الأحد، 30 يونيو 2019

الفقرة العاشرة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله
الفقرة العاشرة : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (ومن هنا يقول اللَّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» وهي كلمة محققة المعنى ما هي كما يتوهمه من ليس له هذا المشْرَب.
وغاية المنزه أن يجعل‏ ذلك الحدوث في العلم للتعلق، وهو أعلى وجه يكون للمتكلم بعقْله في هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات. و بهذا انفصل عن المحقق من أهل اللَّه صاحبِ الكشف و الوجود.)
( ومن هنا ) - أي من تحقق المساواة - ( يقول الله : "حتى نعلم" وهي كلمة محققة المعنى ) أي مطلق على الحقيقة - ( ما هي كما يتوهمه من ليس له هذا المشرب ) من المجازات البعيدة ، على ما ارتكبها الظاهريون من المفسرين، فإن العلمين إذا كانا متساويين في الظهور يكون كل منهما متجددا حسب تجدد الآخر ، فلذلك تجدد " كل يوم هو في شأن"  حسب تجدد الأعيان في الأزمان .
ثم إن المنزهة الرسمية لما لم يكن لهم حظ من هذا الذوق ، اشمأزوا عن سماعه ، حاسبين أنه من التنزيه ، وهو بمرمى بعید منه ، فلذلك نبه إلى مآلهم فيه بقوله : (وغاية المنتزه أن جعل ذلك الحدوث في العلم للتعلق) بالحوادث على ما ذهب إليه المتكلمون من أهل السنة ، من أن الأوصاف والأحكام القديمة إنما يعرض لها لوازم الحدوث من جهة تعلقها بالحوادث (وهو أعلى وجه يكون للمتكلم ، يعقله في هذه المسألة) ، فإنه ليس للعقل بحسب قوته النظرية فيما وراءه مد خل- وفي قوله : «يعقله» إشارة إلى هذه الدقيقة - فهو غير بعيد عن التحقيق ( لولا أنه أثبت العلم زائدا على الذات ، فجعل التعلق له ، لا اللذات ؛ وبهذا انفصل عن المحقق من أهل الله ، صاحب الكشف والوجود ) فإنه يرى العلم عين الذات .
لا يقال : فيلزم انتساب الحوادث إلى الذات بضرب من النسبة تعالى عن ذلك ؟
لأن تنزهها عن القدم المقابل للحدوث كتنزهها عن الحدوث عن سائر المتقابلات - على ما مر غير مرة - فلا تغفل عنه فإنه مفتاح لمقفلات كنوز الرموز الختمية ، فإنه مايعرف ذلك التنزيه غير المتحقق بالتوحيد الذاتي المختص بالوراثة الختمية .
ومما لابد منه هاهنا أن تعلم أن استفاضة الحقائق لها طريقان :
أحدهما نظري عقلي وراء الحجب الكونية والدلائل النظرية ، والحاصل من هذا الطريق إنما هو حصر عقلي على ما لذوي المذاهب الجعلية من الصور الاعتقادية ، وهذا مسلك أهل العقل ، كما يلوح عليه لفظ العقل و العقد .
والثاني کشفي قلبي ، إنما يدل عليه الصور الوجودية الأصلية التي لاجعل فيها أصلا ، والحاصل منه إنما هو انشراح علمي وكشف وجودي ، وهو مسلك أهل الله صاحب الكشف والوجود ؛ تحفظ هذا الاصطلاح فإنه له مواضع نفع في هذا الكتاب .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (ومن هنا يقول اللَّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» وهي كلمة محققة المعنى ما هي كما يتوهمه من ليس له هذا المشْرَب.
وغاية المنزه أن يجعل‏ ذلك الحدوث في العلم للتعلق، وهو أعلى وجه يكون للمتكلم بعقْله في هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات.
و بهذا انفصل عن المحقق من أهل اللَّه صاحبِ الكشف و الوجود.)
قال رضي الله عنه : "و من هنا يقول الله تعالى: « حَتَّى نَعْلَمَ »آية 31 سورة محمد .
و هي كلمة محققة المعنى ما هي كما يتوهمه من ليس له هذا المشرب."
واعلم أنه قد وقع في مواضع من القرآن ما يوهم أن علمه سبحانه ببعض الأشياء حادث كقوله سبحانه : " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ "آية 31 سورة محمد .
وقوله تعالى : " ثم بعثهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا" آية 12 سورة الكهف.
وأمثال ذلك والتقصي عن هذه الأشكال، إما بما ذهب إليه المتكلمون من أن علمه سبحانه قدیم وتعلقه حادث .
فمعنى قوله : "حتى نعلم" حتى يتعلق علمنا القديم بالمجاهدين منكم والصابرين.
وإما بأن المراد بالعلم الشهود فإن الأشياء قبل وجودها العيني معلومة للحق سبحانه وبعده مشهودة له فالشهود خصوص نسبة العلم.
فإنه قد يلحق العلم بواسطة وجود متعلقه نسبة باعتبارها نسميه شهود و حضورا لا أنه حدث هناك علم.
فمعنى حتی نعلم حتى نشاهد، وإما بأن يقال المسند إليه في قوله: نعلم ليس هو الحق باعتبار مرتبة الجمع بل باعتبار مرتبة الفرق .
فكأنه يقول : حتى نعلم من حيث ظهورنا في المظاهر الكونية الخلفية فتكون الخلقية وقاية له عن نسبة الحدوث إليه .
وإما بان يقال : المراد بالتأخر المفهوم من كلمة حتى التأخر الذاتي لا الزماني حتى يلزم الحدوث الزماني وحيث انجر الكلام ههنا إلى أن علم الحق سبحانه بأحوال العبد مأخوذ من عينه الثابتة متأخر عنها بالذات.
أشار الشيخ رضي الله عنه إلى أن هذا التأخر هو المصحح لما جاء في القرآن
فقال :(ومن هنا)، أي من جهة أن علم الحق سبحانه بأحوال العبد مأخوذ من عينه الثابتة متأخر عنها (يقول الله) سبحانه : ("حتى نعلم" وهي):
أي قوله : حتى نعلم (كلمة محققة المعنی)، أي معناه الذي هو تأخر العلم وحدوثه أمر محقق واقع. أو معنى حقيقي لا مجازي فإن ذلك التأخر والحدوث هو الذاتي لا الزماني (ما هي)، أي هذه الكلمة لغير هذا المعنى المحقق أو الحقيقي (كما يتوهمه).
أي كمعنى يتوهمه (من ليس له هذا المشرب) من المتكلمين وهو أن هذا التأخر والحدوث إنما هو لنسبة تعلق العلم إلى قال رضي الله عنه : "و غاية المنزه أن يجعل ذلك الحدوث في العلم للتعلق ، و هو أعلى وجه يكون للمتكلم بعقله في هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائدا على الذات فجعل التعلق له لا للذات. و بهذا انفصل عن المحقق من أهل الله صاحب الكشف و الوجود."
المعلوم لا نفس العلم ولا فساد في تغير النسب وتجددها بالنسبة إلى ذات الحق و صفاتها .
وإلى هذا أشار رضي الله عنه بقوله : (وغاية) المتكلم (المنزه) للحق سبحانه تعقله عن سمات الحدوث والنقصان (أن يجعل ذلك الحدوث) الزماني المتوهم من ظاهر مفهوم هذه الكلمة (في العلم للتعلق) لا لنفس العلم.
فقال : العلم أزلي وتعلقه بالأشياء حادثة حدوث زمانية (وهو)، أي جعل الحدوث للتعلق لا للعلم (أعلا وجه يكون للمتكلم) .
المنصرف (بعقله في هذه المسألة لولا أنه)، أي المتكلم (أثبت العلم زائدا) في الوجود الخارجي (على الذات) لا عينها (فجعل التعلق له)، أي العلم (لا للذات).
إذ لو لم يكن العلم عین الذات لا معنى لتعلق الذات بالمعلومات لا لأنه يلزم أن تكون الذات محل الحوادث، لأن تجدد النسب لا نستلزمه كما عرفت .
فقوله : وهو على وجه جواب لولا قدم عليه ، ويحتمل أن يكون جوابه مقدرة هكذا لولا أنه أثبت العلم زائدة على الذات.
فجعل التعلق له لا للذات لكان كلامه قريبا من التحقق (وبهذا)، أي بإثبات العلم زائد على الذات وجعل التعلق حادثا بالحدوث الزماني.
(انفصل) المتكلم (عن المحقق من أهل الله صاحب الكشف والوجود) الذي انكشف له الحقائق كما هي عليه وجدها بحسب ذوقه ووجدانه من غير نظر فکري.
فإن هذا المحقق لا يثبت العلم زائدة على الذات إلا في العقل ويجعله بحسب الخارج عن الذات ويقول حدوث التعلق بذلك الحدوث الذاتي لا الزماني مبالغة في التنزيه.
فإنهم لو جعلوا الحدوث زمانية لا فساد فيه أيضا إذ لا يلزم التجدد إلا في النسبة فإن قيل : إذا كان العلم من قوله : "حتى نعلم " ولنعلم مرتبا على حادث زماني كالفعل المفهوم من قوله : "ولنبلونكم" و"ثم بعثناكم " آية 56 سورة البقرة.
كيف يصح الحكم بأن حدوثه ذاتي لا زمانی .
قلنا: من جعل العلم المرتب حادثة ذاتية لا زمانية لا بد له أن يجعل العقل الذي يترتب عليه العلم أيضا كذلك نقول مثلا قوله : "ولنبلونكم" .
معناه : ولنبلونكم أيها النسب الذاتية والشؤون الغيبية المستجنة في غيب الذات بإظهار کم في المرتبة العلمية .
حتى نعلم بسبب العلم بكم في هذه المرتبة ما يجري عليكم بحسب الخارج من المجاهدة والصبر فنعلم المجاهدين منكم والصابرين.
وقوله: "ثم بعثناهم".  معناه: بعثناه من مرتبة الاستحسان في غيب الذات إلى مرتبة التميز العلمي ليعلم بذلك التمييز ما يجري عليكم من الأحوال التي من حملها أحصى مدة اللبث.
على أنه لا يلزم إذا حمل بعض الآية على معنى إشاري أن يجري ذلك المعنى في البعض الآخر منها.
إذ كثيرا ما يشير أهل الإشارة في أنه إلى معنى لا يساعد عليه تمام الآية.
فإن قيل : ما ذكرتم من بعض بطون الآية وهؤلاء المحققون لا يردون معنى من المعاني الظاهرة والباطنة فما معناها عندهم إذا حملوها على الظاهر؟
قلنا : يمكن أن يكون حينئذ نسبة العلم الحادث إليه بنا على ظهوره في المظاهر الخلقية كما سبقت إليه الإشارة.

 كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال رضي الله عنه :  (ومن هنا يقول اللَّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» وهي كلمة محققة المعنى ما هي كما يتوهمه من ليس له هذا المشْرَب. وغاية المنزه أن يجعل‏ ذلك الحدوث في العلم للتعلق، وهو أعلى وجه يكون للمتكلم بعقْله في هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات. و بهذا انفصل عن المحقق من أهل اللَّه صاحبِ الكشف و الوجود. )
قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : (و من هنا يقول الله تعالى: "حتّى نعْلم" [ محمد: 31] و هي كلمة محققة المعنى ما هي كما يتوهمه من ليس له هذا المشرب ) .

قال الشارح رحمة الله :
(حتى نعلم و هي كلمة محققة المعنى) . كما ورد في الخبر: " إنه ينزل إلى سماء الدنيا ويقول هل من مستغفر". وهذا عين ما قررناه في هذا المقام، وكيف لا؟
ومن أسمائه المؤمن ومن معقوليته المؤمن فإنه المصدق بالغيب أن يكون هناك غيب.
فنبه تعالى عليه في قوله: "حتّى نعْلم المُجاهِدِين مِنْكُمْ" [ محمد: 31] .
و أيضا ورد في الخبر حديث"المؤمن فإنه المصدق بالغيب أن يكون هناك غيب مرآة المؤمن". رواه ابن أبي عاصم، و الطبراني في الأوسط، و الضياء المقدسي عن أنس ذكره في جمع الجوامع .
فالمؤمن الحق مرآة المؤمن الخلق فيرى فيها نفسه وذاته بحكم المرآة، وكذلك صفاته كالعلم في القديم قديم.
و كذلك المؤمن الخلق فيرى فيها نفسه و ذاته بحكم المرآة و كذلك صفاته كالعلم، فظهر من هنا حكم حتى نعلم، فافهم.
فإنّ من أعجب العجاب في الوجود أن يكون من أعطاك العلم بنفسه لا يعلم نفسه إلا بك لأنّ الممكنات أعطت العلم بأنفسها الحق، ولا يعلم شيء منها نفسه إلا بالحق، فإنه يعلم بك كما تعلم به فهو حسبك، لأنه الغاية و أنت حسبه، لأنه ما تم بعده إلا أنت و منك عملك وما بقى إلا الحال، وهو عين العدم المحض، فافهم.
( ما هي كما يتوهمه) أنه لو جعلنا حتى نعلم على ما به بصرافته، فيلزم الحدوث في العلم بحصول علمه بعد إن لم يكن، و ذلك ذوق (من ليس له هذا المشرب) و لم يعلم صاحب هذا المشرب أنّ العلم و لو كان إحدى الصفة و لكن من حيث هو هو .
فإنه نسبة من النسب الاعتباري، فلا معدوم ولا موجود ولا قديم ولا حادث، وأمّا بحكم المتعلق فيحدث له أحكام، حتى يقول فيه أنه في القديم قديم، و في الحادث حادث، كالوجود .
فلهذا قيل: إنّ التعلق حادث و حدوث التعلق ما جاءه إلا من حدوث المتعلق لأنه لو كان المتعلق قديما فتعلق العلم بهقديما فلا يكون صفة القدم للعلم إلا بقدم المتعلق كالعلم بالذاتيات و الأسماء الإلهية و صفة الحدوث لها بحدوث تعلقه وحدوثه بحدوث المتعلق، كما أنّ في القديم قدم التعلق لقدم المتعلق، فافهم .


قال الشيخ المصنف رضي الله عنه :  (و غاية المنزه أن يجعل ذلك الحدوث في العلم للتعلق و هو أعلى وجه يكون للمتكلم بعقله في هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائدا على الذات فجعل التعلق له لا للذات . و بهذا انفصل عن المحقق من أهل الله صاحب الكشف و الوجود .)

قال الشارح رضي الله عنه :
( وغاية المنزه) الذي ينزه الحق بنظره و فكره، رأى في هذه المسألة أن يجعل ذلك الحدوث في العلم: أي الحدوث المفهوم .
(من اللفظ المتعلق): أي جعل الحدوث للتعلق لا للعلم من قولهم: إنّ العلم قديم و التعلق حادث، وهو أعلى وجه يكون للمتكلم بعقله في هذه المسألة.
ومع هذا ليس بمرضي لأرباب العقول السليمة سيما أهل الحقائق قدّس سرهم لأنّ الأمر على خلاف ذلك.
قال جلال الملة و الدين الدواني رحمه الله في شرح العقائد العضوية في قوله: و هو عالم بجميع المعلومات، إنّ القول بأنّ العلم قديم و التعلق حادث لا يسمن و لا يغني من جوع إذ العلم ما لم يتعلق بالمعلوم لا يصير عالما و لا ذلك المعلوم معلوما، فهو يقضي إلى نفي كونه عالما بالحوادث في الأزل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، انتهى كلامه .
قالوا: لو تعلق العلم بما من شأنه أن سيكون كائنا أو قد كان فقد علم الشي ء على خلاف ما هو به وعليه، وكذلك لو علم ماهر كائن أنّ قد كان أو سيكون لكان هذا جهلا كله و الله تعالى منزه عن ذلك .
فادخلوا على الله الزمان، من حيث لا يشعرون، و إنما التقدم و التأخر في الأشياء لا في العلم، و علموا أنّ الله يشهد الأشياء و يعلمها على ما هي عليه في أنفسها، و الأزمنة التي لها من جملة معلوماتها مستلزمة لها و أحوالها و أمكنتها، إن  كانت لها و محالها ، إن كانت مما يطلب المحال و إخبارها، كل ذلك مشهود و للحق في غير زمان لا يتصف بالقدم و التأخر و لا بالآن، فافهم .
فإنّ هذا من شؤم التفكر و فضول العقل الذي منعوه عنه و ما امتنع، فإنه حريص على ما منع و تحقيق ذلك أنّ الأشياء ليست إلا صورا تعقبت صورا، و العلم بها يسترسل عليها بقوله حتى يعلم مع علمه بها قبل تفصيلها إجمالا، فلو علمها مفصّلا في حال إجمالها، ما علمها مجملة، فالعلم لا يكون علما بل يكون جهلا، حتى يكون تعلقه بما هو المعلوم هو الذي يعطي العلم بذاته .
و المعلوم هنا غير مفصّل إلا أنه تعالى يعلم التفضيل في الإجمال، و مثل هذا لا يدل على أن المجمل مفصّل بل إنما يدل على أنه مجمل يقبل التفصيل، إذا فصل بالفعل .

""قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه في الرد على السؤال الثالث والثلاثون فما سبب علم القدر الذي طوى عن الرسل فمن دونهم؟:
ولما جعل الظلمة ظرفا للخلق كذلك قال هناك فأتى بما يدل على الظرف فهم قابلون للتقدير وإن كان قوله في ظلمة في موضع الحال من الخالق فيكون المراد به العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء .
الذي أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة للحق تعالى حين قيل له :
أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق ؟
فقال صلى الله عليه وسلم : كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء
فنزه أن يكون تصريفه للأشياء على الأهواء فإنه لما كنى عن ذلك الوجود بما هو اسم للسحاب محل تصريف الأهواء نفى أن يكون فوق ذلك العماء هواء أو تحته هواء فله الثبوت الدائم لا على هواء ولا في هواء .
فإن السؤال وقع بالاسم الرب ومعناه الثابت يقال رب بالمكان إذا أقام فيه وثبت فطابق الجواب العماء كالوجود: قديم في القديم حادث في المحدث
وقال تعالى : "مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) سورة الحديد
ولم يصف الحق نفسه في مخلوقاته إلا بقوله " يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ "
وقال "كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ " . فتخيل من لا فهم له تغير الأحوال عليه وهو يتعالى ويتقدس عن التغيير بل الحالات هي متغيرة ما هو يتغير بها .
فإنه الحاكم ولا حكم عليه فجاء الشارع بصفة الثبوت الذي لا تقبل التغيير فلا تصرف آياته يد الأهواء لأن عماءه لا يقبل الأهواء .
وذلك العماء هو الأمر الذي ذكرنا أنه يكون في القديم قديما وفي المحدث محدثا .
وهو مثل قولك أو عين قولك في الوجود إذا نسبته إلى الحق قلت قديم وإذا نسبته إلى الخلق قلت محدث.
فالعماء من حيث هو وصف للحق هو وصف إلهي ومن حيث هو وصف للعالم هو وصف كياني. فتختلف عليه الأوصاف لاختلاف أعيان الموصوفين
الكلام القديم والذكر المحدث :
قال تعالى في كلامه القديم الأزلي "ما يَأْتِيهِمْ من ذِكْرٍ من رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ" فنعته بالحدوث لأنه نزل على محدث لأنه حدث عنده ما لم يكن يعلمه فهو محدث عنده بلا شك ولا ريب .
وهذا الحادث هل هو محدث في نفسه أو ليس بمحدث فإذا قلنا فيه إنه صفة الحق التي يستحقها جلاله قلنا بقدمها بلا شك فإنه يتعالى أن تقوم الصفات الحادثات به .
فكلام الحق قديم في نفسه قديم بالنسبة إليه محدث أيضا كما قال عند من أنزل عليه كما أنه أيضا من وجوه قدمه نسبته إلى الحدوث بالنظر إلى من أنزل عليه .
فهو الذي أيضا أوجب له صفة القدم إذ لو ارتفع الحدوث من المخلوق لم يصح نسبة القدم ولم تعقل فلا تعقل النسب التي لها أضداد إلا بأضدادها فقصة الخلق في الظلمة التهيؤ والقبول في الأعيان لظهور الحق في صور الوجود لهذه الأعيان. ""

"" قال الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
"العماء حيرة ، وأعظمه الحيرة في العلم بالله".
وقال : " العماء هو بخار رحماني ، فيه الرحمة ، بل هو عين الرحمة ، فكان ذلك أول ظرف قبله وجود الحق " .
وقال " العماء هو الأمر الذي  يكون في القديم قديما ، وفي المحدث محدثا ، وهو مثل قولك أو عين قولك في الوجود إذا نسبته إلى الحق قلت : قديم ، وإذا نسبته إلى الخلق ، قلت : محدث .
فالعماء من حيث هو ، وصف للحق هو وصف إلهي ، ومن حيث هو وصف للعالم هو وصف كياني ، فتختلف عليه الأوصاف لاختلاف أعيان الموصوفين " .
ويقول : "العماء  هو مستوى الاسم الرب كما كان العرش مستوى الرحمن ".
والعماء " هو أول الأينيات ، ومنه ظهرت الظروف المكانيات ، والمراتب فيمن لم يقبل المكان وقبل المكانة ، ومنه ظهرت المحال القابلة للمعاني الجسمانية حسا وخيالا ، وهو موجود شريف ، الحق معناه وهو الحق المخلوق به كل موجود سوى الله ، وهو المعنى الذي ثبتت فيه واستقرت أعيان الممكنات ، ويقبل حقيقة الأين وظرفية المكان ورتبة المكانة واسم المحل ".
والعماء : هو البرزخ والحقيقة الإنسانية الكاملة ، ومرتبة أهل الكمال ، وموقف الأعراف ، ومنزل الإشراف على الأطراف ، ومقام المطلع.
قال الشيخ صدر الدين القونوي :"العماء هي مرتبة التنزل الرباني ليتصف الرب فيها بالصفات العبدانية ، ومرتبة الارتقاء العبداني ليتصف العبد فيها بالصفات الربانية ، فهي البرزخ . أهـ""

"" قال تعالى في كلامه القديم الأزلي: "ما يَأْتِيهِمْ من ذِكْرٍ من رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ" فنعته بالحدوث لأنه نزل على محدث لأنه حدث عنده ما لم يكن يعلمه فهو محدث عنده بلا شك ولا ريب .
وهذا الحادث هل هو محدث في نفسه أو ليس بمحدث ، فإذا قلنا فيه إنه صفة الحق التي يستحقها جلاله قلنا بقدمها بلا شك فإنه يتعالى أن تقوم الصفات الحادثات به .
فكلام الحق قديم في نفسه قديم بالنسبة إليه محدث أيضا كما قال عند من أنزل عليه كما أنه أيضا من وجوه قدمه نسبته إلى الحدوث بالنظر إلى من أنزل عليه .أهـ ""

قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه في الباب الثالث و الثمانين و أربعمائة من الفتوحات :
إنّ هذا الذي ذكرناه هو معنى حتى نعلم فخلاصة، الكلام كما قلنا آنفا أنّ العلم في القديم قديم و في الحادث حادث،  كالوجود و هما الله تعالى و ليس موجودا سواه، فافهم .
كما ورد في الخبر :" لا تخف إن الله معنا"
لو لا أنه: أي المتكلم بذلك: أي قدم العلم و حدوث التعلق .
( أثبت العلم زائدا على الذات فجعل التعلق له لا بالذات): أي لو لا كذلك ما أمكنه ذلك لأنّ الذات من حيث هي هيفي حجاب العزة و حمى الكبرياء، لا تعلق لها و لا نسبة لها مع العالم أصلا، و هي في غناء ذاتي، فأثبت المتكلم بذلكالعلم الزائد و علقه بالمعلومات .
قال رضي الله عنه: من قال بزيادة الصفة على الذات؟ قال: ما قاله اليهود بحسن العبارة، و هو قولهم بأفواههم أنّ الله فقير و نحن أغنياء، و الله هو الغني الحميد، فافهم .
إنّ هذا سر الحقيقة، و هو أن يعلم أنّ العلم ليس بأمر زائد على العالم، و أنه يعلم الأشياء بذاته.

ذكر الشيخ رضي الله عنه في الباب التاسع و التسعين و مائة من الفتوحات:
وأما سر الحقيقة فهو إن تعلم أن العلم ليس بأمر زائد على ذات العالم وأنه يعلم الأشياء بذاته لابما هو مغاير لذاته أو زائد على ذاته.
فـ سر الحقيقة يعطي أن العين والحكم مختلف
و سر الحال يلبس فيقول القائل بسر الحال " أنا الله" "وسبحاني" "وأنا من أهوى ومن أهوى أنا"
و سر العلم يفرق بين العلم والعالم .
فـ بسر العلم تعلم أن الحق سمعك وبصرك ويدك ورجلك مع نفوذ كل واحد من ذلك وقصوره وأنك لست هو عينه .
و بسر الحال ينفذ سمعك في كل مسموع في الكون إذا كان الحق سمعك حالا وكذلك سائر قواك. 
و بسر الحقيقة تعلم أن الكائنات لا تكون إلا لله وإن الحال لا أثر له فإن الحقيقة تأباه.
فإن السبب وإن كان ثابت العين وهو الحال فما هو ثابت الأثر .
فللحقيقة عين تشهد بها ما لا يشهد بعين الحال . وتشهده عين الحال وعين العلم .
وللعلم عين يشهد بها ما لا يشهده بعين الحال وتشهد ما يشهده عين الحال .
فعين الحال أبدا تنقص عن درجة عين العلم وعين الحقيقة .
ولهذا لا تتصف الأحوال بالثبوت فإن العلم يزيلها والحقيقة تأباها .

ولذلك الأحوال لا تتصف بالوجود ولا بالعدم فهي صفات لموجود لا تتصف بالعدم ولا بالوجود
فبالحال يقع التلبيس في العالم  . وبالعلم يرتفع التلبيس . وكذلك بالحقيقة
فهذا سر العلم وسر الحال وسر الحقيقة قد علمت الفرقان بينهم في الحكم هذا معنى السر عند الطائفة. فافهم .
( وبهذا انفصل ): أي بإثبات العلم زائد على الذات، أو يجعل الحدوث في العلم للتعلق انفصل صاحب النظر و الفكر بالجهل و التخمين عن المحقق بالتحقيق و اليقين .
قال تعالى: "و خسِر هُنالك المُبْطِلون" [ غافر: 78] حيث فاز المحقّق بالحق .

( من أصل الله صاحب الكشف والوجود) و المتحقق بالعين و الشهود المحقق .
ورد في الخبر الصحيح : " إنّ الشاهد يرى ما لا يرى الغائب" رواه ابن سعد عن علي رضي الله عنه، ذكره السيوطي في جمع الجوامع .
لا يقال أنّ القائل زيادة الصفة غير الأشعري، و لا تعبأ بهم و بكلامهم لأننا نقول إما قد قيل، و أيضا من قال: إنها لا عينه، يلزم عليه أن يكون غيره و إن لم يصرّح بذلك.
بل بقوله: لا غيره و لا عينه يلزم عليه إما جمع النقيضين، أو رفعهما،
و أمّا الاحتمال الثالث الذي أريد منه لا يشفي عليلا و لا يشفي غليلا .

قال رضي الله عنه في الفتوحات  : إنه كلام لا روح له، فافهم .
فلما قسّم رضي الله عنه الأعطيات من حيث الذات ذاتية و أسمائية.
ثم أدخل تقاسيم العطايا من حيث السائلين استطرادا، فأراد الرجوع إلى أصل التقسيم للعطايا من حيث ذواتها و أنفسها .
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: