الأربعاء، 3 يوليو 2019

السفر العاشر الفقرة الخامس الجزء الثاني فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

السفر العاشر الفقرة الخامس الجزء الثاني فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

السفر العاشر الفقرة الخامس الجزء الثاني فص حكمة أحدية في كلمة هودية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

10 - The Wisdom Of Unity In The Word Of HUD   

الفقرة الخامس : الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
قال رضي الله عنه : (وهذه الحكمة من علم الأرجل ، وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: ومن تحت أرجلهم )  أي ، هذا لحكمة الأحدية هي من العلوم التي تحصل بالسلوك . ولما كان السلوك الظاهري بالأرجل ، قال : ( من علم الأرجل ) .
ملاحظا قوله تعالى : " ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم ، لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم " .
أي ، ولو أنهم أقاموا أحكامهما وعملوا بهما وتدبروا معانيهما وكشفوا حقائقهما ، لتغذوا بالعلوم الإلهية الفائضة على أرواحهم ، وعرفوا مطلعاتها من غير كسب وتعمل وهو الأكل من فوقهم -
بالعلوم الحاصلة لهم بحسب سلوكهم في طريق الحق وتصفية بواطنهم من الكدورات البشرية ، كعلوم الأحوال والمقامات الحاصلة للسالكين في أثناء سلوكهم - وهو الأكل من تحت أرجلهم.
"وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ" (66)  سورة المائدة
قال رضي الله عنه : (فان الطريق ،الذي هو الصراط ،هو للسلوك عليه ،والمشي فيه والسعي لا يكون إلا بالأرجل) تعليل قوله : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل ) . ومعناه : أن الطريق إنما هو لأجل السلوك عليه ، والمشي والسلوك لا يحصل إلا بالأرجل .
شبه السلوك المعنوي بالسلوك الصوري الحسى .
ولما كان السلوك يعطى السالك الفناء في الله والبقاء به ، فتحصل الأحدية الذاتية بالأول والأسمائية بالثاني ، فيرب هذا السالك في رجوعه إلى الخلق مظاهر الحق ويوصلهم إليه لا غير  قال رضي الله عنه : ( فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم ، إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق ) . أي ، لا يحصل شهود أخذ النواصي بأيدي من هو على صراط مستقيم ، إلا بهذا النوع من العلوم .
فقوله : ( في أخذ النواصي ) . متعلق ب‍ ( الشهود ) . وقوله : ( بيد من ) متعلق ب‍ ( الأخذ ) .
قال رضي الله عنه : (ونسوق المجرمين . وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح " الدبور " التي أهلكهم عن نفوسهم بها ) لما كان الحق آخذا بنواصي كل ذي روح
ونفس - وكان هو السائق أيضا بظهوره في مظهر الهوى الذي به يدخل في حكم المضل - شرع في بيانه على سبيل الإيماء ، وجاء بقوله تعالى : ( ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) . استشهادا على أنه هو السائق ، كما أنه هو القائد .
فيسوق المجرمين الكاسبين للهيئات والصفات التي بها دخلوا جهنم . واستحقوه بصور الأهواء الناشئة من نفوسهم في الظاهر ، وهي ريح ( الدبور ) ، لأنها حاصلة من الجهة الخلقية والعالم الهيولاني المظلمة إلى عين جهنم البعد المتوهم . ف‍ ) أهلكهم عن نفوسهم بها ( .
أي ، أفناهم عنها بتلك الريح ، وأوصلهم إلى ذاته . أو ، أراد ب‍ ( المجرمين ) . الكاسبين لخيرات ، السالكين طريق النجاة ،
المرتاضين بالأعمال الشاقة ، المشتاقين لظهور حكم ( الحاقة ) ، فإنهم يكسبون بها التجليات المفنية لذواتهم .
فإنه ذكر في الفتوحات عند ذكر الأولياء : ( إنه من الأولياء المشركون ومنهم المراؤون ومنهم الكافرون ) . وأمثال ذلك . إلا أن الكلام الآتي يؤيد الأول .
قال رضي الله عنه : (فهو يأخذ بنواصيهم ، والريح تسوقهم . وهي عين الأهواء التي كانوا عليها إلى جهنم ، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه . فلما ساقهم إلى ذلك الموطن ، حصلوا في عين القرب ، فزال البعد ،فزال مسمى جهنم في حقهم ،ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق ،لأنهم مجرمون).
أي ، الحق يأخذ بنواصي المجرمين ويسوقهم بريح الأهواء إلى جهنم . ثم ، فسر جهنم ب‍ ( البعد ) إيماء بأن كل من بعد من الحق بالاشتغال بالأمور الطبيعية والنفسانية ، فهو من حيث ذلك في جهنم .
ولما كان في نفس الأمر لا بعد لأحد من الله - إذ المواطن والمقامات كلها صور مراتب الحق -
وصف ( البعد ) بأنه أمر متوهم ، ينشأ من توهمهم أن في الوجود سوى وغيرا .
فلما ساقهم الحق إلى ذلك الموطن ، أي إلى دار جهنم وأهلكهم وخلصهم عن نفوسهم بالفناء فيه ، حصل لهم عين القرب ، وانكشف لهم أن البعد من الله ما كان إلا توهما محضا ، فانقلب جهنم في حقهم بالنعيم ، لأنهم كسبوا باستعدادهم ذلك ، فصاروا عارفين بالله ومراتبه .ولكن بعد أخذ ( المنتقم ) منهم حقه.
وتحقيق هذا المعنى أن ( جهنم ) مظهر كلي من المظاهر الإلهية ، يحتوي على مراتب جميع الأشقياء ، كما أن ( الجنة ) مظهر كلي ، يحتوي على جميع مراتب السعداء . فأعيان الأشقياء إنما يحصل كما لهم بالدخول فيها ، كما أن أعيان السعداء يحصل كمالهم بدخول الجنة . وإليه أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : " إن العبد لا يزال يعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يبقى بينه وبين الجنة إلا شبرا ، فيعمل عمل أهل النار فيدخل فيها . ولا يزال العبد يعمل بعمل أهل النار حتى لا يبقى بينه وبين النار إلا شبرا ، فيعمل عمل أهل الجنة فيدخل فيها " .
فكل من الأشقياء إذا دخل جهنم ، وصل إلى كماله الذي يقتضيه عينه . وذلك الكمال عين القرب من ربه ، كما أن أهل الجنة إذا دخلوا فيها ، وصلوا إلى كمالهم ومستقرهم ، وقربوا من ربهم .
هذا إذا كان المراد ب‍ ( المجرمين ) أهل النار .
وأما إذا كان المراد بهم السالكين ، فالمراد بجهنم دار الدنيا ، ولا إشكال حينئذ .
قال رضي الله عنه : (فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة . وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها ) .
أي ، فما أعطاهم الحق هذا المقام ، أي مقام الفناء ، على سبيل الفضل والمنة ، كما لأهل الجنة ، بل إنما أخذوه بما أعطتهم أعيانهم من الأعمال التي كانوا عليها .
قال رضي الله عنه : (فكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم ، لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة ) .
أي ، وكانوا في سعيهم في أعمالهم التي عملوها بحسب متابعة الهوى والنفس ، على الصراط المستقيم الذي لربهم الحاكم عليهم بالربوبية . هذا على الأول .
وعلى الثاني ، و كانوا في سعيهم في الرياضات والمجاهدات مع النفس وتحمل المشاق والأعمال الشرعية ، على الصراط المستقيم ، لأن نواصيهم بيد الحق .
كما قال ، صلى الله عليه وسلم : " قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن ، يقلبها كيف يشاء " .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
قال رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل. فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط
مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق. «فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون. فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.)
ثم قال رضي الله عنه : (وهذه الحكمة) أي: الأحدية مطلقا، (من علم الأرجل) أي: المشار إليه بقوله: «ورجله التي يمشي بها»؛ لأنها تحصل بعد السير في سائر الأحوال والمقامات، وبها معرفة مشي الحق والخلق على الصراط، وعلم السمع والبصر واليد يتعلق بالمسموعات والمبصرات والتصرفات في العالم.
ثم استدل على أن المراد بالرجل العلم المذكور بما أشار إليه في التنزيل، (وهو قوله تعالی)""وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ" (66)  سورة المائدة
فالإشارة في الأكل الموعود (لمن أقام كتبه) وهي موجبة لكشف العلوم وحصول الأطعمة الظاهرة، لا يتوقف عليها بقوله: (ومن تحت أرجلهم) إلى حصول علم الأحدية من حيث (إن) ما تحت الرجل إلا رجل، هو (الطريق الذي هو الصراط) المستقيم في قوله: "إن ربي على صراط مستقيم" [هود: 56].
وهذا الكل إنما يحصل بعد المشي والسعي فيه، فإن الطريق الذي هو الصراط المستقيم (هو للسلوك عليه) لقطع الأحوال والمقامات، والسلوك لا يكون إلا بالمشي أو السعي فيه، (والمشي فيه والسعي لا يكون إلا بالأرجل).
فهذا العلم لا يحصل إلا بالمشي والسعي فيه بالأرجل، والمشي الكسب والسعي الجذب، فمي هذا العلم علم الرجل الأرجل، وأشير إلى حصوله بالأكل من تحت الأرجل من حيث إنه غدا روحاني يحصل بالمشي والسعي في الأحوال والمقامات بأرجل الكسب أو الجذب.
 
وإذا كان هذا علم الأرجل وهي من الجوارح المخصوصة التي لا يكون لها إلا علم خاص، (فلا ينتج هذا الشهود) أي: شهود الأحدية ليتجددوا فيه (في) موطن (أخذ النواصي) أي: رقائق كل الخلائق بحيث تصير مقبوضة (بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص) من وصول الكل إلى موطن قرب الحاصل.
علم ذلك القرب من علوم الأذواق، وإن لم يكن قربا في العقل ولا في الحس والخيال في حق المجرمين، فهو
قرب في الذوق من حيث إن الصراط إنما هو للوصول إلى غاية والاستقامة تشعر بالقرب؛ لأن الخط المستقيم هو أقرب الخطوط المتواصلة بين النقطتين، ("ونسوق") هذا الشهود ("المجرمين") أي: أهل المعاصي من المؤمنين والكفار إلى مقام القرب من الحق باعتبار الصفة الهلالية التامة التجلي في جهنم بمقتضى قوله تعالى: "ومن الناس من يتخذ دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذا يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب" [البقرة: 165].  
إنما ساقهم إلى هذا المقام؛ لأنهم (هم الذين استحقوا المقام) أي: مقام القرب من الحق باعتبار التجلي الجلالي القهري بمقتضى أعيانهم الثابتة الطالبة للقرب من الحق كيف ما كان، فخص المحرمون بهذا المقام؛ لأنه (الذي ساقهم) استحقاقهم (إليه بريح الدبور التي أهلكهم ) كما أشار إليه النبي : بقوله: «نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور». رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
 
وإنما أهلكهم بها؛ لأنها نشأت (عن نفوسهم)، فأهلكهم (بها) أي: باقتضائها الإهلاك بتلك الريح المناسبة لأهوائهم التي بها يدبرون مطلع الحق ومشرق أنواره الجمالية وإن كانوا على الصراط المستقيم بطلب أعيانهم القرب من الحق باعتبار الصفة الجلالية الحاجبة عن نور الجمال.
(فهو يأخذ بنواصيهم) لتذهب بهم إلى ما يناسبهم من قرب الحق من الصفة القهرية الهلالية، (والريح) تساعده في ذلك الإيصال تعجيلا فيه، فهي (تسوقهم) من حيث مناسبتها لصفاتهم.
 
(وهي الأهواء التي كانوا عليها)، وكانت شاغله هم عن التوجه إلى مشرق أنوار الجمال الإلهي، فهي تسوقهم (إلى جهنم)؛ ذلك لأنها هي البعد الذي يقتضيه التباعد عن الحق، لكنها ليست ببعد مطلقا.
وإن (كانوا يتوهمونه) بعدا مطلقا، وإنما هي بعد عن الصفات الجمالية، وهي عين القرب من الصفات الجلالية.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن (من جهنم مع كونه على الصراط المستقيم حصلوا في عين القرب) الذي هو مقصد السير على الصراط المستقيم، لكنه قرب من تجلي الجلال الموجب العذاب لا من الذات؛ فإنه مستصحب أبدا، فهو كقرب العبد الأبق الجاني إذا ورد إلى مولاه مقيدا مشدودا ما بين كتفيه من ورائه.
 
(فزال) في نظر هذا الشهود من حيث هو مقصد السير على الصراط المستقیم (البعد) على الإطلاق، وإن كان بعدا عن تجلي الصفات الجمالية بحسب ما غلب عليهم من الأهوية، (فزال مسمی جهنم) إذ مسماها الحقيقي هو البعد المطلق عن الحق فيما يتوهم، وقد زال ذلك وإن بقى اسمها
 
الموجب للآلام الحسية والعقلية، (ففازوا بنعيم القرب)، إذ هو ملة كيفما كان عند أهل المحبة والشهود، لكن هؤلاء المجرمون من أهل الحجاب بمقتضى قوله: كلا إنهم عن تهم يؤمنو خوبونه [المطففين : 15].
لكن هذا العذاب لا يعارض تلك اللذة لو حصلا جميعا في حق أهل المحبة على أنه نعیم أيضا (من جهة الاستحقاق) لمناسبة أعمالهم؛ (لأنهم مجرمون) فكان أعمالهم مستلذة بها كما يستلذ أعيانهم الثابتة من حيث طلبها القرب الإلهي،وإن لم تستلذ بذلك أجسامهم ونفوسهم وقلوبهم وأرواحهم.
(فما أعطاهم هذا المقام) أي: مقام القرب في جهنم (الذوقي) أي: الذي لا يعرف كونه قربا إلا بالذوق المحض (اللذيذ) عند أهل الذوق من حيث ما فيه من القرب والمناسبة (من جهة المئة) حتى يلتذ بذلك منهم ما ذكرنا، بل حجبوا عن ذلك، كما قال تعالى: "فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب" [الحديد: 13].
(وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من) حيث اقتضاؤها اكتساب (أعمالهم التي كانوا عليها) الموجبة للوصول إلى جهنم، وإن كان فيها مقام القرب من الحق باعتبار تجلي الجلال والقهر؛ وذلك لأنهم (كانوا في السعي في أعمالهم) الموجبة لجهنم من حيث ما فيها من الآلام الحسية والعقلية (على صراط الرب المستقيم) الموجب لتربية العبيد بالتقريب، ولو من الحضرة الهلالية القهرية.
(لأن نواصيهم) أي: رقائقهم المكتسبة من هذه الأعمال (كانت بيد من له هذه الصفة) أي: الاستقامة الموجبة للتقريب كيفما كان، وإذا كان وصولهم إلى جهنم من جهة اشتمالها على الآلام بالأهواء، وإلى ما فيها من القرب من الحضرة الجلالية بكونهم على صراط الرب المستقيم.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )
"وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ" (66)  سورة المائدة
عن علم الأرجل  ( وهذه الحكمة من علم الأرجل ) وذلك لما سبق من أنّ الفيض في ذلك على صورة المحلّ القابل ، متلبّسا بخصوصيّات المشاعر الجزئيّة ومشخّصاتها ، فهو من طرف السفل والرجل ، دون ما يفاض على العقل بكلَّيته بدون توسّط الآلات والجوارح ، فإنّه من طرف العلو .
والذي يدلّ على ذلك ( هو قوله تعالى : " في الأُكُلِ") [ 13 / 4 ] وهو التغذّي بما يفاض عليه روحا أو جسدا ( لمن أقام كتبه ) وهي كليّة تفاصيل البيان ، سواء كان من طرف الجزئيّات وفرقان الجوارح القوابل ، أو من الكلَّيات وقرآن العقول الفواعل ، أو ما يجمعهما .
كما قال الله : " وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ " ( "وَمن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " ) [ 5 / 66 ] .

وإنّما خصّص هذا بعلم الأرجل ( فإنّ الطريق - الذي هو الصراط - هو للسلوك عليه ، والمشي فيه ، والسعي لا يكون إلَّا بالأرجل ، فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم ، إلَّا هذا الفن الخاصّ من علوم الأذواق ) .
وهو أنّ الناس عند تحرّكهم في مدركاتهم الجزئيّة نحو مستلذّاتهم المألوفة ومشتهياتهم المطبوعة ، غير مستقلّ بنفسه في تلك الحركة ، بل مجبور ، جبر من أخذ نواصيه من هو أعلى منه وأقوى .
ومن ثمّة ترى التائب عن الذنب وهو الذي يتحرّك إليه بتلك الحركة طبعا عائدا إليه وهو نادم في عوده ، عائذ منه ومباشر له ، حريص عليه كما قيل :
وإذا ذكرت التائبين عن الطلا  ...... لا تنس حسرتهم على أوقاتها
" الطلا = الخمر "
ولا يتوقّف المتفطَّن اللبيب هاهنا أنّه ما ذلك إلَّا صفات مجبور محسور ، وسمات متحيّر محصور .
مساق المجرمين
( فيسوق المجرمين - وهم الذين استحقّوا ) بجرمهم ذلك وسعيهم في صراطه المستقيم ( المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور ،التي أهلكتهم عن نفوسهم بها ) .
بما ورد في الحديث: « نصرت بالصبا » وهو الريح الذي يستقبل الوجه عند توجّهك إلى مطلع شمس الظهور والإظهار « وأهلكت عاد بالدبور » ، وهو الريح الذي يستدبرك في ذلك . راجع الأحاديث البخاري ومسلم و أحمد وغيرهم.
فهو يسوقك إلى ذلك المطلع ، وإن كان ما يروحك ترويح الصبا ، وذلك من مرورها على المطلع وظهورها عليك بآثاره - كما قال  من قيس ابن الملوح العامري :
أيا جبلي نعمان باللَّه خلَّيا   .... سبيل الصبا يخلص إلىّ نسيمها
فإنّ الصباريح إذا ما تنسّمت  ..... على قلب محزون تجلَّت همومها

( فهو يأخذ بنواصيهم ، والريح تسوقهم ) ، وفي عبارته هاهنا لطيفة إنّما يتفطَّن لها من تذكَّر ما مهّدنا قبل من تقديم الضمائر الأسماء الإلهيّة ، وقربها إلى الذات ، وتخلَّف الظواهر منها وتأخّرها عنها ، وتقدّم ضمير الغايب منها على الكلّ .
ومما يلوّح على ذلك أنّ لفظ « هود » ذلك الضمير مع الدال الدالة على إظهار أمره وتعيّن حكمه .
فعلم بذلك وجه اختصاص هذا الذوق بهود فـ « هو » هو المسند إليه أخذ النواصي ، ولا شكّ أنّه كلَّما كان أقرب إلى الذات من الأسماء ، كان أقهر في الحكم وأشدّ في إنفاذه .
 
عين القرب في جهنّم
فلا تخالف كيف ، وما يروحه من أصل جبلَّته وطينة طبيعته يسوقه .
(وهي عين الأهواء التي كانوا عليها إلى جهنّم ، وهي البعد الذي كانوا يتوهّمونه ) لخفائها وسترها عن أنظارهم وعقولهم التي إنّما يتميّز ويحكم بين الأشياء بعقائد الأضواء التشريعيّة الواقعة بها أمر الصورة مواقع كمالها وتمامها .
وممّا نبّهت عليه في التلويح ظهر وجه تقدّم هذا الطرف وتقرّبه إلى الذات .
(فلمّا ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب ، فزال البعد ، فزال مسمّى « جهنّم » في حقّهم ) - وهو البعد ، فإنّه معرّب ، فارسي الأصل ، يقال : « ركية جهنام » : أي بعيدة الغور ، وكأنّه في الفرس : چه نم " 
 ( ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنّهم مجرمون ) مجبورون في ذلك بما يحطَّ به عند الناس مراتب أقدارهم ، ومنازل تمكَّنهم في التعيّن ، واستقرارهم.
( فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنّة ، وإنّما أخذوه ) هم أنفسهم
( بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها ) في أصول قابليّاتهم .
( وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الربّ المستقيم ، لأنّ نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة )

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل.
فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق.
«فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه.
فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون.
فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.  )

قال رضي الله عنه : ( وهذه الحكمة من علم الأرجل وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه: «ومن تحت أرجلهم». فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه، والسعي لا يكون إلا بالأرجل. )

قال رضي الله عنه : (من علم الأرجل)، أي يحصل بالسلوك (وهو)، أي علم الأرجل ما يشير إليه (قوله تعالى في الأكل) الذي أثبته (لمن أقام كتبه) حيث قال : "وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ "[المائدة: 66].
وهذه الإمامة إنما تتحقق بالقيام بحقها بتدبير معانيها وفهمها وكشف حقائقها ودر?ها والعمل بمقتضاها وتوفية حقوق ظاهرها وباطنها ومطلقها.
فلو أقاموها كذلك "لأكلوا من فوقهم" ، أي تغذوا بالعلوم الإلهية الفائضة على أرواحهم من جانب الحق سبحانه سواء كانت متعلقة بكيفية العمل أو لا بواسطة النبي صلى الله عليه وسلم أو بالهام قبل العمل ("ومن تحت أرجلهم") ، أي بالعلوم الحاصلة لهم بحسب سلوكهم.
قال صلى الله عليه وسلم : "من عمل بما يعلم أورثه الله علم ما لم يعلم" أورده السيوطي فى الدر المنثور وابن كثير فى التفسير .
"وورد الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عمل بما يعلم ورثه الله ما لم يعلم»  فى حلية الأولياء لأبي نعيم "
فالأكل من فوقهم هو التغذي بالعلم المتقدم على العمل والأكل من تحت أرجلهم هو التغذي بالعلوم التي أورثها العمل .

فإن قلت : إذا كان الأكل من فوقهم التغذي بالعلم المتقدم على العمل فكيف يترتب على إقامة الكتب الإلهية فإن هذه الإقامة في العمل بمقتضاها.
قلنا: لا نسلم أولا أن إقامتها في العمل بمقتضاها بل هي أعم من أن تكون تدبر معانيها وكشف حقائقها أو العمل بمقتضاهما سلمنا لكن ترتبها إنما هو باعتبار اجتماعها مع العلوم المترتبة على العمل.
وإنما قلنا هذه الحكمة من علم الأرجل (فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه)، أي في ذلك الطريق.
قال رضي الله عنه : (والسعي) أيضا إذا كان ذلك الطريق صوريا (لا يكون إلا بالأرجل) فشبهنا السلوك بالصوري المعنوي .

قال رضي الله عنه : ( فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن الخاص من علوم الأذواق. «فيسوق المجرمين» وهم الذين استحقوا المقام الذي ساقهم إليه بريح الدبور التي أهلكهم عن نفوسهم بها، فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم- وهو عين الأهواء التي كانوا عليها- إلى جهنم، وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه. فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة  )


وأثبتنا الأرجل للسالك المعنوي كالسالك الصوري فسمينا العلم الحاصل من سلو ?ه المعنوي علم الأرجل على سبيل الشبه (فلا ينتج هذا الشهود)، أي شهود الأحدية (في أخذ النواصي).
أي في كون النواصي مأخوذة (بيد من هو على صراط مستقیم) یعنی لا ينتج في ذلك إلا الأخذ بشهود وحدة الأحد.
قال رضي الله عنه : (إلا هذا الفن الخاص) ، بعني علم الأرجل الذي هو (من علوم الأذواق)، فإن العلم الحاصل بالسلوك يفضي إلى شهود وحدة أخذ نواصي الخلائق والتصرف فيهم فقوله : هذا الشهود منصوب على المفعولية ، و هذا الفن مرفوع على الفاعلية ، وفي أخذ النواصي متعلق بلا ينتج .
ولما ذكر أن الأخذ بالنواصي كلها والعائد لأصحابها إنما هو الحق سبحانه أراد أن ينبه على أنه كما لا قائد بهم يأخذ بنواصيهم إلا هو كذلك لا سابق لهم إلا هو فهو القائد والسائق فذكر قوله تعالی : (فيسوق المجرمين وهم)، أى المجرمون هم : (الذين استحقوا المقام الذي ساقهم) الله تعالى (إليه).
أي إلى ذلك المقام (بريح الدبور التي أهلكهم) الحق سبحانه (عن نفوسهم بها)، أي تلك الريح.

قال رضي الله عنه : (فهو يأخذ بنواصيهم والريح تسوقهم)، أي هو سبحانه يسوقهم بالریح فأسند الفعل إلى السبب ..
(وهي)، أي الريح (عين الأهواء التي كانوا عليها) ظهرت بصورة ريح الدبور لأنها انتشت من الجهة الخفية التي لها الأدبار (إلى جهنم وهي)، أي جهنم همي (البعد الذي كانوا يتوهمونه) فإنه لا بعد في الحقيقة إذ المقامات والمواطن كلها مراتب ظهوره سبحانه فلا بعد إلا على سبيل التوهم

قال رضي الله عنه : (فلما ساقهم) الله سبحانه بريح الدبور التي كانت صورة أهوائهم (إلى ذلك الموطن)، يعني جهنم وأخذ منهم الاسم المنتقم حقه على مر السنين والأجناب وخلصوا عن أنفسهم وعرفوا أن لا ملجأ ولا منجا إلا الله سبحانه .

قال رضي الله عنه : (حصلوا في عين القرب) وانكشف لهم أن البعد المسمى بجهنم ما كان إلا أمرا متوهما (فزال البعد فزال مسمي جهنم) الذي هو البعد المتوهم (في حقهم) لا ذاته التي هي ذلك الموطن (فازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق) يعني استحقاتهم المقام الذي ساقهم إليه وهو جهنم.

قال رضي الله عنه : ( الاستحقاق لأنهم مجرمون. فما أعطاهم هذا المقام الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة.)

قال رضي الله عنه : (لأنهم مجرمون فما أعطاهم) الحق سبحانه (هذا المقام الذوقي اللذيذ) آخرا (من جهة المنة) من غیر عمل منهم (وإنما أخذوه بما استحقته حقائقهم)، أي أعيانهم الثابتة بعد اتصافهم بالوجود (من أعمالهم) بيان لما (التي كانوا عليها) مدة حياتهم.
 
قال رضي الله عنه : (وكانوا في السعي بعد أعمالهم على صراط الرب المستقيم لأن نواصيهم بيد من له هذه الصفة) يعني الاستقامة على الصراط (فما مشوا) إلى موطن جهنم (بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر) والقسر فإن ربهم الذي هو آخذ بنواصيهم جبرهم على ذلك المشي.

.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: