الأحد، 30 يونيو 2019

الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة عشر : الجزء الثاني
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال رضي الله عنه :  (فإِن الرسالة والنبوة أعني نبوة التشريع، ورسالته- تنقطعان، والولاية لا تنقطع أبداً.   فالمرسلون، من كونهم أولياء، لا يرون ما ذكرناه إِلا من مشكاة خاتم الأولياء، فكيف من دونهم من الأولياء؟
وإِن كان خاتم الأولياء تابعاً في الحكم لما جاء به خاتم الرسل من التشريع، فذلك لا يقدح في مقامه و لا يناقض ما ذهبنا إِليه، فإِنه من وجه يكون أنزل كما أنه من وجه يكون أعلى. )
قال المصنف رضي الله عنه : (فإن الرسالة و النبوة أعنى نبوة التشريع و رسالته تنقطعان، و الولاية لا تنقطع أبدا . فالمرسلون من كونهم أولياء لا  يرون ما ذكرناه إلا من مشكاة خاتم الأولياء، فكيف من دونهم من الأولياء ؟. و إن كان خاتم الأولياء تابعا في الحكم لما جاء به خاتم الرسل من التشريع، فذلك لا يقدح في مقامه و لا يناقض ما ذهبنا إليه، فإنه من وجه يكون أنزل كما أنه من وجه يكون أعلى.)

قال الشارح رحمة الله :

( فإنّ الرسالة و النبوة) أعني: نبوة التشريع ينقطعان بانقطاع النبي و الرسول و الولاية لا تنقطع أبدا، و هنالك الولاية لله الحق و بقاؤها ببقائه، و الله الولي الحميد فالأخذ من هذا الوجه: أي وجه الولاية لم ينقطع فالاستمداد دائم، و إمداد أتم فالأخذ يكون بواسطة أوسع التعينات فإنه باق ببقائه لا بإبقائه .
فقوله رضي الله عنه: لا تنقطع أبدا: أي في الدنيا و الآخرة، أشار إلى رتبته السنية الذهبية الباقية فإنه ورد في الخبر: " إنّ الناس كالمعادن فمنهم من معدن الذهب و منهم من معدن الفضة"
و غير ذلك لأنه حامل الأخلاق المحمدية و قيوم نواميس الأحمدية فلا تنقطع و لا تنسخ أبدا .

و هو كما أشار رضي الله عنه: إنّ قطبا من الأقطاب المحمدي الحامل لوائه لا يموت أبدا و به قوام الدين المحمدي كأنه يشير إلى رتبة الخاتم، خاتم الولاية المحمدية الصرفة، فإنّ له رتبة الولاية الذهبية و لها البقاء، و أمثال هذا سائغ في التعريفات الإلهية .
قال تعالى: " ولا تحْسبنّ الّذِين قتلوا في سبيلِ اللّهِ أمْواتاً بلْ أحْياءٌ عِنْد ربِّهِمْ يـرْزقون" [ آل عمران: 169] .
و شائع في النبوات كإدريس عليه السلام رفعه الله مكانا عليا، و كعيسى عليه السلام رفعه الله إليه، و خضر عليه السلام فإنه حي يرزق، و أمثالها كثيرة .

قال رضي الله عنه في الباب السادس و الستين و ثلاثمائة:
وكذلك خضر واسمه بليا بن ملكان بن فالغ بن غابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام كان في جيش فبعثه أمير الجيش يرتاد لهم ماء وكانوا قد فقدوا الماء فوقع بعين الحياة فشرب منه فعاش إلى الآن وكان لا يعرف ما  خص الله به من الحياة شارب ذلك الماء
ولقيته بإشبيلية وأفادني التسليم للشيوخ وأن لا أنازعهم وكنت في ذلك اليوم قد نازعت شيخا لي في مسألة وخرجت من عنده . فلقيت الخضر بقوس الحنية فقال لي سلم إلى الشيخ مقالته.
فرجعت إلى الشيخ من حيني فلما دخلت عليه منزله فكلمني قبل إن أكلمه وقال لي يا محمد أحتاج في كل مسألة تنازعني فيها أن يوصيك الخضر بالتسليم للشيوخ .
فقلت له يا سيدنا ذلك هو الخضر الذي أوصاني؟ . قال نعم .
قلت له الحمد لله هذي فائدة ومع هذا فما هو الأمر إلا كما ذكرت لك .
فلما كان بعد مدة دخلت على الشيخ فوجدته قد رجع إلى قولي في تلك المسألة وقال لي إني كنت على غلط فيها وأنت المصيب .

فقلت له يا سيدي علمت الساعة أن الخضر ما أوصاني إلا بالتسليم ما عرفني بأنك مصيب في تلك المسألة فإنه ما كان يتعين على نزاعك فيها فإنها لم تكن من الأحكام المشروعة التي يحرم السكوت عنها .
وشكرت الله على ذلك وفرحت للشيخ الذي تبين له الحق فيها وهذا عين الحياة ماء خص الله به من الحياة شارب ذلك الماء ثم عاد إلى أصحابه فأخبرهم بالماء فسارع الناس إلى ذلك الموضع ليستقوا منه فأخذ الله بأبصارهم عنه فلم يقدروا عليه فهذا ما أنتج له سعيه في حق الغير .
وكذلك من والى في الله وعادى في الله وأحب في الله وأبغض في الله فهو من هذا الباب. أهـ

( فالمرسلون من كونهم أولياء لا يرون ما ذكرناه ): أي الحق و فيوضه، إلا من مشكاة خاتم الأولياء كما كانوا يأخذون علوم الوحي من كونهم رسلا من جبريل أو من روح، و كما أخذ موسى في البقعة المباركة من الشجرة قال رضي الله عنه: إنّ الحكمة فيما أخذ بني رسول من الشجرة و تكون لسان حق و كلمة صدق أنه استضعف لقبول السامعين حيث إنهم يجوزون أخذ بني رسول من جماد و لا يرضون من الإنسان الكامل المسمى بالولي، أن يكون لسان حق مع أنه ورد في الخبر: إن الله قال على لسان عبده .
و قال: إنّ الله قال على لسان ذلك إلا الجمود و الحسد على أبناء جنسه غير هذا إما يكون .
ترى ما حكى لنا الحق حكاية خضر عليه السلام، و موسى عليه السلام، و هي إلا تنبيها له في هذه المسألة فإنّ موسى كليم الله و نبيه و رسوله، أخذ من خضر عليه السلام علما لم يكن عنده، و قال لموسى عليه السلام : " أنا على علم علمنيه الله تعالى لا تعلمه أنت "  .
و هذا عين ما نحن فيه و في صدد بيانه، بل إنه ما أظهر عنده عليه السلام إلا علم كون من الأكوان من علوم الكشف، و من أحوال المريد من أصحاب السلوك، فكيف لو كان من العلوم المتعلقة بالجناب الإلهي، أو من العلم المحكم أو المتشابه، بل إنه عليه السلام قال لبعض المحمّدين من الأولياء: إني عينت له عليه السلام ألف مسألة من هذا القبيل، فما صبر عن ثلاثة، فلهذا قال صلى الله عليه و سلم  : " رحم الله أخي موسى لو صبر ". و هكذا الأمر ورد في الخبر الصحيح : " إن لله عبادا ليسوا بأنبياء و لا رسلا و يغبطهم الأنبياء "
قال رضي اللّه عنه: و ذلك للعلوم التي عندهم.

بل قيل: إن الأنبياء عليهم السلام كانوا يلحون أولياؤهم أن يدعوا لهم، و كان داود عليه السلام إذا عرضت له حاجة جاء بزهاد أمته المجاهدين، و أقامهم في محاريبهم، و وّكّل بكل واحد منهم صاحب مزمار ليقطع قلب المصلي بلذة نغمته عن الشواغل، حتى يتفرغ لحاجته عليه السلام فتسرع الإجابة.
وهكذا نبينا صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نسأل له الوسيلة، وأمر صلى الله عليه و سلم عمر وعليا أن يسألا من أويس القرني رضي الله عنهم أن يدعو لهما و للأمة .
و هذا كله عين ما قلناه من أخذ الفاضل من  المفضول، بل إذا ثبت أن العلم تابع المعلوم، و المعلومات من حيث أعيانها تعطي العلم الصحيح بذواتها.
فأنت قلت: إنه بالعلم متى، بحيث لم يشعر به، فكيف تستنكف بالخلق أن يقال فيه فاضل يأخذ من المفضول، و قد أثبت مثل هذا الأخذ في الإلهيات فافهم.

(فكيف من دونهم من الأولياء ): أي إذا الأنبياء و الرّسل عليهم السلام من حيث بواطنهم، يأخذون من خاتم الخاتم مع شرفهم، و علو مقامهم، فكيف يسع من دونهم من الأولياء أن يستنكف من ذلك: "أكان للنّاسِ عجباً أنْ أوْحيْنا إلى رجُلٍ مِنْـهُمْ " [ يونس: 2].
فإن قيل: قال الله تعالى في عبده: " وعلّمْناهُ مِنْ لدُنّا عِلْماً" [ الكهف: 65]، الظاهر أنه بلا واسطة.
وأخبر الشيخ رضي الله عنه أن العبد يأخذ العطايا والمنح بلا واسطة بينه وبين الحق، بل من الوجه الخاص أطلق و لم يقيد، فكيف الجمع بينه و بين الذي قال الآن رضي الله عنه: إن العلم الذي يعطي السكوت خالصة للخاتمين خاصة، و لا يراه أحدا إلا من مشكاة خاتم الولاية المحمّدية، و غيرهما يأخذ من مشكاة ختم الختم عامة.
قلنا: إن المراد من العطايا والمنح التي بواسطة وبلا واسطة هي العطايا الشيئية، ويكون علم خضر عليه السلام من
جملتها أيضا، لا من الذي نحن إلا بصدد بيانه لأنه مخصوص بمحمد ومحمدي صرف صلى الله عليه وسلم.

أو نقول: إن أخذ الأولياء على الإطلاق من مشكاة الخاتم لأنه تحقق بالعينية، و هو الفرض الذي انفرد من العالم، و هو ختم الدورة المحمّدية العامة التامة، و خاتم الدائرة الكلية الطامة، خرج من الذات و تحقق بالأسماء و الصفات، ثم رجع إلى ما خرج منه بأحدية سيره، و وترية نوره، و فردية رجعه و دوره.
و من حيث صدوره من غيب ذاته إلى حضرة أسمائه و صفاته، لم يتعوق من حيث حقيقته و روحانيته في عالم من العالم، و لا في حضرة من الحضرات، شاهدا ما مرّ عليه، آخذا و معطيا، مفيدا و مستفيدا، هذا هو الفرض الذي انفرد بالوترية، فلهذا يحبه الله » فإنه وتر يحب الوتر «
فهو من حيث التعيين الذاتي خازن الذاتيات و خاتمها، و من حيث الأسماء خازن، فإن هذا من الذي ما خطر على قلب بشر، و لله الأمر من قبل و من بعد، فما ظنك فيما بينهما فافهم .

( و إن كان خاتم الأولياء تابعا في الحكم لما جاء به خاتم الرسل من التشريع )، و هو تابع متبوع، كما ذكرنا في خاتم الرسل و خاتم الأنبياء، فإنه تابع متبوع جميع الأنبياء عليهم السلام من حيث الإفاضة، و تابع ملة إبراهيم من حيث الاستفاضة، و إنه تأسى بنا في الصلاة بالجماعة و خفف، قيل: إن أبا طالب قال ذات يوم، كأنه رأى سرعة إجابة الدعاء من الله تعالى له صلى الله عليه و سلم، فقال :"ما أطوعك ربك يا محمد، فقال صلى الله عليه و سلم: إذا أطعته أطاعك يا عم الأمر"، هكذا فإن الولي من شدة الاتباع جعلته متبعا .

قال رضي الله عنه: لو اتبع متبع السّنة في جميع أموره، و أحل بواحدة فيما أبيح له الاتباع فيه بلا ضرورة، فما اتبعه قط، و إنما اتبع هوى نفسه لأنه تعالى قال:"إنْ كُنْتمْ تحِبُّون اللّه فاتّبعوني يحببكم الله" [ آل عمران: 31]، فجعل الاتباع دليلا، وما قال في شيء دون شيء .
و قال تعالى: " لقدْ كان لكُمْ في رسُولِ اللّهِ أسْوةٌ حسنةٌ" [ الأحزاب: 21]، وهو الاتباع، وكمال الاتباع أن يكون القرآن خلقه كما كان خلقه صلى الله عليه وسلم .
قال رضي الله عنه في أول الفتوحات: 
لما شاهدته صلى الله عليه و سلم في مكاشفة قلبية في حضرة غيبية قال لي: "إن فيك شعرة مني لا صبر لها عني هي السلطانة في ذاتيتك، فلا ترجع إليّ إلا بكليتيك، فلا بدّ من الرجوع إليه ". انتهى كلامه رضي الله عنه .
و بعد الرجوع فبقدر رجوعه إليه يكون رجوعه إليه، (فذلك ): أي كونه تابعا لما جاء به الرسول (لا يقدح في مقامه )، و هو البطون من الظهور المحمّدي، و الأخذ منه ظاهرا (لا يناقض ما ذهبنا إليه) لأن الباطن يأخذ من الظاهر ما ظهر من الأحكام لأن له أحكاما مختصّة بالظهور من مقام (حتى نعلم )، و الظاهر يأخذ من الباطن .

ترى إشارة قوله تعالى:" يدُ اللّهِ فوْق أيدِيهِمْ " [ الفتح: 10]، و ما كان سوى يد محمد صلى الله عليه  وسلم أنه الظاهرفي العالم بختم النبوة و الرسالة، و الباطن عنه بختم الولاية، فجمع الأول و الآخر، و الظاهر و الباطن، فلما ظهر له وجهان له يدان فقلنا ( من وجه يكون أنزل ): أي من حيث الأخذ، (كما أنه من وجه يكون أعلا) .
ورد في الخبر أن : " اليد العليا خير من اليد السّفلى "
ولا نعرف لها الخيرية سوى أنها معطية و السفلى آخذة، مع أن الآخذة كانت يد الرحمن، قال تعالى: " ألمْ يعْلمُوا أنّ اللّه هُو يقْبلُ التّـوْبة عنْ عِبادِهِ و يأخُذُ الصّدقاتِ" [ التوبة: 104] .
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: