الأحد، 30 يونيو 2019

الفقرة الحادية عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة نوحية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة نوحية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة نوحية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (فقال نوح في حكمته لقومه: «يرسل السماء عليكم مدرارا» وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري، «ويمددكم بأموال» أي بما يميل بكم إليه فإذا مال بكم إليه رأيتم صورتكم فيه. فمن تخيل منكم أنه رآه فما عرف، ومن عرف منكم أنه رأى نفسه فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى غير عالم وعالم. «وولده» وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري. والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الفكر.)
قال رضي الله عنه : "فقال نوح في حكمته لقومه: «يرسل السماء عليكم مدرارا» وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري، «ويمددكم بأموال» أي بما يميل بكم إليه فإذا مال بكم إليه رأيتم صورتكم فيه.  فمن تخيل منكم أنه رآه فما عرف، ومن عرف منكم أنه رأى نفسه فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى غير عالم وعالم. «وولده» وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري.
والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الفكر."
قال رضي الله عنه : (فقال نوح) عليه السلام (في حكمته)، أي تتجه امتثال أمره (لقومه) على تقدير صدور ذلك منهم ("ويرسل ")، أي الله تعالى ("السماء") وهي ما علا وارتفع عن إدراكهم من الجناب الإلهي الأقدس (" عليكم" ) حيث نزهتموه عن تشبيهكم ثم شبهتموه من تنزيهكم . ثم نزهتموه ثم شبهتموه وهكذا.
فإن التنزيه محتاج إلى التشبيه والتشبيه محتاج إلى التنزيه، وكلاهما محال على الله تعالى، لأنهما حكمان عقليان، والله تعالى منزه عن الحكم العقلي، لأن كل معقول حادث كما أن كل محسوس كذلك.
إذ لا يرد على القديم حكم من الحادث، وليس في يد المكلف غير هذين الحكمين ونفيهما فالمطلوب نفيهما، ومن ضرورة نفي الشيء ثبوته قبل نفيه ("مدرارا")، أي كثير الدرور وهو الظل والسيلان.
(وهی)، أي التي يرسلها عليهم ربهم من الأمطار أمطار (المعارف) جمع معرفة (العقلية)، أي المنسوبة إلى العقل من حيث أنها تؤخذ به وتضبط بإدراكه (في المعاني) الإلهية التي يفهمونها من إشارات الوجود العلوي والسفلي (والنظر) بالبصر والبصيرة (الاعتباري) وهو المقتضي للعبور من الظواهر إلى البواطن وبالعكس من غير اقتضاء على أحدهما ("ويمددكم")، أي الله تعالى حينئذ ("بأموال") [نوح: 11].
نتيجة جمع مال (أي بما يميل بكم إليه) سبحانه من أعراض الدنيا (فإذا مال) ذلك المال بكم (إلى الله) تعالى بحيث أوصلكم إلى شهوده سبحانه في كل شيء من جهة أن كل شيء صورة مراده تعالی ومعلومه ومقدوره وذاته متجلية بذلك على ذاته فذاته من حيث هي متجلي عليها مرآة لذاته من حيث متجلية بتلك الصورة المرادة المعلومة المقدورة، وتلك الصورة هي المال الذي يميل بكم إلى الله تعالى وهي غرض الدنيا (رأيتم) بأبصاركم وبصائركم (صورتكم) الحسية والعقلية (فيه)، أي في الحق سبحانه وتعالى.
(فمن تخیل منکم) في نفسه بعد ذلك (أنه رآه) عز وجل (فما عرف) الحق سبحانه وتعالى ما رأى إلا صورته ظاهرة في الحق سبحانه الممسك لها كما تمسك المرآة الصورة الظاهرة فيها من غير أن تحل أحدهما في الأخرى (ومن عرف منكم أنه رأى نفسه) فقط على حسب تقلبات أطواره ظاهرة بمرآة الحق سبحانه .
(فهو العارف) بالله تعالى (فلهذا انقسم) جميع الناس إلى قسمين :
الأول (غير عالم) بالله تعالى وهم الذين يتخيلون أنهم يعرفون الله تعالى ويشهدونه، وهم لا يشهدون إلا أنفسهم على حسب استعدادهم في مرآة الحق تعالى.
(و) الثاني : (عالم) بالله تعالی وهم الذين يعرفون أنهم لا يعرفون إلا أنفسهم على حسب استعدادهم ظاهرة لهم في مرآة الحق تعالی.
كما قال عليه السلام: «من عرف نفسه فقد عرف ربه».
وقال تعالی عن قوم نوح عليه السلام: ("واتبعوا من لم يزده ماله") [نوح: 21] وهو ما ذكره من أنه كل ما يميل بكم إليه سبحانه (وولده وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري) من التشبيه والتكييف في جناب الحق تعالی.
(والأمر) المطلوب في معرفة الله تعالى (موقوف علمه) والتحقيق به (على المشاهدة) لآيات الله تعالى التي في الآفاق وفي الأنفس (عيد جدا عن نتائج الفكر)، لأن الفكر ظلمة النفس ولا يكتسب بالظلمة غير الظلمة ("إلا خسارا") [نوح: 21] .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (فقال نوح في حكمته لقومه: «يرسل السماء عليكم مدرارا» وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري، «ويمددكم بأموال» أي بما يميل بكم إليه فإذا مال بكم إليه رأيتم صورتكم فيه. فمن تخيل منكم أنه رآه فما عرف، ومن عرف منكم أنه رأى نفسه فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى غير عالم وعالم. «وولده» وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري. والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الفكر.)
قال رضي الله عنه : (فقال نوح في حكمته لقومه) أي أشار نوح عليه السلام إلى قومه في حكمة دعوته قرمه ويزيل الماء به أي يرسل الله من عالم الأرواح عليكم (مدرارا وهي) أي المدرار (المعارف العقلية في المعاني) المعقولة.
(والنظر الاعتباري) أي المدرار هي النظر في الأشياء للاستدلال بها على وجود الصانع (ويمددكم بأموال أي بما يميل بكم إليه) أي ويمددكم الحق بسبب تجلي جمالي جاذب بكم إلى الحق.
(فإذا مال بکم) أي جعلكم موجها إلى جناب الحق وهي التجليات الجاذبة إلى الحق (إليه) أي إلى الحق (رأيتم صورتكم فيه) أي في الحق (فمن تخيل منكم أنه راه)، أي الحق (فما عرف ومن عرف منكم أنه رأى نفسه فهو العارف فلهذا انقم الناس) من أهل الكشف.
(إلى عالم غير عالم) كما مر في الفص الشيثي وهذا كله يستفاد من وجوه الكلام بند به حمه الخواص (وولده) أي المراد من قوله وولده (هو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري) أي العلوم الحاملة لهم بنظرهم الفكري (والأمر) أي ما دعا إليه نوح عليه السلام (موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الأفكار) فهم عصوه واتبعوا إلى نتائج أفكارهم وكانوا محرومين عن حكمة دعوته لعدم علمهم ما أشار إليه نوح عليه السلام ولعدم حصول هذا العلم بنظرهم الفكري (إلا خسارا) إلا ضياعا من عمرهم لصرفهم بما لا ينبغي لما أن في زعمهم .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (فقال نوح في حكمته لقومه: «يرسل السماء عليكم مدرارا» وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري، «ويمددكم بأموال» أي بما يميل بكم إليه فإذا مال بكم إليه رأيتم صورتكم فيه. فمن تخيل منكم أنه رآه فما عرف، ومن عرف منكم أنه رأى نفسه فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى غير عالم وعالم. «وولده» وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري. والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الفكر.)
فقال نوح في حكمته لقومه: " يرسل السماء عليكم مدرارا" (نوح: 11) وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري، و يمددكم بأمواله أي بما يميل بكم إليه فإذا مال بكم إليه رأيتم صورتكم فيه.
فمن تخيل منكم أنه رآه فما عرف، ومن عرف منكم أنه رأى نفسه فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى غير عالم وعالم.
وولده وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري، والأمر موقوف علمه على المشاهدة، بعيد عن نتائج الفكر. "إلا خسارا"(الإسراء: 82) . "فما ربحت تجارتهم" (البقرة: 16) فزال عنهم ما كان في أيديهم مما كانوا يتخيلون أنه ملك لهم، وهو في المحمديين
"وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه" (الحديد: 7) وفي نوح "ألا تتخذوا من دوني من دوني وكيلا" آية 2 الإسراء.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (فقال نوح في حكمته لقومه: «يرسل السماء عليكم مدرارا» وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري، «ويمددكم بأموال» أي بما يميل بكم إليه فإذا مال بكم إليه رأيتم صورتكم فيه. فمن تخيل منكم أنه رآه فما عرف، ومن عرف منكم أنه رأى نفسه فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى غير عالم وعالم. «وولده» وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري. والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الفكر.)
قال رضي الله عنه : « فقال نوح عليه السّلام في كلمته لقومه : " يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً " وهي المعارف العقليّة في المعاني والنظر الاعتباري »
يعني رضي الله عنه : إن أجبتموني إلى مقتضى التنزيه العقلي ، وحجبتم عن شهود التشبيه الشخصي ، أنزل الله عليكم من سماء العقل والروح صوب المعارف العقلية ، وأمطار المعاني الفكرية والتنزيهية .
قال رضي الله عنه : " وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ " أي بما يميل بكم إليه » .
يعني رضي الله عنه : إذا بلغتم مبلغ العلم العقلي ، فسوف يمدّكم بأيدي أيده الوهبيّ ، فأمالكم إليه عن تصوّر التفرقة الحجابية .
قال : « فإذا مال بكم إليه رأيتم صوركم فيه » يعني صور أعيانكم الثابتة فيه .
"فمن تخيّل أنّه رآه ، فما عرف ، ومن عرف منكم أنّه رأى نفسه فهو العارف " .
يعني رضي الله عنه : لأنّ المتجلَّي في صور أعيانكم الثابتة إنّما يتجلَّى بحسب خصوصياتها لا بحسبه بلا صورة خصوصية ، فالمعرفة الصحيحة بالربّ الحقّ إذن للعبد هي بعين المعرفة بعينه الثابتة وهي نفسه .
قال رضي الله عنه : « ولهذا انقسم الناس إلى غير عالم وعالم » .
يعني رضي الله عنه : فمن رأى الحقّ عينه ، رأى الحق ، ومن رأى أنّه رأى الحق ، فما رأى الحق ولا علمه .
قال رضي الله عنه : « وولده » وهو ما أنتجه له نظره الفكري ، والأمر موقوف علمه على المشاهدة ، بعيد عن نتائج الفكر إلَّا خسارا» .
يعني رضي الله عنه : لم يزد ماله الذي مال به وإليه عن الحق  وولده الذي هو من نتائج فكره العرفي العادي إلَّا خسارا ، لما أدّاه إلى التفرقة والصدع ، وأضلَّه عن الأحدية والجمع ، لأنّ الكمال في الشهود ، لا في الكفر والجحود .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (فقال نوح في حكمته لقومه: «يرسل السماء عليكم مدرارا» وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري، «ويمددكم بأموال» أي بما يميل بكم إليه فإذا مال بكم إليه رأيتم صورتكم فيه. فمن تخيل منكم أنه رآه فما عرف، ومن عرف منكم أنه رأى نفسه فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى غير عالم وعالم. «وولده» وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري. والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الفكر.)
قوله رضي الله عنه : ( فقال نوح عليه السلام في حكمته لقومه – " يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً " ) معناه أن نوحا عليه السلام لما رأى إجابتهم الفعلية بحكم مقامهم وحالهم ، حيث فهموا من الاستغفار طلب الستر ومن الغفران الستر وحملوا عليه قوله مستهزءين مستخفين لمنافاة حالهم حاله ، نزل عن مقامه ليمكر بهم فيهديهم من حيث لا يشعرون.
فتكلم بما ظاهره مناسب ما اختاروه من الظواهر ، وباطنه يناسب معقولهم الذي يتبعونه ويتلقونه بأفكارهم وعقولهم ، المشوبة بالوهم ، المحجوبة عن الفهم ، المشغولة عن نور القدس بظلمة عالم الرجس ، فقال – " يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً " - أي يستر الظلمات التي هي الصفات النفسانية والهيئات الفاسقة الجرمانية بنور الروح ، فيرسل من سماء العقل المجرد مياه العلوم.
( وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري ) المؤدى إلى الحقائق والمطالب النظرية (" ويُمْدِدْكُمْ " عند إدراككم المعارف العقلية والمعاني الكلية التنزيهية ، ويجردكم عن الغشاوى الطبيعية " بِأَمْوالٍ " - أي بما يميل بكم إليه ) من الواردات القدسية والكشوف الروحية والتجليات الشهودية الجاذبة إياكم إليه.
( فإذا مال بكم إليه ) أي جذبكم البارق القدسي والتجلي الشهودى إليه ( رأيتم صورتكم فيه ) كما مر ( فمن تخيل منكم أنه رآه فما عرف ) لأنه أكبر من أن يتجلى في صورة واحدة ( ومن عرف منكم أنه رأى نفسه ) أي رأى الحق في صورة عينه ( فهو العارف فلهذا انقسم الناس ) أي أهل الوجدان الذين هم الناس بالحقيقة ( إلى عالم باللَّه وغير عالم به ) .
كما هو الأمر عليه (وولده وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكرى ) أي ولما اشتد احتجابهم بالظواهر وتقيدوا بها كانت عقولهم مشوبة بالأوهام لم تتجاوز إلى المعارف المجردة الكلية في التنزيه عن مقتضيات أفكارهم العاديات والقياسيات العرفية المقيدة بالقيود الوهمية والتخييلية ، واحتجبت بالتعينات والتقيدات العقلية المطابقة لمدركاتها الوهمية والتخييلية والحسية في التقيد ( والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الفكر ) فأنكروا لما دعاهم إليه أشد إنكار واتبعوا معقولهم العادي.
فشكا نوح إلى ربه بقوله : " رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي واتَّبَعُوا من لَمْ يَزِدْه مالُه ووَلَدُه "  " إِلَّا خَساراً " أي اتبعوا من ينزه الله التنزيه التقييدى الفكرى الموجب تشبيهه تعالى بالأرواح في التقييد ، فلم يزده ماله .
أي علمه، ومعقوله الفكرى وولده أي ما أنتجه فكره في المعرفة ، فهو معتقده من إله مجعول متصور ، إلا خسارا بزوال نور استعدادهم الأصلي لاحتجابهم بمعقولهم.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (فقال نوح في حكمته لقومه: «يرسل السماء عليكم مدرارا» وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري، «ويمددكم بأموال» أي بما يميل بكم إليه فإذا مال بكم إليه رأيتم صورتكم فيه. فمن تخيل منكم أنه رآه فما عرف، ومن عرف منكم أنه رأى نفسه فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى غير عالم وعالم. «وولده» وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري. والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الفكر.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقال نوح في حكمته لقومه: "يرسل السماء عليكم مدرارا" وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري و "يمددكم بأموال" أي بما يميل بكم إليه. فإذا مال بكم إليه، رأيتم صورتكم فيه).
اعلم، أن السماء في الحقيقة عالم الأرواح، والأرض عالم الأجسام. ولا يفيض من عالم الأرواح إلا الأنوار الملكوتية والمعارف العقلية الموجبة للكشف واليقين، ليعتبروا بما حصل لهم ما لم يحصل ويؤمنوا بالحق وكمالاته بما أفاض عليهم من آياته.
فلما كان الأمر كذلك، أشار نوح إلى قومه وبين حكمة ما دعاهم إليه بقوله: (يرسل السماء عليكم مدرارا).
أي، يرسل الحق عليكم من السماء المعارف العقلية والعلوم الحقيقية، ويعطيكم النظر الاعتباري في الأشياء، ليستدلوا بوجودكم على وجود الحق، و بوحدتكم على وحدته، و بذواتكم على ذاته، وبما في عالم الشهادة، من الموجودات والكمالات،على ما في الغيب من العقول والنفوس وكمالاتهم. ويمددكم بأموال، أي، بتجليات حبية وجواذب جمالية، ليجذبكم إليه، ويوصلكم إلى مقام الفناء فيه،ويتجلى لكم بالتجلي الذاتي، وعند هذه التجلي تشاهدون أعيانكم في مرآة الحق.
وإنما فسر (الأموال) ب (ما يميل بكم إليه) تنبيها على أن (المال) إنما سمى مالا لميل القلوب إليه. وضمير (فيه) راجع إلى ما يرجع ضمير (إليه) وهو (الحق.)
قال رضي الله عنه : (فمن تخيل منكم إنه رآه، فما عرف، ومن عرف منكم إنه رأى نفسه، فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى عالم وغير عالم).
(الفاء) للتعقيب. أي، بعدأن رأى صورته في الحق من تخيل منكم أنه رأى الحق، فما عرف، لأن ذاته، من حيث هي هي، لا يمكن أن ترى. والرؤية إنما تحصل عند التنزل والتجلي بما يمكنأن يرى، كما قال، صلى الله عليه وسلم: (سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر) وشبه برؤية القمر. ومن عرف منكم أنه رأى نفسه وعينه، فهو العارف بالحقيقة.
والآخر ليس بعارف كامل مع أنه من أهل الكشف والشهود، كما مر في (الفص الشيثي.)
قال الشيخ رضي الله عنه (و (ولده) وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري، والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الأفكار إلا خسارا).
إشارة إلى قوله تعالى: " قال نوح،رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا". أي، إنهم عصوني ولم تقبلوا منى ما يوجب المشاهدة والعيان، واتبعوا عقولهم ونظرهم الفكري الذي (لم يزده ماله) وهو علومهم العقلية، و (ولده) وهو نتائجهم الحاصلة من تركيب قياساتهم العقلية، (إلا خسارا) أي، ضياعا لرأس ما لهم من العمر و الاستعداد.
وذلك لأن المقام مقام المشاهدة وهو فوق طور العقل، والعقل بفكره ونظره لا يصل إليه. فمن تصرف فيما جاءت الأنبياء به بعقله أو اعتقد أن الحكماء والعقلاء غير محتاجين إليهم، فقد خسر خسرانا مبينا.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (فقال نوح في حكمته لقومه: «يرسل السماء عليكم مدرارا» وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري، «ويمددكم بأموال» أي بما يميل بكم إليه فإذا مال بكم إليه رأيتم صورتكم فيه. فمن تخيل منكم أنه رآه فما عرف، ومن عرف منكم أنه رأى نفسه فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى غير عالم وعالم. «وولده» وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري. والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الفكر.)
قال رضي الله عنه : (فقال نوح في حكمته لقومه: «يرسل السماء عليكم مدرارا» وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري، «ويمددكم بأموال» أي بما يميل بكم إليه فإذا مال بكم إليه رأيتم صورتكم فيه. فمن تخيل منكم أنه رآه فما عرف، ومن عرف منكم أنه رأى نفسه فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى غير عالم وعالم. «وولده» وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري. والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الفكر.)
قال رضي الله عنه :  (فقال نوح في حكمته) أي: في بيان حكمة أمره بطلب الستر عن المحسوسات (لقومه) "يرسل السماء" [نوح: 11]، أي: سماء المبادئ العالية من الحضرة الإلهية والعقول المجردة، والأرواح الطاهرة الملكية "عليكم مدرارا" [نوح: 11])، أي: بأسرار الأسماء الإلهية والكونية، وهي المعارف العقلية عن العقول المجردة،
والمعاني المجردة عن الحضرة الإلهية (والنظر الاعتباري)، وهو الانتقال مما يرى في عالم الحس، أو عالم المثال إلى ما يناسبه عن حضرة الأرواح الطاهرة الملكية، ("ويمددكم بأموال" [نوح: 12]، أي: بما يميل بكم إليه) من تجليه (فإذا مال بكم إليه رأيتم صوركم فيه)؛ لأنه إنما يرى إذا فاضت منه صورة نورانية على العين الثابتة للرائي بما تناسب الحق.
وذلك مدد منه تعالى إياه بحسب استعداده الخاص الحاصل له عن الستر عن المحسوسات، فتنعکس تلك الصورة إلى مرآة الذات فيحجب عن رؤيتها حجب صور المرايا عن رؤية إجرامها، (فمن تخيل منكم) عند ذلك التجلي (أنه رآه ) .
أي: الحق من غير حجب صورته عن رؤيته، (فما عرف حقيقة) أمر التجلي، (ومن عرف منكم أنه رأى نفسه) في مرآته عند تجليه (فهو العارف) المطلع على حقيقة أمر التجلي.
قال رضي الله عنه :  (فلهذا) أي: فلانقسام أهل التجلي إلى من تخيل أنه رأى الحق، وإلى من يعرف، وإلى من لا يعرف، أنه لا يرى، وإنما يرى صورته في مرآته (انقسم الناس) كلهم (إلى عالم وغير عالم)؛ لأنه إذا تطرق الجهل إلى أهل التجلي فغيرهم أولی بذلك على أن أكثرهم يقلدونهم.
ثم قال نوح: "واتبعوا" [نوح: 21]، أي: قلدوا "من لم يزده ماله وولده" [نوح: 21]، أي: تجليه "إلا ځسارا" [نوح: 21]، إذ تخيل أنه رأى الحق فزعم أنه الإله، أو أنه على صورته فأمرهم أن يتخذوا صنما على صورته، ولكن لم يصرح به الشيخ نه استغناء عنه بما أشار إليه، وجاء للإشارة إليه بما هو عطف عليه وهو قوله: "وولده" [نوح: 21].
أي: واتبعوا یعنی: قلدوا من لم يزده (وولده، وهو ما أنتجه نظره الفكري) من المعارف العقلية، وهو وإن كان بمنزلة نور البصر؛ فلا يفيد بدون التنور بنور الشرع الذي هو بمنزلة نور الشمس ، ولو اجتمعا فلا يتم رفع الالتباس بدون نور الكشف.
لذلك قال: (والأمر) أي: أمر المعقولات (موقوف علمه) صافيا عن شوائب اللبس على المشاهدة الحاصلة بالتصفية، كما قال تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"[العنكبوت: 69] (بعيد عن نتائج العقل)  سيما إذا تجرد عن نور الشرع، وإذا كان في حق صاحب النظر هذا الحال لا جرم، ولم يزد في حق مقلده.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (فقال نوح في حكمته لقومه: «يرسل السماء عليكم مدرارا» وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري، «ويمددكم بأموال» أي بما يميل بكم إليه فإذا مال بكم إليه رأيتم صورتكم فيه. فمن تخيل منكم أنه رآه فما عرف، ومن عرف منكم أنه رأى نفسه فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى غير عالم وعالم. «وولده» وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري. والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الفكر.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فقال نوح في حكمته ) المترتّبة على الاستغفار مشيرا إلى غايته ( "يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً ") أي يفيض عليكم من سماء القدس وعلوّ التنزيه إذا توجّهتم نحوه بالاستغفار ذوارف الحقائق التنزيهيّة وطريق استحصالها من الاعتبارات العقليّة التي هي مبنى قواعد النظر.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهي المعارف العقليّة في المعاني والنظر الاعتباري ) الذي منه يكتسب تلك المعاني ويستحصل تلك النتائج .
(" وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ " أي بما يميل بكم إليه) من العلوم اليقينيّة والعقائد الراسخة المميلة قلوبكم نحوه ، (فإذا مال بكم إليه رأيتم صورتكم فيه) ، إذ من شأن الأمور اللطيفة الخالية عن الاختلافات الهيولانيّة والاعوجاجات الجسمانيّة ، الصافية عن صدء الغواشي الغريبة والعوارض المشخّصة الظلمانيّة ، أن يرى الناظر فيها صورته ، والعقائد العلميّة الكليّة لها تلك اللطافة بأتمّ وجه ، فهي إنما يظهر لأربابها صورتهم - لاغير .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن تخيّل منكم أنّه رأى) أي رأى الحقّ (فما عرف) الحكمة الإلهيّة لجهله بتلك الضابطة الكلَّية ، ( ومن عرف منكم أنّه رأى نفسه فهو العارف ، فلهذا انقسم الناس إلى عالم وغير عالم ) ،  وإلَّا فالكل قد استحصل عقيدة واعتكف عندها واطمئنّ بها .
ومما يؤيّد هذا ما قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا من لَمْ يَزِدْه ُ مالُه ُ " ( و " وَلَدُه " وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري ) بمقدمتيه المزدوجتين ازدواج الأبوين.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( والأمر موقوف علمه على المشاهدة ، بعيد عن نتائج الفكر " إِلَّا خَساراً " ) وضياعا لرأس المال ، يعني المقدّمات الحاصلة لهم والقواعد التي يميل إليها قلوبهم ويستنتجون بها العقائد ويستربحون بها الأموال .
وإذ كان ذلك في المعارف الإلهيّة مما لا يجدي بطائل ، وطريق النظر فيها منبتّ ما يفيض على السالك فيه بطلّ ولا وابل.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (فقال نوح في حكمته لقومه: «يرسل السماء عليكم مدرارا» وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري، «ويمددكم بأموال» أي بما يميل بكم إليه فإذا مال بكم إليه رأيتم صورتكم فيه. فمن تخيل منكم أنه رآه فما عرف، ومن عرف منكم أنه رأى نفسه فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى غير عالم وعالم. «وولده» وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري. والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الفكر.)
قال رضي الله عنه : (فقال نوح في حكمته لقومه: «يرسل السماء عليكم مدرارا» وهي المعارف العقلية في المعاني والنظر الاعتباري، «ويمددكم بأموال» أي بما يميل بكم إليه)
(وقال نوح عليه السلام) في بيان حكمته المقصودة له من الأمر بالاستغفار (لقومه "يرسل السماء ") : أي سماء الأسماء الإلهية الأرواح القدسية ("عليكم مدرارا " وهي)، أي المدرار من حيث ما نزل منها هي (المعارف العقلية في طور فهم المعاني) الباطنة عن المعاني الظاهرة (والنظر الاعتباري) الذي يعبر فيه من الظاهر إلى الباطن والصورة إلى المعنى.
وفي بعض النسخ والنظر بالاعتبار والمعنى واحد، وأما في طور فهم المعاني
الظاهرة النظر الغير الاعتباري المنتصر على الظاهر . فالمراد هي السحاب الكثير الدرور
قال رضي الله عنه : (فإذا مال بكم إليه رأيتم صورتكم فيه. فمن تخيل منكم أنه رآه فما عرف، ومن عرف منكم أنه رأى نفسه فهو العارف. فلهذا انقسم الناس إلى غير عالم وعالم. «وولده» وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري. والأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيد عن نتائج الفكر.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (ويمددكم بأموال أي بما يميل بكم إليه)، أي إلى الحق سبحانه من التجليات الحبية والجواذب الجمالية. فإن المال إنما سمي ما تميل القلوب إليه . (فإذا مال بكم إليه سبحانه) و أوصلكم إلى مقام الفناء فيه وتجلى عليكم بالتجلي الذاتي (رأيتم صورتكم فيه)، أي في الحق .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن تخيل منكم أنه رآه) أي الحق سبحانه (فما عرف) الأمر على ما هو عليه فإن الحق سبحانه أجل من أن تسعه صورة (ومن عرف منكم أنه رأى نفسه) في مرآة الحق أو الحق في مرآة نفسه لكن بقدر المرآة لا بحسب ما هو عليه في نفسه.
(فهو العارف) لا الأول الذي هو صاحب التخيل و إن كان هو أيضا صاحب الكشف والشهود ولما كان اعتقاد الأول أنه رأى الحق خيالا حقيقة له بخلاف الثاني.
قال رضي الله عنه في الأول : فمن تخيل و في الثاني فمن عرف (فلهذا انقسم الناس) الذين هم أصحاب الكشف والتجلي فإن من عداهم ليسوا بناس في الحقيقة. (إلى عالم) عارف بأن المرئي إنما هو صورته في الحق لا الحق (و) إلى (غير عالم)، يتخيل أن المرئي هو الحق سبحانه .
ثم أشار رضي الله عنه إني قوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام :"رب إنهم عصوني (واتبعوا من لم يزده ماله) وولده إلا خسارا" [ نوح: 21] فقال :
("وولده" وهو ما أنتجه لهم نظرهم الفكري) وقياسهم العقلي في معرفتهم الحق سبحانه تنزيها وتشبيها.
(والأمر)، أي أمر التنزيه والتشبيه في معرفة الحق سبحانه على ما جاء بها الأنبياء عليهم السلام (موقوف علمه على المشاهدة ) العيانية والتجليات الذوقية الوجدانية (بعيد جدا عن نتائج الفكر) العقلية والقياسات البرهانية. فلذلك لم تزدهم تلك النتائج  

.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: