الأربعاء، 3 يوليو 2019

السفر العاشر الفقرة الأولي الجزء الأول فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

السفر العاشر الفقرة الأولي الجزء الأول فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

السفر العاشر الفقرة الأولي الجزء الأول فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

10 - The Wisdom Of Unity In The Word Of HUD 

 10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية
الفقرة الأولي: الجزء الأولمتن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :

 10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( 
إن لله الصراط المستقيم ... ظاهر غير خفي في العموم
في كبير وصغير عينه ... وجهول بأمور وعليم
ولهذا وسعت رحمته ... كل شيء من حقير وعظيم
«ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». فكل ماش فعلى صراط الرب المستقيم.
فهو غير مغضوب عليهم من هذا الوجه ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا كذلك الغضب الإلهي عارض، والمآل إلى الرحمة التي وسعت كل شيء، وهي السابقة.
وكل ما سوى الحق دابة فإنه ذو روح. وما ثم من يدب بنفسه وإنما يدب بغيره. فهو يدب بحكم التبعية للذي هو على الصراط المستقيم، فإنه لا يكون صراطا إلا بالمشي عليه.
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق
اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه.
وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.
فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب.
«ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون»: وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء «فبصره حديد». وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب من شقي.
«ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» وما خص إنسانا من إنسان. فالقرب الإلهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الإلهي.
فلا قرب أقرب من أن تكون هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم.
فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود.
وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود. فهم بمنزلة الماء الملح الأجاج، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه.
فالناس على قسمين: من الناس من يمشي على طريق يعرفها ويعرف غايتها، فهي في حقه صراط مستقيم.
ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين الطريق التي عرفها الصنف الآخر.
فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد والجهالة.
فهذا علم خاص يأتي من أسفل سافلين، لأن الأرجل هي السفل من الشخص، وأسفل منها ما تحتها وليس إلا الطريق. فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه جل وعلا تسلك وتسافر إذ لا معلوم إلا هو، وهو عين الوجود والسالك والمسافر.
فلا عالم إلا هو.
فمن أنت؟ فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر على لسان الترجمان إن فهمت.
وهو لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق، فإن للحق نسبا كثيرة و وجوها مختلفة.
ألا ترى عادا قوم هود كيف «قالوا هذا عارض ممطرنا» فظنوا خيرا بالله تعالى وهو عند ظن عبده به.
فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب، فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقى الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم»: فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدف المدلهمة،
و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.
فلما حرم الفواحش أي منع أن تعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء، فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عين الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق:
فتفاضل الناس وتميزت المراتب فبان الفاضل والمفضول.
واعلم أنه لما أطلعني الحق وأشهدني أعيان رسله عليهم السلام وأنبيائه كلهم البشريين من آدم إلى محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين في مشهد أقمت فيه بقرطبة سنة ست وثمانين و خمسمائة، ما كلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام فإنه أخبرني بسبب جمعيتهم، و رأيته رجلا ضخما في الرجال حسن الصورة لطيف المحاورة عارفا بالأمور كاشفا لها.
ودليلي على كشفه لها قوله: «ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». وأي بشارة للخلق أعظم من هذه؟
ثم من امتنان الله علينا أن أوصل إلينا هذه المقالة عنه في القرآن، ثم تمها الجامع للكل محمد صلى الله عليه وسلم بما أخبر به عن الحق بأنه عين السمع والبصر واليد والرجل واللسان: أي هو عين الحواس. والقوى الروحانية أقرب من الحواس. فاكتفى بالأبعد المحدود عن الأقرب المجهول الحد.
فترجم الحق لنا عن نبيه هود مقالته لقومه بشرى لنا، وترجم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله مقالته بشرى: فكمل العلم في صدور الذين أوتوا العلم «و ما يجحد بآياتنا إلا الكافرون» فإنهم يسترونها وإن عرفوها حسدا منهم و نفاسة و ظلما.
وما رأينا قط من عند الله في حقه تعالى في آية أنزلها أو إخبار عنه أو صله إلينا فيما يرجع إليه إلا بالتحديد تنزيها كان أو غير تنزيه.
أوله العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء. فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق. ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد.
ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرنا أنه عيننا.
ونحن محدودون، فما وصف نفسه إلا بالحد. وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكف زائدة لغير الصفة.
ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشيء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.
فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.
أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا.
وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.
فمن رأى الحق منه فيه بعينه فذلك العارف.
ومن رأى الحق منه فيه بعين نفسه فذلك غير العارف.
ومن لم ير الحق منه ولا فيه وانتظر أن يراه بعين نفسه فذلك الجاهل.
وبالجملة فلا بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها إليه ويطلبه فيها :
فإذا تجلى له الحق فيها عرفه و أقر به، و إن تجلى له في غيرها أنكره وتعوذ منه وأساء الأدب عليه في نفس الأمر، وهو عند نفسه أنه قد تأدب معه فلا يعتقد معتقد إلها إلا بما جعل في نفسه، فالإله في الاعتقادات بالجعل، فما رأوا إلا نفوسهم و ما جعلوا فيها.
فانظر: مراتب الناس في العلم بالله تعالى هو عين مراتبهم في الرؤية يوم القيامة.
وقد أعلمتك بالسبب الموجب لذلك . فإياك أن تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير بل يفوتك العلم بالأمر على ما هو عليه. فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فإن الله تعالى أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فإنه يقول «فأينما تولوا فثم وجه الله» وما ذكر أينا من أين.
وذكر أن ثم وجه الله، ووجه الشيء حقيقته.
فنبه بذلك قلوب العارفين لئلا تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن استحضار مثل هذا فإنه لا يدري العبد في أي نفس يقبض، فقد يقبض في وقت غفلة فلا يستوي مع من قبض على حضور.
ثم إن العبد الكامل مع علمه بهذا يلزم في الصورة الظاهرة والحال المقيدة التوجه بالصلاة إلى شطر المسجد الحرام ويعتقد أن الله في قبلته حال صلاته، و هو بعض مراتب وجه لحق من «فأينما تولوا فثم وجه الله». فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله.
ولكن لا تقل هو هنا فقط، بل قف عند ما أدركت و الزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام و الزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها. فقد بان لك عن الله تعالى أنه في أينية كل وجهة، و ما ثم إلا الاعتقادات.
فالكل مصيب، وكل مصيب مأجور وكل مأجور سعيد وكل سعيد مرضي عند ربه وإن شقي زمانا ما في الدار الآخرة.
فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا بأنهم سعداء أهل حق في الحياة الدنيا. فمن عباد الله من تدركهم تلك الآلام في الحياة الأخرى في دار تسمى جهنم، و مع هذا لا يقطع أحد من أهل العلم الذين كشفوا الأمر على ما هو عليه أنه لا يكون لهم في تلك الدار نعيم خاص بهم، إما بفقد ألم كانوا يجدونه فارتفع عنهم فيكون نعيمهم راحتهم عن وجدان ذلك الألم، أو يكون نعيم مستقل زائد كنعيم أهل الجنان في الجنان و الله أعلم .

متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
10 - نقش فص حكمة أحدية في كلمة هودية 
غايات الطريق كلها إلى الله والله غايتها . فكلها صراط مستقيم .
لكن تعبدنا الله بالطريق الموصل إلى سعادتنا خاصة وهو ما شرعه لنا . فللأول وسعت رحمته كل شيء .
فالمآل إلى السعادة حيث كان العبد وهو الوصول إلى الملائم من الناس .
من نال الرحمة من عين المنة .
ومنهم من نالها من حيث الوجوب ونال سبب حصولها من عين المنة ، وأما المتلقي فبله حالان : حال يكون فيه وقاية لله من المذام .
وحال يكون الله له وقاية فيه وهو معلوم .


الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :


10  - فك ختم الفص الهودى

1 / 10 - اعلم ان للوحدة ثلاث مراتب ، لكل مرتبة اعتبار :
فالاعتبار المختص بالمرتبة الاولى هو اعتبار الوحدة من حيث هي هي ، هذا الوجه لا تغاير الاحدية ، بل هي عينها لا من الوجهين الآخرين ، وليست من هذا الوجه نعتا للواحد بل هي ذاته ، فمتى ذكرت الاحدية الذاتية وكان المترجم عنها الحق او واحد من أكابر المحققين الراسخين في العلم فإنه انما يطلقها بهذا الاعتبار الذي ذكرناه .

ولكل شيء احدية تخصه وهي اعتباره من حيث عدم مغايرة كل شأن من الشئون الذاتية للذات المعنونة بالاحدية بالتفسير المشار اليه .

2 / 10 -  والاعتبار المختص بالمرتبة الثانية هو اعتبار الوحدة من كونها نعتا للواحد وتسمى  بوحدة النسب باحدية الصفات والإضافات ، وينضاف الى الحق من حيث الاسم الله الذي هو محتد الأسماء والصفات ومشرع الوحدة والكثرة المعلومتين للجمهور .

3 / 10 - والاعتبار المختص بالمرتبة الثالثة هو اعتبار الوحدة من حيث لا يلحقها من الاحكام التي هي على نوعين :
نوع متعقل فيها لكن ظهوره موقوف على شرط او شروط ، مع ان تلك الوحدة بالذات مشتملة عليها بالقوة .
والنوع الثاني من النعوت والاحكام ليست الوحدة بالذات مشتملة عليها ، وانما يلحق وينضاف إليها من امور خارجة عن معقولية صرافة وحدتها .
كقولنا : الواحد نصف الاثنين وثلث الثلاثة وانه مبدأ لما يتعقل من معنى التعدد النسبي او الوجودي .

4 / 10 - وهذا الوحدة التي يضادها الكثرة ويختص بمرتبة الأفعال لوحدة الفعل والفاعل وكثرة المحال التي بها يظهر الكثرة ، فإنها الخصيصة بهذا الفص الهودى وهو ذوق هود المذكور في قصته عليه السلام فإنه ذكر الاخذ بالنواصي والمشي والصراط .

وكل هذه احكام التصرف والتصريف وانه الفعل لا محالة ، غير انه غلب في إخباره وحدة الفعل على تعددات العارضة له في المحال المتأثرة والمعددة إياه .
والسر فيه هو من أجل عدم اعتبار الوسائط والأسباب المشار إليها بقوله تعالى : " ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها " [ هود / 56 ] فأضاف الاخذ الى الهوية التي هي عين الذات ، حتى انه لم يذكر يدا ولا صفة ولا غير ذلك .


5 / 10 - وهو مشهد المتوسطين من المحققين ، فان مقتضى ذوقهم ان الأسباب والوسائط معدات لا مؤثرات ، وان الفعل في أصله واحد وانه اثر الحق لا اثر فيه لسواه من حيث ذات الفعل من كونه فعلا .
لكن يكتسب ذلك الفعل الوحدانى فعل المتعددات من المحال المتأثرة ويتبع ذلك التعدد كيفيات نافعة للمكتسب العدد وكيفيات مضرة له عاجلا وآجلا، مؤجل وغير مؤجل ، وذلك النفع والضر تارة يعودان على الإنسان من حيث روحه وتارة يعودان عليه من حيث صورته ونشأته ، وتارة يعودان على المجموع .


6 / 10 - وثم صنف اعلى واكشف من هذا الصنف ومقتضى ذوقهم :
ان الفعل الوحدانى وان كان إليها ومطلقا في الأصل لا وصف له غير ان تعينه بالتأثير .
والتأثير التكليفي انما يكون بحسب المراتب التي يحصل فيها اجتماع جملة من احكام الوجوب والإمكان في قابل لها وجامع ، فان ظهرت الغلبة لأحكام الوجوب على احكام الإمكان وصف الفعل بعد تقيده وقبوله التعدد طاعة وفعلا مرضيا حميدا .
وان كانت الغلبة لأحكام الإمكان وتضاعف الخواص الوسائط كان الامر بالعكس بمعنى ان الفعل يسمى من حيث تقيده على ذلك الوجه وتكيفه بتلك الكيفيات معصية وفعلا قبيحا غير مرضى ونحو ذلك .


7 / 10 - والحسن والقبح راجعان الى ما يناسب مرتبة الشرع والعقل والى الملاءمة من حيث الطبع والغرض ، ولسان الشرع معرب اما عن بعض المحاسن الخافية عن العقول عاجلا - وكذلك عن القبائح - او معرب عما يعود من ذلك الفعل من حيث الثمرات على الثمرات وعلى المعين والمكيف إياه بذلك الوصف ، وكل ذلك بحسب ما يعلمه الشارع من سر ذلك تكيف والتعدد المخصوص بالنسبة الى عموم الفاعلين او بالنسبة الى الأكثرين منهم ، وبيان كيفية التدارك والتلافي لذلك الضرر المودع في الفعل غير المرض او تنمية ، وذلك النفع في المودع  المسمى فعلا مرضيا وتثبتة .


8 / 10 - وثم صنف اعلى ومن مقتضى ذوقهم وشهودهم معرفة ان كل سبب وشرط ووسائط ليس غير تعين من تعينات الحق وانه فعله سبحانه الوحدانى يعود اليه من حيثية كل تعين بحسب الامر المقتضى للتعين كان ما كان ، وان المضاف اليه ذلك الفعل ظاهرا يتصل به حكم الفعل وثمرته بحسب شهوده ومعرفته ونسبته الى الفعل الأصلي واحدية التصرف والمتصرف وانصباغ أفعاله بحكم الوجوب وسر سبق العلم وموجبه ومقتضاه وبضعف ذلك او عدمه .


9 / 10 - ومن لم يذق هذا المشهد ولم يطلع عليه لم يعرف سر قوله تعالى :" وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى " [ الأنفال / 17 ] ،
ولا سر قوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله " [ الفتح / 10 ] ،
ولا سر قوله صلى الله عليه وسلم : ان الله قال على لسان عبده : "سمع الله لمن حمده " ،
ولا سر قوله تعالى : "كنت سمعه وبصره ويده ورجله ، فبي يسمع وبى يبصر وبى يسعى وبى يبطش " ،
ولا سر قوله الذي هو دون ذلك كله : " قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ " [ توبه / 14 ] .
ولا يعرف من اى وجه يصح نسبة الأفعال الى الحق من حيث اصالتها ومن حيث احدية جمعها ، ومن اى وجه ايضا يصح نسبتها الى الحق وان تعددت وتكثرت .


10 / 10 - ولا يعرف ايضا هل مقام التمحض المشار اليه بقوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله " اعلى .
او مقام التشكيك المنبه عليه بقوله :" وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى "
ولا يعرف مرتبة الحسن والقبح الحقيقي والنسبي .
ولا يعرف نتائج الأفعال والثمرات في الدنيا والبرزخ والحشر والنار والجنة ولوازمها من الاسرار فتنبه ترشد .


11/ 10 - فهذا روح هذا الفص والخفي من شأنه ، وما سوى ذلك فقد نبه شيخنا رضى الله عنه على ما قدر له ذكره منه وما امر بتسطيره كما أشار اليه والله المرشد .
.

يتبع

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: