الثلاثاء، 2 يوليو 2019

الفقرة الثالث عشر الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالث عشر الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالث عشر الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالث عشر : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين . و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين . نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين .  يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
(فلم يبق) في الوجود (إلا صادق الوعد) من قوله تعالى : ولا "كان صادق الوعد" (وحده)، وزال كان لأنها زمانية والزمان عرض مم?ن واسمها المستتر وهو ضمیر إسماعيل عليه السلام، لأنه ممكن أيضا.
وقد زال الممكن وبقي الواجب وهو الله تعالى، فكان ثناء منه تعالى على نفسه سبحانه بأنه "صادق الوعد" (وما لوعيد الحق) تعالى في الشر (عين)، أي حقيقة (تعاين) بالبناء للمفعول من المعاينة وهي التحقق، أي ليس الوعيد بأمر محقق بل هو موهوم كأحوال أهل الوعيد في الدنيا فإنهم في التباس من الحق تعالی، واشتغال بالباطل الموهوم فجزاؤهم في الآخرة كذلك، لأنه عين أعمالهم كما قال عليه السلام: «إن هي إلا أعمالكم تحصى لكم فترد عليكم».
فالنار والعذاب والزبانية والحميم والحيات والعقارب والسلاسل والأغلال، كل ذلك كائن إلى أبد الآبدين في حق الكافرين وإلى أمد معلوم في حق عصاة المؤمنين.
ولكن كل ذلك نظير أحوالهم في الدنيا وأعمالهم وما التبس عليهم واشتغلوا به من الأباطيل؛ ولهذا يبقون فيه ولا يفنون ولا ينمحقون، فالقوة الواهمة هي المستولية عليهم في الحياة الدنيا .
وفي الآخرة بالعكس من أهل الجنة، فإن الوهم ليس له استيلاء على أحد من أهل الجنة في الدنيا ولا في الآخرة لملازمة التحقيق ومتابعة الحق والمداومة في الصدق، فجزاؤهم هوالحق على ما عملوا من الحق.
(وإن دخلوا)، أي أهل الوعید (دار الشقاء) في يوم القيامة وهي جهنم (فإنهم) يبقون فيها كما ورد في حقهم من أنواع العذاب، ولكنهم بعد ذهاب استيلاء الوهم
عليهم وتحققهم في أنفسهم بوضع الجبار قدمه كما ورد في الحديث: «لا تزال النار يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع الجبار قدمه فيها فتقول قط قط " إلى آخره، أي يكفي يكفي (على لذة فيها)، أي في دار الشقاء لموافقة أمزجتهم لذلك وهو (نعیم) آخر (مباین)، أي مخالف (نعیم جنات)، أي جنات (الخلد) فلكل قوم نعيم يليق بهم ويذوقونه دون الآخرين.
(فالأمر) الإلهي (واحد) في أهل النار وفي أهل الجنة وعند الفريقين لذة ونعيم باعتبار شهود الأمر الواحد والممد الواحد الذي قال : "كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا "  [الإسراء: 20] .
(وبینهما)، أي بين نعيم أهل النار ونعيم أهل الجنة (عند التجلي) على أهل النار الذي ?ني عنه بوضع القدم كما مر في الحديث (تباين) أي تباعد، فنعيم أهل النار صورته صورة عذاب ونكال وحميم وسلاسل وأغلال، ونعيم أهل الجنة صورته صورة تمتع بالحور والولدان والقصور وأنواع اللذائذ، فنعيم أهل النار نعیم روحاني، ونعيم أهل الجنة نعیم جسماني، وذلك بعد استغاثتهم من العذاب وقولهم: يا مالك ليقض علينا ربك، من كثرة استيلاء الأوهام على نفوسهم كما كانوا في الدنيا جزاء وفاقا .
فإذا تحققوا بوضع القدم زال ذلك عنهم وانطبقت عليهم جهنم، وتلذذوا بالعذاب حيث كان معروفا عندهم على التحقيق أنه صادر من المحبوب الحقيقي الذي هو رب الأرباب، فإن لذة أهل الجنة في تعذيب المحبوب لهم، وتعذيبه يرونه عذبة ولا يحسون بالألم فيه.
وكذلك أهل النار إذا كشف عنهم الحجاب فالعذاب بمعنى الألم، والعقوبة إنما هو في الحقيقة نفس الحجاب الذي كانوا محجوبین به وذلك في الدنيا، وفي القيامة فقط .
كما قال تعالى :"إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون" [المطففين : 15]، أي في يوم القيامة، فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار انقضى يوم القيامة، وجاء يوم الخلود .
كما قال تعالى: " ذلك يوم الخلود"  [ق: 34]، فإذا زال الحجاب بالتجلي على أهل النار، المكنى عنه في الحديث بوضع القدم، والمشار إليه في قوله تعالى : "فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب " [الحديد: 13] الآية.
فالباطن الذي فيه الرحمة هو التجلي، والعذاب في الظاهر، فعند ذلك ينقلب العذاب عذوبة لهم مع بقائه كما كان على الأبد.
ولهذا قال:
(یسمی)، أي ذلك العذاب عذاب أهل النار (عذابا ) مشتقا (من) العذوبة وهي الحلاوة لأجل (عذوبة طعمه) في أذواقهم وإن بقيت عينه في الظاهر معاقبة وإيجاعا (وذاك)، أي ما هو في الظاهر من صورة المعاقبة (له)، أي لما في الباطن من اللذة والعذوبة.
(كالقشر) الذي يكون للبوب والحبوب (والقشر صائن)، أي حافظ ساتر لما في داخله من اللب، وذلك بعد استيفاء مدة ما هم فيه من استيلاء الأوهام على خیالاتهم الفاسدة حتى يتحققوا بالواحد الحق في كل ما التبس عليهم فيه، ويشهدونه في الظواهر والبواطن، ويرجعون إلى ما كانوا فيه من البواطن .
وهذه المسألة من الأسرار ولا طريق إليها من جانب أهل العقول والأفكار، وليس فيها مصادمة شيء من ظواهر أحكام الشريعة، ولا مخالفة لما عند علماء الظاهر بحسب الظاهر أن أسرار البواطن مستورة عن المقيد بأغلال الطبيعة .
تم فص الحكمة الإسماعيلية.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
والطلب المرجح لوقوع الوعيد هو الذنب وذلك يرتفع بوعده تعالى تعالى بقوله: "ونتجاوز عن سيئاتهم" [الأحقاف: 16] فإن وعده واجب الوقوع في كل عبد فزال ونوع الوعيد وقت ونوع التجاوز وليس التجاوز في حق الكفار التخليص عن ألم النار ، بل المراد بالتجاوز حصول الرحمة الممتزجة بألم النار .
فإذا زال صدق الوعيد شعر:
(فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين)
(فلم يبق إلا صادق الوعد وحده وما) أي ليس (لوعيد الحق عين تعاين) على البناء للمفعول أي شخص تعین له العذاب الخالص عن الرحمة على الأبد بالنصر (وإن دخلوا) أي الأشقياء (دار الشفاء فإنهم على لذة فيها) أي في تلك الدار (نعيم مباین) خبر مبتدأ محذوف (نعيم) منصوب بمباین
(جنان الخلد فالأمر) أي نعيم جنات الخلد ونعيم دار الشفاء (واحد وبينهما) أي بين النعيمين (عند التجلي) أي عند الظهور (تباين) لأن نعيم الجنان رحمة خالصة عن العذاب ونعيم دار الشقاء رحمة ممتزجة لا يخلو عن العذاب أصلا.
فكانا عند التحقيق واحدة داخلا في حد النعم ومتباينان عند التجلي فهذا هو معنى قوله في الأمر واحد بينهما عند التجلي تباین.
(یسمی) نعيم دار الشقاء (عذابا من عذوبة طعمه) أي لأجل عذوبة طعم هذا النعيم لأهله،  يعني كما أن العذاب الاصطلاحي متحقق في الكفار في دار جهنم .
كذلك العذاب اللغوي وهو اللذة متحقق فيهم فكانوا جامعين بينهما ومنحققين بهما على الأبد.
يدل على ذلك : (وذاك) أي عذابهم (له) أي لنعيمهم (كالقشر والقشر صائن) أي حافظ للبه ، فلا يزال العذاب صائنا للبه وهو نعيمهم .
فلا يزال العذاب الاصطلاحي عنهم أبدا كما هو مذهب أهل السنة فإن المصنف قسم الرحمة إلى رحمة ممتزجة بالعذاب وإلى رحمة خالصة من العذاب .
ثم قال لا يكون هذه الرحمة في الدار الآخرة إلا لأهل الجنان ثم أثبت النعيم المباين لأهل الشقاء.
فالنعيم هو عين الرحمة عنده وعند سائر أهل الله .
فالنعيم منه نعیم خالص مختص بأهل الجنان ومنه نعيم ممتزج بالعذاب مختص بأهل جهنم .
وبعض الشارحين حمل كلامه على خلافه مراده ، وقال في شرح كلامه في هذه المسألة أن العذاب منقطع مطلقا عن الكفار .
ومن ذلك ظن بعض الناس السوء على الشيخ وعلى أهل الله الذي على طريقته في العلم بالله تعالى .
وسنطلع حقيقة هذا المقام في آخر الفص الهودي إن شاء الله تعالی.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
قال الشيخ :" فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند  التجلي تباين يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
الذات واحدة والأسماء مختلفة والأبيات الباقية ظاهرة المعنى مما سبق۔
قوله: الثناء بصدق الوعد إلى قوله: طلب المرجح.
يعني أن اسماعیل صادق الوعد فأثنى الحق عليه بذلك فالحق أولى، والحضرة تطلب الثناء وهو بصدق الوعد لا يصدق الوعيد وهذا القدر مرجح لحصول الموعود به لا حصول المتوعد به، والأبيات تشرح ذلك وحاصلها أن أهل النار يتنعمون فيها، واشتقاق العذاب من العذوبة واللب الطيب لا يضر أن يكون له قشر غير طيب.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
قال رضي الله عنه: " فلم يبق إلَّا صادق الوعد وحده .  وما لوعيد الحق عين تعاين وإن دخلوا دار الشقاء فإنّهم  ... على لذّة فيها نعيم مباين نعيم جنان الخلد والأمر واحد ...  وبينهما عند التجلَّي تباين يسمّى عذابا من عذوبة طعمه.... وذاك له كالقشر والقشر صائن "
قال العبد أيّده الله به: قرّررضي الله عنهأنّ مواعيد الله لعبيده لا بدّ من تصديقه ، فإنّ الله يحقّق مواعيده بخلاف إيعاده وتهديده ، فإنّ الله يعفو ويتجاوز ولا يؤاخذ بما أوعد وتوعّد ، كما قال بعض التراجم في مقام العفو .
شعر :
« وإنّي إذا أوعدته أو وعدته   .... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي »
وبعد أن قرّر ما تقرّر بيّن وعيّن أنّ العبيد وإن استحقّوا العقاب ودخلوا دار الشقاء وهي جهنّم فلا بدّ أن تسبق رحمته غضبه في الأخير ، فينقلب العذاب عذابا عند أهل النار ، وأنّ عواقب أهل العقاب ، لا بدّ أن تئول إلى الرحمة بعد الأحقاب ، وذلك
لأنّ أهل النار الذين هم أهلها إذا أدخلوا كانوا على أحوال ثلاث :
فالأولى : يسلَّط فيها العذاب على ظواهرهم وبواطنهم ، فيكفّر بعضهم ببعض ، ويلعن بعضهم بعضا ، ومأواهم النار ، وما لهم من ناصرين ، فيقول الضعفاء للذين استكبروا " رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً من النَّارِ ".
وقالوا " أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوه ُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ " وقالوا " إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً من النَّارِ " و " قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ ".
وأمثال هذه المخاصمات والمحاكمات والمجاوبات في المخاطبات والمعاتبات التي يختصم بها أهل النار في النار والعذاب ، قد أحاط بهم سرادق ناره وتسلَّط على ظواهرهم وبواطنهم بشراره .
والحالة الثانية وهي الوسطى: لمّا يئسوا أن يخفّف عنهم العذاب ، وأسمعهم " اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ " الخطاب ، فمكَّنوا أنفسهم أن لا بدّ من أن تعبر عليهم بالعذاب والعقاب الأحقاب ، فطفق بعضهم يعتذر إلى البعض ، ويقيم كلّ منهم أعذار الآخرة فيتحاللون ويقولون " سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا من مَحِيصٍ " وقالوا " بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ " وهم قد رضوا بالعذاب ، ووطَّنوا نفوسهم على الصبر على العقاب ، وأراح الله عند ذلك بواطنهم عن العذاب الشديد و" نارُ الله الْمُوقَدَةُ . الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ " ورفع العذاب عن قلوبهم .
ثمّ الحالة الثالثة وهي الأخيرة وذلك بعد مضيّ الأحقاب ، إنّهم يتعوّدون بالعذاب ، وبالغون تعاقب العقاب ، حتى لا يحسّوا بحدّته ، ولا يتألَّموا بشدّته وطول مدّته ، ويلقي الله على أعضائهم وجلودهم الخدر ، حتى لا يحسّوا به ، ووضعهم في هذه الحالة ، كما قال الله تعالى: " لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى " ، ثم يزداد تألَّفهم وإلفهم بذلك.
حتى أنّهم يتغذّون به ولا يتعذّبون ، بل يعذب لهم عذابها ، فيلتذّون ويستعذبون بحيث لو هبّ عليهم نفحة من صوب الجنّة وفوحة من نعيم الرحمة ، لعذّبوا وتألَّموا وسئموا ذلك وتبرّموا كالجعل وتعوده وتغذّيه بالقاذورات وتعوّذه وتعذّبه برائحة الورد.
فهذا لهم نعيم يباين نعيم أهل الجنان والحقيقة واحدة ، فإنّ التذاذه استعذاب ، وارتفاع الآلام عذاب وعقاب ، فأهل النار في النار على نعيم يباين نعيم أهل الجنان وإن وجدنا عند نسبة بعض التجلَّيات إلى البعضبين النعيمين بونا عظيما وتفاوتا بيّنا عميما .
فإنّ نعيم أهل النار من رحمة أرحم الراحمين بعد مآل العذاب إلى النعيم ، والغضب إلى الرحمة ، ونعيم أهل الجنان نعيم محض ولذّة خالصة ورحمة صافية من حضرة الرحمن الرحيم ، وعين الامتنان الجسيم ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
قال رضي الله عنه : (فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين)
( فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ) أي لا صادق الوعيد لوجوب صدق وعده بالتجاوز ، وعدم تنفيذ الوعيد لقوله – " وما نُرْسِلُ بِالآياتِ " - أي آيات الوعيد " إِلَّا تَخْوِيفاً " .
ولعلهم يتقون ولأن الثناء لا يتوجه بالوعيد والحضرة الإلهية طالبة للثناء كما ذكر ، فثبت أن الإيعاد إنما يكون للتخويف لإيقاع الوعيد الزائل إمكان تحقيقه بتحقق تحقيق الوعد بالتجاوز والمنافاة ، وتحقيق الوعد للثناء
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين 
( مع أنه توعد ذلك ) أي على الشيء ، فدلت هذه الآية على أن الله يطلب بذاته من عباده الثناء المحمود ، وأن ذلك لا يحصل إلا بصدق وعده عباده وبالتجاوز عن سيئاتهم ، فعم التجاوز للخالدين في النار أبدا بحصول النعيم الممتزج بالعذاب لهم فيثنون على الله بذلك ، فعم الثناء المطلوب ( فأثنى على إسماعيل ) فالثناء المحمود سواء كان من العبد على الحق أو من الحق إلى العبد لا يكون إلا بصدق الوعد ( وقد زال الإمكان ) أي زال بدلالة النص إمكان وقوع الوعيد على الأبد ( في حق الحق لما فيه ) أي في وقوع الإمكان ( من طلب مرجح ) وطلب المرجح لوقوع الوعيد هو الذنب ، وذلك يرتفع بوعده تعالى بالتجاوز ، فإن وعده واجب الوقوع في كل فزال وقوع الوعيد وقت وقوع التجاوز ، والتجاوز في حق الكفار حصول الرحمة الممتزجة بألم النار بحيث لا ينقص عن الألم الأول ، فإذا زال صدق الوعيد .
( فلم يبق إلا صادق الوعد وحده عين تعاين ) على البناء للمفعول أي شخص تعاين العذاب الخالص عن الرحمة على الأبد ( نعيم مباين ) خبر مبتدإ محذوف ( نعيم ) منصوب بمباين ( جنان الخلد فالأمر ) أي نعيم جنان الخلد ونعيم دار الشقاء واحد ( وبينهما ) بين النعيمين ( عند التجلي ) عند الظهور ( تباين ) لأن نعيم الجنان رحمة خالصة عن العذاب ، ونعيم دار الشقاء رحمة ممتزجة لا تخلو عن العذاب أصلا ، فكانا عند التحقيق واحدا داخلا في حد النعمة ومتباينان عند التجلي ( يسمى ) نعيم دار الشقاء ( عذابا من عذوبة طعمه ) لأهله ، يعنى كما أن العذاب الاصطلاحي متحقق في الكفار في دار جهنم كذلك العذاب اللغوي وهو اللذة ، فكانوا جامعين بينهما ( وذاك ) أي عذابهم .
""  إضافة بالي زادة    الوعد والنجا وزمن الحق في حق كل عبد على حسب ما يليق بذواتهم حتى يحصل له الثناء المحمود من كل عبد على حسب مراتبهم اهـ
( فيثنى عليها بصدق الوعد ) أي لما طلب الذات الإلهية بذاته الثناء المحمود لا يثنى عليها إلا بصدق وعده وهو ( بالتجاوز ) عن سيئاتهم يدل على ذلك قوله تعالى - فَلا تَحْسَبَنَّ الله "  اهـ بالي زادة .
( ولم يقل ووعيده ) لعدم الثناء المحمود بذلك مع أنه .اهـ بالى زادة  ""

( له ) أي لنعيمهم ( كالقشر والقشر صاين ) أي حافظ اليه ، فلا يزال العذاب صاينا للبه وهو
لما تقرر أن المواعيد لا بد من تحققها والإيعاد قد يجاوز عنه ولا يوجد بما أوعد عليه ، قال بعض التراجم فيه :وإني إذا أوعدته أو وعدته
لمخلف إيعادى ومنجز موعدي قال : وإن دخلوا دار الشقاء وهي جهنم لاستحقاق العقاب فلا بد أن يؤول أمرهم إلى الرحمة ، لقوله « سبقت رحمتي غضبى » فينقلب العذاب في العاقبة عذبا ، وذلك أن أهل النار إذا دخلوها وتسلط عليهم العذاب بظواهرهم وبواطنهم هلكهم الجزع والاضطرار ، فيكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا متخاصمين متقاولين .
كما نطق به كلام الله في مواضع :
وقد  "أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها "  فطلبوا أن يخفف عنهم العذاب أو أن يقضى عليهم ، كما حكى الله عنهم بقوله ليقض علينا ربك أو أن يرجعوا إلى الدنيا فلم يجابوا إلى طلباتهم .
هل أخبروا بقوله : " لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ ولا هُمْ يُنْظَرُونَ " ؟
وخوطبوا بمثل قوله : " إِنَّكُمْ ماكِثُونَ " ، " اخْسَؤُا فِيها ولا تُكَلِّمُونِ "  فلما يئسوا وظنوا أنفسهم على العذاب والمكث على ممر السنين والأحقاب ، وتغللوا بالأغلال ومالوا إلى الاضطراب. 
وقالوا : " سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا من مَحِيصٍ "  .
فعند ذلك دفع الله العذاب عن بواطنهم وخبت نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة ، ثم إذا تعودوا بالعذاب بعد مضى الأحقاب ألفوه ولم يتعذبوا بشدته بعد طول مدته ولم يتألموا به وإن عظم .
ثم آل أمرهم إلى أن يتلذذوا به ويستعذبوه حتى لو هب عليهم نسيم من الجنة استكرهوا وتعذبوا به كالجعل وتأذيه برائحة الورد لتألفه بنتن الأرواث ، والتناسب الحادث بين طباعه والقاذورات.
فذلك نعيمهم الذي تباين نعيم أهل الجنان والأمر واحد ، أي أمر الالتذاذ والتنعم بينهم وبين أهل الجنان واحد ، واشمئزازهم عن نعيم الجنان كاشمئزاز أهل الجنة عن عذاب النيران ، وبينهما أي بين نعيم أهل الجنة ونعيم أهل النار عند تجلى الحق في صورة الرحمن بون بعيد .
ولهذا ورد في الحديث « سينبت في قعر جهنم الجرجير ولا ينبت الورد والفرفير » .
فإن نعيم أهل النار من رحمة أرحم الراحمين لحدوثه بعد الغضب والعذاب ، ونعيم أهل الجنة من حضرة الرحمن الرحيم ، والامتنان الجسيم ، فإذا آل العذاب إلى نعيم يسمى عذابا من عذوبة طعمه ، فيكون الأمر بينهم نعيمهم ، فلا يزال العذاب الاصطلاحي عنهم أبدا كما هو مذهب أهل السنة ، فإن الشيخ قسم الرحمة إلى رحمة ممتزجة بالعذاب ، وإلى رحمة خالصة من العذاب اهـ.
اعلم أن الشيخ قدس سره قسم الرحمة إلى رحمة ممتزجة بالعذاب ، وإلى رحمة خالصة من العذاب .
ثم قال : ( لا تكون هذه الرحمة في الدار الآخرة إلا لأهل الجنان ثم أثبت النعيم المباين لأهل الشقاء ، فالنعيم هو عين الرحمة عنده وعند سائر أهل الله ، فالنعيم منه نعيم خالص مختص بأهل الجنان ، ومنه نعيم ممتزج بالعذاب مختص بأهل جهنم ، وبعض الشارحين حمل كلامه على خلاف مراده ).
وقال في شرح هذه المسألة : إن العذاب منقطع مطلقا عن الكفار ، ومن ذلك ظن بعض الناس السوء على الشيخ رضي الله عنه وعلى أهل الله ، وستطلع حقيقة هذا المقام في آخر الفص الهودى إن شاء الله تعالى اهـ.
يعقوب عليه السلام تزوج ليا بنت لايان بن تنويل ابن باخور أخي إبراهيم عليه السلام ، فولدت له روبيل وشمعون ولاوى ويهوذا ، ثم تزوج عليها أختها راحيل  وبين أهل الجنة في العذوبة واللذة واحدا .
وذلك أي نعيم أهل النار كنعيم أهل الجنة كالقشر لكثافة ذلك ولطافة هذا ، كالتبن والنخالة للحمار والبقر ، ولباب البر للإنسان والبشر ، والقشر صاين أي حافظ اللب .
فكذا أهل النار محامل يتحملون المشاق لعمارة العالم ، وأهل الجنة مظاهر يتحققون المعارف والحقائق لعمارة الآخرة ، فيحفظونهم عن الشدائد ويفرغونهم لملازمة المعابد .
انتهي الفص الإسماعيلي


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... و ما لوعيد الحق عين تعاين
و إن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... و بينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... و ذاك له كالقشر و القشر صاين ).
قال رضي الله عنه : (فلم يبق إلا صادق الوعد وحده  ..... وما لوعيد الحق عين تعاين)
أي، إذا زال سبب الوعيد، فلم يبق إلا تحقق الوعد وحده، لأنه صادق في وعده.
وما بقى لوعيد الحق (عين تعاين) على البناء للمفعول لزوالها بالمغفرة والعفو فيحق العاصين. وأما في حق الكافرين والمنافقين، لانقلاب عذابهم بنعيم يناسبهم.
كما قال : (وإن دخلوا دار الشقاء فإنهم على لذة فيها) أي في تلك الدار (نعيم مبائن) أي، لنعيم الجنان.
فإن نعيم النفوس الطيبة لا يكون إلا بالطيبات، ونعيم النفوس الخبيثة لا يكون إلا بالخبيثات. كالتذاذ الجعل بالقاذورات وتألمه بالطيبات.
قال تعالى: "الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات والخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات."
(نعيم جنان الخلد فالأمر واحد  ..... وبينهما عند التجلي تباين)
(نعيم) منصوب على أنه مفعول (المبائن). أي، مبائن لنعيم جنات الخلد.
قوله: (فالأمر واحد) - إلخ إشارة إلى أن التجلي الإلهي على السعداء والأشقياءفي الأصل ليس إلا واحد، كقوله: (وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر).
والتعدد والتباين إنما يقع بحسب القوابل، وكل منها يأخذ بحسب استعداده وقابليته، كماء واحد نزل من السماء فصار في موضع سكرا وفي موضع حنظلا.
(يسمى عذابا من عذوبة طعمه  .... وذلك له كالقشر والقشر صائن)
أي، يسمى ذلك النعيم الذي لأهل الشقاء عذابا، لعذوبة طعمه بالنسبة إليهم.
فإن (العذاب) مأخوذ من (العذب) في الأصل، وذاك، أي لفظ العذاب، له،أي للعذب، كالقشر، والقشر صائن للبه من الآفات.
فلفظ (العذاب) يصون معناه عن إدراك المحجوبين الغافلين عن حقائق الأشياء.
أو يكون (ذاك) إشارةإلى نعيم أهل النار، أي، ذلك النعيم كالقشر لنعيم أهل الجنة، إذ (الجنة حفت بالمكاره).
ألا ترى أن التبن نعيم الحيوان والبر المحفوظ به نعيم الإنسان.
وبعد أن فرعنا من حل تركيبه وبيان معناه، فلنشرع في تحقيقه ومبناه، لأنهمن أهم المهمات، وقليل من يعرف أصول هذه المقامات. فنقول:
اعلم، أن المقامات الكلية الجامعة لجميع العباد في الآخرة ثلاث وإن كان كل منها مشتملا على مراتب كثيرة لا تحصى : وهي الجنة، والنار، والأعراف الذي بينهما.
على ما نطق به الكلام الإلهي. ولكل منها اسم حاكم عليه، يطلب بذاته أهل ذلك المقام، لأنهم رعاياه وعمارة ذلك الملك بهم. و (الوعد) شامل للكل، إذ وعده في الحقيقة عبارة عن إيصال كل واحد منا إلى كماله المعين له أزلا.
فكما أن الجنة موعود بها، كذلك النار والأعراف موعودان بهما. والإيعاد أيضا شامل للكل، فإن أهل الجنة يدخلون الجنة بالجاذب والسائق.
قال تعالى: "وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد". والجاذب المناسبة الجامعة بينهما بواسطة الأنبياء والأولياء.
والسائق الرحمن بالإيعاد والابتلاء بأنواع المصائب والمحن والبلاء. كما أن الجاذب إلى النار المناسبة الجامعة بينهما وبين أهلها، والسائق الشيطان، فعين الجحيم (موعود) لهم، لا (متوعد) بها. و (الوعيد) هو العذاب الذي يتعلق بالاسم (المنتقم). وتظهر أحكامه في خمس طوائف لا غير، لأنأهل النار إما مشرك، أو كافر، أو منافق، أو عاص من المؤمنين - وهو ينقسم بالموحد العارف الغير العامل والمحجوب.
وعند تسلط سلطان المنتقم عليهم، يتعذبون بنيران الجحيم، كما قال تعالى: "أحاط بهم سرادقها ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك ولا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون".
وقال: (إنكم ماكثون اخسئوا فيها ولا تكلمون). فلما مر عليهم السنون والأحقاب واعتادوا بالنيران ونسوا نعيم الرضوان، قالوا: "سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص".
فعند ذلك تعلقت الرحمة بهم ورفع عنهم العذاب، مع أن العذاب بالنسبة إلى العارف الذي دخل فيها، بسبب الأعمال التي تناسبها، عذب منوجه، وإن كان عذابا من وجه آخر.
كما قيل: وتعذيبكم عذب وسخطكم رضى وقطعكم وصل وجوركم عدل لأنه يشاهد المعذب في تعذيبه، فيصير التعذيب سببا لشهود الحق، وهو أعلى ما يمكن من النعيم حينئذ في حقه.
وبالنسبة إلى المحجوبين الغافلين عن اللذات الحقيقية أيضا عذب من وجه.
كما جاء في الحديث: (إن بعض أهل النار يتلاعبون فيها بالنار).
والملاعبة لا ينفك عن التلذذ وإن كان معذبا، لعدم وجدانه أنه ما أمن به من جنة الأعمال التي هي الحور والقصور.
وبالنسبة إلى قوم يطلب استعدادهم البعد من الحق والقرب من النار، وهذا المعنى بجهنم أيضا عذب، وإن كان في نفس الأمر عذابا. كما يشاهد هنا ممن يقطع سواعدهم ويرمى أنفسهم من القلاع، مثل بعض الملاحدة.
ولقد شاهدت رجلا سمر في أصول أصابع إحدى يديه خمسة مسامير غلظ، كل مسمار مثل غلظ القلم، واجتهد المسمر ليخرجه من يده، فما رضى بذلك وكان يفتخر به، وبقى على حاله إلى أن أدركه الأجل.
وبالنسبة إلى المنافقين الذين لهم استعداد الكمال واستعداد النقص، وإن كان أليما لإدراكهم الكمال أو عدم إمكان وصولهم إليه، لكن لما كان استعداد نقصهم أغلب، رضوا بنقصانهم، وزال عنهم تألمهم بعد انتقام المنتقم منهم بتعذيبهم، وانقلب العذاب عذابا.
كما نشاهد ممن لا يرضى بأمر خسيس أولا،ثم إذا وقع فيه وابتلى به وتكرر صدوره منه، تألف به واعتاد، فصار يفتخر به بعدأن كان يستقبحه.
وبالنسبة إلى المشركين الذين يعبدون غير الله من الموجودات، فينتقم منهم المنتقم، لكونهم حصروا الحق فيما عبدوه وجعلوا الإله المطلق مقيدا.
وأما من حيث إن معبودهم عين الوجود الحق الظاهر في تلك الصورة، فما يعبدون إلا الله، فرضي الله عنهم من هذا الوجه، فينقلب عذابهم عذابا في حقهم.
وبالنسبة إلى الكافرين أيضا وإن كان العذاب عظيما، لكنهم لم يتعذبوا به، لرضاهم بما هم فيه، فإن استعدادهم يطلب ذلك، كآلأتوني الذي يفتخر بما هوفيه. وعظم عذابه بالنسبة إلى من يعرف أن وراء مرتبتهم مرتبة، وأن ما هم فيه عذاب بالنسبة إليها.
وأنواع العذاب غير مخلد على أهله من حيث إنه عذاب، لانقطاعه بشفاعة الشافعين.
وآخر من يشفع وهو أرحم الراحمين.
كما جاء في الحديث الصحيح: "لذلك ينبت الجرجير في قعر جهنم".
لانقطاع النار وارتفاع العذاب، وبمقتضى (سبقت رحمتي غضبي). فظاهر الآيات التي جاء في حقهم التعذيب كلها حق.
وكلام الشيخ رضي الله عنه: لا ينافي ذلك، لأن كون الشئ من وجه عذابا لا ينافي كونه من وجه آخر عذبا.
وإنما بسطت الكلام هنا، لئلا ينكر علىهذا الخاتم المحمدي، صلى الله عليه وسلم، فيما أخبر.
فإن الأولياء، رضوان الله عليهم، ما يخبرون إلا عما يشاهدون يقينا من أحوال الاستعدادات
في الحضرة العلمية وعوالم الأرواح والأجساد، لعلمهم بالحقائق وصورها في كل عالم.
والله علم بالحقائق.

.
يتبع

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: