الأحد، 30 يونيو 2019

الفقرة الثامنة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة نوحية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة نوحية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة نوحية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة عشر :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : ("فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا» فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد.  فلو أخرجهم إلى السيف، سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وإن كان الكل لله و بالله بل هو الله. «قال نوح رب» ما قال إلهي، فإن الرب له الثبوت والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن.  فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو. «لا تذر على الأرض» يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها. المحمدي «لو دليتم بحبل لهبط على الله»، «له ما في السماوات و ما في الأرض».)
يقول الشيخ رضي الله عنه : " (فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا) فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد.  فلو أخرجهم إلى السيف، سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وإن كان الكل لله و بالله بل هو الله. «قال نوح رب» ما قال إلهي، فإن الرب له الثبوت والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن.  فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو. «لا تذر على الأرض» يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها. المحمدي «لو دليتم بحبل لهبط على الله»، (له ما في السماوات و ما في الأرض)."
قال رضي الله عنه : (فلم يجدوا)، أي الذين غرقوا (لهم من دون الله) سبحانه (أنصارا) ينصرونهم منه تعالى حيث اختطف حقائقهم إليه وأذاب نفوسهم في شهوده بين يديه (فكان الله) سبحانه (عين أنصارهم) إذ به النصر على كل حال في البعيد والقريب (فهلكوا كلهم
فيه)، أي اضمحلت ذواتهم في ذاته وصفاتهم في صفاته ، فلم يقدروا على التميز عنه والانفصال منه (إلى الأبد) فهم يعذبون بشهود جلاله في جماله ويستعذبون العذاب فيتلذذون بشهود جماله في جلاله وهذه حالة أهل النار في جميع الأطوار، فعذابهم لا ينقطع واستعذابهم لا يندفع والألم فيهم متجدد وهو نفس التلذذ المتعدد، يعرف هذا أهل الذوق السليم وأصحاب القلب الذي في عشقه لم يزل يهيم، والله بكل شيء عليم .
(فلو أخرجهم) من تلك البحار التي غرقوا فيها (إلى السيف) بالکسر ساحل البحر وهو كالسيف بالفتح القاطع عن معرفة المقصود (سیف الطبيعة) الذي هو کالسیف المصلت بيد الروح الأعظم (لنزل بهم) حينئذ (عن هذه الدرجة الرفيعة)، أي العالية التي هم فيها فكان الأنفع في حقهم ذلك الإغراق، لأن فيه اللقاء بعد الفراق.
(وإن كان الكل)، أي جميع العالم الموجود في حضرة الروح أو في حضرة الطبيعة (لله) وحده لا لنفسه (و) هو قائم (بالله وحده لا بنفسه شعر أو لم يشعر (بل هو الله) من حيث الحقيقة الفاعلية في الأعين العامية، ومن حيث الحقائق الصفاتية والاسمائية في أعين السالكين، ومن حيث حضرة الذات العلية في أعين الواصلين الواقفين.
قال رضي الله عنه : (قال نوح) عليه السلام ("رب")، أي يا رب (وما قال: إلهي)، أي يا إلهي (فإن الرب) هو الله تعالى المتجلي بمظهر (له الثبوت) الوهمي في عين تنوعه بتكرره بالأمثال في أمره الذي هو كلمح البصر، ولهذا يعرفه كل شيء، ويشهده من حيث لا يعرف أنه يعرفه وأنه يشهده .
(والإله) هو الله تعالى الذي يتنوع) في تجليه (بالأسماء) الحسنى الظاهرة بأثارها المختلفة، فمن شهد الرب لم يتكرر عليه تجليه، ولا اختلف من حيث أمثاله المضروبة ومن شهد الإله تكرر عليه التجلي واختلف اختلاف الأرباب مع المربربين، فالإله هو الرب من جهة كثرة تجلياته الثابتة باعتبار کل مربوب، والرب هو الإله من جهة خصوص كل نوع من التجلي، فالرب بعض الإله، والإله أرباب كثيرة وهذا من حيث الحضرات لا من حيث الذات، لأن الحق سبحانه لا يتجزی ولا يتبعض.
(فهو)، أي الإله المتنوع بالأسماء (" كل يوم ") من أيام أمره الذي هو كلمح البصر ("هو في شأن" ) [الرحمن: 29].
أي أمر وحال باعتبار اختلاف أحوال خلقه وتقلب أمورهم أسرع ما يكون، وذلك الشأن الذي فيه الإله تعالى فيه العبد أيضا.
قال تعالى: "وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61) [يونس: 61].
فقوله : وما تتلوا منه ، أي من ذلك الشأن الذي تكون فيه من قرآن، بيان لما تتلو، وهو شأن الله الذي هو فيه كل يوم، فالشأن مشترك بين الحق وبين العبد، والقرآن مخصوص به تعالى، وما تعملون من عمل مخصوص بنا، وجمع الشهود لاختلاف حضرات الموجود، فهو شأن في مقام الاشتراك، وهو قرآن في مقام الألوهية، وهو عمل في مقام العبودية .
(فأراد) نوح عليه السلام (بالرب ثبوت التلوين)، أي استمراره على وتيرة واحدة بحيث يبقى كثيرة واحدة، وهو التمكين في التلوين وهو مقام عالي، ولو أن القائل كل يوم تتلون غير هذا بك أحسن قال مکان ذلك كل يوم تتلون أن هذا بك أحسن لكان أحسن (إذ لا يصح) في الوجود الكوني (إلا هو)، أي التلوين لأنه به قيام الكون، فإن الكون لون متكرر، ولا تكرار لسعة الحضرات والتجليات، فهي ألوان مختلفة وهي أكوان مؤتلفة .
وهذا هو الذي يصح إذ لا يصح الوقوف ولا الثبوت المعروف، فإن الكل حركة وفي الحركة بركة والبركة هي الزيادة، والزيادة خارجة عن الأصل، وقيامها بالحركة الأمرية وهي كلمح البصر وذلك هو التلوين (لا تذر)، أي تترك (على الأرض)، التي هي بعض أجزائها (يدعو عليهم) جزاء لتكذيبه فيما دعاهم إليه مما هم فيه (أن يصيروا في بطنها)، أي الأرض ليطلعوا على حقيقة ما دعاهم إليه (وهو في الوارث المحمدي) قوله (لو دليتم بحبل لهبط) ذلك الحبل (على الله) من حيث إنه تعالی حامل قال تعالى: "وحملناهم في البر والبحر" [الإسراء: 70]، والحبل هو القرآن . ورد الحديث بلفظ : "والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله ، ثم قرأ: "هو الأول والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم 4 [الحديد: 3] "رواه الترمذي والطبراني وغيرهما .
قال تعالى : "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " [آل عمران: 103] . فإن من اعتصم به وتدلى أي تواضع لله رفعه الله إليه، فيفنی وجوده ويبقى وجود الحق سبحانه وتعالى.
وقال تعالى: ("له ما في السموات") من العوالم العلوية التي هي مدفونة فيها ، أي مندرجة في حقائق سكانها (" وما في الأرض" ) [البقرة: 255] من العوالم السفلية المدفونة فيها، وكونها له ظهوره بها لأنه بكل شيء محيط ، فله الفوق وله التحت من بعض ما له فلا يفيده ذلك.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : ("فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا» فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد.  فلو أخرجهم إلى السيف، سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وإن كان الكل لله و بالله بل هو الله. «قال نوح رب» ما قال إلهي، فإن الرب له الثبوت والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن.  فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو. «لا تذر على الأرض» يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها. المحمدي «لو دليتم بحبل لهبط على الله»، «له ما في السماوات و ما في الأرض».)
قال رضي الله عنه : (فلم يجدوا) هذا القوم في وقت إدخالهم النار في عين الماء (لهم) أي لأنفسهم (من دون الله أنصارا فكان الله) تعالى في ذلك الوقت (عين أنصارهم) .
لأنهم لم يروا في ذلك المقام إلا آثار الألوهية لأنهم يشاهدون الحق في جميع المظاهر فلم يروا غير الله شيئا وهذا هو معنى العينية فإذا كان الله عين أنصارهم (فهلكوا فيه) أي في الله تعالى.
(إلى الأبد) فلم يخرجهم من هذا المقام إلى عالم بشریتهم (فلو أخرجهم إلى السيف) بكسر السين (سيف الطبيعة) أي إلى ساحل طبيعتهم (لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة) لنية محبوبهم بظهور الطبائع (وان كان الكل) أي وإن كان كل واحد من العالم مختصة (لله) .
(و) قائمة (بالله بل) كل واحد منهم في نظر هذا الشخص (هو الله) لغيبة شيئية الأشياء بظهور نور الحق كخفاء النجوم بطلوع الشمس فلا أثر ولا نور ولا وجود للنجوم عند من نظر إلى الشمس لا في الواقع أو بحذف المضاف .
أي هو مظهر الله (قال نوح عليه السلام) في دعائه (رب ما قال إلهي فإن الرب له الثبوت) في الربوبية (والإله بتنوع بالأسماء وهو) أي الإله (كل يوم هو في شأن) الشأن والحال لا ثبوت له.
قال رضي الله عنه : (فأراد بالرب ثبوت التكوين إذ لا يصح إلا هو) أي لا يصح الترقي في السلوك إلا بالثبوت في التكوين وهو التكون في الأسماء وهو أعلى من التمكين فيها .
فالتجاء نوح عليه السلام في دعائه إلى ما يعطى هو هذا المقام له إذ لا يقضي الله تعالی حاجته إلا على أيدي هذا الاسم (لا تذر على الأرض يدعوا عليهم أن يصيروا في بطنها لئلا يضلوا عباد الله ويصلوا إلى مطلوبهم في بطن الأرض وجاء كون الحق في بطن الأرض و في بطون جميع الأشياء في المحمدي لو دليتم بحبل ليهبط على الله له ما في السموات وما في الأرض) .
فإذن كان الحق في باطن الأرض المعنوي والصوري.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : ("فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا» فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد.  فلو أخرجهم إلى السيف، سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وإن كان الكل لله و بالله بل هو الله.
«قال نوح رب» ما قال إلهي، فإن الرب له الثبوت والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن.  فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو. «لا تذر على الأرض» يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها. المحمدي «لو دليتم بحبل لهبط على الله»، «له ما في السماوات و ما في الأرض».)
فلم يجدوا لهم "من دون الله أنصارا" (نوح: 20 ) فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد.
فلو أخرجهم إلى السيف، سیف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وإن كان الكل لله وبالله بل هو الله.
"قال نوح رب" ما قال إلهي، فإن الرب له الثبوت والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن. فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو.
"لا تذر على الأرض" (نوح: 26) . يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها.
المحمدی "لو دليتم بحبل لهبط على الله".
"له ما في السماوات وما في الأرض" (البقرة: 255) وإذا دفنت فيها فأنت فيها وهي ظرفك "وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم" تارة أخرى" (طه: 55) لاختلاف الوجوه.
ثم شرع في تقرير قوله: "لا تذر على الأرض" (نوح: 26) وقصده أن يعظم أقدارهم في دخولهم في باطن التوحيد ثم استشهد بما نقله المحمديون من قولهم: إنه، عليه السلام، قال "لو دليتم بحبل لهبط على الله."
ثم أخذ يبين معنى قوله تعالى: "وفيها نعیدکم" بالغيبة في الوحدانية "ومنها تخرجکم"(طه: 55) بالظهور إلى اسمه الظاهر.
قال: لاختلاف الوجوه، وهو جواب عن سؤال مقدر كأن قائلا قال له : فإذا لم يكن هناك إلا الحق فما معنى تعید کم ونخرجكم، وحقيقة الوحدانية يقتضي أن لا خروج ولا إعادة؟
فقال إن الأسماء الإلهية منها الظاهرة ومنها الباطنة وهذه من الوجوه.
فكأنه قال: إن ذلك إنما كان الاختلاف اعتبارات الأسماء الإلهية وإليها استند؛ الكافرون الذين "استغشوا ثيابهم وجعلوا أصابعهم في آذانهم» (نوح: 7) طلبا للستر لما طلبهم ليغفر لهم أي يسترهم.
ثم أخذ يبين معنى قوله: "لا تذر على الأرض من الکافرین دیارآ" (نوح: 29) أحدا يسكن الديار قال: حتى إذا أخذهم إليه كلهم عمت المنفعة بجميعهم كما عمت الدعوة جميعهم.
ثم أخذ يبين معنى قوله تعالى«إنك إن تذرهم» (نوح: 27) وتتركهم ولا تغمرهم بالوحدانية يضلوا عبادك فيخرجوهم من العبودية إلى ما فيهم من أسرار الربوبية.
وسبب ذلك أن من غمره التوحيد ينسى الفرق الأسمائي، فأما إن تركهم وشركهم دعوا الناس إلى الفرق، فأضلوهم بإخراجهم عن العبودية إلى تحقق أنهم عين الأرباب بل عین الرب .
وذلك هو نظرهم إلى أنفسهم أي يرون حقيقة أنفسهم، فيجدونها ليست غیر معبودهم، فينتقلون إلى الربوبية من العبودية ولذلك ذکر "عبادك" في قوله: "يضلوا عبادك" ولم يقل: يضلوا خلقك.
ثم انتقل إلى معنى قوله: "ولا يلدوا" (نوح: 27)، معناه: ولا يظهرون إلا فاجرا أي مظهرا من قولك فجرت النهر ونحوه، فإن الظهور يلزمه والكفار هو الذي يتكرر منه الكفر وهو الستر . والمراد هنا ستر خاص وهو ستر ما أظهره بفجوره کالانكار بعد الإقرار .

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : ("فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا» فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد.  فلو أخرجهم إلى السيف، سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وإن كان الكل لله و بالله بل هو الله. «قال نوح رب» ما قال إلهي، فإن الرب له الثبوت والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن.  فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو. «لا تذر على الأرض» يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها. المحمدي «لو دليتم بحبل لهبط على الله»، «له ما في السماوات و ما في الأرض».)
قال رضي الله عنه : فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ من دُونِ الله أَنْصاراً " وكان الله عين أنصارهم ، فهلكوا فيه إلى الأبد ، فلو أخرجهم إلى السيف ، سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة ، وإن كان الكل لله وبالله بل هو الله " .
يعني رضي الله عنه : إذا قطعت النظر إلى الحق ، فلا يبقى للعابد فيما عبد من ناصر ينصره ، وإذا تحوّل الحقّ في صور اعتقاد المعتقدين العابدين فيما عبدوا واعتقدوا ، فحينئذ يكون الله قد نصرهم ، بما تجلَّى لهم ونظرهم ، وإلَّا فهم في تبار وخسار .
وإن كان عرفان في نفس إنكار ، وإقبال في عين إدبار ، لكون مصير الكلّ إلى الله الواحد القهّار ، ويؤول كالآل مآله إليه عند إمكان الاعتبار ، ومشرب التحقيق يقتضي أن تصير الأمور عين المصير ويؤوّل تأويله عند التحقّق أنّه هو " حَتَّى إِذا جاءَه ُ لَمْ يَجِدْه ُ شَيْئاً وَوَجَدَ الله عِنْدَه ُ " .
وهذا شهود فغرق في بحار الحيرة ، الأخيرة للخيرة ، فلو أخرجهم الله عن هذا البحر الزخّار والتيّار الدوّار ، ورماهم إلى ساحل طبيعة التقيّد والتعيّن ، لنزل بهم إلى الفرق الحجابي عن الجمع الكتابي وإن كان كلّ تعيّن عين المتعيّن به وقائما وظاهرا ، بل هو هو ، ولكن تعيّن المطلق في المقيّد ظهور مقيّد وحدّ محدّد ، فافهم .
قال رضي الله عنه : « قال : « ربّ » ما قال : إلهي ، فإنّ الربّ ، له الثبوت ، والإله يتنوّع بالأسماء ، فهو كلّ يوم في شأن .
فأراد بالربّ ثبوت التلوين ، إذ لا يصلح إلَّا هو . " لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ " يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها " .
يعني رضي الله عنه : أنّهم مسهّرون بالظهور في الفرق ، وهو ظاهر الأرض وذلك عين دعوته لهم إلى الباطن الأحدي الجمعي .
قال رضي الله عنه : « المحمّديّ " لو دلَّيتم بحبل لهبط على الله " .
يريد رضي الله عنه أنّ الحق من كونه عين مركز الكلّ ، والمحيط نسبة الفوق إليه كنسبة التحت ، فكما أنّه عين فوقيّة كلّ فوق فكذلك هو عين تحتية كل تحت .
قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : « لو دلَّيتم بحبل ، لهبط على الله " .
وقال : " لَه ُ ما في السَّماواتِ وَما في الأَرْضِ " فإذا دفنت فيها فأنت فيها ، وهي ظرفك "وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى " لاختلاف الوجوه  .
يعني رضي الله عنه : ظهورهم في ظاهرية أرض المظهر بالفرق من جهة كثراتهم بتعيّناتهم في صور الخلق والفرق في أحدية عين الحق .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : ("فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا» فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد.  فلو أخرجهم إلى السيف، سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وإن كان الكل لله و بالله بل هو الله.
«قال نوح رب» ما قال إلهي، فإن الرب له الثبوت والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن.  فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو. «لا تذر على الأرض» يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها. المحمدي «لو دليتم بحبل لهبط على الله»، «له ما في السماوات و ما في الأرض».)
قال رضي الله عنه : (" فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ من دُونِ الله أَنْصاراً " ) لأن الله إذا تجلى بذاته لهم أحرقهم وكل ما في الكون فلم يبق أحد ينصرهم ، لكن الله أحياهم به .
كما قال : ومن أحيانى فأنا قتلته ، ومن قتلته فعلىّ ديته ، ومن علىّ ديته فأنا ديته ولهذا قال (فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد ) لأن هلاكهم فيه عين حياتهم وبقائهم به ، فهو المهلك المبقى وهو الناصر المحيي ( فلو أخرجهم إلى السيف سيف الطبيعة ، لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة ) أي لو أنجاهم من الغرق في هذا البحر إلى ساحل الطبيعة ، وتركهم مع تعيناتهم ، لانحطوا عن هذه المرتبة إلى عالم الطبيعة ، واحتجبوا بتعيناتهم عنه.
( وإن كان الكل لله وباللَّه بل هو الله ) أي وإن كان أهل الطبيعة بائنين لله وباللَّه قانتين ، بل كل ما في الوجود هو الله ، ولكن بحسب الأسماء تتفاضل الدرجات وتتفاوت ، وبين الخافض والرافع والديان والرحمن بون بعيده .
( قال نوح رب ) المراد بالرب الذات مع الصفة التي يقتضي بها حاجته ويسد خلته ، فهو اسم خاص من أسمائه بالأمر الذي دعاه إليه وقت النداء ولذلك خص بالإضافة ( ما قال إلهى فإن الرب له الثبوت ) أي الثبوت على الصفة التي يكفى بها مهمه .
من غير أن يتحول إلى صفة أخرى فيكون اسما آخر ( والإله يتنوع بالأسماء فهو " كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ " فأراد بالرب ثبوت التلوين ) أي ثبوت ظهوره في صورة توافق مراده في دعائه وهو التلوين ( إذ لا يصح إلا هو ) في مقام الإجابة لدعائه .
وهو قوله " لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ " أي حال الظهور في الفوق الذي هم مستهزؤن به وهو ظاهر الأرض (يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها) وذلك عين دعوته لهم إلى الباطن الأحدى الجمعى ( المحمدي : لو دليتم بحبل لهبط على الله ) أي هو التحت كما هو الفوق. وقال : " لَه ما في السَّماواتِ وما في الأَرْضِ "  أي الظهور بصورها.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : ("فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا» فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد.  فلو أخرجهم إلى السيف، سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وإن كان الكل لله و بالله بل هو الله. «قال نوح رب» ما قال إلهي، فإن الرب له الثبوت والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن.  فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو. «لا تذر على الأرض» يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها. المحمدي «لو دليتم بحبل لهبط على الله»، «له ما في السماوات و ما في الأرض».)
يقول الشيخ رضي الله عنه : ("فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا"، فكان الله عين أنصارهم، فهلكوا فيه إلى الأبد.) أي، حين ادخلوا في نار القهر والإفناء بتجلي القهار لهم، لم يجدوا لهم ناصرا ينصرهم غير الله. وفي هذا المعنى الجمعي شاهدوا أن أنصارهم في جميع المقامات، الذين نصروهم في سلوكهم من المكملين وأخرجوهم من المضائق، وكانوا مظاهر الله، فكان الله عين أنصارهم دنيا وآخرة، فهلكوا في الحق وفنوا في ذاته أبدا وحيوا بحياته سرمدا، وتبدلت بشريتهم بالحقيقة، كما قال: (كنت سمعه وبصره). فينادون بلسان حالهم:
تسترت عن دهري بظل جناحه  ..... فعيني دهري وليس يراني
فلو تسأل الأيام ما اسمى ما درت    ...... وأين مكاني، ما درين مكاني
(فلو أخرجهم إلى السيف، سيف الطبيعة، لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة) أي، لو أخرجهم الحق من الجناب الإلهي والحضرة القدسية إلى عالم بشريتهم، مرة أخرى، لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة إلى ساحل بحر الطبيعة.
إذ (السيف)، بكسر السين وسكون الياء، هو الساحل. وهذا حال المهيمين في جمال الله، ليس لهم الرجوع إلى الخلق ثانيا، كما لغيرهم منالكمل المكملين. وإنما قال: (إلى السيف، سيف الطبيعة). ولم يقل: إلى الطبيعة. لأن الكمل الراجعين من الحق إلى الخلق وإن نزلوا إلى الطبيعة ثانيا، لكنهم لهم يظهروا بها وبآثارها كظهورهم قبل سلوكهم، بل يظهرون بالحقفيها، فكأنهم بقوا بمعزل عن الطبيعة وأفعالها، بل واقفين في ساحلها بأمر ربها.
(وإن كان الكل لله وبالله بل هو الله). أي، وإن كان الكل عبدا لله وقائم الله، سواء كان طبيعة أو أهلها. بل الكل، من حيث هو كل، مظهر للإسم
الجامع الذي هو الله، لكن تتفاوت درجات المقامات ومراتب أهلها كما تتفاوت درجات الأسماء الإلهية في الحيطة وغيرها. وإنما قلت: من حيث هو كل. لأن الذات مع جميع الصفات إنما تظهر في الكل، لا في كل واحد، وإن كانت الذات مع كل واحد من المظاهر. والقطب الحقيقي لكونه مظهرا للإسم الأعظم الإلهي، مظهر للذات مع جميع الصفات، وغيره ليس كذلك.
واعلم، أن الكمل بعد وصولهم إلى الحق بفناء ذواتهم، يبقون ببقاء الحق و
يحصل لهم الوجود الحقاني، ثم في رجوعهم من الله إلى الخلق يشاهدون الحق فيكل مرتبة بالحق، لا بأنفسهم، إلى أن يكمل سيرهم في أمهات المظاهر الإلهية ويعلمون أسرار الوجود في كل مرتبة من مراتب عالم الغيب والشهادة بأسرها، فينزل الحق كلا منهم في مرتبة من مراتب الكمل: فمنهم من يجعله غوثا وقطبا، ومنهم من يتحقق بمقام الإمامين الذين هما في يمين القطب ويساره كالوزيرين للسلطان، ومنهم من يبقى من الأبدال السبعة وهم الأقطاب المدبرون للأقاليم السبعة، وغير ذلك من مراتب الأولياء. ومن لم يرجع من تلك الحضرة الرفيعة، يلحق بالملائكة المهيمة.
(قال نوح: رب. ما قال: إلهي. فإن الرب له الثبوت، والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن. فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو). أي، خص اسم (الرب) في دعائه مضافا إلى نفسه، لأن الرب، في أي اسم كان وصفة، لا يقتضى إلا المربوب، فهو ثابت في ربوبيته للعباد، ليقضي حوائجهم ويكفي مهماتهم.
وأما (الإله) فغير مقيد بصفة معينة واسم مخصوص، لأنه مشتمل على جميع الصفات والأسماء، فإذا دعاه الداعي بقوله: يا إله، أو: يا الله، لم يدعه إلامن حيث اسم مخصوص مناسب لما يدعو. فإن المريض، مثلا، إذا التجى إلى هذا الاسم، فإنما يلتجي إليه من كونه شافيا و واهبا للعافية. والغريق إذا قال: يا الله، فإنما يلتجي إلى هذا الاسم من كونه مغيثا و منقذا، ونحو ذلك.
فيتنوع في الأسماء بحسب ظهوراته بالإحياء والإماتة والإيجاد والإعدام، إذ (كل يوم هو في شأن). وإضافة الإله إلى نفسه لا يخرجه عن مقام إطلاقه، إذ هو إله الكل بخلاف الرب، فإن رب موجود معين، ليس ربا لغيره، وإن كان الرب المطلق رب الكل.
فالرب يتقيد بالإضافة والإله لا يتقيد. فأراد نوح، عليه السلام، في دعائه بالاسم (الرب)، ما هو ثابت في ربوبيته كاف لمهماته قاض لمراداته في عين التلوين، أي، في عين تلوينات نوح، عليه السلام، في مراتبه الروحانية والقلبية.
(إذ لا يصح إلا هو) أي، إذ لا يصح في الترقي في الدرجات إلا ثبوت مقامالتلوين، فإنه بالتلوين يترقى من مقام إلى مقام.
قال الشيخ رضي الله عنه في اصطلاحاته: (إن مقام التلوين أعلى من مقام التمكين). ويريد به التلوين في الأسماء بعد الوصول، أو التلوين في مقامات القلب والروح لا النفس فإنه مذموم لظهوره في مقام القلب تارة ومقام النفس أخرى، بل التمكين أيضا قبلالوصول بمعنى الوقوف في بعض المقامات مذموم، لأنه لا يترقى إلى مقام الفناء.
("لا تذر على الأرض" يدعوا عليهم أن يصيروا في بطنها). المراد ب (الأرض) عالم الأجسام كلها.
أي، دعا عليهم أن يدخلهم الحق في باطن عالم الملك الذي هو أرض بالنسبة إلى عالم الملكوت الذي هو السماء، ولا يذرهم على وجه الأرض ليتخلصوا من العوالم الظلمانية الحاجبة للأنوار القدسية والوحدة الحقيقية، أو الأرض المعهودة، فإنها أيضا حضرة من أمهات الحضرات.
أي، لا تذرهم على وجه الأرض، بل أدخلهم في باطنها ليتضح عليهم ملكوت ما يخرج منها، فإن السالك إذا دخل في حضرة من الحضرات الإلهية، يكشف له ما في تلك الحضرة من الأعيان والحقائق وأسرارها.
(المحمدي: "لو دليتم بحبل لهبط على الله". "له ما في السماوات وما في الأرض".) أي، وجاء القلب المحمدي بقوله: (لو دليتم بحبل لهبط على الله.) فأخبر أن الله في باطن الأرض، كما أنه في باطن السماء وقال: (له ما في السماوات) أي عالم الأرواح، (وما في الأرض) أي، عالم الأجسام. وهو نور السماوات والأرض، فلا يخلوا السماوات والأرض منه.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : ("فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا» فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد.  فلو أخرجهم إلى السيف، سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وإن كان الكل لله و بالله بل هو الله.
«قال نوح رب» ما قال إلهي، فإن الرب له الثبوت والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن.  فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو. «لا تذر على الأرض» يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها. المحمدي «لو دليتم بحبل لهبط على الله»، «له ما في السماوات و ما في الأرض».)
قال رضي الله عنه : ("فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا» فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد. فلو أخرجهم إلى السيف، سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وإن كان الكل لله و بالله بل هو الله. «قال نوح رب» ما قال إلهي، فإن الرب له الثبوت والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن.  فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو. «لا تذر على الأرض» يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها. المحمدي «لو دليتم بحبل لهبط على الله»، «له ما في السماوات و ما في الأرض».)
قال رضي الله عنه : (فلو أخرجهم) أي: الظالمين المصطفين عن هذا البحر المهلك لهم في الله إلى السيف) أي: الساحل (سیف الطبيعة) إذ ليس وراء ذلك البحر سواها (لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة)، وهي الهلاك في الله بغلبة وجوده على وجوداتهم، (وإن كان الكل) أي: وجوداتهم (لله) من مجاليه.
(وبالله) أي: قائما به إذ لا وجود لشيء من نفسه بل من الوجه الذي يليه، (بل هو الله) إذ لا وجود في الحقيقة سواه، ولا تحقق لشيء في الخارج سوی الموجود .
كما قال الإمام حجة الإسلام الغزالي في الباب الثالث من كتاب التلاوة من "الإحياء" بل التوحيد الخالص ألا نرى في كل شيء إلا الله لكن لو أخرجهم عن الطبيعة، وهي من حيث هي طبيعة حاجبة عن الله لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة فإن التجلي الإلهي، وإن عم فهو متفاوت إلى ما لا نهاية له.
ثم أشار رضي الله عنه : إلى ما دعا به نوح عليه السلام في حق أولئك الظالمين المصطفين بطريق الإشارة في ضمن دعائه على الطغاة بطريق العبارة عند رؤية استغراقهم في بحار العلم بالله الموجب للحيرة برؤية الجمع الذي هو رؤية الحق بلا خلق.
فقال رضي الله عنه: ("وقال نوح رټ" [نوح: 26]).  و(ما قال) في الدعاء: (إلهي فإن الرب) من حيث إن له نسبة خاصة إلى مربوب خاص (له الثبوت) على وجه خاص في تربيته لا يتجاوزه إلى غيره، (والإله ) احترز عنه؛ لأنه (يتنوع بالأسماء) التي تحت حيطته في التجليات (فهو) أي: الإله ("كل يوم هو في شأن" [الرحمن: 29])، في تجليه على مألوهه.
قال رضي الله عنه : (فأراد) نوح عليه السلام بالرب أي: باختيار لفظ (الرب) في دعائه (ثبوت التلوين) أي: طلب ثبوت التلوين، وهو الفرق بعد الجمع لأولئك الظالمين المصطفين؛ لئلا يردوا إلى مقام الجمع المحض أو إلى الفرق الأول بعد ذلك.
وإنما قلنا: أراد ذلك مع أنه لم يصرح به (إذ لا يصح) في حقهم طلب شيء (إلا هو) أي: التلوين؛ لأن مقام الجمع موجب للإضلال، ومقام الفرق الأول نزول إلى السفل فلم يبق لهم إلا مقام التلوين.
("لا تذر على الأرض" [نوح: 26])، أي: فوقها، وهي سماء الجمع بل اجعلهم تحتها فهو (يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها) أي: أن يصيروا باطنا، والحق ظاهرا. وهذا هو الكمال في مقام الفرق بعد الجمع.
وإنما قال رضي الله عنه: يدعو عليهم مع أنه دعاء لهم لمشاكلته عبارة القرآن الواردة في الدعاء على الطغاة، ويدل على أن الحق هو الظاهر ، والخلق هو الباطن، ما قال النور (المحمدي «لو دليتم بحبل لهبط على الله").
ولا شك أن محل الهبوط هو السطح الظاهر من المهبوط عليه، ويدل عليه أيضا قوله تعالى: ("له ما في السموات والأرض" [البقرة:116]. فخص وجود كل منهما بالحق فهو الظاهر، وما فيهما الباطن .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : ("فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا» فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد.  فلو أخرجهم إلى السيف، سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وإن كان الكل لله و بالله بل هو الله.
«قال نوح رب» ما قال إلهي، فإن الرب له الثبوت والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن.  فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو. «لا تذر على الأرض» يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها. المحمدي «لو دليتم بحبل لهبط على الله»، «له ما في السماوات و ما في الأرض».)
قال الشيخ رضي الله عنه : (" فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ من دُونِ الله أَنْصاراً " ) لفناء الكلّ في ذلك البحر ( وكان الله عين أنصارهم ، فهلكوا فيه ) من نفوسهم وأحكامها الامتيازيّة.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إلى الأبد ، فلو أخرجهم إلى السيف "سيف الطبيعة " لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة ، وإن كان الكلّ لله وباللَّه ، بل هو الله ) أي وإن كان الساحل وجميع ما ينسب للبحر هو له وبه يوجد ، إذ بدونه لا يقال له ذلك ، بل الكل في نظر الشهود الجمعي هو البحر ،إذ ليس لذلك البحر ساحل.
لا ترم في شمسه ظلّ السوي   ..... فهي شمس وهي ظل وهي فيء
وملخّص ما في هذه العبارة من الإشارة أن في عين الطبيعة ثلاث اعتبارات :
أنزلها كونها أثرا للذات وفعلا لها ، وهو المشار إليه بالطبيعة .
وبعده كونها صفة قائمة بها ، غير متحقّقه بدونها ، وهو المشار إليه بالسيف .
وأعلاها كونها عينها ، كما هو في نظر الأعلى العالم الذي هو الكامل في الإخلاص  فعلم أنّ مشهود الأعلى ليس أمرا خارجا عن الطبيعة ، بل هو عينها ، لكن فيها مواطن بعضها أعلى ، وبعضها أنزل .
ومن جملة تلك الحكم ما ( قالَ نُوحٌ رَبِّ " ) " لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ من الْكافِرِينَ دَيَّاراً " [ 71 / 26 ] ( ما قال : « إلهي » ، فإنّ الربّ له الثبوت ) باعتبار أن لكلّ نوع ربّا يخصّه ، فلا يختلف مقتضياته ويثبت على اقتضاء واحد ( والإله يتنوّع بالأسماء ) باعتبار الجمعيّة التي له. قال الشيخ رضي الله عنه : (فهو كلّ يوم في شأن فأراد بالربّ ثبوت التلوين ) فإنّ الاستثبات والتمكَّن في نظر التحقيق ما هو في عين التلوين والتجدّد ، لأنّ المقامات إنّما تصحّ عند الأعلى العالم إذا جاوز إلى مقابله ، وبه تمّ ظهوره ، فالصحيح من التمكين ما هو في عين التلوين ( إذ لا يصحّ إلَّا هو ) .
قال الشيخ رضي الله عنه : (" لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ " يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها ) أي يتحقّقوا بحقيقة البطون ، ولا يبقوا على ظاهر أرض الظهور ، عاكفين بمشاعرهم على سنائرمن سنا"  صورها التنزيهيّة وحجبها الإمكانيّة الاعتقاديّة ، على ما هو مقتضى دعوته بقوله لهم " فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا " ليشاهدوا الحقّ في أسفل الحقائق ومركز الخفاء ، ولا يخصّوه بالعلوّ الذي في حيطة التقابل وهذا وإن كان دعاء لهم بحسب الحقيقة ، لكن بحسب تعيّناتهم التي بها هم الكافرون يكون عليهم ، ضرورة فنائها بالكلَّية عند هذا التحقّق .
( المحمّديّ ) له في هذه الحكمة وجوه منها قوله: ( « لو دلَّيتم بحبل لهبط على الله » ) .
وقوله : ( " لَه ُ ما في السَّماواتِ وَما في الأَرْضِ " ) [ 2 / 255 ] .
الأوّل يدلّ على ثبوت تلك النسبة للذات ،
والثاني على ما لها من الأفعال .
ثمّ إنّ من شأن من يؤتى جوامع الكلم أن يثلث الدالّ في كل أمر .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : ("فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا» فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد.  فلو أخرجهم إلى السيف، سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وإن كان الكل لله و بالله بل هو الله.
«قال نوح رب» ما قال إلهي، فإن الرب له الثبوت والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن.  فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو. «لا تذر على الأرض» يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها. المحمدي «لو دليتم بحبل لهبط على الله»، «له ما في السماوات و ما في الأرض».)
قال الشيخ رضي الله عنه : ("فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا» فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد. فلو أخرجهم إلى السيف، سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة،).
("فلم يجدوا")، أي لما أدخلوا قوم نوح نارا في عين الماء لم يجدوا ("لهم ")، أي لأنفسهم ("من دون الله أنصارا") [نوح: 25].
بل وجدوا الله سبحانه متجلية بصور أنصارهم (بل كان الله عين أنصارهم) وإن كانوا يتخيلونه قبل ذلك غيرهم (فهلكوا)، أي فنوا (فيه)، أي في الله سبحانه (إلى الأبد) لا يردون لأنفسهم وطبائعهم قطعا (فلو أخرجهم) الله سبحانه من لجة الهلاك والفناء فيه على سبيل الفرض والتقدير (إلى السيف سيف الطبيعة)، أي الطبيعة البشرية التي هي كالساحل لهذه اللجة فإن السيف بكسر السين وسكون الياء هو الساحل.
(لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة) التي هي الاستغراق في لجة الغناء في الله إلى المرتبة النازلة التي هي الخروج إلى ساحل الطبيعة، وإنما قلنا على سبيل الفرض والتقدير، لأن عادة الله سبحانه ليست جارية على أن ينزل المستغرق في لجة الفناء وبحر الجمع إلى ساحل الطبيعة والتفرقة.  وذلك مرادهم بما قالوا: الفاني لا يرد .
فإن قيل : لعله رضي الله عنه أراد به الإخراج إلى ظاهر الطبيعة لا إلى حقيقتها و ذلك ممکن بل واقع.
قلنا : لا يصح حينئذ قوله : لنزل بهم الخ.
لأن الخروج إلى صورة الطبيعة والتفرقة مقام جمع الجمع والفناء في الله لا خروج إلى صورة الطبيعة. فمقام الجمع الأول أرفع من الثاني.
اللهم إلا أن يقال : هذا بناء على أن صاحب الجمع أشرف حالا وإن كان صاحب جمع الجمع أعلا فضيلة وكمالا .
قال رضي الله عنه :"وإن كان الكل لله و بالله بل هو الله. «قال نوح رب» ما قال إلهي، فإن الرب له الثبوت والإله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن.  فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ لا يصح إلا هو. «لا تذر على الأرض» يدعو عليهم أن يصيروا في بطنها."
قال الشيخ رضي الله عنه:  (وإن كان الكل)، أي كل من الطبيعة و غيرها من المراتب الكونية ملكها (لله تعالی) مخلوقا له ليكون مجلى لجماله ومظهرا لشؤونه وأحواله (و) متحققا (بالله) قائمة به، لأنه هو الوجود الحق القيوم المطلق (بل هو الله) لسريانه بأحدية جمعه الإلهي في كل شيء لكنه تتفاضل مراتبه بتفاضل أسماءه وصفاته وتفاوت تقلباته في الصورة وتجلياته فمرتبته من حيث أحدية جمعه الأحدي أرفع من مرتبته باعتبار ظهوره في مرتبة الطبيعة، فمن أخرج من بحر شهود أحذية جمعة إلى ساحل الطبيعة يكون نازلا عن درجة أرفع إلى درجة أخفض وأوضح.
ثم أشار رضي الله عنه إلى قوله تعالى ("قال نوح رب" ما قال : إلهى فإن الرب له الثبوت) [نوح: 21] بحسب المادة والصيغة .
أما بحسب المادة، فلما ذكر رضي الله عنه في جواب السؤال الحادي والثلاثين للترمذي معناه، أي معنى الرب الثابت يقال : رب بالمكان إذا قام فيه وثبت.
وأما بحسب الصيغة فلأنه صفة مشبهة تدل على ثبوت مبدأ الاشتقاق للذات المبهمة من غير دلالة على تجدد وانصرام (والإله بتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن). فتارة يتجلى بالأسماء الربوبية وتارة بخلافها، ولا شك أن مقام الدعاء وطلب الإجابة إنما بطلب الأسماء الربوبية ودوام آثارها، فلهذا اختار نوح عليه السلام اسم الرب لا الإله.
فإنه وإن كانت الأسماء الربوبية متنوعة متلونة، فإن الطالب المستعد بطلب في كل أنية نوع تربية لا يطلبها في أن آخر، وذلك بحسب الظاهر بناء في الثبوت والدوام.
قال رضي الله عنه : (وأراد)، أي نوح عليه السلام (بالرب)، أي بذكر الرب (ثبوت التلوين)، أي تلوين الأسماء الربوبية وتبدلها بحسب تبدل الاستعدادات الجزئية الوجودية للقابل المستعد بأن يكون الرب المطلق ثابتا دائما على التجلي بالأسماء المربربية المتلونة الجزئية المقيدة (إذ لا يصح) ولا يتحقق في الواقع من صور الثبوت (إلا هو)، أي الثبوت في التلوين لا الثبوت الذي يرفع التلوين .
("لا تذر على الأرض")، أي ظاهر الفرق (يدعو) نوح عليه السلام (عليهم)، أي على قومه (أن يصيروا في بطنها)، أي بطن أرض الفرق وذلك عين دعوته لهم إلى الباطن الجمعي الأحد، فهذا الدعاء وإن كان بحسب الظاهر عليهم فهو بالحقيقة لهم القول .
قال رضي الله عنه : (المحمدي «لو دليتم بحبل لهبط على الله»، «له ما في السماوات و ما في الأرض». )
قال الشيخ رضي الله عنه (وهو في الوارث المحمدي) قوله عليه السلام (لو دليتم بحبل لهبط على الله)، أي لو دليتم من ظاهر أرض الفرق بحبل رقيقة حبية إلى باطنها بانقطاع هذه الرقيقة من ظاهرها تهبط على الحقيقة الأحدية الجمعية الإلهية وارتبط بها فإنه ليس للفرق باطن إلا الجمع.
وقال تعالى: ("له ما في السماوات وما في الأرض") [البقرة : 255]، أي له الظهور بصور السموات والأرض وما فيهما. فكما أنه عين فوقية كل فوق، فكذلك هو عين تحتية كل تحت.  

.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: