الثلاثاء، 2 يوليو 2019

الفقرة السادسة عشر السفر الثامن فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة عشر السفر الثامن فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة عشر السفر الثامن فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله

08 - The Wisdom Of  Spirit In The Word Of Jacob   

الفقرة السادسة عشر:
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :

الفص الثامن فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية
(1) الحكمة الروحية في الكلمة اليعقوبية
(1) يبحث هذا الفص في المعاني المختلفة لكلمة «دين» و ما يتصل بها من معاني «الإسلام» و «الانقياد» و «الجزاء» و «العادة».
و قد ربط ابن العربي بين هذه المعاني و معنى الدين الذي يرتضيه ربطاً بارعاً محكماً و وضح مفهومات هذه الألفاظ توضيحاً دقيقاً على طريقته الخاصة بحيث وصل في النهاية إلى الغاية التي ينشدها و هي أن «الدين» هو دين وحدة الوجود لا الدين الشرعي الذي جاءت به الرسل.
أما الصلة بين هذه الحكمة و بين يعقوب فيظهر أنها لا تتعدى اقتران اسمه بكلمة الدين في قوله تعالى: "وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" .
و من عادة ابن العربي أن يلتمس مثل هذه الآيات التي لها اتصال ما بالأنبياء فينسب حِكمَه إليهم، و يتخذ من الآيات أساساً لهذه الحكم يستخرج منها ما يشاء مما يتفق مع روح مذهبه.
و قد قرئت كلمة «رَوْحية» الواردة في عنوان الفص بفتح الراء من الرَّوح و هو الراحة لورودها في قول يعقوب لبنيه: «يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ» (س 12 آية 87)، كما قرئت بضم الراء من الرُّوح لاتصال الدين الذي هو موضوع الفص بالروح.
و الدين نوعان: دين يأتي من عند اللَّه على يد من عرّفهم اللَّه به و هم الرسل، و على يد غيرهم ممن أخذوه عنهم. و دين من عند الخلق، و هو القوانين الحكمية
التي وضعها الخلق لصلاحهم في دينهم و دنياهم. و من هذه القوانين الحكمية نظم الرهبانية التي نزلت في حقها الآية: «وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إلخ». و يرى ابن العربي أن اللَّه قد اعتبر و أقر هذا الدين الذي وضعه الخلق، مخالفاً في ذلك جمهور المفسرين الذين يفهمون من الآية إنكار الرهبنة.
و الدين المعروف المعهود هو الأول، و هو الذي أتت به الرسل من عند اللَّه و اصطفاه اللَّه على غيره من الأديان بدليل قوله: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ».
و لكن اللَّه تعالى يقول: «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ»، و يقول: «فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ».
و الإسلام الانقياد، فمعنى «الدين» إذن الانقياد، و الانقياد من عمل العبد: فالدين من عمل العبد.
أما الذي من عند اللَّه فهو الشرع الذي ينقاد إليه العبد.
بهذا المعنى اذن تستوي الأديان كلها لأنها تشترك في ذلك المعنى العام الذي هو الانقياد، و بهذا المعنى أيضاً نقول ان الأديان كلها من عمل العبد.
و لهذا قال: «فالعبد هو المنشئ للدين، و الحق هو الواضع للأحكام».
و قال فيما بعد: «فالدين كله للَّه، و الدين منك لا منه إلا بحكم الأصالة»: أي فالدين كله انقياد للَّه، و لكنه صادر منك لا من اللَّه لأن الانقياد عملك، و لا ينسب إلى اللَّه إلا بحكم أنه أصلك و أنت مظهره.
غير أن الانقياد في الحقيقة ليس قاصراً على العبد، فإن عمل العبد من طاعة أو معصية يقتضي الجزاء بالثواب أو بالعقاب، أو بطلب التجاوز و العفو في حالة المعصية، و لا بد من ذلك.
فحال العبد إذن لها حكمها في الحق إذ أنها تؤثر فيه فتجعله ينقاد هو أيضاً فيثيب العبد أو يعاقبه أو يعفو عنه. هذا هو الدين بمعنى الجزاء. بعد هذا كله: أي بعد أن شرح المؤلف الدين بمعنى الانقياد و الدين بمعنى الجزاء، و بعد أن بيَّن الانقياد من جانب العبد و الانقياد من جانب الحق، ضرب بكل ذلك عرض الحائط و قال: «و لكن هذا لسان الظاهر»: أما باطن المسألة و حقيقتها فتفسير يعطيه لها مستمد من نظريته في وحدة الوجود. ليس الجزاء في حقيقة الأمر عوضاً يعطيه الحق للعبد على أفعاله، و لكنه تجلي الحق في مرآة وجوده، أو تجليه في صور وجود العالم.
فهو يعطي هذه الصور التي يتجلى فيها مظاهِرَها الوجودية المختلفة- لا على سبيل العوض، و لا إثابة على طاعة أو عقاباً على معصية، بل لأن ذواتها أو أعيانها الثابتة قد اقتضته أن يعطيها ما يعطيها.
فإذا ظهرت هذه الذوات بمظهر يستحق الذم فهي المذمومة و هي التي جلبت الذم على نفسها، و إن ظهرت بمظهر يستحق الحمد فهي المحمودة و هي التي جلبت الحمد على نفسها.
و لهذا قال: «فلا يعود على الممكنات من الحق إلا ما تعطيه ذواتهم في أحوالها» ... ثم قال في العبد: «فلا يذمن إلا نفسه و لا يحمدن إلا نفسه».
فالجزاء بمعناه الحقيقي هو كل ما يعطيه الحق من نفسه للوجود بحسب طبيعة الموجود.

هذا هو الدين العام الذي يقول به ابن العربي، و هذا هو القانون الأعلى الذي يخضع له الوجود في نظره. و في هذا أيضاً تظهر جبريته الصارخة التي فصلنا القول فيها فيما سبق. و قد قضى فيها لا على معنى الدين فحسب، بل على معنى الثواب و العقاب كذلك.

(2) «وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها» و هي النواميس الحكمية ... في العرف».
(2) يذهب كل من القاشاني و القيصري إلى أن قوله «بالطريقة الخاصة» متعلق بابتدعوها: أي أنهم ابتدعوا الرهبانية بوضع طريقة خاصة معلومة في العرف كطريقة التصوف عند المسلمين، و طريقة الرهبنة عند المسيحيين. 
و أنا أفضل أن يكون الجار و المجرور متعلقاً بقوله «يجي ء» اي لم يجي ء الرسول بهذه النواميس الحكمية من عند اللَّه بالطريقة الخاصة المعلومة في العرف. و هذه الطريقة الخاصة هي أن الرسول يدعي أنه آت برسالة من عند اللَّه ثم يؤيد هذه الدعوى بالمعجزة.

(3) «جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه- يطلبون بذلك رضوان اللَّه- على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي».
(3) يصح أن تفهم هذه الجملة على أحد الوجهين الآتيين: الأول: أن التعظيم المطلوب منهم لما شرعوه إنما طلب على غير الطريقة المعروفة في إرسال الرسل
: لأن هؤلاء إنما يكون تعظيمهم لما أتوا به بعد ظهور المعجزة على أيديهم- و هذا هو المشار إليه بالتعريف الإلهي: أي تعريف اللَّه الناس بهم.
الوجه الثاني: أن ما شرعوه إنما كان على غير الطريقة النبوية المعروفة: أي أنه شي ء غير ما جاءت به الرسل و زائد عليه. و ذلك كصوم الدهر و الإقلال من الطعام و الخلوة و كثرة الذكر و عدم الاختلاط بالناس و ما شاكل ذلك. و هذا الوجه هو الأقرب إلى المراد.
أما عن الرهبانية فلسنا بحاجة إلى أن نذهب بعيداً لنعرف موقف الإسلام منها، فسيرة النبي صلى اللَّه عليه و سلم و سيرة صحابته و التابعين مثال واضح لحياة رجال زهدوا في الدنيا و لكنهم لم يهجروها، و عبدوا اللَّه و لكنهم لم ينقطعوا إليه، و أحلوا الطيبات من الرزق و لم يحرموها. أخذوا بفضيلة الوسط فلم يفرطوا و لم يفرَّطوا.
و في أقوال النبي لعثمان بن مظعون الذي ترهبن في زمنه أعظم شاهد على ما نقول (راجع تلبيس إبليس ص 219 - 220).
و قد وردت في الرهبانية آية: «وَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ» (يوسف : آية 28) و ورد الحديث: «لا رهبانية في الإسلام».
أما الحديث فيقال إنه وضع في القرن الثالث الهجري تأييداً للآية و حسماً للنزاع في معناها.
و أما الآية فاختلف فيها المفسرون و القراء. فمنهم من رأى فيها معنى التحريم كالزمخشري، و منهم من رأى الإباحة كابن مجاهد و الجنيد الصوفي. و لكن الرأي الغالب عند علماء المسلمين هو الأول.
و يكفي النص على أن الرهبانية بدعة ليكسبها معنى التحريم أو الكراهية.
أما ابن العربي فقد فسر هذه الآية تفسيراً مختلفاً تماماً عن تفسير أي مسلم قبله:
فهو يرى:
أولًا: أن الرهبانية التي يقول إنها «النواميس الحكمية»، معتبرة عند اللَّه شأنها شأن الدين.
ثانياً: أن اللَّه جعل في قلوب الذين ابتدعوها تعظيم ما ابتدعوه.
ثالثاً: أنهم رعوها- و أنهم ما رعوها حق رعايتها إلا ابتغاء رضوان اللَّه.
رابعاً: أن اللَّه آتى الذين آمنوا (أي بها) أجرهم- و كثير منهم «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها و القيام بحقها.

(4) «و معقول العادة أن يعود الأمر بعينه إلى حاله، و ليس هذا ثَمَّ».
(4) لما فسر «الجزاء» بأنه «عادة» بمعنى أنه ما يعود على العبد من خير أو شر بحسب ما تقتضيه أحوال عينه الثابتة، أراد ألا يفهم من العادة معنى التكرار في هذا المقام.
فقال إن العادة امر يعود بعينه إلى حاله: أي أمر يتكرر و ليس هذا حاصلًا فيما نتحدث عنه: أي في «الجزاء» على رأي القيصري و جامي و بالي: أو في «الدين» على رأي القاشاني: فليس في «الدين» تكرار أصلًا إذا فهمنا الدين بمعنى أنه تجلي الحق الدائم في صور الموجودات: فإن هذه الصور في تغير مستمر، و كل تجلٍ في صورة غيره في الصورة الأخرى.
فالجوهر الواحد يظهر في ما لا يتناهى من الصور و يلبس في كل مظهر ثوباً جديداً، و لا شي ء في الوجود يعيد نفسه أو يتكرر أصلا فإن الصور أو الاعراض كما تقول الأشاعرة لا تبقى زمانين.
هذا هو «الخلق الجديد» الذي يشرحه ابن العربي في الفص السادس عشر.
و ليس في «الجزاء» تكرار إذا فهمنا الجزاء بمعنى أنه ما يعطيه الحق لأعيان الموجودات مما تقتضيه طبيعة هذه الأعيان ذاتها.
و إذا كان ما يظهر من صفات الوجود في عين من الأعيان مختلفاً عما يظهر منها في عين أخرى لاختلاف مقتضيات
طبيعتهما، استحال التكرار لاستحالة اتفاق أعيان الموجودات في أحوالها.
فوجود الحق في صور الموجودات أشبه بوجود الإنسانية في أفراد الإنسان.
فزيد إنسان و عمرو إنسان و بكر إنسان، «و ما عادت الإنسانية إذ لو عادت لتكثرت، و هي حقيقة واحدة و الواحد لا يتكثر في نفسه».
(قارن الفص الثاني: التعليق التاسع) و إذا فهمنا الجزاء بمعنى ما يجنيه الإنسان ثمرة لعمله، خيراً كان ذلك أو شراً، كان فيه معنى العوْد- أي أنه عاد عليه ما تقتضيه حاله مما سماه العرف في الخير ثواباً و في الشر عقاباً- و لم يكن فيه معنى التكرار، لأن جزاء كل إنسان خاص به قاصر عليه. و لما كان الجزاء لا يلاحظ فيه معنى العِوَض، بل هو ضرورة تقضي بها طبيعة الأشياء قال:

(5) «فإنها من سر القدر المتحكم في الخلائق».
(5) أي فإن مسألة «الجزاء» جزء من القانون العام المتحكم في الخلق: و هو الذي يسميه سر القدر.
و معناه- كما قلنا من قبل (التعليق الثاني و الثالث على الفص الثاني) أن ما كنت عليه في ثبوتك ظهرت به في وجودك. و ليس ما تظهر به في وجودك سوى ما يعطيك اللَّه إياه. و هكذا ندور في هذه الدائرة المغلقة التي يدور فيها ابن العربي في جميع تفكيره- و ننتهي إلى النتيجة الحتمية الآتية:
و هي أن الجزاء بالمعنى الديني لا وجود له في قاموس مصطلحاته. فلا مجازي يعطي الجزاء مراعياً عمل العبد و استحقاقه، و لا مجازىً يعطَى ما يعطاه من أجل عمله و استحقاقه.

(6) «و الحق على وجهين في الحكم في أحوال المكلفين».
(6) قد شرح المؤلف بعض نواحي هذه المسألة فيما سبق من هذا الفص، و في الفص الخامس حيث قرر أن الإنسان (بل كل موجود) هو الذي يعين مصير نفسه و يجلب لها السعادة أو الشقاء.
و أن كل ما يترتب على أفعاله من حمد أو ذم راجع إلى عينه الثابتة التي اقتضت ظهور هذه الأفعال عنه من الأزل.
أما هنا فتعالج هذه المسألة مرة أخرى، و لكن من وجهة نظر الأديان- أي من ناحية تكليف العبد و حكم اللَّه على أفعاله.
يقول: للحق وجهان في الحكم على أحوال و أعمال المكلفين:
الوجه الأول الحكم عليها من ناحية الإرادة الإلهية،
و الوجه الثاني الحكم عليها من ناحية الأمر الإلهي.
و الأول هو الحكم الإرادي
و الثاني الحكم التكليفي.
فاللَّه يأمر العبد بأن يفعل كيت و كيت أو ينهاه عن فعل كيت و كيت، و يريد في الوقت نفسه أن هذه الأوامر و النواهي يطيعها بعض الناس و يعصاها البعض الآخر. و لا غضاضة في مذهب ابن العربي أن نقول إن اللَّه يريد وقوع المعصية: ذلك لأن الإرادة الإلهية تتعلق بالفعل بحسب ما يقتضيه علم الحق بذلك الفعل و فاعله، و يتعلق علم الحق بالفاعل بحسب ما يعطيه المعلوم من ذاته.
فاللَّه لا يعلم إلا ما هو واقع لا محالة، و هو لا يريد إلا ما يعلم.
بهذا المعنى يقول ابن العربي إن كل إنسان يطيع الإرادة الإلهية لأنه لا يفعل من الأشياء إلا ما كان متفقاً مع الإرادة الإلهية.
و كان الأوْلى به أن يقول إن الإرادة الإلهية تطيع أفعال العباد و تخضع لها، لأن اللَّه لا يريد فعلا- طاعة كان أو معصية- إلا إذا كان ذلك الفعل متحقق الوقوع، و كان مما تقضي به طبيعة الفاعل ذاتها.
و لكن ليس كل إنسان يطيع الأمر الإلهي الذي هو الأمر التكليفي:
فإن أتى فعل العبد مطابقاً لما أُمر به أو نهي عنه سمي ذلك منه طاعة، و إن خالف ما أُمر به أو نُهي عنه سمي معصية.
و على ذلك كان كفر فرعون و معاصي العباد جميعاً في اتفاق تام مع ما أراده اللَّه و ما علمه أزلا، لا يختلفون في ذلك مطلقاً عمن أتت أفعالهم موافقة لأوامر الدين.
و خلاصة القول أن أفعال العباد لا توصف في ذاتها بأنها طاعة أو معصية:
خير أو شر، بل هي أفعال تقضي بها طبيعة الوجود: و إنما تدخل في دائرة تلك الأحكام لسبب عارض و هو تطبيق المعايير الدينية أو الأخلاقية عليها.
راجع ما قلناه في الأمر التكليفي و الأمر التكويني:
الفص الخامس التعليقات 4، 5، 6، 7.


(7) «فالرسول و الوارث خادم الأمر الإلهي بالإرادة، لا خادم الإرادة».
(7) مهَّد ابن العربي لهذه المسألة بذكر الطبيب الذي يخدم المريض بأن يستغل طبيعته في العلاج، و هو في الحقيقة خادم لأحوال مريضه، و هي أحوال تقضي بها طبيعة المريض ذاته.
كذلك الرسل و ورثتهم أطباء نفوس يخدمون من أرسلوا إليهم من الخلق، و لكنهم في الواقع خدم لأحوال هؤلاء الخلق، تلك الأحوال التي تقضي بها طبائعهم.
فإن قيل إن الرسل و ورثتهم خدم للأمر الإلهي كان ذلك بمعنى أنهم مرسلون لتبليغ رسالة إلهية إلى الخلق بأمر من اللَّه، و أن اللَّه أراد منهم تبليغ هذه الرسالة.
و لكنهم لا يخدمون الإرادة الإلهية من حيث طاعة الخلق و معصيتهم، و إلا لم يبلغوا رسالة اللَّه إلى الذين أراد اللَّه أن يكونوا من العاصين لها.

فهم يخاطبون بالأمر الإلهي جميع الخلق على السواء: العاصين منهم و المطيعين، غير عالمين بمن قدرت له الطاعة و من قدرت عليه المعصية.
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: