الأحد، 30 يونيو 2019

الفقرة الثانية الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قدوسية فى كلمة إدريسية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قدوسية فى كلمة إدريسية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قدوسية فى كلمة إدريسية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
04 - فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه : (العلو نسبتان، علو مكان وعلو مكانة. فعلو المكان «ورفعناه مكانا عليا».
وأعلى الأمكنة المكان الذي تدور عليه رحى عالم الأفلاك وهو فلك الشمس، وفيه مقام روحانية إدريس عليه السلام. وتحته سبعة أفلاك وفوقه سبعة أفلاك وهو الخامس عشر.
فالذي فوقه فلك الأحمر وفلك المشترى وفلك كيوان وفلك المنازل والفلك الأطلس فلك البروج وفلك الكرسي وفلك العرش. والذي دونه فلك الزهرة وفلك الكاتب، وفلك القمر، وكرة الأثير، وكرة الهوى، وكرة الماء، وكرة التراب.)
بسم الله الرحمن الرحيم
4- فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية
هذا نص الحكمة الإدريسية.
ذكره بعد حكمة نوح عليه السلام، لأن أسرار نوح عليه السلام مبنية على الترقي في فلك الشمس كما مر، وإدريس عليه السلام رفعه الله تعالى إلى فلك الشمس، فهو صاحب فلكها فعنده علم الحقيقة النوحية فناسب ذكره بعده .
(فص حكمة قدوسية)، أي منسوبة إلى قدوس بالتشديد كلمة تقديس وتنزيه الله تعالی عی وجه المبالغة (في كلمة إدريسية).
إنما اختصت حكمة إدريس عليه السلام بالقدوسية، لأن الله تعالی رفعه مكانا عليا، وهو مكان التقديس في حضرة روح القدس، فكان على قدم نوح عليه السلام في غاية تنزيه الرب جل وعلا ، ولم يقدر على ذلك بحقيقته، فرفعه الله تعالى المكان العلي، وقدر عليه نوح عليه السلام لكونه أول أولي العزم فلم يرفع .
"والله معكم" في هذا العلو؛ وهو يتعالی عن المكان لا عن المكانة .
(العلو) الارتفاع وهو نسبة عدمية لا وجود لها إلا بالنظر إلى ضدها وهو السفل، كباقي النسب کالفوق والقدام واليمين وحقيقة النسبة أمر اعتباري لا يظهر إلا بين شيئين وجوديين (نسبتان).
أي نوعان من النسبة :
الأول : (علو مکان)، أي حیز ومحل ولا توصف به إلا الأجسام
(و) الثاني : (علو مكانة)، أي منزلة ومرتبة ويوصف به کل موجود.
(فعلو المکان) قوله تعالى في حق إدريس عليه السلام ("ورفعناه") يعني من الأرض التي هي مكان الخلافة الآدمية ("مكانا")، أي حيزة أو محلا ("عليا") [مريم: 57] .
من العلو المكاني وهو السماء مرتفعة عن الأرض وهي مكان الخلافة الملكية (وأعلى الأمكنة) بالنسبة إلى الأفلاك التي دونه والأفلاك التي فوقه (المكان الذي) هو كقلب الرحى (تدور عليه) بأمر الله تعالى (رحی عالم الأفلاك) كلها من تحته ومن فوقه کالعقل في هذه النشأة الآدمية تدور عليه الأفلاك الحواس الظاهرة وهي السفلية خمسة والدم واللحم وأفلاك الحواس الباطنة وهي العلوية خمسة والطبع والنفس كما سنبين لك ذلك.
(وهو)، أي المكان المذكور (فلك الشمس) وهو أوسط الأفلاك في السماء الرابعة (وفيه مقام روحانية إدريس) عليه السلام وهو المكان العلي الذي رفع إليه بعد موته (وتحته سبعة أفلاك) في ثلاث سماوات وأربع كرات (وفوقه سبعة أفلاك) في ثلاث سماوات وأربع كرات (وهو)، أي فلك الشمس (الخامس عشر) فلك (فالذي فوقه من الأفلاك السبعة الأول منها :
(فلك الأحمر) وهو المريخ وهو بمنزلة الحس المشترك من الحواس الباطنة ، لأن جميع الصور المحسوسة بالحواس الظاهرة تنتهي إليه.
(و) الثاني (فلك المشتري)، وهو بمنزل الخيال، لأنه قوة يحفظ ما یدرکه الحس المشترك من صور المحسوسات بعد غيبوبة المادة بحيث يشاهدها الحس المشترك كلما التفت إليها .
(و) الثالث (فلك كيوان) وهو زحل، وهو بمنزلة الوهم لأن من شأنه إدراك المعاني الجزئية المتعلقة بالمحسوسات کشجاعة زيد و سخاوته، وهو حاکم على جميع القوى الجسمانية كلها مستخدم لها.
(و) الرابع: (فلك المنازل) وهو فلك الكواكب الثوابت، وهو بمنزلة القوة الحافظة، لأن من شأنها حفظ ما يدرك الوهم من المعاني الجزئية، فهو الوهم كالخيال للحس المشترك .
(و) الخامس (الفلك الأطلس)، أي الخالي من الكواكب الثوابت والسيارات (وهو فلك البروج) والبروج فيه تقديرات منقسمة إلى اثني عشر قسمة.
وهو بمنزلة القوة المتصرفة، لأن من شأنها التصرف في الصور والمعاني والتركيب والتفصيل، فتركب الصور بعضها مع بعض، وهذه القوة يستعملها العقل تارة والوهم أخرى.
وبالاعتبار الأول تسمى مفكرة لتصرفها في المواد الفكرية، وبالاعتبار الثاني متخيلة لتصرفها في الصور الخيالية .
(و) السادس (فلك الكرسي)، وهو بمنزلة عالم الطبيعة، وقد وسع السموات والأرض كما وسعت الطبيعة السموات والأرض.
(و) السابع (فلك العرش) المحيط بالكل وهو بمنزلة عالم النفس المحيطة بالطبيعة وما حوتها (والذي دونه)، أي فلك الشمس من الأفلاك السبعة منها.
(فلك الزهرة) وهو بمنزلة السمع من الحواس الظاهرة.
(و) الثاني: (فلك الكاتب) وهو عطارد وهو بمنزلة البصر .
(و) الثالث: (فلك القمر) وهو بمنزلة الشم
(و) الرابع : (كرة الأثير) وهو فلك النار وهو بمنزلة الذوق .
(و) الخامس: (كرة الهواء) وهو فلك الهواء وهو بمنزلة اللمس .
(و) السادس: (كرة الماء) وهو فلك الماء وهو بمنزلة الدم .
(و) السابع : (كرة التراب) وهو فلك التراب وهو بمنزلة اللحم.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :


04 - فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه : (العلو نسبتان، علو مكان وعلو مكانة. فعلو المكان «ورفعناه مكانا عليا».
وأعلى الأمكنة المكان الذي تدور عليه رحى عالم الأفلاك وهو فلك الشمس، وفيه مقام روحانية إدريس عليه السلام. وتحته سبعة أفلاك وفوقه سبعة أفلاك وهو الخامس عشر.
فالذي فوقه فلك الأحمر وفلك المشترى وفلك كيوان وفلك المنازل والفلك الأطلس فلك البروج وفلك الكرسي وفلك العرش. والذي دونه فلك الزهرة وفلك الكاتب، وفلك القمر، وكرة الأثير، وكرة الهوى، وكرة الماء، وكرة التراب.)


04  - فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية
فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية أي حكمة تقديس الله تعالى عن كل ما لا يليق بحضرته مودعة في روح هذا النبي وفي التقديس مبالغة ليس في التسبيح فتنزيه إدريس عليه السلام أشد من تنزيه نوح عليه السلام لذلك لم يتم ستة عشر سنة.
ولم يأكل حتى بقي عقلا مجردا وخالط الأرواح المجردة والملائكة ورفعه الله مكانا عليا.
(و) لما كان العلو من لوازم التقديس وكان معرفة التقديس على التفصيل موقوفة على معرفة العلو (قال الله تعالی) في حق إدريس (ورفعناه مكانا عليا)  شرع في بيان العلم .
فقال : (العلو) بتشديد الواو (نسبتان) لا يمكن تصور العقل بدون إضافته إلى شيء آخر لكون النسبة جزءا من مفهومهما (علو مكان وعلو مكانة نعلو المكان) .
قوله تعالى في حق إدريس عليه السلام: ("ورفعناه مكانا عليا"  57 سورة مريم. وأعلى الأمكنة) بعلو المكانة (المكان الذي يدور عليه رحى عالم الأفلاك فهو فلك الشمس وفيه مقام روحانية إدريس عليه السلام وتحته سبعة أفلاك وفوقه سبعة أفلاك وهو).
أي فلك الشمس (الخامس عشر) وهو قلب الأفلاك لذلك كان وسط الأفلاك
(والذي فوقه فلك الأحمر وفلك المشتري وفلك كيوان "زحل" وتلك المنازل وفلك الأطلس) المتحرك بالحركة اليومية (فلك البروج) عطف بيان لفلك الأطلس (وفلك الكرسي وفلك العرش والذي دونه فلك الزهرة وفلك الكاتب وفلك القمر واكرة الأثير واكرة الهواء واكرة الماء واكرة التراب).  
وتفصيل ذلك مبين في علم أخر ولذلك اكتفي بذلك الإجمالي ولم يفصلها فأبقيناه على ذلك.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :


04 - فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه : (العلو نسبتان، علو مكان وعلو مكانة. فعلو المكان «ورفعناه مكانا عليا».
وأعلى الأمكنة المكان الذي تدور عليه رحى عالم الأفلاك وهو فلك الشمس، وفيه مقام روحانية إدريس عليه السلام. وتحته سبعة أفلاك وفوقه سبعة أفلاك وهو الخامس عشر.
فالذي فوقه فلك الأحمر وفلك المشترى وفلك كيوان وفلك المنازل والفلك الأطلس فلك البروج وفلك الكرسي وفلك العرش. والذي دونه فلك الزهرة وفلك الكاتب، وفلك القمر، وكرة الأثير، وكرة الهوى، وكرة الماء، وكرة التراب.)
العلو نسبتان: علو مكان وعلو مكانة. فعلو المكان "ورفعناه مكانا عليا" [مريم: 57]. وأعلى الأمكنة المكان الذي تدور عليه رحى عالم الأفلاك وهو فلك الشمس، وفيه مقام روحانية إدريس، عليه السلام، وتحته سبعة أفلاك وفوقه سبعة أفلاك وهو الخامس عشر.
فالذي فوقه فلك الأحمر وفلك المشتري وفلك كيوان  وفلك المنازل والفلك الأطلس وفلك الكرسي وفلك العرش.
والذي تحته فلك الزهرة وفلك الكاتب، وفلك القمر، واکرة الأثير ، وأكره الهواء، وأكره الماء، وأكره التراب، فمن حيث هو قطب الأفلاك هو رفيع المكان
سر شریف
قلت : في ذلك سر شریف نبه عليه الشيخ، رضي الله عنه، لمن طلبه منه فيقوله لنا مشافهة أو ينقله إلينا من سمعه منه مشافهة ونحن نذكره الآن وهو أن العلو هو الجهات والكامل فيه الجهات.
وكذلك على المكانة هو لمن نسب إلى الكامل، فبقدر القرب من الكامل يكون على المكانة فذاته محيطة بالمكان والمكانة فلا ينسبان إليه بل العلو في المقامين هو بحسب القرب منه يكون.
أما العلو العرشي من قوله: "الرحمن على العرش استوى" (طه: 5) .
فالعرش هو شطر حقيقة ذاته و هو، أعني الشطر، جانب باطنه فإنه مجموع الأسماء، فتجلى الرحمن فيه فهو بحقائق ما في الرحمن، من الأسماء المودعة في الكامل.
قال تعالى"قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى(الإسراء:110) فالاستواء العرشي.
فيه قال رضي الله عنه: والعرش هو أعلى الأماكن يعني به ما فوق الكرسي لأنه يريد صورة ظاهر العرش وهو منطوى في حقيقة الكامل لأنه أحاط بالأفلاك كلها وكذلك هو المخبر عنها بأكمل مما تخبر هي به عن نفسها بلسان الحال وهو يخبر عنها بالمقال.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :


04 - فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه : (العلو نسبتان، علو مكان وعلو مكانة. فعلو المكان «ورفعناه مكانا عليا».
وأعلى الأمكنة المكان الذي تدور عليه رحى عالم الأفلاك وهو فلك الشمس، وفيه مقام روحانية إدريس عليه السلام. وتحته سبعة أفلاك وفوقه سبعة أفلاك وهو الخامس عشر.
فالذي فوقه فلك الأحمر وفلك المشترى وفلك كيوان وفلك المنازل والفلك الأطلس فلك البروج وفلك الكرسي وفلك العرش. والذي دونه فلك الزهرة وفلك الكاتب، وفلك القمر، وكرة الأثير، وكرة الهوى، وكرة الماء، وكرة التراب.)
قال الشيخ رضي الله عنه : « للعلوّ نسبتان : علوّ مكان وعلوّ مكانة ، فعلوّ المكان " وَرَفَعْناه ُ مَكاناً عَلِيًّا " وأعلى الأمكنة المكان الذي يدور عليه رحى عالم الأفلاك وهو فلك الشمس ، وفيه مقام روحانية إدريس   .
يعني سلام الله عليه : أنّ العلوّ المكانيّ لفلك الشمس ، لكونه وسطا ، فهو أعلى الأمكنة ، إذ المركز ، له علوّ المكانة والمكان .
أمّا علوّ المكانة فلأنّه سبب وجود المحيط وأمّا علوّ المكان فلأنّه فوق سبع أكر تحته . وأمّا كونه أعلى الأمكنة فلكونه جامعا بين العلوّين بخلاف غيره من السماوات .
وفي فلك الشمس صورة روحانية إدريس عليه السّلام واجتمع به هذا الخاتم رضي الله عنه هناك ، وجرت بينهما مفاوضات عليّة ، وأسرار كلَّية إلَّيّة ، فاطلبها من كتاب "الأسرار" وكتاب "التنزّلات ".
قال رضي الله عنه : « وتحته سبعة أفلاك ، وفوقه سبعة أفلاك وهو الخامس عشر .
فالذي فوقه :
فلك والأحمر
وفلك المشتري
وفلك كيوان
وفلك المنازل
والفلك الأطلس
وفلك البروج
وفلك الكرسيّ
وفلك العرش .
والذي دونه : فلك الزهرة ،
وفلك الكاتب ، وفلك القمر ، وأكرة الأثير ، وأكرة الهواء ،وأكرة الماء ،وأكرة التراب".
قال العبد : قد أسلفنا لك فيما مضى أنّ الطبيعة هي القوّة الفعّالة للصور كلَّها في المادة العمائية ، وهي منها وفيها ، وأنّ الطبيعة ظاهرية الإلهية ، والإلهية باطنها وهويّتها . والله هو الفعّال للأفعال كلَّها ، وهي أحدية جمع الحقائق الفعلية الوجوبية .
فأوّل صورة وجدت في المادّة العمائية الكونية كانت طبيعة واحدة جامعة للقوى الفعّالة والموادّ المنفعلة في أحدية جمعها الذاتية الطبيعية .
كما أشار رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى ذلك بقوله : « أوّل ما خلق الله الدرّة » وهي حقيقة الجسم الكلَّي على أحد معنييها ، وذلك أنّ هويّة المادّة الهيولانيّة لمّا قبلت الكميّة والكيفية ، تجسّمت جوهرا واحدا أحديّا جمليا ، واندمجت فيه جميع الصور الجسمية ، فأحاطت به التجلَّيات الأسمائية ، وطرحت عليه أشعّتها الأنوار الربانية ، وجلَّلتها الأضواء السبحاتية السبحانية فحلَّلتها ، فذابت حياء ، وانحلَّت أجزاؤها ماء ، فاستوى عرش الحياة على ذلك الماء ، قبل وجود الأرض والسماء ، فألحّت عليه حرارة التجلَّيات المتوالية والأنوار والأضواء ، فتبخّر جوهر الماء على صورة الهواء ، فصعد بخار عمائي إحاطي أحدي جمعي ، فاتّصل بنور التجلَّي البسيط ، والمتجلَّي المحيط ، فصار فلكا محيطا وحدانيا بسيطا ، وذلك في أقصى ما في قوّة الجوهر من الصعود ، وجذب نور الرحمن المستولي عليه بالرحمة والجود ، فيكون منه الفلك الأعظم ، وفيه فلك العرش في أعاليه ، ويسمّى هذا الفلك فلك الأفلاك وهو أطلس وحدانيّ إحاطي نوراني وجوهر أبدي فيه مستوى رحمانيّ على طبيعة واحدة أحدية جمعية بين حقائق أربع هي خامسها ، وذلك قبل وجود التضادّ والتنافي والتنافر ، وإحاطة هذا العرش من إحاطة المستوي عليه ، فإنّه أحاط بكلّ شيء رحمة ، وهي نفس الرحمن المستوي عليه ، فالكلمة في العرش من نفس الرحمن ، وهو الأمر الإلهي لإيجاد الكائنات .
قال خاتم الولاية المحمّدية الخاصّة سلام الله عليه : " واعلم أنّ هذا العرش ، له قوائم نورانية أشهدتها ، نورها يشبه نور البرق ، مع هذا رأيت له ظلَّا فيه من الراحة ما لا يقدّر قدرها ، وذلك الظلّ ظلّ مقعّر فلك العرش ، يحجب نور الرحمن ، وفي جوف فلك العرش فلك الكرسيّ كحلقة ملقاة في أرض فلاة ، ومن هذا الكرسي تنقسم الكلمة إلى حكم وخبر ، وهو القدمان الواردان في الخبر كالعرش لاستواء الرحمن ، وله ملائكة قائمون به ، لا يعرفون إلَّا الربّ .
وبعد الربّ توجّه الاسم « الغنيّ » بتجليه ، فوجد فلك الأفلاك وهو الأطلس ، ومحدّبه تحت مقعّر فلك الكرسي واقتضى هذا الاسم أن يكون هذا الفلك أطلس متماثل الأجزاء ، مستدير الشكل ، لا تعرف لحركته بداية ولا نهاية ، بوجوده حدثت الأزمان بعد خلق الله ما في جوفه من العلامات .
ثمّ توجّه الاسم " المقدّر " لإيجاد فلك البروج ، وذلك أنّه لمّا دار فلك العرش جوهرا وحدانيا بما في جوفه من الكرسي ، وفلك الأفلاك نورانيا فألحّت التجلَّيات على باقي الجوهر المنحلّ المائي ، فصعّدته خالصا نوريا كالأوّل ، فصعد فلك كلي محيط وحداني ، وفيه كلّ شيء وحقيقة من الحقائق الكونية الطبيعية المندمجة في الجوهر الأصلي الأوّل الذي هو الجسم الكلَّي من المناسبات وغيرها .
فلمّا أخذ الجوهر الصاعد الرابع مكانه تحت مقعّر فلك الأفلاك ، فيكون فلكا محاطا بما فوقه ، محيطا لما في جوفه حول المركز المنحلّ ، وكانت التجلَّيات المفصّلة لهذا الجوهر المجمل الذي هو مفتاح الباب المقفل مقتضية لتفصيل ما فيها من الحقائق ، وكانت في صعوده غاية التحليل ، وكان محيطا واحدا مشتملا على كثرة التفصيل ، فتقدّرت بتقدير القدير المقدّر منازل النازل من الأنوار التي هي الأسرار الأسماء الإلهية وأنوارها محالّ ومجالي حوامل ، فتعيّنت البروج بحقائقها ، وتبيّنت منازل الأنوار بدقائقها ، وامتدّت حبائل الأسماء وجداول النسب الربانية برقائقها ، وخرجت أصول جواهر الأنوار العلوية الكلَّية الجسميّة بطبيعتها العلية الفعلية خروجا طبيعيا
وحدانيا نوريّا ، فأخذت الأرواح والأنفاس المشرقة الإلَّيّة الحاملة لأنوار تجلَّيات السبحات الوجهية الوجهيّة من هذا الفلك الكلَّي مظاهرها ، وأظهرت أسرّتها وعروشها ومناظرها ، وتعيّنت الوجوه التي للعقل الأوّل وهي ثلاثمائة وستّون وجها من مقعّر المحيط الكلي الأطلس في هذا الفلك . والأطلس واحد وحدة كلية ، وبسيط بساطة نسبية مشاكلة لجوهر روحه وهو العقل الأوّل ، وتجلَّت أنوار الرحمة من سبحات وجه الرحمن من عين وجوه العقل الأوّل من حضرة الاسم "المدبّر" .
ولمّا كانت الكلمة الرحمانية في العرش واحدة ، وانقسمت في الكرسيّ بتدلَّي القدمين إلى كلمتين وهما الخبر والحكم ، والحكم خمسة أقسام : لأنّه ينقسم إلى أمر ونهي . وهما إلى خمسة أقسام : وجوب ، وحظر ، وإباحة ، وندب ، وكراهة .
والخبر قسم واحد وهو « ما لم يدخل تحت حكم من هذه الأحكام » فإذا ضربت الاثنين اللذين للقدمين في الستّة ، كان المجموع " اثني عشر " .
ستّة إلهية . وستّة كونية ، لأنّا على الصورة ، فانقسم هذا الفلك على اثني عشر برجا ، كما أنّ الكلمة الإلهية العرشية في قلب العرش وهو الشرع على ما ذكرنا .
ولمّا كان الكرسي موضع القدمين ، لم يعط في الآخرة إلَّا دارين :
هما الجنّة والنار ، فإنّه أعطى للعباد بالقدمين مطلقا دارين وهما الدنيا والآخرة ، وأعطى فلكين :
فلك البروج ، وفلك المنازل الذي هو أرض الجنّة .
والمنازل مقادير التقاسيم التي في فلك البروج ، وهي ثمانية وعشرون من أجل حروف النفس الرحماني .
وهي مقسومة على اثني عشر برجا ليكون لكلّ برج في العدد الصحيح وفي الكسور حظَّ ، حتى يعمّ حكمة في العالم ، وكان لكل برج منزلتان وثلث .
وهذه الأفلاك الأربعة وإن وجدت من طبيعة أحدية جمعية ، ولكن ظهر حكم الطبيعة فيها ظهورا تركيبيا وحدانيّا :
فتركَّب الناريّ من حرارة ويبوسة .
والمائيّ من برودة ورطوبة .
والهوائيّ من حرارة ورطوبة .
والأرضيّ من برودة ويبوسة .
وجعلت مثلَّثة كلّ ثلاث أربعا إذا ضربت ثلاثة في أربع كان المجموع أيضا « اثني عشر » وهاهنا تفاصيل ذكرها يؤدّي إلى التطويل يطلبها طالبها من الإخوان والأولاد من كتاب « عقلة المستوفز » للشيخ سلام الله عليه .
وظهرت في هذا الفلك الأنفاس الرحمانية أرواحا للكواكب الثابتة ، لمّا حصلت في هذا الفلك وهو الرابع من فلك العرش ، والرابع من فلك الشمس من الطبيعة أمزجة شريفة جوهرية قابلة للاشتعال بنور التجلَّي النفسي الرحماني .
فتعيّنت فيها أرواح الكواكب أجراما نورانية جامعة لغرائب الطبائع وعجائب البدائع ، وتكوّنت الكوائن في هذا التكوين البديع والصنيع الرفيع على وجه لا يقبل الفساد ، واستوت عليه الأنوار الأسمائية وأفلاكها العقلية النورانية في صورة طبيعة نورية مشاكلة لما فوقها من الأنوار والصور العرشية .
ثم دارت الأفلاك الأربعة بما فيها من الأنوار والأرواح والأجرام النورانية ، وألحّت بتجّلياتها ومطارح أشعّتها ، وبما فوقها من العقل والنفس الكلَّيّين والأسماء الإلهية على الباقي من العنصر .
فحلَّلته كلّ التحليل ، وأظهرت منه ما كانت باطنة وكامنة فيه بالتفصيل للتحصيل تحليلا كلَّيا وتفصيلا جمليا ، فتميّزت العناصر الأربعة وفي كلّ منها كلّ منها ، إذ التحليل كان أحديّا كلَّيا ، فظهر كلّ منها جميعا بصورة الكلّ وقوّته ونعته .
ففي الركن الناري جميع العناصر ، ولهذا إذا غلظ صار هواء ، وإذا غلظ الهواء صار ماء ، وإذا غلظ الماء صار أرضا .
وإذا لطفت الأرض صارت ماء ، والماء هواء ، والهواء نارا ، فافهم .
هذا على ذوق أهل الكشف والشهود ، من أرباب مشرب أحدية الجمع والوجود .
ثم دارت الأفلاك فطارت الأرواح والأملاك ، وتوالت التجلَّيات وتجلَّت التجلَّيات وألحّت على هذه الأركان والعناصر ، فصعّدتها مرّة بعد أخرى حتى أطلقت ما فيها من الجواهر والزواهر ، فارتفع أوّلا دخانيّ كلَّي أحدي جمعي من حاقّ المركز تكنفه ستّة أخرى ثلاثة فوقه وثلاثة تحته وهو الرابع ( فَسَوَّاهُنَّ ) " الله " ( سَبْعَ سَماواتٍ ) .
فخلق على طبيعة الركن البارد اليابس ، سماء كيوان ، واشتعلت من خلاصة هذا الصاعد البارد اليابس زبدته بنور النفس الرحماني الرباني من حضرة الاسم « الربّ » فكانت نفس كيوان .
وظهرت في هذه السماء حقائق الربوبية من التربية والإصلاح والحفظ والبقاء والثبات ، واعتلت هذه السماء في ارتفاعها أعلى ما كان في قوّته تحت مقعّر فلك الثوابت ، فكانت لها الغايات والنهايات والعلوّ ، وذلك لحفظ ما تحته كالقشر الصائن لما في جوفه .
ثمّ تجلَّى الاسم العليم العلَّام الكشّاف والقاضي للحاجات بحقائق العلم والكشف والحياة العلمية الطيّبة والصلاح والسعادة والحكم والإناءة والطاعات والخيرات والمبرّات في روح المشتري .
واشتعلت صفاوة الجوهر السمائيّ بنور النفس الرحماني جرما نوريا أو نورا جسميا ، وهو مظهر الاسم « العلَّام » « الكشّاف » وسماؤه خلاصة العنصر الحارّ الرطب .
ثمّ تجلَّى القاهر القويّ الشديد من أعوان القادر لإيجاد سماء الأحمر الحارّ اليابس الناري ، واشتعلت زبدتها وخلاصتها بنور النفس الرحماني من حضرة القادر القاهر القوي الشديد .
وقد يكون في الوسط سماء الشمس وهي أعدل السماوات وأخلص الصفاوات ، واشتعل أخلص الزبد وأصفى الجواهر منها بنور النفس الرحماني من حضرة اللاهوت ، والحياة والنور بحقائق الملك والسلطان من سدنة الاسم " الله " .
ثم تكوّنت سماء الزهرة من خلاصة العنصر البارد الرطب ، واشتعلت زبدة السماء بنور النفس الرحماني من حضرة الاسم "الجميل " و " المصوّر " و « اللطيف » و « الودود » و « المنعم » و « العطوف » وأخواتهم .
ثم تكوّنت سماء الكاتب من تجلَّي نور الاسم « الباري » و « المحصي » و « الحكيم » و « السريع الحساب » وأخواتهم .
ثمّ تكوّنت سماء القمر ، واشتعلت زبدة خلاصتها وصفاوة جوهرها بنور تجلَّي " الخالق " و « المدرك » و « السريع » و « الموحى » و « القابل » و " المحسن " و « الظاهر » وأخواتهم بأنوار البشرى والكرامات .
وتكوّنت هذه السماوات السبع بأنوارها الكوكبية من أخلص العناصر وأصفاها على وجه أعدل وأقوى وأصفى وأبقى . وتكوّن كلّ منها من الكلّ كلَّيا وحدانيا جمعيا .
ولا تظنّنّ أنّ كلَّا منها من عنصر واحد ، فذلك لا يمكن ، ولكنّ الغالب واحد ، والثلاثة الأخر فيه بحسبه ، فتكوّنت من خلاصة جواهر العناصر ، ولهذا لا تتسلَّط عليها حقائق المباينة والمنافرة والتضادّ بالإفساد ، فلا تقبل ذواتها الانخرام .
ولكنّ الفساد سيطرأ عليها من حيث أعراضها الصورية ، وكيفياتها النورية العرضية إذا قامت القيامة ، وطاف طوفان العنصر الأعلى الناريّ ، واستوى على العنصريات فكانت السّماء " وَرْدَةً كَالدِّهانِ ".
فتغيّرت صور طبقاتها وأنوارها دون جواهر حقائقها وذواتها ، فتطوى صور نضد الطبقات كطيّ السجلّ للكتاب دون ذوات السماوات ، فإنّ طبيعتها وحدانيّة ، وقوّتها أقوى وأبقى من سائر الجواهر العنصرية ، ولكن لا يقوى قوّة الأطلس وفلك المنازل والثوابت والجنان والعرش والكرسيّ ، فافهم .
ولهذا بقيت هذه السماوات إلى يوم القيامة ثابتة بصورها ، ودامت بذواتها وجواهرها وحقائقها مع ما هي متشبّثة بها من أنوار الأفلاك والأجرام التي فيها فوقها ببقاء أنوار الحقائق الأسمائية وأفلاكها العقلية النورية المحيطة بملكوت الأجرام والأفلاك والسماوات العلوية الجسمية الطبيعية .
ثم بقيت العناصر السافلة الثابتة كما يقال « الصاعدات » ، فانحازت إلى أحيازها الطبيعية ، وامتازت مميّزاتها وخصوصياتها الذاتية وأحاط بعضها على البعض ، فثبت الأرض في المركز ، ويبست وغلظت وأحاطت بها أكرة الماء ، وأحاط بالماء الهواء ، وأحاط بالهواء النار الأثيرية ، فصارت الأكر مع السماوات إلى فلك الشمس سبع طبقات ، وكذلك فوقها سبعة أفلاك ، منها سماوات ثلاث للقهّار والعليم والربّ ، وأربعة أفلاك للرحمن والرحيم الكريم الشكور والغنّي والمقدّر ، فصار فلك الشمس له المكان الأوسط كالمركز ، فهو عليّ بهذا الاعتبار كما أشار إليه الشيخ رضي الله عنه -
بقوله : « وهو الخامس عشر » فخذ هذه الأصول الكشفية على قانون التحقيق ، المؤيّد بالشرع والنظر الدقيق ، والله ولىّ التوفيق يقول الحقّ وهو يهدي إلى سواء الطريق .
نقل ما ذكره الشيخ أبو ريحان البيرونيّ

وفي هذا المقام علم الهيئة الفلكية والمباحث على مشرب أهل الكشف والشهود سنستقصي القول فيها إن شاء الله ، ورزقنا المهل في الآجل في كتاب مفرز لعلم الهيئة الفلكية والمباحث الطبيعية على قانون علم الحقيقة ، فإنّ الأصول المذكورة في علم الهيئة من الأوضاع الفلكية وأكرة الأرض في كريّة السماوات وكونها أفلاكا محيطات متحرّكات حركات « دولابية » على رأي المتأخّرين من حكماء الرسوم لا توافق مقتضى الحقائق والكشف والشرع ، والبراهين التي استوى عليها علمهم في زعمهم إنّما هي فروض وتقادير ، ليس شيء منها في هذه المطالب موجودا واقعا ، ومع هذا فهي واهية ، وجميع براهينهم على كريّة السماوات وفلكيّتها محيطات بمركز الأرض بصفة عروجها كما ذكرها « الشيخ أبو ريحان » في « قانون المسعودي » أكثرها يتعلَّق بإحاطية فلك الثوابت والقطبين . ونحن قائلون بأنّ فلك الثوابت والأطلس فلكان محيطان ، فلا يرد علينا وارد واحد وثلاثة وجوه باقية تتعلَّق بغروب الشمس والكواكب السيّارة ، وهي أيضا مدفوعة ، لفرض حركة منطقة البروج والكواكب السيّارة فيها « حمائليّة » لا « دولابية » على ما نبيّنها فيما يليق بذلك ، إن شاء الله تعالى.
يتبع الجزء الثاني من الفقرة الثانية
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: