الأحد، 30 يونيو 2019

الفقرة السابعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة و العشرون : الجزء الثاني
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال رضي الله عنه : فما في الحضرة الإلهية لاتساعها شي‏ء يتكرر أصلًا.  هذا هو الحق الذي يعوَّل عليه.
و هذا العلم كان علم شيث عليه السلام، و روحه هو الممد لكل من يتكلم في مثل هذا من الأرواح ما عدا روحَ الخاتم‏ فإِنه لا يأتيه المادة إِلا من اللَّه لا من روح من الأرواح، بل من روحه تكون المادة لجميع الأرواح، و إِن كان لا يَعْقلُ ذلك من نفسه في زمان تركيب جسده العنصري.  فهو من حيث حقيقته و رتبته عالم بذلك كله بعينه، من حيث ما هو جاهل به من جهة تركيبه العنصري. )
قال المصنف رضي الله عنه :  [فما في الحضرة الإلهية لا تساعها  شيء يتكرر أصلا هذا هو الحق الذي يعول عليه.]

قال الشارح رضي الله عنه :
(فما في الحضرة الإلهية لاتساعها شيء يتكرر أصلا) .
فمن هنا قال أبو طالب المكّي قدّس سره في قوت القلوب:
لا تكرار في التجلي الإلهي، و ذلك لوسعة حضرة أسماء المتجلي، وسعة قبول المتجلي له، وكثرة العطايا والمنح، فما تجلى في صورة واحدة فلا يزال في جمال جديد في كل تجلّ، كما لا يزال في خلق جديد، فله التحول دائما أبدا .
فلولا الحدود ما تميز أمر من أمر، ولكن التشابه إذا أغمض جدّا وقعت الحيرة، وخفي الحد فيه، فإنّ شخصيات النوع الواحد متماثلة بالحد، متميزة بالشخص، فلا بدّ من فارق في المتماثل بالحد، ويكفيك أن جعلته مثله لا عينه .
( هذا هو الحق ): أي العلم بأنه لا تكرار في التجلي،هو العلم الحق، كما أشار إليه تعالى في قوله: "بلْ هُمْ في لبْسٍ مِنْ خلْقٍ جدِيدٍ" [ ق: 15].
وكما قالت بلقيس: "قالتْ كأنّهُ هُو" [ النمل: 42]، كأنها كانت عالمة به أم لها حدس من نفس السؤال، فإن السائل حيث سأل أعطاها الجواب في عين سؤاله إياها.
حيث قال: أهكذا عرشك، وما قال: هذا عرشك، كأنه لقّنها الجواب، فهذا من مقام قوله تعالى: "ما غرّك بربِّك الكريمِ" [ الانفطار: 6] .
فإنه تلقين جواب في عين السؤال من العناية التي له تعالى بعبده، فافهم (الذي يعول عليه )، فينبغي أن تعلم أن الأسماءالإلهية غير متناهية، ومظاهرها حقائق الممكنات غير متناهية، فالمعطي غير متناه .
لا كما قاله صاحب الذوق المقيد، لمّا رأى التكرار كتكرار الأيام والليالي والشهور.
فقال: بالدور، والذي ما يقول بالتكرار لا يقول بالدور بل يسمّى النهار الجديد و الليل الجديد، و ليس عنده تكرار جملة واحدة.
فالأمر عنده له بدء و ليس له غاية، كما فهمت من تفصيلنا آنفا .

فما حجب أهل الدور أن يقولوا: كمال أوسع الكشوف إلا قوله: "و إليْهِ تُـرجعون" [ البقرة: 245]، فسمّاه رجوعا و ذلك لكونه يشغلهم عنه بالنظر إلى ذواتهم، و ذوات العالم عند صدورها من الله .
فإذا وفوا النظر فيما وجد من العالم تعلقوا بالله، فتخيلوا أنهم رجعوا إليهم من حيث صدورهم عنه، و ما علموا أن الحقيقة الإلهية التي صدروا عنها.
و إنما نظروا لكونهم رجعوا إلى النظر في الإله بعد ما كانوا ناظرين في نفوسهم، لما لم يصح أن يكون وراء الله مرمى.
فما قال: بالدور إلا من جهل ما يخلق فيه على الدوام والاستمرار، ومن لا علم له بنفسه ولا علم له بربه .
قال بعض العارفين في هذا المقام: النفس بحر لا ساحل له، يشير إلى عدم التناهي، فافهم .

قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : [و هذا العلم كان علم شيث عليه السلام و روحه هو الممد لكل من يتكلم في مثل هذا من الأرواح ما عدا روح الخاتم فإنه لا تأتيه المادة إلا من الله لا من روح من الأرواح، بل من روحه تكون المادة لجميع الأرواح . و إن كان لا يعقل من نفسه في زمان تركيب جسده العنصري . فهو من حيث حقيقته و رتبته عالم بذلك كله بعينه، من حيث ما هو جاهل به من جهة تركيبه العنصري .]
قال الشارح رضي الله عنه :
( و هذا العلم ): أي العلم بالأعطيات على التفصيل المذكور بتقاسيمها و أنواعها و أصنافها، يتحدد أمثالها، (كان علم شيث عليه السلام )، و كان عليه السلام فتح باب هذا الجنس من التجليات و العلوم، و كان عليه السلام أوّل منح أعطى لآدم عليه السلام.
(و روحه هو الحمد لكل من يتكلم في مثل هذا من الأرواح) لأن روحه عين تلك النسب المخصوصة ألوهيته و ذلك لأنه إذا أخذتها تفصل بالحدود المخصوصة فوجدتها بالتفصيل نسبا خاصة، و بالمجموع أمرا وجوديا يسمّى روحا و جسدا أو جسما .
وهذا بعينه ما قالوا أنّ الأجسام أعراض مجتمعة في عين واحدة، و صارت جسما،
و من هذا الذوق ما قال رضي الله عنه في الباب السادس والأربعون وأربعمائة في معرفة منازلة في تعمير نواشئ الليل فوائد الخيرات:
قال الله تعالى : "إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ" وقال:"إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وأَقْوَمُ قِيلًا " .
ولما سألت عائشة عن خلق رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قالت: "كان خلقه القرآن"
وإنما قالت ذلك لأنه أفرد الخلق ولا بد أن يكون ذلك الخلق المفرد جامعا لمكارم الأخلاق كلها ووصف الله ذلك الخلق بالعظمة كما وصف القرآن في قوله والْقُرْآنَ الْعَظِيمَ فكان القرآن

خلقه فمن أراد أن يرى رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ممن لم يدركه من أمته فلينظر إلى القرآن فإذا نظر فيه فلا فرق بين النظر إليه وبين النظر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم .
فكان القرآن انتشا صورة جسدية يقال لها محمد بن عبد الله بن عبد المطلب والقرآن كلام الله وهو صفته .
فكان محمد صفة الحق تعالى بجملته فـ "من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله" لأنه لا ينطق عن الهوى فهو لسان حق فكان صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ينشئ في ليل هيكله وظلمة طبيعته بما وفقه الله إليه من العمل الصالح الذي شرعه له صورا عملية ليلية.
لكون الليل محل التجلي الإلهي الزماني من اسمه الدهر تعالى يستعين بالحق لتجليه في إنشائها على الشهود وهو قوله تعالى إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ولم تكن هذه الصور إلا الصلاة بالليل دون سائر الأعمال وإنما قلنا بالاستعانة لقوله تعالى :"قسمت الصلاة بيني وبين عبدي" . وقوله: "اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ" .
ولا يطلب العون إلا من له نوع تعمل في العمل وهو قوله :"وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ".
فكن أنت يا وارثه هو المراد بهذا الخطاب في هذا العمل فيكون محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ما فقد من الدار الدنيا .
لأنه صورة القرآن العظيم فمن كان خلقه القرآن من ورثته وأنشأ صورة الأعمال في ليل طبيعته فقد بعث محمدا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم من قبره .
فحياة رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بعد موته حياة سنته ومن أحياه فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً فإنه المجموع الأتم والبرنامج الأكمل .أهـ
و قال رضي الله عنه في كتابه الإسفار عن نتائج الأسفار:
إن الإنسان الكامل على الحقيقة هو القرآن، نزل من حضرة قدسه إلى حضرة قدسه، والقرآن حق وبحقيقته هو صلى الله عليه وسلم. انتهى كلامه .

و قال رضي الله عنه في الفتوحات:
إن أعيان الموجودات إذا فصلتها بالحدود وجدتها بالتفصيل نسبا، و بالمجموع أمرا وجوديا، و لا يمكن المخلوق أن يعلم صورة الأمر فيها، و لا يقبل التعليم و التعريف من الله لأنه ذوق، فأشبه العلم بذات الله تعالى . و العلم به محال حصوله لغيره، فمحال حصول هذا العلم لغيره تعالى.

قال رضي الله عنه في الباب الرابع و التسعين و ثلاثمائة من الفتوحات:
هذه المسألة ما أحد نبه عليها، فإنها صعبة التصور، بل و لا يدري ذلك إلا من وقع له الإسراء التجلي، وهو إسراء حل تركيبهم، فيوقفهم بهذا الإسراء على ما يناسبهم من كل عالم، بأن يميز بهم على أصناف العالم المرّكّب و البسيط، فيترك مع  كل عالم من ذاته ما يناسبه .
وصورة تركه معه أن يرسل الله بينه و بين ما ترك حجابا، فلا يشهده، و يبقى له ما بقى هكذا هكذا، حتى يفنى منه كل الأجزاء الكونية، و يبقى بالسرّ الإلهي الذي هو الوجه الخاص الذي من الله له، فإذا بقى وحده رفع عنه حجاب الستر، فيبقى معه تعالى كما بقى كل شي ء منه مع مناسبة، فيبقى العبد في هذا هو لا هو .
فإذا بقى هو لا هو أسري به من حيث هو إسراء معنويا لطيفا فيه لأنه في الأصل على صورة الحق ليريه من آياته فيه، فإذا رجع إلى عالم الحسّ عاد لتركب ذاته، فما زال يمر بهم على أصفاف العالم، و يأخذ من كل عالم ما ترك عنده في ذاته، فلا يزال يظهر طورا بعد طور إلى أن يصل إلى أرض طبعه، فرأى نفسه معاني مجسدة، و هذا طريق معرفة هذه المسألة، فافهم .
فإذا عرفت هذا أن المعاني و علوم المنح تجوهرت و تجسّدت، و صارت روحا خاصّا مسمّى بشيث يعني: تجوهرت العطايا على صورة شيث، فكل روح لا ينال منها إلا بها، فإنه عليه السلام عينها، و أول تعين لهذا التجلي الخاص، فافهم .

( ما عدا روح الختم )، "وفوق كُل ذِي عِلْمٍ علِيمٌ" [ يوسف: 76] لأن روحه خاتم الأرواح، وهو يشرف على الكل، ولا يشرفون عليه، وإلا يكون ختما، وهو ختم الله الدوائر الكمالية، وصاحب أوسع التجليات، فيحيط ولا يحاط .
و بيان ذلك أنّ نهاية الأرواح الكمالية البشرية رؤية الغاية و النهاية، والختم لا نهاية له، و الله من ورائهم محيط لأن الصورة الإلهية به كملت، وفيه على الكمال شهدت، فهو حسبه كما هو حسبه.
و لهذا كان خاتم الكمال، و فاتح المقصود، و ما وراء ذلك إلا العدم المحض، الذي ما فيه حق و لا خلق، فافهم .
فلا يأخذ الختم إلا من الله الحق، (فإنه لا يأتيه المادة إلا من الله )، من الوجه الخاص المختص به، فلمّا قال: إن الرّوح شيث مهد الأرواح، سوى روح الخاتم، كان يوهم أن روح الختم لا يأخذ منه و لا يعطيه، فاضرب عن هذا .
و قال(بل من روحه تكون المادة لجميع الأرواح ): أي بل يأخذ روح شيث و غيره من الأرواح من روح الخاتم، قبل التعلق بالأجسام، و بعد التعلق بها، و بعد المفارقة عنها لأنه عين القلم الأعلى، و له الأسفل و الأعلى، بل القلم من أجزائه.

كما قال صاحب البردة في قصيدته :
فإنّ من جودك الدّنيا وضرتها   ...... ومن علومك علم اللوح والقلم
جعل ما ظهر من اللوح والقلم من العلم: أي من بعض علومه صلى الله عليه و سلم، و ليس من مبالغة شعرية، كما هي عادة الشعراء، بل هي بيان واقع في نفس الأمر لأنهما جزئية صلى الله عليه و سلم، بل أن الله قد أودع اللوح المحفوظ علمه في خلقه بما يكون منهم إلى يوم القيامة، و لو سئل اللوح:  ما فيك أو ما خطّ القلم فيك؟ ما علم ذلك .
وهكذا الأمر في الوارث الحقيقي، و صاحب الأسوة التحقيقي، ختم الختم، فإنه ما فتح  شيء إلا وقد ختم به .
قال رضي الله عنه: فمن فهم عن الله و أنصف من نفسه، فهم ما ذكرناه في بيان أخذ العلم الإلهي سابقا، و مراتب الأخذ على ما قررناه لاحقا، و علم ما قلنا، بل فهم ما بيناه، و من تعسف و أعرض و لم ينصف، "و طبع على  قُـلوبهِمْ فهُمْ لا يفقهُون" [ التوبة : 87]..
(و إن كان لا يعقل )، شيث أمثاله (ذلك) الأخذ و الإمداد (من نفسه).
هذا من مقام اللطف الخفي، فإن سريانه خفيّ عن الأبصار و البصائر من قوة التحول في الصورة و المعاني، فإليّ إشارة، و ليتلطف و لا يشعرنّ بكم أحدا.
وعن هذا اللطف قال خاتم الولاية المحمدية رضي الله عنه في حضرة اللطف من الفتوحات:
إنه نال منه في خلقه الحظ الوافر، بحيث قال: إني لم أجد فيمن رأيت وضع قدمه فيه حيث وضعت إلا إن كان وما رأيته، لكني أقول أو أكاد أقول: إنه إن كان ثمّ فغايته أن يكون معي في درجتي فيه .
و إمّا أن يكون أتمّ فما أظن ولا أقطع على الله تعالى، فأسراره لا تحدّ، و عطاياه لا تعدّ.
(في زمان تركيب جسده العنصري )، فأنساه الحق ذلك كما أنساه شهادتها بالربوبية في أخذ الميثاق، مع كونه وقع بحضرة جملة من الأرواح القاهرة و الملائكة و النفوس، و عرفنا ذلك بالإعلام الإلهيّ، و التعريف الرباني، و لا يجحده إلا كافر عنيد .
بل علم الإنسان دائما أبدا إنما هو تذكر لأنه قد علم كل  شيء في عالم روحانيته و نسى، فمنهم من إذا ذكر تذكّر، ولكنيؤمن به أنه قد كان شهد بذلك.
إنما قال رضي الله عنه: الجسد و لم يقل الجسم إشارة إلى أن الأمر برزخي، كما في عالم المثال و عالم الآخرة .
و الأجسام هي المعروفة في العموم لطيفها و كثيفها و شفافها، ما يرى منها و ما لا يرى.
و الأجساد هي ما يظهر فيها الأرواح في اليقظة الممثلة في صور الأجسام، و ما يدركه النائم في نومه من الصور المشبهة بالأجسام، فيما يعطيه الحسّ، و هي في نفسها ليست بأجسام.

هكذا ذكره الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات:
( فهو: أي) شيث عليه السلام و أمثاله من حيث حقيقته و رتبته عالم بذلك (بعينه ):
أي فهو عالم بعينه (من حيث ما هو جاهل به من جهة تركيبه العنصري ): أي متعلق، و الجهل أمر واحد، و هو الأمر الذي هو به يقول: أنا في زمان واحد، و باعتبار واحد لا باعتبارين، كما تبادر إلى بعض الأفهام .
و بيان ذلك أنه إذا تحلل الإنسان في معراجه إلى ربه، وأخذ كل كون منه في طريقه السلوك إلى المبدأ ما يناسبه لم يبق منه الأسرة.
و إن شئت قلت: وجهه الذي عنده من الحق، فيعلم به كل  شيء لأنه قواه وسمعه وبصره، وإذا رجع من هذا المشهد الأسني إلى تركيبه وصورته التي كانت تحللت في عروجه، وردّ  العالم إليه جميع ما أخذه منه مما يناسبه، فاجتمع و رجع من علمه إلى جهله، كما كان قبل العروج، فيعلم باليقين أنه عالم جاهل .
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: