الأحد، 30 يونيو 2019

الفقرة الثانية والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية و العشرون : الجزء الثاني
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال رضي الله عنه :  ( ففاز محمد صلى اللَّه عليه وسلم بالسيادة في هذا المقام الخاص. فمن فهم المراتب و المقامات لم يعسر عليه قبول مثل هذا الكلام.
و أما المنح الأسمائية فاعلم‏ أن مَنْحَ اللَّه تعالى خلقه رحمةٌ منه بهم، و هي كلها من الأسماء. فإِما رحمة خالصة كالطيِّب من الرزق اللذيذ في الدنيا الخالص يوم القيامة، ويعطى ذلك الاسمُ الرحمنُ. فهو عطاء رحماني. )
قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : ( ففاز محمد صلى الله عليه و سلم بالسيادة في هذا المقام الخاص فمن فهم المراتب و المقامات لم يعسره قبول مثل هذا  الكلام. )

قال الشارح رحمة الله :
فإن الرحمن ما شفع عند المنتقم في أهل البلاء إلا بعد شفاعة الشافعين قال تعالى: "ما مِنْ شفِيعٍ إلّا مِنْ بعْدِ إذْنهِ" [ يونس: 3]، (ففاز محمد صلى الله عليه و سلم بالسيادة في هذا المقام الخاص) المتصف بالتقدم على الأسماء الإلهية، (فمن فهم المراتب) إنها كلها لله رفيع الدرجات و المقامات، إنها كلها لظهور حقيقة الحقائق المسمّاة بالحقيقة المحمدية في إجمالها و تفصيلها.

(لم يحسر عليه قبول مثل هذا الكلام ): أي إنّ أخذ الكل من الختم لأن الجاهل بحقيقة الأمر يظن أن هذا كمال يثبت لغير الله و رسوله، و لا غير في جميع المراتب بل ظهورات حقيقة واحدة إجمالا و تفصيلا، و تفصلا و إجمالا و لكن هنا جزئية أخرى، فسأذكرها لك على سبيل الإشارة، قوله تعالى: "وإنّها لكبيرٌة إلّا على الخاشِعِين" [ البقرة: 45] لعلك أن تتذكر أو تخشى، و هي أنه كل تجلّ تأخر وجوده في الظهور، فإذا ظهر يتضمّن جميع

ما مضى من التجليات و العلوم، فإن ... الآخر كل الأول مع الزيادة، و من هنا قيل: لو أقبل مقبل على الله ألف سنة، ثم أعرض عنه ساعة، فالذي فاته أكثر مما ناله .
من هنا برقت بارقة أن الولاية الطامة أتم من النبوة التامة لأنها آخر الدورة من التجليات الكمالية، وانختم الأمر بها، فافهم  .
و ذلك لهذا السر الذي أو مأت إليه، فافهم و لا تكن الغليظ القدم الأبهم، فإن أمثال هذه الأسرار من لسان الحقائق، فلا تتقيد .

قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : (وأما المنح الأسمائية فاعلم أن منح الله تعالى خلقه رحمة منه بهم، و هي كلها من الأسماء. فأما رحمة خالصة كالطيب من الرزق اللذيذ في الدنيا الخالص يوم القيامة، و يعطى ذلك الاسم الرحمن فهو عطاء رحماني )

قال الشارح رضي الله عنه:
فلما جعل رضي الله عنه المنح و العطايا على قسمين: ذاتية و أسمائية، و فرغ من بيان الذاتيات و أحكامها، فأراد أن يذكر أحكام المنح الأسمائية.
فقال : ( و أما المنح الأسمائية ): أي الصادرة من الأسماء، و حضرات العطايا الأسمائية كثيرة، كالوهب و الجود و الكرم و السخاء و الإيثار، و هو عطاء الفتوة، و سيجي ء بيانها في المتن .
و عجّلت إليك أيها الطالب بذكر هذا التفصيل :
فالوهب: عطاء بمجرد الإنعام، و هو الذي لا يقترن به طلب معاوضة، و لا يريد جزاء و لا شكورا .
و الكرم: عطاء بعد السؤال .
و الجود: عطاء قبل السؤال .
و السخاء: عطاء بقدر الحاجة .
و الإيثار: عطاء ما هو  المعطي محتاج إليه في الحال و الاستقبال .
و لكل عطاء اسم إلهي إلا الإيثار، و هذا العطاء من أغمض الأعطيات و المنح، و أصنعها تصورا في الإلهيات .
قال رضي الله عنه في الفتوحات :
إن هذا الذي يسمّى إيثارا يمنعه جميع الناس، إلا نحن نقول به، و ما رأينا أحدا أثبت هذا في الإلهيات، و ما يثبته إلا من علم معنى اسمه الغني. انتهى كلامه رضي الله عنه .

و كيف لا؟! و قد ظهر لأرباب الشهود، و صرّح به أصحاب الوجود، إنه ما من شي ء في الوجود إلا له استناد إلى أصل إلهيّ، و هو نظيره في الإلهيات، و الله مستند ذلك الفرع بل هو  كله بهذا هو مد الظل .
فالإيثار الذي في الكون يطلب الاستناد و لا بدّ، فما يكون و كيف تصوره في الإلهيات، فاعلم أنه ثبت في الصحيح أن العبد يصل بالاتباع: أي باتباع السّنة إلى مقام المحبة، كما جاء في الأثر : "فاتبعوني يحببكم الله"  

ومن المحبة إلى مقام قرب النوافل حتى تكون هوية الحق عين قواه من مقام: " كنت سمعه و بصره " ، وهو سبحانه غني لذاته الذي لا يمكن إزالته عنه، فإذا أقام العبد في هذا المقام فقد أعطاه صفة الغنى عنه وعن كل شي ء لأن هويته هي أعيان قوى هذا العبد المغتني المقتني.
وليس ذلك في تقاسيم العطاء، إلا الإيثار فقد أثر عبده بما هو له، و لما كان الإيثار فضلا يرجع إلى المعطى المؤثر كان الحق سبحانه أحق بصفة الفضل، فعطاء الإيثار أحق في حق الحق، و أتم في حق الخلق، فافهم .

و إذا عرفت هذا اعلم أن المنح الأسمائية: أي المنح الأسمائية و عطائها (خلقه رحمة منه بهم )، بل من حضرة المنح و العطايا أوجد العالم، و أنزل النواميس و الشرائع، فهي الخير المحض بما فيها من الأمور المؤلمة المنازعة، لا يتعلق به الأعراض النفسية التي خلقها الله بالرحمة، كخلق الأدوية الكريمة البعضية للمزاج الخاص، و أغرب من ذلك أن المزاج الصحيح المعتدل بخروجه عن الاعتدال، و وقوعه في الانحراف و المرض، قد يلتذ بأكثر من صحيح المزاج، كمن يلتذ بالحكاك قريب الإنزال، و يعرف ذلك من ذاقه و جربه، إنه يمكنه أن يدرك مطلوبه بأمر غير ملائم المزاج، فافهم .

فهذا كله عطاء إلهي كلا نمد هؤلاء، و هؤلاء أصحاب الجنة، و هؤلاء أصحاب النار، من عطاء ربك، فعم الجميع معاختلاف الأذواق، و ما كان عطاء ربك محظورا: أي ممنوعا لإحدى الطائفتين، واحد يريد اللذة في الجنان فأعطاه سؤله، وآخر يريد العذوبة في العذاب، و اللذة في النيران فأعطاه سؤله.
ومن هذا الذوق ما ذكر الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات عن أبي يزيد الأكبر قدّس سره أنه قال :
و كلّ ما ربي قد نلت منها سوى ملذوذ وجدي في العذاب ما أراد قدّس سره المحن بل أراد المنح على خرق العادة، فعلمنا أن كله من عطائه، و هو عين الرحمة قد سبقت و عمّت و وسعت كل  شيء من مكروه عادة، و غير مكروه، فافهم .
( و هي كلها من الأسماء الإلهية ): أي كل المنح من الأسماء، و لا يخرج من الله الحكيم إلا بواسطة سادة و خادم، لا من حيث الذات، بل الباعث فيه اسم من الأسماء يطلب منه عين من الأعيان ذلك  المطلوب .
فذلك الاسم رب لتلك العين، مستشفع إلى الله تعالى، فإنه حكيم كريم يعطي كل ذي حقّ حقه، (فأما ): أي تلك الرحمة (رحمة خالصة) من الكدورات الطبيعية، ( كالطيب من الرزق اللذيذ في الدنيا الخالص يوم القيامة) .

قال تعالى: "قلْ هِي للّذِين آمنوا في الحياةِ ُّ الدنيا" [ الأعراف: 32]، ممزوجة بالأكدار و الغصص، و هي لهم في الآخرة طيبة مخلصة من الأكدار، سواء كان من كدورة الاشتراك أو غيره، فإن النفس لا تقبل الشرك في أمر بل تريد التفرد في الكمال، أما ترى قول سليمان عليه السلام أنه سأل ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، فإنه من هذا المقام، فافهم .

( و يعطي ذلك الاسم ): أي النوع من الرحمة الخاصة الرحمن، (فهو عطاء رحماني) من رحمة خالصة مختصة في الدنيا و الآخرة، كما قال تعالى: "هذا عطاؤُنا فامْننْ أوْ أمْسِكْ بغيْرِ حِسابٍ "[ ص: 39]: أي لا حساب عليك في ذلك .
هذا هو العطاء الرحماني، و هو في الدنيا لذّة بلا منغصة، و في الآخرة لا حساب عليه ولا منغصة، هذا عطاء غير مجذوذ، فافهم.
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: