الأحد، 30 يونيو 2019

الفقرة الرابعة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قدوسية فى كلمة إدريسية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قدوسية فى كلمة إدريسية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قدوسية فى كلمة إدريسية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه  : (ولما خافت نفوس العمال منا أتبع المعية بقوله «ولن يتركم أعمالكم»: فالعمل يطلب المكان والعلم يطلب المكانة، فجمع لنا بين الرفعتين علو المكان بالعمل و علو المكانة بالعلم.
ثم قال تنزيها للاشتراك بالمعية «سبح اسم ربك الأعلى» عن هذا الاشتراك المعنوي.
ومن أعجب الأمور كون الإنسان أعلى الموجودات، أعني الإنسان الكامل، وما نسب إليه العلو إلا بالتبعية، إما إلى المكان وإما إلى المكانة وهي المنزلة.
فما كان علوه لذاته. فهو العلي بعلو المكان وبعلو المكانة. فالعلو لهما. فعلو المكان.
«كـ الرحمن على العرش استوى» و هو أعلى الأماكن.
وعلو المكانة «كل شيء هالك إلا وجهه»، و «إليه يرجع الأمر كله»، «أإله مع الله».)
(ثم قال) سبحانه (تنزيها) له تعالى عن مشابهتنا (للاشتراك)، أي لأجل ما يفهم من الاشتراك بيننا وبينه (بالمعية) المذكورة في هذه الآية، فإن قوله: "والله معكم" [محمد: 35]. يقتضي اشتراكه معنا فيما نحن فيه من الوجود والاتصاف بالأوصاف ولو من بعض الوجوه.
وهو ممتنع لقدمه وحدوثنا واستغنائه وافتقارنا، فنزه تعالى نفسه بقوله في آية أخرى ("سبح")، أي نزه وقدس ("اسم") فكيف صفة فكيف ذات ( "ربك ")، أي مالكك وهو الله تعالى من حيث تجليه عليك حتى ظهرت بتأثير أسمائه وصفاته ، فكيف من حيث ما هو عليه في ذاته ("الأعلى") [الأعلى: 1] .
نعت للاسم أو الرب أي المنزه عن هذا الاشتراك)، أي المفهوم من آية المعية (المعنوي)، أي من حيث معنى العبادة لا حقيقة الأمر.
(ومن أعجب الأمور) الإلهية المتضمنة للحكم الربانية (كون الإنسان) سبب خلقه على الصورة الإلهية من قوله عليه السلام إن الله خلق آدم على صورته .
وفي رواية أخرى: على صورة الرحمن، لأنه مجموع آثار مختلفة صادرة عن جميع الصفات الإلهية التي هي صورة الحق تعالى، فإن صورة كل شيء صفاته (أعلى الموجودات) كلها على الإطلاق العلوية الروحانية والسفلية الجسمانية والبرزخية النفسانية (أعني الإنسان الكامل) في مرتبة الظهور والبطون.
وأما غيره من الناقصين فقد تفرق كماله فيهم، فهم أنفاسه، فليسوا على الصورة الإلهية بل على بعضها.
فهم من جملة كمال نسخة الوجود (و) مع ذلك (ما نسب)، أي نسب الله تعالى (إليه العلو) كما تقدم في قوله تعالى: "وأنتم الأعلون والله معكم " [محمد: 35] .
(إلا بالتبعية إما إلى المكان) وهو قوله: "وأنتم الأعلون" يعني من جهة عملكم وهو جهادكم في سبيل الله فلما علا عملكم علوتم تبعا له .
(وإما إلى المكانة وهي المنزلة) وهو قوله تعالى : "والله معكم " فنزلتكم أعلى المنازل بالتبعية لمن هو معكم وهو الله تعالی.
(فمن كان علوه لذاته)، أي لا تبعا لغيره وهو على الله تعالى (فهو العلي بعلو المكان)، لأن الأماكن كلها منه فعلوها من علوه (وبعلو المكانة) أيضا هي المنزلة لأن المنازل والمراتب كلها منه فعلوها من علوه (والعلو) عندنا في حضرة الإمكان لهما) فقط أي للمكان والمكانة، لأنه العلو المخلوق .
وأما العلم الذاتي فليس له فينا وجود، لأنه العلو القديم فنعلمه إيمانا لا تصورا.
(فعلو المكان) نسب إلى الله تعالى في الشرع كـ (" الرحمن على العرش استوى" ) [طه: 5]، فيما أخبر تعالی عن نفسه .
(وهو)، أي العرش (أعلى الأماكن)، لأنه أول عالم الأجسام والأماكن إنما هي عالم الأجسام (وعلو المكانة)، أي المنزلة والمرتبة نسب إلى الله تعالی أيضا في الشرع كقوله تعالى: ("كل شيء") معقول أو محسوس "هالك" ، أي زائل ومضمحل ("إلا وجهه") [القصص: 88]، أي ذاته سبحانه وتعالی .
وقوله عز وجل: ("وإليه ") من حيث ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه "يرجع الأمر" الإلهي الواحد .
وأكده بقوله : "كله" [هود: 123]، لظهوره عندنا في صور الخلق من حيث ذواتهم وصفاتهم واسمائهم و أفعالهم وأحكامهم.
وقوله تعالى: ("أإله")، أي معبود يعبده أي يذل له شيء مطلقا ولا تجد شيئا يذل إلا لشيء مثله من حيث إن الله تعالی رتب الأسباب في الوجود فالمعنى هل شيء ("مع الله" ) والتقدير لا شيء مع الله سبحانه نظيره.
قوله عليه السلام أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد «ألا كل شيء ما خلا الله باطل». فهذه الآيات الثلاث تفيد على المنزلة لله تعالی.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه  : (ولما خافت نفوس العمال منا أتبع المعية بقوله «ولن يتركم أعمالكم»: فالعمل يطلب المكان والعلم يطلب المكانة، فجمع لنا بين الرفعتين علو المكان بالعمل و علو المكانة بالعلم.
ثم قال تنزيها للاشتراك بالمعية «سبح اسم ربك الأعلى» عن هذا الاشتراك المعنوي.
ومن أعجب الأمور كون الإنسان أعلى الموجودات، أعني الإنسان الكامل، وما نسب إليه العلو إلا بالتبعية، إما إلى المكان وإما إلى المكانة وهي المنزلة.
فما كان علوه لذاته. فهو العلي بعلو المكان وبعلو المكانة. فالعلو لهما. فعلو المكان.
«كـ الرحمن على العرش استوى» و هو أعلى الأماكن.
وعلو المكانة «كل شيء هالك إلا وجهه»، و «إليه يرجع الأمر كله»، «أإله مع الله».)
ولما قال : "والله معكم" أثبت لنفسه ما أثبت لنا وهو العلو بالمكانة فجعلنا شریکا لنفسه في اسمه العلي فكان علوه تبعا بالمكانة كعلونا فلزم تنزیه اسمه عن الاشتراك.
فأورد الشيخ آية التنزيه بقوله : (ثم قال تنزيها للاشتراك بالمعية "سبح أسم ربك الأعلى " عن هذا الاشتراك المعنوي) أي الاشتراك الذاتي.
بمعنى أن العلم كما ينسب إلى الله تعالى لذاته كذلك ينسب إلى المكانة لذاتها وهذا هو المفهوم من الآية السابقة.
فلما قال : "سبح اسم ربك الأعلى" علم أن علوه تعالی لذاته وعلو الموجودات كلها لا لذاتها بل العلو له تعالی کله .
حيث ظهر وغيره على بعلوه فلا يقع اشتراك غيره معه في علو بالاشتراك المعنوي بل الاشتراك في العلو لا يكون إلا لفظا (ومن أعجب الأمور كون الإنسان أعلى الموجودات اعني الإنسان الكامل) وهو روح الأعظم المحمدي تظهر الأسماء (وما نسب إليه العلو إلا بالتبعية أما) بالنسبة (إلى) على (المكان).
(وأما) بالنسبة (إلى) علو (المكانة وهي المنزلة) لأن العلو نسبة ولا يظهر نسبة إلى شيء إلا بالإضافة إلى شيء آخر له علو.
فما يحدث العلو في شيء إلا بالتبع إلى علو المكان أو إلى على المكانة وإذا كان الإنسان مع كونه أعلى الموجودات يحتاج في ظهوره علوه إلى المكان والمكانة إذ لا ينسب إليه العلو إلا بعد الظهور بالعلم .
فلا يظهر العلو في شيء إلا بالنسبة إلى المكان أو المكانة.
(فما كان علوه لذاته) وهو الله تعالى وحده لا يشترك فيه معه غيره (فهو العلي بعلو المكان) .
أي كما أنه ينسب إليه العلم الذاتي من غير إضافة وتبعية إلى شيء كذلك ينسب إليه تبعية المكان (والمكانة) فيقال وهو العلي بعلو المكان والمكانة .
كما يقال هو العلي بعلوه الذاتي و معنی علوه بعلو المكان والمكانة كونه تعالی تابعا إليهما في إظهار هذا الاسم فيهما ليكونا دليلين على علم الذاتي .
فعلو المكان دليل على علوه الذاتي من حيث الظاهر فنستدل به بأنه ما كان عليا في الظاهر إلا وهو أثر من علوه الذاتي .
فهو علي بالذات على كل ظاهر وعلو المرتبة دليل على أنه لا علي في الباطن من المراتب إلا وهو على بعلوه .
فالعلو للممکنات اختصاص من الله تعالى يعطي الله لمن يشاء لإظهار کمالات هذا الاسم منه لا من مقتضيات الطبيعة .
(فالعلو لهما) من حيث الظهور وإن كان الله بحسب الذات ومعنى اتباع الحق في العلو إلى المكان والمكانة توجهه إليهما في إظهار هذا الاسم .
فبهذا المعنى يجوز أن ينسب إليه العلو المكاني وإليه أشار بقوله فما كان علوه لذاته فهو العلي بعلو المكان .
ولم يقل فهو العلي بالمكان لأن فيه إثبات الجلوس تعالی عن ذلك فلا يتعالى عن علو المكان بل يتعالی عن نفس المكان .
وأشار إليه فيما سبق بقوله وهو يتعالى عن المكان ولم يقل يتعالي عن علو المكان (فعلو المكان) للحق ثابت بالنص الإلهي. كـ "الرحمن على العرش استوى".
أي أظهر علوه الذاتي بجعل هذا المكان تحت تصرفه وقدرته (وهو) أي العرش (أعلى الأماكن) لأنه ليس فوقه مکان .
فكان علو العرش بعلو المكان وعلو فلك الشمس بعلو المكانة فهو العلي بعلو هذا المكان الأعلى مع أنه العلى بالعلو الذاتي.
(وعلو المكانة) ثابت لله أيضا بالنص وهو كقوله تعالى: «كل شيء هالك إلا وجهه" [القصص: ۸۸] .
لأن ملاك كل شيء وبقاء ذاته تعالی مرتبة ليس فوقها مرتبة .
وكذلك قوله تعالی : "وإليه يرجع الأمر كله" [هود: 123]. إذ رجوع الأمر كله إليه مرتبة عظيمة وكذلك "أإله مع الله " [النمل: 60] .
إذ الانفراد بالألوهية مرتبة رفيعة ليس فوقها مرتبة , وكما أن علو المكان ثابت لله بالنصوص .
كذلك في حق المخلوق ثابت بالنصوص

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه  : (ولما خافت نفوس العمال منا أتبع المعية بقوله «ولن يتركم أعمالكم»: فالعمل يطلب المكان والعلم يطلب المكانة، فجمع لنا بين الرفعتين علو المكان بالعمل و علو المكانة بالعلم.
ثم قال تنزيها للاشتراك بالمعية «سبح اسم ربك الأعلى» عن هذا الاشتراك المعنوي.
ومن أعجب الأمور كون الإنسان أعلى الموجودات، أعني الإنسان الكامل، وما نسب إليه العلو إلا بالتبعية، إما إلى المكان وإما إلى المكانة وهي المنزلة.
فما كان علوه لذاته. فهو العلي بعلو المكان وبعلو المكانة. فالعلو لهما. فعلو المكان.
«كـ الرحمن على العرش استوى» و هو أعلى الأماكن.
وعلو المكانة «كل شيء هالك إلا وجهه»، و «إليه يرجع الأمر كله»، «أإله مع الله».)
ثم قال تنزيها للاشتراك بالمعية: "سبح اسم ربك الأعلى" [الأعلى: 1] عن هذا الاشتراك المعنوي.
قلت : هذه الحكمة الشريفة نسبتها إلى القدوس تعالى، واشتقاق القدوس من التقديس وهو في اللغة التطهير واعتبر، رضي الله عنه، مضمون الآية وهو قوله تعالى: "ورفعناه مكانا عليا" (مريم: 57) فأخذ يبين العلو فقسمه إلى علو مكان وإلى علو مكانة، فعلى المكان معروف وعلو المكانة الجاه.
فشرع، رضي الله عنه، يبين أولا علو المكان، فذكر أن أعلاه فلك الشمس وهو السماء الرابعة.
قال: وفيه مقام روحانية إدريس، عليه السلام، فبين، رضي الله عنه، أن فوق فلك الشمس سبعة أفلاك وتحته سبعة أفلاك وهو في حقيقة الوسط، والوسط هو أعلى بدليل قوله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمه وسطا" (البقرة: 143).
أي خيارا، ثم ذكر الأفلاك التي فوق فلك الشمس على الترتيب، فذكر أن فوقه فلك الأحمر وهو المريخ، وفوق فلك الأحمر "المريخ" فلك المشتري.
وفوقه فلك كیوان و کیوان هو زحل، وفوقه فلك المنازل وهو فلك البروج وفيه الكواكب كلها إلا السبعة السيارة. ثم ذكر أن فوقه الأطلس وهو التاسع المحيط.
ثم ذكر ، رضي الله عنه، أن فوق التاسع فلك الكرسي وفوقه فلك العرش فهذه سبعة أفلاك كلها كما ذكر فوق فلك الشمس.
وأما الأفلاك التي تحت فلك الشمس فأقرب ما يليه فلك الزهرة، وفلك الكاتب بعده وهو عطارد.
وإن كان قد قيل: إن عطارد فوق الزهرة والمعتمد هو ما يقوله مشايخنا، رضي الله عنهم، فإنهم خلفاء الرسول عليه السلام.
قال: ثم فلك القمر، ثم اكرة الأثير وهي فلك النار، ثم فلك الهواء، ثم فلك الماء المخالط الكرة الأرض، ثم كرة الأرض.
قال: فصار فلك الشمس قطب الأفلاك فهو بهذا رفيع المكان، وإنما كان القطب أرفع من المحيط به لأن المركز وهو مطمح نظر كل نقطة من المحيط المحيط فإليه يتوجه فهو عندها الأعلى.
ونقطة القطب وحدها تعم نقط المحيطات كلها و تسعها حيث يتوجه كلها إليها فيقبلها على اختلافها ولا تضيق عن شيء منها مع أنها لا تنقسم.
قال: وأما على المكانة فهو لنا، أعني المحمديين، لقوله تعالى: "وأنتم الأعلون والله معكم» (محمد: 35) في هذا العلو، وهو يتنزه عن علو المكان لا عن علو المكانة. ومعنى قوله تعالى: "ولن يتركم أعمالکم" (محمد: 35) أي ولن ينقصها.
ثم نسب العمل إلى المكان والعلم إلى المكانة، فجعل العلم أعلى من العمل.
وفي هذا إشارة إلى أنه ما أراد بالعلم أنه العلم الذي هو يكتفيه العمل، فإن العمل أفضل من ذلك العلم لأنه توطئة للعمل والتوطئة دون الموطأ له، وإنما أراد بالعلم هنا العلم بالله تعالى، فإنه أعلى من العمل.
قال: فجمع لنا بين الرفعتين: علو المكان بالعمل وعلو المكانة بالعلم.
قال ولما ذكر المعية معنا في العلو عرفنا أنه ليس بمحصور في ذلك العلو الذي نشارکه نحن فيه فقال: "سبح اسم ربك الأعلى" (الأعلى: 1) عن هذا الاشتراك المعنوي.
قال الشيخ، رضي الله عنه: ومن أعجب الأمور كون الإنسان الكامل أعلى الموجودات وما نسب إليه العلو إلا بالتبعية، إما إلى المكان وإما إلى المكانة وهي المنزلة الرفيعة.
فما كان علوه لذاته فهو العلى بعلو المكان وبعلو المكانة, فالعلو لهما.
فعلو المكان كـ "الرحمن على العرش استوى:" (طه: 5) وهو أعلى الأماكن.
وعلى المكانة "كل شيء هالك إلا وجهه" (القصص: 88), "و إليه يرجع الأمر كله" (هود: 123)، "أإله مع الله" (النمل: 60).
وأما قوله: فهو العلي بعلو المكان وبعلو المكانة
فمعناه: أن من كان العلو بالقرب منه يكتسب، فكل علو حصل لعال فهو علوا وزيادة .
أما العلو العرشي من قوله: "الرحمن على العرش استوى" (طه: 5) .
فالعرش هو شطر حقيقة ذاته و هو، أعني الشطر، جانب باطنه فإنه مجموع الأسماء، فتجلى الرحمن فيه فهو بحقائق ما في الرحمن، من الأسماء المودعة في الكامل.
قال تعالى"قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى(الإسراء:110) فالاستواء العرشي.
فيه قال رضي الله عنه: والعرش هو أعلى الأماكن يعني به ما فوق الكرسي لأنه يريد صورة ظاهر العرش وهو منطوى في حقيقة الكامل لأنه أحاط بالأفلاك كلها وكذلك هو المخبر عنها بأكمل مما تخبر هي به عن نفسها بلسان الحال وهو يخبر عنها بالمقال.
وأما قوله في علو المكانة: "كل شيء هالك إلا وجهه" (القصص: 88) فمعناه أنه تعالى يريد أن كل شيء هالك أي معدوم إلا وجهه أزلا وأبدا وهذه مكانة لا تليق إلا به.
وهو بعينه معنی "وإليه يرجع الأمر كله" (هود: 123) أي حقيقته، إليها ترجع الحقائق كلها، فهو وحده
وهو بعينه معنى قوله: "أإله مع الله" (النمل: 60) أي ليس مع الله سواه أزلا وأبدا كما أجمع عليه أهل الفناء في التوحيد .
لأن وجود سواه ألوهية ما، فهذه الصفات كلها صفات شطر من حقيقة مرتبة الكامل والكلام في هذا المجال يكون شفاها لضيق هذا المكتوب عن بسط الكلام فيه وأين مقام من قيل فيه: "إني جاعل في الأرض خليفة" (البقرة: 30) ممن قيل فيه"ورفعناه مكانا عليا" (مريم: 57)
ثم أنه نسب العلو للمكان لا إليه، أعني إدريس، عليه السلام.
و كذلك قوله تعالى: "أم كنت من العالين" عن الملائكة الذين لم يعلموا أن الله خلق آدم ولا سجدوا له .
ولذلك قيل لإبليس: "أم كنت من العالین" (ص: 75) فلذلك لم يسجد لآدم ومع علو مكانة العالين فعلو الكمل من المحمديين أعلى.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه  : (ولما خافت نفوس العمال منا أتبع المعية بقوله «ولن يتركم أعمالكم»: فالعمل يطلب المكان والعلم يطلب المكانة، فجمع لنا بين الرفعتين علو المكان بالعمل و علو المكانة بالعلم.
ثم قال تنزيها للاشتراك بالمعية «سبح اسم ربك الأعلى» عن هذا الاشتراك المعنوي.
ومن أعجب الأمور كون الإنسان أعلى الموجودات، أعني الإنسان الكامل، وما نسب إليه العلو إلا بالتبعية، إما إلى المكان وإما إلى المكانة وهي المنزلة.
فما كان علوه لذاته. فهو العلي بعلو المكان وبعلو المكانة. فالعلو لهما. فعلو المكان.
«كـ الرحمن على العرش استوى» و هو أعلى الأماكن.
وعلو المكانة «كل شيء هالك إلا وجهه»، و «إليه يرجع الأمر كله»، «أإله مع الله».)
كما أثبت لإدريس عليه السّلام خافت نفوس من لم يثبت له علوّ المكانة العلمية من العمّال والعبّاد من العباد من هذه الأمّة ، لكون الأعمال جسمانية أن لا يبقى لهم من علوّ المكان حظَّ إلهي ، فأعقب سبحانه وتعالى بقوله : " وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ " ، أي لن يبخسكم وينقصكم من أعمالكم الجسمانية شيئا فإنّ أعمالكم ، لها أعلى الأمكنة ، لأنّ سدرة المنتهى التي إليها تنتهي أعمال بني آدم مترتّبة إلى العرش الذي له أعلى الأمكنة ، فجمع الله لنا من الوارث المحمدي بين العلوّين ، فنحن الأعلون ، والله معنا في هذه الأعلويّة .
قال رضي الله عنه : « ثمّ قال تنزيها للاشتراك بالمعيّة : " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ " عن هذا الاشتراك المعنوي " .
يعني رضي الله عنه : أنّ الله تعالى لمّا وصفنا بأنّا الأعلون ، ثم أثبت لهويته تعالى المعيّة معنا بقوله :"وَهُوَ مَعَكُمْ ".
فأوهم بالاشتراك في الأعلويّة ، فأتبع تعالى بقوله : " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى " ، أي عن هذه الأعلويّة الثابتة لنا ، وعن الاشتراك ، فإنّ درجات الأكملية والأعلوية لا نهاية لها ، فإنّا وإن كنّا الأعلين ، لجمعنا بين علوّ المكان وعلوّ المكانة فإنّه جمع مقيّد بين علوّين مقيّدين ، والحقّ جمع الجمع بين علوّي جميع المكانات والأمكنة من كونه عين الكلّ ، ومن وجه آخر أعلى وهو العلوّ الذاتي ، فإنّ العليّ لذاته مع ماله من أنواع العلوّ كما ذكرنا ، فعلوّه غير منحصر في العلوّ المكاني أو المرتبي أو الجمعي والذاتي ، فافهم .
قال رضي الله عنه : « ومن أعجب الأمور كون الإنسان أعلى الموجودات أعني الإنسان الكامل ، وما نسب إليه العلوّ إلَّا بالتبعيّة ، إمّا إلى المكان وإمّا إلى المكانة وهي المنزلة ، فما كان علوّه لذاته ، فهو العليّ بعلوّ المكان وبعلوّ المكانة ، فالعلوّ لهما .
فعلوّ المكان ك " الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى " وهو أعلى الأماكن .
وعلوّ المكانة " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه ُ" و" إِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ " و" أَإِله ٌ مَعَ الله ".
يعني رضي الله عنه : أنّ علوّ المكانة الخصيص بالله تعالى من حيث رجوع الأمر كلية ، ففني من لم يكن فيمن كان ، ولم يكن معه شيء ، وبقي من لم يزل ، وهو وجه كلّ شيء ، أي حقيقته ، فتحقّقت الحقائق بالحق ، فلا حقيقة ولا تحقّق إلَّا له "أَإِله ٌ مَعَ الله " و" لا إِله َ إِلَّا هُوَ ".
فلو كان اثنان أو أكثر في الوجود ، لم يتحقّق هذا العلوّ لله تعالى وهو له تعالى ثابت متحقّق ، فلا حقيقة ، إلَّا حقيقته ، تعالى أن يكون معه غيره في الوجود .
قال رضي الله عنه : « ولمّا قال الله تعالى :  "وَرَفَعْناه ُ مَكاناً عَلِيًّا " فجعل « عليّا » نعتا للمكان".

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه  : (ولما خافت نفوس العمال منا أتبع المعية بقوله «ولن يتركم أعمالكم»: فالعمل يطلب المكان والعلم يطلب المكانة، فجمع لنا بين الرفعتين علو المكان بالعمل و علو المكانة بالعلم.
ثم قال تنزيها للاشتراك بالمعية «سبح اسم ربك الأعلى» عن هذا الاشتراك المعنوي.
ومن أعجب الأمور كون الإنسان أعلى الموجودات، أعني الإنسان الكامل، وما نسب إليه العلو إلا بالتبعية، إما إلى المكان وإما إلى المكانة وهي المنزلة.
فما كان علوه لذاته. فهو العلي بعلو المكان وبعلو المكانة. فالعلو لهما. فعلو المكان.
«كـ الرحمن على العرش استوى» و هو أعلى الأماكن.
وعلو المكانة «كل شيء هالك إلا وجهه»، و «إليه يرجع الأمر كله»، «أإله مع الله».)
قال رضي الله عنه : ( ولما خافت نفوس العمال منا أتبع المعية بقوله : " ولَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ " فالعمل يطلب المكان والعلم يطلب المكانة ، فجمع لنا بين الرفعتين : علو المكان بالعمل وعلو المكانة بالعلم ) أي ولما وصفنا بأننا الأعلون وأن الله معنا فهم العمال منا علو المكانة لتنزه الحق عن المكان وثبوت الأعلوية بالعلم .
فخافوا فوات أجر العمل ، لأن العمل يقتضي علو المكان وحصول الثواب في الجنة ، فأتبع المعية بقوله " ولَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ " أي ينقصكم أعمالكم ، ليعلموا أن الرفعة العلمية الرتبية لا تنافي الرفعة العلمية المكانية ، وأن الله يجمعهما لهم. فإن الله تعالى مع كل شيء في كل حضرة.
قال رضي الله عنه : ( ثم قال تنزيها لاشتراك المعية " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى " عن هذا الاشتراك المعنوي ) يعنى لما أثبت له تعالى معيتنا في الأعلوية ، أو هم الاشتراك في علو المكانة فنزهه بقوله " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى " عن هذا الاشتراك ، فإن العلو المطلق الذاتي له وحده وهو أعلى بذاته مطلقا لا بالنسبة إلى غيره ، فإن كل علو ليس إلا له وكل ما ينسب إليه علوه ، فبقدر ما يتجلى فيه باسمه العلى ينسب إليه فلا شريك له في أصل العلو ، فلا علوية إضافة له وكل ما علا فباسمه علا.
قال رضي الله عنه : ( ومن أعجب الأمور كون الإنسان أعلى الموجودات ، أعنى الإنسان الكامل ، وما نسب إليه العلو إلا بالتبعية ، إما إلى المكان وإما إلى المكانة وهي المنزلة ، فما كان علوه لذاته فهو العلى بعلو المكان وبعلو المكانة فالعلو لهما ) .
بيان أن العلو ليس إلا له فإن الإنسان الكامل أعلى الموجودات وما نسب إليه العلو إلا بتبعية المكان والمكانة فعلوه بسبب علوهما .
وإذا لم يكن لا على الموجودات علو ذاتى فكيف لغيره فعلم أن العلو الذي وصف به المكان والمكانة في قوله " مَكاناً عَلِيًّا " وفي كونهم أعلين بسبب معية الله ليس لهما بالذات فلا علو لمقيد أصلا إلا بالحق الذي له مطلق العلو الذاتي.
ومن ثم قال رضي الله عنه : ( فعلو المكان – كـ " الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى " وهو أعلى الأماكن ، وعلو المكانة " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه " وإليه يرجع الأمر كله " أَإِله مَعَ الله " ) .
يعنى أن أعلى الأماكن علوه المكاني ، إنما كان بتجلى اسمه الرحمن له وهو معنى استوائه عليه ، وأما اختصاص علو المكانة به ففي قوله :" كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه "  أي حقيقته التي بها وجد ما وجد وهو الوجود الحق المطلق ، فكل شيء في حد ذاته فان وهو الباقي بذاته والكل يرجع إليه بالفناء فيه ، وليس معه شيء فلا وجود لغيره فلا علو فلا وجه إلا واحد متعال بذاته ، ثم إنه نفى العلو عن كل متعين بخصوصه.
.
يتبع
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: