السبت، 29 يونيو 2019

الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


الفقرة الخامسة عشر : الجزء الثاني
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940 هـ:
قال الشيخ رضي الله عنه : (غير أن هذا الأمر الكلي يرجع إليه حكم من الموجودات العينية بحسب ما تطلبه حقائق تلك الموجودات العينية، كنسبة العلم إلى العالم، والحياة إلى الحي. فالحياة حقيقة معقولة والعلم حقيقة معقولة متميزة عن الحياة، كما أن الحياة متميزة عنه.
ثم نقول في الحق تعالى إن له علما وحياة فهو الحي العالم. ونقول في الملك إن له حياة وعلما فهو العالم والحي.
ونقول في الإنسان إن له حياة وعلما فهو الحي العالم.)
قال المصنف رضي الله عنه : [ غير أن هذا الأمر الكلي يرجع إليه حكم من الموجودات العينية بحسب ما تطلبه حقائق تلك الموجودات العينية، كنسبة العلم إلى العالم و الحياة إلى الحي .
فالحياة حقيقة معقولة و العلم حقيقة معقولة متميزة عن الحياة كما أن الحياة متميزة عنه، ثم نقول في الحق تعالى: إن له حياة و علما فهو الحي العالم و نقول في الملك :  إن له حياة و علما فهو الحي العالم و نقول في الإنسان: إن له حياة و علما فهو الحي العالم] .

قال الشارح رضي الله عنه: 
فلمّا أراد رضي الله عنه أن يبين كمال الارتباط بين  المعدومات و الموجودات حتى يثبت ذلك الارتباط بالملازمة بين الموجودات، فأثبت أولا ربطا قويا و هو التأثير من هذا الأمر الكل العدم على الموجودات العينية بأسرها، و أراد أن يذكر تأثيرا آخر، و ربطا آخر محدث من جهة الموجودات الخارجية فكما تكون الحقائق العقلية مؤثرة  كذلك تكون متوترة من جهة الأعيان الخارجية مبالغة لبيان الارتباط و اهتماما به، فإن الارتباط من الجانبين ما هو كالارتباط من جانب واحد، فأخذ على صورة المبالغة كما قيل في شعر :
و لا عيب فيهم غير ..... أنّ  بهن فلول من قراع
يعني: وإن كان التأثير من الحقائق العقلية ثابتة، والرابطة حاصلة. غير أن هذا الأمر الكلي يرجع إليه حكم: أي أثر تتأثر به الحقائق الكلية من الموجودات العينية كنسبة العلم إلى العالم، و الحياة إلى الحي.
فكل منهما: أي من الأمر الكلي العيني والموجود العيني كان ما كان مؤثر ومتأثر وفاعل ومنفعل، فافهم مراده وإشارته .
وضرب مثاله رضي الله عنه "سنستدرجهم من حيث لا يعلمون"، فافهم و لا تكن الغليظ القدم، و مكرنا مكرا و هم لا يشعرون، بل لله المكر جميعا .
فالغافل المؤمن الناصح نفسه إذا سمع ممن يقول عن الله تعالى أو عن رسوله ينصت، و يصغي، و يتأدّب، و يتفهم .

قال تعالى: "و إذا قرئ القُرْآنُ فاسْتمِعوا لهُ و أنصِتوا لعلّكُمْ تُـرحمُون" [ الأعراف: 204] فأوقع الترجي مع هذه الصفة و كيف حال من خاصم، و عاند و رفع صوته .
قال تعالى: "إنّ أنكر الْأصْواتِ لصوْتُ الحمِيرِ" [ لقمان: 19] فالعاقل الناصح نفسه من ترك ما عنده لما جاءه من عند الله تعالى، فافهم .
فقد نبهتك على علم عظيم من لطائف إشارات الشيخ و ضرب أمثاله تشكرني عند الله و عنده رضي الله عنه: إني أرجو أن أكون من مفصّلي الألغاز بفهم إشاراته التي لا تجدها في كتب المؤلفين، و هذا كله قطرة من بحر كراماته و نقطة من فتوحاته، فما للمحبين المؤمنين إلا الفهم فيه من الله تعالى و هو الوحي الإلهي الذي أبقاه الحق لنا وراء حجاب الإيمان، فافهم .

قال تعالى: "و قلْ ر ب زدْني عِلْماً" [ طه: 114]، "و أمّا بنعْمةِ ربِّك فحدثْ" [ الضحى: 11] .
فإنه شكر تلك النعمة، و بالشكر تزيد النعم، فالحياة حقيقة معقولة كلية مؤثرة في الحي كان من كان، و العلم حقيقة معقولة  كلية مؤثرة في العالم كان من كان فافهم .
( متميزة من الحياة كما هي الحياة متميزة عنه) و كل منهما متميز عن الآخر في مرتبة التفضيل، ثم تقول عند ظهورهما في الخارج في الحق تعالى أن له علما و حياة فهو الحي العالم.
( و نقول في الملك) بضم الميم و هو بمعنى: العالم أن له حياة و علما، فهو الحي العالم، فذكر رضي الله عنه الملك في مقابلة الحق تعالى، فافهم .
( و نقول في الإنسان أن له حياة و علما فهو الحي العالم) جعل رضي الله عنه التقسيم على ذوقه رضي الله عنه حين أعرضت الشرّاح كلهم عينها و ما أتى على من أتى إلا بتصحيف الملك بالضم بالملك بالفتح، و يدل على هذا سوقهم أحكام الملك على مساق الإنسان، و قولهم: إن الحياة و العلم فيهما حادثان و ليس عينهما، فافهم .
فإذا عرفت هذا فتقول: إن العلم و الحياة و جميع الحقائق الموجودة في الخارج لها مع الذات ثلاثة أحوال :
إمّا العينية كما في الإلهيات،
و إمّا الغيرية كما في العالم و الملك،
و إمّا إلا غير و لا غير لأنه عين و غير من جميع الأضداد، بل هو عين الأضداد .
كما في الإنسان الكامل الخليفة الذي بالوجود حادث أزلي لأنه برزخ جميع الطرفين، و حاز الحدوث و القدم في الوجودين، وهكذا في العلم و الحياة لأنه جامع الأضداد.

كما قال الخراز قدّس سره: "عرفت الله بجمع الأضداد" . يشير إلى التحقيق بهذه المرتبة، و هذا صفة من لا صفة له .
فإن قلت فيه: إنه حادث صدقت، و إن قلت: قديم صدقت يقبل الأضداد لأنه عين مجموع الأضداد.
و بهذه البرزخية فاز بالكل من بين العالم.
و لا يقال: إنه حق مطلق لحدوثه.
و لا يقال: إنه ملك و عالم لقدمه الذاتي و فوزه بالفناء الحقيقي و الوجود الدائم الأبدي .
و هذا النعت ليس لغير الإنسان الكامل، و هكذا الأمر فيه في جميع أسمائه و صفاته، فافهم .
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: