الأحد، 30 يونيو 2019

الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة و العشرون : الجزء الثاني
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال رضي الله عنه :  ( وتارة يعطي اللَّه‏ على يدي الواسع فيعم، أو على‏ يدي الحكيم فينظر في الأصلح في الوقت، أو على يدي الوهاب‏، فيعطي ليُنْعِمَ لا يكون مع الواهب‏ تكليف المعطَى له بعوض على ذلك من شكر أو عمل، أو على يدي‏ الجبار فينظر في الموطن وما يستحقه، أو على يدي‏ الغفار فينظر المحل وما هو عليه.  فإِن كان على حال يستحق العقوبة فيستره عنها، أو على حال لا يستحق العقوبة فيستره عن حال يستحق العقوبة فيسمى معصوماً ومعتنى به ومحفوظاً وغير ذلك مما شاكل هذا النوع. )
قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : [ و تارة يعطي الله على يدي الواسع فيعم . أوعلى يدي الحكيم فينظر في الأصلح في الوقت . أو على يدي الوهاب فيعطي لينعم و لا يكون مع الواهب تكليف المعطى له فينظر في الموطن و ما يستحقه . أو على يدي الغفار فينظر في المحل و ما هو عليه فإن كان على حال يستحق العقوبة فيستره عنها، أو على حال لا يستحق العقوبة فيستره، عن حال يستحق العقوبة فيسمى معصوما و معتنى به و محفوظا . وغير ذلك مما يشاكل هذا النوع] .

قال الشارح رحمه الله :
( و تارة يعطي الله على يدي الواسع فيعم )، كما قال الله تعالى: "واللّهُ واسِعٌ عليمٌ"[ البقرة: 247]: أي واسع بعموم الرحمة، فلا يخلص من الشوب، فيكون حكمها الامتزاج في العاجل و الآجل .
فلما جاء الغضب في الوجود وجد الرحمة قد سبقته، و لا بدّ من وجوده، فكان مع الرحمة كالماء مع اللبن إذا شابه و خالطه، فلم يخلص الماء من اللبن، كذلك لم يخلص الغضب من الرحمة .
أما ترى أبا يزيد قدّس سره لما سمع القارئ يقرأ: "إنّ بطش ربِّك لشدِيدٌ" [ البروج: 12].
فقال: "بطشي أشد" لأنّ بطشه غير مخلوط بالرحمة، فالضار يكون نافعا في ضرره، و المانع معط في منعه .
و يشير إلى ذلك المقام سيدنا سيد العارفين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في بعض مناجاته: اشتدت نقمته على أعدائه في سعة رحمته، و اتسعت رحمته لأوليائه في شدة نعمته، ذكره في نهج البلاغة .
أو (على يد الحكيم، فينظر في الأصلح في الوقت) .
و قد ورد: "إنّ الحقّ إذا أحبّ صورة عبده في دعائه إياه أخّر الإجابة عنه حتى يتكرّر عنه ذلك حبّ ا فيه لا إعراضا عنه فإنه حكيم يضع الأشياء مواضعها."
. و ورد في الحديث القدسي أنه تعالى قال : "إن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الغنى و لو أفقرته لأفسده ذلك"  الحديث.
قيل عن أنس رضي الله عنه أنه كان يقول: "إني من عبادك الذين لا يصلحهم إلا الغنى فلا تفقرني ".
فإن كان من الكشف فهو منه و هو أهله، و إلا هو غني محمود مقبول، ثم اعلم أنّ الرحمن أعطي العالم الوجود، أولا عموما، و هو الخبر الخالص، ثم لم يزل يعطي ما يستحقه الوجود مما به قوامه و صلاحه بحكمته البالغة، كان ما كان، فهو صلاح في حقه .
فما ثم إلا خير، سواء سر أو أساء، فالسرور هو المطلوب، و قد لا يجئ إلا بعد إساءته لما يقتضيه مزاج ذلك التركيب، قال ذائق :
في الخلق من لا يرتجي نفعه      ..... إلّا إذا مسّ بإصرار
كالعود لا يطمع في غرفه      ...... إلّا إذا أحرق بالنار
(أو على يد الواهب فيعطي لينعم، لا يكون مع الواهب تكليف المعطي له بعوض على ذلك من شكر أو عمل) .
في قوله تعالى: "لا نريدُ مِنْكُمْ جزاءً ولا شُكُورًاً " [ الإنسان: 9] .
أو على يد الجبار، فينظر في الموطن و ما يستحقه إن كان موطن الجبر كما في المنكسرة القلوب، فيخبرها وهو جبار .
ورد في الحديث القدسي أنه قال تعالى: " أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي ."
و إن كان موطن الجبارين المتكبرين، فيكسر صورتهم بوضع القدم عليهم، كما في الحديث الشريف .
يقول المعطي له: (قط قط حسبي حسبي كفى كفى) .
و كما قال النائب القطب الذي له قدم صدق: (إنّ قدمي على رقبة كل وليّ صاحب كبرياء و جبروت) .
فإنّ هذا عطاء من هذا الخبر من هذا المقام، (أو على يد الغفار فينظر المحل و ما هو عليه، فإن كان على حال يستحق العقوبة، فيستره عنها) حتى لا يراها دنيا أو آخرة أو فيهما.
(أو على حال لا يستحق العقوبة، فيستره عن حال يستحق العقوبة )، إما بالعصمة (فيسمّى ): أي صاحب العصمة (معصوما )، و يسمّى (معتنى به و محفوظا كالولي) .
( و غير ذلك مما يشاكل هذا النوع كثير ): أي من السدنة فإنها كثير بل غير متناه كالعقور، فإنه صيغة مبالغة في الغفران لعمومها، فهي رجاء مطلق للعصاة على طبقاتهم، ذكره رضي الله عنه في الفتوح .
و كالمانع فإنه سدنة الرحمن، (فالمعطي) كما قيل :
إذا ما قلت لم تعطا      ..... فقد أعطيت لم تعطا
فلا تكذب ولا تجحد      ...... فإنك لم تزل تعطا
فإن أمسك إلا ليعطيك سؤالك، راقب علمه بالمصالح فيك، تجد ما قلنا إنه رقيب حكيم، فإذا عرفت هذا عرفت أنّ منعه قد ملئ عطاء، و ما ثمّ إلا عطاؤه، و لكن بصورة منع، و منع بصورة عطاء، يقول الله تعالى: "وما كان عطاءُ ربِّ ك محْظورًاً" [ الإسراء: 20] .
فمن كان منعه عطاء، فذلك هو الجواد، بل حضرة المنع أنت، فإنّ الجود مطلق و الوهب عام تام، فالمنع منك بعدم قبولك إياه لأنه لا يلائم مزاجك، و لا يقبله انحرافك، فمنعه تابع امتناعك بل هو عينه، هذه خيرة العبد التي اختار لنفسه: "و ربُّك يخْلقُ ما يشاءُ ويخْتارُ ما كان لهُمُ الخِيرُة" [ القصص: 68] .

فأعطي المانع كما يمنع المعطي، و كذلك الضّار، فإنه قد يكون النفع منه عين زوال الضرر خاصة، فالضّار قد يجلب النفع، فوقع الضّار نافعا، فعطاؤه كله نفع غير ضرر.
غير أنّ المحل في وقت يجد الألم لبعض الأعطيات، فلا يدرك لذّة العطاء و لا يعلم ما فيه من النفع الإلهيّ، فيسميه ضارا من أجل ذلك، و ما علم أنّ ذلك من مزاجه القابل لذلك، لا من العطاء .
أما ترى أنّ العسل شفاء للناس، و مع هذا يضرّ بالصفراوي لعدم قبوله، فما من الله إلا الخير المحض كله، و الشر ليس إليه بل إنّ جميع ما يلحق الإنسان نعمة الله و امتنان، حيث اختصه بالامتحان، فإنه لو أهمله لكان أبلغ في الهوان و أدخل في الخسران و الحرمان.

كما قيل :
لئن ساءني أن نلتني بمساءة    ...... لقد سرّني أني خطرت ببالكا
مع أنه ورد في الحديث أنه قال صلى الله عليه و سلم :"والله الذي لا إله إلا هو ما قدّر الله لابن آدم من قدر إلا هو خيرله".
. و في رواية : "و من قدر في الأرض" الحديث .
أو نقول في قوله رضي الله عنه و غير ذلك، كما يستر الذنوب حتى لا يكون بالنسبة إليه ذنبا كالمضطر، يجوز له ما يحرم على غيره، فستره الذنب عن أن يعقه جرح لسان المدام .
و كما ورد في أهل بدر : " افعلوا ما شئتم فإنه غفر لكم " .
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: