الأحد، 30 يونيو 2019

الفقرة الرابعة والعشرون السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة نوحية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة والعشرون السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة نوحية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة والعشرون السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة نوحية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة و العشرون :
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
03 -  لفص حكمة سبوحية في كلمة نوحية
المرتبة 03 – لفص حكمة نوحية في كلمة توحية من الاسم الباطن ومرتبة الطبيعة وحرف العين ومنزلة الثريا بين برجي الحمل و الثور
ليس بعد غاية الظهور عند الاسم الآخر إلا الباطن. فظهر الاسم الباطن في المرتبة الثالثة متوجها على إيجاد الأم الكبرى أي الطبيعة.
والثلاثة أول الأفراد الجامعة بين الوتر الفاعل والشفع المنفعل هي مرتبة الإيجاد كما فصله الشيخ في فصي صالح وسيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام.
فالثلاثة في تمام المناسبة للطبيعة التي هي محل الانفعالي للأمر الإلهي وفي هذا المعنى يقول الشيخ في الباب 510 من الفتوحات: ... وتمم بقوله: (فقنا عذاب النار) (آل عمران، 191) وليست إلا الطبيعة في هذه الدار فإما محل الانفعال فيها الأفا لأمر الحق بمنزلة الأنثى للذكر ففيها يظهر التكوين أعيني تكوين كل ما سوى الله. وهي أمر معقول فلما رأى من رأى قوة سلطانها وما علم أن قوة سلطانها إنما هو في قبولها لما يكونه الحق فيها فنسبوا التكوين لها وأضافوه إليها ونسوا الحق فأنساهم أنفسهم إذ صرفهم عن آیات نفوسهم .
وهو قوله: "سأصرف عن آياتي الذين" (الأعراف، 146) ووصفهم الحق.
فانقسم الخلق إلى قسمين :
قسم إلى الحق الصرف
وقسم إلى الطبيعة الصرف
وظهر بينهما برزخ ظهر فيه عالم ما هو ولا واحد من هذين القسمين فرأي ما يستحقه الحق فأعطاه حقه ولو لم يعطه فهو له ورای ما تستحقه الطبيعة فأعطاها حقها ولو لم يعطها فهو لها فإن الطبيعة ليست مجعولة بل هي لذاتها في العقل لا في العين كما هو الحق لذاته في العقل والعين" ...".
وذلك ليكون الحكم في الخلق بين الوجود والعدم فيقبل العدم من حيث الطبيعة ويقبل الوجود من جانب الحق"... " فللطبيعة القبول وللحق الوهب والتأثير في الأم العالية الكبرى للعالم الذي لا يرى العالم إلا آثارها لا عينها.
كما أنه لا يرى أيضا من الحق إلا آثاره لا عينه فإن الأبصار لا تدر که والرؤية ليست إلا بها فهو المجهول الذي لا يعلم سواه وهو المعلوم الذي لا يمكن لأحد الجهل به وإن لم يعلم ما هو.
من هذا النص يفهم لماذا اقترنت الطبيعة بالباطن إذ كلاهما ترى آثاره لا عينه.
ومن جهة أخرى لأن بطون الأرحام الطبيعة هي محال التكوين حسبما ذكره الشيخ في حضرة البطون من الباب 558 من الفتوحات حيث يقول ما خلاصته.
البطون الذي وصف نفسه به إنما هو في حقنا فلا يزال باطنا عن إدراكنا إياه حسا ومعنى فإنه ليس كمثله شيء.
ولما كانت البطون محال التكوين والولادة و عنها ظهرت أعيان المولدات اتصف الحق بالباطن فظهر العالم عنه فنحن مبطونين فيه فخذ ذلك عقلا لا وهما لأنك إن أخذته خيالا ووهما رد عليك قوله:" لم يلد" (الإخلاص، 3) إلى آخر ما فصله. وحيث أن في الطبيعة تظهر أعيان الأجسام والمولدات فأنسب الحروف لها هو الحرف اللفظي الثالث حرف العين.
ولحكم الاسم الباطن على هذه المرتبة العينية الطبيعية الثالثة تكرر في هذا الفص الثالث الاسم الباطن مع أخيه الظاهر .
كما تكررت كلمة الطبيعة عدة مرات وكذلك ترددت الألفاظ المتعلقة بالبطون وعناصر الطبيعة .
مثل: الستر، الغيب، الليل، الغفر، النار، الماء.
فهو يقول مثلا: "وبشر المخبتين الذين خبت نار طبيعتهم فقالوا إلها و لم يقولوا طبيعة...
فلو أخرجهم إلى السيف سیف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة رب اغفر لي ولوالدي من کنت نتيجة عنهما وهما العقل والطبيعة".
وحيث أن الباطن هو الذي ليس كمثله شيء فلا تدركه الأبصار فإن حكمة هذا الفص سبوحية لأن التسبيح تتريه.
هذا التنزيه الذي ظهر به نوح عليه السلام لانحراف قومه نحو التشبيه المطلق.
فنوح عليه السلام  هو مظهر التسبيح في الإنسان الكامل وقطب مرتبة الطبيعة المتحقق بالاسم الباطن.
وقد ورد في الحديث الشريف ما يدل على هذا المقام النوحي وذلك في وصيته لابنه سام حيث لم يرشده إلا إلى التوحيد والتسبيح فقد روى الإمام أحمد (إن نبي الله نوحا الا لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاص عليك وصية , آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين: أمرك بلا إله إلا الله فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة و وضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله. وسبحان الله وبحمده فإن بها صلاة كل شيء وما يرزق الخلق. وأنهاك عن الشرك والكبرانتهى، وسمي الشيخ نوحا في الباب 14 من الفتوحات بالبكاء أي كثير البكاء والنوح، الموافق لاسمه نوح . وروي عن جعفر الصادق رضي الله عنه أن اسم نوح عبد الغفار لقوله في آخر آية من سورته "رب إغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا " (نوح: 28) والغفر هو الستر والإبطان.
وكان الغالب على نوح عليه السلام الجلال كما غلب على إبراهيم عليه السلام الجمال .
لأن مدد نوح من الباطن أي جلال التنزيه ومدد إبراهيم كما سبق في فصه من الظاهر أي جمال الخلة، و لنوح حرف العين ولإبراهيم حرف الغين.
وظهر حكم الطبيعة جليا في نوح بفيضان دموعه كما فاضت الطبيعة في زمنه بالطوفان الأكبر.
والطبيعة تتميز بعدم الاعتدال أي غلبة بعض الأركان على الأخرى، ولهذا تكلم الشيخ في هذا الفص عن غلبة التنزيه أو غلبة التشبيه وبين أن الكمال هو في الاعتدال أي فهود البطون التنزيهي في عين الظهور التشبيهي والعكس أيضا.
لكن عدم الاعتدال هو نفسه مظهر لازم من مظاهر الكمال وهذا هو مقام الطبيعة النوحية.
يقول الشيخ في الفصل 13 من الباب 198 وهو فصل الطبيعة ما خلاصته: (الطبيعة للكائنات الطبيعية كالأسماء الإلهية تعلم وتعقل وتظهر آثارها ولا عين لها من خارج.
كذلك الطبيعة تعطي ما في قوتها من الصور ولا وجود لها من خارج فما أعجب مرتبتها وما أعلى أثرها فهي ذات معقولة بمجموع أربع حقائق يسمى أثرها في الأجسام حرارة ويوسة وبرودة ورطوبة كالحياة والعلم والإرادة والقول في النسب الإلهية.
فالحياة تنظر إلى الحرارة.
والعلم ينظر إلى البرودة.
والإرادة تنظر إلى اليبوسة.
والقول ينظر إلى الرطوبة.
والطبيعة تعطي من أنفاس العالم ما تقع به الحياة في الأجسام من نمور حس لا غير ذلك.
وأما حياة العلم فمن عين النور الإلهي والنفس الرحماني.
ولما كان لها وجود أعيان الصور كان لها من الحروف العين لأن الصور الطبيعية لا روح لها من حيث الطبيعة وإنما أرواحها من الروح الإلهي، وكان لها وجود الثريا وهي سبع كواكبه لأن الطبيعة في المرتبة الثالثة وهي أربع حقائق فكان من المجموع سبعة وظهرت عنها الثريا وهي سبعة أنجم، كما كان للعقل ثلاث نسب ووجوه فوجدت عنه الكثرة وظهرت عنه الشرطين ثلاثة أنجم .
والنفس مثل العقل في ذلك وظهر عنها البطين ثلاثة أنجم و من كون النفسي ثانية كان البطين في المرتبة الثانية من الشرطين. وعن هذه السبعة التي ظهرت في الطبيعة ظهرت المسبعات في العالم وهي أيضا السبعة أيام في الجمعة.
والطبيعة لا تثبت على حالة واحدة في الصور فلا سكون عندها.
ولهذا فالاعتدال في الأجسام الطبيعية العنصرية لا يوجد ولو كانت الطبيعة تقبل الميزان على السواء لما صح عنها وجود شيء ولا ظهرت عنها صورة.
بل لا بد من ظهور بعض حقائقها على بعض لأجل الإيجاد ولولا ذلك ما تحرك فلك ولا سبع ملك ولا وصفت الجنة بأكل وشرب وظهور في صور مختلفة ولا تغيرت الأنفاس في العالم جملة واحدة.
وأصل ذلك في العلم الإلهي كونه تعالى كل يوم هو في شأن واليوم الزمن الفرد والشأن ما يحدث الله فيه فمن أين يصح أن تكون الطبيعة معتدلة الحكم في الأشياء وليس لها مستند في الإلهيات) انتهى.
وهكذا ظهرت الكلمة النوحية في فصل الطبيعة فظهر عدم الاعتدال في إدراك الحقائق عند أمته.
فغلب عليها التشبيه فكانوا أول أمة عبدت الأصنام وقالوا: "لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا " (نوح، 23) فهذه خمسة أصنام لهم جعلوها على صور خمسة رجال صالحين وظنوا أنهم يتقربون إلى الله تعالى بعبادتهم.
وعددهم على عدد الأركان الطبيعية ومظاهرها العنصرية أي:
النار والهواء والماء والتراب والركن الخامس الذي هو أصل هذه الأربعة ويسميه البعض: الأثير، ويسميه آخرون الأم الأصلية كناية عن الطبيعة.
وهو الاسم الذي اختاره الشيخ حيث يقول في الباب 11 من الفتوحات ما خلاصته: (فالأرواح كلها آباء والطبيعة أم لما كانت محل الاستحالات. وجاء شرعنا أكمل الشرائع حيث جرى مجرى الحقائق الكلية فاقتصر الرجل على أربع نسوة في النكاح الموقوف على العقد كعدد الأركان الطبيعية .
وأباح ملك اليمين في مقابلة الأمر الخامس الذي هو أصل تلك الأربعة وهو المسمى بالطبيعة فإنها معقول واحد عنها ظهرت المتنافرات كالنار مع الماء والهواء مع التراب).
وقول الشيخ في هذا الفص عن المخبتين أنهم هم الذين (خبت نار طبيعتهم فقالوا إلها ولم يقولوا طبيعة) يشير إلى غلبة نار الطبيعة على قوم نوح وللنار شدة الظهور فمالوا إلى التشبيه المطلق.
والمنافر للنار الماء أي غلبة التنزيه البطوني ولهذا كان هلاكهم بالماء والنار، لأن هلاك كل شخص هو عين انحرافه.
قال تعالى: "مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا" (نوح، 25) ، ولإخراجهم من نار التشبيه المطلق دعاهم نوح إلى ماء التنزيه من الاسم الباطن الغفار .
فقال: " استغفروا ربكم إنه، کان غفارا" (نوح، 10) و قرنه بالماء الذي يطفي النار فقال :"يرسل السماء عليكم مدرارا" (نوح، 11) إلى قوله :"ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا" (نوح، 12).  
فلغلو القوم في التشبيه والشرك دعاهم نوع إلى التسبيح والتوحيد، ولكن حيث أن الحكم في هذه المرتبة للطبيعة وهي غير معتدلة، لم يستجيبوا له.
فدعا عليهم بالهلاك وهو عدم اعتدال أيضا، لكنه لازم .
وأغرقوا بما به کفروا أي بماء التنزيه فأدخلوا نار شركهم والتشبيه...
ولا يذوق العبد حقيقة الأمر إلا بانعتاقه من عقال فرقان زوجية الظاهر والباطن إلى قرآن جمع الضدين في عين الأحدية.
ولن يصل هذه الدرجة الرفيعة إلا من تجاوز سيف الطبيعة حسب تعبير الشيخ وجمع الضدين في نفس العين تجلى عند نوح بفوران التنور الناري ماء.
يقول الشيخ في سفر نوح من كتاب "الإسفار" ما خلاصته: (لما عرف نوح أن الطوفان الذي قدره الله قرب وقته وأنه يكون في برج السرطان وهو مائي وهو الذي خلق الله الدنيا به وهو منقلب غير ثابت أخذ ينشىء السفينة.
ولم تكن آيته في الطوفان فإنه ربما أدرك ذلك بعض أصحابه من العلماء فشورك فيه، وإنما آيته التنور حيث أنذر قومه بأنه سيفور بالماء فسخروا منه لتحققهم أن النار لا تستحيل ماء أصلا.
وذلك لجهلهم بجوهر العالم وصوره فلو علموا أن النار صورة في الجوهر والماء كذلك أيضا لما سخروا.
ولما كان الماء يماثل العلم في كون الحياة منهما حسما ومعنى أهلكوا بالماء لردهم العلم .
وكان من التنور لأنهم ما كفروا إلا بماء التنور وما ردوا إلا العلم الذي شافههم به على لسان تنور جسمه وما علموا أنه مترجم عن معناه الذي هو النور المطلق.
فانجبوا بماء التنور عن التنور وما علموا أنه النور ودخلت عليه تاء تمام النشأة بوجود الجسم فعاد تنورا أي (نورا تام الملك فهو نور النار مظهره) انتهى.
ولعلاقة المقام النوحي بالتنزيه اللاهوتي والتشبيه الناسوني فإن له نسبة خاصة مع عيسى عليه السلام الذي غلبت روحانيته على طبيعته العنصرية بحكم نشأته من نفخ جبريل عليه السلام.
فنوح هو أول الرسل إلى البشر وعيسى آخرهم قبل خاتمهم عليهم الصلاة والسلام. ونوح هو فاتح دورة الإنسانية بعد الطوفان لقول الله تعالى عنه : "وجعلنا ذريته هم الباقين" (الصافات، 77) وعيسى هو خاتمها عند نزوله آخر الزمان.
ومن هذه المناسبات نجد الشيخ عبد الكريم الجيلي في كتابه "الإنسان الكامل" يقول إنه اجتمع بنوح عليه السلام في السماء الثانية التي هي سماء عيسى، وهي سماء المزج الجامعة لكل الطبائع.
ويقول إن اسم رئيس ملائكتها: نوحائيل. ولهذا نجد أيضا الشيخ الأكبر في كتاب "العبادلة" في الباب الذي عنوانه: "عبد الله بن شيث بن عبد العظيم".
يقول: آدم و محمد أخوان.
ونوح وعيسى أخوان.
وإبراهيم وسليمان أخوان.
وموسى وداود أخوان.
هكذا تم الأمر لنا في الكشف وما عرفت المناسبة. فبالقلب طولعت به وأطلعت عليه) انتهى.
فنوح وعيسى أخوان لحكم الاسم الظاهر الباطن عليهما.
أو لحكم فرقان التشبيه والتريه عند أمهما.
و لعلاقتهما بالطبيعة من جهة و بالمقام الشيثي من جهة أخرى...
فعلاقة عيسی بشيث سيأتي ذكرها في الفص التالي وهي تتعلق بنفث الأرواح في الأجسام.
وأما علاقة نوح بشبث فلان لشيث مرتبة اللوح أي النفس الكلية، و لنوح مرتبة الطبيعة التي هي البنت المباشرة للنفس.
والطبيعة هي الأم الكبرى مثلها مثل المرأة الكاملة مريم عليها السلام، فمريم هي المثل الإنساني للطبيعة المنفوخ فيها نفس الرحمان.
وفي الطبيعة ظهر المقام النوحي كما ظهر عیسی من مریم فكأن أمهما واحدة.
وكما أن هناك علاقة أخرى روحانية بين عيسى و إدريس قطب السماء الرابعة. فكذلك هناك علاقة تاريخية مباشرة بين نوح وإدريس كعلاقة التوأمين الطبيعة و الهباء المتولدین من النفس والعقل .
أو كعلاقة الاسمين الأخوين الحاكمين على حكمتي فصيهما أي السبوح القدوس. ولهذا ختم الشيخ هذا الفص بقوله: (من أراد أن يقف على أسرار نوح فعليه بالرقي في فلك يوح) أي فلك الشمس في السماء الرابعة حيث إدريس صاحب الفص التالي الرابع.
وفي الجملة إشارة أخرى للطبيعة وهي أن حكم الطبيعة يتكرر كل سنة بانتهاء دورة شمسية بتعاقب الفصول الأربعة، أي من أراد أن يقف على أسرار الطبيعة فعليه بالرقي إلى فلك الشمس ونتبع دورتها خلال سنة كاملة.
وهو ما قام به الشيخ خلال معراجه الروحاني واجتماعه بإدريس كما فصله في كتاب "التنزلات الموصلية".


03: سورة فص نوح عليه السلام
" أول جملة في هذا الفص تلوح مباشرة لسورته. فالفص الوحيد الذي افتح بقوله:
( اعلم أيدك الله بروح منه) هو هذا الفص.
يشير بذلك إلى الآية " تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم " (القدر، 4) سورة القدر .
فسورة القدر هي سورة هذا الفص الحاكم عليه الاسمان "السبوح" و "الباطن" المتوجه على إيجاد الطبيعة و منزلة الثريا وحرف العين.
فمناسبة سورة "القدر" مع "السبوح الباطن" مرجعها لليل الذي يرمز عند الشيخ للغيب . أي "الباطن وإلى القرية الذي عليه مدار حكمة هذا الفص.
والتسبيح تعظيم للقدر. فليلة القدر لها نسبة تامة مع الاسمين.
وللنهار الظهور والتشبيه. ولهذا نجد الشيخ يكثر في هذا الفص من الكلام حول الستر والغفر والكفر والغيب والحجب.
(حول العلاقة بين "الغفار" و"الباطن" أنظر الباب "559 - فتوحات " فصل: "حضرة إسبال الستور وهي للاسم الغفار و الغافر والغفور".
ومناسبة سورة "القدر" للطبيعة هي أن الطبيعة عند الشيخ هي الأم الكبرى لجميع الصور الوجودية .
والفاعل فيها هو روح الأمر الإلهي بالتكوين، فهي کليلة القدر الي: " تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ".
ولهذا تجد الشيخ في الباب "446"  الفتوحات يقرن الليل بالطبيعة فيقول:
(فمن كان خلقه القرآن من ورثته وأنشأ صورة الأعمال في ليل طبيعته فقد بعث محمد صلى الله عليه وسلم من قيره) .
ولهذا أيضا نجد الشيخ في الباب "287" الفتوحات  المخصوص .بمنزل سورة القدر: يشبه ليلة القدر بالمرأة الرائعة الجمال ويقرنها بعالم الأمر الباطن فيقول:
شخص الزمان له نفس تديره   ….. غيدا معطرة من عالم الأمر
جيم وعين وفاء من منازلها   ….. جاءت به رسله في محكم الذكر
لها صلاتان من علم الغيوب وما  …. للظهر والعصر ذاك الفخر والفجر
فشخص الزمان هو السنة، والنفس التي ندبره في ليلة القدر" أي الغيداء المعطرة بأنفاس الروحانيين والرحمة.
و الصلاتان هما المغرب والعشاء . وأشار بعلم الغيوب لليل أي ليلة القدر وليل الهوية الباطنة المنزلة بالإنية الإلهية الظاهرة في أول آية هو إنا أنزلته في ليلة القدر )
وهذا بدأ الشيخ هذا الباب" "بالكلام عن الإنية ثم ذكر الهوية فقال: (فهذا منزل من منازل الغيوب لا ظهور له في الشهادة). فالإنية لها الظهور والفرقان والتشبيه والنهار، والهوية لها البطون والقرآن والتنزيه والليل، فلتلك الإنية من سورة "القدر" ليلة النصف من شعبان فلها التشعيب والتفصيل الفرقان.
ولتلك الهوية ليلة القدر فلها الجمع القرآني لأن القدر في اللغة هو التحديد والجمع. وإلى كل ذلك يشير الشيخ في هذا الفص حين يقول: (... والأمر قرآن لا فرقان... وهذا ما اختص بالقرآن إلا محمد وهذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس). فأشار بكلمة الأمر قرآن الأمر ليلة القدر التي خصت بها الأمة المحمدية لأن نبيها في الكمل کليلة القدر في الليالي فهي أي أمته كذلك بالنسبة إلى الأمم الأخرى .
كما عبر عن ذلك البوصيري رحمه الله في البردة: (بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم).
فقوله: (خير أمة أخرجت للناس) يشير إلى الآية: (خير من ألف شهر).
قوله في هذا الفص: (فالحق محدود بكل حد... إلا على قدر ما حصل لكل عالم من صورته) يشير إلى القدر أي الحصر والحد.
وكلام الشيخ حول تدبير الروح للصورة، وتدبير الروح للجسد وتدبير الحق تعالى للعالم مناسب لقوله في الأبيات السابقة: (شخص الزمان له نفس تديره) لأن أمور التصريف في السنة كلها تعطي للمدبرات أمرا في هذه الليلة.
وهذا المعنى وضحه الشيخ في الباب "م34" المخصوص بسورة الدخان التي أولها "حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6)" سورة الدخان، 1-6.  
فقال: (سورة القدر تجمع ما تفرقه سورة الدخان). وسورة الدخان تفرق ما تجمعه سورة القدر.  فمن لا علم له بما شاهده يتخيل أن السورتين متقابلتان و لم يتفطن للمنزل الواحد الذي جمعهما ولم يتفطن لنشأته التي قامت من جمعها للمتقابلات الطبيعية...
فسورة القدر كالجابيه لسورة الدخان إلى آخره. يشير إلى أن ليلة قدر كل شخص هي عين نفسه، وليلة القدر العظمى هي نفس "الإنسان الكامل" انظر هذا المعنى في باب "سفر القرآن العزيز" من كتابه "الأسفار " .
وقوله: "قامت من جمعها للمتقابلات الطبيعية" يشير مرة أخرى إلى جمعية ليلة القدر وعلاقتها الرمزية مرتبة الطبيعة التي لها هذا الفص.
ويؤكد الشيخ هذه العلاقة في الوصل الثامن عشر من الباب "369" -وهو الوصل الخاص بسورة القدر - فيجعل عنوانه "الوصل الثامن عشر من خزائن الجود يتضمن فضل الطبيعة على غيرها وذلك الشبهها بالأسماء الإلهية... " إلى آخر الوصل، يشير إلى الآية في ليلة القدر خير من ألف شهر) القدر، 3)
وفي الفص إشارات أخرى للجمعية القرآنية لليلة القدر كقوله: "ومن جمع في معرفته بين التنزيه والتشبيه بالوصفين على الإجمال... فقد عرفه مجملا لا على التفصيل كما عرف نفسه مجملا لا على التفصيل..."
وختم الفص بقوله: "ومن أراد أن يقف على أسرار نوح فعليه بالرقي في فلك يوح" أي من أراد أن يقف على أسرار هذا الفص المتعلق بسورة القدر وبالطبيعة ومنزلة الثريا وحرف العين فعليه بالرقي في فلك الشمس لأن ليلة القدر، وطبيعة الليل والنهار والفصول والشهور، متعلقة بدورها، وبطلوعها تنتهي ليلة القدر، ولهذا ختم الشيخ الأبيات السابقة بكلمة الفجر إشارة إلى آخر كلمة من سورة القدر.
وموقع ليلة القدر مرتبط بالدورتين الشمسية والقمرية وإليه أشار في الباب الخاص بالصوم.
وفيه يقول: "وجعل سبحانه إضافة الليل إلى القدر دون النهار لأن الليل شبيه بالغيب.
والتقدير لا يكون إلا غيا، لأنه في نفس الإنسان ... فهي ليلة يفرق فيها كل أمر حكيم. فيتزل الأمر إلينا عينا واحدة، ثم يفرق فيها بحسب ما يعطيه من التفاصيل... وعلامتها محو الأنوار بنورها، وجعلها دائرة منتفلة في الشهور وفي أيام الأسبوع".
وفي فصل: "الغسل يوم الجمعة من باب الصلاة - الباب 69" يقول عن ساعة الإجابة يوم الجمعة وهي آخر ساعة فيه: "وهذه الساعة في يوم الجمعة ليلة القدر في السنة سواء" وهي إشارة في غاية النفاسة كرر الشيخ التلويح إليها في آخر الباب 32.
والاسم "الباطن" كما هو متوجه على إيجاد الطبيعة، فهو أيضا متوجه إلى منزلة الثريا التي ثلتها الأول يقع تحت برج الحمل وهو برج شرف الشمس، وموقع هذا الشرف في دائرة الفلك هو أشرف موقع فله نسبة كاملة مع شرف ليلة القدر، وقد حقق بعض علماء الفلك أن مولد رسول الله وقع لما دخلت الشمس تلك الدرجة الشريفة والله أعلم.
وللعلاقة بينه صلى الله عليه وسلم وبين ليلة القدر بعد الشيخ في الباب: 432 الخاص بمنازلة فاتحة الكتاب التي هي سورته لا يتكلم عن جمعية ليلة القدر وعلاقتها بالطبيعة يقول: "فأنت ليلة القدر لأنك من طبيعة وحق... فهي جامعة لكل أمر فهي العامة في جميع الموجودات".

علاقة هذا الفص بسابقه ولاحقه

ختم الشيخ فص شيث السابق بقوله عن بشر آخر الزمان: "يتصرفون بحكم الطبيعة" ورأينا من رموز الطبيعة ليلة القدر. فهذا القول تمهيد للدخول في فم نوح أو فص سورة القدر التي تتنزل فيها الروح.
 فبدأ فص نوح بقوله: "أعلم أيدك الله بروح منه".
والفقرة الأخيرة منه مشحونة بكلمات تفيد الستر والظلام كقوله: "ولا تزد الظالمين من الظلمات أهل الغيب المكتشفين خلف الحجب الظلمانية".
فهي تلويح للدخول إلى فلك يوح حيث إدريس قطب فلك الشمس أم الليل والنهار، أي تلويح بالدخول إلى منزل سورة الليل التي منها مدد فص إدريس التالي

.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: