الأربعاء، 3 يوليو 2019

السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

09 - The Wisdom Of Light In The Word Of Joseph  

الفقرة التاسعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه : " فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل. فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق. فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة. يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود.  «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور. «ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو لا غيره. "

قال رضي الله عنه : (فما تعلم من العالم) الظاهر المسمى بغير الحق تعالى (إلا قدر ما تعلم من الظلال) الممتدة عن الشخوص نظير امتداد ظل وجود الحق تعالى بالتوجه الذي هو عين أمر القديم على أعيان الممكنات العدمية .
قال رضي الله عنه : (وتجهل من الحق) سبحانه (على قدر ما تجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل، فمن حيث هو)، أي ذلك الوجود الممتد على أعيان الممكنات العلمية المسمى بالأمر وبالوجه حيث "كل شيء هالك إلا وجهه" [القصص: 88] .
(ظل له)، أي للحق تعالی (يعلم)، أي الحق تعالی ويرى ولا يرى معه غيره .
قال رضي الله عنه : (ومن حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل) الممتد (من صورة شخص من امتد عنه) حيث خفي ذلك في الظل ولم يتبين من بعد المناسبة كما سبق.
قال رضي الله عنه : (يجهل مقدار ذلك من الحق تعالی) فلا يعلم أصلا (فلذلك)، أي لكون الأمر كما ذكر (نقول) معشر المحققين (إن الحق) تعالی (معلوم لنا من وجه) أمره ووجهه الظاهر فينا ونحن عدم بالعدم الأصلي.
ومع ذلك هو (مجهول لنا من وجه) آخر هو ذاته القديمة الأزلية على ما هي عليه من حيث هي ذاته، فلا تعلم أصلا.
قال الله تعالى تأييدا لما ذكر ("ألم تر") يا محمد (" إلى ربك") الذي هو الذات المغيبة عنك (" كيف مد الظل")، أي الوجود الأمري والتوجه الأزلي على أعيان الممكنات العدمية.
قال رضي الله عنه : ("ولو شاء") سبحانه ("لجعله")، أي ذلك الظل ("ساكنا") [الفرقان : 45] غير متحرك بحركة استعداد أعيان الكائنات لامتداده عليها وميله عنها منها (أي يكون) ذلك الظل الممتد عنه (فيه)، أي في الحق تعالی (بالقوة)، لأن امتداده على أعيان الكائنات ما كان إلا على مقدار استعداد الكائنات القبول امتداده عليها، أى مقدار ذلك الاستعداد.
وذلك الاستعداد أمر ذاتي لأعيان الممكنات العدمية غير مجعول فيها كما أنها غير مجعولة أيضا في عدمها الأصلي.
والجعل إنما هو إفاضة الوجود عليها بمقدار استعدادها لإفاضته، فما شاء امتداد ذلك الظل عليها إلا لاستعدادها له على مقدار الاستعداد.
فلو لم يكن لها استعداد لقبوله ما شاء لها ذلك الامتداد، وشاء عدم الامتداد فكان الظل ساكنا فيه غير ممتد منه عليها، لأنه تعالى لا يشاء إلا ما يعلم، ولا يعلم إلا ما هي عليه في أعيان المم?نات من الاستعداد وغيره .

قال تعالى : " الذي أعطى كل شيء خلقه " [طه: 50]، وإنما أحال جعله سا?نا على أقرب الأسباب وهو المشيئة وسبب المشيئة العلم وسبب العلم، ما هي عليه أعيان الممكنات العلمية في نفسها من استعداده وغيره.
ونظيره قوله تعالى: "ولو شاء لهداكم أجمعين" [النحل: 9]، أي لو كنتم كذلك لعلمكم كذلك لشاء لكم أن تكونوا كذلك وهو إضافة الحكم إلى أقرب أسبابه إليه وهو السبب المؤثر فيه فحاصل ذلك أنه تعالی.
قال رضي الله عنه : (يقول) لو شاء (ما كان الحق) تعالى (يتجلى)، أي ينكشف بالوجوه (للمكنات) العلمية (حتى يظهر) عليها (الظل) الوجودي (فی?ون) حينئذ أمر الممكنات العدمية الظاهرة بالوجود الممتد عليها (كما)، أي مثل الذي (بقي من الممكنات) العدمية بالعدم الأصلي (التي ما ظهر لها عين في الوجود) وهذا معنى جعل الظل ساكنا، أي غير ممتد على شيء من الأشياء الهالكة أصلا ("ثم جعلنا الشمس عليه ") [الفرقان: 45]، أي على ذلك الظل الممدود على أعيان الكائنات العدمية ("دليلا") بحيث تدل عليه، أي تكشف عنه وتظهره.
قال رضي الله عنه : (وهو)، أي الدليل على الظل الذي هو الشمس (اسمه) تعالی (النور الذي قلناه) فيما مر قريبا أن الإدراك وقع به (ويشهد له)، أي لكون الشمس دليلا على الظل الممدود (الحس البصري، فإن الظلال) الممدودة من الشخوص (لا يكون لها عين) أصلا (بعدم النور) فلا يدل عليها إلا النور .
(ثم قبضناه)، أي الظل الوجودي الممدود على أعيان الكائنات العدمية (إلينا)، أي إلى حضرة الذات الأزلية الممتد هو عنها بسبب استعداد الأعيان وقبولها الامتداد عليها (قبضا يسيرا)، أي شيئا فشيئا على حسب مقادیر استعدادات الممكنات القبول فيضانه وامتداده عليها فإن الاستعداد بقسط كما هو مرتب.
قال رضي الله عنه : (وإنما قبضه)، أي الظل (إليه) سبحانه (لأنه ظل فمنه) تعالى (ظهر)، أي ذلك الظل (وإليه تعالی يرجع) قال عز وجل ("و إليه يرجع الأمر") فسمي الظل أمرا كما سماه وجها.  لأنه توجهه القديم كما مر ("كله") [هود: 123].
من حيث تعدده الاعتباري بسبب كثرة استعدادات أعيان الممكنات القابلة لامتداده عليها (فهو)، أي ذلك الظل الذي هو الأمر الإلهي والوجه الباقي بعد فناء كل شيء.
(هو)، أي الحق سبحانه وتعالى (لا) ذلك الظل والأمر والوجه (غیره تعالی) وأعيان المم?نات على ما هي عليه من عدمها الأصلي.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه : (فما يعلم من العالم)، وهو ظل الله (إلا ما قدر ما يعلم من الظلال) أي من ظلال العالم وما يجعل من العالم إلا قدر ما يجهل من الظلال وما يعلم من الحق إلا ما قدر ما يعلم من العالم
قال رضي الله عنه : (ويجهل من الحق على قدر ما بجهل من الشخص الذي منه) أي عن ذلك الشخص (كان) أي وجل (ذلك الظل) وهو ظل العالم فإذا كان الأمر كذلك (فمن حيث هو) أي العالم (ظل اله) أي للحق (یعلم) الحق للعلم بالظل من هذا الوجه فيعلم من الحق بهذا المقدار .
(من حيث ما) زائدة للتأكيد (يجهل ما) موصولة قائم مقام فاعل يجهل (في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه) ذلك الظل .
قال رضي الله عنه : (يجهل من الحق فلذلك) أي فلأجل أن الظل معلوم من وجه (نقول إن الحق معلوم لنا من وجه) لكون ظله معلوما لنا من وجه (ومجهول لنا من وجه) لكونه ظله مجهولا لنا من وجه ويدل على أن العالم أي الوجود الخارجي ظل إلهي ممتد على أعيان الممكنات .
قوله تعالى : «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا» [الفرقان:45] أي ?یف بسط الوجود الخارجي وهو العالم (ولو شاء) عدم مده (لجعله) أي لجعل ذلك الظل (ساكنا أي يكون فيه) أي في وجود الحق (بالقوة) كظل الشخصي في وجوده إذا لم يكن ثمة من يظهر فيه.
يعني (يقول) الله (ما كان ليتجلى للمم?نات) على طريق قوله: " وما كان الله معذبهم وأنت فيهم" قال رضي الله عنه : (حتى يظهر الظل) يعني إنما يتجلى الله للمم?نات ?ي يظهر الظل فلولا تجلي الحق للمم?نات لم يظهر الظل.
(فيكون الظل كما بقي) الآن من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود الخارجي ويدل على وقوع الإدراك بأسمه النور .
قوله تعالى: (ثم) أي بعد مد الظل (جعلنا الشمس عليه) أي على ذلك الظل (دليلا) ليدرك به ذلك الظل (وهو) أي الدليل (اسمه النور) أي مظهره (الذي قلناه) بقولنا لكن باسمه النور وقع الإدراك .
قال رضي الله عنه : (ويشهد له) أي لكون النور دليلا (الحس فإن الظلال لا تكون لها عين) أي وجود في الخارج (بعدم النور) كما في الليل المظلمة (ثم قبضناه) أي ذلك يقبض النور الذي دل عليه (إلينا قبضا يسيرا) يعني لا يعسر علينا قبضه كما لا يعسر مده (وإنما قبضه إليه لأنه ظله فمنه ظهر إليه يرجع) وإليه يرجع (الأمر كله) في القيمة الكبرى لأن جميع الأمور ظلاله والظل لا يرجع إذا رجع إلا إلى صاحبه .
ولما حقق أن العالم كله ظل الحق أراد أن يبين أن العالم من أي جهة أمتاز عن الحق ومن أي جهة اتحد معه"الأصوب : ظهر به للمتحققين"
فقال رضي الله عنه : (فهو) أي وجود العالم (هو) أي عين وجود الحق من وجه (لا غيره) فإذا كان وجود العالم عین الحق من وجه .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه : " فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل. فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق. فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.  يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور. «ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. "

قوله: وكذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة
قلت: وهذا الكلام لا يتحقق لأن المعدوم لا ذات له، فلا يقال فيه: إنه نیر ولا نیر، فصدق لا نير عليه ليس لأن له ذاتا غير نيرة.
قوله: وإن اتصفت بالثبوت، قول لا أقبله لأن الثبوت إما أن يكون بضرب من الوجود فهو من الوجود فهي موجودة الوجود الثبوتي، وإن لم يكن لها ضرب من الوجود فذلك الثبوت هو من حقيقة لا شيء من كل وجه وهو العدم الصرف.
وأما الاستدلال بقوله : " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل" (الفرقان: 45) يعني ولو كان عدما لم يمتد، فالجواب أنه خاطبنا على قدر جهلنا والكتاب العزيز مملوء من مثل هذا الخطاب.
قوله: وإذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم، ما له وجود حقيقي.
قلت: إن الذي تقدم من الكلام ما يقتضي أن العالم متوهم بل متحقق، لأنه جعله ثابتا قبل الوجود ومتحققا بعد الوجود، فكيف مع هذين الوصفين يكون متوهما.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه : ( فما نعلم من العالم إلَّا بقدر ما نعلم من الظلال ) .
يعني : لا نعلم غيوب أعيان الماهيات وهويّاتها ، وإنّما نعلم منها ما ظهر في نور الوجود من آثار خصوصيّاتها ، فما هي إلَّا أمثلة أعيان الحقائق وظلالها ، لا أعيانها .
قال رضي الله عنه : (ويجهل من الحق بقدر ما يجهل من الشخص الذي كان عنه ذلك الظل) .
أي المدرك هو الشكل والصورة والهيئة والمثال ، وحقيقة النور الوجودي المتشكَّل في كل شكل ، والمتصوّر في كل صورة ، والمتمثل في كل مثال وهيئة لا تعلم ولا تدرك من حيث عينها ، بل من حيث تشكَّلها ، فالعلم بها من حيث هي هي جهل بها ، لأنّها بحقيقتها تقتضي أن تجهل ولا تعلم ولا تتعيّن .
قال رضي الله عنه : ( فمن حيث هو ظلّ له يعلم ) .
يعني رضي الله عنه : إن علمت ، فما تعلم إلَّا من كونها ذات ظلّ وهو كونه إلها ربّا ، لا من حيث هي مطلقة .
قال رضي الله عنه : ( ومن حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظلّ الذي من صورة شخص من امتدّ عنه ، يجهل من الحق) .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ صورة الإطلاق الذاتي واللاتعيّن واللا تناهي - التي هي صورة الحق الذي امتدّ عنه هذا الوجود غير مشهودة ولا مدركة في الوجود الممتدّ إلى الممكنات ، لكون النور الممتدّ الظلَّي مقيّدا بحسب من امتدّ عليه ، وكذلك يجهل من الوجود الممتدّ أيضا بحسب ذلك .
وهو ما يشير إليه الشيخ رضي الله عنه : إنّ وراء كل متعيّن من الوجود ما لم يتعيّن ، فمهما لم تصل معرفة العارف من كل شيء إلى ما وراءه من اللاتعيّن والإطلاق ، فلم يعرفه ولم يدركه ، وقد أشار إليه هذا الختم رضي الله عنه بقوله ، شعر :
ولست أدرك من شيء حقيقته  ...... وكيف أدركه وأنتم فيه ؟!
قال رضي الله عنه : (فلذلك نقول : إنّ الحق معلوم لنا من وجه ، مجهول لنا من وجه آخر.)
فلا نعلم إطلاق المطلق بالمقيّد إلَّا مثل ما يعلم الضدّ بالضدّ ، يعني مجملا أنّه مناف له ، والنقيض بالنقيض كذلك لا غير ، وليس هو علم تحقيق وذوق ، بل علم استدلال على وجوده أو عدمه لا غير .
قال رضي الله عنه : (" أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ") أي تجلَّى بالنور الوجودي والفيض النفسي الجوديّ .
قال رضي الله عنه : (" وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَه ُ ساكِناً " ، أي يكون فيه بالقوّة. )
قال رضي الله عنه : (يقول "ما كان الحق ليتجلَّى للممكنات ، حتى يظهر الظلّ ، فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود ).
يعني رضي الله عنه : تجلَّى بالوجود الممتدّ على أعيان الممكنات ، فوجد من العالم بذلك الظلّ ، وعلم من حقيقة الوجود بقدر ذلك ، وإن لم يرد ذلك وشاء أن لا يمتدّ .
فيكون الظاهر الممتدّ فيه بالقوّة كما لم يمتدّ ولم يظهر ، كان كما كان ، ولم يكن معه شيء ، ولم يظهر ظلّ ولا فيء ، فبقي ما ظهر كما لم يظهر مغيّبا .
وانطلق المقيّد عن قيوده مسبّبا ، فإنّ الأمر غيب وشهادة ، فما خرج من الغيب شهدت به الشهادة وما نقص من الشهادة أخذه الغيب ، فسمّي عدما ووجودا بالنسبة والإضافة .
فإنّ العدم الحقيقي لا يعقل بالعقل ، فلا كلام فيه أصلا ، فإن لم يظهر ما ظهر من الغيب ، لكان كالظلّ الساكن في الشخص قبل الامتداد وبعد الفيء ، فافهم .
قال رضي الله عنه : (" ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْه ِ دَلِيلًا " وهو اسمه النور الذي قلناه ، ويشهد لها الحسّ ، فإنّ الظلال لا يكون لها عين بعدم النور ) .
قال العبد : ثم جعلنا الشمس عليه دليلا بعد امتداده ، فإنّ التجلَّي النوري الوجودي المتدلَّي من شمس الألوهيّة هو الذي يظهر الظلال المعقولة في الأشخاص الموجودة بالقوّة في ذوات الظلّ ، إذ الألوهة تظهر عين المألوه .
قال رضي الله عنه : (" ثُمَّ قَبَضْناه ُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً " وإنّما قبضه الله لأنّه ظلَّه فمنه ظهر وإليه يرجع).
يشير إلى أنّ الوجود المشترك وهو الفيض الوجودي بعد انبساطه على أعيان الممكنات في أرض الإمكان ، وظهور ما ظهر فيه من أمثلة أشخاص الأعيان في العيان.
وتعيّنه بخصوصيات حقائق الممكنات والأكوان يتقلَّص وينسلخ عنها النور والتجلَّي ، بسرّ التولَّي بعد التدلَّي ، وحقيقة التجلَّي بعد التجلَّي .
والتخلَّي والتملَّي إلى أصل منبعه ومركز منبعثه ومهيعه ، وفي المشهد الحق لا استقرار للتجلَّي ، كما قرأ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام "والشّمس تجرى لا مستقرّ لها " ، فإنّه بطون وظهور ، وكمون وسفور ، وتجلّ وتخلّ معقّب بتجلّ وتخلّ ، متواصل متوال غير مخلّ ، فإنّ الله دائم التجلَّي مع الآنات ، والقوابل دائمة القبول ، بأحد وجهيه راجع إلى الغيب من الوجه الآخر الذي يلي العدم .
قال رضي الله عنه : ( "وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ " ، فهو هو لا غير).
لأنّ النور المنبعث من منبع النور نور أبدا ليس غيره وقد دار معه وجودا وعدما كدوران نور الشمس المنبسط عند إشراقها على ما أشرقت عليه ، الدائر كما دارت ، والغائب عنّا بغيبوبتها أبدا .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه :  ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال ، ويجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل ) أي فما يعلم الحق من وجود العالم إلا قدر ما يعلم الذوات من الظلال ، أو فما يعلم من حقيقة العالم وغيوب أعيانه من حقائق الماهيات ، إلا قدر ما ظهر عنها في نور الوجود من آثارها وأشكالها وصورها وهيئاتها وخصوصياتها الظاهرة بالوجود .
وما هي إلا ضلالها لا أعيانها وحقائقها الثابتة في عالم الغيب ، وإذا لم تعلم من وجود الظل حقيقته فبالحري أن لا يعلم منه حقيقة ذات ذي الظل ، ونجهل من الحق عند علمنا بوجود العالم الذي هو ظله على قدر ما نجهل من الشخص الذي عنه ذلك الظل المعلوم لنا .
قال رضي الله عنه : ( فمن حيث هو ظل له يعلم ، ومن حيث ما يجهل ما في ذات الظل من صورة شخص من امتد عنه يجهل من الحق ).
أي فمن حيث أنه ذات لذي الظل يعلم ، وهو كونه إله العالم وربه ، ومن حيث صورته الحقيقية المطلقة الذاتية اللاتعينية لا يعلم ، إذ لو علمت صورته المطلقة لكانت محاطا بها وتعينت وانحصرت فلم تكن مطلقة بل مقيدة ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا .
قال رضي الله عنه : ( فلذلك نقول : إن الحق معلوم لنا من وجه ومجهول لنا من وجه ) أي نعلمه مجملا من جهة الظهور في المقيدات ، لا من جهة الإطلاق واللا تناهي في التجليات " أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ")  أي عين باسم النور في صورة العالم وأعيانه .
(" ولَوْ شاءَ لَجَعَلَه ساكِناً "  أي يكون فيه بالقوة يقول ) أي الله
"" إضافة بالي زادة :  ويدل على أن العالم ظل إلهي ممتد على الأعيان قوله تعالى : " أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ".
أي كيف بسط الوجود الخارجي وهو العالم " ولَوْ شاءَ " عدم مده " لَجَعَلَه " أي ذلك الظل "ساكِناً "  أي يكون فيه ) أي في وجود الحق ( بالقوة ) كظل الشخص في وجوده إذا لم يكن ثمة من يظهر فيه ( يقول الله ما كان الحق ليتجلى الممكنات ) على طريقة " ما كانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وأَنْتَ فِيهِمْ ".
( حتى يظهر الظل ) يعنى إنما يتجلى الله للممكنات كي يظهر الظل فلو لا التجلي لما يظهر ( فيكون ) الظل ( كما بقي ) الآن ( من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود ) الخارجي ويدل على وقوع الإدراك باسمه النور قوله تعالى:"ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْه دَلِيلًا "اهـ بالي زادة.""

قال رضي الله عنه : ( ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل ، فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود ) .
أي ولو شاء الله أن يتجلى للممكنات لأبقاها في كتم العدم المطلق لا العدم المطلق ، فإنه لا شيء محض بل في الغيب .
وهو معنى قوله تكون فيه بالقوة : أي يكون وجودها الإضافي المقيد في الوجود الحق المطلق كامنا ، له أن يظهره فيكون كسائر الممكنات التي لم تظهر أعيانها في الوجود باقيا في الغيب ساكنا لم يتحرك إلى الظهور كالظل الساكن في ذات الشخص قبل امتداده وبعد الفيء .
فإن الأمر غيب وشهادة والغيب على حاله أبدا ، فما لم يظهر إلى عالم الشهادة ساكن ، وما ظهر متحرك إلى الشهادة ساكن بالحقيقة.
قال رضي الله عنه : (" ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْه دَلِيلًا "  وهو اسمه النور الذي قلناه)
أي الدليل الذي هو الشمس اسم النور المذكور : أي الوجود الخارجي الحسي
قال رضي الله عنه : (ويشهد له الحس ، فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور ) أي الحس يشهد أن الدليل على الظل ليس إلا النور ، فإن الظلال لا توجد إلا بالنور .
قال رضي الله عنه : (" ثُمَّ قَبَضْناه إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً ") أي قبضنا الظل فنبقى ما عليه الظل في الغيب غير بارز ووصفه باليسير ، لأن التجلي يدوم فيكون المقبوض بالنسبة إلى الممدود يسيرا.
"" إضافة بالي زادة :  ( ويشهد له ) أي لكون النور دليلا ( الحس ، فإن الظلال لا يكون لها عين ) أي وجود في الخارج ( بعدم النور ) كما في الليلة المظلمة " ثُمَّ قَبَضْناه " أي ذلك الظل بقبض النور الذي دل عليه " إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً " أي لا يعسر علينا قبضه كما لا يعسر مده اهـ بالى .
( وإليه يرجع الأمر كله ) عند القيامة الكبرى ، لأن جميع الأمور ظلاله والظل لا يرجع إذا رجع إلا إلى صاحبه .
ولما حقق أن العالم كله ظل الحق ، أراد أن يبين أن العالم من أي جهة امتاز عن الحق ، ومن أي جهة اتحد معه فقال ( فهو ) أي العالم ( هو ) أي الحق ، من وجه ( لا غيره فكل ما تدركه ) من العالم ( فهو وجود الحق ) المنبسط ( في أعيان الممكنات ) فهذا الاتحاد اتحاد العبد مع الحق في جهة خاصة ، كاتحاده معه في حقيقة العلم والحياة وغير ذلك .بالي زادة  ""

قال رضي الله عنه : ( وإنما قبضه إليه لأنه ظله فمنه ظهر ) إذ الذات منبع الظلال : (" وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه " فهو هو لا غيره ) لأن المنبعث من منبع النور نور ، والمطلق منبع المقيد دائما ولا مقيد إلا كان المطلق فيه ، فلا مقيد إلا بالمطلق ولا يتجلى المطلق إلا في المقيد مع عدم انحصاره فيه وغناه عنه ، فهو هو بالحقيقة لا غيره.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو هو لا غيره. )
قال رضي الله عنه : (فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال ، ويجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل ) .
قد مر في المقدمات أن الأعيان هي الذات الإلهية المتعينة بتعينات متكثرة ، فهي من حيث الذات عين الحق ، ومن حيث التعيينات هي الظلال.

فقوله : ( فما يعلم ) . . . معناه : فما يعلم من أعيان العالم التي هي ظلال أسماء الحق وصورها - ومن هذه الموجودات الخارجية مع آثارها وهيآتها اللازمة لها التي ظلال تلك الظلال - إلا مقدار ما يعلم من ذلك الظلال من الآثار والأحوال والصور والأشكال والخصوصيات الظاهرة
منها ، ويجعل من الحق على قدر ما يجهل من ذوات الأعيان وحقائقها التي هي عين الحق .
ولما كان الظل الحسى دليلا وعلامة للظل المعنوي ، قال : ( على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل ) .
أي ، حصل ، لأن الناظر يستدل من الظل على صاحب الظل ، فيعلم أن ثمة شخص ، هذا ظله ، ولا يعلم كيفيته ولا مهيته .
فإذا لم يكن الظل دليلا لمعرفة نفسه وسببا للعلم بحقيقته ، لا يمكن أن يكون دليلا لمعرفة ذات الحق وحقيقته .
(فمن حيث هو ظل له ، يعلم ، ومن حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من
صورة شخص من امتد عنه ، يجهل من الحق . فلذلك نقول : إن الحق معلوم لنا من وجه ،ومجهول لنا من وجه) .
أي ، من حيث أن العالم ظل للحق ، يعلم العالم ، فيعلم من الحق ذلك المقدار .
ومن حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من الذات الإلهية ، يجهل من الحق . وهو المراد بقوله : ( من صورة شخص من امتد عنه ) .

و ( ما ) في قوله : ( من حيث ما ) زائدة . إذ معناه : ومن حيث يجهل ما في ذات ذلك الظل ، يجهل الحق . أو مصدرية . أي ، من حيث جهلنا لما في ذات ذلك الظل ، فالحق معلوم لنا من حيث ظلاله ، ومجهول لنا من حيث ذاته وحقيقته .
( "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " . ) استشهاد بأن الوجود الخارجي الإضافي ظل إلهي ، مستفاد من تجلى الاسم ( الرب ) على يدي ( المبدئ ) و ( القادر ) لإظهار المربوب .
( " ولو شاء لجعله ساكنا " . أي ، يكون فيه بالقوة ) . أي ، ولو شاء لجعل ذلك الظل مكتوما في ظلمة العدم وغيبه المطلق ، فيكون العالم في وجود الحق بالقوة ، ما ظهر شئ منه بالفعل ، لكنه لم يشأ ذلك الظهور الحكم الإلهية في مده وبسطه على الأعيان .
وإنما عبر عن البقاء بالقوة ب‍ ( الساكن ) ، لأن الظهور من القوة إلى الفعل نوع من أنواع الحركة المعنوية .

(يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل ، فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود ) .
أي ، يقول الحق بقوله : ( ألم تر إلى ربك كيف ) الآية ما كان الحق بحيث إن يتجلى لأجل إظهار الممكنات التي هي ظلاله ، فيكون ذلك الظل باقيا في كتم العدم ، كما بقي بعض الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود الخارجي في كتم عدمه ، بل حين ما يتجلى لها ،ظهرت.
كما قال : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) .
و ( اللام ) في ( ليتجلى ) لام الجحود ، وهو لتأكيد النفي . كقوله تعالى :"وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم " . وقوله : ( حتى ) بمعنى ( كي ) . وهو للتعليل ، لا بمعنى ( إلى ) .
فإن قلت : تقرر عند أهل الحق أن الممكنات الطالبة للوجود العيني ، كلها ظاهرة فيه ، فكيف قال : ( كما بقي في الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود ) . ؟
قلت : ذلك بحسب الكليات لا جزئياتها ، وهو المراد هنا .

( " ثم جعلنا الشمس " ) أي ، الوجود الخارجي الذي هو النور الإلهي ، سماه شمسا باعتبار النور الذي مظهره الشمس .
( "عليه " ) أي ، على الظل الذي هو أعيان الممكنات . ( " دليلا " ) يدل عليه ويظهره .
( وهو اسمه " النور " الذي قلناه ) أي ، ( الشمس ) هو الاسم النور الذي قلناه ، وهو إشارة إلى قوله : ( باسمه النور ، وقع الإدراك ) .
أو مظهر الاسم النور . وكلاهما حق . وذكر الضمير باعتبار الخبر . ( ويشهد له الحس ، فإن الظلال لا يكون لها عين بعد عدم النور ) . ظاهر .

( " ثم قبضناه " ) أي ، الظل الذي هو وجود الأكوان . ( " إلينا قبضا يسيرا "  ) . قبضا سهلا هينا . ( وإنما قبضه إليه ، لأنه ظله ، فمنه ظهر وإليه يرجع ، وإليه يرجع الأمر كله ) . ظاهر . ( فهو هو لا غيره .  
أي ، كل ما ندركه بالمدركات العقلية والقوى الحسية ، فهو عين وجود الحق الظاهر في مرآيا أعيان الممكنات .
وقد علمت أن الأعيان مرآيا للحق وأسمائه ، كما أن وجود الحق مرآة للأعيان .

.
يتبع

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: