السبت، 29 يونيو 2019

الفقرة التاسع والثلاثون الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة التاسع والثلاثون الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة التاسع والثلاثون الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


الفقرة التاسع والثلاثون : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمد محمود الغراب 1405 هـ:قال رضي الله عنه : (وهو الذي أعطى الوجود بذاته لهذا الحادث فانتسب إليه. "10"
ولما اقتضاه لذاته كان واجبا به. ولما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شي ء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح في الحادث وإن كان واجب الوجود ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه.
ثم لتعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث وذكر أنه أرانا آياته فيه فاستدللنا بنا عليه. "11" فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتي.
فلما علمناه بنا ومنا نسبنا إليه كل ما نسبناه إلينا.  وبذلك وردت الإخبارات الإلهية على ألسنة التراجم إلينا.
فوصف نفسه لنا بنا: فإذا شهدناه شهدنا نفوسنا، وإذا شهدنا شهد نفسه. ولا نشك أنا كثيرون بالشخص والنوع. "12"
وأنا وإن كنا على حقيقة واحدة تجمعنا فنعلم قطعا أن ثم فارقا به تميزت الأشخاص بعضها عن بعض، ولو لا ذلك ما كانت الكثرة في الواحد.
فكذلك أيضا، وإن وصفنا بما وصف نفسه من جميع الوجوه فلا بد من فارق، وليس إلا افتقارنا إليه في الوجود وتوقف وجودنا عليه لإمكاننا وغناه عن مثل ما افتقرنا إليه. فبهذا صح له الأزل والقدم الذي انتفت عنه الأولية التي لها افتتاح الوجود عن عدم.
فلا تنسب إليه الأولية مع كونه الأول ولهذا قيل فيه الآخر.)

10 - (هذا يرد كل ما جاء في فتاوى الإمام ابن تيمية من أن الشيخ لا يفرق بين الحادث والقديم ، وهو يقول في فتاويه « كما يقول صاحب الفصوص » راجع كتابنا « الرد على ابن تيمية ")
11 - (يشير إلى قوله "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق").
12 - (أي حقيقة الخلق تميزت بالأجناس، وحقيقة الإنسانية تميزت بالأشخاص.).

قال رضي الله عنه : (فلو كانت أوليته أولية وجود التقييد لم يصح أن يكون الآخر للمقيد، لأنه لا آخر للممكن، لأن الممكنات غير متناهية فلا آخر لها.
وإنما كان آخرا لرجوع الأمر كله إليه بعد نسبة ذلك إلينا، فهو الآخر في عين أوليته، والأول في عين آخريته. ثم لتعلم أن الحق وصف نفسه بأنه ظاهر باطن، فأوجد العالم عالم غيب وشهادة لندرك الباطن بغيبنا والظاهر بشهادتنا.
ووصف نفسه بالرضا والغضب، وأوجد العالم ذا خوف ورجاء فيخاف غضبه ويرجو رضاه.
ووصف نفسه بأنه جميل وذو جلال فأوجدنا على هيبة وأنس.
وهكذا جميع ما ينسب إليه تعالى ويسمى به. فعبر عن هاتين الصفتين باليدين اللتين توجهنا منه على خلق الإنسان الكامل لكونه الجامع لحقائق العالم ومفرداته.  فالعالم شهادة والخليفة غيب، ولذا تحجب السلطان.
ووصف الحق نفسه بالحجب الظلمانية وهي الأجسام الطبيعية، والنورية وهي الأرواح اللطيفة. فالعالم بين كثيف ولطيف، وهو عين الحجاب على نفسه، فلا يدرك الحق إدراكه نفسه. فلا فلا يزال في حجاب لا يرفع مع علمه بأنه متميز عن موجده بافتقاره.
ولكن لا حظ له في الوجوب الذاتي الذي لوجود الحق، فلا يدركه أبدا.
فلا يزال الحق من هذه الحقيقة غير معلوم علم ذوق وشهود، لأنه لا قدم للحادث في ذلك.
فما جمع الله لآدم بين يديه إلا تشريفا. ولهذا قال لإبليس: «ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي»؟ وما هو إلا عين جمعه بين الصورتين: صورة العالم وصورة الحق، وهما يدا الحق. "13"
وإبليس جزء من العالم لم تحصل له هذه الجمعية. ولهذا كان آدم خليفة فإن لم يكن ظاهرا بصورة من استخلفه فيما استخلفه فيه فما هو خليفة، وإن لم يكن فيه جميع ما تطلبه الرعايا التي استخلف عليها).

13 - قوله تعالى « ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي »
ما أضاف الحق آدم إلى يديه إلا على جهة التشريف والاختصاص على غيره والتنويه، لتعلم منزلته عند الله، فإنه لم يجمع سبحانه لشيء مما خلقه من أول موجود إلى آخر مولود وهو الحيوان بين يديه تعالى إلا الإنسان .
فلما جمع له في خلقه بين يديه ، علمنا أنه أعطاه صفة الكمال ، فخلقه کاملا جامعة ، ولهذا قبل الأسماء كلها ، وقد وردت الأخبار والآيات بتوحيد اليد الإلهية وتثنيتها وجمعها ، وما ثناها إلا في خلق آدم عليه السلام ، وهو الإنسان الكامل ، والتثنية لها درجة الكمال فهي برزخ بين الجمع والإفراد.
فلما أراد الله كمال هذه النشأة الإنسانية جمع لها بين يديه وأعطاها جميع حقائق العالم ، وتجلى لها في الأسماء كلها ، فحازت الصورة الإلهية والصورة الكونية ، وجعلها روحا للعالم .
فلو فارق العالم هذا الإنسان مات العالم ، كما تتعطل الدنيا بمفارقة الإنسان .
راجع الفتوحات ج2/ 4 , 67 , 498. - ج3 / 291.


قال رضي الله عنه : (لأن استنادها إليه فلا بد أن يقوم بجميع ما تحتاج إليه- وإلا فليس بخليفة عليهم. "14"
فما صحت الخلافة إلا للإنسان الكامل، فأنشأ صورته الظاهرة من حقائق العالم وصوره وأنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى.
ولذلك قال فيه «كنت سمعه وبصره» ما قال كنت عينه وأذنه: ففرق بين الصورتين.
وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود.
ولكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع. "15"
ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية.
و من هذه الحقيقة كان الافتقار من العالم إلى الحق في وجوده:
فالكل مفتقر ما الكل مستغن ... هذا هو الحق قد قلناه لا نكني
فإن ذكرت غنيا لا افتقار به ... فقد علمت الذي بقولنا نعني
فالكل بالكل مربوط فليس له ... عنه انفصال خذوا ما قلته عني).  

14 - الإنسان الكامل والخلافة
لابد للخليفة أن يظهر بكل صورة يظهر بها من استخلفه فلابد من إحاطة الخليفة بجميع الأسماء والصفات الإلهية التي يطلبها العالم الذي ولاه عليه الحق سبحانه ، فجعل الله الإنسان الكامل في الدار الدنيا إماما وخليفة ، وأعطاه علم الأسماء لما تدل عليه من المعاني .
وسخر لهذا الإنسان وبنيه وما تناسل منه جميع ما في السموات وما في الأرض ، فما حصل الإنسان الكامل الإمامة حتى كان علامه ، وأعطي العلامة ، وكان الحق إمامه.
ولا يكون مثله حتى يكون موجها كله ، فكله أمام فهو الإمام ، لا خلفة يحده ، فقد انعدم ضده ، وما اختص آدم بالخلافة إلا بالمشيئة، ولو شاء جعلها فيمن جعلها من خلقه.
لذلك قلنا لا يصح أن تكون إلا في مسي الإنسان الكامل ، ولو جمعها في غير الإنسان من المخلوقات ، لكان ذلك الجامع عين الإنسان الكامل ، فهو الخليفة - بالصورة التي خلق عليها .
الفتوحات ج3/442 ز ج4/45 , 385 , 442.

15 - ظهور العالم على صورة الحق
راجع رقم 3 الحب سبب وجود العالم

قال رضي الله عنه : (فقد علمت حكمة نشأة آدم أعني صورته الظاهرة.
وقد علمت نشأة روح آدم أعني صورته الباطنة، فهو الحق الخلق.  "16"
وقد علمت نشأة رتبته وهي المجموع الذي به استحق الخلافة.
فآدم هو النفس الواحدة التي خلق منها هذا النوع الإنساني.
وهو قوله تعالى: «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء».
فقوله اتقوا ربكم اجعلوا ما ظهر منكم وقاية لربكم،"17" واجعلوا ما بطن منكم، وهو ربكم،
وقاية لكم: فإن الأمر ذم وحمد: فكونوا وقايته في الذم واجعلوه وقايتكم في الحمد تكونوا أدباء عالمين.)

16 - الإنسان الكامل جامع لصورة الحق وصورة العالم
راجع رقم 4 خلق الله آدم على صورته

17 - التقوى والوقاية
لما كان المعنى في التقوى أن تتخذ وقاية مما ينسب إلى المتقي ، فإذا جاءت النسبة حالت الوقاية بينها وبين المتقي أن تصل إليه فتؤذيه ، فتلقتها الوقاية ، فلا أحد أصبر على أذى من الله .
وهي تحتاج إلى میزان قوي لأمور عوارض عرضت للنسبة تسمى مذمومة ، فيقبلها العبد ولا يجعل الله وقاية أديا ، فكل ما ينسب إلى المخلوق فهو فيه نائب عن الله .
فإذ وقع محمودا نسب إلى الله لأجل المدح ، فإن الله يحب أن يمدح ، كذا ورد في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن تعلق به ذم أو لحق به عيب لم ينسبه إلى الله ، هذا هو الأدب الإلهي الذي أدب به الله رسوله صلى الله عليه وسلم .
وليس الأدب خاصة، بأحد دون أحد ، فمن قبله سعد وكان ممن أدبه الله وانتمي إلى الله في الأدب ، وهو أحسن الأدب ، لاسيما فيما ينسب إلى الجناب الإلهي .
فلا ينبغي للأديب أن يتكل على المعنى، بل الأدب مراعاة الألفاظ فمن أدب الشريعة أدب الإضافة.
وكذلك فعل العالم العدل الأديب خضر "العبد الصالح الخضر عليه السلام" ، فکنی عن نفسه في إرادة العيب فقال:
"فأردت أن أعيبها" ، تنزيها أن يضيف إلى الجناب العالي ما ظاهره ذم في العرف والعادة .
وقال في المحمود « فأراد ربك » في حق اليتيمين .
وقال في موضع الحمد والذم « فأردنا » بنون الجمع ، لما فيه من تضمن الذم من قتل الغلام بغير نفس ، ولما فيه من تضمن الحمد في حق ما عصم الله بقتله أبويه .
فقال « فأردنا » وما أفرد ولا عين ، فالعارف يلزمه الأدب أن يضيف إلى الله كل محمود عرفا وشرعا، ولا يضيف إليه ما هو مذموم عرفا وشرعا، إلا أن جمع مثل قوله: "قل كل من عند الله" وكل يقتضي العموم والإحاطة ، وقوله: «فألهمها فجورها وتقواها» فالكشف والدليل يضيف إليه كل محمود ومذموم ، فإن الذم لا يتعلق إلا بالفعل ، ولا فعل إلا الله لا لغيره ، فالعارف في بدل الغلط ، فإن عقله يخالف قوله ، فقوله في المذموم ما هو له (أي ليس للحق ) ويقول في عقده وقلبه هو له ( الله خالق كل شيء ) عند قوله بلسانه ما هو له .
ج1/ 205 ,  ج2 / 158 , 481. ج4 / 67,247,319.


قال رضي الله عنه : (ثم إنه سبحانه وتعالى أطلعه على ما أودع فيه وجعل ذلك في قبضتيه:
القبضة الواحدة فيها العالم،والقبضة الأخرى فيها آدم وبنوه وبين مراتبهم فيه."18"
قال رضي الله عنه: ولما أطلعني الله سبحانه وتعالى في سري على ما أودع في هذا الإمام الوالد الأكبر. جعلت في هذا الكتاب منه ما حد لي لا ما وقفت عليه، فإن ذلك لا يسعه كتاب ولا العالم الموجود الآن. فمما شهدته مما نودعه في هذا الكتاب كما حده لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: )

18 - يدي الحق
يقول الشيخ رضي الله عنه في عروجه الروحاني واجتماعه بآدم عليه السلام : فالتفت فإذا أنا بين يديه وعن يمينه من نسم بنیه عینی ، فقلت له هذا أنا ، فضحك ، فقلت له فأنا بين يديك وعن يمينك.
قال نعم هكذا رأيت نفسي بين يدي الحق حين بسط يده ، فرأيتني وبني في اليد ورأيتني بين يديه. فقلت له فما كان في اليد الأخرى المقبوضة ،قال العالم.
قلت له فيمين الحق تقضي بتعيين السعادة .
قال نعم تقضي بالسعادة ، فقلت فقد فرق الحق لنا بين أصحاب اليمين وأصحاب الشمال .
فقال لي يا ولدي ذلك يمين ابيك وشماله ، ألا ترى نسم بني على يميني وعلى شمالي ، وكلتا يدي ربي يمين مباركة ، فبني في يميني وفي شمالي ، وأنا وبني في يمين الحق ، وما سوانا من العالم في اليد الأخرى الإلهية .
الفتوحات ج3 / 345.

قال رضي الله عنه : (حكمة إلهية في كلمة أدمية ، وهو هذا الباب .
ثم حكمة نفثية في كلية شيئية .
ثم حكمة سبوحية في كلمة نوحية .
ثم حكمة قدوسية في كلمة إدريسية .
ثم حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية ..
ثم حكمة حقية في كلمة إسحاقية .
ثم حكمة علية في كلمة إسماعيلية .
ثم حكمة روحية في كلمة يعقوبية .
ثم حكمة نورية في كلمة يوسفية .
ثم حكمة أحدية في كلية هودية .
ثم حكمة فاتحية في كلمة صالحية .
ثم حكمة قلبية في لمة شعيبيئة .
ثم حكمة ملكية في كلمة لوطية .
ثم حكمة قدرية في كلمة عزيرية .
ثم حكمة نبوية في كلمة عيسوية.
ثم حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .
ثم حكمة وجودية في كلمة داودية .
ثم حكمة نفسية في كلمة بونسية .
تم حكمة غيبية في كلمة أيوبية .
ثم حكمة جلالية في كلمة يحياوية .
ثم حكمة مالكية في كلمة زکریاوية .
ثم حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .
ثم حكمة إحسانية كلمة لقمانية .
ثم حكمة إمامية في كلمة هارونية .
ثم حكمة علوية في كلمة موسوية .
ثم حكمة صمدية في كلمة خالدية .
ثم حكمة فردية في كلمة محمدية .
وفص كل حكمة الكلمة التي ننسب إليها . فاقتصرت على ما ذكرته من هذه الحكم في هذا الكتاب على حد ما ثبت في أم الكتاب . فامتثلت ما رسم لي ، ووقفت عند ما حدا لي ، ولو رمت زيادة على ذلك ما استطعت ، فإن الحضرة تمنع من ذلك والله الموفق لا رب غيره . ومن ذلك :  ).
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: