الأحد، 30 يونيو 2019

الفقرة العشرون الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العشرون الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العشرون الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العشرون: الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فكل نبي من لدن آدم إِلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إِلا من مشكاة خاتم النبيين، وإِن تأخر وجود طينته، فإِنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «كنت نبياً وآدم بين الماء والطين». و غيره من الأنبياء ما كان نبياً إِلا حين بُعِثَ. و كذلك خاتم الأولياء كان ولياً و آدم بين الماء و الطين، و غيره من الأولياء ما كان ولياً إِلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون اللَّه تعالى تسمّى «بالولي الحميد ».)
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : ( فكل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إلا من مشكاة خاتم النبيين، وإن تأخر وجود طينته، فإنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين». وغيره من الأنبياء ما كان نبيا إلا حين بعث. وكذلك خاتم الأولياء كان وليا وآدم بين الماء والطين، وغيره من الأولياء ما كان وليا إلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون الله تعالى تسمى «بالولي الحميد ». )
(وكل نبي) من أنبياء الله تعالى (من لدن آدم) عليه السلام (إلى آخر نبي) وهو عیسی ابن مريم عليهما السلام أو خالد بن سنان ولهذا لم يعينه (ما منهم أحد يأخذ) إمداده النبوي (إلا من مشكاة خاتم النبيين) وهو محمد عليه السلام.
(وإن تأخر) عن وجود طینتهم (وجود طينته)، أي صورته الجسمانية عليه السلام في عالم الملك (فإنه بحقيقته) الإنسانية (موجود) قبل تعیین حقائق الأنبياء عليهم السلام في عالم الملكوت (وهو قوله) صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديثه: (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين)، أي حقيقته الإنسانية مترددة التعين بين الماء الذي خلق منه والطين الذي خلق منه .
والمراد بين الجزئين الغالبين على عالم نشأته، وإلا فهو من النار والهواء أيضا، ولكنهما ضعيفان فيه واعلم أن الأرواح موجودة قبل الأجسام ولكن وجودا متداخلا کوجود النخلة في النواة ووجود السنبلات الكثيرة في الحبة الواحدة.
فالروح الكل واحد، وهو أول مخلوق منه تتعين جميع الأرواح بتوجه الحقائق العلمية على صورها الروحانية لتميز في عالم الأرواح قبل تميزها في عالم الأجسام.
وحقيقة محمد صلى الله عليه وسلم موجودة متميزة في الرتبة العلمية أولا بكونها حقيقة الحقائق العلمية .
كالحبة بالنسبة إلى السنبلات الكثيرة والنواة بالنسبة إلى ما اشتملت عليه النخلة من الأغصان والأوراق والعراجين وغير ذلك.
ثم لما ظهرت صورة الروح الكلي بالتجلي الرحماني تصورت حقيقة الحقائق بذلك النور الروحاني و تميزت فيها الحقائق تميزة روحانية شعاعية لا ينفصل ولا يتصل کتميز الأغصان دون الثمرات.
ولهذا كان محمد صلى الله عليه وسلم لا يقيده مقام ولا مرتبة في القرب الرحماني لأنه عين الكل وحقيقة جميع الحقائق .
ثم إن ذلك الروح الكلي من حيث هو نور خلقت منه بانقسامه أربعة أقسام كما ورد في الحديث حقائق الملائكة الأربع، ثم تنزل إلى الطبائع الأربع، والعناصر الأربع والمواليد الأربع فظهرت الصورة الجسمانية الآدمية ساترة لحقيقتها الروحانية مظهرة لها.
ثم کشف لها عن جميع ذلك، فظهرت نبوة آدم عليه السلام فصح قوله عليه السلام: «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين».
وفي رواية : «ولا آدم ولا ماء ولا طين»، وهو ظاهر لا ريب فيه (وغیره)، أي غير محمد صلى الله عليه وسلم (من الأنبياء عليهم السلام ما كان نبيا إلا حين بعث) بعد الأربعين عاما من ولادته إلا عيسى ابن مريم ويحيى بن زکریا عليهما السلام، فإنهما كانا نبين  بعد الولادة قبل الأربعين.
قال تعالى في عیسی علیه السلام: " قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30"سورة مريم.
وقال تعالى في يحيى عليه السلام :"يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13)" سورة مریم
(وكذلك خاتم الأولياء) من الأنواع الثلاثة المذكورة (كان وليا وآدم بين الماء والطين)، لأنه على قدم محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو لمحة من ذلك النور الكلي، جامع له جمعة كلية لا يقيده حال ولا مقام.
يمر على أطوار جميع الأولياء كما يشير إليه قوله تعالى: " يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا" 13 سورة الأحزاب.
يعني إلى حقيقتكم الجامعة من حيث خروجها عن جميع الحقائق وهي حضرة الأحدية فوق الحضرة الواحدية التي تكثرت فيها الحقائق.
(وغیره)، أي غير خاتم الأولياء (من الأولياء ما كان وليا إلا بعد تحصيله) بالمجاهدة العلمية والعملية في الظاهر والباطن (شرائط الولاية) .
وفيه إشارة إلى أن الولاية بالتحصيل، فهي کسبية لا وهبية، وهو الحق خلافا لمن زعم أنها وهبية كما حققناه في كتابنا «المطالب الوفية» في علم العقائد .
بخلاف النبوة فإنها وهبية باتفاق أهل الحق (من) بيان الشرائط الولاية التخلق بجميع (الأخلاق) جمع خلق بضمتين، وهي الحالة الباطنية الحسنة التي تقبل الزيادة والنقصان من حيث الظهور في الأطوار الإنسانية لا من حيث الثبوت في الأصل الإلهي.
فإن الأخلاق كلها في الأصل حسنة وهي للحق حقيقة وللعبد مجاز، وفيه تطييب و تخبيث باعتبار مصارفها .
ولهذا قال (الإلهية)، أي المنسوبة إلى الإله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن لله مائة خلق وسبعة عشر خلقا من آتاه بخلق منها دخل الجنة»، خرجه السيوطي في الجامع الصغير .
ولهذا لما سئل الإمام الجنيد رضي الله عنه عن المعرفة والعارف قال : "لون الماء لون الإناء". أي هو متخلق بأخلاق الله تعالى حتى كأنه هو، وما هو هو.
وصروف الأخلاق المذكورة في العبد إلى غير مصارفها، وهو الظلم الذي تنزه عنه الرب سبحانه، وهو الذي يقلب الأخلاق مذمومة كالحلم في غير موضعه، والكرم في غير موضعه، وغير ذلك.
وربما يسمى بأسماء آخر کاسم الجبن والخمول والإسراف والتبذير ونحو ذلك.
(في الاتصاف)، أي اتصاف ذلك الولي، على معنى ظهورها في نشأته الإنسانية الجزئية بظهور آثارها وما تقتضيه من المعاملة مع الله ومع الخلق (بها)، أي بتلك الأخلاق كلها، وهي شروط الولاية .
وإن كان العبد مطلقا لا يخلو من بعضها ولو كافرا.
وربما يقال : إن ذلك الخلق الواحد الذي من أتاه به دخل الجنة كما في الحديث السابق هو خلق الإيمان فقط، لأن من أوصافه تعالى المؤمن، فلا ينفع الكافر إذا أتاه بخلق آخر غير الإيمان .
(من) جهة كون الله تعالى في رتبة تنزله (تسمى) عندنا في كتابه العزيز (بالولي)، أي المتولي أمر كل شيء من حيث إنه جامع لجميع تلك الأخلاق فيعامل بها كل شيء على وجه العدل.
فاسم الولي له من هذه الحيثية، فمن تخلق بأخلاقه کان له هذا الاسم من هذه الحيثية أيضا.
كما قال تعالى: "وهو الولي الحميد" 28 سورة الشورى.
فلما ألبس عبده خلعة التفصيل ألبسه أيضا خلعة الإجمال (الحمید)، أي المحمود في جميع أفعاله فأخلاقه كلها حسنة.
من لم يحمد في خلق من أخلاقه كان خلقه ذلك خلقة مذمومة، وعدم الحمد فيه بصرفه في غير مصرفه، والحمد فيه بصرفه في مصرفه كما ذكرنا .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فكل نبي من لدن آدم إِلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إِلا من مشكاة خاتم النبيين، وإِن تأخر وجود طينته، فإِنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «كنت نبياً وآدم بين الماء والطين». و غيره من الأنبياء ما كان نبياً إِلا حين بُعِثَ.  و كذلك خاتم الأولياء كان ولياً و آدم بين الماء و الطين، و غيره من الأولياء ما كان ولياً إِلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون اللَّه تعالى تسمّى «بالولي الحميد ».)
قال رضي الله عنه : (فكل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي ما منهم أحد ياخذ) النبوة (إلا من مشكاة خاتم النبيين وإن تاخر وجود طينته فإنه بحقيقته موجود) في جميع العوالم (وهو) أي معنى وجوده بحقيقته معنى (قوله كنت نبيا وآدم بين الماء والطين وغيره من الأنبياء ما كان نبيا إلا حين بعث .
وكذلك خاتم الأولياء كان وليا وآدم بين الماء والطين وغيره من الأولياء ما كان وليا إلا بعد تحصيل شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون الله يسمى بالولي الحميد

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : فكل نبي من لدن آدم إِلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إِلا من مشكاة خاتم النبيين، وإِن تأخر وجود طينته، فإِنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «كنت نبياً وآدم بين الماء والطين». و غيره من الأنبياء ما كان نبياً إِلا حين بُعِثَ.  و كذلك خاتم الأولياء كان ولياً و آدم بين الماء و الطين، و غيره من الأولياء ما كان ولياً إِلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون اللَّه تعالى تسمّى «بالولي الحميد ».
قوله رضي الله عنه : "وكل نبي من لدن آدم إلى آخر نبی ما منهم أحد يأخذ إلا من مشكاة خاتم النبيين، وإن تأخر وجود طينته، فإنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «كنت نبيا و آدم بين الماء والطين.» وغيره من الأنبياء ما كان نبيا إلا حين بعث"
قلت: هذا الكلام ظاهر إلا أنه ينبغي لك أن تفهم أن كل نبي كان في الأزل في علم الله تعالى نبيا على حكم ما قرره الشيخ، رضي الله عنه، في الحكمة الآدمية منه أن الأعيان الثابتة بجميع أحوالها هي العلم وهو على حد ما يأتي في العين، والنبوة المختصة بغيره، عليه السلام، من جملة ذلك.
وأما في حال كون آدم بين الماء والطين، فذكر الشيخ، رضي الله عنه، هنا أن أحدا من الأنبياء ما كان والحالة هذه نبيا، بل عند ما حصل له في الوجود العيني الاتصاف بصفات الوجود وصار نبيا حين مبعثه فقد فهم مقصوده.
وقوله: "وكذلك خاتم الأولياء كان وليا و آدم بين الماء والطين، وغيره من الأولياء ما كان وليا إلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من دون الله تعالی يسمى بالولي الحمید"
قلتهذا مفهوم مما قاله في خاتم النبيين، عليه السلام، إلا أن ذلك في النبوة وهذا في الولاية فافهم المعني هنا مما قيل هناك.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : فكل نبي من لدن آدم إِلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إِلا من مشكاة خاتم النبيين، وإِن تأخر وجود طينته، فإِنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «كنت نبياً وآدم بين الماء والطين». و غيره من الأنبياء ما كان نبياً إِلا حين بُعِثَ.  و كذلك خاتم الأولياء كان ولياً و آدم بين الماء و الطين، و غيره من الأولياء ما كان ولياً إِلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون اللَّه تعالى تسمّى «بالولي الحميد ».
قال رضي الله عنه : " وكلّ نبيّ من لدن آدم إلى آخر نبيّ ما منهم أحد إلَّا يأخذ من مشكاة خاتم النبيّين وإن تأخّر وجود طينته ، فإنّه بحقيقته موجود ،
وهو قوله :" كنت نبيّا وآدم بين الماء والطين » وغيره من الأنبياء ما كان نبيّا إلَّا حين بعث " .
قال العبد أيّده الله به : قد علمت فيما سلف أنّ الحقيقة المحمدية في صورتها الحقيقة التي حذي آدم عليها ، لم تزل قائمة بمظهرية الله في جميع العوالم العلوية الروحانية ، وفوقها قبلها في العوالم النورانية الأسمائية بالقبلية المرتبيّة والذاتية لا الزمانية .
وفوقها قبلها في العوالم النفسية الرحمانية العمائية ، وبعد وجوده وظهوره في الأرواح النورية ، كان روحه روحا كلَّيا جامعا لخصائص عوالم الأمر .
مبعوثا إلى الأرواح البشريّين والملكيّين نبيّا من عند الله بالاختصاص الأحدى الجمعي ، كما أشار إلى ذلك بقوله : « أوّل ما خلق الله نوري » فجمع الله في هذا النور المحمدي جميع الأنوار النبوية وأرواح الأولياء جمعا أحديا قبل التفصيل في الوجود العيني .
وذلك في مرتبة العقل الأوّل ومظهرية الاسم « المدبّر » ثمّ تعيّنت الأرواح في مرتبة اللوح المحفوظ وتميّزت بمظاهر خصائصها وحقائقها النورية .
فبعث الله الحقيقة المحمدية الروحية النورية إليهم نبيّا ينبئهم عن الحقيقة الأحدية الجمعية الكمالية .
فلمّا وجدت الصور الطبيعية العلوية الكلَّية من العرش والكرسي ، ووجدت صور مظاهر تلك الأرواح النبوية والأنوار الكمالية من الخلفاء والأولياء ، ظهر سرّ تلك البعثة المحمدية إليهم أيضا ثانيا ، فآمن من الأرواح من كان مؤهّلا للروحانية الأحدية الجمعية الكمالية الإنسانية الإلهية .
ولمّا وجدت الصور العنصرية ، ظهر حكم ذلك الإيمان في كل النفوس البشرية ، فآمنوا بمحمّد صلَّى الله عليه وسلَّم وكان خير أمّة أخرجت للناس ، كما أشار صلَّى الله عليه وسلَّم إلى هذا السرّ بقوله : « الأرواح جنود مجنّدة ، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف » وبهذا المعنى « كان نبيّا وآدم بين الماء والطين ».
أي كان عالما بنبوّته إذ ذاك وإن لم يصدق إطلاق اسم النبيّ عليه السّلام .
ولا يخطر لك أنّ كلّ أحد بهذه المثابة من حيث إنّه كان في علم الله السابق قبل وجوده العيني كذلك ، فليس ذلك كذلك ، لأنّه ليس كل أحد عالما بذلك قبل وجوده العيني ، بل بعد وجوده واستكماله شرائط نبوّته بمتمّماتها ، والعلم الأزلي أيضا لم يتعلَّق به أنّه كذلك إلَّا بعد استكماله ما ذكرنا وفي نشأة دون نشأة ، بل هذا النوع من العلم والتذكير مخصوص بالكمّل والأفراد المحمديين الذين يتذكَّرون نشأتهم المقدّمة في عالم الأرواح والسماوات العلى وعوالم الأنوار والأسماء والتجلَّيات .
وهذا سرّ خفيّ جدّا دقّ عن الأفهام إلَّا من شاء الله من الندّر ، فافهم .
قال رضي الله عنه : " وكذلك خاتم الأولياء ، كان وليّا وآدم بين الماء والطين ، وغيره ما كان وليّا إلَّا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتّصاف بها من كون الله تسمّى بالوليّ الحميد" .
قال العبد اعلم : أنّ خاتم الأولياء من كونه صورة من الصور المحمدية ختمت بها الولاية الخاصّة بمحمّد صلَّى الله عليه وسلَّم فكان حكمه حكم خاتم الرسل في علمه بكونه وليّا قبل وجوده العنصري ، فإنّ الحقيقة المحمدية الكلَّية المذكورة توجب المظهر الأكمل لتجلَّيها الذاتي بمرتبة الولاية .
كما توجب المظهر الأكمل لتجلَّيها في مرتبة النبوّة ، ولا بدّ من هذين الختمين ، وهما صورتا حقيقة واحدة في مرتبتين هما النبوّة والولاية ، والحقيقة هي الحقيقة المحمدية الكلَّية المذكورة الكمالية الإنسانية ، وحكمها بعكس ما قيل قبل :" نحن روحان حللنا بدنا".
فإنّ هذا لا يصحّ فيما نحن بصدد بيانه ، ولكن في الاتّحاد والحلول عند من يقول بهما على الوجه الذي يقول بهما ، لا على ما عرف عرفا عاميّا .
ولكن يقال فيها : « نحن روح واحد في جسدين » وهذا الخاتم رضي الله عنه كان يذكر كيف كان حال كون خاتم الرسل نبيّا وآدم بين الماء والطين ، عالما بنبوّته الكاملة والولاية المحيطة الشاملة ، وكان يشهد لخاتم الرسل بالنبوّة والتقدّم على الأرواح الكاملة من الأنبياء والأولياء كما قال في قريضه ، شعر :
شهدت له بالملك قبل وجودنا     ..... على ما تراه العين في قبضة الذرّ
شهود اختصاص أعقل الآن كونه     ..... ولم أك من حال الشهادة في ذعر
لقد كنت مبسوطا طليقا مسرّحا     ..... ولم أك المحبوس في قبضة الأسر
يعني رضي الله عنه كنت عالما بنبوّته وختميته صلَّى الله عليه وسلَّم إذ ذاك قبل وجودنا العنصري ، وكونه مبسوطا طليقا مسرّحا لا محبوسا ، إشارة إلى مراتب أهل البرزخ في برازخهم ، فإنّهم على اختلاف درجاتهم وائتلاف طبقاتهم وتباين مقاماتهم على قسمين :
أحدهما وهو العامّ أرواح الناس المتقيّدين بالمقامات الجزئية والعلوم والأخلاق التقيّدية الفرعية ، كانوا في نشأتهم الدنياوية متقيّدين بعقائد وعوائد مخصوصة ، متعشّقين بعلوم وأعمال وأخلاق وأحوال جزئية ، فهم بعد المفارقة محبوسون بصور ما هم متعشّقون ، وفي قبضة أسر الأمر الذي هم متقيّدون .
والقسم الثاني صنف من كمّل الإنسان ، قطعوا في نشأتهم الدنياوية برازخهم ، وحشروا قبل الحشر ونشروا قبل النشر وبعثر قبور هياكلهم عن أرواحهم في صور الانسلاخات والمعاريج والإسراءات على ما تحقّق في قواعد الكشف والشهود .
وهؤلاء الكمّل غير مقيّدين بصورهم البرزخية ، بل لهم الإطلاق والسراح والانطلاق والظهور في أيّ عالم شاؤوا ، لكمال نشأتهم وقواهم ، فافهم .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فكل نبي من لدن آدم إِلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إِلا من مشكاة خاتم النبيين، وإِن تأخر وجود طينته، فإِنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «كنت نبياً وآدم بين الماء والطين». و غيره من الأنبياء ما كان نبياً إِلا حين بُعِثَ.
و كذلك خاتم الأولياء كان ولياً و آدم بين الماء و الطين، و غيره من الأولياء ما كان ولياً إِلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون اللَّه تعالى تسمّى «بالولي الحميد ».)
قال رضي الله عنه :   "فكل نبى من لدن آدم إلى آخر نبى ما منهم أحد يأخذ إلا من مشكاة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلَّم وإن تأخر وجود طينته ، فإنه صلى الله عليه وسلَّم بحقيقته موجود ، وهو قوله « كنت نبيا وآدم بين الماء والطين » وغيره من الأنبياء ما كان نبيا إلا حين بعث ، وكذلك خاتم الأولياء كان وليا وآدم بين الماء والطين " .
وإنما يكون على ما ذكره ، لأن الرؤيا من عالم المثال وهو تمثل كل حقيقة بصورة تناسبه ، فتمثل حال النبي عليه الصلاة والسلام في نبوته في صورة اللبنة التي يكمل بها بنيان النبوة فكان خاتم الأولياء .
ولما لم يظهر بصورة الولاية لم يتمثل له موضعه باعتبار الولاية فلا بد من خاتم الولاية باعتبار ظهوره وختمه للولاية أن يرى مقامه في صورة اللبنة الذهبية من حيث أنه متشرع بشريعة خاتم الرسل .
ويرى مقامه في صورة اللبنة الفضية باعتبار ظاهره فإنه يظهر تابعا للشريعة المحمدية على أنه آخذ عن الله في السر ما هو بالصورة الظاهرة متبع فيه .
لكن التمثل بالمثال إنما يكون باعتبار الصورة وولايته هي المسماة بالولاية الشمسية وولاية سائر الأولياء تسمى بالولاية القمرية لأنها مأخوذة من ولايته مستفادة منها كنور القمر من الشمس ، ولهذا قال: ( وغيره من الأولياء ما كان وليا إلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها ) لأنها ليست بذاتية له كما للخاتم ، وإذا لم تكن ذاتية فلا بد من كسبها .
وقوله: ( من كون الله يسمى بالولى الحميد ) لا ينافي أخذ تلك الصفات من الخاتم للولاية ، لأن الله تعالى إنما يسمى بالولى الحميد في عين هذا الخاتم وولايته إنما تكون بالوجود الحقانى بذاته وصفاته وأسمائه لا من حيث هو غيره.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فكل نبي من لدن آدم إِلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إِلا من مشكاة خاتم النبيين، وإِن تأخر وجود طينته، فإِنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «كنت نبياً وآدم بين الماء والطين».
و غيره من الأنبياء ما كان نبياً إِلا حين بُعِثَ. و كذلك خاتم الأولياء كان ولياً و آدم بين الماء و الطين، و غيره من الأولياء ما كان ولياً إِلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون اللَّه تعالى تسمّى «بالولي الحميد ».)
قال رضي الله عنه : ( (ﻓﻜﻞ ﻧﺒﻲ ﻣﻦ ﻟﺪﻥ ﺁﺩﻡ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﻧﺒﻲ، ﻣﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺣﺪ ﻳﺄﺧﺬ) ﺃﻱ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ.  (ﺇﻻ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﺎﺓ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﻨﺒﻴﻴﻦ ﻭﺇﻥ ﺗﺄﺧﺮ ﻭﺟﻮﺩ ﻃﻴﻨﺘﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺤﻘﻴﻘﺘﻪ ﻣﻮﺟﻮﺩ) ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻟﻪ: "ﻛﻨﺖ ﻧﺒﻴﺎ ﻭﺁﺩﻡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻄﻴﻦ".
(ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻧﺒﻴﺎ ﺇﻻ ﺣﻴﻦ ﺑﻌﺚ). ﺇﻧﻤﺎ ﺃﻋﺎﺩ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﻟﻴﺒﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﻭﺇﻥ ﺗﺄﺧﺮ ﻭﺟﻮﺩ ﻃﻴﻨﺘﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺑﺤﻘﻴﻘﺘﻪ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ.
ﻭﻫﻮ ﻧﺒﻲ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﻭﻳﺒﻌﺚ ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ ﺃﻱ ﺍﻷﻣﺔ، ﻷﻧﻪ ﻗﻄﺐ ﺍﻷﻗﻄﺎﺏ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﺯﻻ ﻭ ﺃﺑﺪﺍ. ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺇﻻ ﺣﻴﻦ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﻷﻧﻪ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺳﻠﻢ، ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﺃﻭﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ.
ﻭﺑﺘﻔﺼﻴﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺮﺗﺒﺘﻪ ﺣﺼﻞ ﺃﻋﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻴﻪ، ﻭﺃﻳﻀﺎ، ﺃﻋﻴﺎﻥ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺗﻬﻢ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻃﺎﻟﺒﻴﻦ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻓﻴﻬﻢ، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮﻭﺍ ﻣﻊ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ، ﻛﺎﺧﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﻭﺃﻧﻮﺍﺭﻫﺎ ﻋﻨﺪ ﻃﻠﻮﻉ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﻧﻮﺭﻫﺎ.
ﻓﻠﻤﺎ ﺗﺤﻘﻘﻮﺍ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺠﺴﻤﻴﺔ ﻭﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ، ﻇﻬﺮﻭﺍ ﺑﺄﻧﻮﺍﺭﻫﻢ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻛﻈﻬﻮﺭ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻭﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺍﻟﻤﻈﻠﻢ.
ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺣﺎﻝ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻛﺬﻟﻚ، ﻗﺎﻝ: (ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻛﺎﻥ ﻭﻟﻴﺎ ﻭﺁﺩﻡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻄﻴﻦ.)
(ﻭ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻭﻟﻴﺎ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺗﺤﺼﻴﻠﻪ ﺷﺮﺍﺋﻂ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺗﺼﺎﻑ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻮﻟﻲ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪ) .
ﻭﺷﺮﺍﺋﻂ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺗﺤﻘﻘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﻴﻨﻲ ﻭﺗﻄﻬﺮﻫﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺗﻨﺰﻫﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻴﺎﻻﺕ ﺍﻟﻮﻫﻤﻴﺔ ﻭﺗﺨﻠﻘﻬﻢ ﺑﺎﻷﺧﻼﻕ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻭﺗﺨﻠﺼﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ.
ﻭﺃﺩﺍﺀ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﻭﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻭﺍﻟﺬﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻣﺎﻟﻜﻬﺎ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ، ﻓﻌﻨﺪ ﻓﻨﺎﺋﻬﻢ ﻋﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﺑﻘﺎﺋﻬﻢ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻳﺘﺼﻔﻮﻥ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺗﺤﺼﻞ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ، ﻷﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فكل نبي من لدن آدم إِلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إِلا من مشكاة خاتم النبيين، وإِن تأخر وجود طينته، فإِنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «كنت نبياً وآدم بين الماء والطين». و غيره من الأنبياء ما كان نبياً إِلا حين بُعِثَ. و كذلك خاتم الأولياء كان ولياً و آدم بين الماء و الطين، و غيره من الأولياء ما كان ولياً إِلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون اللَّه تعالى تسمّى «بالولي الحميد ».)
قال رضي الله عنه: "فكل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إلا من مشكاة خاتم النبيين، وإن تأخر وجود طينته، فإنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين».   وغيره من الأنبياء ما كان نبيا إلا حين بعث.
وكذلك خاتم الأولياء كان وليا وآدم بين الماء والطين، وغيره من الأولياء ما كان وليا إلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون الله تعالى تسمى «بالولي الحميد»."
قال رضي الله عنه:  (فكل نبي من لدن آدم عليه السلام إلى آخر نبي) كان قبل محمد صلى الله عليه وسلم  ، وإنما صرح بآدم عليه السلام وعيسى عليه السلام؛ لأن بعضهم يفضلونهما على نبينا صلى الله عليه وسلم ، (ما منهم أحد يأخذ) المعارف الجليلة تتميز التجلي الذاتي عن الأسمائي مع عدم المغايرة بينهما (إلا من مشكاة خاتم النبيين)، إما من جهة النبوة فظاهر، وإما من جهة الولاية؛ فلأنها في الأصل له، وهي فيه أكمل على ما يصرح به الشيخ في الفص العزيري.
وإن لم تنسب إليه مشكاة الولاية، (وإن تأخر وجود طينته) أي: الوجود الجسماني له فمشکاته لحقيقته المتقدمة؛ لأنها ذاتية له؛ (فإنه بحقيقته موجود) قبلهم، (وهو) أي: دليل وجوده مع مشكاته قبلهم (قوله صلى الله عليه وسلم: "كنت نبيا وآدم بين الماء والطين" ) ولا نبوة بدون مشکاتها وقوله بين الماء والطين.
أي: لا ماء ولا طينا؛ لأن المتوسط بين الأمرين لا يكون أحدهما فلا متحقق بنبوته كما قال: (وغيره من الأنبياء ما كان نبيا إلا حين بعث)؛ لأن النبوة ليست ذاتية لهم فتتوقف على حصول شرائطها، وكذلك خاتم الأولياء) لكون كماله ذاتيا (كان وليا و آدم الكلية بين الماء والطين).
وإن كانت ولاية آدم عليه السلام أكمل من ولاية خاتم الأولياء، إلا إن مشكاتها لما نسبت إلى خاتم الولاية جعلت الولاية ذاتية له، فكأنها فيه أكمل (وغيره من الأولياء) المجردة ولايتهم (ما كان ولا إلا بعد تحصيله شرائط الولاية) الحاصلة تلك الشرائط (من الأخلاق الإلهية).
إذ تشبهوا بها (في الاتصاف بها) أي: بما يناسبها وتلك الأخلاق الإلهية هي المفهومة (من كون الله يسمى بالولي الحميد)، وإذا كانت ولاية خاتم الأولياء كأنها ذاتية له.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فكل نبي من لدن آدم إِلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إِلا من مشكاة خاتم النبيين، وإِن تأخر وجود طينته، فإِنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «كنت نبياً وآدم بين الماء والطين». و غيره من الأنبياء ما كان نبياً إِلا حين بُعِثَ. و كذلك خاتم الأولياء كان ولياً و آدم بين الماء و الطين، و غيره من الأولياء ما كان ولياً إِلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون اللَّه تعالى تسمّى «بالولي الحميد ».)
قال رضي الله عته : "فكلّ نبيّ - من لدن آدم إلى آخر نبيّ - ما منهم أحد يأخذ إلَّا من مشكاة خاتم النبيّين ، وإن تأخّر وجود طينته ، فإنّه بحقيقته موجود " ضرورة أنّه هو الغاية للحركة الوجوديّة بحسب الظاهر ، فإنّه الواضع بأفعاله وأقواله تمام الصورة الدالَّة على كنه المراد ، فله التقدّم بحسب الوجود على الكلّ ، فإنّه الموجود بوجود فاعله ، لكماله الخاصّ به متّحدا به ، (وهو قوله : " كنت نبيّا وآدم بين الماء والطين " وغيره من الأنبياء ما كان نبيّا إلَّا حين بعث ) .
( وكذلك خاتم الأولياء ) لأنّه هو الغاية لتلك الحركة بحسب الباطن ، وهو الكاشف بتقريره وتحريره تمام المراد وكنهه عن تلك الصور الموضوعة من خاتم الأنبياء ، فلذلك ( كان وليّا وآدم بين الماء والطين ، وغيره من الأولياء ما كان وليّا إلَّا بعد تحصيله شرائط الولاية ، من الأخلاق الإلهيّة في الاتصاف بها من كون الله يسمّى بالولي الحميد ) بيان لتلك الأخلاق وتنبيه إلى أنّ الولاية من الأوصاف الإلهيّة الأبديّة ، فختمها ليس بمعنى الانقطاع ، بل بمعنى تماميّتها
وكماليّتها ، ولا يمكن أن يختم أبواب تمامها وكمالها إلَّا باسم الكامل المطلق .
فخاتم الرسل من حيث ولايته نسبته مع الختم للولاية نسبة الأنبياء والرسل معه ، فإنّه الولي الرسول النبي ، وخاتم الأولياء الوليّ بذاته( الوارث ) مرتبة الرسالة والنبوّة منه ، ( الآخذ عن الأصل ) أسرارها ، ( المشاهد للمراتب ) بأطوارها .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فكل نبي من لدن آدم إِلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إِلا من مشكاة خاتم النبيين، وإِن تأخر وجود طينته، فإِنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «كنت نبياً وآدم بين الماء والطين». و غيره من الأنبياء ما كان نبياً إِلا حين بُعِثَ. و كذلك خاتم الأولياء كان ولياً و آدم بين الماء و الطين، و غيره من الأولياء ما كان ولياً إِلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون اللَّه تعالى تسمّى «بالولي الحميد ».)
قال الله رضي الله عنه : "فكل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إلا من مشكاة خاتم النبيين، وإن تأخر وجود طينته، فإنه بحقيقته موجود. وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «كنت نبيا وآدم بين الماء و الطين». و غيره من الأنبياء ما كان نبيا إلا حين بعث."
قال الله رضي الله عنه : (فكل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي) بل آدم أيضا (ما منهم أحد بأخذ) النبوة (إلا من مشكاة) روحانية (خاتم النبيين وإن تأخر وجود طينته) عن وجود ذلك النبي الذي يأخذ النبوة من مشكاته.
(فإنه)، أي خاتم النبيين (بحقيقته) وروحانيته (موجود) قبل وجود الأنبياء كلهم حتى آدم منعوت بالنبوة في هذا الوجود مبعوث إليهم وإلى من سواهم في عالم الأرواح.
(وهو)، أي وجوده صلى الله عليه وسلم قبل وجود الجميع وإنصافه بالنبوة بالفعل في هذا الوجود ما بدل عليه قوله: (كنت نبيا)، أي من عند الله مختصا بالإنباء عن الحقيقة الأحدية الجمعية الكمالية مبعوث إلى الأرواح البشريين و الملكيين.
(وآدم بين الماء والطين )، لم يكمل بدنه العنصري بعد فكيف من دون أنبياء أولاده وبيان ذلك : أن الله سبحانه وتعالى لما خلق النور المحمدي كما أشار صلى الله عليه وسلم إليه بقوله : (أول ما خلق الله نوري) جمع في هذا النور المحمدي جميع أرواح الأنبياء والأولياء جمعة أحدية قبل التفصيل في الوجود الجمعي.
وذلك في مرتبة العقل الأول ثم تعينت الأرواح في اللوح المحفوظ الذي هو النفس الكلية وتميزت بمظاهرها النورية .
فبعث الله الحقيقة المحمدية الروحية النورية إليهم نبيا ينبئهم عن الحقيقة الأحذية الجمعية الكمالية.
فلما وجدت الصور الطبيعية العلوية من العرش والكرسي، ووجدت صور مظاهر تلك الأرواح ظهر سر تلك البعثة المحمدية إليهم ثانيا.
فآمن من الأرواح من كان مؤهلا للإيمان بتلك الأحدية الجمعية الكمالية، ولما وجدت الصور العنصرية ظهر حكم ذلك الإيمان في كمل النفوس البشرية فآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فمعنى قوله : كنت نبيا أنه كان نبيا بالفعل عالما بثبوته (وغيره من الأنبياء ما كان نبيا) بالفعل ولا عالما بثبوته (إلا حين بعث) بعد وجوده بدنه العنصري واستكماله شرائط النبوة فاندفع بذلك .
ما يقال من أن كل أحد بهذه المثابة من حيث إنه كان نبيا في علم الله السابق علي وجوده العيني وآدم بين الماء و الطين.
قال رضي الله عنه : "وكذلك خاتم الأولياء كان وليا و آدم بين الماء والطين، وغيره من الأولياء ما كان وليا إلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون الله يسمى بالولي الحميد."
قال رضي الله عنه : (وكذلك خانم الأولياء) من كونه صورة من صور الحقيقة المحمدية ختمت بها الولاية الخاصة المحمدية أو الولاية المطلقة كان حكمه حكم خاتم النبيين (كان وليا) بالفعل عالم بولايته (وآدم بين الماء والطين وغيره من الأولياء ما كان وليا).
بالفعل ولا عالة بولايته (إلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها).
قوله : من الأخلاق الإلهية بيان للشرائط.
وقوله : في الاتصاف بها متعلق بالمعنى الفعلي المفهوم من قوله : شرائط، أي إلا بعد تحصيله ما يشترط في الإنصاف بالولاية بين الأخلاق الإلهية التي يتوقف الاتصاف بالولاية عليها مع أن الولاية أيضا من أخلاقه وصفات والاتصاف به إنما هو من أجل (كون الله) سبحانه (يسمى بالولي الحميد) فيتصفون بها ليكمل لهم الاتصاف بصفات الله والتخلق بأخلاقه .
ولما ذكر أن المرسلين من كون الأولياء لا يرون ما يرون إلا من مشكاة خاتم الأولياء وكان متوهم أن يتوهم أن هذا المعنى إنما يصح بالنسبة إلى من عدا خاتم الرسل.
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: