السبت، 29 يونيو 2019
the-first-book-of-fusus-alhikam
الفقرة التاسعة الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940 هـ:
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ألا تراه إذا زال وفك من خزانة الدنيا لم يبق فيها ما اختزنه الحق فيها وخرج ما كان فيها والتحق بعضه ببعض، وانتقل الأمر إلى الآخرة فكان ختما على خزانة الآخرة ختما أبديا؟
فظهر جميع ما في الصور الإلهية من الأسماء في هذه النشأة الإنسانية فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود، وبه قامت الحجة لله تعالى على الملائكة. فتحفظ فقد وعظك الله بغيرك، سأنظر من أين أتي على من أتي عليه.
ألا تراه إذا زال و فك من خزانه الدنيا لم يبق فيها ما اختزنه الحق تعالى فيها و خرج ما كان فيها و التحق بعضه ببعضه، و انتقل الأمر إلى الآخرة فكان ختما على خزانة الآخرة ختما أبديا).
قال المصنف رضي الله عنه : ( ألا تراه إذا زال و فك من خزانه الدنيا لم يبق فيها ما اختزنه الحق تعالى فيها و خرج ما كان فيها و التحق بعضه ببعضه، و انتقل الأمر إلى الآخرة فكان ختما على خزانة الآخرة ختما أبديا) .
قال الشارح رضي الله عنه:
( ألا ترى إذا زال) وجود الموضوع ليس بشرط في القضايا الشرطيات، فافهم .
( و فك من خزانة الدنيا لم يبق فيها ما اختزنه الحق فيها، و التحق بعضه ببعض و انتقل الأمر إلى الآخرة، فكان ختما على خزانة الآخرة ختما أبديا )، فالختمية ثابتة مزالة دائما أبدا، فافهم .
قال رضي الله عنه في الأجوبة من "الفتوحات ":
فأقبل ما سبب الختم، و معناه المنع و الحجز، فافهم فكان الختم أزلا فيكون أبدا .
اعلم أنه ما ثم أمر من الأمور يفرض بين الأمرين، أو ينسب إليه بذاته، أو غاية إلا و لا بد أن يكون له فاتحة هي مرتبة أوليته، و خاتمة هي مرتبة آخريته، و أمر ثالث يكون مرجع الحكمين إليه بجمعهما، و يتعين بهما و هكذا الإنسان و العالم.
ورد في الخبر عن الفاتح الخاتم صلى الله عليه و سلم أنه قال : "أعطيت فواتح الكلم و جوامعه و خواتمه" .عن أبي موسى رضي الله عنه ذكره في "جمع الجوامع .
فإذا تقرر هذا، فاعلم أنه سبحانه فتح خزانة غيبه، و ذاته، و هويته التي لا يعلمها سواه باسمه الجامع بين صفات الجمع، و التصرف، و الإطلاق، و التقييد، و الأولية و الآخرية، و الظاهرية، و الباطنية، و فتح باب معرفة ذاته و حضرة جمعه و إشهاده و تجليه الكمالي المعتلي على سائر الأسماء و الصفات بمن أظهره آخرا، و قدّره على صورته و حباه سره و سورته، و جعله خزانة مختومة حاوية على كل الخزائن و مفتاحا و هو أصل المفاتيح الأول و ينبوع الأنوار و المصابيح لا يعرفه سوى من هو مفتاحه، و يعلم هو المفاتيح التي حوتها ذاته، و اشتملت عليها عوالمه، و نشأته و أحاطت بها مراتبه، و مقاماته ما شاربه أن يراه منها، و يكشف له عنها، فإن متعلق النفي الوارد في قوله تعالى : "وعِنْدهُ مفاتحُ الغيْبِ لا يعْلمُها إلّا هُو " [ الأنعام: 59] .
نفي أن يعرف مجموعها أو أن تعرف من حيث كونها مفاتيح، و أن يعرف لا بتعريفه و تعليمه سبحانه .
وأما كون المفاتيح لا تعلم نفسها، أو لا تعرف بعضها بعضا، أو لا تعرف بتعريف، فلا نص فيه، فافهم .
فلكل فاتحة خاتمة، و هي عينها هو الأول، الآخر، الظاهر، الباطن جمع النقيضين و انختم الختم على العالمين، فافهم .
سئل خاتم النبوة صلى الله عليه و سلم متى كنت نبيا؟
قال صلى الله عليه و سلم : "كنت نبيا و آدم بين الماء و الطين".
و أشار إلى الأزل، فلو سئل خاتم الولاية المحمّدية متى كنت وليا خاتما؟ فكان يقول في جوابه: كنت وليا و آدم بين الماء و الطين: أي أزلا، و كل أزلي أبدي فيكون الختم أبدا، فافهم الإشارة .
فكل ولي و نبي كان ظهور نبوّته و ولايته مشروطا بشروط كالظهور بالبدن العنصري بخلاف خاتم النبوّة و خاتم الولاية المحمّدية، فإنهما كانا في الأزل نبيا و وليا، و لم يكن آدم شيئا مذكورا.
فكما أن الله تعالى ختم بمحمد صلى الله عليه و سلم نبوّة الشرائع.
كذلك ختم الله بالختم المحمّدي بالولاية المحمدية
بحيث لا يحصل للمحمّدي فيض إلا من مشكاته رضي الله عنه و له أمر الولاية المحمدية من قبل و من بعد، كما أن أمر النبوّة من قبل و من بعد سواء كان قبل الوجود العنصري، أو بعده، فلا يأخذ ولي إلا من مشكاته، كما لا يأخذ نبي إلا من مشكاته صلى الله عليه و سلم و هذه هي الأسوة الحسنة .
قال صلى الله عليه و سلم إشارة إلى هذه الأسوة : " أما لكم فيّ أسوة". الحديث رواه أبو قتادة رضي الله عنه .
و الختم المحمّدي عبارة عن خاتم يكون على حرف قدم محمد صلى الله عليه و سلم، و أما المحمّديون بعد هذا الختم يكون على قلوب الأنبياء عليهم السلام، فلا بعده من يكون على قدمه يطأ أثره، كما لا يكون أحد على قلبه:
أي على قلب محمد صلى الله عليه و سلم أبدا، هذا معنى ختم الولاية المحمّدية، و هو أعلم الخلق بالله، و لا يكون في زمانه، و لا بعد زمانه أعلم بالله، و بمواقع الحكم منه، فهو و القرآن إخوان، كما أن المهدي و السيف إخوان، و كما أن لا نبي بعد محمد صلى الله عليه و سلم، كذلك لا ولي بعد هذا الختم سلام الله عليه، فإنه خاتم أولياء الذات، و روح الكلمات التامات، و لا بد أن يرى في كشفيه ما ينبئك عن وصفه إن سلكت هذه الطريقة، و بلغت إلى هذه الحقيقة فافهم .
قال رضي الله عنه في "الفتوحات" في أصل أسئلة الترمذي:
أمّا ختم الولاية المحمّدية فهي لرجل من العرب من أكرمها أصلا و نسبا، و هو في زماننا اليوم موجود، عرفت به سنة خمس و تسعين و خمسمائة، و رأيت العلامة التي قد أخفاها الحق سبحانه فيه في عيون عباده، و كشفها لي بمدينة "فاس" حتى رأيت خاتم الولاية النبوّة المطلقة لا يعلمه كثير من الناس، و قد ابتلاه الله بأهل الإنكار عليه فيما يتحقق به من الحق تعالى في سره من العلم به، انتهى كلامه رضي الله عنه .
و ما رأيت بتصريحه بهذا المعنى لنفسه أصلا إلا في مواضع قليلة منها في بيت في الباب الثالث و الأربعين من "الفتوحات" فإنه رضي الله عنه قال :
أنا ختم الولاية دون شك ..... كورث الهاشمي مع المسيح .
و في الفتوحات الباب الخامس والستون وثلاثمائة في معرفة منزل أسرار قال رضي الله عنه يشير إلى مقام الخاتم :
إنما علقت نفسي مع الله أن يستعملني فيما يرضيه ولا يستعملني فيما يباعدني عنه .
وأن يخصني بمقام لا يكون لمتبع أعلى منه ولو أشركني فيه جميع من في العالم لم أتأثر لذلك فإني عبد محض لا أطلب التفوق على عباده .
بل جعل الله في نفسي من الفرح أني أتمني أن يكون العالم كله على قدم واحدة في أعلى المراتب فخصني الله بخاتمة أمر لم يخطر لي ببال فشكرت الله تعالى بالعجز عن شكره مع توفيتي في الشكر حقه .
وما ذكرت ما ذكرته من حالي للفخر لا والله وإنما ذكرته لأمرين الأمر الواحد لقوله تعالى وأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ وأية نعمة أعظم من هذه والأمر الآخر ليسمع صاحب همة فتحدث فيه همة لاستعمال نفسه فيما استعملتها فينال مثل هذا فيكون معي وفي درجتي فإنه لا ضيق ولا حرج. أهـ
فإن قيل: بأي صفة استحقّ بها أن يكون خاتما للولاية المحمدية.
قلنا: بتمام مكارم الأخلاق مع الله، إنما قلنا: مع الله لأن أغراض الخلق مختلفة، و لم يمكن تعميم موافقة العالم بالجميل فنظر نظر الحكيم، فلم يجد صاحبا مثل الحق، و لا صحبة أحسن من صحبته .
و رأى أن السعادة في معاملته، فنظر إليه فرأى أنه شرع أحكاما، و حدّ حدودا فوقف عندها، فما صرف الأخلاق إلا مع سيده، فلما كان بهذه المثابة قيل فيه ما قيل في خاتم النبوة: "وإنّك لعلى خُلقٍ عظِيمٍ" [ القلم: 4] .
قال رضي الله عنه في الباب الرابع و الثلاثين و خمسمائة من "الفتوحات ":
إن هذه الآية تليت علينا تلاوة تنزل إلهي من أول السورة إلى قوله: "عتل بعْد ذلك زِنيمٍ" [ القلم: 13] انتهى كلامه.
و مكارم الأخلاق معلومة عقلا، و عرفا، و التصرف فيها و بها معلوم شرعا، فمن اتصف بها على الوجه المشروع .
و زاد تتميم: مكارم الأخلاق، و هو إلحاق سفسافها بها، فتكون كلها مكارم الأخلاق بالتصرف المشروع و المعقول، فقد اتصف بكل ثناء إلهي، و اتصف فلا يزال محسودا، و بالعداوة مقصودا، فافهم .
قال المصنف رضي الله عنه : ( فظهر جميع ما في الصورة الإلهية من الأسماء في هذه النشأة الإنسانية فحازت رتبة الإحاطة و الجمع بهذا الوجود، و به قامت الحجة لله تعالى على الملائكة . فتحفظ فقد وعظك الله بغيرك، و انظر من أين أتي على من أتي عليه .)
قال الشارح رضي الله عنه :
( فظهر جميع ما في الصورة الإلهية من الأسماء في هذه النشأة الإنسانية) هذا هو التخلق بجميع الأسماء، و هو أحسن تقويم .
و قال تعالى: "و علّم آدم الْأسْماء كُلّها " [ البقرة: 31] و لم يقل بعضها .
و قال صلى الله عليه وسلم : "إن الله خلق آدم على صورته" رواه الشيخان البخاري، و مسلم .
و في رواية : "صورة على صورة الرحمن".
( فجازت رتبة الإحاطة و الجمع )، فجمع بين الصورة الحقية، و صورة العالم و كان برزخا بين الحق، و الخلق مرآة منصوبة يرى الحق فيها، و يرى الخلق فيها، فمن حصّل هذه المرتبة، حصّل رتبة الكمال الذي لا أكمل منه في الإمكان .
كما قال الإمام الغزالي رحمه الله: ما في الإمكان أبدع ما كان، و معنى رؤية الحق: فيها إطلاق جميع الأسماء الإلهية عليه، كما جاء في الخبر: "فبهم تنصرون والله الناصر، وبهم ترزقون و الله الرزاق، و بهم ترحمون و الله الرحمن الرحيم".
و قد ورد في القرآن: " بالمُؤْمِنين رؤُفٌ رحِيمٌ " [ التوبة: 128] .
"و ما أرسلناك إلّا رحْمةً للْعالمِين" [ الأنبياء: 107]: أي لنرحمهم بك لأنه اسم الله الأعظم، فافهم.
( بهذا الوجود) لأن صاحب هذا الوجود لا يرى في الوجود إلا الله، و يرى أحكام أعيان الممكنات في عين وجوده، و هذا هو النظر التام الذي لا ينال بالنظر و لكن ينال بالشهود، و هو قوله صلى الله عليه و سلم : "من عرف نفسه فقد عرف ربه، فمن عرف أنه لم تزل عينه في إمكانه عرف ربه بأنه الموجود و الوجود".
و به (قامت الحجة لله على الملائكة ): أي بهذا الجمع و الوجود و هو حجة الله على الملائكة .
قال تعالى: "و علّم آدم الْأسْماء كُلّها" [ البقرة: 31] .
يعني: الأسماء التي هي مبادئ لإيجاد العالم، و مؤثرات في حقائق الأكوان، و من جملتها الأسماء الإلهية التي توجّهت على إيجاد الملائكة و هي لا تعرفها، ثم أقام المسمّيين بهذه الأسماء، و هم مظاهر التجليات الإلهية التي هي الأسماء كالمواد الصورية للأرواح .
فقال: "أنبئوني بأسْماءِ هؤُلاءِ إنْ كُنْتمْ صادِقين "[ البقرة: 31]،
يعني: الصور التي تجلى فيها الحق إن كنتم صادقين في قولكم "نسبِّحُ بحمْدِك "[ البقرة: 31]، :
كأنه قال لهم: و هل سبحتموني بهذه الأسماء التي تقتضيها هذه التجليات التي أتجلّاها لعبادي؟
و إن كنتم صادقين في قولكم : و نقدّس ذواتنا عن الجهل بك، فهل قدّستم ذواتكم لنا من جهلكم بهذه التجليات و ما لها من الأسماء التي ينبغي أن تسبحوني بها؟ .
فقامت عليهم الحجة في ادّعائهم الإلهية، فقالت بعد العلم: "لا عِلْم لنا إلّا ما علّمْتنا" [ البقرة: 32]، و اعترفت بالكمال الذي غاب عنها هذا .
وقد قال تعالى لها: إنه خليفة، فكيف بها لو لم يقل لها ذلك، فلم يكن ذلك إلا لبطونه على الملائكة.
( فتحفظ، فقد وعظك الله بغيرك) من أكبر العناية أن يعظك بغيرك، أن السعيد من وعظ بغيره و ذلك لرتبة المحبوبية و كمال السعادة .
( و انظر من أين أتى على من أتي عليه) مبني للمفعول، يقال: أتاه، و أتى به و أتي عليه، و هي لا تستعمل مجهولا إلا في المكاره .
و في الفتوحات الباب الخامس والستون وثلاثمائة في معرفة منزل أسرار قال رضي الله عنه يشير إلى مقام الخاتم :
إنما علقت نفسي مع الله أن يستعملني فيما يرضيه ولا يستعملني فيما يباعدني عنه .
وأن يخصني بمقام لا يكون لمتبع أعلى منه ولو أشركني فيه جميع من في العالم لم أتأثر لذلك فإني عبد محض لا أطلب التفوق على عباده .
بل جعل الله في نفسي من الفرح أني أتمني أن يكون العالم كله على قدم واحدة في أعلى المراتب فخصني الله بخاتمة أمر لم يخطر لي ببال فشكرت الله تعالى بالعجز عن شكره مع توفيتي في الشكر حقه .
وما ذكرت ما ذكرته من حالي للفخر لا والله وإنما ذكرته لأمرين الأمر الواحد لقوله تعالى وأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ وأية نعمة أعظم من هذه والأمر الآخر ليسمع صاحب همة فتحدث فيه همة لاستعمال نفسه فيما استعملتها فينال مثل هذا فيكون معي وفي درجتي فإنه لا ضيق ولا حرج. أهـ
فإن قيل: بأي صفة استحقّ بها أن يكون خاتما للولاية المحمدية.
قلنا: بتمام مكارم الأخلاق مع الله، إنما قلنا: مع الله لأن أغراض الخلق مختلفة، و لم يمكن تعميم موافقة العالم بالجميل فنظر نظر الحكيم، فلم يجد صاحبا مثل الحق، و لا صحبة أحسن من صحبته .
و رأى أن السعادة في معاملته، فنظر إليه فرأى أنه شرع أحكاما، و حدّ حدودا فوقف عندها، فما صرف الأخلاق إلا مع سيده، فلما كان بهذه المثابة قيل فيه ما قيل في خاتم النبوة: "وإنّك لعلى خُلقٍ عظِيمٍ" [ القلم: 4] .
قال رضي الله عنه في الباب الرابع و الثلاثين و خمسمائة من "الفتوحات ":
إن هذه الآية تليت علينا تلاوة تنزل إلهي من أول السورة إلى قوله: "عتل بعْد ذلك زِنيمٍ" [ القلم: 13] انتهى كلامه.
و مكارم الأخلاق معلومة عقلا، و عرفا، و التصرف فيها و بها معلوم شرعا، فمن اتصف بها على الوجه المشروع .
و زاد تتميم: مكارم الأخلاق، و هو إلحاق سفسافها بها، فتكون كلها مكارم الأخلاق بالتصرف المشروع و المعقول، فقد اتصف بكل ثناء إلهي، و اتصف فلا يزال محسودا، و بالعداوة مقصودا، فافهم .
قال المصنف رضي الله عنه : ( فظهر جميع ما في الصورة الإلهية من الأسماء في هذه النشأة الإنسانية فحازت رتبة الإحاطة و الجمع بهذا الوجود، و به قامت الحجة لله تعالى على الملائكة . فتحفظ فقد وعظك الله بغيرك، و انظر من أين أتي على من أتي عليه .)
قال الشارح رضي الله عنه :
( فظهر جميع ما في الصورة الإلهية من الأسماء في هذه النشأة الإنسانية) هذا هو التخلق بجميع الأسماء، و هو أحسن تقويم .
و قال تعالى: "و علّم آدم الْأسْماء كُلّها " [ البقرة: 31] و لم يقل بعضها .
و قال صلى الله عليه وسلم : "إن الله خلق آدم على صورته" رواه الشيخان البخاري، و مسلم .
و في رواية : "صورة على صورة الرحمن".
( فجازت رتبة الإحاطة و الجمع )، فجمع بين الصورة الحقية، و صورة العالم و كان برزخا بين الحق، و الخلق مرآة منصوبة يرى الحق فيها، و يرى الخلق فيها، فمن حصّل هذه المرتبة، حصّل رتبة الكمال الذي لا أكمل منه في الإمكان .
كما قال الإمام الغزالي رحمه الله: ما في الإمكان أبدع ما كان، و معنى رؤية الحق: فيها إطلاق جميع الأسماء الإلهية عليه، كما جاء في الخبر: "فبهم تنصرون والله الناصر، وبهم ترزقون و الله الرزاق، و بهم ترحمون و الله الرحمن الرحيم".
و قد ورد في القرآن: " بالمُؤْمِنين رؤُفٌ رحِيمٌ " [ التوبة: 128] .
"و ما أرسلناك إلّا رحْمةً للْعالمِين" [ الأنبياء: 107]: أي لنرحمهم بك لأنه اسم الله الأعظم، فافهم.
( بهذا الوجود) لأن صاحب هذا الوجود لا يرى في الوجود إلا الله، و يرى أحكام أعيان الممكنات في عين وجوده، و هذا هو النظر التام الذي لا ينال بالنظر و لكن ينال بالشهود، و هو قوله صلى الله عليه و سلم : "من عرف نفسه فقد عرف ربه، فمن عرف أنه لم تزل عينه في إمكانه عرف ربه بأنه الموجود و الوجود".
و به (قامت الحجة لله على الملائكة ): أي بهذا الجمع و الوجود و هو حجة الله على الملائكة .
قال تعالى: "و علّم آدم الْأسْماء كُلّها" [ البقرة: 31] .
يعني: الأسماء التي هي مبادئ لإيجاد العالم، و مؤثرات في حقائق الأكوان، و من جملتها الأسماء الإلهية التي توجّهت على إيجاد الملائكة و هي لا تعرفها، ثم أقام المسمّيين بهذه الأسماء، و هم مظاهر التجليات الإلهية التي هي الأسماء كالمواد الصورية للأرواح .
فقال: "أنبئوني بأسْماءِ هؤُلاءِ إنْ كُنْتمْ صادِقين "[ البقرة: 31]،
يعني: الصور التي تجلى فيها الحق إن كنتم صادقين في قولكم "نسبِّحُ بحمْدِك "[ البقرة: 31]، :
كأنه قال لهم: و هل سبحتموني بهذه الأسماء التي تقتضيها هذه التجليات التي أتجلّاها لعبادي؟
و إن كنتم صادقين في قولكم : و نقدّس ذواتنا عن الجهل بك، فهل قدّستم ذواتكم لنا من جهلكم بهذه التجليات و ما لها من الأسماء التي ينبغي أن تسبحوني بها؟ .
فقامت عليهم الحجة في ادّعائهم الإلهية، فقالت بعد العلم: "لا عِلْم لنا إلّا ما علّمْتنا" [ البقرة: 32]، و اعترفت بالكمال الذي غاب عنها هذا .
وقد قال تعالى لها: إنه خليفة، فكيف بها لو لم يقل لها ذلك، فلم يكن ذلك إلا لبطونه على الملائكة.
( فتحفظ، فقد وعظك الله بغيرك) من أكبر العناية أن يعظك بغيرك، أن السعيد من وعظ بغيره و ذلك لرتبة المحبوبية و كمال السعادة .
( و انظر من أين أتى على من أتي عليه) مبني للمفعول، يقال: أتاه، و أتى به و أتي عليه، و هي لا تستعمل مجهولا إلا في المكاره .
.
التسميات:
Fusus-AlHikam
،
IbnArabi
،
the-first-book-of-fusus-alhikam
مواضيع ذات صله :
the-first-book-of-fusus-alhikam
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
اشترك في قناتنا علي اليوتيوب
المشاركات الشائعة
-
كتاب تاج الرّسائل ومنهاج الوسائل . الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
-
باب في تفسير ألفاظ تدور بين الطائفة من كلام سيد الطائفة .كتاب الإمام الجنيد سيد الطائفتين إعداد الشيخ أحمد فريد المزيدي
-
28 - فهرس الموضوعات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتافهرس الموضوعات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
-
06 - باب ترجمة التعريف .كتاب تاج التراجم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
-
قصة الشخص الذي دلوه على كنز في مصر وبيان تضرعه من الفقر في حضرة الحق .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم ا...
-
الهوامش والشروح 4602 - 4932 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
-
مقتطفات من الباب 559 من الفتوحات المكية .كتاب شرح مشكلات الفتوحات المكية وفتح الأبواب المغلقات من العلوم اللدنية
-
كتاب عقلة المستوفز الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
-
مقدمة كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع في شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية د. سعاد الحكيم
-
قصة هلال الذي كان عبدا مخلصا لله صاحب بصيرة غير مقلد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
أرشيف المدونة الإلكترونية
-
▼
2019
(447)
-
▼
يونيو
(216)
- الفقرة الخامسة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الرابعة الجزء الثاني السفر الرابع فص حكمة ق...
- الفقرة الرابعة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الثالثة الجزء الثاني السفر الرابع فص حكمة ق...
- الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر الرابع فص حكمة ق...
- الفقرة الثانية الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الأولى السفر الرابع فص حكمة قدوسية فى كلمة ...
- الفقرة الرابعة والعشرون السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة الثالثة والعشرين السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة الثانية والعشرين السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة الحادية والعشرين السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة العشرين الجزء الثاني السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة العشرين الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني السفر الثالث فص حك...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول السفر الثالث فص حكم...
- الفقرة الثامنة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة السابعة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة السادسة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الخامسة الجزء الثاني عشرة السفر الثالث فص ح...
- الفقرة الخامسة عشرة الجزء الأول السفر الثالث فص حك...
- الفقرة الرابعة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول السفر الثالث فص حكم...
- الفقرة الثالثة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الثانية عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الحادية عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة العاشرة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة التاسعة الجزء الثاني السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة التاسعة الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة الثامنة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة السابعة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة السادسة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة الخامسة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة الرابعة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة الثانية الجزء الثالث السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة الثانية الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة الأولى السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة السابعة والثلاثون السفر الثاني فص حكمة نفثي...
- الفقرة السادسة والثلاثون الجزء الثاني السفر الثاني...
- الفقرة السادسة والثلاثون الجزء الأول السفر الثاني ...
- الفقرة الخامسة والثلاون السفر الثاني فص حكمة نفثية...
- الفقرة الرابعة والثلاثون السفر الثاني فص حكمة نفثي...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الرابع السفر الثاني...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الثالث السفر الثاني...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الثاني السفر الثاني...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الأول السفر الثاني ...
- الفقرة الثانية والثلاثون الجزء الثاني السفر الثان...
- الفقرة الثانية والثلاثون الجزء الأول السفر الثاني ...
- الفقرة الحادي والثلاثون الجزء الثاني .السفر الثاني...
- الفقرة الحادي والثلاثون الجزء الأول .السفر الثاني ...
- الفقرة الثلاثون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ...
- الفقرة الثلاثون الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الثامنة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الثامنة والعشرين الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة السابعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة السابعة والعشرين الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة السادسة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة السادسة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الخامسة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الخامسة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الثالثة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الثالثة والعشرين الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الثانية والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الثانية والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الحادي والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ف...
- الفقرة الحادي والعشرين الجزء الأول السفر الثاني فص...
- الفقرة العشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة العشرون الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثامنة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة الثامنة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة السابعة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة السادسة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثامنة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة الرابع عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الرابع عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة الثالث عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثالث عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة الثاني عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثاني عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة الحادي عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الحادي عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة العاشرة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة العاشرة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة التاسعة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة التاسعة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة الثامنة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة الثامنة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة السابعة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
-
▼
يونيو
(216)
تابعونا علي فيس بوك
https://www.facebook.com/groups/146820946026951/?ref=bookmarks
تغريداتي علي التويتر
التسميات
Abdelkader-Jilani
al-Junayd-al-Baghdadi
al-Kahf-Wa-al-Raqim
AlFateh-AlRabbani
AlMasnavi-Vol1
AlNafri
alnnadirat-aleiniat-eabd-alkarim-aljili
alsafar_alkhatum_fusus_alhikam
alshajara-alnumaniyya
altanazulat-almawsilia
Divan-Shams-Tabrizi
divine-manifestations
divine-providence
eabd-alkarim-aljili
farid-aldiyn-aleitar
Fusus-AlHikam
Hallaj
hikam
Ibn-AlFarid
Ibn-Ata-Allah
IbnArabi
mantiq-altayr
mathnawi-ma'nawi-Part1-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part1-muhamad-kaffafi
mathnawi-ma'nawi-Part2-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part2-muhamad-kaffafi
mathnawi-ma'nawi-Part3-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part4-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part5-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part6-iibrahim-aldasuqi
Mongah_IbnAtaAllah
Rumi
sharah-alkahf-walraqim-fie-sharah-bismi-allah-aljili
sharah-mushkilat-alftwhat-almakia
taj-altarajum
the-eighth-book-of-fusus-alhikam
the-fifth-book-of-fusus-alhikam
the-first-book-of-fusus-alhikam
the-fourth-book-of-fusus-alhikam
the-ninth-book-of-fusus-alhikam
the-second-book-of-fusus-alhikam
the-seventh-book-of-fusus-alhikam
the-sixth-book-of-fusus-alhikam
the-tenth-book-of-fusus-alhikam
the-third-book-of-fusus-alhikam
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق