الأربعاء، 3 يوليو 2019

السفر العاشر الفقرة الثالثة الجزء الأول فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

السفر العاشر الفقرة الثالثة الجزء الأول فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

السفر العاشر الفقرة الثالثة الجزء الأول فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

10 - The Wisdom Of Unity In The Word Of HUD   

الفقرة الثالثة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق . و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق . فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق  . فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق . ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
قال الشيخ رضي الله عنه في بقية هذا المبحث من النظم (شعر):
(إذا دان)، أي انقاد وأطاع (لك) يا أيها العارف بالله تعالى (الخلق)، أي المخلوقات كلها أو بعضها (فقد دان)، أي أطاع (لك الحق) سبحانه على حسب طاعة الخلق كلا أو بعضا، لأنهم إذا مشوا على الصراط المستقيم بحكم التبعية له
الزم ذلك المذكور، والمسمى خلقا هو الحق الذاتي من حيث الوجود، والمسمى حقا هو الحق الصفاتي الأسمائي من حيث الشهود، والحق المشهود تابع للحق الموجود، لأن الحق الموجود وهو الأصل، فإذا دان لك يا أيها العارف به فقد دان لك الحق الصفاتي الاسمائي بالأولى والأحرى.
 
قال رضي الله عنه : (وإن دان لك) يا أيها العارف (الحق) سبحانه وهو الظاهر لك من حيث شهودك (فقد لا يتبع) في الإطاعة لك (الخلق) من حيث الوجود الذاتي كما ذكرنا ، لأن الأصل لا يصير تبعا أصلا، (فحقق).
أي اعرف على وجه التحقيق (قولنا فيه)، أي في الحق تعالى هذا القول المذكور ولا تحتجب عنه بالألقاب والتسمية (فقولي كله الحق)، لا غيره وإن تسمى بخلق من جهة وبحق من جهة أخرى.
قال رضي الله عنه : (فما في) هذا الكون الحادث شيء (موجود) أصلا (تراه) يا أيها الإنسان محسوسا كان أو معقولا ساكتا (ما)، أي ليس (له نطق)، أي تكلم أصلا بل كل الكائنات ناطقة.
قال تعالى: الذي أنطق كل شيء " [فصلت: 21] ولا يلزم أن يكون كل النطق في عالم واحد، فإن الله تعالى رب العالمين، وكل عالم ناطق في عالمه بكلام فصيح يسمعه ويفهمه كل من دخل في ذلك العالم بعد تجرده في عالمه هو.
 
أرأيت بأن النائم في مكان لما تجرد عن عالم نطقه وتكلمه بين أمثاله من بني آدم ودخل في عالم آخر من عوالم الله تعالی ?یف نطق وتكلم مع أمثاله في ذلك العالم، وسمع نطقهم وتعليمهم، وهو في ذلك المكان نائم سا?ت لا نطق له ولا تكلم أصلا عند أمثاله في عالم يقظة من منامه.
ولا هو يسمع بنطق من تكلم عنده في ذلك المكان، وكم لله سبحانه في طي الوجود عوالم كثيرة لا يحيط بعددها إلا الله تعالی وجميعها عامرة بالمخلوقين الناطقين المتكلمين بالكلام المسموع المفهوم والله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور.
 
قال رضي الله عنه : (وما خلق)، أي مخلوق من مخلوقات الله (تراه العين) الباصرة من المحسوسات والعين الفاهمة من المعقولات (إلا عينه)، أي عين ذلك الخلق يعني هويته وحقيقته القائمة عليه بما ?سب من أحواله (حق)، أي أمر إلهي موجود وهو وجود مطلق قائم بنفسه وقيوم على ذلك الخلق.
ولكن هذا الحق (مودع) بصيغة اسم المفعول (فيه)، أي في ذلك الخلق، وهذا الإيداع باعتبار عدم ظهور ذلك الحق المودع إلا من ذلك الخلق المودع فيه وبالعكس والحق وجود صرف، والخلق عدم صرف.
فلا حلول ولا اتحاد لانتفاء المناسبة بينهما (لهذا)، أي للحق (صور)، أي صور ذلك الخلق جمع صورة كما قالوا في قوله تعالى: "ونفخ في الصور" [الكهف: 99]، أنه جمع صورة، فكل صورة
الواحد من الخلق (حق) بضم الحاء المهملة، أي وعاء ساتر للحق سبحانه ، فلا يظهر الحق إلا إذا فنيت تلك الصورة وانفتح الحق بالضم وانكسر ذلك الوعاء.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
ولما بين تبعية العالم للحق شرع في بيان عكسه بقوله رضي الله عنه : (شعر: إذا دان) إذا انقاد (لك الخلق) واتبعك (فقد دان) أي فقد أعطى (لك الحق) ما طلبته منه يعني أن اتباع الخلق لك يوجب اتباع الحق لك فإن اتباع الخلق لا يمكن بدون اتباع الحق لأن اتباع الخلق صورة اتباع الحق وأثره ولعدم وجود الخلق بدون الحق لعدم وجود فعل الخلق بدون فعله فالخلق على كل حال محتاج إلى الحق فدل اتباع الخلق إلى اتباع الحق فتستدل منه على اتباع الحق .
 
فإن دان لك الحق    ….. فقد لا يتبع لك الخلق
 وقد يتبع فإن الحق موجود بدون الخلق فاستقل في فعله فلا يتبع فعله إلى الخلق فلا يستلزم اتباع الحق إلى الخلق.
فإن الأنبياء عليهم السلام تابعهم الحق بإعطائهم ما طلبوا منه من أن بعض الناس يتبعون لهم بسبب استعداداتهم ومناسباتهم بنور الحق وبعضهم لا يتبعون بسبب بعدهم عن نور الحق ومناسباتهم بالغواشي الظلمانية وعدم اتباعهم لا يدل على عدم اتباع الحق لهم.
 
قال رضي الله عنه : (فحقق) أي نصدق (قولنا فيه) أي في هذا المقام (فقولي كله) في بيان الحق والخلق (حق) أي ثابت و مطابق للواقع خصوصا في هذا الكتاب فإن كل ما فيه بأمر الرسول عليه السلام فلا يحتمل الخلاف (هما في الكون) أي فليس في الوجود الكوني (موجود) مخلوق (تراه ما) أي الذي (له نطق) فصحيح بذكر الله و يسبحه يسمع أذان العارف كما نسمع بعضنا ?لام بعض .
قال رضي الله عنه : (وما خلق) أي وليس خلق (تراه العين) أي البصر (إلا عينه) أي عين ذلك الخلق المرئي وذاته (حق) باعتبار أحديته.
 
ولما ذكر اتحاد الخلق مع الحق نبه امتياز الخلق عنه بقوله :
(ولكن) الحق (مودع فيه) أي في الخلق (لهذا) أي لكون الحق مودعة في الخلق (صورة) أي صورة الخلق جمع الصورة يسكن الواو لضرورة الشعر (حق) بضم الحاء وتشديد القاف جمع الحقاق فكان كل موجود حقا من الحقوق الإلهية والحق موجود في تلك الحقوق ومن ذلك وجب تعظيم كل موجود لكونه حاملا للأسرار الإلهية.
ويعلم منه أن صور الأشياء لا يمكن أن يكون عين الحق بأي اعتبار ?انت بل ما كان عين الوجود الحق إلا الحق المودع في الأشياء.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
قال رضي الله عنه : " إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق . و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق . فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق  . فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق . وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق . ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق. "
قال: فكما كان الضلال عارضا، فكذلك الغضب الإلهي عارض، وإنما كان الضلال عارضا لأن كل مولود يولد على الفطرة والفطرة هدى لا ضلال .
ثم عرض الضلال وهو اعتبار في مقام حجاب، فيكون الغضب اللاحق للضلال عارضا أيضا لأن الرحمة سابقة للغضب كما ورد الأخبار الإلهي على لسان السنة النبوية.
ثم قال: وكل ما سوى الحق تعالى فهو دابة ، قال وما ثم من يدب بنفسه، وإن كان كل شيء هو ذو روح لائقة به.
قال: فهو  يدب بحكم التبعية  للذي هو على صراط مستقیم. قوله:
إذا  دان لك  الخلق ….. فقد  دان لك  الحق
 يعني أنه حيث كان الخلق فثم الحق ولا ينعكس
فلذلك قال :
إذا  دان لك  الحق …..     فقد لا يتبع  الخلق
وإنما قال، فقد، ولم يقل: لم يتبع الخلق، لأن العارف خلق وهو أبدا حيث الحق خصوصا القطب، فإن له نسبة إلى كل موجود وإلى كل حقيقة إلهية.
 
ثم قال :
فحقق  قولنا فيه     …… فقولي  كله الحق
يعني وكل ناطق لا بد وأن ينطق بالحق بوجه ما، وكل أحد له نطق بل كل موجود، ولي في مثل هذا المعنى بیت وهو هذا:
وأصبحت معشوق القلوب بأسرها    ….. وما ذرة في الكون إلا لها نطق
وأما قوله: وما ذرة في الكون إلا لها نطق، فـ يعني بألسنة الأحوال وهي أفصح من السنة الأقوال قوله:
وما  خلق تراه  العين   …… إلا  عينه حق
ولم يقل عينه الحق بالألف واللام ثم استثنى بقوله:
ولكن  مودع فيه       ……. لهذا صوره  حق
ويعني بالحق هذا الوعاء المعلوم، وهذا على قاعدة الشيخ بأن الأعيان الثابتة قبلت الحقيقة، ولست أقول بذلك بل الحق ليس معه غيره.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
قال رضي الله عنه :
إذا دان لك الخلق    ..... فقد دان لك الحق
وإن دان لك الحق   ...... فقد لا يتبع الخلق
يعني : الوجود الحق المتعيّن في قابلية الخلق لمن هو متعيّن فيه وبه بحسبه ، فإذا أذعن وانقاد لك الخلق ، فإنّ حقيقته الباطنة فيه معه ، وإذا أذعن وانقاد لك الحق الذي تجلَّى لك ، فلا يلزم أن يتبعه الخلق ، لعدم تعيّنه فيه .
فإنّ الحق المذعن المفروض حق بلا خلق ظهر فيه ، إذ الظاهر بحكم المظهر وبالعكس في النار ، فكذلك الخلق السالك ناصيته بيد حق يسيّره به إلى كماله فما سلك خلق إلَّا بحقّ فيه ، فلا ظهر حق إلَّا بخلق .
 
قال رضي الله عنه : فحقّق قولنا فيه    .... فقولي كلَّه حق.
يعني : لمّا تحقّقت أنّ الخلق لا فعل له إلَّا بالحق ، فتحقّق ذلك ، وحقّق قولي ونطقي بذلك : إنّه للحق بالحق في الحق ، فلا أقول إلَّا الحق .
 
قال رضي الله عنه :فما في الكون موجود   ..... تراه ما له نطق.
يعني : كلّ ما وجد ، فلا بدّ أن يتعيّن الوجود الحق في مظهريته ، فهو ينطق بذلك الحق الذي فيه ينطق به وينطقه و " قالُوا أَنْطَقَنَا الله الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ " ،
يعني : به .
قال رضي الله عنه: وما خلق تراه العين  ...... إلَّا عينه حق.
يعنى : لا يقع عين على عين من الأعيان الوجودية الخلقية إلَّا والحق عينه ، لأنّ الظاهر
المتعيّن به وفيه هو الوجود الحق ، فالوجود المشهود عيانا في رأى العين هو الحق المسمّى بالخيال والوهم في العرف خلقا ، أي إفكا ، فإنّ الخلق لغة إفك مفترى ، " إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ " وأيضا خلق بمعنى قدّر.
 فإنّ الموجود المشهود حقّ تقدّره أنت في وهمك وخيالك أنّه غير الحق ، وذلك زور وبهتان واختلاق ، ليس للقائل به عند الله خلاق ، بالوهم يخلق الإنسان في ذهنه ما يشاء ، ويسمّيه بموجب تعيّنه في ذهنه بما يشاء .
 
قال رضي الله عنه :ولكن مودع فيه   . ... لهذا صوره حقّ.
يعني : أنّ الحق مودع فيما نسمّيه خلقا ، وهو مظهره ، فالصور الخلقية حقّ - جمع حقّه - وقد أودعت فيها حقّا به حقّية هذه الحقائق .
 فكلّ خلق حقّه لحقّ مودع فيه والصور جمع صورة ، والضمير يعود إلى الحقّ الخلق ، أي الحقّ الظاهر بأعيان المظاهر ، مظاهر حقائق الجواهر الحقوق المودعة فيه ، وكذلك الحقائق الكيانية الإمكانية للوجود الحق الظاهر فيها ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :
( إذا دان لك الخلق     .... فقد دان لك الحق
وإن دان لك الحق     ..... فقد لا يتبع الخلق )
أي إذا دان وانقاد لك المسمى بالخلق فقد دان لك الحق الظاهر في مظهر ذلك الخلق ، أعنى الهوية الحقيقية المستترة به ، وإن انقاد لك الحق المتجلى في مظهرك بحكم التعين الخاص فلا يلزم أن ينقاد لك الخلق ، لأن الحق المذعن لك حق بلا خلق ، فلا ينحصر في الوجه الذي تجلى به لك فلا تنقاد تلك الخلائق ، لأن تجلياته فيهم بحكم مجاليهم فقد تخالف الوجوه التي بها تجلى لهم وجهه الذي به تجلى لك ، فالظاهر في مظاهرهم يسلكهم في طرق كمالاتهم المخالفة لكمالك وإن كان سلوكهم بالحق للحق لاختلاف الأسماء ومظاهرها :
 
"" إضافة بالي زادة : وهذا نتيجة قرب النوافل ، يعنى يقول الله تعالى إذا تقرب عبدي إلى بقرب النوافل تجليت له باسمي السميع فيسمع كل ما يسمع بالسمع المضاف إلى لا يسمع نفسه ، فكان كل مسموعاته دليلا له على ، وتجليت له بالبصر فما رأى شيئا إلا رآني فيه ، وتجليت له بالقدرة فيقدر بقدرتي على تصرفات نفسه بأخذ ناصيتها « كتصرف الحق في الأشياء بأخذ نواصيها " وما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ".
 وكذلك هذا العبد المتجلى له بالقدرة ما من دابة من قوى نفسه إلا هو آخذ بناصيتها ، وتجليت له بأفعالى إذ الرجل في حق الحق عبارة عن كونه " كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ ".
كما أن اليد عبارة عن القدرة التامة ثم هديته الصراط المستقيم ، فلا يمشى إلا على الصراط المستقيم : يعنى ما يفعل هذا العبد فعلا إلا وقد رضى الله عن ذلك الفعل.أهـ بالي زادة. ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه :
(فحقق قولنا فيه       ...... فقولي كله حق
فما في الكون موجود   ...... تراه ما له نطق )
أي إذا كان القائل هو الحق فقوله حق ، وإذا كان الحق هو المتجلى في كل موجود فلا موجود إلا هو ناطق بالحق ، لأنه لا يتجلى في مظهر إلا في صورة اسم من أسمائه ، وكل اسم موصوف جميع الأسماء لأنه لا يتجزأ لكن المظاهر متفاوتة الاعتدال والتسوية ، فإذا كانت التسوية في غاية الاعتدال تجلى جميع الأسماء .
وإذا لم يكن ولم يخرج عن حد الاعتدال الإنسانى ظهر النطق والصفات السبع وبطن سائر الأسماء والكمالات ، وإذا انحط عن طور الإنسان بقي النطق في الباطن في الجميع حتى الجماد ، فإن التي لم تظهر عليه من الأسماء الإلهية والصفات كانت باطنة فيه لعدم قابلية المجلى ، فلا موجود إلا وله نطق ظاهرا وباطنا فمن كوشف ببواطن الوجود سمع كلام الكل حتى الحجر والمدر ، فإن العلم باطن هذا الوجود ، ولهذا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء :
قال الشيخ رضي الله عنه :
( وما خلق تراه العين   ..... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه        ..... لهذا صوره حق )
أي كل خلق تراه العين فهو عين الحق كما ذكر ، ولكن خيال المحجوب سماه خلقا لكونه مستورا بصورة خلقية محتجبا بها وإن كان متجليا لم يعرفه ، ولاستتاره عن أعين الناظرين قال : ولكن مودع فيه ، أي مختف في الخلق فصوره ، أي صور الخلق جمع صورة سكنت واوه تخفيفا ، والحق جمع الحقة شبه استتاره بالصور الخلقية بالإيداع في الظروف .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
شعر :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (إذا دان لك الخلق  ..... فقد دان لك الحق )
لما ذكر أن كل ذي روح إنما يتحرك بالتبعية لحركة الرب الحاكم عليه ، أردفه بعكسه ، وهو تبعية الحق للخلق .
فقوله : ( إذا دان لك ) من ( الدين ) ، وهو الانقياد والإطاعة ،
كما مر أن معناه : إذا أطاع لك الخلق وانقاد ، فقد أطاع لك الحق ، لأن طاعتهم ظل طاعته ، وطاعة الحق سابقة على طاعتهم .
وسبب هذه الطاعة طاعة عينك للحق بالقبول للتجلي الوجودي وحسن تأتيها لأحكام أسمائه .
فإنه مطيع من أطاعه ، كما قال : "أجيب دعوة الداع إذا دعان " . إذ هو الانقياد والطاعة لقوله : " أدعوني أستجب لكم " .
وفي الحديث القدسي : ( من أطاعني ، فقد أطعته ، ومن عصاني ، فقد عصيته ) .
(وإن دان لك الحق  ...... فقد لا يتبع الخلق )
أي ، إذا تجلى لك الحق وأطاعك وكشف أسراره عليك ، فقد يتبع الخلق بقبول ذلك الأسرار وأحكام ذلك التجلي ، كالمريدين والمؤمنين من الأنبياء والأولياء ، وقد لا يتبع الخلق بامتناعهم من قبولها وإنكارهم لها ، كالمنكرين والكافرين لأهل الله المطرودين من باب الله .
وسبب ذلك الامتناع ، امتناع أعيانهم في الغيب عن نور الحق وإبائهم عن قبوله ، إذ ما يظهر عليهم إلا ما كان مكنونا فيهم .
أو ( وإن دان لك الحق ) الظاهر في صورتك ، فقد يتبع الخلق بحكم المناسبة التي بينك وبينهم في الأرواح والأسماء التي يربها ، وقد لا يتبع الخلق الحكم ،بحكم المباينة الواقعة بين ربك وأربابهم ، والتنافر الحاصل بين روحك وأرواحهم .
 
(فحقق قولنا فيه  ...... فقولي كله حق)
أي ، واجعل قولنا حقا وصدق كل ما أقوله في الحق وأنواره ، والخلق وأسراره .
" فقولي كله الحق " . والصدق ، لأنه يفيض على من الله العليم بالتجلي العلمي .
كما قال : " فإنه من مقام التقديس المنزه عن الأغراض والتلبيس " .
وقال في فتوحاته : " إن الله تجلى لي مرارا ، وقال انصح عبادي " . فهو مأمور بإظهار هذه الأسرار .
 
(فما في الكون موجود  ...... تراه ماله نطق )
أي ، ليس في الوجود موجود تراه وتشاهده إلا وله روح مجرد ناطق بلسان يليق به . وقال تعالى : "وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم " .
وهذا اللسان ليس لسان الحال كما يزعم المحجوبون .
قال الشيخ رضي الله عنه في آخر الباب الثاني عشر من الفتوحات :
( وقد ورد أن المؤذن يشهد له مدى صوته من رطب ويابس ) . والشرائع والنبوات من هذا القبيل مشحونة . ونحن زدنا مع الإيمان بالأخبار الكشف ، فقد سمعنا الأحجار تذكر الله رؤية عين بلسان نطق تسمعه آذاننا منها ، وتخاطبنا مخاطبة العارفين بجلال الله مما ليس يدركه كل إنسان وإنما اختفى نطق بعض الموجودات لعدم الاعتدال الموجب لظهور ذلك بالفعل ، فلا يسمعه كل أحد ، فبقى نطقه باطنا ، والمحجوب يزعم أنه لا نطق له .
والكامل لكونه مرفوع الحجاب يشاهد روحانية كل شئ ، ويدركه نطق كل حي باطنا وظاهرا . والحمد لله أولا وآخرا .
 
(وما خلق تراه العين  ...... إلا عينه حق )
أي ، ليس كل خلق في الوجود تشاهده العين ، إلا عينه وذاته عين الحق الظاهر في تلك الصورة ، فالحق هو المشهود والخلق موهوم . لذلك يسمى به : فإن ( الخلق )  في اللغة الإفك والتقدير . وقال تعالى : ( إن هذا إلا اختلاق ) . أي ، إفك ، وتقدير من عندكم ، ( ما أنزل الله بها من سلطان ) .
 
(ولكن مودع فيه   ...... لهذا صوره حق )
أي ، صور الخلق ( حق ) له ، بضم ( الحاء ) وهو جمع ( الحقاق ) . شبه صور الخلائق
بالحقاق ، والحق بما فيها . ف‍ ( الصور ) جمع ( الصورة ) . سكن ( الواو ) لضرورة الشعر .


 
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (
إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق
و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق
فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق
فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق
وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق
ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق  )
 
قال رضي الله عنه : (إذا دان لك الخلق ... فقد دان لك الحق . و إن دان لك الحق ... فقد لا يتبع الخلق . فحقق قولنا فيه ... فقولي كله الحق . فما في الكون موجود ... تراه ما له نطق . وما خلق تراه العين ... إلا عينه حق . ولكن مودع فيه ... لهذا صوره حق )
فلذلك قيل: (إذا دان) أي: انقاد بالحركة القسرية (لك الخلق فقد دان لك الحق)؛ لأن حركته القسرية أيضا بتبعيته له حيث ظهر فيه بصفة القبول، وله هذه الصفة في غير المظاهر، كما قيل: (وإن دان لك الحق فقد لا يتبع الخلق).
 كما قال تعالى: "هو الذي يقبل التوبة عن عباده" [الشورى:25] وكذا قبول الطاعات وإجابة الدعوات والله تعالى فاعل مختار، فالكل حركة اختيارية له.
وكذا للمحل على ما تبين أنها فصدق أن الكل دابة ذو روح، فإذا تعارضت عليك أقوال المحجوبين، (فحقق قولنا فيه) أي: في أمرين كل ما سواه ذو روح، وإن حركاتها الطبيعية والقسرية عن اختيار وشعور.
(فقولي كله) أي م جميع وجوهه (الحق)؛ لأنه الموافق للكشف والظاهر القرآن.
 "وإن من شيء إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم" [الإسراء:44] "قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ" [فصلت: 21].|
والحديث: "لا يسمع صوت المؤذن حجر، ولا شجر، ولا مدر إلا شهد له يوم القيامة".
ومن جهة أدلة العقل، وهو أنه إنما خلق ما خلق ليعرف وإلا كان خلقه عبثا، فالكل عارف على ما تقرر في الفص الإسحاقي.
وقول المحجوب: إنما يوافق الحس الظاهر، وإذا كان كذلك، (فما في الكون موجود تراه ما له نطق) كما نطق به القرآن، فحركاتهم اختيارية عن شعور، إن كانت بتبعية الحق.
ثم أشار إلى أنه كيف لا يكون له نطق وله في الباطن جميع صفات الحق؛ وذلك لأنه (ما خلق) ما (تراه العين) الناظرة (إلا عينه) أي: ما يعاين منه (حق) أي: صورة حق فمقتضاه أن يظهر فيه جميع صفات الحق.
(لكن) الحق (مودع) أي: مختف (فيه هذا) أي: لأجل اختفاء الحق في صورة صح أن يقال له صورة.
 أي: (صورة حق) حق بضم الحاء جمع حقه لا يظهر للناظر إلى تلك الصور صفات الحق إلا بقدر استعدادات أعيانها، فتلك الصور الحقة الساترة لما جعل فيها؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.

.
يتبع 

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: