الأحد، 30 يونيو 2019

الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الثالث السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الثالث السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الثالث السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة والثلاثون: الجزء الثالث
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و على قدم شيث‏ يكون آخر مولود يولد من هذا النوع الإنساني. وهو حامل أسراره، وليس بعده ولد في هذا النوع. فهو خاتم الأولاد. وتولد معه أخت له فتخرج قبله ويخرج بعدها يكون‏ رأسه عند رجليها. ويكون مولده بالصين ولغته لغة أهل‏ بلده. ويسري العقم في الرجال والنساء فيكثر النكاح من غير ولادة ويدعوهم إِلى اللَّه فلا يجاب. فإِذا قبضه اللَّه تعالى و قبض مؤمني زمانه بقي من بقي مثل البهائم لا يحِلُّون حلالًا و لا يحرمون حراماً، يتصرفون بحكم الطبيعة شهوة مجردة عن العقل و الشرع فعليهم تقوم الساعة.)
ولما تقرر وجوب مماثلة المبدء والختم ولزوم مطابقتهما ، وجب أن یکون الآخر من كل نوع مشتملا على جميع ما عليه الأول بالفعل والقوة .
(وعلى قدم شيث يكون آخر مولود يولد من هذا النوع الإنساني ) ضرورة أنه أول من ولد من الوالد الأكبر ، فآخر من انتهى إليه سلسلة المواليد لابد وأن يكون في موطن كماله وعلى قدم قراره .
وأنت عرفت مرادهم من هذا الاصطلاح فلا نعيده وإن ارتاب به بعض مستكشفي هذا الكتاب، حتى وقع في القول بأن شيث عليه السلام من القائلين بالتناسخ.
وعليه حمل قوله : (وهو حامل أسراره) ؛ وأنت عرفت تفصيل أولاد آدم ، وأن الذكر منهم هو الذي له الأسرار والعلوم الشهودية ، هذا بحسب مواقف شهوده من حيث أنه آخر الأولاد (وليس بعده ولد في هذا النوع ، فهو خاتم الأولاد).
وأما من حيث الوجود فلابد وأن يقارن وجوده مايماثل أصل القابلية التي تتولد مع شيث من الوالد الأكبر ، كما علم من حكمته ، لأن قابلیته مقدمة عليه ، وذلك بأن يولد (ويولد معه أخت له ، فتخرج قبله ، ويخرج بعدها ، يكون رأسه عند رجليها) لأن ظهوره إنما يمكن بعد تمام بروز القابلية عن الوالد الأكبر بقدميها الصورة والمعنى ، أي بأخرهما ، أو لأنه كما هو خاتم الأولاد فهو خانم هذا النوع من الظهور الكمالي والوجود الجمی فلابد وأن يماثل آدم بهذا الاعتبار.
كما صرح به الشيخ في عنقاء المغرب حيث قال : وإنما يولد معه أخته ، ليكون الاختتام مشابها للابتداء ، فإن خلق آدم کان أيضا مقارنا لخلق حواء " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم" .
أو لأنه لما كان منتهی ظهور هذه الصورة النوعية الاعتدالية الكمالية الواقعة في أقصى نهاية العدالة الحيوانية، لابد وأن يضاهي مبدأ ظهورها.
وأختها هي النفس الحيوانية، فإن النفس الناطقة الإنسانية إنما تتولد من أم موادها العنصرية معها بعد تمام ظهورها، ويكون رأس تسليمها عند رجلي قوتها الشهوة والغضبية، اللتين بهما يسلك مسالك متمناها في عرض أرض استعدادها.
ومما عرفت في التفرقة بين أولاد آدم   من أن الذين لهم الظهور بالصور الوجودية والقوة التامة المقدرة للنوع من التمكن عن اقتناص المعارف من الصور الوجودية كشفا، هم أبناء آدم.
كما أن الذين لهم الخفاء في الملابس الكونية، والضعف عن الاستكشاف من الصور المذكورة، بل انما يستنبطون علومهم من مكامن الحجب النظرية والحجج العقلية فهم بنات آدم أهل الحجاب.
ظهر لك أن الكامل الذي هو خاتم الأولاد إنما يخرج مع أخته صاحب العقل ، ورأس ظهوره تحت رجلي قوتيه النظرية والعملية ، اللتين بهما يسلك مسالکه .
وقوله : (ويكون مولده بالصين) إما لأنه لما كان في آخر ما أمكن من أجزاء الزمان مما يصلح لأن يكون ظرفا لتكون أفراد نوعه ، فالصين كذلك في المكان ، فإنه آخر ما أمكن أن يتكون فيه هذا النوع ؛ ولأنه واقع بین مبدأ شروق شمس الظهور المبينة للصورالكائنة ، المخفية للحقائق وما يختص بها من الستر والصور ، وشمال الشمول والجمعية المستدعية للعلوم ، وحصولها في طي الحجب بمساعي الجوارح ، متلبسة بالصور الكونية ، مستجلية بروابط المقدمات النظرية ، بدون توسل إلى تلك الصور الموضوعة من عند الأنبياء ، ولذلك ترى هنالك تلك الصور فيها مختفية ، ومن هاهنا تسمع فيه : "أطلبوا العلم ولو بالصين".
وفيه تلويح لفظي وعددي :
أما الأول فيما للحجب والقشور من الصيانة . وأما الثاني فلما فيه من الدلالة على النسب الكونية الحاجبة.
ومن خصائص الولي الخاتم اختفاؤها عند ظهوره، كما حققه صاحب المحبوب سلام الله عليه: "إنه تحلية النفس بقرية العكس". 
الأول لقوله تعالى: "ثم كلي من كل الثمرات " ، أي مرها وحلوها ، نافعها ومضارها .
والثاني لجعامتها، ومن ثمة ترى أحكام الطبيعة في حينه عالية وسلطان قوني الشهوة والغضب بالغا في الظهور لما أشير إليه.
 و أومي إلى ذلك بقوله: (ولغته لغة بلده) البعيد عن الظهور الوجودي وكمالاته الشهودية، على ما أرسل به بنو آدم من الأنبياء ، فلذلك لا ينتج كلامهم لقومهم الكوني ، الذين هم بنات آدم .
(ويسري العقم في الرجال والنساء ، فيكثر النکاح) الأظهاري بين الناكح الداعي والقابل الواعي ( من غير ولادة ) للكمال الإنساني ( ويدعوهم إلى الله فلا يجاب ).
( فإذا قبضه الله وقبض مؤمنی زمانه بقى من بقى مثل البهائم ، لا يحلون حلالا ) به يحلون محال ظهوره ومجالي شعوره ، ( ولا يحرمون حراما ) به يحرمون عنها.
(يتصرفون بحكم الطبيعة شهوة مجردة عن العقل) بإهمالهم شرائط بقاء النسل والحرث (والشرع) بإهمالهم شرائط محافظة النسب عن الاختلال والوهن .
فعند انطواء هذين المحليين في طوى جلال الزمان وحمى كماله طلعت على أهله شمس الظهور من مغرب إخفائها ، واختفت في مشرقها ومنصات جلائها .
(فعليهم تقوم الساعة) فإن من شأن الحكم الإلهي أنه إذا حان ظهور الثمرة وخروجها من الحبة المزروعة لابد من تفرق أجزائها وانقلاب أوضاعها ، وانعدام نضدها ونظمها ، فعند ذلك أمكن خروج الثمرة من مكامن قوتها و إمكانها إلى مجالي الخارج .
وتلك الحبة هي الشرع ، والثمرة هي الحقيقة المندمجة فيها ، فإذا تجردت الحبة عن صورتها الظاهرة التي هي الشرع ، وعن جمعيتها المزاجية التي هو العقل برز ما فيه من السنابل السبع، في كل سنبلة منها مائة حبة ، وهو المعبر عنه بالساعة .
ولتحقيق ذلك وبيان لميته كلام كاف وبرهان شاف في الكتاب ، من اهتدى إلى استكشاف ذلك فقد فاز من جلائل حقائق الوقت ولطائف خصائص المحبوب المراد بحظ والسلام .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و على قدم شيث‏ يكون آخر مولود يولد من هذا النوع الإنساني. وهو حامل أسراره، وليس بعده ولد في هذا النوع. فهو خاتم الأولاد. وتولد معه أخت له فتخرج قبله ويخرج بعدها يكون‏ رأسه عند رجليها. ويكون مولده بالصين ولغته لغة أهل‏ بلده. ويسري العقم في الرجال والنساء فيكثر النكاح من غير ولادة ويدعوهم إِلى اللَّه فلا يجاب. فإِذا قبضه اللَّه تعالى و قبض مؤمني زمانه بقي من بقي مثل البهائم لا يحِلُّون حلالًا و لا يحرمون حراماً، يتصرفون بحكم الطبيعة شهوة مجردة عن العقل و الشرع فعليهم تقوم الساعة.)
قال رضي الله عنه :  " و على قدم شيث‏ يكون آخر مولود يولد من هذا النوع الإنساني. "
قال رضي الله عنه :  (وعلى قدم شيث عليه السلام) بلي على قلبه في التهييء للتجليات الذاتية العطايا الرهبية (يكون آخر مولود يولد في هذا النوع الإنساني).
لأن مراتب الموجود دورية و كما أن شيث عليه السلام الذي كان أول مولود من سلسلة أولاد آدم المنتهية إلينا كان محلا للتجليات الذائية والعطايا الوهبية ينبغي أن يكون آخر مولود أيضا كذلك لتتم الدائرة بانطباق أولها على آخرها.
 قال رضي الله عنه: " أسراره، و ليس بعده ولد في هذا النوع. فهو خاتم الأولاد.
و تولد معه أخت له فتخرج قبله و يخرج بعدها يكون رأسه عند رجليها. و يكون مولده بالصين و لغته لغة أهل بلده. و يسري العقم في الرجال و النساء فيكثر النكاح من غير ولادة و يدعوهم إلى الله فلا يجاب.
فإذا قبضه الله تعالى و قبض مؤمني زمانه بقي من بقي مثل البهائم لا يحلون حلالا و لا يحرمون حراما، يتصرفون بحكم الطبيعة شهوة مجردة عن العقل و الشرع فعليهم تقوم الساعة."قال رضي الله عنه : (وهو حامل أسراره) من علومه وتجلياته لما ذكرنا.
(وليس) يولد (بعده ولد) آخر (في هذا النوع) الإنساني (فهو خاتم الأولاد ويولد معه) في بطن واحد (أخت له) .
كما أن شيث عليه السلام أيضا كان كذلك فإن حواء کانت تلد لآدم في كل بطن ذکرا وأنثى (فتخرج) أخته (قبله ويخرج) هو (بعدها) لأنه لو لم يتأخر عنها في الولادة لم يكن خاتم الأولاد.
 ويشبه أن تكون ولادة شيث عليه السلام مع اخته بعكس ذلك ليكون أول مولود (يكون رأسه عند رجليها ويكون مولده بالصين) أقصى البلاد.
قال رضي الله عنه : (ولغته لغة بلده ويسري) بعد ولادته (العقم في الرجال والنساء فيكثر النكاح من غير ولادة ويدعوهم إلى الله فلا يجاب) في هذه الدعوة (فإذا قبضه الله وقبض مؤمني زمانه بقي من بقي مثل البهائم).
فهم حيوانات في صور الإنسان لإظهار كمال الحقائق الحيوانية الطبيعية البهيمية والسبعية في الصورة الإنسانية لا على ما تقتضيه القابلية من حيث هي هي من غير وازع عقلي أو مانع شرعي.
(لا يحلون حلالا ولا يحرمون حراما ينصرفون بحكم الطبيعة شهوة مجردة) ، أي تشرف شهوة مجردة (عن العقل والشرع فعليهم تقوم الساعة) وتخرب الدنيا . وانتقل الأمر إلى الآخرة.
اعلم أن مراد الشيخ رضي الله عنه بخاتم الأولاد غير خاتم الولاية.
 فإن خانم الولاية المقيدة عند الشيخ هو الشيخ نفسه .
وخاتم الولاية المطلقة هو عيسى عليه السلام كما أومي إلى الأول وصرح بالثاني في مواضع متعددة من كلامه .
ولا يخفى أن هذه القصة لا تنطبق على حال واحد منهما .
ومن حمله على خاتم الولاية المطلقة فكان منشأ حمله أنه لما كان خاتم الأولاد حاملا لأسرار شيث عليه السلام لا بد أن يكون من الأولياء .
وإذا كان من الأولياء لم يتولد بعده ولي آخر يلزم أن يكون خاتم الأولياء ولیس الأمر كذلك.
 فإنه يمكن أن يكون تحقیقه بالولاية قبل نزول عیسى علیه السلام وظهوره بالولاية ويكون نزول عيسى عليه السلام في زمانه أو  زمان من بقي من مؤمني زمانه بعده ولا يتحقق أحد بعده بالولاية فيكون خاتما للولاية.
ثم اعلم أن مقصود الشيخ رضي الله عند بيان لدوام إفراد النوع الإنساني وختمهم وغير ذلك مما يتعلق به .
فحمل كلامه على ما يكون في النشأة الإنسانية على سبيل المضاهاة لما ذكره خروج عن المقصود فلهذا لا تشتغل به .



كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال رضي الله عنه : ( وعلى قدم شيث‏ يكون آخر مولود يولد من هذا النوع الإنساني.   وهو حامل أسراره، وليس بعده ولد في هذا النوع. فهو خاتم الأولاد. وتولد معه أخت له فتخرج قبله ويخرج بعدها يكون‏ رأسه عند رجليها.  ويكون مولده بالصين ولغته لغة أهل‏ بلده. ويسري العقم في الرجال والنساء فيكثر النكاح من غير ولادة ويدعوهم إِلى اللَّه فلا يجاب. فإِذا قبضه اللَّه تعالى و قبض مؤمني زمانه بقي من بقي مثل البهائم لا يحِلُّون حلالًا و لا يحرمون حراماً، يتصرفون بحكم الطبيعة شهوة مجردة عن العقل و الشرع فعليهم تقوم الساعة. )
قال المصنف رضي الله عنه : [وعلى قدم شيث يكون آخر مولود يولد من هذا النوع الإنساني. و هو حامل أسراره، و ليس بعده ولد في هذا النوع. فهو خاتم الأولاد، و تولد معه أخت له فتخرج قبله، و يخرج بعدها و يكون رأسه عند رجليها و يكون مولده بالصين و لغته لغة بلده و يسري العقم في الرجال و النساء فيكثر النكاح من غير ولادة و يدعوهم إلى الله، فلا يجاب فإذا قبضه الله و قبض مؤمني زمانه بقي من بقى مثل البهائم لا يحلون حلالا و لا يحرمون حراما، يتصرفون بحكم الطبيعة شهوة مجردة عن العقل و الشرع فعليهم تقوم الساعة].

قال الشارح رحمه الله :( و على قدم شيث يكون آخر مولود يولد من هذا النوع الإنساني )، لما كانت الدنيا لها بداية و نهاية و هي ختمها، قضى الله سبحانه أن يكون جميع ما فيها له بدء و ختم، و منه كان صلى الله عليه و سلم في النبوة و الرسالة بدءا و ختما .
ورد في الخبر: " إنما بعثت خاتما فاتحا " الحديث. رواه البيهقي في شعب الإيمان، ذكره السيوطي في جمع الجوامع .
و منه كان ختم الولاية خاتما فاتحا، فاقتضى الشأن و الأمر أن يكون للمنح و الأعطيات بدء و ختم، و كان فتحه شيث عليه السلام كما ذكرنا، فختم على مولود يولد على قدم شيث.
و ينطوي بساط انبساط تلك المنح بانطواء أهلها، فيكون الختم على قدم الفتح لأن الأمر دوري، ينعطف الآخر لطلب أوله، فافهم .
و إنما قال رضي الله عنه: (على قدم) و لم يقل: (على قلب) رعاية للأدب لأنه أقرب إلى الأدب و هو مقامهم الذي يرضون لأنفسهم .
و من هذا المقام قال صلى الله عليه و سلم : " أدّبني ربي فأحسن تأديبي"..
قال الشيخ رضي الله عنه: و الأدب مقامنا، و هو الذي أرتضيه لنفسي و لعباد الله.
ذكره في الباب الثالث و الستين و أربعمائة من الفتوحات:
( و هو حامل أعباء  أسراره )، و هي حقائق الأعطيات، و معارف و رقائق المعارف و الوهبيات على كواهل القابليات و الاستعدادات .
( و ليس بعده ولد يرث أباه في هذا النوع) الإنساني الكمالي، من هذا الجنس من الميراث، فيختم به الأمر فهو خاتم الأولاد، و كما أن الختم ينبغي أن يكون على قدم فتحه، فشيث كان مولودا مع أخته .
فقال: و كذلك الختم (تولدمعه أخت له )، فلا يكون إلا توأما ليكون الاختتام كالافتتاح، و لكن سبق أخته و خرج قبلها، لأنه في الاعتبار، و هو بمنزلة العقل الأول في الظهور.
و الأخت لها الدرجة الثانية في مرتبة النفس الكل، بخلاف هذا الخاتم الذي هو آخر مولود له مقام العود و الانقلاب، و الرجوع إلى الأصل.
ففي العود تسبق العرجاء (فتخرج قبله )، لأنّ صورة النفس في الترقي تسبق صورة العقل، و هو يتبعها (و يخرج بعدها) .
كان الفتح متنزلا في الترقي، و الختم تترقى في تنزله فتظهر أحكامه بعكس أحكامها .
( يكون رأسه عند رجليها )، كما كان في الفتح رأسها عند رجليه، فالرجلان إشارة إلى قوتيهما شهوانية و عصبية إذ بهما تمشي و تسعى لجلب المنافع و وقع المضار، كأنه رضي الله عنه أشار إلى أنّ مقام العقل عند انتهاء مراتب النفس، فإنها إذا اطمأنت فيكون ابتداؤه عند انتهائها و انتهاء قواها، فإنه يرجع قهقري .
و النفس لها ثلاث مراتب:
تسمّى فيها النفس أمّارة، فهي باعتبار غلبة قوى الحيوانية و البهيمية .
و لوامة حيث تنتبه و تلوم نفسها عند المخالفات، كأنها تخلط عملا صالحا و آخر سيئا، عسى الله أن يتوب عليها.
و المطمئنة و هي كالمقدمة لظهور العقل الأول و أحكامه، فلما يكمل استعدادتها و يتطهر مهبط وحيها لخطاب: يا أيتها النفس المطمئنة  (ارجعي إلى أصلك فإني جعلت تحتك سريا )، فيظهر العقل تحتها، و هو في السلوك قهقري .
( و مولده بالصين) أقصى البلاد المعمورة و أبعدها إلينا . فلهذا ورد في الحديث : " اطلبوا العلم و لو بالصين"
مبالغة في البعد، فالاعتبار أنه مولده أقصى مراتب الإمكان، و لنزل مراتب التنزلات الإلهية .
( و لغته لغة بلده) بلسان النهوانية على الفطرة الأصلية الأولية من العلوم الإلهية، و المعارف اللدنية، و من يكون مولده الطبيعة الكل يتكلم بكل لسان، و لسانه لا يكل .
من عرف الله طال لسانه: أي بكل لغة، (و يسري العقم في الرجال و النساء) من مولود من هذا الجنس بهذا الوجه .
فلهذا يسمّى المجذوب الأبتر: أبتر: أي ناقص من العقم، و هو العقيم عن النتيجة و التوليد، و لا يقال: إن ذكر أحد الزوجين كان كافيا في المدّعى، و هو عدم الولادة و العقم الساري في الوجود في هذا الجنس .

لأن الشيخ رضي الله عنه ذكر في الباب الثالث و السبعين من الفتوحات :إن من رجال الله واحدا في كل زمان لا يوجد غيره في مقامه، و هو يشبه عيسى عليه السلام متولد بين الروح و البشر، لا يعلم له أب بشري.
فهو مركب من جنسين مختلفين، و هو رجل البرزخ يكون مولده على هذه الصفة، فهو مخلوق من ماء أمه، خلافا لما ذكر عن أهل الطبائع، أنه لا يتكون من ماء المرأة ولد، بل الله على كل شي ء قدير. انتهى كلامه رضي الله عنه .
و كيف لا؟
و قد كذّب الله الطائفة الناقصة بعيسى عليه السلام، و أمّا وجود موجود بلا أب و لا أم قد يسبق في الأوهام ألوهية تكذيبه، مع إيمانه بأن ذلك من الممكنات، بل و قد وقع كوجود آدم، و ما ذاك إلا الوقوف و التخشّب مع المألوفات، و التحمل بالعادات.
قال تعالى: "كأنّـهُمْ خُشُبٌ مُسنّدةٌ" [ المنافقون: 5] .
( فيكثر النكاح ): أي بلا سفاح، فيدل على أن الإيمان الذي سبب بقاء الملك ما انقطع الآن، و لن ينقطع أنهم تقيدوا بالنكاح، فإن النكاح و هو عقد شرعيّ، و هم مؤمنون به، فافهم .
( من غير ولادة) تخفيفا من الله لا استخفافا . ورد في الخبر :
"خيركم في المائتين الخفيف الحاذ، قيل: يا رسول الله، و ما الخفيف الحاذ؟ قال: الذي لا أهل له و لا ولد" . رواه الخطيب و ابن عساكر عن حذيفة رضي الله عنه .
أما ترى قوله صلى الله عليه و سلم حين نظر إلى الحسن و الحسين رضي الله عنهما يمشيان و يعثران قال صلى الله عليه و سلم :
"صدق الله و رسوله إنما أموالكم و أولادكم فتنة، فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان و يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي و رفعتهما"  ، ذكره السيوطي في جمع الجوامع .
( و يدعوهم إلى الله تعالى فلا يجاب )، تصامموا عن دعوته لعلمهم بما يجب عليهم من إجابة دعوته، و إنما لم يجيبوا دعوته لما فيها من القرآن.
فإنه دعاهم بالاسم الجامع (الله )، و طلب منهم الجمع بين الكشف و الحجاب، فأبوا و لم يجيبوا داعي الله لأن الأمر عندهم فرقان و كشف بلا حجاب، و من أقيم في الفرقان صرفا لا يصغي إلى القرآن، و إن كان القرآن يتضمن الفرقان، و لكن الفرقان لا يتضمن القرآن.
و هم في شهود الجمع و الفرقان، صرفا لا يعرفون للقرآن طعما، أو نقول: إنه أغناهم أصباح العيان عن مصباح الإيمان على الحالين، مدحوا بلسان الذم، و لا يعلم ذلك إلا ذو حظّ عظيم، (فإذا قبضه الله، و قبض مؤمني زمانه) الذين آمنوا من قبل (بقي ما بقي) .
ورد في الحديث: " فيبقى شرار الناس في خفة الطير و أحلام السباع"  الحديث  .
في خفة الطير في المعاش و الميعاد، يخرجون خماصا و يرجعون بطانا، بعقول فطرية أصلية حيوانية، يتوصلون إلى مشتهاهمبلا كلفة التكليف، و حجر التشريع .
( مثل البهائم) في دوام الكشف و الشهود، فإنها على الكشف الفطري بلا حجاب كالملائكة .

قال الله تعالى: "لهُمْ قُـلوبٌ لا يفْقهُون بها ولهُمْ أعْينٌ لا يـبْصِرُون بها ولهُمْ آذانٌ لا يسْمعون بها أولئك كالْأنعاِم بلْ هُمْ أضل" [ الأعراف: 179]: أي في الحيرة و الهيمان .
اعلم أن البهائم أمم أمثالكم، لهم الكشف الفطري التام و الشهود العام، و كلها عند أهل الله حيوان ناطق، عالم قادر، متكلم سميع بصير، غير أن هذا المزاج الخاص المسمّى بالإنسان تميز بمزاج خاصّ، و وقع التفاضل بين الخلائق في المزاج .
قال رضي الله عنه: إن ما عدا النقلين من كل ما سوى الله على معرفة بالله، و وحي من الله، و علم بما تجلى له، مفطور على ذلك، بل هم أهل إلهام من الله و وحي .
.
يتبع

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: