الأربعاء، 3 يوليو 2019

السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

السفر التاسع فص حكمة نورية في كلمة يوسفية الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

09 - The Wisdom Of Light In The Word Of Joseph  

الفقرة الخامسة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به. فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
قال رضي الله عنه : " وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به. فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.  وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق. فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا. فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. "
قال رضي الله عنه : (وحتى تعلم) أيضا يا أيها السالك (من أين)، أي من أي ذات مطلقة وجودية وهي الذات العلية (أو من أي حقيقة)، أي حضرة جامعة للذوات والأسماء كما مر .
(اتصف الحق) تعالی (بالغني عن الناس) بالخصوص كما قال تعالى : و (" الله غنى عنكم" ) [الزمر: 7].
قال رضي الله عنه : (و) بوصف (الغنی) أيضا (عن العالمين) بالعموم كما قال الله تعالى: " آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العلمين" [آل عمران: 97] .
من جهة أن النور الذي امتد به ظل الشخص عين الكمال وعين الغني، فلا يتصور منه افتقار أصلا إلى ظلمة الظل.
وكذلك الشخص من الوجه الذي يلي النور لا افتقار له أصلا إلى الظل بل الظل مفتقر إليه من هذا الوجه وإلى النور ليظهر عنهما كما قدمناه وافتقار الشخص من الوجه الذي يلي الظل إلى ظهور الظل عنه بوجهه الأول.
فهو عين افتقار المؤثر من حيث اسمه مؤثرة إلى الأثر من حيث هو أثر لأجل امتیاز الإلهية بعضها عن بعض، فإنه لا يميزها إلا الآثار كما مر.
فهو افتقار نسبي وهو عين ما سبق ما افتقار بعض ما سوى الله تعالى إلى بعض، وهو أيضا ما يأتي من غنى بعض العالم عن بعض.
فإن المفتقر من كل ما سوى الله قائم باسم إلهي.
والمستغني أيضا قائم باسم آخر إلهي.
فيظهر الافتقار والاستغناء لتمييز الحضرات الأسمائية بعضها عن بعض.
قال رضي الله عنه : (واتصف العالم) بفتح اللام ، أي ما سوى الله (بالغنى) النسبي أيضا ?الافتقار وهو مجرد نسبة الغنى دون حقيقة الغني، إذ حقيقة الغني ليست إلا الله تعالى وحده (أي يغني بعضه)، أي بعض العالم (عن بعض من وجه)، أي من جهة.
(ما هو)، أي ذلك الوجه (عين ما افتقر إلى بعضه)، أي العالم (به)، أي بذلك الوجه كالعطشان مثلا، فإنه غني عن لبس الثوب وعن الأكل ونحو ذلك من وجه كونه مفتقر إلى الماء باعتبار عطشه، وبالعكس، وهذا هو الغنى النسبي.
فإن العالم الذي هو سوى الحق (مفتقر) دائما إلى الأسباب التي تحصل بها حوائجه من الله تعالى قال رضي الله عنه : (بلا شك) أصلا كما هو المعلوم عند الكل افتقارة ذاتية ، أي من حيث ذاتية العالم فلا قيام له إلا بذلك، لأن ذلك أمر عرضي له (وأعظم الأسباب) المذكورة (له) أي للعالم (سببية الحق) تعالى وهي ملاحظة ذلك في عين الأسباب الظاهرة .
(ولا سببية للحق) تعالى (يفتقر العالم إليها) عند نفسه حيث هو يشاهد لها في عين الأسباب الظاهرة (سوى الأسماء الإلهية) من الوجه الذي يلي الآثار الكونية إذ من الوجه الذي يلي الذات الإلهية هي عين الذات الإلهية، والذات غنية عن العالمين كما مر.
قال رضي الله عنه : (والأسماء الإلهية) هي (كل اسم يفتقر العالم) بفتح اللام (إليه)، أي بعض العالم أو كله بالاعتبارين الآتيين (من) حيث ظهوره في (عالم مثله) وهي الأسباب الظاهرة. (أو) من حيث ظهوره في (عين الحق) تعالى وهي سببية الحق تعالى المذكورة (فهو)، أي كل اسم من الأسماء الإلهية (الله) سبحانه وتعالى (لا غيره) من الوجه الذي يلي الذات الإلهية كما مر.
قال رضي الله عنه : (ولذلك)، أي لكون الأمر كما ذكر (قال) الله تعالى: ("يا أيها الناس أنتم الفقراء") أي المفتقرون (إلى الله "والله هو الغني الحميد" ومعلوم) عند الكل.
(أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا) فيفتقر الجاهل إلى العالم ليعلمه، ويفتقر العالم إلى الجاهل ليخدمه.
ويفتقر الكافر الحربي إلى المسلم ليؤمنه ويكف عنه، ويفتقر المسلم إلى الكافر الحربي ليخرج من عهدة دعوته إلى الله وجهاده بقتله أو استرقاقه أو ضرب الجزية عليه السلام.
وهكذا في جميع الناس تفتقر الرعية إلى الملوك للحماية والحفظ وتنفيذ الأحكام بينهم، وتفتقر الملوك إلى الرعية في ظهور سلطانهم عليهم وظهور هيبتهم وحرمتهم فيهم.
قال رضي الله عنه : (فأسماؤنا) معشر الناس التي إلى آثارها يحصل افتقار بعضنا إلى بعض كما ذكرنا ، كاسم العالم مثلا الذي بسببه افتقر الجاهل إلى من هو اسمه ليعلمه.
واسم القادر الذي بسببه افتقر العالم إلى من هو اسمه ليخدمه به ، واسم المانع الذي بسببه افتقر المسلم إلى من هو اسمه من الكافر الحربي الممتنع عن الإسلام والجزية ،
واسم الحفيظ الذي افتقرت بسببه الرعية إلى من هو اسمهم من الملوك، واسم المعز الذي بسببه افتقرت الملوك إلى من هو اسمهم من الرعية (هي أسماء الله تعالی)، لأنه يظهر من ذلك الاسم العالم والقادر والمانع والحفیظ والمعز ولا شك أنها أسماء الله بلا شبهة .
قال رضي الله عنه : (إذ إليه)، أي إلى الله تعالى (الافتقار) من كل ما سواه (بلا شك) أصلا (وأعياننا)، أي ذواتنا معشر الناس مع جميع أحوالنا في الظاهر والباطن (في نفس الأمر) من جهة قيامنا بأمره سبحانه وفنائنا في وجهه أي توجه .
(ظله تعالی) كما مر في مثال انصباغ النور بلون الزجاج فهو النور ظاهر في لون الزجاج وهو الله تعالی (لا غيره) ظاهر في صور الممكنات العدمية بالعدم الأصلي كما سبق بيانه .
(فهو)، أي الله تعالى (هويتنا)، أي حقيقتنا وماهيتنا من حيث الوجود المطلق القديم على ما هو عليه في الأزل .
ومع ذلك أيضا (لا) هو تعالی (هويتنا)، أي حقیقتنا وماهيتنا من حيث أرواحنا وعقولنا وأنفسنا وأجسامنا وجميع أحوالنا الظاهرة والباطنة .
فإن هذه كلها أمور مم?نات، أي عدمية بالعدم الأصلي لولا ظهور الله تعالى بها ما ظهرت لنا ولا له سبحانه .
قال رضي الله عنه : (وقد مهدنا)، أي سوينا وأصلحنا وهيأنا (لك) أيها السالك (السبيل)، أي الطريق إلى معرفة الله تعالى المعرفة الذوقية التي يأخذها العقل من الحس بالكشف والذوق.
لأن المعرفة العلمية الخيالية التي يأخذها العقل من فهم كلمات الكتاب أو عبارات الشيوخ فإنها معرفة التصديق بوجود الله لا معرفة التحقيق بوجوده سبحانه، فانظر ماذا ترى في كل ما يظهر لك من الورى . 
تم فص الحكمة اليوسفية

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.  فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
قال رضي الله عنه :  (وحتى تعلم من این أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغني عن الناس والغنى عن العالمين واتصف العالم بالغني أي بغني بعضه عن بعض بالوجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به) يعني كما أنك اتصفت بالغني عن ظلك من حيث ذاتك كذلك اتصف الحق بالغني بحسب الذات عن العالم .
فإذا كان ظلك مفتقر إليك ومستغنيا عن غيرك فقد عرفت منه أن اتصاف بعض بالغني عن بعض ليس عین افتقاره إلى بعض كالولد بالنسبة إلى والده مفتقر من حيث ربوبيته ومستغني من حيث أنه عبد محتاج مثله.
فاحتیاجه من هذه الحيثية إلى الله لا إليه فما كان وجه استغنائه وجه افتقاره واستغناؤه لعدم سببية من وجه في وجوده .
وافتقاره لوجود سببية هذا البعض فكان افتقار البعض إلى البعض عین افتقاره إلى الحق فإن ذلك البعض من حيث الربوبية عين الحق .
وهو معنى قوله وبالفقر النبي عليه السلام فقد عرفت منه أيضا أن اتصاف الحق
بالغني عن الناس من أي جهة و بالافتقار إليه من أي جهة فغناؤه بحسب ذاته وافتقاره بحسب ظهور أحكامه .
و إنما افتقر العالم إلى الله سواء كان افتقارة كليا أو افتقار نسبيا (فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارة ذاتية وأعظم الأسباب له سببية الحق) أي أن يكون الحق سببا له لا غيره.
قال رضي الله عنه :  (ولا سببية للحق) أي ولا يمكن للحق أن يكون سببا للعالم (يفتقر العالم إليها) أي إلى هذه السببية (سوى الأسماء الإلهية) إذ ما دبر الحق العالم إلا بأيدي أسمائه فسبحان من دبر العالم بالعالم .
قال رضي الله عنه :  (والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه) سواء كان ذلك الاسم المفتقر إليه من جنس (العالم مثله) أي مثل المفتقر ?الوالد بالنسبة إلى الولد، فإنه اسم إلهي يفتقر إليه الولد في وجوده الخارجي مع أنه من العالم مثل الولد فلا يطلق الاسم على شيء إلا بسبب كونه محتاجة إليه للعالم .
(أو) تجلی من (عین الحق) فكيف كان (فهو) أي الاسم المفتقر إليه (الله) أي عين الحق باعتبار الربوبية (لا غيره) وإن كان غيره باعتبار الظلية إذ لا يحتاج إليه ولا يطلق عليه الاسم بهذا الاعتبار فكان العالم كله من الأسماء والأعيان وغيرها يفتقر إلى الله خاصة .
قال رضي الله عنه :  (ولذلك) أي ولأجل أن العالم كله محتاج إلى الله لا إلى غيره (قال الله تعالى : «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد» [فاطر: 15].
فالغناء لا يكون إلا لله والفقر لا يكون إلا للعالم (ومعلوم أن لنا افتقارة من بعضنا البعض فاسماؤنا) من جنسنا التي يحتاج إليها أسماء الله تعالى (وأسماء الله تعالی) عین ذاته من حيث الربوبية .
قال رضي الله عنه :  (إذ إليه الافتقار بلا شك) لا إلى غيره لأن الغير ظل الله والظل لا يقال فيه يفتقر إليه غيره (واعيننا) أي وجوداتنا الخارجية (في نفس) الأمر (ظله لا غيره) أي لا غير ظله أو لا غير الحق إذ ظل الشيء عينه.
قال رضي الله عنه :  (فهو) أي الحق (هويتنا) باعتبار ظهور هوية الحق فينا فلا امتیاز بهذا الوجه وهو وجه الأحدية (لا هويتنا) باعتبار ظهور الاختلاف فينا.
ولما كان هذا البيان أوضح الطريق وأقربه إلى معرفة الحق أوصي للسالكين بقوله: (وقد مهدنا لك السبيل) أي بسطنا و أوضحنا لك طريقة واسعة يوصل لمن سلك به إلى الحق فانظر) فيه تصل إلى مقصودك والله المعين.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.  فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
قال رضي الله عنه : " وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به. فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.  وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق. فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا. فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. "
وقوله في آخر الحكمة: و أعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره فهو هويتنا لا هويتنا فيه ما يتضح مشافهة إن شاء الله تعالی.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.  فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
قال رضي الله عنه : ( وحتى تعلم من أين أو من أيّ حقيقة اتّصف الحق بالغنى عن الناس والغنى عن العالمين ، واتّصف العالم بالغنى ، أي بغنى بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به ؟ فإنّ العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شكّ افتقارا ذاتيّا ، وأعظم الأسباب له سببيّة الحق) .
قال العبد : العالم بمألوهيته ومربوبيته ومخلوقيته وعدميته مفتقر إلى الموجد الله الربّ الخالق ، والله من حيث وجوده المطلق غنيّ عن الربوبية والمربوب والخالقية والمخلوق ، لأنّ العالم من حيث مجموعه وكلَّيته يفتقر إلى الموجد الخالق بالذات .
إذ لا وجود له من نفسه ، وكذلك يفتقر إلى أجزائه وأبعاضه التي بها تتحقّق كليته ومجموعه ، وكذلك الكلّ من حيث كلّ جزء جزء من العالم مفتقر إلى الحق في الوجود ، ويفتقر كل جزء جزء كذلك في وجوده إليه افتقارا ذاتيا حقيقيا ويفتقر إلى بعضه في تحقّق نسبة بعضه إلى البعض .
فانتشت النسب الافتقارية الكثيرة بالوجود الواحد إليه في الكلّ للبعض من البعض ، وإلى الكلّ وللكلّ إلى الكلّ ، ومع قطع النظر عن النسب فذواتنا وهي عين وجوداتنا قائمة بالذات المطلقة الواحدة في حقيقتها ، إذ لا حقيقة لغيرها ، فافهم .
قال رضي الله عنه : ( ولا سببيّة للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهيّة ) .
يعني رضي الله عنه : لا افتقار إلى سبب إلَّا في الإيجاد كالخالقية والرازقية وما شاكلهما ، وذوات الحقائق صور التعينات الذاتية الشؤونيّة ، فلا افتقار من حيث الذات العينية ، فإنّها عين العين الغنيّة بالغيبيّة ، فالافتقار بين النسب وهي الأسماء التي نحن صورها .
قال رضي الله عنه : (والأسماء الإلهية كلّ اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله ، أو عين الحق ، فهو الله لا غير ).
يعني : كافتقار الابن إلى الأب في وجوده ، والفرع إلى الأصل ، فهو الله لا غير ، إذ لا مفتقر ، فافهم .
قال رضي الله عنه : ( ولذلك قال الله تعالى “ يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله وَالله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ "  ومعلوم أنّ لنا افتقارا من بعضنا إلى البعض ، فأسماؤنا أسماء الله - تعالى - إذ إليه الافتقار بلا شكّ وأعياننا في نفس الأمر ظلَّه لا غيره ، فهو هويّتنا لا هويّتنا ، وقد مهّدنا لك السبيل ، فانظر ) .
قال العبد : يشير إلى أنّ الافتقار لمّا كان لنا ذاتيا ، لكوننا غير موجودين من حيث حقائقنا وأعياننا ، فما لنا وجود من أنفسنا .
وكذلك لنا افتقار إلى الوجودية الثبوتيّة من ذاته ، فعمّنا الافتقار إلى الله في الوجود وفي ظهور بعضنا للبعض ، ووصول آثار بعضنا إلى البعض به.
وكان الغنى في كل ذلك للذات المطلقة الواجبة الوجود بالذات ، فهو المفتقر إليه مطلقا في جميع أقسام الافتقار ، سواء كان افتقارا كلَّيا أو نسبيّا .
فالافتقار إلى هذا الغنيّ بالذات المغني بالأسماء الإلهية ، ولمّا كان الافتقار منّا إلى أسمائه ، ونرى افتقار بعضنا إلى البعض من وجه بالسببية والمسبّبية .
فنحن إذا صور أسماء الحق ، فعين افتقارنا إلينا هو عين افتقارنا إلى الحق ، فهو الغنيّ ونحن الفقراء ، فاعلم ما أشرنا إليه ، إن شاء الله الموفّق.


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.  فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
قال رضي الله عنه : ( وحتى تعلم من أين ومن أي حقيقة اتصف الحق بالغنى عن الناس والغنى عن العالمين ) أي تعلم أن الحق بذاته غنى عن العالمين لا بأسمائه ، فإنها تقتضي النسب إلى الخلق.
قال رضي الله عنه : ( واتصف العالم بالغنى : أي بغنى بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به ، فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا ) أي ومن أي حقيقة اتصف العالم بغنى بعضه عن بعض ، كغنى العناصر عن المواليد ، وغنى السمويات عن الأرضيات من حيث أنها لا تتأثر منها وما هو ، أي وليس وجه الغنى عين وجه افتقاره أي افتقار بعضه إلى بعض.
كافتقار العالم من حيث أنه كلى مجموعى إلى كل واحد من أجزائه ، وافتقار المسببات من أجزاء المواليد إلى أسبابها افتقارا ذاتيا لإمكانها بل بغنى بعضه عن بعض من وجه ، وافتقاره إلى ذلك البعض من وجه ، كاستغناء الماء في تبرده وجموده عن الشمس وافتقاره في حرارته وسيلانه إليها .
وفي الجملة إن العالم وإن عرض له الغنى بهذا الاعتبار فلا بد من الافتقار إلى أسبابه بالذات كالظل ، فإن الممكن في ذاته مفتقر إلى أسبابه .
قال رضي الله عنه : ( وأعظم الأسباب له سببية الحق ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية ) فإنه يفتقر إلى الإيجاد والربوبية والخالقية وأمثالها ، وهي لا تكون إلا بالأسماء لا في أعيانه ، فإن الأعيان غنية في كونها أعيانا عن السبب.
قال رضي الله عنه : (والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله ، أو عين الحق فهو الله لا غيره) .
أي الأسماء الإلهية ما يفتقر إليه العالم سواء كان ذلك الاسم المحتاج إليه من عالم مثله كاحتياج الابن إلى الأب في وجوده ورزقه وحفظه فإنها صور أسماء الحق ومظاهرها .
أو من عين الحق كاحتياج الابن في صورته وشكله وخلقته إلى الحق المصور الخالق وهو ليس من عالم مثله ، فذلك الاسم المحتاج إليه هو الله لا غيره .
أما الأول فلأن سببية الأب ليست من حيث عينه الثابتة ، فإنها معدومة بل من حيث وجوده وفعله وقوته وقدرته ، والوجود عين الحق الظاهر في مظهره ، والفعل والصورة والقدرة والقوة والرزق والحفظ توابع الوجود وصفات الحق وأفعاله .
"" إضافة بالي زادة :  (واتصف العالم بالغنى ) يعنى كما أنك اتصفت بالغنى عن ظلك من حيث ذاتك ، كذلك اتصف الحق بالغنى بحسب الذات عن العالم ، فإذا كان ظلك مفتقرا إليك ومستغنيا عنك فقد عرفت منه أن اتصاف بعض بالغنى عن بعض ليس عين افتقاره إلى بعض ، فالولد بالنسبة إلى والده مفتقر من حيث ربوبيته ومستغن من حيث أنه عبد محتاج مثله فاحتياجه من هذه الحيثية إلى الله لا إليه ، فما كان وجه استغنائه وجه افتقاره فاستغناؤه لعدم سببيته فمن وجه في وجوده وافتقاره لوجود سببية هذا البعض ، فكان افتقاره إلى البعض عين افتقاره إلى الحق ، فإن ذلك البعض من حيث الربوبية عين الحق .
وهو معنى قوله ( وبالفقر النسبي ) عرفت أيضا اتصاف الحق بالغنى عن الناس من أي جهة ، وبالافتقار إليه من أي جهة ، فغناؤه بحسب ذاته وافتقاره بحسب ظهور أحكامه ، وإنما افتقر العالم إلى الله كليا كان أو نسبيا ( فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك ) اهـ بالى زادة .
( ولا سببية للحق ) إذ ما دبر الحق العالم إلا بأيدي أسمائه ، فسبحان من دبر العالم بالعالم اهـ.
( من عالم مثله ) أي مثل المفتقر كالوالد بالنسبة إلى الولد ، فإنه اسم إلهي يفتقر إليه الولد في وجوده الخارجي ، مع أنه من العالم مثل الولد فلا يطلق الاسم على شيء إلا بسبب كونه محتاجا إليه العالم ( أو ) تجلى من ( عين الحق ) فكيف كان ( فهو ) أي الاسم المفتقر إليه ( الله ) أي عين الحق باعتبار الربوبية ( لا غيره ) وإن كان غيره باعتبار الظلية إذ لا يحتاج إليه ولا يطلق عليه الاسم بهذا الاعتبار ، فكان العالم كله من الأسماء والأعيان وغيرها يفتقر إلى الله خاصة اهـ .بالي زادة""

ليس للأب إلا القابلية والمظهرية لما علمت أن القابل لا فعل له بل الفعل للظاهر في مظهره وأما الثاني فظاهر ، فظهر أن المحتاج إليه ليس إلا الله وحده ، فقوله : كل اسم خبر المبتدأ ، يفتقر إليه العالم صفته ، ومن عالم مثله صفة بعد صفة ، أي ثابت كائن من عالم مثله أو عين الحق عطف على عالم مجرور ، أي أو اسم كائن ناشئ من عين الحق.
قال رضي الله عنه : ( ولذلك قال : " يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله والله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ".)
أي ولأنا من مكمن الإمكان ، والممكن بالنظر إلى ذاته دون موجده معدوم وقابل بالذات فكيف بالصفات والأفعال ، فالفقر لنا إلى الله من جميع الوجوه ذاتي ، والله وحده هو الغنى بالذات الحميد بالكمالات والصفات .
قال رضي الله عنه : ( ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا ، فأسماؤنا أسماء الله تعالى ) أي لما ثبت أن الافتقار العام لازم لنا لزم افتقار بعضنا إلى بعض على ما نشاهد افتقارا إلى أسماء الله فينا بتجليه لنا بها ، فأسماؤنا أسماؤه ونحن له مظاهرها فحسب ، ليس لنا شيء مفتقر إليه.
قال رضي الله عنه :  ( فهو هويتنا ) بظهور وجه الأحدية ( لا هويتنا ) باعتبار التعين والإضافة التي هو بها ظل (وقد مهدنا لك السبيل فانظر) في هذا الفص ليتضح لك .
"" إضافة بالي زادة :  ( ولذلك ) أي ولأجل أن العالم كله محتاج إلى الله لا إلى غيره ( قال تعالى: " يا أَيُّهَا النَّاسُ ") فالغنى لا يكون إلا لله ، والفقر لا يكون إلا للعالم اهـ بالى .
( فأسماؤنا ) من جنسنا التي نحتاج إليها أسماء الله تعالى ، وأسماء الله عين ذاته من حيث الربوبية إذ إليه الافتقار بلا شك اهـ. بالي زادة
( إذ إليه الافتقار بلا شك لا إلى غيره ) لأن الغير ظل الله والظل لا يقال فيه يفتقر إليه غيره ( وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره ) أي لا غير ظله أو لا غير الحق إذ ظل الشيء عينه ( فهو هويتنا ) باعتبار ظهور الحق فينا ، فلا امتياز بهذا الوجه وهو وجه الأحدية ( لا هويتنا ) باعتبار ظهور الاختلاف فينا اهـ. بالي زادة ""

قال رضي الله عنه : ( إذ إليه الافتقار بلا شك ) خاصة لا إلى غيره ( وأعياننا في نفس الأمر ظله ) باعتبار اسمه الباطن لأنها معلومات عينية ( لا غيره ) لأن اسم الباطن عينه باعتبار نسبة البطون ، وظله ووجوده مع قيد الإضافة .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.  فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر. )
( حتى تعلم من أين ومن أي حقيقة اتصف الحق بالغنى عن الناس والغنى عن العالمين ) . الحقيقة التي اتصف منها الحق بالغنى عن الناس ، ليست غير ذاته تعالى ، فهو غنى بذاته عن العالمين .

والحقيقة التي اتصف منها العالم يغنى بعضه عن بعض ، هو كون كل من أهل العالم عبدا لله محتاجا إليه في ذاته وكمالاته ، والعبد لا يملك شيئا ، فلا يحتاج إلى غيره ، بل كلهم يحتاجون
إلى الحق . فاستغنى بعضهم عن بعض من هذه الحيثية ، مع أن كلا منهم مفتقر إلى الآخر . فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا ، وإليه أشار بقوله :
( واتصف العالم بالغنى ، أي ، بغنى بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى
بعضه به ) . ( ما ) في الموضعين بمعنى ( الذي ) .
و ( به ) عائد إلى ( الوجه ) . أي ، اتصف بعض العالم بالغنى عن بعضه من الوجه الذي افتقر ذلك البعض إلى بعض آخر بسبب ذلك الوجه . والمقصود أن وجه الغنى هو بعينه وجه الافتقار.
وذلك لأن الوجه الذي افتقر به بعض العالم إلى بعض ، هو وجه عبودية ذلك البعض المفتقر إلى ربوبية الآخر .
والوجه الذي غناه به عن بعض آخر ، هو أيضا عبودية ، لأن وجه العبودية ظل ، والظل لا يحتاج إلى الظل . غاية ما في الباب ، أن متعلق الغنى هو عبودية من هو مستغن عنه وظليته ، ومتعلق الافتقار ربوبيته . فاتحاد جهتي الغنى والافتقار من طرف الغنى والمفتقر ، لا من طرف الآخر .

ويجوز أن يكون : ( من وجه ما ) بتنوين التنكير . أي ، من وجه من الوجوه ، وذلك الوجه بعينه وجه الافتقار ، والمعنى على حاله .
ويجوز أن يكون ( ما ) في ( ما هو ) بمعنى ( ليس ) . أي ، ليس وجه الغنى عين الوجه الذي به يحصل الافتقار . والأظهر أن المراد هو الأول ، لأن تغاير الجهتين أمر بين لا يحتاج إلى الذكر .
وقد مر مثله ، في الفص الثاني ، من قوله : ( وهو عالم من حيث ما هو جاهل ) .
( فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا ، وأعظم الأسباب له سببية الحق ) . لأن ما سواه ممكن مفتقر إليه ، وهو واجب بذاته . ( ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية ) .
أي ، لا سببية فيفتقر العالم إليها للحق سوى الأسماء الإلهية ، لأنه تعالى بذاته غنى عن العالمين ، ولا يطلب العالم إلا الأسماء ، فلها السببية .
(والأسماء الإلهية ، كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم ، مثله أو عين الحق ) .
أي ، الأسماء عبارة عن كل ما يفتقر العالم إليه في وجوده وكمالاته وذاته ، سواء كان ذلك الاسم المفتقر إليه من جنس عالم مثله ، كالوالد بالنسبة إلى الولد ، فإنه سبب وجوده وتحققه في الخارج - مع أنه من العالم . أو لا يكون من جنس العالم ، بل ناش من عين الحق وتجل من تجلياته ، كالأرباب للأعيان .

ويجوز أن يكون ( من عالم ) بيان قوله : ( كل اسم ) . أي ، الاسم الإلهي .
كل عين يفتقر العالم إليها ، سواء كانت عينا من الأعيان الموجودة أو الثابتة العلمية ، أو عين الحق ، كافتقار الولد إلى عين الأبوين في كونهما سببا لوجوده .
وكافتقارنا في وجودنا إلى أعياننا العلمية ، لأنه ما لم يوجد في العلم ، لم يوجد في العين .
وكافتقارنا إلى الأسماء التي الأعيان الثابتة مظاهرها ،وهي الذات الإلهية باعتبار كل من الصفات .
فالاسم يطلق على الأعيان الموجودة والأعيان الثابتة التي هي مسمى العالم ، لكن من وجوه ربوبيتها ، لا من وجوه عبوديتها ، كما يطلق على أربابها ، وهي الذات مع كل واحد من صفاتها .

( فهو "الله" لا غيره . ولذلك قال : " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد ") .
أي ، فالاسم المحتاج إليه ، هو عين الله لا غيره ، سواء كان  من جنس العالم ، أو لم يكن ، لأنه إنما صار مفتقرا إليه باعتبار ربوبيته ، وهي لله تعالى لا لغيره .
وأيضا الوجود هو الله ، والكمالات اللازمة له من الرزق والحفظ والربوبية كلها لله ، فليس للعين من حيث إنه عالم إلا العجز والنقص وأمثالهما ، كلها راجعة إلى العدم ، فالعين من حيث إنها مغائرة للحق ، ليست إلا العدم .
ولكون الفقر لازما لعين العالم ، قال تعالى : " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد" .
(ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا . فأسماؤنا ) أي ، أسماؤنا الكونية ، هي (أسماء الله) . باعتبار التنزل والاتصاف بصفات الكون .
أو ذواتنا أسماء الله تعالى ، من حيث الربوبية والصفات الكمالية . وأسماؤنا الملفوظة أسماء تلك الأسماء ( إذ إليه ) أي ، إلى الله . ( الافتقار بلا شك ) . لا إلى غيره .
وإنما قال : ( أسماؤنا أسماء الله ) . ولم يقل : ذواتنا ، ليشمل أسماء الأسماء ، لأنها أيضا أسماؤه تعالى ، إذ هو الذي يتنزل بحسب المراتب ، فيتصف بصفات الأكوان ، ويتسم بأسماء الأعيان ، كما قال رضي الله عنه  : وهو المسمى بأبي سعيد الخراز وغيره .
"" أضاف الجامع : قال الشيخ رضي الله عنه فى الفص الرابع فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية : "قال الخراز رحمه الله تعالى، وهو وجه من وجوه الحق ولسان من ألسنته ينطق عن نفسه بأن الله تعالى لا يعرف إلا بجمعه بين الأضداد في الحكم عليه بها.
فهو الأول والآخر والظاهر والباطن. فهو عين ما ظهر، وهو عين ما بطن في حال ظهوره. وما ثم من يراه غيره، وما ثم من يبطن عنه، فهو ظاهر لنفسه باطن عنه.
وهو المسمى أبا سعيد الخراز وغير ذلك من أسماء المحدثات".أهـ""
( وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره ، فهو هويتنا لا هويتنا ) . أي ، أعياننا الثابتة والموجودة كلها ظله ، وظل الشئ عينه باعتبار ، فالحق هويتنا من هذا الوجه ، لا هويتنا من حيث امتياز الظل عن المظل .
ولما كان هذا التحقيق إيضاحا للحق وطريقه ، قال : ( وقد مهدنا لك السبيل ، فانظر ) أي ،عينا لك طريق الحق ، فانظر فيه تجده.
والله أعلم بالصواب .

.
يتبع

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: