الأحد، 30 يونيو 2019

الفقرة الثامنة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة و العشرون : الجزء الثاني
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال رضي الله عنه :  ( فهو العالم الجاهل، فيقبل الاتصاف بالأضداد كما قَبِلَ الأصلُ الاتصاف بذلك، كالجليل و الجميل‏ ، و كالظاهر و الباطن و الأول و الآخِر و هو عينه ليس‏ غير.    فيعلَم لا يعلم، ويدري لا يدري، ويشهد لا يشهد. وبهذا العلم سمي شيث لأن معناه هبة اللَّه. فبيده مفتاح العطايا على اختلاف أصنافها ونِسَبِهَا، فإِن اللَّه وهبه لآدم أول ما وهبه: وما وهبه إِلا منه لأن الولد سرُّ أبيه. )
قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : [فهو العالم الجاهل فيقبل الاتصاف بالأضداد كما يقبل الأصل الاتصاف بذلك، كالجليل و الجميل و الظاهر و الباطن و الأول و الآخر].

قال الشارح رضي الله عنه :
( فهو العالم الجاهل ): أي فهو عالم بعينه من حيث ما هو جاهل لأن العين فيهما واحد .
و هو الذي يقول: أنا، فإن الشيث عليه السلام لا يسمّى شيثا إلا باعتبار مجموع الرّوح و الجسد العنصري.
(فيقبل الاتصاف بالأضداد ): أي العين الواحدة المسمّاة بشيث عليه السلام، عالم جاهل باعتبار واحد في أمان واحد، و يطلق على هذا العين الواحدة أنه جاهل في حال كونه يطلق عليه أنه عالم لأن الأمر المرّكّب ذلك التركيب اقتضى ذلك الإطلاق و الاتصاف بالأضداد، كالمرّكّب القوي في الأدوية، يقال فيه: حار بارد، و مسهّل قابض، كالسبق فإنه مسهل قابض، و كالكزبرة حارة باردة، محللة من حيث حرارتها، تحلل الخنازير، رادع مكثف من حيث برودتها .
والمجموع متصف بأنه حار بارد، ومحلل رادع، و هذا من المعقولات التي قبلتها العقول.
فإذا فهمت هذا فاعلم أن الشارح القيصري رحمه الله في شرح هذا المتن قال:
أي في مقام واحد باعتبارين، من حيث اتصافه بالصّفات الكونية، و أما من حيث اتصافه بالصّفة الإلهية فباعتبار واحد.انتهى كلامه.
و فيه ما فيه لأنه إذا قلنا بالاعتبارين فكيف قبل الاتصاف بالأضداد، و كيف يقبل التشبيه ؟ كما قال رضي الله عنه: كما يقبل الأصل الاتصاف بذلك، و الأصل ما اتصف بالأضداد بالاعتبارين حتى يكون مثله، مع قوله واعترافه أنه من حيث اتصافه بالصفة الإلهية فباعتبار واحد، فكيف يشبه الذي باعتبار واحد بالذي باعتبارين، كأنه اشتبه عليه رحمه الله .
أن الصّفات لهذه العين الواحدة لما جاءته من الأجزاء، فاعتبر الاعتبارين، و عقل عن أصل التشبيه بالأصل لأن حقيقةالموصوف في الوجهين حقيا و خلقيا وحدة العين، و لها صفتان متضادتان، فافهم .

( كما قبل الأصل) الحق (الاتصاف بذلك الأضداد، كالجليل و الجميل )، فالجليل من صفات الجلال، و له التنزيه، و الجميل من صفات الجمال و له التشبيه، و العين الواحدة يتصف بها من الأزل إلى الأبد، (و الظاهر و الباطن و الأوّل و الآخر )، و هي الأسماء الإضافية المحضة، و يجمعها الله  كلها كالماء في الأواني المختلفة .
قال: "العارف لون الماء لون إنائه" قبل الاتصاف بحسب الأواني من لا صفة له، وكذلك فيما نحن بصدد بيانه لأن الأصل وحدة العين، فقبل الصفات المتضادة، وهي في الظاهر عين الظاهر، وفي الباطن عين الباطن، وفي الأوّل والآخر كذلك  .
فقبل الأضداد، وهي الحرارة والبرودة، والحلاوة والمرارة، وهو ما واحد، وهذا من مدركات العقل لا كلام فيه .  أراد رضي الله عنه بهذا التمثيل تقريب العقول الضعيفة .

قال المصنف رضي الله عنه : [وهو عينه و ليس غيره فيعلم ولا يعلم، ويدري ولا يدري، ويشهد و لا يشهد .  وبهذا العلم سمي شيث لأن معناه هبة الله . فبيده مفاتيح العطايا على اختلاف أصنافها ونسبها. فإن الله وهبه لآدم أول ما وهبه . وما وهبه إلا منه لأن الولد سر أبيه،]
قال الشارح رضي الله عنه :
( و هو عينه ): أي هذا الفرع القابل للاتصاف بالأضداد عين الأصل، (ليس غيره ): أي قبول الاتصاف بالأضداد عين قبول الاتصاف بالأضداد، (فيعلم ما لا يعلم) له شريك . و أيضا كل علم حصل بالابتلاء، كما قال عن نفسه تعالى: "ولنبْـلوّنكُمْ حتّى نعلم المُجاهِدِين مِنْكُمْ والصّابرين ونبْـلوا أخْبارُكمْ" [ محمد: 31] .
و هذا لإقامة الحجة، فإنه يعلم ما يكون قبل أن يكون لأن علمه في ثبوته، ومن هذا الذوق: أي وفق (لنبلونكم) .
قال مجذوب: و أمّا أنا فعرفته، و أما هو فلا أدري أنّه عرفني أم لا: أي عرفني مجاهدا أم لا لأن علمه تابع للمعلوم، و المعلوم: أي كونه مجاهد إما ظهر بالنسبة إلى هذا القائل في ذلك الوقت، فلا يتعلق به العلم إلا بحسب ما هو المعلوم عليه
وبيان ذلك أنّ العلم المطلق من حيث التعلق بالمعلومات ينقسم إلى علم يأخذه الكون من الله بطريق التقوى، وهو قوله:  "واتّـقُوا اللّه ويعلِّمُكُمُ اللّهُ واللّهُ بكُل شيْءٍ عليمٌ" [ البقرة: 282]، و قوله تعالى: "إنْ تتّقُوا اللّه يجْعلْ لكُمْ فُـرْقاناً" [ الأنفال:  29]، و هو علم الإفراد .

قال تعالى في خضر عليه السلام: "وعلّمْناهُ مِنْ لدُنّا عِلْماً " [ الكهف: 65]، وهو علم التقوى، و إلى علم يأخذه الله من الكون عند ابتلائه إياه بالتكليف، وهو قوله تعالى : "ولنبْـلوّنكُمْ حتّى نعْلم المُجاهِدِين مِنْكُمْ والصّابرين" [ محمد: 31]، فلو لا الاشتراك في الصورة ما حكم على نفسه بما حكم على خلقه من حدوث التعلق مع قدم العلم .
وهذا التفصيل من نتيجة العلم بالتحقيق بالصورة، فإذا ظهر العبد على الصورة فلا يفوته  شيء لأنه حقيقي ، » اتق الله حق تقاته «
و إذا ظهر الحق بصورة الإنسان الحيواني في مقام الحيواني في مقام: جعت فلم يطعمني في الحال الذي لا يكون الإنسان في صورة الحق، كان الحكم عليه كالحكم على صورة الإنسان الحيواني الذي ليس على صورة .
فينسب إليه ما ينسب من حركة وسكون وانتقال، وشيخ وشاب، وغضب ورضاء، وفرح وابتهاج، ويد وكف وأنامل، وغير ذلك .
فافهم هذا إني خففت عليك بإيراد هذا التفصيل حين علمت فيك ضعفا، وهكذا البيان في قوله رضي الله عنه: (و يدري و لا يدري ) أي يدري ذاته أزلا و أبدا، و لا يدري له انتهاء، بل من هذا المقام ما قال ابن الفارض رضي الله عنه بلسان الجذب و العشق :
قلبي يحدّثني بأنك متلقي روحي فداك عرفت أم لم  تعرفي وقد عرفت بيان هذه الكلمة حيث عرفت تفصيل ما عرفته فيالعلم آنفا، (و يشهد) الغيب غيبا، بل كله شهادة بالنسبة إليه تعالى، بل من هذا المشهد حكى رضي الله عنه في الفتوحات أنه قال :
يا من يراني و لا أراه   ...... كم ذا أراه و لا يراني

فاستبكى شخص فقيه كان حاضرا في البديهة
يا من يراني مجرما    ..... و لا أراه آخذا
ذا أراه محسنا        ...... و لا يراني لائذا
فسكت، فافهم الإشارة إنّ كل فقيه لا يستأهل بالبشارة، فلهذا أعرض الشيخ رضي الله عنه و لم يبين له حقيقة المعنى.
فلا يدري ما قلناه إلا من فهم إشارة ،" جعت فلم تطعمني، ومرضت فلم تعدني "
فإنه يتنزل إلى سماء الدنيا ليرى هل من مستغفر وهو علّام الغيوب، فافهم .
فإن الأمر في نفس الأمر جمع النقيضين، فإنّ التضاد في الأصل والفرع، يعلم ولا يعلم، ويشهد ولا يشهد، يدري ولا يدري .
ومن هذا المقام قال الخراز قدّس سره: عرفت الله بجمع الأضداد لأنه عين العالم، فعين العالم و عين الجاهل عرفت أم لم تعرف، فافهم الأمر على ما هو عليه، و لا تخلط فيخلط عليك .

فإنه سبحانه يقول: "و للبسْنا عليْهِمْ ما يلْبسُون" [ الأنعام: 9].
أما ترى حين خاطب نبيه بقوله: " جعت فلم تطعمني ومرضت فلم تعدني"
فقال :"سبحانك إنك تطعم و لا تطعم " ، فأعرض و أول الكلام حيث رأى فيه رائحة الاستعجاب و الاستغراب .
وهذا الكمل في هذا المقام يقلدون سيدهم قال صلى الله عليه و سلم: " من رآني فقد رأى الحق".
"" يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة، ومن رآني فقد رأى الحق؛ فإن الشيطان لا يتمثل بي» . الطبراني في الكبير ومسند احمد.
قال: أبو قتادة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من رآني فقد رأى الحق " مسند أحمد والبخاري ومسلم.
أبي سعيد الخدري، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من رآني فقد رأى الحق، فإن الشيطان لا يتكونني» البخاري.
" من رآني فقد رأي الحق فإن الشيطان لا يتراءى بي. " البخاري
"من رآني في المنام فسيراني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي"
وفي طريق: "فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في  صورتي" . البخاري ""

فلما فهم صلى اللّه عليه وسلم عدم الفهم من الحاضرين فقال: "إن الشيطان لا يتمثل بي".
فافهم فإنّ هذا هو العلم، بل هذا من العلم الذي ورد في الحديث الصحيح : " إنّ أفضل الأعمال العلم بالله، ينفعك معه قليل من العمل وكثيره، وأنّ الجهل لا ينفعك معه قليل العمل ولا كثيره " . رواه الحكيم عن أنس رضي الله عنه .
ورد أنّ: "المؤمن إذا تعلم بابا من العلم عمل به أم لم يعمل به كان أفضل من أن يصلي ألف ركعة تطوعا ". رواه بن لال في مكارم الأخلاق عن ابن عمر .
و في رواية أخرى :
" تطوعا متقبلة، وإذا علمت الناس عمل به أو لم يعمل به فهو خير لك من ألف ركعة تصليها تطوعا متقبلة " رواه الديلمي عن أبي ذر رضي الله عنه ذكرها في جمع الجوامع هذا .
وهذا وقد ذكرت فيه غيبة المستبصر الفهيم، وغير هذا ما هو العلم في نفس الأمر،بل ترميه الحقائق و تمجه البواطن، فافهم.
و لهذا: أي بأنه ممد الأرواح لهذه العطايا و فنونها، (سمّي شيث) شيثا لأنّ (معناه هبة الله) بلسان السرياني ، فلما كان عليه السلام واسطة فيها، فكأنه عينها بل هو عينها كما بيناه .
( فبيده مفتاح العطايا) لأن هذا النوع من التجلي، هو عليه السلام فتح بابه و بيده مقاليده (على اختلاف أصنافها و نسبها) وذلك لأنه أول تفصيل وقع للإجمال الآدمي في تلك الأصناف من العلوم و المواهب و المنح و الأعطيات .
( فإن الله وهبه لآدم أول ما وهبه )، فهو وهب من الوهّاب بصورة ألوهية الكمالية الفتحية، فهو فاتح أبواب الأعطيات و الخيرات، خفيها و جليها، حقيرها و حليلها.
(و ما وهبه إلا منه ): أي ما وهب ذلك الموهوب إلا منه، فأخذ منه و ردّ إليه  
قال تعالى: "سيجْزيهِمْ وصْفهُمْ إنّهُ حكِيمٌ عليمٌ " [ الأنعام: 139] .
وقال في الحديث: :"إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أردها عليكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه " .
فما خرج الأمر منه أصلا، ولا يخرج حفظا بحق الأصل ومراعاته، فشيث عليه السلام علما و وجودا تفضيل آدم صورة و معنى .
(لأنّ الولد سر أبيه ) فسر كل شيء حقيقته أو ثمرته.
فعلى الأول أن الولد سر أبيه لأنه تفضيل ما أجمل فيه، فحقيقة الأب التي كانت بصورة الإجمال ظهرت في مفصله على صورة الكمال بأحسن التقويم و الجمال.
فما ظهر الكمال العطائي بأنواعها و أصنافها إلا فيه بتفضيل الإجمال، فالأمر إجمالي و تفصيل و إجمال .
و على الثاني فلأن السر هو الثمرة المكنونة في أكمامه، فهو سر أبيه و ثمرته لأن القابليات أعطت ذلك، فالذي بالقوة في الأب يظهر في الولد لأن كل تجلي يتأخر يضمن الأول مع الزيادة، و هكذا الأمر كما قيل بلسان العجم : نقاش نقش آخر بهتريشد زوال
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: