الثلاثاء، 2 يوليو 2019

الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر: الجزء الثاني 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى. وقد قال ذلك أبو يزيد.  )
( ويقبل في مجلى العقول ) وذلك لأنّ هذا المجلى من شأنه أن يجرّد ما فيه عن الغواشي الغريبة واللواحق الهيولانيّة الخارجة مطلقا ، بل وعمّا يلحقه فيه أيضا من خصوصيّات المجلى ، وذلك الذي هو مقبول الفلاسفة وذوي العقول
( وفي الذي ...   يسمّى خيالا )
لما في الصور المختصّة به من التجرّد عن المواد الهيولانيّة والتنزّه عن اللواحق الجسمانيّة ما ليس لغيرها من الصور .
على ما هو مقبول أرباب الخلوات الرسميّة والرياضات العاديّة ، من الأنوار الشعشعانيّة والإشراقات الخالصة عن الشوائب الهيولانيّة .
( والصحيح النواظر ) بالنصب ، عطفا على « خيالا » والنظر حينئذ بمعنى الفكر وبالرفع على أن يكون جملة حاليّة ، والنظر حينئذ بمعنى البصر .
ثمّ إنّ الكلام لما انساق إلى طرف سعة الحقّ ومجال ظهوره في سائر المواطن والمجالي ، وبروزه بكسرة الكلّ خفاء وظهورا ، أخذ في تبيين ذلك قائلا: ( يقول أبو يزيد "البسطامي" في هذا المقام : « لو أنّ العرش وما حواه مائة ألف ألف  مرّة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحسّ بها » ) أي ما وجد لها حسّا ، وهذا غاية ما أمكن من السعة في مرتبة الأجسام ، لأنّه قد جمع غاية البعدين المتّصل والمنفصل في المظروف وفي الظرف وقد خصّ من بين عموم زواياه زاوية واحدة .
ولذلك قال : ( وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام ) لا مطلقا  .
ولما كان وسع القلب وإحاطة رتبته غير مختصّ بما في الأجسام وغيرها ، من المراتب ومدارج التنزّلات ، بل ولا اختصاص له أصلا بالعوالم والتعيّنات الاستجلائيّة فإنّه المجلى الجامع بين الجلائيّ والاستجلائيّ .
أشار إليه بقوله : ( بل أقول : لو أنّ ما لا يتناهى وجوده ) لأنّ جزئيّات العوالم والتعيّنات الاستجلائيّة إذا أريد أن يعبّر بلفظ صادق عليها ومفهوم يحمل عليها جملة ، فهو ذلك لا غير ، والذي قام البرهان العقلي على انتهائه هو البعد الجسماني القائم بالموجود ، لا وجوده .
فإنّ وجودات الأكوان والحوادث غير متناهية ، ولهذه الدقيقة صرّح بـ « الوجود » .
وإنّما قال : ( يقدّر انتهاء وجوده ) لأنّ التقدير أنّه محاط للقلب .
فعلم أنّ انتهاء القلب أيضا تقديريّ فرضيّ، وإذ قد علم أنّ سعة القلب أكثر حياطة من التعيّنات الاستجلائيّة وأفسح فضاء منها.
ضمّ إلى ذلك: (مع العين الموجدة له ، في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحسّ بذلك في علمه). أي ما ظهر له حسّ وخبر تحت حكمه الشامل وأمره المحيط الكامل - أعني العلم
(فإنّه قد ثبت أنّ القلب وسع الحقّ ) - بما روي : « ما وسعني أرضي ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي المؤمن » .
( ومع ذلك ما اتّصف بالريّ ) فإنه لو ارتوى قنع به وانقطع عنده الطلب والسعي فعلم أنّه ليس مما يملؤه (فلو امتلأ ارتوى).
ثمّ إنّه لما كان قوله : « وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام » يوهم تعريضا بقصوره ، وغرضه تحقيق ظهور السعة الإلهيّة في كلّ زمان لصاحبه من الأولياء جسمانيّة وإطلاقيّة - فأمّا السعة الجسمانيّة لأبي يزيد فهو الذي نبّه إليه أوّلا ، وأمّا الإطلاقيّة الحقّة فهو الذي سينبّه عليه - أشار إليه دفعا لذلك الوهم بقوله : ( وقد قال ذلك أبو يزيد ) في نظمه:
( شربت الحبّ كأسا بعد كأس .... فما نفد الشراب ولا رويت )
وفي قوله : « كأسا بعد كأس » يشير إلى تينك البيتين .
""أضاف الجامع : أورد القشيري هذا البيت عن الشبلي :
عجبت لمن يقول نسيت إلفي   .... وهل أنسى فأذكر من هويت
أموت إذا ذكرتك ثم أحيا   .... ولولا ما أؤمل ما حييت
فأحيا بالمنى وأموت شوقا   .... فكم أحيا عليك وكم أموت
جعلت الصمت ستر الحب حتى   .... تكلمت الجفون بما لقيت
شربت الحب كأسا بعد كأس   ....  فما نفد الشراب وما رويت""
فلئن قيل: «لا يدفع بهذا الكلام ما يتوهّم من التشنيع ،لأنّه يدلّ على ضيق أمره في عالم الجسم".
قلنا : السعة الإطلاقيّة هو المعوّل عليها في المعرفة ، وأمّا الجسمانيّة منها فإنّما تتعلَّق بظهور الولاية ، وذلك بحسب احتمال الزمان ، وزمان أبي يزيد ما احتمل وراء ذلك .
ثمّ إنّ تحقيق أمر السعة مطلقا إنّما يتمّ ببيان كمال الجمعيّة والإحاطة بما يقابلها يعني الضيق.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى. وقد قال ذلك أبو يزيد.  )
قال الشيخ رضي الله : (ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها. وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. ) 
(ويقبل)، أي تجليه للعقول (في مجلی العقول)، أي في مجلی ترتضيه العقول وهو مقام التنزيه (و) يقبل للخيال (في) المجلی (الذي يسمى خيالا) فما تقبله العقول برده الخيال وما يقبله الخيال ترده العقول (و) الشهود (الصحيح النواظر)، أي شهود النواظر المشار إليها بقوله تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة"[القيامة : 22 - 23 ] التي تشاهد الحق سبحانه في المجالي كلها حسية كانت، أو مثالية أو عقلية .
(يقول أبو يزيد رضي الله عنه في هذا المقام)، أي مقام هذا الكشف التام والشهود العام (لو أن العرش وما حواه)، أي من السماوات والأرضين وما فيهما (مائة ألف ألف مرة) وقع (في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس)، أي العارف وقلبه (به) لحقارتها "لصغرها" بالنسبة إلى سعة قلبه لأنها متناهية، وسعة القلب غير متناهية لأنه بإطلاقه مقابل لإطلاق الحق الغير المتناهي وليس للمتناهي قدر محسوس بالنسبة إلى غير المتناهي.
(وهذا) الذي ذكرناه من قول أبي يزيد (وسع أبي يزيد)، أي بيان وسعه و تصویر سعة قلبه بل سعة قلب العارف مطلقا بالنظر (في عالم الأجسام) وقياسه إليه تقريبا إلى فهم المحجوبين لا بالقياس إلى الموجودات كلها فإن لها أيضا هذه النسبة إلى سعة قلبه بل قلب كل عارف ولهذا قال رضي الله عنه مترقيا عما قاله أبو يزيد البسطامي.
قال الشيخ رضي الله عنه : (بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه. فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى. وقد قال ذلك أبو يزيد.)
(بل أقول لو أن ما لا يتناهی وجوده) روحانيا كان أو جسمانيا مما وجد ويوجد إلى الأبد.
فإن الموجودات بالفعل في كل زمان متناهية (يقدر)، أي يفرض (انتهاء وجوده) ولو كان مستحيلا وإنما قدر ذلك لأن غير المتناهي لا يحاط (مع العين الموجودة له)، أي التي هي واسطة في اتحاده وهي الحق المخلوق به المشار إليه بقوله تعالى: "وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق" [الحجر : 85] وقع (في زاوية من زوايا القلب العارف) سواء كان أبا يزيد أم غيره .
(ما أحس بذلك) حال كونه حاصلا (في علمه) منطويا فيما بين معلوماته ونبه رضي الله عنه بهذا القيد إلى أن المراد بعدم الإحساس به أن لا يكون له قدر محسوس لاتفي العلم .
ثم استدل رضي الله عنه على ما قال بقوله (فإنه قد ثبت ) بما قال تعالى : "لا يسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن".
"أن القلب وسع الحق" وذلك الاستعداده وتجلياته الذاتية والأسمائية الغير المتناهية واحدا بعد واحد (ومع ذلك لا بتصف بالري) .
أي لا يقنع بما يحصل له (فلو امتلأ)، أي القلب بالحق لانتهاء استعداداته وامتلائها بما يرد عليه من صور التجليات (ارتوی) و قنع بما يرد عليه ولكنه لا يمتلىء ولا يرتوي لأن كل تجلي يرد عليه يورث له استعدادا وتعطشة إلى تجل آخر.
وهكذا إلى غير النهاية فأين هو من الامتلاء والارتواء وإذا لم يمثل ولم يرتو فكل ما فرض متناهية لم يكن له قدر محسوس بالنسبة إلى استعداداتها الغير المتنامية. (وقد قال ذلك)، أي ما ذكر من عدم انصاف القلب بالري (أبو يزيد) في قوله : الرجل من بتحسي بحار السموات والأرض ولسانه خارج يلهث عطشا وقوله :
شربت الحب كأسا بعد كأس     ….. فما نفد الشراب وما رويت
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: