الأحد، 30 يونيو 2019

الفقرة الرابع عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابع عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابع عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابع عشر: الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :

قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل في علمه فقال: «والعجز عن درك الإدراك إِدراك، ومنا من علم فلم يقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السكوتَ، ما أعطاه العجز.  وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.
وليس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء، وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إِلا من مشكاة الرسول الخاتم، ولا يراه أحد من الأولياء إِلا من مشكاة الولي‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا يرونه- متى رأوه- إِلا من مشكاة خاتم الأولياء.)

قال الشيخ رضي الله عنه : "فاختلط الأمر و انبهم: فمنا من جهل في علمه فقال: "و العجز عن درك الإدراك إدراك"، و منا من علم فلم يقل مثل هذا و هو أعلى القول، بل أعطاه العلم السكوت، ما أعطاه العجز. وهذا هو أعلى عالم بالله. و ليس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء، وما يراه أحد من الأنبياء و الرسل إلا من مشكاة الرسول الخاتم، ولا يراه أحد من الأولياء إلا من مشكاة الولي الخاتم، حتى أن الرسل لا يرونه- متى رأوه- إلا من مشكاة خاتم الأولياء ".
(فاختلط)
، أي التبس (الأمر) عليك حيث كان هو مرآتك، فإذا رأيته رأيت نفسك فيه ولم تره من حيث ما هو عليه في ذاته .

وأنت مرآته من حيث ما أنت عليه قبل أن تظهر صورتك لك فيه فإذا رآك من هذه الحيثية رأي ذاته تعالى من حيث أسمائه وحضراته، ولا يراك من حيث أنت ترى نفسك، لأن هذه الحيثية من جملة أحوالك.
ولا يتصف هو بشيء من أحوالك كما لا تتصف أنت بشيء من أحواله (وانبهم)، أي انكتم غاية الانكتام.
(فمنا)، أي من بعضنا معاشر أهل الله (من جهل)، أي تحقق بالجهل (في) عین (علمه) بالله تعالى حيث كان علمه غیر کاشف عن الأمر على ما هو عليه بالنسبة إلى الحق تعالى، وإن كان كاشفة عن الأمر على ما هو عليه ، بالنسبة إليه هو كما قال تعالى في علمنا الحادث به،" والله يعلم وأنتم لا تعلمون" 216 سورة البقرة .
 فنفى علمنا به أن يكون علم فكان جهلا مع أنه تعالى قال في موضع آخر عن بعض العلماء به و... "وعلمناه من لدنا علما" 65 سورة الكهف.
فأثبت ما نفي وهو عين علمه أثبته له هناك ، ولهذا قال صاحب هذا المقام : «ما علمی وعلمك في علم الله إلا كما أخذ بمنقاره هذا العصفور من ماء البحر» والذي في منقار العصفور من تلك القطرات اکتسب صورة باطن المنقار، فخرجت عن كونها ماء في البحر.
إذ أصلها لا صورة لها، ولم تخرج عن كونها ماء، فالعبد يعلم ولا يعلم، فانقلاب العلم عین الجهل باعتبار ظهور الصورة ولا صورة في العلم، فالعلم علم وليس بجهل.
(فقال) : يعني ذلك الجاهل في عين علمه (العجز) المحقق عند العبد ذوق کعجز من توجه على صعود السماء وباشر الأسباب التي توهم إمكان الصعود بها فلم يقدر (عن درك) بالتحريك، أي تبعه (الإدراك)، أي الإحاطة بالحق تعالى يقال : عجز عن درك هذا البيع إذا لم يقدر أن يضمن تبعته، وعجز عن درك الإدراك إذا لم يقدر أن يضمن تبعة صحة الإدراك، لأن النفوس تزعم الإدراك وقل أن تعجز عن تبعة صحته ، فإذا عجزت يقال: عجز عن درك الإدراك حيث لم يقدر عليه (إدراك) للحق تعالى، أي إحاطة به.
وهذا الكلام منقول عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه لما سئل بماذا عرفت ربك فقال: «عرفت ربي بربي». ثم قال: «العجز عن درك الإدراك إدراك».
قال تعالى: 
"وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)" سورة آل عمران.
فعلمهم الذي رسخوا فيه عجزهم عن المعرفة بدليل قولهم آمنا به كل من عند ربنا (ومنا)، أي من بعضنا عطف على ما قبله (من علم) في علمه ولم يجهل في عين علمه كالقسم الأول (فلم يقل مثل هذا القول) يعني العجز عن درك الإدراك أدرك (بل أعطاه العلم) بالله تعالى (السكوت) عن نفي علمه والحكم بأنه جهل، أو إثباته علما بالله تعالی على حسب استعداد العالم وما يليق بالمعلوم (كما)، أي الذي (أعطاه العجز) في القسم الأول من السكوت عن نفي ما علمه عنه تعالى أو إثباته ..والحاصل أن العالم بالله تعالى إذا علم علمه يجد علمه حادثا قاصرا عن مناسبة كونه علما بالكامل القديم.
ثم يسمع في كلام الله تعالى تسميته علما في قوله تعالى : "فاعلم أنه لا إله إلا الله" 19 سورة محمد. "إنما يخشى الله من عباده العلماء" 28 سورة فاطر.
أي به وقوله :
 "علمناه من لدنا علما " 65 سورة الكهف.
ويسمع نفي العلم عن المحدثات في قوله تعالى : 
"والله يعلم وأنتم لا تعلمون" 216 سورة البقرة . وقوله: "ولا يحيطون به علما" 110 سورة طه. ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء" 225 سورة البقرة.
فإما أن يرجح عنده نفي العلم فيعجز ویسکت عن الوصف عجزة منه ويقول: العجز عن درك الإدراك إدراك.
وإما أن يرجح عنده العلم فلا يعجز، ولكن يعلم ويسكت عن الوصف علما به لقطعه بأن علمه حادث لا يليق بالقديم، وهو قول النبي عليه السلام حارثة : «عرفت فالزم» .
"الحديث : كيف أصبحت يا حارث قال : أصبحت مؤمنا حقا فقال : انظر ما تقول فإن لكل شيء حقيقة فما حقيقة إيمانك فقال : قد عزفت نفسي عن الدنيا وأسهرت لذلك ليلي وأظمأت نهاري وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها فقال : يا حارث عرفت فالزم ثلاثا"
أي الزم ما عرفته ولا تنفيه، وإن كان علمك حادثا لا يليق بالقديم (و) 
صاحب هذا القسم الثاني (هو أعلى عالم بالله) تعالى، لأنه علم جهده من العلم ولم يقصر، ثم علم علمه الذي علمه فأعطاه السكوت لكونه قاصرا فسكت کما سکت صاحب القسم الأول.
إلا أن الأول سکت عجزا عن العلم، والثاني سکت علما لا عجزا عن العلم، والمراد بالسكوت عدم التكلم بنفسه فلا ينافيه التكلم بربه .
قال رضي الله عنه : (وليس هذا العلم) بالله تعالى الذي يتزايد وينمو في كل آن، ومع ذلك يعطي السكوت عن نفيه وإثباته مع القدرة عليه لا مع العجز عنه كالقسم الأول.
 فإن صاحب العجز واقف عند عجزه، وصاحب العلم منتقل مع علمه، في أي طور أنزله علمه نزل، فهو محمدي المشرب.
كما قال تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم : "وقل رب زدني علما" 114 سورة طه. والسكوت يجمعهما، فلا كلام لهما وإنما الكلام لربهما لا لهما (إلا الخاتم الرسل) وهو من ختمت به رسل زمانه بأن تقدم في الرسالة من الله تعالى إلى أهل زمان من الأزمان الماضية على أقرانه، سواء وجد له أقران أو لم يوجد.
فموسى عليه السلام خاتم رسل زمانه بالنسبة إلى أخيه هارون وفتاه يوشع بن نون عليهما السلام.
وسليمان خاتم رسل زمانه بالنسبة إلى أبيه داود عليهما السلام، كما فضله على أبيه بزيادة العلم حيث قال تعالى :" ففهمناها سليمان" 79 سورة الأنبياء.
ثم ساوى بينهما بقوله " وكلا آتينا حكما وعلما" 79 سورة الأنبياء.
وكذلك نوح عليه السلام خاتم رسل زمانه وإن لم يوجد في زمانه مثله.
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم رسل زمانه وإن لم يكن في زمانه مثله.
ومع هذا هو خاتم النبيين أيضا وخاتم المرسلین بالمعنى الأعم، فختم النبوة وختم الرسالة بالمعنى العام أمران مخصوصان بمحمد ليس لأحد من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام.
وختم الرسل أيضا بالمعنى الخاص وهو مقام مخصوص من مقامات المرسلين عليهم السلام، وليس هذا المقام مخصوصا بنبينا محمد عليه السلام بل كان خاتم الرسل أيضا بالمعنى الخاص يعني رسل زمانه کنوح وموسى وسليمان عليهم السلام وأمثالهم من المرسلين، وهذا مراد الشيخ قدس الله سره هنا.
قال رضي الله عنه : (و) كذلك (خاتم الأولياء) وهو الوارث لخاتم الرسل بالمعنى المذكور (وما يراه)، أي هذا العلم (أحد من الأنبياء والرسل) عليهم السلام بمعنى لا يجده فيه (إلا) مأخوذا (من) نور (مشکاة)، أي طاقة وهي الكوة في الجدار غير النافذة ، والمراد مصباح الحقيقة الروحانية المنفوخة في القلب الجسماني المنسوب إلى (الرسول الخاتم) للرسالة في كل زمان من الأزمنة الماضية على حسب المعنى الذي ذكرناه ، وسبب ذلك سر الوحدة الإلهية السارية في الكثرة الخلقية .
(و) كذلك (لا يراه أحد من الأولياء) في كل زمان إلى يوم القيامة (إلا من) نور (مشکاة الولي الخاتم) للولاية في ذلك الزمان (حتى أن الرسل) عليهم السلام فالأنبياء بالطريق الأولى لأنهم دونهم (لا يرونه)، أي هذا العلم المذكور (متى رأوه) إذ يروه كلهم (إلا) مأخوذا بالاستمداد (من) نور (مشکاة خاتم الأولياء) من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام وهي ولاية النبوة والرسالة لا مطلق الولاية.
والحاصل أن الولاية على ثلاثة أقسام:
ولاية إيمان فقط.
وولاية إيمان ونبوة فقط.
وولاية إيمان ونبوة ورسالة.

والمراد بالأولياء هنا هذا القسم الثالث حتى لا يبقى مناقضة لقوله:
وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إلا من مشكاة الرسول الخاتم يعني من حيث ختمه للولاية لا للرسالة ، ثم بين ذلك بقوله:

 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل في علمه فقال: «والعجز عن درك الإدراك إِدراك، ومنا من علم فلم يقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السكوتَ، ما أعطاه العجز.  وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.
وليس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء، وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إِلا من مشكاة الرسول الخاتم، ولا يراه أحد من الأولياء إِلا من مشكاة الولي‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا يرونه- متى رأوه- إِلا من مشكاة خاتم الأولياء.)

قال رضي الله عنه : (فاختلط الأمر) أي اختلط أمر المرئي وهو الصورة والمرآة وهو الحق في عين الناظر بسبب مشاهدته أن نفسه عین الحق إذ لا اختلاط في الواقع.
(وأبهم) أي وأشكل على التمييز بينهما ولهذا اختلف أهل التجلي الذاتي بأن كان بعضه فوق بعض في رتب العلم بالله (فمنا) أي فمن أهل التجلي (من جهل في علمه) بأمر المرئي أو علم نفسه ولم يعلم أنه عبد أو حق.
ولم يحكم على المرئي حكمة من العبودية أو الربوبية نعجز في علمه (فقال العجز عن درك الإدراك إدراك) فالتقاعد والعجز عن درك ما يعجز عن إدراكه غاية الإدراك.
فالعجز أعلى المقام في حق هذا المشرب لا في الواقع فهو عالم وجاهل من أن الرؤية تعطي العلم لكنه لم يعلم أي شيء هو.
(ومنا من علم) الأمر على ما هو عليه فعلم أن نفسه عین الحق من وجه وغيره من وجه. فميز بينهما في كل مقام (فلم يقل بمثل هذا) أي بمثل ما قال من جهال في علمه.
(وهو) أي عدم قول من علم (أعلى القول) أي قوله من عجز في علمه (بل أعطاه العلم السكوت) أي بل أعطى علم من علم السكوت (كما اعطاء العجز)، أي كما أعطى علم من جهل العجز.
 والعلم الذي أعطى السكوت أعلى مرتبة من العلم الذي أعطى العجز .
فكيف لم يكن السكوت أعلى من القول (وهذا) أي الذي أعطى علمه السكوت ولم يظهر العجز (هو أعلى عالم بالله) من الصنف الآخر.
قال رضي الله عنه : (وليس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء) أي لا يتأتى علم العطايا الذاتية الذي أعطى السكوت لا حد من الله بالذات إلا لخاتم الرسل من حيث رسوليته وخاتم الأولياء من حيث ولايته .
والمراد بخاتم الأولياء ههنا خاتم الولاية المحمدية يدل عليه قوله من بعد وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا فقد ذكر في الفتوحات أنه رأى هذه الرؤيا فعبرها بانختام الولاية فذكر منامه للمشايخ الذين كان في عصرهم ولم يقل من الرأي فأولوه بما عبر به .
والظاهر أن المراد بخاتم الأولياء نفسه رضي الله عنه ومن قال : المراد بخاتم الأولياء عيسى عليه السلام اختلط عليه الأمر.
فإن عيسى عليه السلام خاتم الولاية العامة والولاية الخاصة المحمدية غير الولاية العامة وكذا ختمهما .

فعیسی علیه السلام، وإن كان رسولا وخاتما للولاية العامة لكنه يأخذ العلم من مشكاة ختم الولاية كسائر الأنبياء والرسل (وما يراه أحد من الأنبياء والرسل من حيث نبوتهم ورسالتهم (إلا من مشكاة الرسول الخاتم ولا يراه أحد من الأولياء إلا من مشكاة الولي الخاتم حتى أن الرسل) من كونهم أولياء (لا يرونه) أي لا يأخذون هذا العلم (متى رأوه) أي متى أخذوه (إلا من مشكاة) أي من مرتبة (خاتم الأولياء) وإنما لم يروا الرسل هذا العلم إلا من مشكاة خاتم الأولياء.
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل في علمه فقال: «والعجز عن درك الإدراك إِدراك، ومنا من علم فلم يقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السكوتَ، ما أعطاه العجز.  وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.
وليس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء، وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إِلا من مشكاة الرسول الخاتم، ولا يراه أحد من الأولياء إِلا من مشكاة الولي‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا يرونه- متى رأوه- إِلا من مشكاة خاتم الأولياء.)

قوله رضي الله عنه : "فاختلط الأمر وانبهم." الجميع يرجع إلى أن الأعيان الثابتة معان وهي صور علمه، وعلمه لا يغایر ذاته فليس إلا هو فانبهم الأمر.
و قوله رضي الله عنه: "فمنا من جهل في علمه ". 
قلت:
 الذي جهل في علمه هو الذي ما تجاوز 
السفر الأول بل وقف عند نهايته ويسمى هذا المقام في اصطلاح المواقف النفرية "موقف الوقفة" فإذا أردت بیانه تماما، فأنظره من هناك .
وهذا المقام أيضا يسمى الوحدة المطبقة وقد ذكره ابن العريف في محاسن المجالس في شعر ذكره على قافية القاف وصورته :
فألقوا حبال مراسيهم     …..        وغطوا فغطاهم وانطبق

فصاحب هذا المقام هو الذي يقول من عرف الله كل لسانه أي أراد أنه جهل وأما من عجز عن النطق وهو يرى أن المقام يقتضي النطق.
 فذلك لم يجهل إلا العبارات مثل أن يكون عاميا أميا، فأدركه الفتح فصار من الخواص إلا أنه غير ناطق.
قال رضي الله عنه : "ومنا من علم فلم يقل مثل هذا، بل أعطاه العلم السكوت"

لأن المحجوبين لا يقبلون ما يقول وهم الأكثرون ولهم الحكم، فرأى أن السكوت أولى، فكتم ما عنده وهو قادر على الكلام.
وأما قوله:
 وليس هذا العلم إلا الخاتم الرسل وخاتم الأولياء."

فإني أقول أيضا: إن خاتم الرسل هو أيضا خاتم الأولياء وإن من جاء بعده من أمته ممن حصل له مرتبة خاتم الأولياء هو أيضا خاتم الأولياء، ولا يقدح تعدد الأشخاص إذا كانت المرتبة واحدة ولو كانت الأشخاص بلا نهاية في العدد.
وقد قال قائلهم شعرا :لو أنهم ألف ألف في عددهم     …….     عادوا إلى واحد فرد بلا عدد
فما لخاتم الأولياء مزية في الختمية إلا أن كان بالسبق" الزماني ولا أثر له " إلا إنا نعلم أن الولاية مرتبتها فوق مرتبة النبوة، والنبوة مرتبتها فوق مرتبة الرسالة.
فإذا جمعت الثلاثة لواحد كما جمعت لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فهو ولي نبي رسول إلا أن ولايته فوق نبوته، ونبوته فوق رسالته، لأن الولاية هي حاله، عليه السلام، عندما قال: «لي وقت لا يسعني فيه غير ربي» فهو يلي الحق ويأخذ عن الحق تعالی بلا واسطة الملك.
وفي مرتبة النبوة يأخذ عن الحق تعالی بواسطة الملك والنبوة مشتقة من الإنباء وهو الإخبار بواسطة جبرائيل، عليه السلام.
لكن نبوته فوق رسالته لأن النبوة حديثها حديث جبرائيل معه، عليه السلام، وأما الرسالة، فحديثها حديث البشر فلا يخفى أن النبوة أعلى.
فقال: والعجز عن درك الإدراك إدراك، ومنا من علم فلم يقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلم السكوت، ما أعطاه العجز. وهذا هو أعلى عالم بالله.
وليس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء ، وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إلا من مشكاة الرسول الخاتم، ولا يراه أحد من الأولياء إلا من مشكاة الولي الخاتم، حتى أن الرسل لا يرونه مني رأوه إلا من مشكاة خاتم الأولياء." 
أقول:
 إن خاتم الرسل هو أيضا خاتم الأولياء وإن من جاء بعده من أمته ممن حصل له مرتبة خاتم الأولياء هو أيضا خاتم الأولياء، ولا يقدح تعدد الأشخاص إذا كانت المرتبة واحدة ولو كانت الأشخاص بلا نهاية في العدد.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل في علمه فقال: «والعجز عن درك الإدراك إِدراك، ومنا من علم فلم يقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السكوتَ، ما أعطاه العجز.  وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.
وليس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء، وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إِلا من مشكاة الرسول الخاتم، ولا يراه أحد من الأولياء إِلا من مشكاة الولي‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا يرونه- متى رأوه- إِلا من مشكاة خاتم الأولياء.)

قال رضي الله عنه :" فاختلط الأمر وانبهم ، فمنّا من جهل في علمه
وقال: العجز عن درك الإدراك إدراك " .
فاختلط الأمر واشتبه على الناظر ، وخفي الشهود ، ودقّ الكشف ، وجلّ الأمر عن الضبط والإحاطة والحصر ، وعزّ التجلَّي ، فاقتضى في بعض المشاهد والمشارب الحيرة والعجز والهيمان ، فأقرّ صاحبه بالعجز ، واعترف بالجهل .
 بمعنى أنّ العلم بما لا يعلم أنّه لا يعلم علم ، والعلم بعدم إحاطة العلم بما لا يحاط به علما علم حقيقي به كذلك ، فالعلم بما لا يعلم وهو الجهل بما من شأنه أنّه لا يحيط به العلم غاية العلم به ، وعدم الانحياز إلى جهة معيّنة فيما لا ينحصر فيها هو حقيقة حيرة الكمّل ، والتقاعد والعجز عن إدراك ما يعجز عن إدراكه هو غاية الإدراك .
كما قال أبو بكر رضي الله عنه : والعجز عن درك الإدراك إدراك ، فافهم .
قال رضي الله عنه : « ومنّا من علم ولم يقل مثل هذا وهو أعلى القول ، بل أعطاه العلم السكوت ، ما أعطاه العجز وهذا هو أعلى عالم بالله ، وليس هذا العلم إلَّا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء ،"
قال العبد أيّده الله به :
 المتحقّق بهذا الشهود في هذا المقام من لا يكون عينه الثابتة وصورة معلوميّته لله أزلا مخصوصة بخصوصية جزوية ، بل تكون محيطة كلَّية في مظهريته إحاطة أحدية جمعيّة تجمع في مظهرية عينه الغيبيّة حقائق المظهريات كلَّها .
فإنّها عين الأعيان وحقيقة الحقائق ، فالتجلَّي الذاتي له وفي قابليته يكون تجلَّيا أحديا جمعيا كماليا بحسب عينه وقابليته الأحدية الجمعية المطلقة ، فيشهد في هذا التجلَّي بظاهره ظاهر الحق وباطنه ، وبباطنه باطن الحق وظاهره ، وبأحدية جمعه القطبي وخصوصه الكمالي الحقّي ، يجمع بين جمعيّتي الظاهر والباطن .
ويشهده الحق أيضا كذلك في عين شهوده إيّاه ، كذلك عينه بعينه شهودا أحديا جمعيا مطلقا عن التعين والحصر في عين واحدة ، فيعطيه التجلَّي في هذا المقام الإحاطة بغاية العلم ، والسكوت وعدم الحيرة ، بل أعطاه التحقّق بالكلّ حقيقة على ما هو عليه الكلّ والسكوت .
وهذا الشهود لا يكون إلَّا للحقيقة الإنسانية الكمالية المحمدية الأزلية الأوّلية والأبديّة الختمية وهي حقيقة الحقائق الأحديّة الجمعية الأزلية الأبدية بين جميع الجمعيات السرمدية ، فافهم .
وإذا رزقك الله فهمه والكشف به أو الإيمان بما قلنا .
فاعلم : أنّ لهذه الحقيقة الجمعية الأحدية الكمالية تعيّنا أحديا جمعيا كماليا في مرتبة  ظاهريّتها و باطنيّتها ، وغيبها وملكوتها ، فظاهريّتها النبوّة ، وباطنيّتها الولاية . ولكل واحد من التعيّن في المرتبتين صورة تفصيل جمعي بجميع التفاصيل ، وصورة جمع الجمع بين التفصيل وأحدية الجمع . وهذه هي الحقيقة المحمدية الكلَّية الكمالية الإحاطية الختمية ، والإنسان الذي يتعيّن به وفيه هو المظهر الأكمل ، والمراة الأجلى ، والمجلى الأشمل لذات الذات الإلهية وصفاتها وأخلاقها ونسبها وإضافاتها وأسمائها وأفعالها وحروفها وأحوالها .
فأمّا ظاهريّتها وهي جهة نبوّتها فمرآة ذات الألوهية ومظهرها ومجلاها ومنظرها وعرش أحديّة الجمعية للحقائق الوجوبية والأحكام الفعلية التي للربوبية .
وباطنها وهي ولايتها مرآة للهوية الحقيقية الأحدية الجمعية المطلقة .
ولكل واحد من مرتبتي النبوّة والولاية جمع وتفصيل .
والجمع جمعان : جمع قبل التفصيل ، وجمع بعد التفصيل .
ولكلّ واحد من الجمعين تعيّن في مرتبتي الفعل والتأثير والوجود ، والانفعال والتأثّر والإمكان وجمع بين الجمعين في أحدية جمع المرتبتين .
فالجمع الأوّل في المرتبة الأولى العليا لحقائق الوجوب والألوهية ورقائق الأسماء والربوبية هو لله الواحد القهّار الأحد ، والمظهر الظاهر لهذا الجمع في مقام التفصيل مجموع العوالم أمريّها وخلقيّها على كثرة أجناسها وأنواعها وتفاصيلها غير المتناهية واتّساعها.
 لكون ظهور الآثار الإلهية وأحكام أسماء الربوبية على التمام والتفصيل إنّما هو في العالم كلَّه ، فجميع العوالم مظاهر تفاصيل الأسماء الإلهية ، والألوهية التي لها هذه الجمعية المحيطة بحقائق الفعل والتأثير والوجوب لذاتها تستلزم جمعية جمع الحقائق الكونية الانفعالية التفصيلية على الوجه الأتمّ ، حتى تظهر آثارها وأحكامها .
وهو مجموع العالم ، ومظهره في مرتبة الجمع الأوّل الجامع قبل التفصيل في مرتبة المظهرية الجمعية هو آدم عليه السّلام وهو الإنسان الأوّل ، ومنه يكون التفصيل الأحدي الجمعي ، فكما أنّ الجمع قبل التفصيل الأسمائي لله ، فكذلك أحدية جمع الجمع الأوّل بعد التفصيل المظهري الكياني العالمي لأوّل الإنساني صورة .
والتفصيل الأحدي الجمعي المظهري منه يكون على وجهين : معنويّ وصوري ، إذ كلّ واحد من الجمعين في كل واحدة من مرتبتي الظهور والبطون أعني الولاية والنبوّة إمّا أن يكون جمع الفرق ، أو جمع الجمع ، فالجمعية التي في آدم عليه السّلام جمعية أحدية جمعيات الصور المظهرية العنصرية الإنسانية قبل التفصيل ، فهو صورة جمع تجمع ظاهرية المظاهر الأحدية الجمعية .
ولهذا الجمع في مرتبة التفصيل الجمعي مظاهرهم الكمّل من النوع الإنساني من الأنبياء والأولياء من لدن آدم عليه السّلام إلى الختم الظاهر والختم الباطن.
فتفصيل الجمعية الإلهية جميع الأسماء التي لا يبلغها الإحصاء الظاهرة بالتفصيل في تفاصيل صور العالم الفرقانية كما مرّ ، فصور حجابيّات جمعيات هذا التفصيل الفرقاني الجمعي هم الكفّار المذكورون في القرآن من الفراعنة .
وتفصيل الأحدية الجمعية الإنسانية النورية الحقّية في الأناسيّ الكاملين إلى الختم ، والختم أحدية الجمع الجمعي الإنساني  ولهذه المرتبة أحدية جمع جميع المحامد والكمالات الذاتية والإلهية :
فإن كانت في مرتبة ظاهرية الإنسانية الكمالية وهي النبوّة فالإنسان القائم بهذه الأحدية الجمعية الكمالية هو خاتم الأنبياء والرسل ، محمّد بن عبد الله ، المصطفى ، رسول الله وخاتم النبيّين صلَّى الله عليه وسلَّم اصطفاه الله ، لكمال أحدية جمع جمع الحكم الإلهية الربّانيّة والحقائق الوجوبية الفعلية المؤثّرة في المرتبة الكمالية الإنسانية ، وهو حامل لواء احمد وحمد الحمد الذي هو مأوى جميع محامد الجمع ومجامع الحمد .
وهذه الحقيقة الختمية النبويّة تنبئ جميع الحقائق المظهرية الإنسانية بحقائق الجمع الإلهي ، ولهذا « كان نبيّا وآدم بين الماء والطين » فلا تعيّن لحقيقة آدم إلَّا في الماء الإلهي ، وهو ماء الحياة والطهارة الفطرية التي في نفس النبوّة ، فافهم .
وإن كانت أحدية جمع جميع الكمالات والمحامد المذكورة في باطن المرتبة الكمالية الإنسانية الإلهية الذاتية وهي الولاية فالإنسان القائم بباطن أحدية جمع جميع الكمالات ، فإن كانت أحدية جمع الجمع الخصوصي .
فهو خاتم الولاية المحمدية الخاصّة ، وهو أكمل ورثة محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم في المرتبة الختمية ، وإن كانت أحدية جمع جمع العالم في روح باطن الأحدية الجمعية الإنسانية الكمالية فالإنسان القائم بها هو عيسى روح الله وكلمته ، خاتم الولاية العامّة على الإطلاق في آخر نشأته الخصيصة بالولاية .
وإذا عرفت هذه الأصول ، عرفت أنّ اسم الحقيقة الإنسانية الكمالية الجمعية الأحدية على سبيل المطابقة هو " محمّد " فإن كانت الجمعيّة من حيث الظاهرية والنبوّة ، فمظهره أحدية جمع جمع الحقائق الوجوبية والنسب الإلهية والربوبية ، ولهذا الجمع الاختصاصي الختمي روح ومعنى وصورة ، فالصورة تجمع بين الروح والمعنى ، لأنّها أحدية جمع المعنوية والروحية ولوازمها وخصائصها .
 فإذا اجتمعت الحقائق والمعاني اجتماعا أحديا ، ظهرت عليها صورة التسوية الإلهية ، ونفخ الله فيها بنفسه الرحماني روح الأحدية الجمعيّة الكمالية التي هي جامعة بين الجمعية الروحية وبين الجمعية المعنوية الحقيقية وبين الجمعية الجسدانية البشرية و هو « محمّد » صلَّى الله عليه وسلَّم والمخصوص بالجمعية الظاهرية أبو البشر .
والمخصوص بجمعية الروح ، الباطنية هو روح الله وكلمته .
قال رضي الله عنه : " وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إلَّا من مشكاة الرسول الخاتم وما يراه أحد من الأولياء إلَّا من مشكاة الوليّ الخاتم  حتّى أنّ الرسل لا يرونه متى رأوه إلَّا من مشكاة خاتم الأولياء " .
والمخصوص بجمعية الجمع بين الجمعيات الأحدية المذكورة في باطن المرتبة المعنوية الحقيقية ، هو خاتم ولاية الخصوص  محمد بن علي بن محمد بن محمد بن محمد بن العربيّ منشئ الفصوص رضي الله عنه وجمعية هذا الختم جامعة بين روح الجمعية ومعناها وصورتها ، ومستلزمة لظاهريّتها بحقيقتها وفحواها.
ونسبته إلى خاتم النبوّة نسبة الابن الصلبي حقيقة ونسبة الروح نسبة الابن غير الصلبي ، وختمية البطون والولاية مشتركة بينهما .
ولم يكاشف بمقام هذا الختم الخصوصي من أولياء الله المتقدّمين إلَّا الإمام العلَّامة محمد بن علي الترمذي الحكيم ، صاحب « نوادر الأصول » وهو من مشايخ الطبقة العالية ، فتح له في الاطَّلاع على مقام هذا الختم .
فلمّا ذكره في كتبه ، واشتهر ذلك عنه بين علماء زمانه الأعلام من مشايخ الإسلام ، وإشرأبّت نفوس أهل الدعوى إلى هذا المقام ، وعلم ذلك منهم ، وأنّه : الولاية الخصوص . أقول : والجامع بين المرتبة الروحانية الباطنية والظاهرية هو الوليّ المطلق الذي كانت ولايته على قلب الحقيقة المحمدية والمعبّر عنه بالولاية الخاصّة هو عليّ بن أبي طالب باعتبار والمهديّ الموعود باعتبار آخر ، لجمعها بين النسبة المعنوية والظاهرية جلال آشتياني.
ليس لهم ذلك ، وخاف عليهم من دعوى بلا معنى ولا فحوى ، أنشأ كتابا جامعا لمسائل غامضة خصيصة له بالمشرب الختمي .
وذكر أنّه لا يشرحها على ما ينبغي إلَّا خاتم الأولياء ، وأنّه يطابق اسم هذا الخاتم المجيب اسم الحكيم السائل رضي الله عنه وكذلك اسم أبيه يطابق اسم أبيه ، فلمّا عثر أهل الدعوى على هذا المعنى ، نكصوا على أعقابهم ، ورجعوا إلى الله عن تراميهم إلى مقام الختم وانتسابهم .
ثم لمّا بعث هذا الخاتم في أقصى البلاد وهو المغرب من العرب ، شرح تلك المسائل ، وأوضح الحجج على تلك الدلائل ، وحصلت المطابقة بين الأسماء كما ذكر الحكيم .
فكان ذلك أحد البراهين الدالَّة على ختمية هذا الخاتم الصحيح نسبته من طيّئ إلى الحاتم ، كما قلنا في بعض مدائحه رضي الله عنه في رسالة لنا سمّيناها بالنصوص الواردة بالأدلَّة على ختمية ولاية الخصوص في الغرّاء الميمية من فتوح دار السلام ، شعر :
وخاتم حاتميّ الأصل من عرب     .....      عزّت به من كرام الغرب أعجام
له بحولان أخوال جحاجحة     .....   ومن صناديد آل الطيّ أعمام
القصيدة بطولها في الرسالة المذكورة ، فاطلبها منها إن شاء الله تعالى .
ومن الدلائل على ختميته ما روّينا من مشهده الغيبي القلبي الذي رآه بقرطبة من تنزّل أرواح السيّارات وأرواح منازل القمر وهي ثمانية وعشرون على عدد الحروف وأرواحها أيضا ، فإنّها تنزّلت في صور الجواري الحسان النورانيّات ، وباشرهنّ واقتضّهنّ جميعا ، وهذا المشهد لا يراه إلَّا أكمل ورثة محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم في الختمية الخصوصية المذكورة ، على ما استدللنا بذلك على ختميته في تلك الرسالة ، فاعلم ذلك .
ومن دلائل ختميته رضي الله عنه أيضا أنّه كان بين كتفيه في مثل الموضع الذي كان لنبيّنا خاتم النبيّين صلَّى الله عليه وسلَّم علامة مثل زرّ الحجلة ، ثابتة لهذا الخاتم أيضا تقعير يسع مثل زرّ الحجلة ، إشارة إلى أنّ ختمية النبوّة ظاهرة عليّة فعليّة ، وختميته رضي الله عنه باطنة انفعالية خفيّة .
قال رضي الله عنه في قريض نظمه في بعض مشاهده ، حكاية عنه تعالى لملائكته فيه رضي الله عنه شعر :
ولمّا أتاني الحقّ ليلا مبشّرا      .....  بأنّي ختام الأمر في غرّة الشهر
وقال لمن قد كان في الوقت حاضرا     .....        من الملإ الأعلى من عالم الأمر
ألا فانظرا فيه فإنّ علامتي     .....    على ختمه في موضع الضرب بالظهر
وفيه : أنا وارث لا شكّ علم محمّد     .....   وحالته في السرّ منّي وفي الجهر
وأنّي لختم الأولياء محمّد     .....      ختام اختصاص في البداوة والحضر
القصيدة بطولها في الرسالة وفي الديوان .
ومن دلائل ختميته أيضا قال رضي الله عنه في قريض له في أوّل الفتوح المكَّي ، قال ونظمه في عين المشهد ، شعر :
الله أكبر والكبير ردائي     .....       والنور بدري والضياء ذكائي
والشرق غربي والمغارب مشرقي     .....   وحقائق الخلق الجديد أماني
والنار غربي والجنان شهادتي     .....       والبعد قربي والدنوّ تنائي
وإذا انصرفت أنا الإمام وليس لي     .....   أحد أخلَّفه يكون ورائي
فهو الخاتم ، وقال فيه مستشهدا لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا المشهد الأقدس ، والتجلَّي الأنفس الآنس شعر :
يا سيدي حقّا أقول فقال لي     .....    صدقا نطقت فأنت ظلّ ردائي
فاحمد وزد في حمد ربّك دائما     .....       فلقد وهبت حقائق الأشياء
من كل حق قائم بحقيقة      .....       يأتيك مملوكا بغير شراء
يشير إلى ما ذكرنا من تنزّل الأرواح لسعته حين قطابته .
وقال أيضا :
وأنا ختم الولاية دون شكّ     .....     بورث الهاشميّ مع المسيح
ومن ذلك إيراده رضي الله عنه ما أورده في الفصوص ، من ختميات مقامات الكمال في النبوّة من مشرب الخصوص ، لأرباب صفاء الخلوص .
وهاهنا لا يستقصى ذكر الدلائل على ختميته في هذا الكتاب ، فقد سبق لنا في كتاب النصوص في ختم ولايته الخصوص ما فيه شفاء العليل ،وبرد الغليل.
 " وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ".
قال العبد لله :  مشكاة خاتم الأولياء عبارة عن الولاية الخاصّة المحمدية ، ومشكاة خاتم الأنبياء عبارة عن النبوّة الخاصّة الختمية الشرعية ، وهي اختصاص من الله لرسوله بخصوصية ذاتية له صلَّى الله عليه وسلَّم بهذا المقام أوجبت كونه خاتم النبيّين .
وهي أحدية جمع النبوّات التي كانت متفرّقة في جميع الأنبياء ، وهم صور تفصيلها ، والنبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم صورة أحدية جمعها ، ولأنّ النبوّة ظاهر الولاية ، والولاية باطنها ، إذ النبوّة عبارة عن نسبة اختصاصيّة للنبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بين أمّته وبين الله من كونه واسطة بينه تعالى وبينهم ، وسمّيت هذه النسبة وسيلة يتوسّل بها إلى الله أمّته ، وولايته عبارة عن النسبة التي بين الله وبين النبيّ من غير وساطة أحد .
أشار إليها بقوله : " لست كأحدكم ، لست كهيئتكم " وسمّاها فضيلة ، وحرّض الأمّة عند الأذان بسؤال هاتين الدرجتين كما تقول له : وأعطه الوسيلة والفضيلة ، فإنّ الفضيلة للنبيّ على أمّته من جهة هذه النسبة التي لا واسطة فيها بين النبيّ وربّه.
 ومن حيث هذه النسبة العليّة يأخذ عن الله وينزّل الله عليه الحكم والأحكام الإلهية في نفسه وأمّته بما فيه مصالحهم الظاهرة المعيشية الدنياويّة ومصالحهم الدينية الأخراوية الروحانية .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل في علمه فقال: «والعجز عن درك الإدراك إِدراك، ومنا من علم فلم يقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السكوتَ، ما أعطاه العجز. وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.
وليس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء، وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إِلا من مشكاة الرسول الخاتم، ولا يراه أحد من الأولياء إِلا من مشكاة الولي‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا يرونه- متى رأوه- إِلا من مشكاة خاتم الأولياء.)

سوى عينه كما علمت قال رضي الله عنه : (فاختلط الأمر وانبهم ) وهو أن المرئي غير عين الحق في صورة العبد . فيكون العبد مرآة الحق أو عين العبد في صورة الحق .
فيكون الحق مرآة العبد (فمنا من جهل الأمر في علمه فقال : العجز عن درك الإدراك إدراك) أي غاية الإدراك هو الاعتراف بالعجز عن إدراك الأمر كما هو وهو التحير المطلوب.
في قوله : رب زدني تحيرا ( ومنا من علم ولم يقل مثل هذا ) أي علم أن الحق من حيث ذاته مرآة عين العبد أي لذاته ، والعبد مرآة الحق باعتبار أسمائه .
ولم يقل بالعجز ( وهو أعلى القول ) أي من القول بالعجز لأنه علم حقيقة الأمر على ما هو عليه ( فلم يعطه العلم العجز كالأول بل أعطاه العلم السكوت ما أعطاه العجز ) أي من العارفين من تحير في التمييز بين مرئية الحقية والعبدية ، ومنهم من سكت ولم يتحير ولم يقل بالعجز وهو أعلى.
 ( وهذا هو أعلى عالم باللَّه وليس هذا العلم ) بالأصالة ( إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء ، وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إلا من مشكاة الرسول الخاتم ، ولا يراه أحد من الأولياء ، إلا من مشكاة الولى الخاتم ، حتى أن الرسل لا يرونه متى رأوه إلا من مشكاة خاتم الأولياء ) أي الرسل كلهم يأخذونه من خاتم الرسل وهو يأخذ من باطنه من حيث أنه خاتم الأولياء لكن لا يظهر لأن وصف رسالته يمنعه فإذا ظهر باطنه في صورة خاتم الأولياء يظهره .
والحاصل أن الرسل والأولياء كلهم يرونه من مشكاة خاتم الأولياء
 .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل في علمه فقال: «والعجز عن درك الإدراك إِدراك، ومنا من علم فلم يقل مثل هذا وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السكوتَ، ما أعطاه العجز.  وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه.
وليس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء، وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إِلا من مشكاة الرسول الخاتم، ولا يراه أحد من الأولياء إِلا من مشكاة الولي‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا يرونه- متى رأوه- إِلا من مشكاة خاتم الأولياء.)

قال رضي الله عنه : (ﻓﺎﺧﺘﻠﻂ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻧﺒﻬﻢ) ﺃﻱ، ﻓﺎﺧﺘﻠﻂ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻤﺮﺋﻲ ﻭ ﺍﻧﺒﻬﻢ ﺃﻧﻪ ﺣﻖ ﺃﻭ ﻋﺒﺪ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻳﺮﻯ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻴﻨﻪ، ﻭﺍﻟﺤﻖ ﻳﺮﻯ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ، ﻭﻋﻴﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺣﻖ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ، ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﻭﺃﺳﻤﺎﺅﻩ ﻋﻴﻨﻪ.
ﻓﺎﻧﺒﻬﻢ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻤﺮﺍﺋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺁﺗﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﺣﻖ ﺃﻭ ﻋﺒﺪ. (ﻓﻤﻨﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﻞ ﻓﻲ ﻋﻠﻤﻪ) ﺃﻱ، ﺗﺤﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﺣﺎﻝ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﻬﺎ. "ﻓﻘﺎﻝ: "ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺩﺭﻙ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺇﺩﺭﺍﻙ.
ﻭ ﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ  ﺃﻱ، ﻣﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ. (ﻓﻠﻢ ﻳﻘﻞ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻭﻫﻮ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ). ﺃﻱ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻤﺜﻠﻪ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ، ﻷﻥ ﻓﻴﻪ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻌﺠﺰ.
(ﺑﻞ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﻣﺎ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﻌﺠﺰ) ﺃﻱ، ﺃﻋﻄﺎﻩ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺎﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﻜﺖ ﻭﻻ ﻳﻀﻄﺮﺏ ﻛﻤﺎ ﺃﻋﻄﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﻟﻌﺠﺰ.
(ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺃﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ) ﻷﻧﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻣﺎﺕ ﻭﻳﻌﻄﻰ ﺣﻖ ﻛﻞ ﻣﻘﺎﻡ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻣﻪ. (ﻭﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﻻ ﻟﺨﺎﺗﻢ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻭﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ) ﻷﻥ ﺍﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ، ﻛﻠﻴﻬﺎ ﻭ ﺟﺰﺋﻴﻬﺎ، ﺟﻠﻴﻠﻬﺎ ﻭﺣﻘﻴﺮﻫﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻤﻴﺰ ﺑﻴﻨﻬﺎ، ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻟﻤﻦ ﻟﻪ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﻭﺑﺎﻃﻨﺎ، ﻭﻫﻮ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻭﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ. ﺃﻣﺎ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﺮﺳﻞ، ﻓﻠﻜﻮﻥ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻻ ﻳﺸﺎﻫﺪﻭﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻣﺮﺍﺗﺒﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﻤﺪﺓ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ، ﻭ ﺃﻣﺎ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ، ﻓﻸﻥ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻻ ﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﻣﺎ ﻟﻬﻢ ﺇﻻ ﻣﻨﻪ، ﺣﺘﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺳﻞ، ﺃﻳﻀﺎ، ﻻ ﻳﺮﻭﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎﺗﻪ ﻭﻣﻘﺎﻣﻪ.
ﻭﺇﻟﻴﻪ ﺃﺷﺎﺭ ﺑﻘﻮﻟﻪ: (ﻭﻣﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﺳﻞ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﺨﺎﺗﻢ)، ﻭﻻ ﻳﺮﺍﻩ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎﺓ ﺍﻟﻮﻟﻲ ﺍﻟﺨﺎﺗﻢ، ﺣﺘﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻻ ﻳﺮﻭﻧﻪ ﻣﺘﻰ ﺭﺃﻭﻩ (ﺇﻻ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎﺓ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ).
ﻭﺍﻋﻠﻢ، ﺃﻥ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺃﻣﻬﺎﺕ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﻫﻲ ﺩﺍﺧﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ، ﻭﻣﻈﻬﺮﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ، ﻟﺬﻟﻚ ﺻﺎﺭﺕ ﺃﻣﺘﻪ ﺧﻴﺮ ﺍﻷﻣﻢ ﻭ ﺷﻬﺪﺍﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﻫﻮ، ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻳﺰﻛﻴﻬﻢ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻬﻢ.
ﻭﻗﺎﻝ صلى الله عليه وسلم ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ: "ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﻣﺘﻲ ﻛﺄﻧﺒﻴﺎﺀ ﺑﻨﻰ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ " ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﺄﺧﻮﺫﺍ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﻪ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻗﺪ ﺍﻧﺨﺘﻤﺖ ﻣﺮﺗﺒﺘﻬﺎ ﻭﺑﻘﻴﺖ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺑﺎﻃﻦ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻘﻄﻌﺔ، ﻓﻴﻈﻬﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻈﻬﺮ ﺑﺘﻤﺎﻣﻬﺎ ﻓﻴﻤﻦ ﻫﻮ ﻣﺴﺘﻌﺪ ﻟﻬﺎ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺨﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ، ﻭﻫﻮ ﻋﻴﺴﻰ عليه السلام  ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﺑﻴﺎﻧﻪ.
ﻭﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻫﻮ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﺮﺳﻞ، ﻷﻧﻪ ﻫﻮ ﻣﻈﻬﺮ ﺍﻻﺳﻢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ. ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺣﺠﺐ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺖ ﻣﺮﺗﺒﺘﻪ ﻟﻠﺨﻠﻖ، ﻛﺬﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺎﺗﻢ ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻋﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﻏﻴﺒﻪ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻟﻠﺨﻠﻖ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺎﺗﻢ ﻣﻈﻬﺮﺍ ﻟﻠﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺻﺎﺣﺐ ﻭﻻﻳﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﻈﻬﺮ ﻟﺠﻤﻴﻌﻬﺎ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻣﻈﻬﺮ ﺣﺼﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻡ ﺟﻤﻌﻪ.
ﻓﺨﺎﺗﻢ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻣﺎ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺤﻖ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻭﻻﻳﺔ ﻧﻔﺴﻪ، ﻻ ﻣﻦ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻏﻴﺮﻩ، ﻓﻼ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻟﻨﻘﺺ. ﻭﻣﺜﺎﻟﻪ ﺍﻟﺨﺎﺯﻥ ﺇﺫﺍ ﺃﻋﻄﻰ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻟﻠﺤﻮﺍﺷﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺰﻳﻨﺔ ﺷﻴﺌﺎ ﻭ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎ، ﻓﺎﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﻛﻐﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻮﺍﺷﻲ ﻭﻻ ﻧﻘﺺ.
 
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: