الأصلي ، في التجلي القاضي بالرجوع إليه. 

وربما أن يعطي التجلي سماع الكلام من حيثية نسبة خاصة ؛ ويعطي سماع النداء من حيثية نسبة أخرى، معلومة أو مجهولة . 
فشأن الإنسان المفطور على الصورة سماع النداء والكلام مع بنسبتين مختلفتين ، كشأن الحق الذي لا يشغله شأن عن شأن . 
وكذا شأنه في شهود الحقائق ، مع اختلاف نسبها .
ثم قال :

201 -  (فأدركت بالعرض نغمات الألحان والأصوات الحسان) هذا ، إذا انبسط سمعه ، بظهوره في المحتد ذي المكانة الوسعی ، على كل مسموع ، وذلك هو السماع المطلق فالمسموعات على ضروب شتى ؛ والسماع بحسبها على درجات.

فإذن تعرض للمسموعات على اختلاف ضروبها نغمات الألحان والأصوات الحسان ، كعروضها على أصوات الأوتار في مواقع النقرات فلولا وجود الفتق ، بنداء الأمر أولا، لما اتصلت الأسماع في التجليات بالمسموعات أصلا قال قدس سره في بعض أماليه : «لو كان السمع يدرك بذاته لكان يدرك أزلا وأبدا . 

فلما رأيناه لم يسمع إلا بعد التوجه الخاص إلى المسموع، علمنا أن هذا الوصف وكل وصف إنما استفاده من غيره هو الحق تعالی . ومن هنا يظهر لك لطيفة "كنت سمعه وبصره".  إلى هنا نص كلامه .

ثم قال :


202 - (فحنت) أي الأسماع بسماع نغمات الألحان ، عند انبساطها على المسموعات الجمة ، (حنين الكئيب) المحصور في مهواة البعد، (إلى حضرة الحبيب) فاستمرت على حنينها (فسمعت) الألحان على اختلاف ضروبها ، (فطابت فتحركت) تحرك المجذوب إلى الجاذب، كحركة الإبريز في البوطقة على النار، عند قرب خلاصه من المعدن الغريب المخالط له ؛ وهي حركة دورية (عن وجد صادق) غير مشوب بالخلطات الطبيعية ، كالنار الموقدة لتخليص الإبريز.


203 - (فوجدت) وطاشت وانغمرت في وجدها فغابت عن وجودها فغشيها الذهول ثم الذهول عن الذهول. 

ثم استشعرت بنزل الكرامة الوارد عليها من أفق صحو المعلوم ؛ (فخمدت) عليها لفحات وجدها فأفاقت ( فحصلت ) بعد الإفاقة من نتائج الحال ما يشهد بصدق وجدها من (لطائف الأسرار) الشهودية ، (وعوارف المعارف) الكشفية ، (ولذات المشاهد) في أطوار الجمع والتفصيل والتجريد، (و) لذات (المواقف) وهي محل استواء محكمي ظاهر الوجود وباطنه؛ فهي قاضية بتحقيق الإشراف على الكمال الوسطي ، فهي والمطلع والمشترف بمعنى واحد عرفة.

204 - (فرجعت) عن فرط الذهول الناشئ من مصادفة الوجد ( إلى وجودها ) بطلوع شارق الصحو المفيق ، (فتصرفت) حالتئذ "حينئذ" بالتدبير الأعم أو الأخص ، (علی قدر شهودها) فهو ، قدس سره، في تحرير حكم هذا التجلي حمل حكم الكل الذي هو الإنسان على الجزء الذي هو السمع.  
.
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: