الأحد، 30 يونيو 2019
the-second-book-of-fusus-alhikam
الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية : الجزء الثاني
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (اعلم أن العطايا والمنح الظاهرة في الكون على أيدي العباد وعلى غير أيديهم على قسمين:
منها ما يكون عطايا ذاتية وعطايا أسمائية وتتميز عند أهل الأذواق، كما أن منها ما يكون عن سؤال في معيَّن وعن سؤال غير معيّن.
ومنها ما لا يكون عن سؤال سواء كانت الأعطية ذاتية أو أسمائية. فالمعيَّن كمن يقول يا رب أعطني كذا فيعيِّن أمراً ما لا يخطر له سواه وير المعيّن كمن يقول أعطني ما تعلم فيه مصلحتي- من غير تعيين- لكل جزء من ذاتي من لطيف وكثيف.)
النفث : لغة إرسال النفس رخوا. وههنا عبارة عن إرسال النفس الرحماني
أعني : فاضة الموجود على الماهيات القابلة له والظاهرة به ، أو عن إلقاء العلوم الوهبية والعطايا الإلهية في نوع من أستعد لها. أي: قلبه.
فالحاصل : أن خلاصة العلوم المتعلقة بالعطايا الحاصلة من مرتبة الغياضية والمبدئية و محل انتقاشها وهو القلب.
أو خلاصة العلوم الحاصلة على سبيل الوهب والتفضل لا على سبيل الكسب والتعمل.
أو محل انتقاشها متحققة في كلمة شيثية أحدية جمع روحه ويديه.
وإنما خصت الحكمة نفثية بالكلمة الشيثية، لأن ثبث عليه السلام كان أول إنسان حصل له العلم بالأعطيات الحاصلة من مرتبة المصدرية والمفيضية ونزلت عليه العلوم الوهبية.
ولما كانت أول المراتب المتعلقة التعيين الجامع للتعينات كلها وله أحدية الجمع وكانت المرتبة التي تليه مرتبة المصدرية والفیضانية التي هي عبارة عن نفث النفس الرحماني في الماهيات القابلة.
وكان آدم عليه السلام صورة المرتبة الأولى كما كان شيث عليه السلام عالما بالعناية الحاصلة من المرتبة الثانية علما وهبيا قدم المعنی الآدمي في الذكر وجعل الفص الشيثي يتلوه موافقا للوجود الخارجي بتقسيم تلك العطايا.
قال رضي الله عنه : "اعلم أن العطايا و المنح الظاهرة في الكون على أيدي العباد و على غير أيديهم على قسمين: منها ما يكون عطايا ذاتية عطايا أسمائية و تتميز عند أهل الأذواق، كما أن منها ما يكون عن سؤال في معين و عن سؤال غير معين. و منها ما لا يكون عن"
فقال رضي الله عنه مبتدئا : (اعلم أن العطايا) جمع عطية (والمنح) جمع منحة وهي العطية (الظاهرة في الكون ) مطلقة بل في الكون الجامع كما تدل عليه التقسيمات الآتية وغيرها الواصلة إلى مستعديها (على أيدي العباد).
أي بواسطة العباد المنفقين مما رزقهم الله تعالى من البشر كانوا أو من غيره .
كالعلم الحاصل للمتعلم من المعلم وللكمل بواسطة الملائكة والأرواح البشرية الكاملة (أو على غير أيديهم وهي على قسمين) أي بغير واسطتهم كما إذا تجلى الحق سبحانه بالوجه الخاص وأورث ذلك التجلي علما ومعرفة .
ويجوز أن يقال : معناه الظاهر مطلقا وعبر واسطتها.
(منها ما يكون عطايا ذانية) منسوبة إلى ذات أحدية جمع جميع الأسماء الإلهية من غير خصوصية صفة دون صفة إذ الذات من حيث هي هي لا تعطي عطاء ولا تتجلى تجليا (و) منها ما يكون (عطايا اسمائية) يكون مبدؤها خصوصية صفة من الصفات من حيث تعينها وتميزها عن الذات وسائر الصفات.
(وتتميز) العطايا الذاتية والأسمائية كل واحدة من الأخرى (عند أهل الأذواق) الذين دأبهم معرفة الحقائق ذوقة وكشفا لا نظرة وكسبأ .
و بهذين القسمين صارت القسمة مربعة .
قال رضي الله عنه : " كما أن منها ما يكون عن سؤال في معين و عن سؤال غير معين.
و منها ما لا يكون عن سؤال سواء كانت الأعطية ذاتية أو أسمائية. فالمعين كمن يقول يا رب أعطني كذا فيعين أمرا ما لا يخطر له سواه . و غير المعين كمن يقول أعطني ما تعلم فيه مصلحتي من غير تعيين لكل جزء من ذاتي لطيف و كثيف. "
ثم أشار إلى تقسيم آخر وقال (كما أن منها)، أي من العطايا (ما يكون عن سؤال) صوري (في) مسؤول (معین و) عن (سؤال غير معین) بإضافة السؤال إلى غير أو بنوصيفه به على أن يكون وصفة حال المتعلق أي سؤال غير معين مسؤوله.
وفي بعض النسخ:
وعن سؤال غير معین (ومنها ما لا يكون عن سؤال) صوري فإن العطاء لا بد له من سؤال.
إما بلسان المقال أو الحال أو الاستعداد (سواء كانت العطية) الحاصلة على الوجوه الثلاثة أي على كل واحد منها (ذاتية أو أسمائية) .
وإنما أعاد ذلك تنبيها على أن هذين القسمين يجريان في كل من الوجوه الثلاثة، وبضرب الأقسام الأربعة السابقة في هذه الوجوه الثلاثة يحصل اثني عشر قسما (فالمعين كمن يقول)، أي فالمسؤول المعين كمسؤول من يقول : (یا رب أعطني كذا فيعين أمرأ ما) من الأمور كالعلم والمعرفة وغيرهما.
قال الشيخ رضي الله عنه: (لا يخطر له) بالقلب عند السؤال (سواه)، أي سوى ذلك الأمر .
(وغير المعين كمن يقول)، أي وغير المسؤول المعين كمسؤول من يقول : (یا رب أعطني ما تعلم فيه مصلحتي).
وقوله : (من غير تعيين)، أي من غير تعيين مسؤول معين من كلام الشيخ لا من كلام السائل .
كما كان قوله : فيعين أمر ما في المسؤول المعين من كلامه لا من كلام السائل.
وقوله : (لكل جزء ذاتي)، أي أحدية جسمي و روحي من كلام السائل والمراد به الإشارة الإجمالية إلى ما فصله النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه.
حيث قال : "اللهم اجعل لي في قلبي نورا وفي سمعي نورا وفي بصري نورا " حديث البخاري، ولا وجه تتعلق اللام في لكل جزء إلى التعيين وإن فرض أنها من كلام متكلم واحد.
إذ المراد ههنا تعيين المسؤول لا المسؤول له وقوله : (من لطيف) روحاني (وكثيف) جسمانی بیان الجزء ولو جعل بيانا لما تعلم فيه مصلحتي.
فاللطيف هو الأغذية الروحانية كالعلوم والمعارف والكثيف هو الأغذية الجسمانية كالأطعمة والأشربة.
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال رضي الله عنه : ( اعلم أن العطايا والمنح الظاهرة في الكون على أيدي العباد وعلى غير أيديهم على قسمين: منها ما يكون عطايا ذاتية وعطايا أسمائية وتتميز عند أهل الأذواق، كما أن منها ما يكون عن سؤال في معيَّن وعن سؤال غير معيّن.
ومنها ما لا يكون عن سؤال سواء كانت الأعطية ذاتية أو أسمائية.
فالمعيَّن كمن يقول يا رب أعطني كذا فيعيِّن أمراً ما لا يخطر له سواه وير المعيّن كمن يقول أعطني ما تعلم فيه مصلحتي- من غير تعيين- لكل جزء من ذاتي من لطيف وكثيف. )
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (اعلم أن العطايا والمنح الظاهرة في الكون على أيدي العباد وعلى غير أيديهم على قسمين:
منها ما يكون عطايا ذاتية وعطايا أسمائية وتتميز عند أهل الأذواق، كما أن منها ما يكون عن سؤال في معيَّن وعن سؤال غير معيّن.
ومنها ما لا يكون عن سؤال سواء كانت الأعطية ذاتية أو أسمائية. فالمعيَّن كمن يقول يا رب أعطني كذا فيعيِّن أمراً ما لا يخطر له سواه وير المعيّن كمن يقول أعطني ما تعلم فيه مصلحتي- من غير تعيين- لكل جزء من ذاتي من لطيف وكثيف.)
النفث : لغة إرسال النفس رخوا. وههنا عبارة عن إرسال النفس الرحماني
أعني : فاضة الموجود على الماهيات القابلة له والظاهرة به ، أو عن إلقاء العلوم الوهبية والعطايا الإلهية في نوع من أستعد لها. أي: قلبه.
فالحاصل : أن خلاصة العلوم المتعلقة بالعطايا الحاصلة من مرتبة الغياضية والمبدئية و محل انتقاشها وهو القلب.
أو خلاصة العلوم الحاصلة على سبيل الوهب والتفضل لا على سبيل الكسب والتعمل.
أو محل انتقاشها متحققة في كلمة شيثية أحدية جمع روحه ويديه.
وإنما خصت الحكمة نفثية بالكلمة الشيثية، لأن ثبث عليه السلام كان أول إنسان حصل له العلم بالأعطيات الحاصلة من مرتبة المصدرية والمفيضية ونزلت عليه العلوم الوهبية.
ولما كانت أول المراتب المتعلقة التعيين الجامع للتعينات كلها وله أحدية الجمع وكانت المرتبة التي تليه مرتبة المصدرية والفیضانية التي هي عبارة عن نفث النفس الرحماني في الماهيات القابلة.
وكان آدم عليه السلام صورة المرتبة الأولى كما كان شيث عليه السلام عالما بالعناية الحاصلة من المرتبة الثانية علما وهبيا قدم المعنی الآدمي في الذكر وجعل الفص الشيثي يتلوه موافقا للوجود الخارجي بتقسيم تلك العطايا.
قال رضي الله عنه : "اعلم أن العطايا و المنح الظاهرة في الكون على أيدي العباد و على غير أيديهم على قسمين: منها ما يكون عطايا ذاتية عطايا أسمائية و تتميز عند أهل الأذواق، كما أن منها ما يكون عن سؤال في معين و عن سؤال غير معين. و منها ما لا يكون عن"
فقال رضي الله عنه مبتدئا : (اعلم أن العطايا) جمع عطية (والمنح) جمع منحة وهي العطية (الظاهرة في الكون ) مطلقة بل في الكون الجامع كما تدل عليه التقسيمات الآتية وغيرها الواصلة إلى مستعديها (على أيدي العباد).
أي بواسطة العباد المنفقين مما رزقهم الله تعالى من البشر كانوا أو من غيره .
كالعلم الحاصل للمتعلم من المعلم وللكمل بواسطة الملائكة والأرواح البشرية الكاملة (أو على غير أيديهم وهي على قسمين) أي بغير واسطتهم كما إذا تجلى الحق سبحانه بالوجه الخاص وأورث ذلك التجلي علما ومعرفة .
ويجوز أن يقال : معناه الظاهر مطلقا وعبر واسطتها.
(منها ما يكون عطايا ذانية) منسوبة إلى ذات أحدية جمع جميع الأسماء الإلهية من غير خصوصية صفة دون صفة إذ الذات من حيث هي هي لا تعطي عطاء ولا تتجلى تجليا (و) منها ما يكون (عطايا اسمائية) يكون مبدؤها خصوصية صفة من الصفات من حيث تعينها وتميزها عن الذات وسائر الصفات.
(وتتميز) العطايا الذاتية والأسمائية كل واحدة من الأخرى (عند أهل الأذواق) الذين دأبهم معرفة الحقائق ذوقة وكشفا لا نظرة وكسبأ .
و بهذين القسمين صارت القسمة مربعة .
قال رضي الله عنه : " كما أن منها ما يكون عن سؤال في معين و عن سؤال غير معين.
و منها ما لا يكون عن سؤال سواء كانت الأعطية ذاتية أو أسمائية. فالمعين كمن يقول يا رب أعطني كذا فيعين أمرا ما لا يخطر له سواه . و غير المعين كمن يقول أعطني ما تعلم فيه مصلحتي من غير تعيين لكل جزء من ذاتي لطيف و كثيف. "
ثم أشار إلى تقسيم آخر وقال (كما أن منها)، أي من العطايا (ما يكون عن سؤال) صوري (في) مسؤول (معین و) عن (سؤال غير معین) بإضافة السؤال إلى غير أو بنوصيفه به على أن يكون وصفة حال المتعلق أي سؤال غير معين مسؤوله.
وفي بعض النسخ:
وعن سؤال غير معین (ومنها ما لا يكون عن سؤال) صوري فإن العطاء لا بد له من سؤال.
إما بلسان المقال أو الحال أو الاستعداد (سواء كانت العطية) الحاصلة على الوجوه الثلاثة أي على كل واحد منها (ذاتية أو أسمائية) .
وإنما أعاد ذلك تنبيها على أن هذين القسمين يجريان في كل من الوجوه الثلاثة، وبضرب الأقسام الأربعة السابقة في هذه الوجوه الثلاثة يحصل اثني عشر قسما (فالمعين كمن يقول)، أي فالمسؤول المعين كمسؤول من يقول : (یا رب أعطني كذا فيعين أمرأ ما) من الأمور كالعلم والمعرفة وغيرهما.
قال الشيخ رضي الله عنه: (لا يخطر له) بالقلب عند السؤال (سواه)، أي سوى ذلك الأمر .
(وغير المعين كمن يقول)، أي وغير المسؤول المعين كمسؤول من يقول : (یا رب أعطني ما تعلم فيه مصلحتي).
وقوله : (من غير تعيين)، أي من غير تعيين مسؤول معين من كلام الشيخ لا من كلام السائل .
كما كان قوله : فيعين أمر ما في المسؤول المعين من كلامه لا من كلام السائل.
وقوله : (لكل جزء ذاتي)، أي أحدية جسمي و روحي من كلام السائل والمراد به الإشارة الإجمالية إلى ما فصله النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه.
حيث قال : "اللهم اجعل لي في قلبي نورا وفي سمعي نورا وفي بصري نورا " حديث البخاري، ولا وجه تتعلق اللام في لكل جزء إلى التعيين وإن فرض أنها من كلام متكلم واحد.
إذ المراد ههنا تعيين المسؤول لا المسؤول له وقوله : (من لطيف) روحاني (وكثيف) جسمانی بیان الجزء ولو جعل بيانا لما تعلم فيه مصلحتي.
فاللطيف هو الأغذية الروحانية كالعلوم والمعارف والكثيف هو الأغذية الجسمانية كالأطعمة والأشربة.
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال رضي الله عنه : ( اعلم أن العطايا والمنح الظاهرة في الكون على أيدي العباد وعلى غير أيديهم على قسمين: منها ما يكون عطايا ذاتية وعطايا أسمائية وتتميز عند أهل الأذواق، كما أن منها ما يكون عن سؤال في معيَّن وعن سؤال غير معيّن.
ومنها ما لا يكون عن سؤال سواء كانت الأعطية ذاتية أو أسمائية.
فالمعيَّن كمن يقول يا رب أعطني كذا فيعيِّن أمراً ما لا يخطر له سواه وير المعيّن كمن يقول أعطني ما تعلم فيه مصلحتي- من غير تعيين- لكل جزء من ذاتي من لطيف وكثيف. )
02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية
كان النص الأول في بيان مراتب الوجود حقّا و خلقا . و هذا النص في بيان مراتب العلم خلقا و خلقا .
( النفث) بسكون الفاء و الثاء المثلثة إرسال النفس و جوامع رتق، فلا يكون النفث إلا ريحا لا بد من ذلك، حتى يعم: أي يشمل المادة و الصورة فكما أعطاه من روحه بريحه، أعطاه من نشأته الطبيعية من ريقه، فجمع له الكل في النفث بخلاف النفخ، فإنه ريح مجردة .
فالنفث هنا عبارة عن إفاضة النفس الرحماني الذي يحيي به كل موجود و على قلب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
""أضاف المحقق : هم این صفوة الله آدم أبي البشر عليه السلام من غير واسطة وهو وصيه.
حكى أن بعض الصلحاء رآه في المنام، فأراه الموضع الذي هو مشهور عندنا بأنه قبره، فحفر عليه فيخرج له قبر قديم، فبني عنده مشهدا و مسجدا، وهو قريب من السور جنوبي الموصل في طريق الواردين إلى دجلة.
روی مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه قال: هو بالسريانية: شات، و بالعبرانية : شیث.
و روی میمون بن مهران عن ابن عباس قال: لما مضى من عمر آدم عليه السلام مائة وثلاثون سنة ، وذلك بعد قتل هابيل بخمس سنين، ولدت له حواء شيثا، وتفسيره هبة الله يعني أنه خلف من هابیل.
علمه الله ساعات الليل والنهار، وأعلمه عبادة الخلق في كل ساعة منها، وأنزل عليه خمسين صحيفة، وصار وصي آدم، وولي عهده.
وذكر أبو الحسن أحمد البلاذري قال:
لما قتل هابيل ولدت حواء لآدم شيثا، فقال آدم عليه السلام : هذا هبة الله، وخلف صدق من هابيل، ولما وضعته حواء أخذته الملائكة، فمكث عندهم أربعين يوما، فعلموه ثم ردوه إليها.
وقال مقاتل: أنزل الله تعالى على شيث خمسين صحيفة، وإليه ينتهي أنساب بني آدم؛ لأن جميع النسل انقرض ولم يبق إلا نسله.
وأنزل الله تعالى مائة كتاب، وأربع كتب أنزل منها على شيث خمسين صحيفة، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم عشرين صحيفة عليهم السلام أجمعين، وأنزل التوراة، والزبور، والإنجيل، والفرقان، وكان شيث أفضل أولاد آدم وأشبههم بأبيه وولي عهده، وهو أبو البشر كلهم. وهو الذي بنى الكعبة بالطين والحجارة يعني أنه رث فجدده.
ولما مات آدم عليه السلام جاء إلى مكة زيدت شرفا، فأقام يحج ويعتمر ، في أيام شيث عليه السلام توفيت حواء بعد آدم عليهما السلام بسنة، فدفنتها معه في غار الكنز.
فلما جاء الطوفان حملهما نوح عليه السلام في السفينة، ثم ردهما إلى مكانهما .
قال علماء السير : أقام يعمر الأرض، ويقيم الحدود على المفسدين، كما كان يفعل والده، حتى توفي وهو ابن سبعمائة واثني عشر سنة، واختلفوا في أي مكان توفي فيه على أقوال:
أحدهما: بالهند قاله مجاهد.
والثاني: بمكة شرفها الله تعالى؛ لأنه لم يفارقها بعد وفاة أبيه قاله مقاتل.
قال: وكان له يوم مات آدم عليه السلام مائتان وخمسون سنة، ودفن بغار الكنز مع أبيه.
وببلد بعلبك مزار يقال أنه قبره. وفي بلدتنا هذا المرقد الشريف، يقال أنه قبره والله أعلم بحقيقة الحال، والواجب على المسلمين احترام قبور الأنبياء عليهم السلام في أي مكان كانت.
وانظر في تفسير القرطبي (1/180)، و تاريخ الطبري (1/96)، والانتصار (ص 511) بتحقيقنا.أهـ ""
ومن هذا المقام قال صلى الله عليه وسلم : " إنّ روح القدس نفث في روعي" الحديث رواه البيهقي في الشعب وأبو نعيم في الحلية.
وأمّا الشيث بلسان العربي و لحنه هبة الله، لما أراد الله تفصيل إجمال آدم بمقتضى النفس الرحماني بسط الوهّاب الجود على الأعيان، و أظهر مرتبة المبدئية و الموجدية بأكمل العيان، و هي: نتيجة النفس بالهبة منه و الامتنان .
و إنما اختصّ النفس في روع شيث للمناسبة لأنه هبة الله و لا يحملها إلا هبة الله كما قيل لا يحمل عطاياهم إلا مطاياهم، فهو مثاني التعيين الكمالي أوّل التفصيل .
فلما كانت العطايا التي ظهرت في الوجود على مقتضيات متعددة منها : ذاتي و غير ذاتي.
أشار رضي الله عنه إلى تفصيلها و قال الشيخ المصنف :
[اعلم أن العطايا و المنح الظاهرة في الكون على أيدي العباد، و على غير أيديهم على قسمين: منها ما تكون عطايا ذاتية، و عطايا أسمائية، و تتميز عند أهل الأذواق . كما أن منها ما يكون عن سؤال في معين و عن سؤال في غير معين . و منها ما لا يكون عن سؤال . سواء كانت الأعطية ذاتية أو أسمائية . فالمعين كمن يقول: يا رب أعطني كذا فيعين أمرا ما لا يخطر له سواه، و غير المعين كمن يقول: يا رب أعطني ما تعلم فيه مصلحتي من غير تعيين لكل جزء من ذاتي من لطيف و كثيف] .
( اعلم أن العطايا و المنح الظاهرة في الكون ): أي العالم فدخل فيه عالم الغيب الإضافي كعالم الأرواح و الشهادة .
إنما خصص رضي الله عنه المنح بالظاهرة في الكون لأن المنح التي هي مقتضى الأسماء المستأثرة يكون بحكمها مستأثرة في الذات، و هي مظاهر تلك الأسماء لو ظهرت و لها البطون بدوام الباطن، فالمنح و العطايا التي نحن بصدد بيانها بحكم الاسم الظاهر على أيدي العباد: أي الظاهرة على أيديهم، كالأرواح و الملائكة و الأنبياء عليهم السلام و المشايخ والأئمة رضي الله عنهم، وغير ذلك كالشجرة لموسى عليه السلام.
( و على غير أيديهم) كالمنح و العطايا التي تحصل بلا واسطة منه تعالى من الوجه الخاص .
و قد أخبر أبو يزيد الأكبر قدّس الله سره نفسه بهذا عن المقام أعني: الأخذ عن الله بلا واسطة أنه ناله .
و قال فيما روي عنه أنه يخاطب علماء زمانه:
أخذتم علمكم ميتا عن ميت و أخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت بل قد أشار الشرع في التعريف بهذا .
فقال: ما من أحد من المؤمنين إلا و لا بد أن يناجي ربه وحده ليس بينه و بينه ترجمان فيضع كتفه عليه و هو عموم رحمته به.
ذكره الشيخ رضي الله عنه في الباب الثالث عشر و خمسمائة من الفتوحات: و لكن هنا نكتة أخرى سأظهرها لك إن شاء الله تعالى .
فاعلم أيدك الله و إيانا بروح منه: اعلم أيدنا الله وإياك بِرُوحٍ مِنْهُ أن الله يعطي عباده منه إليهم وعلى أيدي الرسل فما جاءك على يد الرسول فخذه من غير ميزان وما جاءك من يد الله فخذه بميزان فإن الله عين كل معط وقد نهاك أن تأخذ كل عطاء وهو قوله وما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فصار أخذك من الرسول أنفع لك وأحصل لسعادتك .
فأخذك من الرسول على الإطلاق ومن الله على التقييد .
فالرسول مقيد والأخذ مطلق منه والله مطلق عن التقييد والأخذ منه مقيد .
فانظر في هذا الأمر ما أعجبه فهذا مثل الْأَوَّلُ والْآخِرُ والظَّاهِرُ والْباطِنُ فظهر التقييد والإطلاق في الجانبين.أهـ
و هو قوله تعالى: "و ما آتاكُمُ الرّسُولُ فخُذُوهُ و ما نهاكُمْ عنْهُ فانتهُوا" [ الحشر: 7]، فصار بالنسبة إلى العموم الآخذ من الرسول و أولى لأنه سبحانه أخبر عن نفسه سنستدرجهم من حيث لا يعلمون، فمن أراد له السلامة من مكر الله فلا يضع ميزان الشرع من يده .
منها: (ما يكون عطايا ذاتية) و هي إذا نسبت إلى الوهاب الحق سمّيت ذاتية لأنها تقتضي الذات لا موجب لها غيرها فهي و تريد لا تعدّد فيها و لا تفصيل و لا تميز. و إنما يتميز و يتعدد من نسبتها .
( و عطايا أسمائية) و إن كانت كلها أسمائية لأن مقتضاها الأسماء و تعدّدت بتعدّد القوابل، و من تعدّد القوابل ظهرت الكثرة في الأسماء و العطايا .
فالعطاء و تري أحدي في الأصل، و الاختلاف من قبل القابل كما ترى الشمس نورها أحدي و تري، و الاختلاف بحسب القوابل صاف، و أصفى لطيف و ألطف، و كالقصار فإن الشمس تبيض شعثه، و تسوّد وجهه .
و كما ترى في النفخة الواحدة تشعل الحشيش الذي فيه النار، و تطفئ المصابيح مع أن الإمداد من الممد واحد .
( و يتميز عند أهل الأذواق ): أي تتميز تلك العطايا الذاتية بعضها عن بعض عندهم فإنهم يفرقون بينها من عند فيضان الوجود بالعلوم و المعارف لأنهم على كشف منه، يرون مصدره و منبعه مع الذوق في نفسهم قدّس سرهم .
و إنما قال رضي الله عنه: أهل الأذواق إشارة إلى أنه في هذا التميز لا يكفي مجرد الكشف .
فإن بالذوق تعرف الذاتيات و المرضيات لا بالكشف و الرؤية، فإذا فهمت هذا، فاعلم أن هذا التقسيم المذكور باعتبار نفس المنح و العطايا .
كما أن (للعطايا) تقسيما آخر باعتبار القابل، و هو أن مهما ما يكون عن سؤال: أي لفظي، فإذا كانت عن سؤال لفظي فإما أن تكون في مسئول معين .
كما تقول: إعطني الجنة قد تكون عن سؤال غير معين .
كما تقول: اللهم خير لي و اختر لي، فلمّا أخبر تعالى عن نفسه الكريمة أنه قريب مجيب، فليحتفظ السائل و يراقب ما يسأل فيه لأنه لا بد من الإجابة .
قال تعالى: "و قال ربُّكُمُ ادْعوني أسْتجِبْ لكُمْ "[ غافر: 60] .
ورد في الخبر الصحيح :
" إن القلوب أوعية و بعضها أوعى من بعض فإذا سألتم الله أيها الناس فاسألوا و أنتم موقنون بالإجابة، فإن الله تعالى لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل"
و يشير إليه قوله تعالى: "قلْ ما يعْبؤُا بكُمْ ربِّي لولا دُعاؤكُمْ" [ الفرقان: 77] .
فأخبر تعالى إنه لا يعبأ بنا إلا بالدعاء فإنه يحب الملحين فيه لهذا الدعاء مخ العبادة فالسؤال و الدعاء لا بد منه و لكن لا يدرك ذلك كل أحد لغموضه و إخفائه غالبا .
فإن السؤال و الدعاء قد يكون بلسان الظاهر .
و قد يكون بلسان الروح و بلسان الحال و بلسان المقال و بلسان الاستعداد الكلي الذاتي الغيبي العيني الساري الحكم من حيث الاستعدادات الجزئية الوجودية التي هي تفاصيله فحكم هذه التقاسيم باعتبار القابلين سواء كانت الأعطية ذاتية أو أسمائية .
وبالجملة: إن الأعطيات تنقسم أولا من حيث ذاتها و نفسها إلى: ذاتية و أسمائية .
و (الذاتية) تنقسم باعتبار القابل إلى: الحاصلة بسؤال لفظي معين، و بسؤال لفظي غير معين وبلا سؤال .
فـ (المعين ): أي الذي بالسؤال اللفظي المعين من يقول: يا رب أعطني كذا، فيعين له أمرا ما لا يخطر له سواه فإن خطر سواه تشتت بناء في الجمعية المؤثرة فلا بد أن يكون في أحدية التصوّر و حسم التفرق و الشتات، فإنه يجمع القلب بالحضور مع الله، فيكون أبهج و أنهج و أنجح، فافهم.
و (غير المعين ): أي الذي بالسؤال اللفظي بلا تعين على الله كمن يقول :
يا رب أعطني ما تعلم و مصلحة من غير تعيين لكلّ جزء من ذاتي من لطيف كالقوي و الأرواح و كثيف كالأعضاء .
ثم يرجع رضي الله عنه إلى تفصيل التفصيل يريد أن يبين بواعث الأسوء له سواء كانت لفظية أم حالية أم استعدادية .
( النفث) بسكون الفاء و الثاء المثلثة إرسال النفس و جوامع رتق، فلا يكون النفث إلا ريحا لا بد من ذلك، حتى يعم: أي يشمل المادة و الصورة فكما أعطاه من روحه بريحه، أعطاه من نشأته الطبيعية من ريقه، فجمع له الكل في النفث بخلاف النفخ، فإنه ريح مجردة .
فالنفث هنا عبارة عن إفاضة النفس الرحماني الذي يحيي به كل موجود و على قلب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
""أضاف المحقق : هم این صفوة الله آدم أبي البشر عليه السلام من غير واسطة وهو وصيه.
حكى أن بعض الصلحاء رآه في المنام، فأراه الموضع الذي هو مشهور عندنا بأنه قبره، فحفر عليه فيخرج له قبر قديم، فبني عنده مشهدا و مسجدا، وهو قريب من السور جنوبي الموصل في طريق الواردين إلى دجلة.
روی مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه قال: هو بالسريانية: شات، و بالعبرانية : شیث.
و روی میمون بن مهران عن ابن عباس قال: لما مضى من عمر آدم عليه السلام مائة وثلاثون سنة ، وذلك بعد قتل هابيل بخمس سنين، ولدت له حواء شيثا، وتفسيره هبة الله يعني أنه خلف من هابیل.
علمه الله ساعات الليل والنهار، وأعلمه عبادة الخلق في كل ساعة منها، وأنزل عليه خمسين صحيفة، وصار وصي آدم، وولي عهده.
وذكر أبو الحسن أحمد البلاذري قال:
لما قتل هابيل ولدت حواء لآدم شيثا، فقال آدم عليه السلام : هذا هبة الله، وخلف صدق من هابيل، ولما وضعته حواء أخذته الملائكة، فمكث عندهم أربعين يوما، فعلموه ثم ردوه إليها.
وقال مقاتل: أنزل الله تعالى على شيث خمسين صحيفة، وإليه ينتهي أنساب بني آدم؛ لأن جميع النسل انقرض ولم يبق إلا نسله.
وأنزل الله تعالى مائة كتاب، وأربع كتب أنزل منها على شيث خمسين صحيفة، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم عشرين صحيفة عليهم السلام أجمعين، وأنزل التوراة، والزبور، والإنجيل، والفرقان، وكان شيث أفضل أولاد آدم وأشبههم بأبيه وولي عهده، وهو أبو البشر كلهم. وهو الذي بنى الكعبة بالطين والحجارة يعني أنه رث فجدده.
ولما مات آدم عليه السلام جاء إلى مكة زيدت شرفا، فأقام يحج ويعتمر ، في أيام شيث عليه السلام توفيت حواء بعد آدم عليهما السلام بسنة، فدفنتها معه في غار الكنز.
فلما جاء الطوفان حملهما نوح عليه السلام في السفينة، ثم ردهما إلى مكانهما .
قال علماء السير : أقام يعمر الأرض، ويقيم الحدود على المفسدين، كما كان يفعل والده، حتى توفي وهو ابن سبعمائة واثني عشر سنة، واختلفوا في أي مكان توفي فيه على أقوال:
أحدهما: بالهند قاله مجاهد.
والثاني: بمكة شرفها الله تعالى؛ لأنه لم يفارقها بعد وفاة أبيه قاله مقاتل.
قال: وكان له يوم مات آدم عليه السلام مائتان وخمسون سنة، ودفن بغار الكنز مع أبيه.
وببلد بعلبك مزار يقال أنه قبره. وفي بلدتنا هذا المرقد الشريف، يقال أنه قبره والله أعلم بحقيقة الحال، والواجب على المسلمين احترام قبور الأنبياء عليهم السلام في أي مكان كانت.
وانظر في تفسير القرطبي (1/180)، و تاريخ الطبري (1/96)، والانتصار (ص 511) بتحقيقنا.أهـ ""
ومن هذا المقام قال صلى الله عليه وسلم : " إنّ روح القدس نفث في روعي" الحديث رواه البيهقي في الشعب وأبو نعيم في الحلية.
وأمّا الشيث بلسان العربي و لحنه هبة الله، لما أراد الله تفصيل إجمال آدم بمقتضى النفس الرحماني بسط الوهّاب الجود على الأعيان، و أظهر مرتبة المبدئية و الموجدية بأكمل العيان، و هي: نتيجة النفس بالهبة منه و الامتنان .
و إنما اختصّ النفس في روع شيث للمناسبة لأنه هبة الله و لا يحملها إلا هبة الله كما قيل لا يحمل عطاياهم إلا مطاياهم، فهو مثاني التعيين الكمالي أوّل التفصيل .
فلما كانت العطايا التي ظهرت في الوجود على مقتضيات متعددة منها : ذاتي و غير ذاتي.
أشار رضي الله عنه إلى تفصيلها و قال الشيخ المصنف :
[اعلم أن العطايا و المنح الظاهرة في الكون على أيدي العباد، و على غير أيديهم على قسمين: منها ما تكون عطايا ذاتية، و عطايا أسمائية، و تتميز عند أهل الأذواق . كما أن منها ما يكون عن سؤال في معين و عن سؤال في غير معين . و منها ما لا يكون عن سؤال . سواء كانت الأعطية ذاتية أو أسمائية . فالمعين كمن يقول: يا رب أعطني كذا فيعين أمرا ما لا يخطر له سواه، و غير المعين كمن يقول: يا رب أعطني ما تعلم فيه مصلحتي من غير تعيين لكل جزء من ذاتي من لطيف و كثيف] .
( اعلم أن العطايا و المنح الظاهرة في الكون ): أي العالم فدخل فيه عالم الغيب الإضافي كعالم الأرواح و الشهادة .
إنما خصص رضي الله عنه المنح بالظاهرة في الكون لأن المنح التي هي مقتضى الأسماء المستأثرة يكون بحكمها مستأثرة في الذات، و هي مظاهر تلك الأسماء لو ظهرت و لها البطون بدوام الباطن، فالمنح و العطايا التي نحن بصدد بيانها بحكم الاسم الظاهر على أيدي العباد: أي الظاهرة على أيديهم، كالأرواح و الملائكة و الأنبياء عليهم السلام و المشايخ والأئمة رضي الله عنهم، وغير ذلك كالشجرة لموسى عليه السلام.
( و على غير أيديهم) كالمنح و العطايا التي تحصل بلا واسطة منه تعالى من الوجه الخاص .
و قد أخبر أبو يزيد الأكبر قدّس الله سره نفسه بهذا عن المقام أعني: الأخذ عن الله بلا واسطة أنه ناله .
و قال فيما روي عنه أنه يخاطب علماء زمانه:
أخذتم علمكم ميتا عن ميت و أخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت بل قد أشار الشرع في التعريف بهذا .
فقال: ما من أحد من المؤمنين إلا و لا بد أن يناجي ربه وحده ليس بينه و بينه ترجمان فيضع كتفه عليه و هو عموم رحمته به.
ذكره الشيخ رضي الله عنه في الباب الثالث عشر و خمسمائة من الفتوحات: و لكن هنا نكتة أخرى سأظهرها لك إن شاء الله تعالى .
فاعلم أيدك الله و إيانا بروح منه: اعلم أيدنا الله وإياك بِرُوحٍ مِنْهُ أن الله يعطي عباده منه إليهم وعلى أيدي الرسل فما جاءك على يد الرسول فخذه من غير ميزان وما جاءك من يد الله فخذه بميزان فإن الله عين كل معط وقد نهاك أن تأخذ كل عطاء وهو قوله وما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فصار أخذك من الرسول أنفع لك وأحصل لسعادتك .
فأخذك من الرسول على الإطلاق ومن الله على التقييد .
فالرسول مقيد والأخذ مطلق منه والله مطلق عن التقييد والأخذ منه مقيد .
فانظر في هذا الأمر ما أعجبه فهذا مثل الْأَوَّلُ والْآخِرُ والظَّاهِرُ والْباطِنُ فظهر التقييد والإطلاق في الجانبين.أهـ
و هو قوله تعالى: "و ما آتاكُمُ الرّسُولُ فخُذُوهُ و ما نهاكُمْ عنْهُ فانتهُوا" [ الحشر: 7]، فصار بالنسبة إلى العموم الآخذ من الرسول و أولى لأنه سبحانه أخبر عن نفسه سنستدرجهم من حيث لا يعلمون، فمن أراد له السلامة من مكر الله فلا يضع ميزان الشرع من يده .
منها: (ما يكون عطايا ذاتية) و هي إذا نسبت إلى الوهاب الحق سمّيت ذاتية لأنها تقتضي الذات لا موجب لها غيرها فهي و تريد لا تعدّد فيها و لا تفصيل و لا تميز. و إنما يتميز و يتعدد من نسبتها .
( و عطايا أسمائية) و إن كانت كلها أسمائية لأن مقتضاها الأسماء و تعدّدت بتعدّد القوابل، و من تعدّد القوابل ظهرت الكثرة في الأسماء و العطايا .
فالعطاء و تري أحدي في الأصل، و الاختلاف من قبل القابل كما ترى الشمس نورها أحدي و تري، و الاختلاف بحسب القوابل صاف، و أصفى لطيف و ألطف، و كالقصار فإن الشمس تبيض شعثه، و تسوّد وجهه .
و كما ترى في النفخة الواحدة تشعل الحشيش الذي فيه النار، و تطفئ المصابيح مع أن الإمداد من الممد واحد .
( و يتميز عند أهل الأذواق ): أي تتميز تلك العطايا الذاتية بعضها عن بعض عندهم فإنهم يفرقون بينها من عند فيضان الوجود بالعلوم و المعارف لأنهم على كشف منه، يرون مصدره و منبعه مع الذوق في نفسهم قدّس سرهم .
و إنما قال رضي الله عنه: أهل الأذواق إشارة إلى أنه في هذا التميز لا يكفي مجرد الكشف .
فإن بالذوق تعرف الذاتيات و المرضيات لا بالكشف و الرؤية، فإذا فهمت هذا، فاعلم أن هذا التقسيم المذكور باعتبار نفس المنح و العطايا .
كما أن (للعطايا) تقسيما آخر باعتبار القابل، و هو أن مهما ما يكون عن سؤال: أي لفظي، فإذا كانت عن سؤال لفظي فإما أن تكون في مسئول معين .
كما تقول: إعطني الجنة قد تكون عن سؤال غير معين .
كما تقول: اللهم خير لي و اختر لي، فلمّا أخبر تعالى عن نفسه الكريمة أنه قريب مجيب، فليحتفظ السائل و يراقب ما يسأل فيه لأنه لا بد من الإجابة .
قال تعالى: "و قال ربُّكُمُ ادْعوني أسْتجِبْ لكُمْ "[ غافر: 60] .
ورد في الخبر الصحيح :
" إن القلوب أوعية و بعضها أوعى من بعض فإذا سألتم الله أيها الناس فاسألوا و أنتم موقنون بالإجابة، فإن الله تعالى لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل"
و يشير إليه قوله تعالى: "قلْ ما يعْبؤُا بكُمْ ربِّي لولا دُعاؤكُمْ" [ الفرقان: 77] .
فأخبر تعالى إنه لا يعبأ بنا إلا بالدعاء فإنه يحب الملحين فيه لهذا الدعاء مخ العبادة فالسؤال و الدعاء لا بد منه و لكن لا يدرك ذلك كل أحد لغموضه و إخفائه غالبا .
فإن السؤال و الدعاء قد يكون بلسان الظاهر .
و قد يكون بلسان الروح و بلسان الحال و بلسان المقال و بلسان الاستعداد الكلي الذاتي الغيبي العيني الساري الحكم من حيث الاستعدادات الجزئية الوجودية التي هي تفاصيله فحكم هذه التقاسيم باعتبار القابلين سواء كانت الأعطية ذاتية أو أسمائية .
وبالجملة: إن الأعطيات تنقسم أولا من حيث ذاتها و نفسها إلى: ذاتية و أسمائية .
و (الذاتية) تنقسم باعتبار القابل إلى: الحاصلة بسؤال لفظي معين، و بسؤال لفظي غير معين وبلا سؤال .
فـ (المعين ): أي الذي بالسؤال اللفظي المعين من يقول: يا رب أعطني كذا، فيعين له أمرا ما لا يخطر له سواه فإن خطر سواه تشتت بناء في الجمعية المؤثرة فلا بد أن يكون في أحدية التصوّر و حسم التفرق و الشتات، فإنه يجمع القلب بالحضور مع الله، فيكون أبهج و أنهج و أنجح، فافهم.
و (غير المعين ): أي الذي بالسؤال اللفظي بلا تعين على الله كمن يقول :
يا رب أعطني ما تعلم و مصلحة من غير تعيين لكلّ جزء من ذاتي من لطيف كالقوي و الأرواح و كثيف كالأعضاء .
ثم يرجع رضي الله عنه إلى تفصيل التفصيل يريد أن يبين بواعث الأسوء له سواء كانت لفظية أم حالية أم استعدادية .
.
التسميات:
Fusus-AlHikam
،
IbnArabi
،
the-second-book-of-fusus-alhikam
مواضيع ذات صله :
the-second-book-of-fusus-alhikam
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
اشترك في قناتنا علي اليوتيوب
المشاركات الشائعة
-
كتاب عقلة المستوفز الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
-
مقدمة كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع في شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية د. سعاد الحكيم
-
كتاب تاج الرّسائل ومنهاج الوسائل . الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
-
01 - مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
-
كتاب إنشاء الدوائر الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
-
ثانيا شرح الأبيات 17 - 29 من القصيدة العينية .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية
-
28 - فهرس الموضوعات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتافهرس الموضوعات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
-
كتاب شق الجيب بعلم الغيب بكن ويكون ودرّ الدر . الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
-
المقالة الخامسة والثلاثون سؤال طائر آخر الأبيات من 2966 - 3023 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري
-
الهوامش والشروح 1489 - 1914 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
أرشيف المدونة الإلكترونية
-
▼
2019
(447)
-
▼
يونيو
(216)
- الفقرة الخامسة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الرابعة الجزء الثاني السفر الرابع فص حكمة ق...
- الفقرة الرابعة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الثالثة الجزء الثاني السفر الرابع فص حكمة ق...
- الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر الرابع فص حكمة ق...
- الفقرة الثانية الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الأولى السفر الرابع فص حكمة قدوسية فى كلمة ...
- الفقرة الرابعة والعشرون السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة الثالثة والعشرين السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة الثانية والعشرين السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة الحادية والعشرين السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة العشرين الجزء الثاني السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة العشرين الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني السفر الثالث فص حك...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول السفر الثالث فص حكم...
- الفقرة الثامنة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة السابعة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة السادسة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الخامسة الجزء الثاني عشرة السفر الثالث فص ح...
- الفقرة الخامسة عشرة الجزء الأول السفر الثالث فص حك...
- الفقرة الرابعة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول السفر الثالث فص حكم...
- الفقرة الثالثة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الثانية عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الحادية عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة العاشرة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة التاسعة الجزء الثاني السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة التاسعة الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة الثامنة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة السابعة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة السادسة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة الخامسة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة الرابعة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة الثانية الجزء الثالث السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة الثانية الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة الأولى السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة السابعة والثلاثون السفر الثاني فص حكمة نفثي...
- الفقرة السادسة والثلاثون الجزء الثاني السفر الثاني...
- الفقرة السادسة والثلاثون الجزء الأول السفر الثاني ...
- الفقرة الخامسة والثلاون السفر الثاني فص حكمة نفثية...
- الفقرة الرابعة والثلاثون السفر الثاني فص حكمة نفثي...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الرابع السفر الثاني...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الثالث السفر الثاني...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الثاني السفر الثاني...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الأول السفر الثاني ...
- الفقرة الثانية والثلاثون الجزء الثاني السفر الثان...
- الفقرة الثانية والثلاثون الجزء الأول السفر الثاني ...
- الفقرة الحادي والثلاثون الجزء الثاني .السفر الثاني...
- الفقرة الحادي والثلاثون الجزء الأول .السفر الثاني ...
- الفقرة الثلاثون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ...
- الفقرة الثلاثون الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الثامنة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الثامنة والعشرين الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة السابعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة السابعة والعشرين الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة السادسة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة السادسة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الخامسة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الخامسة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الثالثة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الثالثة والعشرين الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الثانية والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الثانية والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الحادي والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ف...
- الفقرة الحادي والعشرين الجزء الأول السفر الثاني فص...
- الفقرة العشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة العشرون الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثامنة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة الثامنة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة السابعة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة السادسة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثامنة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة الرابع عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الرابع عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة الثالث عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثالث عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة الثاني عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثاني عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة الحادي عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الحادي عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة العاشرة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة العاشرة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة التاسعة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة التاسعة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة الثامنة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة الثامنة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة السابعة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
-
▼
يونيو
(216)
تابعونا علي فيس بوك
https://www.facebook.com/groups/146820946026951/?ref=bookmarks
تغريداتي علي التويتر
التسميات
Abdelkader-Jilani
al-Junayd-al-Baghdadi
al-Kahf-Wa-al-Raqim
AlFateh-AlRabbani
AlMasnavi-Vol1
AlNafri
alnnadirat-aleiniat-eabd-alkarim-aljili
alsafar_alkhatum_fusus_alhikam
alshajara-alnumaniyya
altanazulat-almawsilia
Divan-Shams-Tabrizi
divine-manifestations
divine-providence
eabd-alkarim-aljili
farid-aldiyn-aleitar
Fusus-AlHikam
Hallaj
hikam
Ibn-AlFarid
Ibn-Ata-Allah
IbnArabi
mantiq-altayr
mathnawi-ma'nawi-Part1-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part1-muhamad-kaffafi
mathnawi-ma'nawi-Part2-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part2-muhamad-kaffafi
mathnawi-ma'nawi-Part3-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part4-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part5-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part6-iibrahim-aldasuqi
Mongah_IbnAtaAllah
Rumi
sharah-alkahf-walraqim-fie-sharah-bismi-allah-aljili
sharah-mushkilat-alftwhat-almakia
taj-altarajum
the-eighth-book-of-fusus-alhikam
the-fifth-book-of-fusus-alhikam
the-first-book-of-fusus-alhikam
the-fourth-book-of-fusus-alhikam
the-ninth-book-of-fusus-alhikam
the-second-book-of-fusus-alhikam
the-seventh-book-of-fusus-alhikam
the-sixth-book-of-fusus-alhikam
the-tenth-book-of-fusus-alhikam
the-third-book-of-fusus-alhikam

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق