الأحد، 30 يونيو 2019
the-second-book-of-fusus-alhikam
الفقرة الثانية والثلاثون الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية والثلاثون : الجزء الأولجواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (إِلا أن بعض أهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أن اللَّه، لَمَّا ثبت عندهم أنه فعَّال لما يشاء، جوزوا على اللَّه تعالى ما يناقص الحكمة وما هو الأمر عليه في نفسه. و لهذا عدل بعض النظار إِلى نفي الإمكان وإِثبات الوجوب بالذات و بالغير. والمحقق يثبت الإمكان ويعرف حضرته، والممكنَ ما هو الممكن ومن أين هو ممكن وهو بعينه واجب بالغير، ومن أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب. و لا يعلم هذا التفصيل إِلا العلماء باللَّه خاصة.)قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : " إلا أن بعض أهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أن الله، لما ثبت عندهم أنه فعال لما يشاء، جوزوا على الله تعالى ما يناقض الحكمة و ما هو الأمر عليه في نفسه. ولهذا عدل بعض النظار إلى نفي الإمكان و إثبات الوجوب بالذات و بالغير. والمحقق يثبت الإمكان و يعرف حضرته، و الممكن ما هو الممكن و من أين هو ممكن و هو بعينه واجب بالغير، و من أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب. ولا يعلم هذا التفصيل إلا العلماء بالله خاصة. "
(إلا أن بعض أهل النظر)، أي الاستدلال وهم بعض الفرق الضالة (من أصحاب العقول الضعيفة) المحجوبة عن شهود الحق تعالى.
(یرون)، أي يعتقدون (أن الله) تعالى (لما ثبت عندهم) بالأدلة العقلية والبراهين القطعية (أنه فعال لما يشاء) من غير عجز عن شيء مطلقا (جوزوا على الله) تعالى أن يفعل (ما يناقض الحكمة) كما يفعل ما هو على مقتضى الحكمة.
(و) أن يفعل (ما هو الأمر عليه في نفسه) من حيث ثبوته في العدم من غير وجود ولهذا يسمون المعدوم شيئا للثبوت المذكور، فعلى زعمهم هذا كل من يعرف قبوله يعرف استعداده قبل قبوله، مفصلا كان الاستعداد غير مقيد بمقتضى الحكمة.
(ولهذا)، أي لتجويزهم على الله تعالى ما يناقض الحكمة (عدل بعض النظار) منهم (إلى نفي الإمكان) وعدم جعله قسما من أقسام الحكم العقلي وذهبوا إلى حصر الحكم العقلي في الممتنع والواجب (وإثبات الوجوب بالذات) والوجوب (بالغير) فقط.
(والمحقق) من أهل السنة والجماعة (يثبت) قسم (الإمكان) مع الامتناع والوجوب (ويعرف حضرته)، أي الإمكان، وهي البرزخية الفاصلة بين الامتناع والوجوب، أي أن انعدام التحقق بالممتنع وإن وجد التحقق بالواجب.
فبسببه ينقسم الممتنع إلى ممتنع بالذات وممتنع بالغير، وينقسم الواجب إلى واجب بالذات وواجب بالغير، لأن الممكن ليس أصله العدم ولا الوجود فعدمه بالغير ووجوده بالغير.
(و) يعرف (الممكن ما هو الممكن)، فإن حقيقته مركبة من عدم ووجود، فما فيه من المقدار المخصوص من العدم، وما فيه من التحقق والثبوت من الوجود، فهو مظهر للممتنع ومظهر للواجب.
(و) يعرف (من أين هو ممكن) فإن إمكانه من مقابلة الوجوب للامتناع وموازاة الوجود للعدم، بحيث لو تميز كل واحد منهما عن الآخر في بصيرة الممكن، كما هو متميز في نفس الأمر، ارتفعت حقيقة الإمكان من بينهما.
ومثاله في المحسوس: أنك لو وضعت في إناء واحد صبغين صبغة أحمر وصبغة أخضر مثلا، وخلطتهما معا، فإنه يظهر منهما، صبغ ثالث ليس هو واحد منهما وليس هو أمرا زائدا عليهما، وهو حقيقة الممكن.
فإذا ميزت بينهما وفرقت أحدهما عن الآخر، زال ذلك الصبغ الثالث وبقي كل واحد من الصبغين على حاله (وهو)، أي الممكن.
(بعينه واجب الوجود بالغير) إذ لا يتصور عدمه في حال وجوده، وكل ما لا يتصور عدمه فهو واجب.
فالممكن من هذا الوجه واجب، ولكن وجوبه بواجب الوجود بالذات لا بذاته.
فلهذا كان واجب الوجود بالغير، وهذا الوصف له ما دام موجودة، فإذا انعدم صار ممتنع الوجود بالغير لا بالذات.
(و) يعرف (من أين صح عليه)، أي على الممكن (اسم) ذلك (الغير الذي اقتضى له الوجوب).
فإن لفظ الواجب الوجود اسم في الأصل للواجب الوجود بالذات، وانطلاقه على واجب الوجود بالغير بسبب استيلاء ذلك الغير عليه.
بحيث کساه وصفه وهو الوجود وأعطاه اسمه وهو الوجوب.
وذلك في أشرف أحواله، وهو حالة وجوده إذ في حالة عدمه هو ممتنع الوجود بالغير أيضا.
و إمكانه في نفسه لا يفارق أبدا، لأنه وصفه لا باعتبار وجوده ولا باعتبار عدمه (ولا يعلم هذا التفصيل) في الممكن ويفرق بين جهاته ويعرف أنواع استعداداته (إلا العلماء بالله) سبحانه (خاصة) دون غيرهم من العلماء.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (إِلا أن بعض أهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أن اللَّه، لَمَّا ثبت عندهم أنه فعَّال لما يشاء، جوزوا على اللَّه تعالى ما يناقص الحكمة وما هو الأمر عليه في نفسه. و لهذا عدل بعض النظار إِلى نفي الإمكان وإِثبات الوجوب بالذات و بالغير. والمحقق يثبت الإمكان ويعرف حضرته، والممكنَ ما هو الممكن ومن أين هو ممكن وهو بعينه واجب بالغير، ومن أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب. و لا يعلم هذا التفصيل إِلا العلماء باللَّه خاصة.)قال الشيخ رضي الله عنه: (إلا) استثناء منقطع (إن بعض أهل النظر من اصحاب العقول الضعيفة برون أن الله لما ثبت عندهم أنه فعال لما يشاء) أي فعال لمقتضي مشيئته لا لحكمة (جوزوا على الله ما يناقض الحكمة) (و) جوزوا ما يناقض (ما هو الأمر عليه في نفسه) لما لزمهم ذلك فجوزوا تعذيب من يستحق التنعيم تعالى الله عن ذلك.
(ولهذا) أي ولاجل أن عندهم أن الله فعال مطلقا كيف يشاء (عدل بعض النظار إلى نفي الإمكان) لئلا يلزمهم جواز ما لا يليق إلى الله على تقدير ثبوت الإمكان فلم يجوز هذا البعض على الله ما جوز ذلك البعض لعدم لزوم ذلك على تقدير نفي الإمكان في زعمهم.
(وإثبات الوجوب بالذات وبالنير) وما عرفوا الإمكان والوجوب بالغير فإنه بعينه الإمكان (والمحقق بثبت الإمكان ويعرف حضرته و) يثبت (الممكن) ويعرف (ما هو الممكن) في حقيقته (ومن أين هو ممكن) أي ويعرف من أي سبب يكون متصفا بصفة الإمكان.
(و) يعرف (هو) أي الممکن (بعينه واجب بالغير) إلا أن الإمكان وصف له قبل الوجود وبعده والوجوب بالغير وصف بعد الوجود لا قبله.
(و) يعرف (من أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى ذلك) الغير (له) أي للممكن (الوجوب) فما وقع اسم الغير إلا لاحتياجه إلى الواجب بالذات (ولا بعلم هذا التفضيل إلا العلماء بالله خاصة) تأكيد لقوله و المحقق يثبت الإمكان.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : إ(ِلا أن بعض أهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أن اللَّه، لَمَّا ثبت عندهم أنه فعَّال لما يشاء، جوزوا على اللَّه تعالى ما يناقص الحكمة وما هو الأمر عليه في نفسه. و لهذا عدل بعض النظار إِلى نفي الإمكان وإِثبات الوجوب بالذات و بالغير. والمحقق يثبت الإمكان ويعرف حضرته، والممكنَ ما هو الممكن ومن أين هو ممكن وهو بعينه واجب بالغير، ومن أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب. و لا يعلم هذا التفصيل إِلا العلماء باللَّه خاصة.) و قوله رضي الله عنه : "إلا أن بعض أهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أن الله تعالی، لما ثبت عندهم أنه فعال لما يشاء ، جوزوا على الله تعالى ما يناقض الحكمة."
قوله: إلا أن بعض أهل النظر.
قلت: يعنى الأشعرية من المتكلمين، فإنهم يقولون: الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع، فعندهم أن الله تعالی لو فعل ما يناقض الحكمة لم يمتنع بل كان حسنا لأن الشرع حسنه.
قلت: يعنى الأشعرية من المتكلمين، فإنهم يقولون: الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع، فعندهم أن الله تعالی لو فعل ما يناقض الحكمة لم يمتنع بل كان حسنا لأن الشرع حسنه.
قوله رضي الله عنه : "وما هو الأمر عليه في نفسه ولهذا عدل بعض النظار إلى نفي الإمكان وإثبات الوجوب بالذات وبالغير".
قلت: يعني أنهم جوزوا ما يناقض الحكمة وجوزوا ما يناقض ما هو الأمر عليه في نفسه .
كأنه أشار إلى أن الذي عليه الأمر في نفسه هو أنه لا يجوز عليه ما يناقض الحكمة ولا ما يناقض ما هو الأمر عليه في نفسه، أي الواقع في نفس الأمر.
وذلك أن الأمر في نفسه هو أنه لا يجوز على الله تعالى أن يفعل المستحيل في العقل كاجتماع الضدين لشيء واحد في زمان واحد.
مثل أن يجمع لشخص واحد أنه قاعد وأنه قائم في زمان واحد .
أو يكون القول موجبا سالبا في حال واحد بشروط النقيض أو يرفع النقيضين معا بشروط النقيض وأمثال هذه.
ولما استقبح بعض النظار هذا المذهب عدل إلى سد الباب فيه بالكلية وقال ما هناك إلا واجب إما بنفسه وإما بالغير.
فلا يكون هناك إمكان اجتماع الضدين ولا اجتماع النقيضين وارتفاعهما ويجوز غير هذا وهو أن يحمل قول الشيخ، ولهذا عدل بعض النظار إلى آخره، على أن كل شيء واجب إما بنفسه فظاهر وهو الحق تعالى، وإما بالغير وهو كل شيء حتى اجتماع الضدين واجتماع النقيضين وارتفاعهما.
وقد قال قوم من الصوفية: أنه يجوز أن الله تعالى يقدر على إدخال الحبل في خرت الإبرة من غير أن يصفقة الحبل ولا يتسع الأبرة.
قوله رضي الله عنه: "والمحقق يثبت الإمكان ويعرف حضرته”.
قلت: المحقق هو من تفصلت له حضرة الحق وهي الوحدانية المطلقة وتفصيلها هو أن يظهر له مراتب الأسماء الإلهية والكونية قبل تعينها بالفعل وهو القطب الذي حاز رتبة الكمال.
وعن يمينه الإمام الذي هو محل ظهور الجمال وعن شماله الإمام الذي هو محل ظهور الجلال .
وبين يديه الإمام الذي حاز طرفا من رتبة الجمال وطرفا من رتبة الجلال إلا أن الجمال أظهر فيه، ومن ورائه الإمام الذي حاز طرفا من الجلال وطرفا من الجمال إلا أن الجلال أظهر فيه.
وقولنا: إن القطب له اليمين والشمال والأمام والخلف، هو باعتبار الأئمة الأربعة وهم الأوتاد المذكورين في نسبة كل واحد منهم إليه وإلا فهو وجه کله.
شعرا:
درة من حيث ما أديرت أضاءت ….. ومشم من حيث ما شم فاجاء
ومعنى يثبت الإمكان أي يشهد ثبوته لا أنه كان غير ثابت وهو الذي أثبته.
ومعنى قوله رضي الله عنه: "ويعرف حضرته". فهي عندي أن الإمكان صفة للحق تعالی من حيث اسمه القادر وليس هو صفة للمخلوق وهذا هو الحق الواضح في مقام شهود الأسماء.
ومعنى قوله رضي الله عنه: "ويعرف حضرته". فهي عندي أن الإمكان صفة للحق تعالی من حيث اسمه القادر وليس هو صفة للمخلوق وهذا هو الحق الواضح في مقام شهود الأسماء.
وأما في الحضرة الذاتية فهو صفة للأعيان الثابتة من جهة أنها صور العلم من حيث لا تغاير الصفة الموصوف، لأنه ليس شيء خارجا عن الذات.
فأما كونه صفة للحق، وهو القسم الأول:
فإن الإمكان منه يشتق الفعل الذي هو أمكنه يمكنه إمكانا كما تقول يمكنك أن تفعل كذا أي أنك قادر عليه أو لا يمكنك أن تفعل كذا أي لا تقدر عليه.
فأما كونه صفة للحق، وهو القسم الأول:
فإن الإمكان منه يشتق الفعل الذي هو أمكنه يمكنه إمكانا كما تقول يمكنك أن تفعل كذا أي أنك قادر عليه أو لا يمكنك أن تفعل كذا أي لا تقدر عليه.
وأما القسم الثاني :وهو أن تجعله صفة للأعيان الثابتة، فمعناه أن حال المقدور مثلا هو الذي أمكنك من نفسه حتى فعلت ایجاده له أو ایجاد صفته إلا أن هذا المعنى يرجع إلى الأول .
فإن القابل في التحقيق هو الفاعل لفاعلية الفاعل ولجميع ما يصدر عن الفاعل من الأفعال وحينئذ يقال إن حصول التسوية هو من الله تعالى لكن بالعين الثابتة، والتسوية الحاصلة هي الفاعلية في الفاعل للنفخ الملزمة له أن ينفخ النفخ الذي به يحصل القبول للقابل، فهذه حضرة الإمكان ظاهرة فيما ذكرناه.
قوله: "والممكن ما هو. "
قلت: أي يعرفه وهو المقدور قبل تصرف القدرة فيه.
قلت: أي يعرفه وهو المقدور قبل تصرف القدرة فيه.
قوله: "ومن أين هو ممكن. "
قلت: يعرفه من جهة سلب العدمية عن الوجود الإلهي وهذا نشرح مشافهة فإن إدراكه يدق عن أكثر الأفهام.
قلت: يعرفه من جهة سلب العدمية عن الوجود الإلهي وهذا نشرح مشافهة فإن إدراكه يدق عن أكثر الأفهام.
قوله: "وهو بعينه واجب بالغير. "
قلت: معناه أن كل ما في الإمكان لا بد أن يظهره الحق تعالى في الوجود فهو في نفس الأمر واجب إلا أنه واجب بالغير لا بنفسه وفيه وجه پذکر شفاها أنه واجب بنفسه باعتبار أحدية الجمع.
قوله: "ومن أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب."
قلت: الضمير في "عليه"، لا يصح أن يعود على الممكن وإن كان ظاهر عبارة الشيخ، رضي الله عنه، يقتضي عود الضمير إلى الممكن.
قلت: الضمير في "عليه"، لا يصح أن يعود على الممكن وإن كان ظاهر عبارة الشيخ، رضي الله عنه، يقتضي عود الضمير إلى الممكن.
وقوله: ولا يعلم هذا التفصيل إلا العلماء بالله خاصة.
قلت: لأن المحال ليس هو لغير أهل الله تعالی.
قلت: لأن المحال ليس هو لغير أهل الله تعالی.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : إ(ِلا أن بعض أهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أن اللَّه، لَمَّا ثبت عندهم أنه فعَّال لما يشاء، جوزوا على اللَّه تعالى ما يناقص الحكمة وما هو الأمر عليه في نفسه. و لهذا عدل بعض النظار إِلى نفي الإمكان وإِثبات الوجوب بالذات و بالغير. والمحقق يثبت الإمكان ويعرف حضرته، والممكنَ ما هو الممكن ومن أين هو ممكن وهو بعينه واجب بالغير، ومن أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب. و لا يعلم هذا التفصيل إِلا العلماء باللَّه خاصة.)قال رضي الله عنه : " إلَّا أنّ بعض أهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أنّ الله لمّا ثبت عندهم أنّه فعّال لما يشاء ، جوّزوا على الله ما يناقض الحكمة » يعني الحكمة الإلهية لا الحكمة العرفية .
قال رضي الله عنه : " وما هو الامر عليه في نفسه ، ولهذا عدل بعض النظار إلى نفي الإمكان وإثبات الوجوب بالذات وبالغير " .
قال العبد أيّده الله به : يشير رضي الله عنه إلى جمع كثير من النظَّار وعلماء الرسوم والمتكلَّمين القائلين بأنّ الله قد يفعل ما يناقض الحكمة ، كإيجاد الشريك والمثل وإعدام الوجود وإيجاد العدم والممتنع والمحال ، واستدلَّوا على ذلك بكونه قادرا على كلّ شيء ، وأنّه يفعل ما يشاء ، وأنّه فعّال لما يريد ، وهذا تنزيه وهميّ بالعقل ، ولكنّهم غفلوا عن الحقيقة ، وما عقلوا أنّ هذه فروض وتقادير ساقطة غير واقعة ، وليس لها لافظة ، وأنّها غير واردة في العقول المنوّرة الصافية الوافية ، والاشتغال بمثل هذه الشبه تضييع الأنفاس .
ونحن نسلَّم أنّ الله قادر على كلّ شيء ، لكنّهم « حفظوا شيئا وغابت عنهم أشياء » وذلك أنّ الله قادر على كل شيء ، ولكن كلّ شيء بشيئية الله ومشيئته ، فإنّه قادر على ما يشاء ، وأنّه ما يشاء خلاف ما يعلم ، ولا يريد خلاف الحكمة ، فإنّه العليم الحكيم ، والحكيم العليم لا يشاء ولا يريد أن يفعل ما يناقض الحكمة .
فقدرة الله تعالى إنّما تتعلَّق بالمقدورات بموجب إرادته ومشيّته تعالى ، والإرادة إنّما تتعلَّق بالمراد على التعيين والتخصيص بموجب ما اقتضته الحكمة والعلم ، والعلم الأزليّ ما تعلَّق بهذه الأمور المذكورة بما يخالف الحكمة على وجه لا يقبل الوجود ، وأنّها لا تستعدّ لقبول الوجود ، بل بموجب العلم والحكمة واستعداد القابل .
والحكيم الأزليّ قد أحكم الأشياء بحكمته قبل إيجادها ، ثم أوجدها بحسب ما رتّبتها الحكمة ووضعتها مواضعها ، فلا جائز في حكمة الله تجويز ما يناقض الحكمة الإلهية .
ولما كثر شغب هؤلاء في تجويز هذه الأمور ، عدل بعض المتحذلقين من النظَّار إلى نفي الجواز والإمكان وإثبات الوجود إمّا بالذات أو بالغير
وقال : ما ثمّ إلَّا واجب الوجود ، والممتنع ممتنع وجوده ، ولكنّ الواجب واجبان : واجب بالذات ، وواجب بالغير ، فما في الوجود إلَّا واجب الوجود ، فانتفى الجواز والإمكان عنده ، فما كان واجبا بالذات فواجب له عدم الامتناع كذلك .
ثمّ الواجب بالغير على زعم من يقول به هو الوجود المتعيّن بحسب القابل فما بقي للإمكان متعلَّق في الحقيقة إلَّا التعيّن .
قال الشيخ رضي الله عنه : " والمحقّق " بعد منا " يثبت الإمكان ، ويعرف حضرته والممكن ما هو الممكن ؟ ومن أين هو ممكن وهو بعينه واجب بالغير ؟ من أين صحّ عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب ؟ ولا يعلم هذا التفصيل إلَّا العلماء بالله خاصّة " .
قال العبد : يشير رضي الله عنه إلى أنّ الممكن هو الوجود المتعيّن ، فإمكانه من حيث تعيّنه ، ووجوبه من حيث حقيقته ، وذلك أنّ التعيّن نسبة تعقّلية ، فهي بالنسبة إلى المرجّح وجودية واجبة للمتعيّن .
والتعيّن هو حدوث ظهور الوجود على وجه متعيّن يعيّنه القابل المعيّن للوجود بحسب خصوصه الذاتي ، فيمكن بالنظر إلى كل متعيّن حادث للوجود أن ينسلخ الوجود عنه ، ويتعيّن تعيّنا آخر ، وينعدم التعيّن الأوّل.
إذ نفس التعيّن هو الواجب للوجود الحقّ الساري في الحقائق لا التعيّن المعيّن ، ولكن ليس كل تعيّن معيّن واجبا له على التعيين إلَّا بموجباته ، فيمكن أن ينعدم ويتعيّن الوجود تعيّنا آخر ، إذ الوجود المتعيّن لا ينقلب عدما ، بل يتبدّل بتعيّنات أخر عن تعيّنات قبلها فتتحقّق من هذا حقيقة الإمكان للتعيّن المعيّن وهو نسبة عدميّة في الوجود .
فهو بين عدم ووجود ، مهما رجّح الحق إفاضة نور الوجود على ذلك الوجه المعيّن ، بقي موجودا في رأي العين للجمهور ، والكشف يقضي بالتبدّل مع الآنات ، وإن أعرض عنه التجلَّي الوجوديّ ، انعدم وعاد إلى أصله . هذا أصل الإمكان .
وأمّا اسم « الغير » و « السوي » للممكنات فذلك من حيث امتيازاتها النسبية والذاتية بالخصوصيات الأصلية فهي من هذا الوجه أغيار بعضها مع البعض وأمّا غيريّتها للوجود المطلق الحقّ فمن حيث إنّ كلَّا منها تعيّن مخصوص للوجود الواحد بالحقيقة يغاير الآخر بخصوصيّته .
والوجود الحق المطلق لا يغاير الكلّ ولا يغاير البعض ، لكون كلَّية الكلّ وجزويّة الجزء نسبا ذاتيّة ، فهو لا ينحصر في الجزء ولا في الكلّ ، مع كونه فيهما عينهما ، فلا يغاير كلَّا منهما في خصوصهما ، ولكن غيريّته في أحديّة جمعه الإطلاقي في التي تخصّه ، ولا يوجد في الجزء ولا في الكلّ ، فإنّ تلك الأحديّة الجمعيّة الإطلاقيّة مطلقة عن الكليّة والجزئيّة والإطلاق ، فافهم .
وهذا التفصيل لا يعلمه إلَّا العلماء بالله خاصّة ، لكونهم عرفوه في الأصل المطلق في شهودهم أوّلا ، فلم يحجبوا في الفرع الذي هو الوجود المقيّد آخرا ، فما في الحقيقة إلَّا وجود مطلق ووجود مقيّد ، وحقيقة الوجود فيهما واحدة ، والإطلاق والتعيّن والتقيّد نسب ذاتيّة ، فافهم .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (إِلا أن بعض أهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أن اللَّه، لَمَّا ثبت عندهم أنه فعَّال لما يشاء، جوزوا على اللَّه تعالى ما يناقص الحكمة وما هو الأمر عليه في نفسه. و لهذا عدل بعض النظار إِلى نفي الإمكان وإِثبات الوجوب بالذات و بالغير. والمحقق يثبت الإمكان ويعرف حضرته، والممكنَ ما هو الممكن ومن أين هو ممكن وهو بعينه واجب بالغير، ومن أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب. و لا يعلم هذا التفصيل إِلا العلماء باللَّه خاصة.)قوله رضي الله عنه : " إلا أن بعض اهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أن الله لما ثبت عندهم أنه فعال لما يشاء جوزوا على الله ما يناقض الحكمة ، وما هو الأمر عليه في نفسه " استثناء منقطع من الذين يعرفون استعدادهم مجملا وإلا بمعنى لكن يعنى أن الذين يعرفون استعدادهم مفصلا يعرفون قبولهم لكل ما اطلعوا عليه من استعدادهم بإعلام الله تعالى إياهم .
أو بكشف أعيانهم عليه حتى يطلعوا على أحوالهم المتجددة عليهم إلى ما يتناهى ، فهم لا يغلطون في علومهم أصلا .
وكذلك الذين لا يعرفون استعدادهم إلا من قبولهم ، فإنهم ما لم يقبلوا شيئا لم يعرفوا أن ذلك كان في استعدادهم أن يغلطوا بعد القبول .
فإنهم يستدلون بالواقع لكن الذين يعرفون استعدادهم مجملا قد يغلطون في التفاصيل كبعض أهل النظر من المتكلمين ، فإنهم قد عرفوا من استعدادهم أنهم يقبلون العلوم المعقولة على الإجمالى.
لكنهم لضعف عقولهم وعدم كشفهم لعدم ارتياضهم وتصفيتهم ، لما علموا أن الله تعالى فعال لما يشاء ، وأنه على كل شيء قدير .
جوزوا عليه القدرة على الممتنعات كإيجاد المثل وإعدام الوجود وإيجاد العدم ، وأمثال ذلك ، وتوهموا أنه تنزيه عن العجز وذلك لعدم معرفة الحقائق وتمييز الممكن من الممتنع ، وقصور أنفسهم عن معنى المشيئة ، وابتنائها على الحكمة الإلهية الحقية.
" ولهذا " أي ولضعف عقولهم وتجويزهم على الله ما يناقض الحكمة الإلهية وما هو الأمر عليه في نفسه " عدل بعض النظار إلى نفى الإمكان وإثبات الوجوب بالذات وبالغير " وذلك لقصور نظرهم عن الحقائق العقلية وقصرهم الموجودات على ما هو في الخارج .
فإن ما هو موجود في الخارج محصور في الواجب بالذات والواجب بالغير لأن ما لم يجب لم يوجد.
( والمحقق ) وهو الملاحظ للحقائق في نفس الأمر ، أي العالم العقلي مع قطع النظر عن وجودها الخارجي
( يثبت الإمكان ويعرف حضرته ، والممكن ما هو الممكن ومن أين هو ممكن ، وهو بعينه واجب الوجود بالغير ) فإنه إما أن تقتضي الحقيقة الوجود بذاتها أو لا تقتضي .
( يثبت الإمكان ويعرف حضرته ، والممكن ما هو الممكن ومن أين هو ممكن ، وهو بعينه واجب الوجود بالغير ) فإنه إما أن تقتضي الحقيقة الوجود بذاتها أو لا تقتضي .
والأول الواجب لذاته .
والثاني إما أن يقتضي العدم لذاته وهو الممتنع لذاته. وإما أن لا يقتضي شيئا منهما وهو الممكن لذاته ، فالممكن حضرة العقل قبل الوجود الخارجي من حيث هو هو كالسواد مثلا ، فإن عينه في العقل لا يقتضي الوجود والعدم .
وأما في الخارج فإنه لا ينفك عن وجود السبب وعدمه فإنه لا واسطة بينهما .
فإن كان السبب التام موجودا وجب وجوده به ، وإلا فوجب عدمه لعدم سببه التام ، فهو ممتنع بالغير ، فالممكن الموجود واجب بالغير وهو بعينه من حيث حقيقته مع قطع النظر عن وجوده ممكن بالذات .
قوله: ( ومن أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب ) إشارة إلى أن الوجود الإضافي الذي هو به موجود هو بعينه الوجود الحقانى المطلق الذي عرض له من هذه الإضافة والعينية والغيرية باعتبار الهاذية والهوية .
فمن حيث الهاذية غيره ومن حيث الهوية عينه ، كما أن عين الممكن باعتبار عينه ممكن وباعتبار وجوده واجب ، وكل وجود متعين ممكن من حيث تعينه واجب من حيث حقيقته وهويته ( ولا يعلم هذا التفصيل إلا العلماء باللَّه خاصة ) .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (إِلا أن بعض أهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أن اللَّه، لَمَّا ثبت عندهم أنه فعَّال لما يشاء، جوزوا على اللَّه تعالى ما يناقص الحكمة وما هو الأمر عليه في نفسه. و لهذا عدل بعض النظار إِلى نفي الإمكان وإِثبات الوجوب بالذات و بالغير. والمحقق يثبت الإمكان ويعرف حضرته، والممكنَ ما هو الممكن ومن أين هو ممكن وهو بعينه واجب بالغير، ومن أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب. و لا يعلم هذا التفصيل إِلا العلماء باللَّه خاصة.)ﻗﺎﻝ رضى الله عنه : "ﺇﻻ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﻧﻪ ﻓﻌﺎﻝ ﻟﻤﺎ ﻳﺸﺎﺀ، ﺟﻮﺯﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﻗﺾ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ".
ﻟﻤﺎ ﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻌﻄﻰ ﻷﺣﺪ ﺷﻴﺌﺎ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﻭﺗﻄﻠﺒﻪ ﻣﻦ ﺣﻀﺮﺗﻪ، ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻌﺎﻝ ﻟﻤﺎ ﻳﺸﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻷﺯﻝ ﻣﻊ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﻭﻓﻌﺎﻝ ﻟﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻓﻲ ﺍﻷﺑﺪ ﻣﻊ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﻋﻦ ﺍﻗﺘﻀﺎﺀ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ، ﺍﺳﺘﺜﻨﻰ ﻗﻮﻟﻬﻢ.
ﻓﻬﻮ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﻣﻨﻘﻄﻊ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﺴﺐ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻀﻌﻒ، ﻷﻧﻬﻢ ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪﻭﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﻻ ﺍﻃﻠﻌﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺳﺮ ﺍﻟﻘﺪﺭ، ﻭﺯﻋﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻷﻓﺎﻋﻴﻞ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺣﻜﻤﺔ، ﺣﺘﻰ ﺟﻮﺯﻭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻣﺴﺘﺤﻖ ﻟﻠﺮﺣﻤﺔ ﻭﺗﻨﻌﻴﻢ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻣﺴﺘﻌﺪ ﻟﻠﻨﻘﻤﺔ. ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻮﺍ ﻛﺒﻴﺮﺍ. ﻭﻣﻨﺸﺄ ﺯﻋﻤﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺃﻧﻬﻢ ﺣﻜﻤﻮﺍ ﺑﻤﻔﻬﻮﻡ "ﺍﻟﻤﺸﻴﺔ" ﻭﺇﺛﺒﺎﺗﻬﺎ ﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﻣﺎ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﻴﺔ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻔﻴﺾ ﺍﻷﻗﺪﺱ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: "ﺃ ﻟﻢ ﺗﺮ ﺇﻟﻰ ﺭﺑﻚ ﻛﻴﻒ ﻣﺪ ﺍﻟﻈﻞ". ﺃﻱ، ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ،(ﻭﻟﻮ ﺷﺎﺀ ﻟﺠﻌﻠﻪ ﺳﺎﻛﻨﺎ). ﺃﻱ، ﻣﻨﻘﻄﻌﺎ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺎ.
ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻔﻴﺾ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: "ﺇﻧﻤﺎ ﺃﻣﺮﻩ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺷﻴﺌﺎ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﻛﻦ ﻓﻴﻜﻮﻥ". ﻓﺎﻹﺭﺍﺩﺓ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﻳﺠﺎﺩ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺑﺨﻼﻑ ﺍﻟﻤﺸﻴﺔ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﻓﺎﺿﺔ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ، ﻟﻜﻦ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻰ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﻭﺃﺳﻤﺎﺅﻩ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ ﻻ ﻣﻄﻠﻘﺎ.
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: "ﻓﻠﻮ ﺷﺎﺀ ﻟﻬﺪﺍﻛﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ". ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺸﺄ، ﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻗﺘﻀﺖ ﻋﺪﻡ ﻣﺸﻴﺘﻪ، ﻟﺬﻟﻚ ﻋﺒﺮﻭﺍ ﻋﻨﻬﺎ ﺏ (ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻷﺯﻟﻴﺔ).
ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﻋﻴﺎﻥ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺗﻬﺎ ﻭﻗﺒﻮﻟﻬﺎ ﻟﻠﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ. ﻓﺎﻟﺤﻖ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻌﺎﻻ ﻟﻤﺎ ﻳﺸﺎﺀ، ﻟﻜﻦ ﻣﺸﻴﺘﻪ ﺑﺤﺴﺐ ﺣﻜﻤﺘﻪ، ﻭﻣﻦ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺇﻻ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ: ﻓﻼ ﻳﺮﺣﻢ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻭﻻ ﻳﻨﺘﻘﻢ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ.
ﻭﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﺃﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺮﺣﻢ ﺑﺎﻟﻔﻀﻞ ﻭﻳﻨﺘﻘﻢ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﻭﻳﺸﻔﻊ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻨﺘﻘﻢ، ﻓﺬﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻭﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻪ ﺍﻟﻤﺨﻔﻰ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻪ ﻻ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ. ﻗﺎﻝ رضى الله عنه : (ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻋﺪﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻈﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﻰ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﻭﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻭ ﺑﺎﻟﻐﻴﺮ).
ﺃﻱ، ﻟﻤﺎ ﺟﻮﺯﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﻗﺾ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﻣﺎ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺃﻥ ﻟﻠﺤﻖ ﺃﻓﻌﺎﻻ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺮﺍﺗﺒﻪ ﻭﻻ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ، ﻋﺪﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﻭ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻭﺑﺎﻟﻐﻴﺮ ﻓﻘﻂ. ﻗﺎﻝ رضى الله عنه : (ﻭﺍﻟﻤﺤﻘﻖ ﻳﺜﺒﺖ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﻭﻳﻌﺮﻑ ﺣﻀﺮﺗﻪ، ﻭﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ). ﻭﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺴﺦ: (ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ).
ﻣﻊ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻮﺍﻭ. ﺃﻱ، ﻳﻌﺮﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ. ﻓﻘﻮﻟﻪ: (ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ)
ﺑﺪﻝ، ﺃﻭ ﻋﻄﻒ ﺑﻴﺎﻥ ﻟﻘﻮﻟﻪ: "ﻭﺍﻟﻤﻤﻜﻦ".
(ﻭﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻫﻮ ﻣﻤﻜﻦ ﻭﻫﻮ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻭﺍﺟﺐ ﺑﺎﻟﻐﻴﺮ. ﻭﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺻﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻗﺘﻀﻰ ﻟﻪ ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ. ﻭﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺇﻻ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺧﺎﺻﺔ).
ﻗﺪ ﻣﺮ ﺃﻥ "ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ" ﻭ "ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ" ﻭ "ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ" ﺣﻀﺮﺍﺕ ﻭﻣﺮﺍﺗﺐ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ، ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻭﻻ ﻣﻌﺪﻭﻣﺔ، ﻛﺒﺎﻗﻲ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ، ﻧﻈﺮﺍ ﺇﻟﻰ ﺫﻭﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﻘﻮﻟﺔ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻋﻦ ﺍﻻﺗﺼﺎﻑ ﺇﻣﺎ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﺩ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻌﺪﻡ، ﺑﺨﻼﻑ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻀﺮﺍﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺑﺎﻗﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﺼﻒ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻌﺪﻡ ﺃﺑﺪﺍ ﺃﻟﺒﺘﺔ، ﻭﻗﺪ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺍﻟﺤﻖ ﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﺒﺎﻗﻲ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ.
ﻓﺈﻥ "ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ" ﺻﻔﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻟﻠﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ، ﻟﻜﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ:
ﻓﺈﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺑﺎﻟﻐﻴﺮ.
ﻭ "ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ" ﺻﻔﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ.
ﻭ "ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ" ﺻﻔﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻤﺘﻨﻌﺎﺕ.
ﻭﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻀﺮﺍﺕ ﻫﻲ ﺧﺰﺍﺋﻦ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﻏﻴﺒﻴﺔ
ﻓﺤﻀﺮﺓ "ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ" ﺧﺰﻳﻨﺔ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﻴﻨﻲ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﻣﺤﻞ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ.
ﻭﺣﻀﺮﺓ "ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ" ﺧﺰﻳﻨﺔ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﻏﻴﺐ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻋﻠﻤﻪ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻺﺳﻢ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﺒﻴﻞ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﻤﺘﻨﻌﺎﺕ.
ﻭﺣﻀﺮﺓ "ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ" ﺧﺰﻳﻨﺔ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻻﺗﺼﺎﻑ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﻌﻴﻨﻲ، ﺃﺯﻻ ﻭﺃﺑﺪﺍ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻭﺑﺎﻟﻐﻴﺮ.
ﻭﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﻛﻠﻬﺎ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﻏﻴﺐ ﺫﺍﺗﻪ ﻭﺃﺳﻤﺎﺋﻪ، ﻭﻭﻗﻊ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻐﻴﺮﻳﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﺘﻌﻴﻦ ﻭﺍﻻﺣﺘﻴﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﻮﺟﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﻦ.
ﻭﺑﻌﺪ ﺍﺗﺼﺎﻓﻪ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﻴﻨﻲ ﺻﺎﺭ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﺑﺎﻟﻐﻴﺮ ﻻ ﻳﻨﻌﺪﻡ ﺃﺑﺪﺍ، ﺑﻞ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻭﻳﺘﺒﺪﻝ ﺑﺤﺴﺐ ﻋﻮﺍﻟﻤﻪ ﻭ ﻃﺮﻳﺎﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻋﻠﻴﻪ. ﻓﻈﻬﺮ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺑﻴﻦ "ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ ﺑﺎﻟﻐﻴﺮ" ﻭﺑﻴﻦ "ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ": ﺇﺫﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ ﺑﺎﻟﻐﻴﺮ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺗﺼﺎﻑ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﻴﻨﻲ، ﻭﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﺛﺎﺑﺖ ﻗﺒﻠﻪ ﻭﺑﻌﺪﻩ.
ﻭﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻳﻘﻴﻨﺎ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺍﻧﻜﺸﻒ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻋﺮﻑ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺧﺎﺻﺔ.
ﻭﻣﻦ ﻋﺮﻑ ﻣﺎ ﺣﻘﻘﺘﻪ ﻭﺃﺷﺮﺕ ﺑﻪ ﺇﻟﻴﻪ، ﻳﺠﺪ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﺃﺳﺮﺍﺭﺍ ﻳﻤﻸ ﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻢ ﻇﻬﻮﺭﻫﺎ ﺃﻧﻮﺍﺭﺍ. ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳفي ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻩ ﺑﺈﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺤﻖ، ﻓﻬﻮ ﻣﻌﺬﻭﺭ "ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻧﻮﺭﺍ ﻓﻤﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ".
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (إِلا أن بعض أهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أن اللَّه، لَمَّا ثبت عندهم أنه فعَّال لما يشاء، جوزوا على اللَّه تعالى ما يناقص الحكمة وما هو الأمر عليه في نفسه. و لهذا عدل بعض النظار إِلى نفي الإمكان وإِثبات الوجوب بالذات و بالغير. والمحقق يثبت الإمكان ويعرف حضرته، والممكنَ ما هو الممكن ومن أين هو ممكن وهو بعينه واجب بالغير، ومن أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب. و لا يعلم هذا التفصيل إِلا العلماء باللَّه خاصة.)
قال رضي الله عنه : "إلا أن بعض أهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أن الله، لما ثبت عندهم أنه فعال لما يشاء، جوزوا على الله تعالى ما يناقض الحكمة وما هو الأمر عليه في نفسه. ولهذا عدل بعض النظار إلى نفي الإمكان وإثبات الوجوب بالذات وبالغير.
والمحقق يثبت الإمكان ويعرف حضرته، والممكن ما هو الممكن ومن أين هو ممكن وهو بعينه واجب بالغير، ومن أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب. ولا يعلم هذا التفصيل إلا العلماء بالله خاصة."
قال رضي الله عنه : "إلا أن بعض أهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أن الله، لما ثبت عندهم أنه فعال لما يشاء، جوزوا على الله تعالى ما يناقض الحكمة وما هو الأمر عليه في نفسه. ولهذا عدل بعض النظار إلى نفي الإمكان وإثبات الوجوب بالذات وبالغير.
والمحقق يثبت الإمكان ويعرف حضرته، والممكن ما هو الممكن ومن أين هو ممكن وهو بعينه واجب بالغير، ومن أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب. ولا يعلم هذا التفصيل إلا العلماء بالله خاصة."
قال رضي الله عنه : (لما ثبت عندهم أنه فقال لما يشاء)، ولو كان فعله منوطا بالاستعداد لکان موجبا لا مختارا.
ولذلك (جوزوا على الله ما يناقض الحكمة)، وهي الاقتصار على قدر الاستعداد، وما يناقض (ما هو الأمر عليه في نفسه) مما علمه الحق تعالی وقدره.
(وهذا) أي: والتقصي عن شبهة هؤلاء القائلين بأن الفاعل على وفق الاستعداد لا يكون فعالا لما يشاء، وإن كان موافقا للحكمة مع ثبوتها بالنص.
(عدل) في الجواب عنها (بعض التظار) عن جادة الصواب (إلى نفي الإمكان، وإثبات الوجوب) لكل موجود إما (بالذات، أو بالغير).
قائلا: بأنه فعال لما يشاء على سبيل فرض ثبوت الإمكان لكنه ليس بثابت إذ المشيئة في الفعل وتركه، إنما تتأتي في الممكن.
لكن نفي الإمكان يستلزم نفي الممكن وفاعل بالحكمة على تقدير الوجوب، وهو ثابت للمحدثات بالغير، وهو استعدادها الموجب لفعل الفاعل بحسبه.
وإنما لم يكن هذا جادة الصواب؛ لأنه راجع إلى القول بالموجب بالذات؛ وهو مذهب الفلاسفة (والمحقق) القابل بأن فعله بالمشيئة والحكمة جميعا (يثبت الإمكان) ليثبت له القول بالمشيئة على سبيل التحقيق دون مجرد الفرض، وهو استواء نسبة الوجود والعدم إلى الشيء .
(ويعرف حضرته)، وهو العلم الإلهي الذي تميزت فيه الأعيان الممكنة، ويعرف (الممكن وما هو الممكن) أي: ما هو ماهيته وهو العين الثابتة مع قطع النظر عن استعداده، (ومن أين هو ممكن).
وهو أن استعداده لا يوجب الفيض من المبدأ الفياض بطريق الإلجاء؛ بل بالاختيار؛ لكن السنة الإلهية جارية بأن فعله تابع لاستعداده.
ولذلك (هو بعينه واجب) الوجود (بالغير) الذي هو الاستعداد الموجب للفعل بحسب جريان السنة الإلهية، رعاية للحكمة والجود، ويعرف المحقق أيضا أن الوجود، وإن كان واحدا وهو واجب بالذات.
فهذا ليس بواجب بالذات؛ بل هو غيره ووجوبه بالغير فيعرف (من أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب) بالغير، وذلك أن الوجود إنما وجب بالذات في ذاته لا في المظاهر؛ بل إنما وجب فيها باستعداداتها، وإن الظاهر في المظاهر صورة الوجود، ولم يحل فيها الوجود فهو غيره.
(ولا يعلم هذا التفصيل إلا العلماء بالله خاصة) إذ غيرهم إما قابل بالمشيئة مع جواز مناقضة الحكمة، أو بالإيجاب على وفق الحكمة بلا مشيئة، ولا يعرف الممكن ما هو في نفسه، ولا جهة إمكانه، ولا يعرف جهة الاتحاد له مع الحق مع جهة المباينة، بل إما أن يكون بالحلول أو بالاتحاد المطلق، أو بالمباينة المطلقة بين الحق والخلق؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.
يتبع الجزء الثاني
.
التسميات:
Fusus-AlHikam
،
IbnArabi
،
the-second-book-of-fusus-alhikam
مواضيع ذات صله :
the-second-book-of-fusus-alhikam
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
اشترك في قناتنا علي اليوتيوب
المشاركات الشائعة
-
كتاب تاج الرّسائل ومنهاج الوسائل . الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
-
كتاب عقلة المستوفز الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
-
كتاب إنشاء الدوائر الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
-
مقدمة كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع في شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية د. سعاد الحكيم
-
المقالة الخامسة والثلاثون سؤال طائر آخر الأبيات من 2966 - 3023 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري
-
ثانيا شرح الأبيات 17 - 29 من القصيدة العينية .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية
-
الفصل الثالث في بيان رموز هذه الشجرة وما في ضمن الدائرة المذكورة من التنبيه على الحوادث الكونية . كتاب الشجرة النعمانية للشيخ الأكبر ابن الع...
-
مقتطفات من الباب 559 من الفتوحات المكية .كتاب شرح مشكلات الفتوحات المكية وفتح الأبواب المغلقات من العلوم اللدنية
-
كتاب العظمة . الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
-
الهوامش والشروح 1116 - 1488 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
أرشيف المدونة الإلكترونية
-
▼
2019
(447)
-
▼
يونيو
(216)
- الفقرة الخامسة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الرابعة الجزء الثاني السفر الرابع فص حكمة ق...
- الفقرة الرابعة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الثالثة الجزء الثاني السفر الرابع فص حكمة ق...
- الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر الرابع فص حكمة ق...
- الفقرة الثانية الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الأولى السفر الرابع فص حكمة قدوسية فى كلمة ...
- الفقرة الرابعة والعشرون السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة الثالثة والعشرين السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة الثانية والعشرين السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة الحادية والعشرين السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة العشرين الجزء الثاني السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة العشرين الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني السفر الثالث فص حك...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول السفر الثالث فص حكم...
- الفقرة الثامنة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة السابعة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة السادسة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الخامسة الجزء الثاني عشرة السفر الثالث فص ح...
- الفقرة الخامسة عشرة الجزء الأول السفر الثالث فص حك...
- الفقرة الرابعة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول السفر الثالث فص حكم...
- الفقرة الثالثة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الثانية عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الحادية عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة العاشرة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة التاسعة الجزء الثاني السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة التاسعة الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة الثامنة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة السابعة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة السادسة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة الخامسة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة الرابعة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة الثانية الجزء الثالث السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة الثانية الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة الأولى السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة السابعة والثلاثون السفر الثاني فص حكمة نفثي...
- الفقرة السادسة والثلاثون الجزء الثاني السفر الثاني...
- الفقرة السادسة والثلاثون الجزء الأول السفر الثاني ...
- الفقرة الخامسة والثلاون السفر الثاني فص حكمة نفثية...
- الفقرة الرابعة والثلاثون السفر الثاني فص حكمة نفثي...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الرابع السفر الثاني...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الثالث السفر الثاني...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الثاني السفر الثاني...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الأول السفر الثاني ...
- الفقرة الثانية والثلاثون الجزء الثاني السفر الثان...
- الفقرة الثانية والثلاثون الجزء الأول السفر الثاني ...
- الفقرة الحادي والثلاثون الجزء الثاني .السفر الثاني...
- الفقرة الحادي والثلاثون الجزء الأول .السفر الثاني ...
- الفقرة الثلاثون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ...
- الفقرة الثلاثون الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الثامنة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الثامنة والعشرين الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة السابعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة السابعة والعشرين الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة السادسة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة السادسة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الخامسة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الخامسة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الثالثة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الثالثة والعشرين الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الثانية والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الثانية والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الحادي والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ف...
- الفقرة الحادي والعشرين الجزء الأول السفر الثاني فص...
- الفقرة العشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة العشرون الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثامنة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة الثامنة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة السابعة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة السادسة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثامنة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة الرابع عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الرابع عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة الثالث عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثالث عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة الثاني عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثاني عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة الحادي عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الحادي عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة العاشرة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة العاشرة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة التاسعة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة التاسعة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة الثامنة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة الثامنة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة السابعة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
-
▼
يونيو
(216)
تابعونا علي فيس بوك
https://www.facebook.com/groups/146820946026951/?ref=bookmarks
تغريداتي علي التويتر
التسميات
Abdelkader-Jilani
al-Junayd-al-Baghdadi
al-Kahf-Wa-al-Raqim
AlFateh-AlRabbani
AlMasnavi-Vol1
AlNafri
alnnadirat-aleiniat-eabd-alkarim-aljili
alsafar_alkhatum_fusus_alhikam
alshajara-alnumaniyya
altanazulat-almawsilia
Divan-Shams-Tabrizi
divine-manifestations
divine-providence
eabd-alkarim-aljili
farid-aldiyn-aleitar
Fusus-AlHikam
Hallaj
hikam
Ibn-AlFarid
Ibn-Ata-Allah
IbnArabi
mantiq-altayr
mathnawi-ma'nawi-Part1-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part1-muhamad-kaffafi
mathnawi-ma'nawi-Part2-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part2-muhamad-kaffafi
mathnawi-ma'nawi-Part3-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part4-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part5-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part6-iibrahim-aldasuqi
Mongah_IbnAtaAllah
Rumi
sharah-alkahf-walraqim-fie-sharah-bismi-allah-aljili
sharah-mushkilat-alftwhat-almakia
taj-altarajum
the-eighth-book-of-fusus-alhikam
the-fifth-book-of-fusus-alhikam
the-first-book-of-fusus-alhikam
the-fourth-book-of-fusus-alhikam
the-ninth-book-of-fusus-alhikam
the-second-book-of-fusus-alhikam
the-seventh-book-of-fusus-alhikam
the-sixth-book-of-fusus-alhikam
the-tenth-book-of-fusus-alhikam
the-third-book-of-fusus-alhikam
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق