الثلاثاء، 2 يوليو 2019

الفقرة السابعة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة الجزء الأول السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت. فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
(فمن عرفك)، لأني ما ظهرت إلا بك (عرفني) على التحقيق (وأنا)، أي الحق سبحانه وتعالى (لا أعرف) بالبناء للمفعول، أي لا يمكن أن يعرفني أحد غيري كما أنا عليه في نفسي المعرفة التامة الذاتية (فأنت) أيضا يا أيها العارف (لا تعرف) بالبناء للمفعول، أي لا يعرفك أحد غيرك كما أنت عليه في نفسك المعرفة التامة الذاتية .
(فإذا دخلت) يا أيها العارف به (جنته) التي هي سترته وهي نفسك القائمة به تعالى فقد (دخلت نفسك) التي خلقك عليها ثابتة فيها بإثباته (فتعرف نفسك) حينئذ (معرفة أخرى) تامة ذاتية (غير المعرفة) الأولى الناقصة الصفاتية الأسمائية (التي عرفتها)، أي نفسك بها أولا (حين عرفت ربك بمعرفتك إياها) كما ورد في الأثر "من عرف نفسه فقد عرف ربه" (فتكون) حينئذ يا أيها العارف (صاحب معرفتين) بالله تعالى الأولى :
(معرفة به) سبحانه (من حيث أنت) وهي معرفته بصفاته وأسمائه المتوجهة على إيجادك وتكوينك (و) الثانية : (معرفة به) سبحانه (بك)، أي بنفسك (من حيث هو) قائم على كل نفس بما كسبت، لا من حيث كل نفس بل من حيث هو سبحانه، وهي المعرفة الذاتية.
ولهذا قال (لا من حيث أنت) موجود عنه سبحانه .
والحاصل أنك في المعرفة الأولى عرفت نفسك الوهمية الكونية، فعرفت ربك من حيث ما هو متجلي عليك .
وفي المعرفة الثانية عرفت نفسك الحقيقية المشار إليها بقوله تعالى في بعض الكتب المنزلة : «يا ابن آدم خلقتك من أجلي، وخلقت الأشياء كلها من أجلك» إلى آخره.
يعني خلقتك لأظهر بك عندك وعند غيرك فتكون مظهري فنفسك المخلوقة إلى غير نفسي الخالقة لك لكن معرفة نفسك المخلوقة لي موصلة إلى معرفة نفسي الخالقة لك، فإذا عرفت نفسي الخالقة لك بعد معرفة نفسك المخلوقة لي فقد عرفتني حق المعرفة وفي ذلك يقول رضي الله عنه .
(فأنت) یا صاحب المعرفتين حينئذ (عبد) من حيث معرفتك الأولى التي عرفت بها نفسك الوهمية فعرفت ربك المحقق، وعرفت ?ونا فعرفت عينا، وعرفت أثرة فعرفت مؤثرة.
(وأنت) أيضا (رب) من حيث معرفتك الثانية التي عرفت بها نفسك الحقيقية عرفت قيوما عليك فعرفت قديمة، وعرفت موجودة وما سواه، فان مضمحل فعرفت حقا، فأنت برسومك عبد وبلا رسومك رب، وأنت عبد وبلا أنت رب فأنت عبد (لمن)، أي للذي (له) خبر مقدم للمبتدأ الثاني (فيه) خبر مقدم أيضا للمبتدأ الأول، أي أنت ظاهر في وجوده بماهيتك المعدومة (أنت) مبتدأ أول (عبد) مبتدأ ثاني، أي أنت عبد لمن أنت فيه عبد له، وهو ربك الظاهر لك في معرفتك الأولى، المعرفة الصفاتية الأسمائية، وأنت رب أيضا لمن أنت فيه عبد له لأنك ارتقيت إلى المعرفة الثانية وهي المعرفة الذاتية، فأنت رب لمن كان ربك في المعرفة الأولى، فالذي تعرفه من الرب سبحانه أنت عبده وهو ربك في المعرفة الأولى.
فإذا تحققت بما لم تكن تعرفه في المعرفة الأولى وعرفته في المعرفة الثانية، فالذي تعرفه في المعرفة الثانية رب لمن كنت تعرفه في المعرفة الأولى، فإذا تحققت بهذه المعرفة الثانية رسخت فيها وعرفت الأمر على ما هو عليه فأنت ?امل.
(وأنت رب) من حيث نفسك الحقيقية .
(وأنت عبد) أيضا من حيث نفسك الوهمية فربوبيتك (لمن له في الخطاب عهد) وهو الذي قال : بلى لما قيل : ( ألست بربكم) وعبوديتك أيضا لمن له في الخطاب عهد وهو القائل "ألست بربكم".
والقائل :" ألست برب?م" هو القائل : "بلى" ولكن القول من هذه الحضرة غير القول من هذه الحضرة الأخرى.
وهذا كالقلب فإنه مخاطب اسم فاعل من حضرة ومخاطب اسم مفعول من حضرة أخرى، والقلب بمعنى المصدري هو سبب تسمية القلب الذي هو الحقيقة الإنسانية و "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع" [ق: 37].
وهو الذي وسع الحق دون سمواته وأرضه وإذا وسع الحق فما وسع إلا نفسه، والذي تعرفه بما تسميه قلبك هو في السموات وفي الأرض، فليس هو الذي وسع الحق تعالی فافهم.  وحيث كان الأمر كذلك.
(فكل عقد)، أي اعتقاد في معرفة الحق سبحانه ثابت (عليه)، أي على ذلك العقد (شخص) من الناس وقت من الأوقات (يحله)، أي يحل ذلك العقد ويبطله (من) شخص (سواه)، أي سوى ذلك الشخص الأول (عقد) آخر أي اعتقاد غير ذلك الاعتقاد مع وسع الحق تعالی وضيق الكون عن استيفاء معاني حضراته .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
فإنا لم أعرف إلا بك (فمن عرفك عرفني وأنا لا أعرف) إلا بك ، فأنت لا تعرف إلا بي.
كما قال عرفت الله بالأشياء وعرفت الأشياء بالله فتوقف معرفة كل منهما إلى الآخر .
الأولى مشاهدة المؤثر من الأثر والثاني مشاهدة الأثر من المؤثر وهو أتم من الأول معرفة ومعناه ، لا يعرفني عبد إلا أنت ولا يعرفك رب إلا أنا .
وجاز أن يكون معناه وأنا لا أعرف على البناء المعلوم إلا أنت فأنت لا نعرف إلا أنا إذ كل رب لا يعرفه إلا ما كان مظهر الربوبية .
كما أن كل عبد لا يعرف إلا ربه الخاص وقد انحصرت الأمر من الطرفين.
قال بعض الشراح وأنا لا أعرف بحسب الحقيقة وأنت لا تعرف بحسبها وإن كان له وجه لكنه لا يناسب المقام يظهر بأدني نأمل .
(فإذا دخلت نفسك دخلت جنته) فإذا دخلت جننه (فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها) أي عرفت نفسك بهذه المعرفة .
(حين عرفت ربك بمعرفتك إياها فتكون) بسبب دخولك جنته (صاحب معرفتين معرفة به) أي بالحق بك (من حيث) أنك (أنت ومعرفة به بك من حيث) أنك (هو لا من حيث أنك أنت) ولم تكن هاتين المعرفتين إلا لمن دخل جنة ربه الخاص.
(فأنت عبد وأنت رب ... لمن له فيه أنت عبد)
و(شعر: فأنت عبد) من حيث التعين (وانت رب) من حيث الهوية (لمن له فيه أنت عبد) أي للذي أنت له في حقه عبد.
فالعبد رب لربه الخاص لا لغيره، كما أنه عبد له لا لغيره، فتعلق ربوبية العبد لمن تعلق عبوديته به.
و معنی ربوبية العبد ربه: قبول أحكامه وإظهار كمالاته فيه ، وهذا مجازاة بين العبد وبين ربه الخاص .
وأما بين العبد وبين رب الأرباب وهو قوله :
(وأنت رب وأنت عبد     ….. لمن له في الخطاب عهد)
وهو خطاب "ألست بربكم" والعهد قول المخاطبين قالوا:" بلى شهدنا"، فإن هذا الخطاب عن مقام الجمع فكان الكل عبيدا للكل بسبب ربهم الخاص بهم.
فكان الخطاب عاما والعهد عاما فيتنوع العهد الكلي بحسب القوابل إلى العهد الجزئي الذي بين العبد وبين ربه الخاص .وأما بينه وبين رب المطلق وهو عهد كلي.
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
فإذن يتنوع العهد (فكل عقد) أي فكل واحد من العهد (عليه) أي على ذلك العقد (شخص) من المخاطبين المعاهدين .
أي ثابت على ذلك العقد بحفظه دائما على النقض والحل (يحله) أي يحل ذلك العقد (من سواه عقد) أي من له عقد سوى ذلك.
فإن من له العهد بينه وبين الاسم الهادي يحل العقد الذي بين الاسم المضل وبين عبيده فكان كل واحد من العبيد يحفظ عقده ويحل عقد غيره.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
قوله في الشعر: فأنت عبد وأنت رب  …. لمن له فيه أنت عبد
يعني فأنت عبد لمن أنت ربه، وأنت رب لمن أنت عبده، كأنه يقول: تارة تظهر الحقيقة عليك فينسبك هو إلى أنك ربه وبالعكس.
والبيت الثاني يترتب معناه على ما سبق،
والبيت الثالث هو في المعنى أيضا وتقديره إذا اعتقدت فيه الربوبية انحل عقد نسبتها إليك واتصفت أنت بالعبودية وبالعكس في حقك.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
قال رضي الله عنه : "فمن عرفك عرفني وأنا لا أعرف فأنت لا تعرف ، فإذا دخلت جنّته ، دخلت نفسك ، فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربّك بمعرفتك إيّاها ".
فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت ، ومعرفة به بك من حيث هو ، لا من حيث أنت » .
قال العبد : اشتقاق الجنّة من الستر ، وكلّ جنّة تجنّ أرضها بما عليها من النبات والشجر ، وهي بالنسبة إلى الجنّة مقامات ومنازل تلائمهم كلّ الملاءمة ، فكلّ عبد مرضيّ عند ربّه يلائمه بكونه مظهرا له في جميع ما يحبّ ويرضى أن يظهر فيه وبه ، فهو جنّة ربّه حيث ظهر ، وستر هو في مظهريته .
فجعل العبد نفسه وقاية لربّه وجنّة له من الأفعال والآثار المذمومة عند من لا يرضاها من الأرباب والعبيد ، فأضاف إلى نفسه جميع المذامّ وهي بالأصالة أفعال وآثار لربّه فيه ، فصار وقاية ربّه عن ألسنة أهل الذمّ والمذامّ ، وهدفا لسهام الطعن والملام ، وجعل ربّه وقاية له في جميع المحابّ والمحامد.
فأضافها جميعا إلى ربّه جنّة له ، فلا تضاف المحامد إليه من حيث هو ، بل إلى ربّه ، واستتر هو بربّه عن إضافة المحامد ، كما ستر ربّه به عن المذامّ ، فكما أنّ العبد لا يكون موجودا إلَّا بربّه ، إذ هو كون .
فكذلك الربّ لا يكون ظاهرا متعيّنا في عينه إلَّا بالعبد ، فهو مظهر ومظهر ، والناظر فيه وبه ، فينظره فلا يعرف إلَّا به ، وإذ قد ثبت أنّ الله لا يعرف بالحقيقة ، فعبده الذي هو مظهره الأكمل لا يعرف بغيره .
فإذا نادى كلّ ربّ عبده إليه ، وأمره بالدخول في جنّة ربّه ، دخّل العارف نفسه ، فيعرف أنّه مظهره ومجلاه ، وهو عبده وهو مولاه ، وهو عرشه ومستواه ، ولا ينفكّ ربّه يحبّه ويرضاه ،
ولا يزال عبده يعرفه ويهواه ، فلا بدّ لكلّ منهما عن الآخر كما قلنا في هذا المقام ، شعر :
فما انفكّ يرضاني بكل محبّة .....   وما زلت أهواه بكلّ مودّة
فممتنع عنه انفصالي وواجب  ..... وصالي بلا إمكان بعد وقربة
فحينئذ يعرف العبد نفسه لربّه وبه غير المعرفة المعيّنة الأولى ، وفي هذه المعرفة يضاف إليه كلّ ما يضاف إلى ربّه من الكمالات ، ويضاف إلى ربّه كلّ ما يضاف إليه من المظهريات ، فيعرف نفسه بربّه بعد معرفته ربّه بنفسه طردا وعكسا ، جمعا وفرادى ، دائما أبدا ، فيعرف ربّه ونفسه من حيث ربّه لا من حيث هو ، وكان يعرف ربّه من حيث نفسه لا من حيث ربّه ، فحصل له الجمع بين المعرفتين ، والتحقّق بالحسنيين .
قال رضي الله عنه( « فأنت عبد وأنت ربّ"
لمن له فيه أنت عبد .....   وأنت ربّ وأنت عبد )
لمن له في الخطاب عهد »أنت عبد له من حيث ظهور سلطانه عليك ، وأنت ربّ له من حيث ظهور سلطانك به على من دونك وعليه أيضا من حيث إجابته لسؤالك ، فما أنت على كل حال إلَّا تعيّنا من تعيّناته وتجلَّيا من تجلَّياته ، وأنت ربّ أيضا من حيث ظهور الربوبية بك وفيك لربّ خاطبك بخطاب " أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ".
فقلت : بلى بين العباد الراضين بربوبيته ، المرضيّين عنده حين قالوا ما قلت ، فنالوا ما نلت ، وما توجّه الخطاب من الأحديّ الذات إليك خاصّة .
قال رضي الله عنه: (فكلّ عقد عليه شخص يحلَّه من سواه عقدفإنّ عبد اللطيف والرؤوف على عقد وعزيمة يحلّ العقد والعزيمة التي عليه القهّار والمعذّب ، وعبد الظاهر على اعتقاد وعلم يحلَّه عبد الباطن ، وهكذا بين جميع المربوبين والأرباب من غير تخليط ولا تخبيط بين المقامات والعقائد) .
قال العبد أيّده الله به: حضرات الأرباب تقابل حضرات العباد تقابل الأمثال ، وذلك لأنّ كلّ واحدة من الحضرتين مرضيّة عند الأخرى راضية بها .
فالمثلية بين الحضرات تامّة ، فالتضادّ كذلك عامّ ، لتقابل إحداهما الأخرى تقابل الضدّ الضدّ ، إذ المثل الحقيقي كالضدّ ، لعدم اجتماعه مع ضدّه أي بمثله حقيقة ، إذ لا تميز لأيّهما فرضت عن الآخر ، وإذ لا تميّز فلا بينيّة ، وإذ لا بينية فلا اثنينية ، فلا ضدّية ، فلا مثلية ، فما ثمّ إلَّا واحد ، فهو هو لا غيره ، فالوجود حقيقة واحدة تعيّنت في مراتب متميّزة عقلا ، فما ثمّ عقلا إلَّا متميّز بخصوصه ، فما ثمّ مثل يوجب الاثنينية ، فالمظهر عين الظاهر ، والظاهر عين المظهر ، فانظر تشهد .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
قال رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني وأنا لا أعرف فأنت لا تعرف ) وقد ثبت أن الله لا يعرف بالحقيقة ، إذ لا يعرفه إلا هو ، فعبده الأكمل الذي هو مظهر الحق الأعظم لا يعرفه فكيف غيره.
"" إضافة بالي زادة : فتوقفت معرفة كل منهما إلى الآخر ، الأول مشاهدة المؤثر من الأثر والثاني مشاهدة الأثر من المؤثر ، وهو أتم من الأول معرفة ، ومعناه : لا يعرفني عبد إلا أنت ولا يعرفك رب إلا أنا ، ويجوز أن يكون معناه ( وأنا لا أعرف ) على البناء المعلوم إلا أنت ( فأنت لا تعرف ) إلا أنا إذ كل رب لا يعرف إلا ما كان مظهرا لربوبيته ، كما أن كل عبد لا يعرف إلا ربه الخاص ، وقد انحصر الأمر من الطرفين اهـ . بالي زادة ""
قال رضي الله عنه : ( فإذا دخلت جنة دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها ) .
أي إذا أمرك بدخول جنته برضاه عنك دخلت نفسك فعرفتها معرفة غير المعرفة الأولى ، لأن المعرفة التي عرفته بها من معرفتك نفسك أفادتك معرفة أن النقائص والمذامّ من نفسك ، والكمالات والمحامد من ربك ، فجعلت نفسك جنة وسترا من إضافة النقائص والمذام إليه .
وجعلت ربك جنة وسترا لك من إضافة الكمالات والمحامد إلى نفسك وهذه المعرفة هي معرفة نفسك من ربك ، فعرفت بها أنك مظهره ومستواه وعرشه ومجلاه ولا فعل فيك وبك إلا له ، فتضيف في هذه المعرفة الشهودية جميع الكمالات التي أضفتها إلى ربك في تلك المعرفة الغيبية إلى نفسك من حيث أنها أفعال الله فيك وبك .
وكذا المظهريات ، ولا تضيف إلى المظهر فعلا ( فتكون صاحب معرفتين
قال رضي الله عنه : (معرفة به من حيث أنت ) أي من حيث نفسك وأحكام الإمكان التي تلزمها وهي المعرفة الأولى الاستدلالية .
قال رضي الله عنه : ( ومعرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت ) أي ومعرفتك بذاتك بسببه من حيث هو ، وأحكام الوجوب التي هي له وهي المعرفة الثانية .
فالباء في به في المعرفة الأولى صلة المعرفة أي معرفتك به من حيث أنت غيره وفي المعرفة الثانية ليست الباء في به صلة لها بل في بك وفي به باء السببية .
"" إضافة بالي زادة : (صاحب معرفتين معرفة به ) أي بالحق بك ( من حيث ) أنك ( أنت ، ومعرفة به بك من حيث ) أنك ( هو لا من حيث ) أنك ( أنت ) ولم تكن هاتين المعرفتين إلا لمن دخل جنة ربه الخاص اهـ بالى  زادة . ""
أي معرفتك نفسك بسبب معرفتك ربك من حيث هو لا من حيث أنت أو الاستعانة كما في قولك : كتب بالقلم وفي الحقيقة هذه الثانية معرفته إياه بنفسه في صورتك فلا لك معرفة إذ الفعل له ، فيجوز أن تكون الباء الثانية أيضا صلة المعرفة وبك بدل من الضمير بتكرير العامل .
كقوله تعالى : "لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ " فتكون معرفتك بك معرفة به من حيث هو فيرجع المعنى إلى الوجه الأول في التحقيق .
"" إضافة بالي زادة :  ( فأنت عبد ) من حيث التعين ( وأنت رب ) من حيث الهوية ( لمن له فيه أنت عبد ) أي الذي أنت في حقه عبد ، فالعبد رب لربه الخاص لا لغيره كما أنه عبد له لا لغيره ، فتعلق ربوبية العبد لمن تعلق عبوديته ، ومعنى ربوبية العبد ربه بقبول أحكامه وإظهار كمالاته فيه ، وهذه مجازات بين العبد وربه الخاص ، وأما بين العبد ورب الأرباب ، وهو قوله : وأنت رب أهـ بالي زادة . ""
ويشهد به قوله :( فأنت عبد وأنت رب  لمن له فيه أنت عبد ) أنت عبد ، باعتبار المعرفة الأولى لظهور سلطانه عليك ، ومعرفته له بصفاته الفعلية من انفعالات نفسك ، كمعرفة غضبه ورضاه من خوفك ورجائك ، وأنت رب باعتبار المعرفة الثانية مطلقا للرب الخاص الذي أنت فيه عبد له ، لظهور سلطانك به عليه من حيث إجابته لسؤالك .
وعلى من دونك من الأرباب المعينة والعبيد :(وأنت رب وأنت عبد  لمن له في الخطاب عهد) وأنت رب لما ذكر باعتبار الفناء فيه والبقاء به بالمعرفة الثانية ، وأنت عبد لمن خاطبك بخطاب " أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ " .
"" إضافة بالي زادة :  ( وأنت رب وأنت عبد  لمن له في الخطاب عهد )وهو خطاب " أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ " والعهد قول المخاطبين بل فإن هذا الخطاب عن مقام الجمع ، فكان الكل عبيدا للكل بسبب  ربهم الخاص بهم ، فكان الخطاب عاما والعهد عاما ، فيتنوع العهد الكلى بحسب القوابل إلى المعهود ، وهو العهد الجزئي الذي بين العبد وربه الخاص ، وأما بينه وبين الرب المطلق وهو عهد كلى ، فإذن يتنوع العهد .أهـ بالي زادة ""

"" إضافة بالي زادة :  ( فكل عقد ) أي فكل واحد من العبد ( عليه شخص ) من المخاطبين ( يحله ) أي العقد ( من سواه عقد ) أي من له عقد سوى ذلك العقد ، فإن من له العهد بينه وبين الاسم الهادي يحل العقد الذي بين الاسم المضل وبين عبيده ، فكان كل واحد من العبيد يحفظ عقده ويحل عقد غيره ( فرضى الله ) أي كل بالأسماء ( عن عبيده ) فهم مرضيون ، لأن عبيد الأرباب عبيده ، ومرضى الأرباب مرضيه ( ورضوا عنه فهو مرضى ) فكان الأمر الذي بين العبد وربه الخاص بعينه .
ثابتا بينه وبين الرب المطلق ، فكل عبد مرضى عند الله بالأمر الإرادى ، وأما بالأمر التكليفي ، فبعضهم مرضى وبعضهم ليس بمرضى ، فالنجاة من النار جمع الأمرين في الرضا ، ولا ينفع الرضا بالأمرين الإرادى مجردا عن الرضا بالأمر التكليفي ( فقابلت الحضرتان ) هذا ارتفع الأضداد والأمثال بظهور وحدة الوجود فلم يبين إلا الحق اهـ بالي زادة ""
فقلت بلى :
( فكل عقد عليه شخص يحله من سواه عقد )  أي فكل ما يعتقده شخص يحله اعتقاد شخص آخر ، فإن عبد اللطيف على عقد يحله عبد القهار ، وعبد الظاهر على اعتقاد يحله عبد الباطن ، وهكذا كل واحد.



مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
قال رضي الله عنه : (فمن عرفك عرفني). أي، من عرفك حق معرفتك، عرفني، فإن حقيقتك أنا. قال رضي الله عنه : (وأنا لا أعرف، فأنت لا تعرف). أي، لا يمكن لأحد أن يعرف حقيقتي وكنه ذاتي، فأنت لا تعرف في الحقيقة.
قال الشيخ رضي الله عنه  في قصيدة له:
(ولست أدرك من شئ حقيقته ....    وكيف أدركه وأنتم فيه)
(فإذا أدخلت نفسك) وفي بعض النسخ: (فإذا دخلت) (جنته، دخلت نفسك، فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها.
فتكون صاحب معرفتين: معرفة به من حيث أنت، ومعرفة به بكمن حيث هو، لا من حيث أنت). أي، إذا دخلت جنته، دخلت نفسك وذاتك وشاهدت أسرارها وما فيها من أنوار الحق وذاته، فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. أي، أن العبد إذا عرف نفسه ثم عرف بمعرفته إياها ربه، يكون صاحب معرفة واحدة.
وهي عرفان كأنك عاجز فقير منبع للنقائص والشرور، وأن ربك قادر غنى معدن الكمالات والخيرات.
أو عرفت أنك موصوف بالكمالات المعارة عليك عمن هي لله بالأصالة، فعرفت أن ربك صاحب الكمالات الذاتية.
أما إذا عرف ربه وعرف ظهوراته في المظاهر ثم رجع وتوجه إلى معرفة نفسه بربه، يعرفها معرفة أخرى أتموأكمل من الأولى، لأنه عرفها أنها مظهر من مظاهر ربها.
كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين سئل: بم عرفت ربك: (عرفت الأشياء بالله.)
فيكون صاحب معرفتين:
إحديهما، معرفة بالرب والنفس من حيث نفسك، وثانيهما، معرفة بالرب والنفس من حيث ربك لا من حيث نفسك.
والثانية هي الأتم من الأولى.
فضمير (به) في الموضعين يعود إلى (الرب).
وكان الأنسب أن يقول:
معرفة به وبك من حيث أنت - أي بالرب والنفس كما قال في الثانية - ومعرفة به وبك من حيث هو. والظاهر أنه حذفه اعتمادا لفهم السامع من قوله: (فإذا دخلت نفسك، فتعرف نفسك معرفة أخرى).
و (الباء) في (به) في الموضعين للصلة،وفي (بك) للسببية. أي، عرفته لسبب مظهريتك، لا من حيث إنك مغائره، بل من حيث إنك هو. أو تكون في(بك) للصلة، وفي (به) للسببية. أي، عرفت نفسك من حيث هو بسببه.
قال رضي الله عنه : (فأنت عبد وأنت رب لمن له فيه أنك عبد)
أي، فأنت عبد للإسم الحاكم عليك والظاهر فيك الذي يربك من باطنك. وأنت رب لذلك الاسم الذي بعينه أنت عبد له وفي حكمه، تربه لقبول أحكامه وإظهار كمالاته فيك.
وذلك لأن لله تعالى ظاهرا وباطنا، والربوبية لهما ثابتة. فكما أن الباطن يرب الظاهر بإفاضة أنوار الغيب وإظهار أحكام الأسماء الإلهية الغيبية عليه.
كذلك الظاهر يرب الباطن باستفاضة تلك الأنوار وقبولها وإظهار تلك الأحكام في الأسماء الداخلة تحتها، وهي الموجودات العينية. فلكل من هذين الاسمين الجامعين ربوبية وعبودية، وكذلك للأسماء التي تحتهما ربوبية وعبودية. وما ثمة من يكون ربا على الإطلاق إلا الحضرة الإلهية من حيث وجوبها وغناها عن العالمين.
قال رضي الله عنه : (وأنت رب وأنت عبد أي، أنت باعتبار الهوية الظاهرة فيك. وأنت عبد باعتبار تعينك وتقيدك. لمن له في الخطاب عهد) أي، لرب له عهد في الخطاب.
وهو قوله تعالى: (ألست بربكم؟ قالوا بلى.).
ولا بد أن تعلم أن العهد السابق بين العبد والرب كلي وجزئي. فالكلي هو العهد الذي بين الاسم الجامع الإلهي، وبين العباد بأنهم يعبدونه بالأمر التكليفي والأمر الإرادي بحسب كل اسم حاكم عليهم. والجزئي هو العهد الذي بين كل واحد من الأسماء، وبين كل من عبيدها.
وهذه العهود الجزئية لايمكن نقضها في الوجود، ولا الكلى الإرادي، وإن كان ينقض العهد الكلى التكليفي بالاحتجاب عن الفطرة الأصلية بالغواشي الطبيعية الموجبة للكفر والعصيان، وإن كان العبد فيه أيضا عابدا للإسم (المضل). كما قال تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه".
فالكل عباد الله ويعبدونه من حيث الأسماء الحاكمة عليهم.
قال رضي الله عنه : (فكل عقد عليه شخص يحله من سواء عقد)
(العقد) هنا بمعنى (العهد). كقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود." أي، بالعهود السابقة. أي، لكل عقد عليه شخص من الأشخاص، وهو (العهد) الذي بينه وبين ربه الخاص به.
يحل ذلك العهد والعقد من له عهد معربه الخاص به، يخالف حكمه حكم ذلك الرب، كعبد (الرحيم) مثلا، فإنه يخالف عبد (القهار) و (المنتقم)، ويحل عقده.
فجاء بلفظ (الحل) مناسبةللعقد. أو بمعنى العقيدة. أي، كل شخص على عقيدة يخالفه من له عقيدة غيرها.
وفاعل (يحله) (من). أي، يحله من له عقيدة سواه. ويجوز أن يكون (عقد) فاعلا. أي، يحله عقد حاصل له من سواه. ف (من) مكسورة الميم حينئذ.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فمن عرفك عرفني و أنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها. فتكون صاحب معرفتين : معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت. فأنت عبد وأنت رب   ... لمن له فيه أنت عبد
و أنت رب و أنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد )
قال رضي الله عنه : " فمن عرفك عرفني وأنا لا أعرف فأنت لا تعرف. فإذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أخرى غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها.
فتكون صاحب معرفتين: معرفة به من حيث أنت، ومعرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت.
فأنت عبد وأنت رب ... لمن له فيه أنت عبد . وأنت رب وأنت عبد ... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص ... يحله من سواه عقد "
قال رضي الله عنه : (فمن عرفك) بما تجلى فيك من الجمع بينهما، (عرفني) لدلالة الصورة الكاملة المؤثرة على ذي الصورة دلالة وافية؛ ولكن (أنا لا أعرف) بطريق النظر من حيث الجمع بينهما؛ بل هو موجب للحيرة، (فأنت لا تعرف) أيضا بطريق النظر إذ معرفتي لازمة لمعرفتك بمقتضى قوله عليه السلام : «من عرف نفسه فقد عرف ربه" .
وعدم اللازم يستلزم عدم الملزوم؛ ولكن إذا أمرت بدخول جنته بعد حصول المعرفة بظهور صورته الكاملة المؤثرة فيك؛ دل ذلك على إمكان الاطلاع على باطنه بظهوره في تعينك، (فإذا دخلت جنته)، وهي عينك الثابتة (دخلت نفسك)؛ فعرفت ظهور بطونه فيك بطريق الذوق؛ (فتعرف نفسك) الأن (معرفة أخرى)، وهي أنها صورة
كاملة لظاهر الحق وباطنه (غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إياها)، وهي أنها أثر لا بد له من مؤثر (فتكون صاحب معرفتين) في شأن الحق والنفس (معرفة به من حيث أنت) دال عليه دلالة الأثر على المؤثر، وهي السابقة (ومعرفة به) مستلزمة معرفة (بك من حيث هو) دال عليك دلالة المؤثر، وهي المسبوقة على ما تقرر في الفص الإبراهيمي.
وإذا حصلت لك المعرفتان من حيث دلالتك عليه ودلالته عليك؛ (فأنت) باعتبار المعرفة الأولى (عبد):
أولا: من حيث إنك أثر
وثانيا: (انت رب) أي: صورته لأن الدال يجب أن يكون على صورة المدلول؛ ولكن ربوبية غير مطلقة، بحيث تتصرف هذه الصور في الكل بل (لمن له فيه، أنت عبد): أي للعين الثابتة المخصوصة بك التي أنت فيها من حيث كونك أثرا فيه عبد، (فأنت رب) لها تتصرف فيها تصرف صورة الشمس في المرآة التي لم يتم جلاؤها بتنویر ظاهر سطحها، فلا تنطبع فيه صورتها بحيث تؤثر في تنویر الجدار المقابل لها، وأنت باعتبار المعرفة الثانية رب :
أولا: لأنه إنما استدل به عليك من حيث إنك صورته، وتفعل فعله كصورة الشمس في المرآة الحلوة على التمام تؤثر في الجدار المقابل لها.
وثانيا: (أنت عبد) لأنك وإن كنت صورته؛ فلا تقوم مقامه من كل وجه، فلا بد فيك من جهة تجعلك أثرا له؛ لكن هذا لا يمنع من كمال الصورة وتأثيرها؛ بل يصير بحيث لا يحجبه الحق عن الخلق، ولا الخلق عن الحق، وجهة الخلقية الانفعالات، وجهة الحقية الأفعال، وهذه المعرفة نسبة معرفة الميثاق الدال فيه الربوبية على العبودية، حيث قيل فيه: "ألست بربكم قالوا بلى " [الأعراف: 172] فلذلك كان عبدا (لمن له في الخطاب) أي خطاب وألست برب?م (عهد) هو عهد "بلی"، وهذه المعرفة لا تحصل إلا بالرجوع إلى صفاء الفطرة، وإذا كانت المعرفتان مرتبطتين بالنفس كان اعتقاد كل شخص بحسب ما عرف من نفسه.
(فكل عقد) أي: اعتقاد (عليه شخص) من هؤلاء الكل الذين ظهر فيهم الرب المأخوذ من الكل المتعين منه بحسب ما يناسبهم (يحله من) بال?سر (سواه عقد) فاعل يحل لاختلاف وجوه المناسبات، ويروى بالفتح على معنى يحله شخص سواه، له عقد فيحتاج إلى حذف الضمير المجرور، وهو ضعيف، ولا يعم لفظا ومعنى.

.
يتبع

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: