السبت، 29 يونيو 2019

الفقرة الثالثة الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة الثالثة الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة الثالثة الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


الفقرة الثالثة : الجزء الثاني
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940 هـ:
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فإن رؤية الشي ء نفسه بنفسه ما هي مثل رؤيته نفسه في أمر آخر يكون له كالمرآة، فإنه يظهر له نفسه في صورة يعطيها المحل المنظور فيه مما لم يكن يظهر له من غير وجود هذا المحل ولا تجليه له.  وقد كان الحق سبحانه أوجد العالم كله وجود شبح مسوى لا روح فيه، فكان كمرآة غير مجلوة. )
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن رؤية الشي ء نفسه بنفسه ما هي مثل رؤيته نفسه في أمر آخر يكون له كالمرآة فإنه تظهر له نفسه هي صورة يعطيها المحل المنظور فيه مما لم يكن يظهر له من غير وجود هذا المحل و لا تجليه له ) . 

قال الشارح رحمة الله : 
و قال رضي الله عنه : (إن رؤية الشيء نفسه بنفسه ما هي مثل رؤية نفسه في أمر آخر)، هذا دفع اعتراض متوهم، و هو أن الله تعالى أزلي الذات، و أزلي الصفات، فكان بصيرا بذاته في الأزل و لا  شيء معه، فكان يرى الأعيان في العدم في القدم . 
فأجاب رضي الله عنه بأن له تعالى الرؤية، و لكن رؤية  الشيء بنفسه كرؤية الحق الأعيان الثابتة في نفسه و ذاته في حضرة اتحاد العالم، و المعلوم، و العلم ليس كرؤية نفسه في أمر آخر. أي الذي يرى نفسه بنفسه في نفسه ليس مثل ما يرى نفسه في أمر آخر.
و إنما قال رضي الله عنه في أمر آخر، و ما قال في الغير لأنه لا غير عنده، و لكن كأنه غيره من بعض الوجوه و التجلي ما خرج عن الأقدس الذاتي . 
فحاصل كلامه رضي الله عنه: إن الرؤية قد تتعلق بالمعدوم في الخارج، و قد تتعلق بالموجود فيه، فإذا تعلقت بالموجود في الخارج تعلقت بحسبه، فإنها تابعة للمرئي كالعلم فإنه تابع للمعلوم مطلقا حقا أو خلقا، فافهم .

"" أضاف المحقق قال سيدي علي وفا رضي الله عنه : إذا أفادك الحق نفسه بكشفه وبيانه فحصلت لك رؤيته والتحقق به ، فإنما رآه و تحقق به نفسه التي أفادك إياها، فهو لا يراه إلا إياه، ولا يتحقق به سواه، و كل صديق لصادقه هو، يتحقق به ويراه، فنفاة الرؤية و مثبتوها على صواب كما سمعت، فافهم.
قال تعالى : " قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ" [يونس: 108]، إنما يعني هنا أنا المستحق الأصيل إن عرفتم حقي الجميل الجليل، فافهم. ""
( يكون له ): أي أمر آخر يكون لذلك  الشيء في الرؤية (كالمرآة ) المصقولة الصحيحة المقابلة، فإنه يرى فيها بحسبها لا بحسب الرائي.
فإنه تظهر له : أي للشيء نفسه في صورة يعطيها: أي استعداد المرآة و هي المحل المنظور فيه و هو العالم، أو الإنسان الكامل، كالوجه يرى في المرآة بحسبها مختلفة كالاستطالة و الاستدارة و غيرهما مع وحدة الوجه الناظر فيها، و ما ذلك إلا لاختلاف الاستعدادات و القابليات في ذات المرآة . 
( مما لم يكن يظهر له من غير وجود هذا المحل) الذي بمنزلة المرآة و المجلي، (و لا تجليه له ) عطف على يظهر: أي لا يظهر له و لا تجلى من غير هذا المحل، فلمّا كان الرائي هو الحق عبر عن التقابل و التواجه بالتجلي لاستلزامه العلم.
و الشعور بالمتجلي كما هو المصطلح: أي و لا يظهر تجليه: أي تجلي الحق له: أي للمحل من غير هذا الوجه، و هو الوجود الخارجي . 

ذكر الشيخ عين القضاة قدّس سره في بعض تصانيفه عن شيخه الشيخ أحمد الغزالي: 
إن شيخه أبا بكر النسّاج قال في مناجاته: إلهي ما الحكمة في خلقي؟
فقال له: الحكمة في خلقك رؤيتي في مرآتك روحك، و محبتي في قلبك . 
ذكره الشيخ عبد الرحمن الجامي قدّس سره في "النفحات" . 
قال الشيخ قدس الله سره: (و قد كان الحق أوجد العالم كله وجود شبح مسوّى لا روح فيه، فكان كمرآة غير مجلوّة)
( و قد كان) اعلم أن لفظ كان يعطي التقييد الزماني، و ليس المراد هنا به ذلك و لا في الإلهيات، كما قال سبحانه: "و كان اللّهُ غفُورًاً رحِيماً" [ الفرقان: 70].
و إنما المراد به: الكون الذي هو الوجود، فتحقيق كان أنه حرف وجودي لا لفعل بطلب الزمان، و لهذا لم يرد ما يعتقدون علماء الرسوم، و لا كما قيل في قوله صلى الله عليه و سلم:" كان الله و لا  شيء معه "الحديث.
و هو الآن كما كان زيادة مدرجة في الحديث ممن لا يلاحظ معنى كان في الإلهيات، و لا سيما في أمثال هذه المواضع، فلهذا أسماها و أخواتها بعض النحاة حروفا تعمل على الأفعال، و هي عند سيبويه حرف وجودي، و لو تخيل فيه الزمان لوجود التصرف من كان يكون، فهو كائن . 
هذا الذي سقناه إنما هو على قول الولي إذا قال مثل هذا اللفظ.
أو نطق به من مقام ولايته لأن مقام المرتبة التي منها بعث رسولا، فإن الرسول إذا قال مثل هذا اللفظ في المعرفة بالله من مقامه الاختصاصي فلا كلام لنا فيه، و لا ينبغي لنا أن نشرع فيما ليس بذوق لنا .  
و أمّا بلسان الولاية فنحن نترجم عنه بأعلى وجه يقتضيه حالها هذا غاية الولي في ذلك، فإذا عرفت أنه ليس المراد من لفظ  كان معنى القبلية الزمانية، بل أنه أداة توصيل تدل على نسبة يحصل بها المقصود في نفس السامع . 
فاعلم أنه رضي الله عنه يشير بقوله: قد كان إلى المساوقة لمن وقف عليها ألا يتقيد وجود الحق مع  وجود العالم بين الإيجاد و المشيئة الأزلية، و إن كانت العبارة توهم بالمسابقة، و لكن ما يقول بها عقل، و لا يقدر على إقامة البرهان على ما ادّعاه.
و إنما قلنا بالمساوقة لأن الحقائق أعطت لمن وقف عليها أن لا يتقيد وجود الحق تعالى مع وجود العالم بقبلية، و لا معيّ ة و لا بعدية .
فإن هذه كلها أحكام الزمان، و أحكام الزمان في الإلهيات قد رمت به الحقائق في وجه القائل بها: اللهم إلا أن يقول للتوصيل، و التعميم إذ ليس كل أحد أعطي الكشف على حقائق الأمور.
فلا نقول من لسان الحقائق على ما هو الأمر عليه في نفسه أن العالم موجود بعد الحق، كما لا نقول أنه موجود قبل الحق، و لا مع الحق فإن الحق هو الذي أوجده من العدم هو فاعله و موجده و مخترعه، فلا قدم له مع الحق بجميع الوجوه من الوجوه.
و لكن نقول الحق موجود بذاته، و العالم موجود به تعالى في حال لا قبل، و لا بعد، و لا مع لأنها كلها علل، و المقام مقام التنزه عن الآفات و العلل، و أين أنت من أن الزمان مقدر حركة الفلك؟ و متى كان الفلك؟
و متى كان حركته حتى يعتبر مقدارها زمانا؟
و هو من عالم الحق، و كلامنا من فوق عالم الأمر . 
فإن قال متوهّم، فمتى كان وجود العالم من وجود الحق؟
قلنا: السؤال عن متى سؤال عن زمان، و هو من عالم النسب، و عالم النسب من عالم الخلق، و هو مخلوق لله تعالى، فلا نحكم على ما فوقه . 
فانظر كيف تسأل، و إياك أن تحجبك آلات التوصيل، و أدوات التفصيل عن تحقيق المعاني الصرفة التي لا يحتملها، أو إلى الحروف و الاصطلاحات، و لا تسعها قوالب الألفاظ، و ظروف العبارات . 
و هكذا الأمر هنا في نفس الأمر، فإنه قال رضي الله عنه: لما شاء الحق تعالى، ثم قال: و كان الحق أوجد، و هما يطلبان التقدّم، و التأخّر، أو المعية، و مثل هذه وقع في التنزيل، و هو قوله: "و كان عرْشُهُ على الماءِ" [  هود: 7] . 
حتى فهموا من هذا السوق قدمهما، فإذا تقرّر هذا، فقد تبين أن هذه الألفاظ الموهمة هي من الآيات المتشابهة الواجبة التأويل، و من أدوات التعليم و التفهيم و التوصيل، و ينبغي لكل عالم على حسب فهمه، و قوة نفوذه، وحدة بصيرته و بصره أن يفهم المعاني من وراء حجاب الألفاظ، و يغالط نفسه، و لا يغالط نفسه، فافهم .
فإن الأمر أنزه أن يعبر، وأعزّ من أن يشار إليه و يفسّر، وهنا سر آخر وهو من بعض محتملاته، وهو أنه ورد في الخبر الصحيح :" كان الله ولا شيء معه"  
ثم أدرج فيه العارف، و قال: الآن كما كان: أي لم ترجع إليه من إيجاده العالم صفة لم يكن عليها أزلا، بل كان موصوفا لنفسه، و مسمّى قبل خلقه بالأسماء التي يدعونه بها.
فلما أراد وجود العالم، فانفعلت الحقيقة الكلية المسمّاة بالهباء التي هي بمنزلة طرح الجص للبناء ليفتح فيها ما يشاء من الصور و الأشكال، و هي أول موجود العالم، فتمددت تلك الحقيقة الجصية المطروحة بمدد و ممدد ذاتي و اقتضاء أصلي أشباحا و أشكالا و صورا بلا أرواح على الحسب التقدير السابق، و تفصيله القائم بنفس الموجد الحق سبحانه.
فإن علم العالم و قدره بعلمه، و علمه تابع للمعلوم، و المعلوم عين ذاته لأنه في مقام وحدة العلم و العالم و المعلوم، فافهم هذا المبهم، و لا تخف إن ما في الوجود غيره، و كل ما في الوجود مراتب التنزلات الإلهية 
أما ترى إشارة قوله سبحانه: "إنّما قوْلنا لشيْءٍ إذا أردناهُ أنْ نقُول لهُ كُنْ فيكُونُ" [ النحل: 40] إنه تعالى أثبت له نحو وجوده ليسمع، و يطيع خطاب كن فيكون، فالقول قديم، و ثبوت  الشيء باعتبار عينه الثابتة أقدم، فافهم . 
و تحقيق هذه المسألة للأعيان الثابتة في حال عدمها وجوديا علما بالنسبة إلى الحق، و خاليا بالنسبة إلى الإنسان الكامل المتحقق بالحق: أي بمرتبته.

فيقول الحق تعالى له :  "كن فيكون" لسامع هذا الأمر الإلهي وجودا حسيا.
أي يتعلق به الحس في الوجود الحسي كما يتعلق به الخيال في الوجود الخيالي .
و هنا حارت الألباب هل الموصوف (بالوجود) المدرك بهذه الحواس هو العين الثابتة؟ أم لا؟ فافهم، ذكره رضي الله عنه في  حضرة الخالق من "الفتوحات" : 
و أيضا أن للممكن حضرية العدم، و الوجود عارض له، قال تعالى إشارة إلى هذه النكتة: "و آيةٌ لهُمُ اللّيْلُ نسْلخُ مِنْهُ النّهار" [ يس: 37].
فقدّم رتبة الليل الذي هو صورة العدم على رتبة النهار الذي هو صورة الوجود.
فحكم العدم يتوجّه على ما وجد من الصور العلمية في ثبوتها.
و حكم الإيجاد من واجب الوجود ما كان ما يكون بحسب اقتضاء الأعيان.
فالذي برز في الوجود من الصور هو علمه بالعالم، و علمه بالعالم عين علمه بنفسه، و علمه بنفسه كان أزلا أبدا .
لا عن عدم نعلمه بالعالم  كذلك، فالعالم كذلك، و لكن تقدّم الحق تعالى لأنه صفة له و صفات الحق قديمة بقدمه، فافهم . 
فإني أدرجت لك في هذا ملاك التصوف إن كنت صافيا، و فهمت في ضمن هذا السوق أن المسابقة على وزن المساوقة، و حكمها سواء و ذلك لأن الأشياء لها مواطن و أحكامها بحسبها، و ليست هذه المسألة من  مدركات العقل . 
و من أغرب أحكام هذا العالم، و أعجبها أن العقل بحكمه ضرورة على العلة، أنها لا تكون معلولة لمن هي علة له، و لا المعلول سابق العلة، هذا حكم العقل السليم المستقيم لا خفاء فيه، بخلاف العلم التجلي فإنه يحكم أن العلة تكون معلولة لمن هي علة له، و المعلول سابق العلة، و ذلك لوحدة العين، و صاحب العقل يرمي هذا الذوق، و أرباب الوهم بالذوق منه فيه . 
هذا هو جمع الأضداد الذي أشار إليه، و إلى تحققه وجه من وجوه الحق بقوله : 
عرفت الله بجميع الأضداد، ثم تلا: "هُو الْأوّلُ و الْآخِرُ و الظّاهِرُ و الباطِنُ" [ الحديد: 3] . 
و لا نقول بالاعتبارين لأنه سائغ في كل الأمور.
بل باعتبار واحد من عين واحدة، و نسبة واحدة، هذا هو الذوق الذي ذاقه أرباب الكشف و الشهود و المعتني الذي اعتنى بالقول بوحدة الوجود، هؤلاء القوم قد فارقوا المعقول، و لم تقيدهم العقول، هم الإلهيون حقا المحقّقون الذين حقّقهم الله بما أشهدهم صدقا . 
قال تعالى: "و ما رميت إذْ رميت و لكِنّ اللّه رمى"  [ الأنفال: 17] فأثبت، و نفي، و عرا و كسا حسبنا الله و كفى . 
فإذا فهمت ما قلناه إن شئت قلت بالإيجاد، و الخلوة و التأثير، أو بالظهور و البروز و الإبراز، و الإظهار فلا مناقشة في الألفاظ . 
قال تعالى: "يخْلقُ ما يشاءُ و يخْتارُ" [ القصص: 68]، "و على اللّهِ قصْدُ السّبيلِ" [ النحل: 9] . 
( الحق تعالى) إنما قال: الحق، و لم يقل: الله إذ لا يطلب الحق إلا بالحق، فالأعيان لو لا ما تستحق أن تكون مظاهرا لما ظهر الحق فيها . 
( أوجد ): أي أظهر العالم من العلم إلى العين .
  

 اعلم أن الخلق خلقان:
خلق تقدير و هو الذي يتقدّم الأمر الإلهي كما قدّمه في قوله تعالى: "ألا لهُ الخلْقُ و الْأمْرُ" [ الأعراف: 54] . 
و خلق آخر بمعنى الإيجاد، و هو الذي يساوق الأمر الإلهي بالتكوين بين خلقين خلق تقدير، و خلق إيجاد، فمتعلق الأمر خلق الإيجاد، و متعلق خلق التقدير تعيين الوقت لإظهار عين الممكن، فيتوقف الأمر الإلهي عليه.
و هكذا تعلق علم الباري بها أزلا، فلا يوجدها إلا بصورة ما علمه في ثبوتها في حال الثبوت، فالأمر الإلهي يساوي الخلق الإيجادي في الوجود.
فعين قوله: كن عين قبول الكائن للتكوين فكان فالفاء للتعقيب، و ليس هنا تعقيب إلا في الرتبة، فافهم 
( العالم كله) العالم مأخوذ من العلامة، و هو عبارة عن كل ما سوى اللّه، و العوالم كثيرة جدا، و أمهاتها هي الحضرات الوجودية، و أول العوالم المتعينة من العماء عالم المثال المطلق، ثم عالم الرسم، ثم عالم القلم و اللوح، ثم عالم الطبيعة من حيث ظهور حكمها في الأجسام تحقيقي الهيولي و الجسم الكل، ثم العرش، ثم هكذا على الترتيب إلى أن ينتهي الأمر إلى الإنسان في عالم الدنيا، ثم عالم البرزخ، ثم عالم الحشر، ثم عالم جهنم، ثم عالم الجنان، ثم عالم الكثيب، ثم حضرة أحدية الجمع و الوجود الذي هو ينبوع جميع العوالم كلها، هكذا كاشفه صاحب الكشف الأتم، فافهم و الله الهادي و المفهم . 
( العالم كله) العالم مأخوذ من العلامة، و هو عبارة عن كل ما سوى الله.
و العوالم كثيرة جدا، و أمهاتها هي الحضرات الوجودية:
و أول العوالم المتعينة من العماء عالم المثال المطلق.
ثم عالم الرسم.
ثم عالم القلم و اللوح.
ثم عالم الطبيعة من حيث ظهور حكمها في الأجسام تحقيقي الهيولي .
و الجسم الكل.
ثم العرش.
ثم هكذا على الترتيب إلى أن ينتهي الأمر إلى الإنسان في عالم الدنيا.
ثم عالم البرزخ.
ثم عالم الحشر.
ثم عالم جهنم.
ثم عالم الجنان.
ثم عالم الكثيب.
ثم حضرة أحدية الجمع و الوجود الذي هو ينبوع جميع العوالم كلها.
هكذا كاشفه صاحب الكشف الأتم، فافهم و الله الهادي و المفهم .
( وجود شبح) : أي كوجود جسم مسوى التسوية غير التعديل، لعل التسوية اعتبار كمية الأجزاء و التعديل باعتبار كيفية الأعضاء لتحصيل المزاج و هو كيفية مشابهة لا كما تبادر لبعض الأفهام، حتى أنه فسّر التسوية بالتعديل . 
أما ترى قوله تعالى:" الّذِي خلقك فسوّاك فعدلك . في أي صُورٍة ما شاء رّكبك" [الانفطار:7،8] جعل التعديل بعد التسوية لا عينها . 
و قال رضي الله عنه: إن الله ما جمع التسوية و التعديل و النفخ.
و قوله: كن إلا في الإنسان، فجعل التعديل غير التسوية، بل جعل الخلق رباعيا، فافهم . 
( لا روح فيه) لفقد عين الإنسان الذي هو إنسان العين، و لم يكن شيئا مذكورا .
( فكان كمرآة غير مجلوّة ): أي كان العالم  كله أعلاه، و أسفله كمرآة مسودّة غير مجلوّة إشارة إلى الجسم الكل الظاهر من وجود الهيولي ، و الطبيعة الكل ظلما مسودا يسمّى شبحة سوداء لهذه الظلمة الطبيعية التي فيه لأن الطبيعة ظل نفس الكل المعبر عنها بلسان الشرع باللوح المحفوظ، فإذا احتدّ إلى ذات الهيولي الكل يظهر من جوهر الهيولي، و الطبيعة جسم مظلم سمّي الجسم الكل.
تتوجّه إليه النفس بإنارته فتنشر الحياة في جميع أعضائه، فتلك عبارة عن نفخ الروح في عالم الأجسام العلوي و السفلي، فافهم.
فإن هذا ملخّص كلام الشيخ الإمام رضي الله عنه في "الفتوحات" و في غيره .
قال رضي الله عنه: غير مجلوّة أراد بعدم جلائها احتجابها بذاتها، فلا ترى نفسها إلا بعين الاتحاد لا بعين الامتياز.
فأوجد آدم على صورة الكون: أي جميع الكائنات غيبا باطنا و ظاهرا شهادة ليقابل بغيبة الغيب، و بشهادته الشهادة ليتجلى له بجميع الأسماء، فافهم 
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: