الأربعاء، 3 يوليو 2019

السفر العاشر الفقرة الرابع الجزء الأول فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

السفر العاشر الفقرة الرابع الجزء الأول فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

السفر العاشر الفقرة الرابع الجزء الأول فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

10 - The Wisdom Of Unity In The Word Of Hud   

الفقرة الرابع : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
قال رضي الله عنه : (اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة. فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها. فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة. ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
 
قال رضي الله عنه : (اعلم) يا أيها السالك (أن العلوم الإلهية)، أي المنسوبة إلى الإله تعالى (الذوقية)، أي التي لا تنال إلا بالذوق والكشف دون الفكر والخيال (الحاصلة لأهل الله تعالی)، أي الطائفة المنسوبين في إيجادهم وإمدادهم عندهم إلى الله تعالی المنقطعين عن كل ما سواه المتصلين بجنابه سبحانه .
قال رضي الله عنه : (مختلفة) تلك العلوم في نفسها متفاوتة وضوحا وان?شافة (باختلاف القوى الحاصلة) لأهل الله تعالى (منها)، أي من تلك العلوم فإنها تمد أهل الله تعالى من طرف الحق تعالی بالقوة الأزلية.
وتختلف في وضوحها وان?شافها لهم باختلاف ما قبلوا بسببها من ظهور القوة الأزلية بهم (مع كونها)، أي تلك العلوم من طرف الحق سبحانه (ترجع إلى عين واحدة) هي عين العلم الإلهي القديم الذي هو نفس الوجود المطلق من حيث هو ينبوع كل ما سواه تعالى.
 
وذلك مشهودة لكل (فإن الله تعالى يقول) في الحديث القدسي: "ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته (كنت سمعه)"، أي سمع ذلك العبد (الذي يسمع به) إذا سمع (وبصره الذي يبصر به) إذا أبصر (ويده التي يبطش بها) إذا بطش (ورجله التي يسعى بها) إذا سعی (فذكر) تعالى (أن هويته)، أي ذاته المطلقة (عين الجوارح)، أي الأعضاء الإنسانية (التي هي عبد العبد) مع قطع النظر عن صورة الجوارح المسماة باليد والرجل والسمع والبصر.
 
فإنها مم?نات عدمية بالعدم الأصلي وظهورها موجودة إنما هو بمحبة الله تعالی لذلك العبد الغافل المحجوب بحجاب نفسه، وكونه سبحانه عينها كلها، ولكن ذلك العبد غير عالم بذلك وغير ملتفت إليه لكفرانه نعمة ربه ، بسبب عدم تقربه إليه تعالی بالأعمال الصالحة، ليعرف ربه بذلك ويطلعه على ما هو معامله به .
 
قال رضي الله عنه : (فالهوية) الإلهية (واحدة) من حيث هي (والجوارح) في العبيد (مختلفة) كثيرة (ولكل جارحة) في كل عبد عارف (علم من علوم الأذواق) المختصة بها الأولياء میراثا عن الأنبياء عليهم السلام (يخصها)، أي يخص ذلك العلم تلك الجارحة من جوارح ذلك العبد حاصل ذلك العلم لتلك الجارحة .
(من عين) إلهية (واحدة تختلف) تلك العين الواحدة في ظهورها وتجليها بمجموع ذلك العبد الذي هو آثارها (باختلاف الجوارح) من ذلك العبد (?الماء) الذي ينزل من السماء (حقيقة واحدة) لا يختلف في نفسه وإنما (يختلف في الطعم باختلاف البقاع) جمع بقعة.
 
أي الأماكن التي يكون فيها من الأرض (فمنه) ماء (عذب)، أي حلو (فرات)، أي صافي خفيف (ومنه) ماء (ملح أجاج)، أي مر، وينزل الماء أيضا في الأواني المختلفة المقدار، وفي الزجاجات المختلفة الألوان.
فيختلف مقداره بهيئة الإناء ويختلف لونه بلون الزجاجة (وهو)، أي الماء ماء في جميع هذه الأحوال لا يتغير أصلا (عن حقيقته) الواحدة التي هو عليها في نفسه (وإن اختلفت طعومه) باختلاف بقاع الأرض وتفاوت منابعه واختلفت مقادیره وهيئاته باختلاف أوانيه واختلفت ألوانه باختلاف زجاجاته .
قال تعالى: "والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ولی خبث لا يخرج إلا نكدا" [الأعراف: 58]، وهكذا أحوال علوم أهل الله تعالی علوم الأذواق المختصة بهم.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
قال رضي الله عنه : (واعلم أن العلوم الإلهية الدولية الحاصلة لأهل الله تعالى) إنما خص حصول العلوم الذوقية لأهل الله فإن العلوم الإلهية لعلماء علم الرسول ليست ذوقية بل يحصل هذا العلوم بنظرهم الفكري وهو لا يفيد شيئا من الذوق وأما أهل الله وعلومهم عن كشف إلهي .
 
والكشف لا يعطى إلا الذوق (مختلفة باختلاف القوى العاملة) أي هذه تختلف باختلاف قواهم الحاصلة لهم (منها) أي من قواهم المختلفة (مع كونها) أي مع كون هذه القرى المختلفة (ترجع إلى عين واحدة) أي كلها حاصلة عن حقيقة واحدة وهي الهوية الإلهية ولا يجوز أن يكون ضمير كونها راجعا إلى العلوم ولا يقع تكرارا بما جاء بعده من قوله بخصها من عين واحدة .
فكان قوله الحاصلة صفة للعلوم وإن كان بعيدا لا للقوى وإن كان قريبا وإنما ترجع القوى المختلفة للعبد إلى عين واحدة .
قال رضي الله عنه : (فإن الله تعالى يقول كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها) وهذا نتيجة قرب النوافل .
يعني يقول الله تعالى: «إذا تقرب عبدي إلي بقرب النوافل تجليت له باسمي السميع فيسمع كل ما يسمع بالسمع المضاف إلي لا يسمع نفسه فكان كل مسموعاته دليلا له على وتجليت له بالبصير نما رأى شيئا إلا رآني فيه وتجليت له بالقدرة فيقدر بقدرتي على تصرفات نفسه "
بأخذ ناصيتها كتصرف الحق في الأشياء بأخذ نواصيها "وما من دابة إلا هو أخذ بناصيتها"

وكذلك هذا العبد المتجلي له بالقدرة ما من دابة من قوى نفسه إلا هو آخذ بناصيتها وتجليت له بأفعالي إذ الرجل في حق الحق عبارة عن كونه كل يوم هو في شأن كما أن إليه عبارة عن القدرة العامة ثم هداية الصراط المستقيم فلا يمشي إلا على الصراط المستقيم يعني ما يفعل هذا العبد فعلا إلا وقد رضي الله عنه ذلك الفعل.
 
ثم شرع في ذكر ما هو المقصود بإيراد الحديث فقال رضي الله عنه ::
(فذكر أن هويته في عين الجوارح) من وجه وهو وجه الأحدية مع أنه غيره من حيث الكثرة فقد نبه عليه بإرجاع الضمير إلى العبد فكان هذا الكلام جامعة بين التنزيه والتشبيه (التي هي عين العبد) من وجه وهو وجه الأحدية لأن العبد هو مجموع الأجزاء الاجتماعية والجزء لا يقال فيه غير الكلي وأما بحسب المنعين فيمتاز كل واحد منها عن الآخر وعن الكل (فالهوية) أي هو الحق.
قال رضي الله عنه : (واحدة والجوارح) أي جوارح العبد (مختلفة ولكل جارحة) من جوارح العبد الذي هو من أهل الله علم من علوم الأذواق لأن من لم يكن من أهل الله لم يكن لجوارحه (علم من علوم الأذواق يخصها) أي يخص ذلك العلم الذوقي بتلك الجارحة المخصوصة حال كون تلك الجارحة (من عين واحدة) وهي عين العبد .
أو معناه أي يخص ذلك العلم حال كونه من عين واحدة هي حقيقة العلم التي هي حقيقة واحدة .
ففيه تنبيه على أن حقيقة العلم عین ذات الحق إذ ما يفيض الحق ذلك العلم إلا عن حقيقة العلم وهي العين الواحدة التي هي عین الحق فما يفيض إلا عن نفسه .
 
وأشار إلى ما نقول بقوله كالماء حقيقة واحدة فقال رضي الله عنه : تختلف) هذه العين الواحدة (باختلاف الجوارح) فالعلم حقيقة واحدة والاختلاف إنما وقع بالأسباب الكثيرة المتخالفة فحقيقة العلم باقية على حالها من الواحدة كما أن الحق باقية على وحدته مع الاختلاف بالجوارح (?الماء حقيقته حقيقة واحدة تختلف في الطعم باختلاف البقاع فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه) .
فكذلك ذات الحق حقيقة واحدة وإن اختلفت الأشياء والجوارح والعلم حقيقة واحدة في كل حال وإن اختلفت أحكامه باختلاف أسبابه .
ولما بين أنواع العلوم الذوقية وقواها أراد أن يبين أن هذه الحكمة بأي قوى تحصل فقال :  


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
قال رضي الله عنه : " اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة. فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.  فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة. ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. "
 
وقد قال رضي الله عنه: ما صورته، فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد فالهوية واحدة والجوارح مختلفة ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح.
 
وأقول: إنه، رضي الله عنه، يريد بالعلوم هنا المعلومات. وكلامه فيما ذكره بعد هذا ظاهر بنفسه.
فإنه أخذ معنى قوله: "إن ربي على صراط مستقيم " (هود: 56)
فجعل كل أحد على صراط مستقيم حتى أن المجرمين الذين يساقون إلى جهنم، فإنهم فائزون في البعد بالقرب، فيتنعمون بالقرب من حقيقة  البعد، لأن الحق تعالی معهم، أو قال: عين جوارحهم وهو قوله: هويته عين أعضاء العبد وقواه، وليس العبد إلا هذه الأعضاء والقوى، فهو حق مشهود في خلق متوهم
قال: ويعرف هذا المؤمنون والمكاشفون.
وهاتان الطائفتان هما بمنزلة الماء العذب الفرات وأما من سواهما، فعندهم الخلق مشهود والحق متوهم وهؤلاء بمنزلة الماء الملح الأجاج


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
قال رضي الله عنه : " اعلم : أنّ العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة ".
يشير رضي الله عنه إلى:  أنّ أهل الله يحصل لهم من العلم بالله قوى مختلفة توجب مشاهد مختلفة بحسب استعداداتهم الخصوصة ، فيحصل للبعض قوّة بها يكون الحق سمعه وبصره وسائر قواه وجوارحه ، جمعا وفرادى موقّتا وغير موقّت ، وفيها طبقات أهل قرب النوافل.
 ويحصل أيضا كذلك لآخر قوّة يكون هو بها عين الحق وسمعه وبصره فيه ، يبصر الحق ويسمع وينطق ويفعل به ، ويحصل للبعض قوّة يجمع بها بين الشهودين والوجودين ، فافهم ، وليس حصول هذه القوى فيهم إلَّا بالعلم ، والاختلاف بحسب القابلية والصلاحية الاستعدادية الذاتية الخصوصية لا غير .
 
قال رضي الله عنه : "قال الله تعالى : « كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشى بها » فذكر أنّ هويّته هي عين الجوارح التي هي عين العبد ، فالهوية واحدة والجوارح مختلفة ، ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصّها من عين واحدة يختلف باختلاف الجوارح ، كالماء حقيقة واحدة يختلف باختلاف البقاع " .
قال العبد : شبّه رضي الله عنه العلم الحاصل لأهل الله في جوارحهم وقواهم من الله بالماء ، فإنّ الحياة للحيوان بالماء كالحياة للأرواح بالعلم . ثمّ إنّ هذه الحقيقة الواحدة العلمية تظهر في كل مظهر بحسبه كما يظهر الماء في كل بقعة بحسبها فمنه  "عذب فرات " وهو العلم النافع الإلهي ومنه "ملح أجاج " وهو العلم بالسوى والغير من حيث حجابيّتها .
 
قال رضي الله عنه : "وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغيّر عن حقيقته وإن اختلفت طعومه  ".
يعني : كذلك العلم لا يختلف عن حقيقته ، فإنّه علم في جميع العلماء لا يتغيّر ، وإن اختلف بحسب المدارك والمدركين والمدركات ، فليس الاختلاف فيه  ، بل في اللوازم لا غير .

 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة ، فإن الله تعالى يقول: " كنت سمعه الذي به يسمع ، وبصره الذي به يبصر ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشى بها ") .
العلوم الذوقية تختلف باختلاف الاستعدادات ، فإن أهل الله ليسوا في طبقة واحدة فلهذا تختلف أذواقهم وعلومهم ، ولهذا اختلف حكم هذا الكتاب باختلاف الكلم كاختلافها في الإنسان الواحد باختلاف القوى الحاصلة هي منها ، مع كون تلك العلوم ترجع إلى عين واحدة هي هوية الحق كما فصلها ، والحاصلة
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فذكر أن هويته هي عين الجوارح ) من وجه وهو وجه الأحدية مع أنه غيره من حيث الكثرة ، فقد نبه عليه بإرجاع الضمير إلى العبد ، فكان هذا الكلام جامعا بين التنزيه والتشبيه.
( التي هي عين العبد) من وجه وهو وجه الأحدية ، لأن العبد هو مجموع الأجزاء الاجتماعي ، والجزء لا يقال فيه غير الكل ، وأما بحسب التعين فيمتاز كل واحد منها عن الآخر وعن الكل.
( فالهوية ) أي هوية الحق ( واحدة والجوارح ) أي جوارح العبد ( مختلفة ، ولكل جارحه علم من علوم الأذواق )
 في المعنى صفة جارية على غير ما هي له ، فكان حق الضمير الذي هو فيها أن يفصل لأنه ضمير العلوم لكنه تسامح فيها .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد ، فالهوية واحدة والجوارح مختلفة ، ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح )
يعنى : أن الهوية الواحدة هي عين الجوارح المختلفة لاختلاف المحال في عين العبد الواحد ، والعلم الفائض من الهوية الواحدة حقيقة واحدة ظهرت في تلك الجوارح بسبب اختلاف قابليتها علوما مختلفة يختص كل جارحة منها علم من علوم الأذواق مخالف لعلوم الباقي بحكم اختلاف المحال ، ولهذا قيل : من فقد حسا فقد فقد علما .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كالماء حقيقة واحدة يختلف في الطعم باختلاف البقاع ، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته ، وإن اختلفت طعومه ) .
شبه العلم الحاصل لأهل الله من الهوية الإلهية بالماء ، فإن العلم حياة الأرواح كما أن الماء حياة الحيوان فاختلاف العلم مع كونه حقيقة واحدة باختلاف الجوارح كاختلاف الماء في الطعوم باختلاف البقاع مع كونه حقيقة واحدة ، فمن الماء عذب فرات كعلم الموحد العارف باللَّه ، ومنه ملح أجاج كعلم الجاهل المحجوب بالسوى والغير ، ونظيره قوله تعالى " يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ ونُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ في الأُكُلِ".
 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (واعلم ، أن العلوم الإلهية الذوقية  الحاصلة لأهل الله ، مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها ، مع كونها ترجع إلى عين واحدة ) .
( منها ) عائد إلى ( القوى ) . وتقديره : باختلاف القوى الحاصلة منها العلوم .
ولا يجوز أن تعود إلى ( العلوم ) لأن القوى لا يحصل منها . وضمير ( كونها ) أيضا عائد إليها .
ويجوز أن يعود إلى ( العلوم ) . و ( العلوم الإلهية ) ما تكون موضوعه الحق وصفاته ،
كعلم بالأسماء والصفات وعلم أحكامها ولوازمها ، وكيفية ظهوراتها في مظاهرها ، وعلم الأعيان الثابتة ، والأعيان الخارجية من حيث إنها مظاهر الحق  .
والمراد ب‍ ( الذوق ) ما تجده العالم على سبيل الوجدان والكشف ، لا البرهان والكسب ، ولا على طريق الأخذ بالإيمان والتقليد . فإن كلا منها ، وإن كان معتبرا بحسب مرتبته ، لكنه لا يلحق بمرتبة العلوم الكشفية ، إذ ليس الخبر كالعيان .
وإنما كانت مختلفة باختلاف القوى ، لأن كلا منها مظهر اسم خاص . وله علم يخصه ، سواء كانت روحانية أو نفسانية أو جسمانية . ألا ترى أن ما يحصل بالبصر ، لا يحصل بالسمع وبالعكس ؟ 
وما يحصل بالقوى الروحانية ، لا يحصل بالقوى الجسمانية وبالعكس ؟
وإن كانت تلك القوى راجعة إلى ذات واحدة ، وهي الذات الأحدية . أو مع كون تلك العلوم راجعة إلى الذات الواحدة الإلهية ، إذ كل ما للأسماء ومظاهرها مستفاد منها ، واختلافها باختلاف القوابل ،إذ العلم حقيقة واحدة ، صارت باختلاف المحال علوما مختلفة.
 
(فإن الله تعالى يقول : كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يسعى بها  .
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد ، فالهوية واحدة ، والجوارح مختلفة ) . تعليل قوله : ( مع كونها ترجع إلى عين واحدة ) . وهذا نتيجة قرب النوافل .
( ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها ) أي ، يخص ذلك العلم
تلك الجارحة ، كإدراك البصر للمبصر ، والسمع للمسموعات .
ولذلك قال عليه السلام : ( من فقد حسا ، فقد علما ) .
وذلك لأن كل عضو مظهر لقوة روحانية هي مظهر لاسم إلهي ، وله علم يخصه ويفيض منه على مظهره .
 
( من عين واحدة يختلف باختلاف الجوارح ) أي ، تلك العلوم حاصلة من عين واحدة إلهية ، وفي ظهورها بمظاهر مختلفة يختلف .
( كالماء ، حقيقة واحدة يختلف في الطعم باختلاف البقاع ، فمنه عذب فرات ، ومنه ملح أجاج ، وهو ماء في جميع الأحوال ، لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه ) . ظاهر .
وفيه تشبيه ( العلم الكشفي ) بالعذب الفرات ، فإنه يروى شاربه ويزيل العطش ، كما أن الكشف يعطى السكينة لصاحبه ويريحه .
و ( العلم العقلي ) بالملح الأجاج ، لأنه لا يزيل العطش ، بل يزداد العطش لشاربه . وكذلك العلم
العقلي لا يزيل الشبهة ، بل كلما أمعن النظر ، يزداد شبهته ويقوى حيرته . وأصل الكل واحد ، كما أن الماء واحد بالحقيقة .
قال تعالى : " يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل" .
وإنما شبه العلم بالماء ، لكونه سبب حياة الأرواح ، كما أن الماء سبب حياة الأشباح . ولذلك يعبر الماء ب‍ ( العلم ) .
وفسر ابن عباس ، رضي الله عنه : ( وأنزلنا من السماء ماء ) . بالعلم .
 
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة.
فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها.
فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة.
ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه. )
قال رضي الله عنه : "اعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة. فإن الله تعالى يقول : «كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها. فذكر أن هويته هي عين الجوارح التي هي عين العبد. فالهوية واحدة والجوارح مختلفة. ولكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع، فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ماء في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقته وإن اختلفت طعومه."
ثم أشار إلى أنه كما يختفي عند تجليه في الصور يختفي عند تجليه في المشاعر ولو من الكل الذين يقال لمشاعرهم كأنها عين الحق.
 فقال: (واعلم أن العلوم الإلهية) أي: المتعلقة بذاته وصفاته وأفعاله (الذوقية) فضلا عن علم الكلام (الحاصلة لأهل الله) فضلا عما يحصل للمرتاضين من غير أهل الملة كالإشراقين .
(مختلفة باختلاف القوى الحاصلة) تلك العلوم (منها مع كونها) أي: كون تلك العلوم (ترجع إلى) تجلي (عين واحدة) على تلك القوى بحيث صارت كأنها هي تلك العين.
فإن الله تعالى يقول فيما ح?ی عنه النبي : (كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها)، (فذكر) للإشارة إلى رجوعها إلى عين واحدة .
(أن هويته) باعتبار تجلي أحدية الأفعال، كأنها (هي عين الجوارح التي هي عين العبد فالهوية) أي: هوية العبد (واحدة والجوارح مختلفة) كذلك هوية الحق واحدة وتجلياته للمتجلي له الواحد بل للكل واحدة، ولكن (لكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها).
وإن كان علم الأذواق كلها ليس من مقتضى الجارحة من حيث هي جارحة بل حصل له (من عين واحدة) تنورت تلك الجارحة بها لكنه (تختلف باختلاف الجوارح) مثل اختلاف العلوم الجزئية الحاصلة لتلك الجوارح إذ غاية ما أفاد التنور بنور الحق استعدادها للكليات.
ولم يرفع حقائقها المقتضية للاختلافات بالكلية، ولا يتعد هذا الاختلاف في العلم الذوقي الكشفي الواجب مطابقته للواقع؛ فإنه (?الماء حقيقة واحدة يختلف في الطعم باختلاف البقاع فمنه عذب فرات ومنه ملح أجاج، وهو ما في جميع الأحوال لا يتغير عن حقيقة) التي هو بها ماء.


وإن اختلفت أسماؤه بالعذب الفرات تارة والملح الأجاج أخرى، حيث (اختلفت طعومه) لا عن اختلاف في الحقيقة بل باختلاف البقاع والعلم الكشفي، وإن وجب مطابقته لما في الواقع، فلا يخلو عن اختلاف فيه بحسب محل الكشف من قوى المكاشفين، واستعداداتهم مع مطابقة الكلي لما في الواقع.
.
يتبع

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: