الأربعاء، 3 يوليو 2019

السفر العاشر الفقرة الخامس الجزء الأول فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

السفر العاشر الفقرة الخامس الجزء الأول فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

السفر العاشر الفقرة الخامس الجزء الأول فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

10 - The Wisdom Of Unity In The Word Of HUD   

الفقرة الخامس : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
قال رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل. فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق. «فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه. فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون. فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة. )
 
قال رضي الله عنه : (وهذه الحكمة) التي هي معرفة اختلاف العلوم الإلهية باختلاف أهلها (من علم الأرجل) بحسب ما تقتضيه الرجل في قولك : كنت رجله التي يسعى بها كما مر (وهو قوله تعالى في الأكل) الروحاني بعد الجسماني (لمن أقام كتبه) "ولو أنه أقاموا التورية والإنجيل وما أنزل إليهم ممن هم أكثروا من فوقهم ("ومن تحت أرجلهم" ) [المائدة: 66]، وهو علم سير الحقيقة الإلهية في مواطن الممكنات العدمية ونزولها في المنازل الاختصاصية .
قال رضي الله عنه : (فإن الطريق الذي هو الصراط)، الذي سبق ذكره في قوله تعالى: "إن ربي على صراط مستقيم" [هود: 56] (هو)، أي الطريق لا يكون إلا (للسلوك عليه والمشي فيه) فإنه مشتق من الطرق لأنه يطرق، أي يضرب بأقدام الناس و حوافر الدواب كما أن الصراط من الصرط وهو الابتلاع والازدراد، لأنه يبتلع المارة فيه ويزدردهم (والسعي لا يكون إلا بالأرجل فلا ينتج هذا الشهود) الإلهي الخاص.
 
قال رضي الله عنه : (في أخذ النواصي) من جميع الدواب التي تدب من العدم إلى الوجود (بید من هو على صراط مستقیم) وهو الرب سبحانه (إلا هذا الفن)، أي العلم (الخاص من علوم الأذواق) الوجدانية المختلفة باختلاف أهلها والكل من عين واحدة بل هو من تلك العين الواحدة .
(فيسوق الله المجرمين) من قوله تعالى : "ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا " [مريم: 86] . (وهم)، أي المجرمون (الذين استحقوا)، أي تهيئووا واستعدوا فنالوا
قال رضي الله عنه : (المقام الذي ساقهم إليه) وهو جهنم وكان سوقهم منه تعالى إليه (بريح الدبور) وهي التي تهب من مغرب الشمس وكانت دبورة لأنها على إدبار النهار واختفاء الشمس، وتدل فيهم على أدبار أحوالهم واختفاء شمس الأحدية الإلهية تحت أراضي نفوسهم وانحجابها عنهم بهم.
وهذا من قوله تعالى: "فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها" [الأحقاف : 24 - 25] .
 
ولذا قال (التي أهلكهم) أي الله تعالى (عن نفوسهم بها) أي تلك الريح وهو عين الدمار (فهو)، أي الله تعالى (يأخذ بنواصيهم)، لأنه مالكهم (والريح) الدبور التي تدمرهم بإذن ربها (تسوقهم وهي)، أي تلك الريح (عین الأهواء ) النفسانية التي كانوا عليها في الحياة الدنيا ?نی عنها بريح الدبور، لأنها نشأت فيهم من أجل احتجابهم عن شمس أحدية الحق تعالی .
كما تنشأ ريح الدبور عن غيبة الشمس وحركة غروبها في جهة المغرب إلى جهنم وهي البعد عن الله تعالى (الذين كانوا) أي المجرمون (يتوهمونه) بحضورهم مع الأغيار ولا أغيار.
 
قال رضي الله عنه : (فلما ساقهم) الله تعالى (إلى ذلك الموطن) الذي يتوهمونه على خلاف ما هو عليه (حصلوا في عين القرب) الذي هم عليه في نفس الأمر في غير شعور منهم
فزال عنهم (البعد) الذي كانوا يتوهمونه بحكم المغايرة المجعولة فيهم بأهواء نفوسهم مع أنها عين أخذه تعالی بنواصيهم.
وعين سوقه لهم بتلك الأهواء المكنى عنها بالريح (فزال) من زوال البعد عنهم (مسمى جهنم في حقهم)، أي المجرمين يعني من جهة أذواقهم لا في حق غيرهم ممن يراهم في جهنم (ففازوا بنعيم القرب) من الله تعالى (من جهة الاستحقاق) بحكم العدل الإلهي (لأنهم)، أي هؤلاء المذكورين (مجرمون)، أي أصحاب جرائم، وهي الذنوب، وأكبر الذنوب الكفر والشرك .
 
قال رضي الله عنه : (فما أعطاهم هذا المقام الذوقي) الذي هو في أذواقهم فقط لا في ظواهرهم (اللذيذ) من جهة ما هو وجيع وأليم كضرب المحبوب لمحبه ضربة وجيعة من جهة ما هو ضرب، وفيه اللذة للمحب إذا انكشف له محبوبه، وأنه هو الضارب له من جهة أخرى ذوقية لا يعرفها إلا المحب العاشق.
قال أبو يزيد البسطامي قدس سره :
وكل مآربي قد نلت منها سوى    …… ملذوذ وجدي بالعذاب
"" أضاف المحقق :
للحسين بن منصور الحلاج المولود سنة 244 هـ والبيت الثاني هو :
أريدك لا أريدك للثواب   ….. ولكن أريدك للعقاب
فكل مآربي قد نلت منها ... سوى ملذوذ وجدي بالعذاب  ""
فقد أخبر أنه نال من محبوبه جميع مقاصده إلا مقصدا واحدا لم ينله فطلبه من محبوبه وهو اللذة العشقية التي تحصل بعذاب المحبوب له.
فقد طلب العذاب من محبوبه لتحصل له لذة العذاب بسبب ما عنده من المحبة، وأهل النار إذا دخلوا إليها وعذبوا بعذابها لا يخفف عنهم من عذابها شيئا إلى ما لا نهاية له وهو الخلود في حق الكافرين.
 
فهم محجوبون عن ربهم الذي هم قائمون به في أطوار وجودهم وهي الحضرة الأسمائية الإلهية كما قال تعالى : "إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " [المطففين : 15]، وموتهم من هذه الحياة الدنيا كشف عن غطائهم، أي غطاء نفوسهم المربربة بربهم فزالت نفوسهم واختفى عنهم ربهم فانحجبوا عنه.
وانكشفت لهم الهوية الذاتية التي تغني كل من شاهدها، فلهم بها نعیم القرب واللذة التي هي عين فنائهم عما هم فيه من عذاب الكفر.
وهذا الفناء ذوقي لا عيني فيجده الذائق، ولا يحس به المعاين، فهم في العذاب ظاهرة، والحجاب عن ربهم خالدون مخلدون في النار والزمهرير، لأن ربهم الذي هم محجوبون عنه في الآخرة ظهر بهم في الدنيا بأنواع الضلالات والكفر والجرائم وهم لا يشعرون.
 
وزين لهم أعمالهم، فلما ماتوا زالوا عن دعوى الوجود التي كان فيها الكل، قد ذاقوا نعیم الفناء الذي هو عين القرب إليه تعالى، كما ذاقه العارفون في الدنيا، فإذا ردوا بعد موتهم إلى تخیل وجودهم في عالم البرزخ وقع الحجاب لهم عن ربهم الذي أعطاهم عين ما اتصفت به نفوسهم.
 
فتعذبوا بعذاب النار على الجرائم التي كان بسبب اتصافهم بها عين حجابهم عن ربهم، وهم في الآخرة في جهنم أبد الآبدين، عذابهم من جهة حجابهم عن ربهم، ونعيمهم من جهة فنائهم الذي يرجعون فيه إلى أعيانهم الثابتة في الحضرة العلمية ، وهي لذة أهل الجنة أيضا، وكل ميت من حين الموت إلى الأبد كذلك.
 
ولأهل الجنة زيادة على ذلك لذة الرؤية لربهم الذي حجب عنه الكافرون وكما ذكرنا.
قال تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة" [القيامة : 22 - 23].
وقال صلى الله عليه وسلم : «إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا» فالموت يقتضي ?شف غطاء دعوی الوجود، وفيه لذة زوال تعب دعوى الوجود، وهي اللذة التي ستصحب أهل النار بل أهل الآخرة كلهم.
 
وإن كانوا يحيون بالحياة الأخروية الأبدية، فإنها غير الحياة الدنيوية الوهمية.
والحاصل أن التكليف بالأعمال في الدنيا إنما كان من حضرة الربوبية التي أشهدت كل إنسان على نفسه بالإقرار لها.
في قوله تعالى: «وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا " [الأعراف: 172]، ثم إن هذه الحضرة جاءت منها المرسلون إلى الخلق يكلفونهم بمقتضى ما أخذ عليهم من الميثاق.
ولهذا قال عليه السلام: "ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا" فيقول: «هل من مستغفر فأغفر له» الحديث . رواه البخاري ومسلم.
 
فما قال ذلك إلا الرب لا غيره من الأسماء، فإذا عمل أهل الجنة للجنة، وأهل النار للنار كانت أعمالهم عين ما هو جزاؤهم إذا انقلبوا بالموت من دعوى وجودهم إلى حضرة ثبوتهم.
فأهل الجنة يتنعمون في الجنة برؤية ربهم زيادة على نعيم الجنة بحسب أعمالهم الصالحة، وأهل النار يعذبون بالنار بحجابهم عن ربهم زيادة على عذابهم بالنار بحسب أعمالهم القبيحة.
فنعيم الرؤية لأهل الجنة نعيم روحانی ونعيم الجنة نعيم جسمانی.
وعذاب الحجاب لأهل النار عذاب روحانی، وعذاب النار عذاب جسماني.
والفريقان لهم لذة ذوقيه بمقام القرب الذاتي الإلهي يكونون فيه باطنة من حين زوال الحياة الدنيا إلى الأبد.
 
وأهل النار لا يزالون في الآخرة يتعذبون و" كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب" [النساء: 56].
وهو مع ذلك يمدهم من هذا المقام الذاتي بلذة القرب، ولهذا يحتملون ما يقاسونه من ألم العذاب في النار ما لولاه لذابوا في أقل قليل، وهم فيها يصطرخون وينادون : " يا مالك ليقض علينا ربك " ، فيقول لهم: "إنكم ماكثون" [الزخرف: 77]، حتى يضع الجبار قدمه في النار كما ورد في الحديث وينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وهذا كناية عن غلبة القرب الذاتي عليهم الذي فيه الكل ورسوخهم فيه، فعند ذلك يحصل في أذواقهم ما صرح به الشيخ المصنف قدس الله سره في هذا الكتاب وغيره من كتبه من اللذة بالعذاب مع بقاء عينه عذابا مؤلما موجعا.
 
وهذا البيان من فتوح الوقت والحمد الله على إنعامه (من جهة المنة)، أي الفضل الإلهي عليهم كما هو حال نعيم أهل الجنة .
قال : «لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال : "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته" وهذا عين الفضل .رواه الطبراني و صحيح ابن حبان ومسند أحمد .
وإنما أخذوه)، أي أخذ أهل النار هذا المقام الذوقي اللذيذ (بما استحقته حقائقهم)، أي حقائق نفوسهم وهي حضرات أمر ربهم القائم عليهم بما كسبوا في الدنيا وما جوزوا به في الآخرة (من أعمالهم التي كانوا عليها) في الدنيا واتصفوا بنتائجها في الآخرة ولا تستحق حقائقهم إلا عين العدل والفضل زيادة على ذلك وهو لأهل الجنة .
قال تعالى: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " [يونس: 26]. وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ونعيم القرب الذاتي هو عين الحسني التي للذين أحسنوا ، والزيادة هي الجنة.
وأهل النار أحسن الله بهم في الدنيا ولم يحسنوا هم فلهم الحسنى من غير زيادة، لوجود الإحسان في حقائقهم.
ولهذا كانوا يرونه لما كانوا يسجدون ?رهة في عين سجودهم للأصنام، لكن رؤية ذاتية في حضرة وجوده المطلق الذي هم موجودون به مع كل شيء عندهم قال تعالى : "ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها" [الرعد: 15].
وقال تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " (الإسراء : 23).
وما قضی به تعالی واقع لا محالة ، فقال رضي الله عنه : (وكانوا)، أي المجرمون في السعي في أعمالهم في الدنيا التي هم عاملون لها (على صراط الرب المستقيم) وهو قيامهم بأسمائه تعالى (لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة)، أي هو على صراط مستقیم، وهو الله تعالی.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
 ولما بين أنواع العلوم الذوقية وقواها أراد أن يبين أن هذه الحكمة بأي قوى تحصل فقال : قال رضي الله عنه : (وهذه الحكمة) الأحدية (من علم الأرجل) أي نوع من العلوم الذوقية الحاملة بالسلوك والرياضات والمجاهدات في صراط الحق فلا يمكن حصول هذا العلم بجارحة من جوارح إلا بالأرجل (وهو) أي علم الأرجل (قوله تعالی في) حق (الأكل لمن) .
متعلق بقوله تعالى: (أقام كتبه) وهو قوله تعالى : "ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم" .
أي لحصل لهم الفارضية من أرواحهم من غير ?سب وسعي في السلوك (من تحت ارجلهم) مقول القول وإنما كان هذه الحكمة من علم الأرجل من علوم الأذواق لا من غيره من الجوارح .
قال رضي الله عنه : (فإن الطريق الذي هو الصراط) المستقيم (هو) أي ذلك الطريق (للسلوك) أي وضع لأن يسلك (عليه والمشي فيه والسعي) فيه .
قال رضي الله عنه : (لا يكون) ذلك المشي المعنوي (إلا بالأرجل) المعنوي كما أن المشي الصوري لا يكون إلا بالأرجل الصوري والمقصود من الحكمة الأحدية شهود أحدية ذاته تعالى من حيث كونها في كلمة هودية .
وما كان أحدية الذات في كلمة هودية إلا أخذ الحق النواصي وكونه على صراط مستقیم ولأجل مشاهدة هود عليه السلام أحدية الذات على هذا الطريق.
قال : "ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم" [هود: 56] فإذا لم يكن السلوك على الطريق إلا بالأرجل (فلا ينتج هذا الشهود) الأحدي الذي لا يحصل إلا (في أخذ النواصي) قوله رضي الله عنه :  ( بید من) يتعلق بالأخذ (هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص)، وهو علم الأرجل (من علوم الأذواق) فلا تكون هذه الحكمة الهودية إلا بالكسب والسلوك والمشي على الصراط المستقيم .
 
فلا بد هذا الشهود لكل أحد من الناس مطيعا كان أو مجرما بحسب أوقاتهم المقدرة لهم إذ ما منهم إلا وهو يمشي على الصراط المستقيم.
الذي يوصل من يسلك فيه إلى هذا الشهود فمنهم من يوصل صراط المستقيم إلى هذا الشهود في الدنيا ?الأنبياء والأولياء الفانين في الله والباقين به.
 
ومنهم من وصل في الدار الآخرة حتى أن المشركين يوصلهم صراطهم المستقيم إلى هذا الشهود في نار جهنم مؤبدا فيها لا ينفع لهم لعدم وقوعه في وقته فجمع الله عذابهم مع هذا الشهود .
فقد شرع في بيان ما يقوله بقوله تعالى: (" ونسوق المجرمين" [مریم: 86] وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم) أي ساق الله المجرمين (إليه) أي إلى ذلك المقام وهو مسمى بجهنم الذين استحقوه بسبب سلوكهم في الطريق المستقيم الذي يوصلهم إلى هذا المقام الذي يحصل لهم فيه هذا الشهود.
 
قال رضي الله عنه : (بريح الدبور) وهي الهواء التي فعلوا من مقتضيات أنفسهم وإنما سمي ريح الدبور لأنه يأتي من جهة الخلفية جهة الخلف (التي أهلكهم) الله (عن نفوسهم بها) أي بسببه ريح الدبور وأملاكهم تعذيبهم بهذه الريح في صورة النار فهلكوا عن أنفسهم فشاهدوا أن الحق هو الآخذ بنواصيهم والسائق إلى أن وصلوا إلى هذا النوع من العلوم الذوقية فإنهم وإن عذبوا إلى الأبد لكنهم يتحققون بهذا الذوق .
 
قال رضي الله عنه : (فهو) أي الله (الأخذ بنواصيهم) أي نواصي المجرمين (والريح تسوقهم وهي) الريح (عين الأهواء التي كانوا عليها) في الدنيا (إلى جهنم) متعلق بتسوق (وهى) أي جهنم (البعد الذي كانوا يتوهمونه) أي كونه جهنم بعيدا عن الحق في توهمهم لا في نفس الأمر فإن الله قريب من كل شيء.
قال رضي الله عنه : (فلما سائهم إلى ذلك الموطن) وهو جهنم (حصلوا) أي وجدوا (في عين القرب فزال البعد) المتوهم لعلمهم أن الله معهم في كل موطن (فزال مسمی جهنم في حقهم) من حيث أنه بعد لا من حيث أنه عذاب.
 
لذلك قال رضي الله عنه :  : (ففازوا بنعيم القرب) في جهنم ولم يقل بنعيم مطلقة فإن الفوز بنعيم القرب وهو مشاهدة الحق لا يوجب رفع العذاب في حق المخلدين كما تألم بعض المقربين في الدنيا
 
قال رضي الله عنه : (من جهة الاستحقاق) وإنما فازوا بنعيم القرب في جهنم (لأنهم مجرمون) أي الكاسبون الصفات الظلمانية الجاجية بشهود الحق فهذا الشهود اجر المجرمين فاستحقوا بسبب جرمهم بهذا المقام .
(فما أعطاهم) الله هذا المقام (الذوقي اللذيذ) الروحاني (من جهة المنه) أي بلا اكتساب منهم بل من جهة استحقاقهم بالمجاهدة والسلوك في الصراط المستقيم فلا يحصل علم الأرجل لأحد إلا من جهة الاستحقاق لا من جهة الفضل والمنة.
 
قال رضي الله عنه : (وإنما أخذوه) وإنما أخذ المجرمين هذا العلم الذوقي علم الأرجل من الله (بما) أي بسبب الذي استحقنه) أي استحقت هذا العلم الذوقي (حقائقهم) أي أعيانهم الخارجية (من أعمالهم التي كانوا عليها) في الدنيا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون فحصل لهم نتيجة هذا الكسب وهي علم اللذيذ في الويل (وكانوا) في الدنيا (في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم) فيوصل صراطهم لكونه مستقيما إلى مشاهدة ربهم وإنما كان سعيهم في أعمالهم على الصراط المستقيم ولم يكن على الصراط الغير المستقیم .
 
قال رضي الله عنه : (لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة) أي بيد من كان على الصراط المستقيم فلا يمكن انحرافهم عن صراط ربهم المستقيم فإذا كانت نواصيهم بيد ربهم الذي على صراط مستقیم.
 


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
 
قال رضي الله عنه : "وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل. فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق. «فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه. فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون. فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  "
ثم أخذ يبين المشي على الصراط المستقيم:
فقال: من الناس من يعرف صراط المستقيم فيمشي عليه ومن الناس من يجهله والصراط واحد لولا الجهل به ما اختلفت.
وقال: كل أحد يدعوا إلى الله، فأما العارفون: فيدعون إلى الله على بصيرة، وأما غير العارفين: فيدعون أيضا إلى الله لكن على جهالة، لأنهم الذين يأكلون من تحت أرجلهم فعلو مهم تأتي من قبل السفل.
ثم قال فمن عرف أن الحق عين الطريق عرف الأمر على ما هو عليه إلى قوله: فاعرف حقيقتك وطريقتك، فقد بان لك الأمر.
 قال: وهذا لسان حق فلا يفهمه إلا من فهمه حق.
قال: ولما كانت للحق اعتبارات في مراتب أسمائه مختلفة اختلفت الأفهام في تلقي علومها.
 


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
 قال رضي الله عنه : « وهذه الحكمة حكمة الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه : "لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ وَمن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " فإنّ الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه ، والسعي لا يكون إلَّا بالأرجل ، فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على الصراط المستقيم إلَّا هذا الفنّ الخاصّ من علوم الأذواق " .
يشير رضي الله عنه إلى : العلم الخصيص بالأرجل ، وهو العلم الحاصل بالكدّ والسعي والتعمّل في مراتب العلوم الظاهرة في المثال ، وفي التحقيق العلم الحاصل للأقدام من حيث هي أقدام وآلات سعي على الصراط.
 ولا نتيجة له في أخذ النواصي بيد الحق الذي هو على الصراط المستقيم إلَّا أن يقودها بموجب ما تسوق الأرجل في السلوك والسعي لا غير ، ولا يفيد إلَّا هذا الفنّ الخاصّ من علم الأذواق .
 
قال رضي الله عنه : « ويسوق المجرمين وهم الذين استحقّوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها ، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم وهي عين الأهواء التي كانوا عليها - إلى جهنّم وهي البعد الذي كانوا يتوهّمونه ، فلمّا ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب ، فزال البعد ، فزال مسمّى جهنّم في حقّهم ، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق" .
يشير رضي الله عنه إلى : أنّ المجرمين الذين يسعون في الأجرام والآثام إنّما تسوقهم الأهواء  التي يهوون بها في هوّة جهنّم إلى البعد الوهميّ من خلفهم وأدبارهم ، ولهذا سمّيت دبورا .
أي تسوقهم من أدبارهم أهواؤهم بزعمهم وفي نفس الأمر ، إنّما تسوقهم الأهواء بحسب ما يقودهم من بيده نواصيهم إلى غاياتهم التي استحقّوها بحسب استعداداتهم وسعيهم فيهم بحكم السائق والقائد .
فهم فنوا وهلكوا عنهم بحكمه ، فليسوا بحكمهم وقد توهّموا بعدا في بعد من حيث توهّمهم أنّهم هم الذين يسعون ويعملون ويمشون ويسلكون بأنفسهم إلى ما تخيّلوا من كمالات وهمية فانية .
فما يسعون إلَّا إلى ما يتوهّمونه ، وهو البعد ، والحقيقة تأبى ذلك ، فإنّهم إنّما يسعون بالحق في الحق للحق من حيث لا يعلمون ولا يشعرون ، فإذا بلغوا غاياتهم لم يجدوا ما عملوا شيئا ، لأنّهم وجدوا الله عاملا بهم ما عملوا ، ووجدوا الحق الذي به عملوا ما عملوا .
فإذا وفّقوا عند النهاية إلى الغاية على السرّ ، حصلوا في عين القرب ، فزال البعد في حقّهم ، فزال مسمّى جهنّم وهو البعد ، ففازوا بالقرب بسعيهم واستحقاقهم ، فإنّهم إنّما وصلوا إلى ما وصلوا بأرجلهم التي سعوا عليها .
وكانت أرجلهم عين الحق من حيث لم يعرفوا ، فلمّا عرفوا غرقوا في الذوق واللذّة القربيّة من حيث لم يعرفوا كذلك .
 
قال رضي الله عنه : " فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنّة ، وإنّما أخذوه بما استحقّه حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها ، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الربّ المستقيم ، لأنّ نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة ، فما مشوا بنفوسهم ، وإنّما مشوا بحكم الجبر " .
يعني رضي الله عنه : أنّهم في سعيهم الذي سعوا غير مختارين بالاختيار المعروف عرفا ، فإنّهم إنّما سعوا بموجب استعداداتهم الذاتية وبموجبها تعلَّقت المشيّة الإلهية بما يشبه الجبر ، فساقهم من أدبارهم بالدبور ، وأخذهم بنواصيهم جبرا ، حتى أوصلهم إلى ما استحقّوا بحسب مقتضيات ذواتهم لا باختيارهم المجعول فيهم ، فافهم .
 


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهذه الحكمة من علم الأرجل ، وهو قوله تعالى في الآكل لمن أقام كتبه ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ   فإن الطريق الذي هو الصراط المستقيم هو السلوك عليه والمشي فيه ، والسعي لا يكون إلا بالأرجل ، فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم ، إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق )
قال تعالى : " ولَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ والإِنْجِيلَ وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ".
 إقامة الكتب الإلهية : القيام بحقها بتدبر معانيها وفهمها وكشف حقائقها ودركها والعمل بها وتوفية حقوق ظهرها وبطنها ومطلعاتها لرزقوا العلوم الإلهية الذوقية والمعارف القدسية من فوقهم ، والأسرار الطبيعية التي أودعت القوابل السفلية من تحت أرجلهم ، فهذه الحكمة من علم الأرجل : أي من أسرار القوابل ، فإن الله مع القوابل كما هو مع الأسماء الفواعل ، ولهذا قال : لو دلى أحدكم دلوه لهبط على الله ، فالصراط الممدود عليها إذا سلك عليه بالأرجل وسعى السالكون عليه بالأقدام  في العمل بمقتضى العلم المستفاد من الكتب.
ورثوا هذا الفن الخاص من العلوم الذوقية ، أي علم أحكام القوابل فأنتج لهم شهود من أخذ النواصي بيده "وهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ " - يوصل من أخذ نواصيهم إلى غايتهم.
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( " ونَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ " - وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم ، وهو عين الأهواء التي كانوا عليها إلى جهنم ، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه )
فيسوق المجرمين الجرمانيين أهل الإجرام والآثام بحكم قائدهم الآخذ بنواصيهم ، فهو القائد والسائق إلى المقام الذي استحقوه بسعيهم على أرجلهم ، ريح الدبور المأمورة بسوقهم ، وهي أهواؤهم التي تسوقهم من أدبارهم ، أي من جهة خلفهم ولهذا سميت دبورا ، وهي جهة العالم الهيولاني إلى هوة جهنم البعد الذي يتوهمونه وهم يهوون بها ، بأهوائهم الناشئة من استعدادات أعياناتهم ، حتى أهلكهم السائق والقائد عن نفوسهم.
 
"" إضافة بالي زادة (ساقهم إليه ) أي إلى ذلك المقام وهو المسمى بجهنم الذي استحقوه بسلوكهم في الصراط المستقيم الذي يوصلهم إلى هذا المقام الذي يحصل لهم فيه هذا الشهود ( بريح الدبور ) وهي الأهواء التي فعلوا من مقتضيات أنفسهم ، وسمى بها لأنه يأتي من جهة الخلفية جهة الخلف . وإهلاكهم تعذيبهم بهذه الريح في صورة النار فهلكوا عن أنفسهم ، فشاهدوا أن الحق هو الآخذ بنواصيهم والسائق إلى أن وصلوا إلى هذا النوع من العلوم الذوقية ، فإنهم وإن عذبوا إلى الأبد لكنهم يتحققون بهذا الذوق اهـ بالى . ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق ، لأنهم مجرمون ) إنما حصلوا في عين القرب على الحقيقة لأن الحق الذي هو قائدهم معهم ، وإنما توهموا لبعد لأنهم كانوا يسعون إلى كمالات وهمية فانية تخيلوها فما وصلوا إلا إليها ، فزال البعد في حقهم فزال مسمى جهنم ، لأنهم بلغوا الغايات التي كانوا يطلبونها باستعداداتهم ، وذلك نعيمهم من جهة استحقاقهم لأن إجرامهم هو الذي اقتضى وصولهم إلى أسفل مراتب الوجود من عالم الأجرام.
 
"" إضافة بالي زادة ( فزال البعد ) المتوهم لعلمهم أن الله معهم في كل موطن ( فزال مسمى جهنم في حقهم ) من حيث أنه بعد لا من حيث أنه عذاب لذلك قال ( ففازوا بنعيم القرب ) في جهنم ولم يقل بنعيم مطلقا ، فإن الفوز بنعيم القرب وهو مشاهدة الحق لا يوجب رفع العذاب في حق المخلدين ، كما تألم بعض المقربين في الدنيا ( لأنهم مجرمون ) أي الكاسبون الصفات الظلمانية الحاجبة لشهود الحق ، فهذا الشهود أجر المجرمين فاستحقوا بسبب جرمهم هذا المقام اهـ بالى . ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها ، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم ، لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة)
أي إنما وجدوه بما اقتضاه أعيانهم من أعمالهم التي كانوا يسعون فيها وبمقتضى استعداداتهم الذاتية تعلقت المشيئة الإلهية بما كانوا يعملون في أعمالهم على صراط الرب المستقيم ، لأن نواصيهم بيد من هو على الصراط المستقيم ، فهو يسلك بهم عليه جبرا إلى أن وصلوا إلى عين القرب.
 
.
يتبع

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: