الاثنين، 27 أبريل 2020

مقدمة ابن سودكين على إملاء كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

مقدمة ابن سودكين على إملاء كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

مقدمة ابن سودكين على إملاء كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين
كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
مقدمة ابن سودكين على إملاء التجليات الإلهية
تحتوي على ذكر بعض المناسبات التاريخية الهامة بكتاب التجليات نفسه رأينا إثباتها بالنص الكامل في هذه التعليقات:
الحمد لله الذي من على عباده الذين اصطفى بمعرفة مراتب التجليات . وجعلهم على بصيرة منه في جميع الحالات . 
وحققهم باسمه " النور"، وهو المنفر للظلم والجهالات فأعرفهم به سبحانه من تميزت عنده أحكام التجلي علي قوابل النشآت .
بأحديتها ، كان الفناء حاكما على جميع القوى المدركات . فيكون المدد الحاصل ، بعد الرجوع ، معاني مجردات . وان كان على البصيرة ، أدركت التجليات الملكوتيات .
وخرق نورها ملكوت الأرض والسماوات ! وكشف السر في أرواح المناسبات ، وما يوجبه ذلك التناسب من الإلف بين الذوات .
وان كان التجلي على القوة الناطقة فاضت  نوع المحامد على فاطرالأرض والسماوات .
ونطق القلب بالاسم الاعظم نطقا خارقا للعادات .
وذلك عندما يدرك نفسه بنفسه ، في موطن تقدس عن الآفات وان كاذ التجلي على القوة البصرية من حضرة الاسم الظاهر، تعلق الإدراك بالأنوار اللامعات والمجالي الظاهرات ورؤية وجه الحق في جميع الممكنات . 
وان خصص سبحانه بتجليه القوة السمعية من حضرة اللسن ، تعلق الإدراك بفنون المخاطبات ، وورث حالة الشجرة الموسوية ، لكن من حضره وجوده لا من خارج الجهات .
وربما ارتقى في قراءته الى السماع الأرفع من اعلى أسانيد التلقيات .
ودون ذلك ، المحادثة والمكالمة من الأرواح العاليات ، والتملي بسماع تطريب دوران الأفلاك ، وما تعطيه من بديع النغمات .
وقد جاء عن النبي ‌ " إن من أمتي محدثين ومكلمين ، ، وفي ذلك تنبيه لأهل الفهم للطيف الإشارات . 
وان كان التجلي على القلب المراد بقوله تعالى : " إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب " [ ق : 37 ].
فإنه يدرك تقلب قلبه مع الشؤون في كل زمن فرد، وهو من أشرف المقامات المحمديات. 
ومن هذه الحضرة قال عليه الصلاة والسلام لصاحبه : " أتذكر يوم لا يوم" ، يشير إلى المواثيق الأول السابقات . وعن التحقق بإدراك تقلب القلب مع الشؤون ينبعث الشعور الخفي في كل آن ، ان بإحكام الاستعدادات واقتضائها الذاتي بفقرها الثبوتي بأنوع التنزلات . 
وحضرة الجود لا منع عندها للعطايا والهبات . 
وعنها كان الخطاب بقوله تعالى : "وأما السآئل فلا تنهر" [الضحى : 10].  ليفيده التخلق بأكمل الصفات . 
فسبحان من منح عباده العارفين به معرفة حقايق التجلي ، وفتح عليهم بمنازلة أحكام التداني والتدلي وذلك عندما حققهم  بأداء الفرايض والتقرب بالنوافل وأشهدهم سبحانه سر العمل والعامل ، حتى حصل لهم بهذا الشهود ، التبري من كل علة ، وعلموا علم اليقين بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله . 
وحينئذ ملآهم منه ولم يصرفهم طرفة عين منه . وأخبر عز وجل أنه سمعهم وبصرهم وجميع قواهم . 
وهذا تخصيص لم يطلقه على غيرهم ولم يخصص به سواهم . 
وليس في قوتهم بعد التحقق بهذه المرتبة أن يشهدوا سواه ، أو يروا في الكونين إلا إياه . 
فاز بذلك الذين يدعون ربهم بالغداة : وهو اعتباره عالم  وجودهم، وبالعشي: وهومرتبة إمكانهم وخمودهم . 
يريدون بتوجه الاستعداد الذاتي وجهه ، ويسرون في غيب ضميرهوهو. فهم بين ظلمة ونوروغيبة وحضور. 
تاهوا في جلاله وهاموا " كلما أضاء لهم مشوا فيه و أظلم عليهم قاموا " [ البقرة :  20].
لله قوم ترى في حالهم عبرا    ......    حنوا إلى البارق العلوي حين سرا 
فلامع البرق لما أن بدا لهم    ......     أومى إلى طيب وصل باللوى غبرا 
ما لاح ثم انطوى عنا بسرعته  ......     إلا ليفهم عن أهل الحمى خبرا 
يشير لا صبر للاكوان أجمعها  ......     علي دوام تجل يمحق الأثرا 
ألا ترى لمعه لما بدا زمنأ     ......        فردأ يكاد سناه يذهب البصرا 
ولو يدم منه مجلس للعيون لما    .......    كانت لعمرك تدري بعده النظرا 
هذا مثال وتقريب تنزل عن        ......     حقيقة عن معناها الذي استترا 
يومي إلى سبحات الوجه حاصله   ......  طوبى لقلب رأى الآيات فادكرا 
وما يتذكرإلا من ينيب إلى القريب المجيب . جعلنا الله منهم ولا عدل بنا عنهم بمنه وفضله . 

وصلى الله على قبلة المجالي الإلهية الذي منه فاضت التجليات على كل مستجل من البرية وعلى آله وصحيه وسلم تسليمآ . 
وبعد : فإنه لما انتهت مراتب التجليات لشيخنا وامامنا أبي عبد الله محمد بن علي بئ محمد بن أحمد ابن العربي ، الطائي الحاتمي ثم الأندلسي رضي الله عنه في زمانه ، ونازلها جميعها ذوقأ وشهودأ بنور يقينه وايمانه ، 
وعلم أن أشرف مراتب الرجال إفاضة الكمال ، 
فلذلك ألمح لأولي الأبصار، منها بقبس وتنفس من حضرة الجمع والوجود بأطيب نفس ، تشويقأ لقلوب الطالبين وتنبيهأ لهمم أولي العزم ، من المريدين للمذاقات العلمية . 
ورفعهم عن التقيد بالقوة الوهمية الذين يجدون من يمن يمينهم نفس الرحمن ويستجيبون للل اعي الى حضرة الجنان . 
وسمى شيخنا قدس الله سره ما تنفس به عن الاذن الالهي "كتاب التجليات"
وآودعه من المعارف اللدنية والحقايق الالهية ما هوكهيتة المكنون . 
لا ينكره الا آهل الغرة بالله المحجوبون .
 وآنفاس آهل الله تعالى لكمالها تنبسط على الفريقين ، ويظهر آثرها في الضدين لكونه ما تنفس به الشيخ حقأ في نفسه ، ولا يقبله الا من هو من جنسه ، وقد آخبر الله سبحانه عن كلامه النور المبين " يضل به كثيرا و يهدي به كثيرا وما سضل به الا الفاسقين" [البقرة : 26]
ولما وقف بعض من كنت آظنه خليلأ ، وآنه بالموافقة والوفاء لي كفيلأ ، على هذا الكتاب المسمى بالتجليات ، 
ورآى ما فيه من متابعة آسرار الآولياء لشيخنا في المشاهد الملكوتيات ! 
وآنهم قد آقروا بسبقه ، وان تقدموا في الزمان ، وبايعوه على المرتبة التي خصه بها الرحمن .
قال : آكاد آقسم بالله ان هذا ظلم وعدوان وزور وبهتان ودعوى بغير برهان ، فلما كان بعد ذلك رآيت هذا المنكر في المنام وهو يبالغ في سب النبي عليه السلام بفواحش لا يسع ذا ايمان أن يذكرها بلسان ، أو يرقمها ببنان . 
فعلمت آن المذكور قد أوبقته زلته وأحاطت به خطيئته وكان ذلك سنة عشر وستماية بحلب . وكان شيخنا رضي الله عنه غايبأ. 
ولما قدم بعد مدة ، أعلمته بما ذكره ذلك الخايب . ولاعتناتي بالقضية قصدت تحقيق المسألة مع الشيخ ، مع ما عندي فيها من علم اليقين . 
وظهرت بصورة محاقق ليظهر مزيد من الوضوح والتبيين . 
فقلت : يا سيدي قد ثبت عند العارفين أن الإنسان آنموذج صفير من العالم الكبير. 
وأن لكل موجود من الممكنات في نسخة وجود العبد رقيقة منبعثة عن أصل هو لها حقيقة. 
فاذا آخذ صاحب الجمعية يقبل على رقيقة ما من رقايق نفسه ، فإنها تتروحن بذلك التوجه الخاص حتى تكون مدركة لحسه . 
فإذا آخذ المحيي لتلك الرقيقة يناظرها في حقيقة الهية آو مسألة علمية ، كما جرى لسيدي مع من اجتمع بهم في كشفه ، وبين ما جوى من اعترافهم له بوصفه ، أو ليس من المقطوع به أن الذي قامت به تلك الرقايق هو لها الأمل الكل وهي له الفرع الجزئي ، فهو لها كـ" الرب المجيد‌"  ، وهي في نسخة وجوده كالعبيد ، فليس لها مما تجيبه به ، مدد الا من القائه إليها ولا حياة إلا من إقباله الخاص عليها ، فهي لهذا الارتباط فيما تجيب به ، مقهورة لا قاهرة ومحصورة لا حاصرة . 
فكيف يقتضي الإنصاف أن يحكم بما ظهر من هذه الرقيقة الجزئية الموثقة علي من هو لها حقيقة كلية مطلقة ، وكيف يقطع على حقايقهم بما حكمنا به على ما قام به في نسخة وجودنا من رقايقهم . 

ومعلوم آيضأ آن لنا في وجود كل إنسان منهم ومن غيرهم ، رقايق روحانية ، وأن لها عليهم سلطنة ورباية . وحكمهم على ما قام بهم من رقايقنا ، كما هو الآمر عند فيما حكمنا به عليهم بحقايقنا . فهم يناقضونا في الأحكام ويبقى الأمرموقوفأ على نظر المحقق العلآم . وقد آقر المنصفون من أهل هذه الطريق أن سيدي الإمام في زمانه ، عمدة لآهل التحقيق . وبالله التوفيق .

فلما سمح شيخنا قدس الله روحه مني هذا الخطاب أعجبه وقال
والله ما قصرت ولقد أتيت بالصواب لكن يا ولدي إنما الشأن كله في معرفة أحكام المواطن والحضرات . 
وفي التحقيق بذلك تتفاوت مراتب أهل الولايات . والذي حررته يا ولدي في أمر الرقايق الجزئية ، القائمة بالحقايق الإنانية وكون الحكم إنما هو للكلي على الجزئي ، فهذا حق في موطنه الخاص به ، وهي الحضرة النفسية وما يعطيه حكم النشأة الجامعة الإنانية . 
والذي ذكرناه في ‌ كتاب التجليات، مما جرى بيننا وبين أسرار القوم ، إنما كان في حضرة حقية ومشاهدة قدسية ، تجرد فيها سري وسر من كوشفت به في حضرة الحق ، التي لا تقبل إلا مجرد التحقيق والصدق . 
ولو قدرنا اجتماعنا معهم في عالم الحى بالأجساد ، لما نقص الأمر عما أخبرت به عنهم ولا زاد . 
والمعاملة يا ولدي مع القايم مع كل نفس بما كسبت ، فيما يعمل أو يقال ، وهو سبحانه عند لسان كل قايل ، عدل أو مال . 
 وقد أوضحنا السرفي ذلك في " الفتح المكي والإلقا، القدسي‌" في معرفة منزل القطب والإمامين بغيرشك ولا مين . وذلك أن السنة الإلهية جرت في القطب اذا ولي المقام أن يقام في مجلس من مجالس القربة والتمكين ، وينصب له تخت عظيم ، ولو نظرالخلق إلى بهائه لطاشت عقولهم فيعقد عليه ويقف الإمامان اللذان قد جعلهما الله له بين يديه ، ويمد القطب يده للمبايعة الإلهية والاستخلاف .
وتؤمرالأرواح من الملائكة والجن والبشربمبايعته واحدأ بعد واحد ، فإنه جل جناب الحق أن يكون مصدرأ لكل وارد وأن يود عليه إلا واحدأ بعد واحد . وكل روح يبايعه في ذلك المقام يسأل القطب عن مسألة من المسائل . فيجيبه أمام الحاضرين ليعرفوا منزلته من العلم . 
فيعرفون في ذلك الوقت ، أي اسم إلهي يختص به . ولا يبايعه إلا الأرواح المطهرة المقربة . ولا يسأله من الأرواح المبايعة من الملائكة والجن والبشر إلا أرواح الأقطاب الذين درجوا خاصة وهكذا حال كل قطب مبايع في زمانه . فتحقق والله ولي التوفيق . 
ثم مهد الشيخ ذلك كله بأحسن مهاد ، بحيث لم يبق في المسألة دخل إلا لصاحب عناد . 
ولو لم يؤمرشيخنا قدس الله روحه بنصح عباد الله لما أبدى لهم هذه الأسرار، التي تستحق الصون في خزاين الغيرة عن الأغيار. لكنه في ذلك مؤد أمانة إلى أهل القرب والأمانة . 
ولما تحققت في ذلك باليقين ، وشرح الله صدري بنوره المبين ، حسن الله عندي سؤالي في شرح هذا الكتاب واهداء نفايسه لإخواني في الله تعالى ، من أولي الألباب . 
فرغبت إلى شيخنا قدس الله روحه في شرح هذا العلم المصون ألأي هوكهيئة المكنون . فمن علي بشرحه وقلدني جواهر فتحه . 
فلما حصلت في حرزي وكانت أعز ما في كنزي ، أحببت أن تكمل بالاتفاق عملأ على وصية الخلاق . 
قال الله تعالي لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)" [آل عمران : 92] . 
ويختلف الإنفاق باختلاف الأرزاق : فمنه الرزق الحسي وهو غذاء ، الأشباح ، و منه الرزق الروحاني وهو غذاء الأرواح . 
والله تعالى ينفع به المؤهلين لقبوله بمنه وفضله وطوله . هو حسبنا ونعم الوكيل . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . 
  .
الفص المحمدي على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: